أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - امة إبراهيم وإبراهيم الأمة















المزيد.....

امة إبراهيم وإبراهيم الأمة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 17:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


امة إبراهيم وإبراهيم الأمة

لعل فكرة تحول وتطور مفهوم الأمة في الفكر الأجتماعي والديني وبعدها السياسي من أكثر المجالات قابلية للمناقشة والأخذ والرد فيها وهذا يعود لسبب بسيط جدا هو مطاطية مفهوم الأمة في مكوناتنا الثقافية ومنها الدين مثلا, في النص القرآني كان إبراهيم "أمة" لوحده قائمة بوجوده من دون ملحقات أو وصف أخر وهي شيء غريب على المنطق الأجتماعي أن يكون الفرد أمة أي مجموع, ودعوة الله للمؤمنين أن يكونوا أمة من ضمن تجمع أكبر وهم المسلمين وحتى المسلمين بالفهم القرآني أمة ,هنا جاء اللغط والتيه في تحديد معنى الأمة هل هو بقصور من صاحب الكتاب أو عدم وضوح الرؤية لدية أم أن الحالات التي تم إيرادها كأمة يجمع بينها رابط ضابط يمكن أن يكون متناسبا مع الوصف ولا يخرج عن العلمية والجدية في طرحه .
أما في الفكر السياسي والأجتماعي فتمحور مفهوم الأمة على مرتكزين أساسيين هما عوامل حسية ومادية تركن إليها التصنيفات اللاحقة فمرة نعتمد الشعب الذي تجمعه خصائص أو روابط أو مشتركات تمتد من التأريخ لتصل إلى المصالح ليكون أمة مثلا الأمة الإيرانية برغم عدم وجود روابط دم ولا لغة مشتركة ولا حتى قيم ثقافية واحدة تجمع لكن التاريخ والمصير هو الذي يربط بينها, أما مثال الأمة الأمريكية فالمصالح وأسلوب العيش والمصير هو من بلور مفهوم الأمة, هذا في الحال الأول أما في المرتكز الثاني كان عامل الدم والأصل المشترك هو الأساس في بلورة الهوية وأحيانا يكون الدين كما في الأمة الكردية أولا أو حال الأمة الإسرائيلية في الطور الثاني .
بين الفهم التأريخي والاجتماعي والسياسي للأمة وبين الفهم القرآني هناك عوامل مشتركة وهناك تعارض حقيقي في الأساس الذي ينشئ الأمة ويبلور وجودها, مرد هذا الأختلاف والتعارض يعود لنظرة الإسلام للإنسان الذي هو نواة الأمة الحقيقية وما يمكنه أن يمثل للوجود من وظيفة حقيقة , الإنسان عند الله محور نووي يقود الوجود بعقله وبفكره وهو جزء من وظيفته إجمالية وشمولية ترتبط بوجود إرادة عليا وعلة أساسية في التكوين, لذا كان حمله الرسالة التي تعني رؤية الله تعالى لكيفية الوجود الأنفع والأكمل للإرادة والرؤية والعلية الربانية للوجود كله هو محور فهم الله للأمة ووصف إبراهيم بها, كان أساس وصف الأمة عند الله هو هدف الرسالة ومشروعها الوجودي وهو ما يمكن أن يحمله شخص كما في آدم ونوح وإبراهيم عليهم السلام فلا عجب إن كان كل واحد منهم أمة لأنه يحمل مشروع تكويني يتعلق بكل الوجود وليس وظيفة يمكن أن تؤدى من أي كان .
إذن عنصر تكوين الأمة الأساسي هو المشروع هو الرسالة وهو أيضا الهدف ولا غرابة في أن يفرز الله من بين المسلمين مجموعة خصها بالأمة ولتكن منك أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, هذا التخصيص من العموم ليس تناقضا مع واقع أن المسلمين عموما كونهم أمة لأنها تحمل بوجودها رسالة ولكن لأن مجموعة المؤمنين هنا هو النموذج القيادي لتجسيد المشروع والأداة الحقيقية لرسمه وإسقاطه واقعا, فهم روح الأمة ونبضها وبدون هذه الثلة لا يمكن لأمة الإسلام أن تنهض أو تتمثل في مشروع الرسالة .
إذن سيكون للدور الوجودي المتمثل بحضارة الإنسان وأستعمار الأرض وبناء القاعدة التي تقود التحولات التاريخية والفكرية التي تنتهي وتنتمي لمصلحة الإنسان في فكر القرآن هو الأساس والمرتكز الحقيقي لمفهوم الأمة, ومن هنا فما يتجمع حول هذا الهدف وما يجسده في الواقع هو المصداق العملي والعلمي للأمة.
وتأريخيا كان هذا المحور وبخلاف الفهم السياسي والأجتماعي والتأريخي أكثر مصداقية لتكوين الأمم ومنها الأمة العراقية الممتدة جذورها مع أول الرسالات واحتضنت في مسيرها التاريخي كل التبدلات الكونية ولم تغادرها كأمة أي من هذه الثورات دون أن تكون الأمة العراقية أمة إبراهيم وبنيه وذريته التي عرفت فيما بعد بالإبراهيميين هي رأس الحربة في التبدل التاريخي والتكويني للإنسان من جهة والمحرك الرسالي من جهة أخرى .
الأمة العراقية القديمة التي تشكلت من تعاضد بين الرسالة وبين الإنسان والبيئة والجغرافية لم تهتم كثيرا للتفصيلات الأجتماعية المعتمدة اليوم في التفريق والتصنيف بين الأمم, إذا العراق التاريخي موطن العرب الأول بل هم العرب من دون تاريخ كانوا مادة الأمة العراقية التي لم تشترط وحدة الدم ووحدة العنصر أو اللغة في بناء حضارتها بل كان اللغة والنوع والجنس مصادر قوة كلها ساهمت في أشاعة الحضارة وأنتقال نورها للأمم والأقوام والمجتمعات الأخرى لأنها تعتمد مشروع حضاري مشروع بناء الإنسان دون هوية لأن الله خاطب الإنسان بدون هوية , قوم إبراهيم الخليل وهو ممن بقى في المنطقة بعد الطوفان قادوا الحضارة الحديثة من بابل ومن سومر ومن أشور دون أن يشترطوا للعوامل التكوينية أن تكون حاضرة بل أنحاز مشروعهم الحضاري للإنسان ككل وهذا ما خلد حضارة العرب الإبراهيميين بشقيها الإسماعيلي والأسحاقي برغم التفاوت الديني بين الطرفين .
ففي الوقائع التأريخية والقراءة العلمية للتاريخ الديني والحضاري والاجتماعي للمنطقة التي تسمى اليوم الشرق الأوسط تثبت أن العرب الذين يشير لهم النص الديني والحديث النبوي هم أهل وادي الرافدين وامتداده الطبيعي في بلاد الشام ,وهم تحديدا قوم إبراهيم الخليل ,وهكذا تشير الحفريات التاريخية إلى عرابو أو عربو , أما سكان الجزيرة واليمن فهم من سلالة اخرى لا هم عرب بائدة ولا مستعربة بل أعراب لا صلة لهم بالنبي الخليل , وأن أول من تكلم بالعربية التي هي لسان القرآن الكريم هو إسماعيل ع ابن سيدنا إبراهيم ع ومنه أخذت كل القبائل الإعرابية اللسان العربي وتسمت باسمة جناية من المؤرخين التوراتيين الذين لا يرون في نسل إسماعيل وإبراهيم من قبل إلا عبيد وأميون .
العراق في المفهوم الحضاري لعلم الأجتماع مسنودا بالفهم الديني وحقيقة ما أعطى التاريخ المنصف له من دور إنساني كان أمة مميزة لها واقع حضوري وتأريخ ممتزج بالزمان والمكان وشخصية تكاد تتميز بملامح الأصالة والترسخ ولكنه ليس قومية ولا دين ولا كيان تجميعي أمة ذات تلون بديع وتعدد في صفحات الحياة أساسها وعي حضارة وإنساني بواجب وألتزام بتأدية مشروع الرسالة مشروع الله في الأرض القائم على التعارف والأستعمار والتعاون بين الإنسان وأخيه الإنسان دون حاجز من عنصر أو جنس أو لون أو لغة , أمة العراق أو شعب العرب أو الأمة العراقية أخت الحضارة وبنت الوجود المتفرد متى ما وعي شعب هذه الأمة هذه الحقيقة أدرك الفجر وأدرك حقيقة الماهية التي تكفل الكثيرون بطمسها وتغيبها عن العقول حسدا وبغضا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطيئة التاريخ
- إسماعيل الذبيح وليس أسحق
- أولاد إسماعيل في القصة
- إبراهيم في التوراة
- المنهج الوطني لمكافحة التطرف والطائفية
- إبراهيم في التوراة ح2
- إسماعيل في التوراة
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح4
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح3
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح2
- العنف الديني والتطرف متلازمة اجتماعية أقتصادية ح1
- لو أني كنت رئيسا للعراق
- مكة وإسماعيل العربي ح1
- مكة وإسماعيل العربي ح2
- العبرانيون وإبراهيم والعرب ح1
- العبرانيون وإبراهيم والعرب ح2
- التاريخ بين القراءة الدينية والمنهج العلمي ج2
- التاريخ بين القراءة الدينية والمنهج العلمي ج1
- البقرة الصفراء _ قصة قصيرةج1
- البقرة الصفراء _ قصة قصيرةج2


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - امة إبراهيم وإبراهيم الأمة