أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - البقرة الصفراء _ قصة قصيرةج1














المزيد.....

البقرة الصفراء _ قصة قصيرةج1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4552 - 2014 / 8 / 23 - 10:10
المحور: الادب والفن
    


البقرة الصفراء
في ذاكرتي تتردد دائما صورة البقرة الصفراء كلما أتذكر كيف كان وقع موتها مفجعا لبيت عمي وهم لا يملكون غيرها, لا أدري السبب ولكن الذي يذكرني بها دوما عندما أبدأ بقراءة القرآن وقصة هذه البقرة وما كتب الله لها وعليها من سر ,أتسائل ما سر اللون الأصفر تحديدا هل له أرتباط بالشمس كونها تمثل الحقيقة أو لأنها تذكر الإنسان بشيء ما له علاقة بما يحب أو يكره مثلا الذهب التبر الأصفر .
في واحدة من المواقف المفجعة الأخرى في حياة ينقصها الكثير من الحياة الطبيعية جمعت المقادير بيني وبين بقرة صفراء في رحلة طويلة عبر جبال لبنان الشرقية على ظهر شاحنة مهرب جمع بيني وبينها وبين بدوي كما يظهر من شكله أو كما يسميه صاحب الشاحنة, قطعنا مسافة قليلة حتى أحسست بحوار حقيقي يجري بيني وبين عيونها المتسعة حد الخوف كنت أرمقها بنظرة حسرة وترمقني بنظرة تسائل ما الذي يجمع بين الإنسان والحيوان في ظهر شاحنة على طريق محفوف بالموت أو التدحرج بين الجبل والوادي لو أخطأ المقود التدقيق بحافة الطريق.
الرجل الذي يصطحب البقرة كان مندفعا للوصول بها قبل مغيب الشمس بأي حال وأمامه طريق عودة لداره قبل الفجر القادم والبقرة أمامها الذبح فجر اليوم التالي وأنا بين أن أصل سالما أو تمسك بي دورية الجندرمة أو الحدود أو الجمارك, سأكون في أحسن الأحوال معتقلا ومتهما بشتى التهم حتى تثبت براءتي واطرد خارج الحدود ككلب منبوذ هتك أستار الدولة التي هي أقدس من أستار كعبة الله .
لا أشك أن لكل جنس من المخلوقات لغة وخاصية للتخاطب بين أبناء الجنس الواحد هذا ليس أحتمالا بل من المؤكد اليقيني وهو من أسرار الوجود لا يطلع عليها إلا من عرف منطق الحياة كما عرف البعض مثلا منطق الطير, أحيانا أثق بقدرتي على الغوص في الأشياء حد التوحد فيها قد يظن البعض أنه ضرب من الجنون أثق بنفسي أنه ضرب من التعلق فالحيوان في النهاية واحد سواء أكان بشر أو بقر, هكذا قررت أن أصارح رفيقة السفر بما يجول في خاطري من إشكاليان وخاصة لماذا البقرة الصفراء دون غيرها كانت مطلب موسى.
سألتها وهي تجيب ! لأرتدي قفزي الحرير وثوب المجانين ولا بأس المهم أن أعرف الرجل البدوي أستغرق بالنوم وكأنه مطمئن للطريق فهو في عيشة راضية طالما أن البقرة ستباع وتذبح وهو يقبض الثمن, لا أكاد أصدق أن الشاحنة التي تقلنا في هذا الطريق الجبلي الوعر يمكن أن تمنح الإنسان شيء من الأستقرار لكي يغفو, سألتها أنا الأنا أجابتني أنا البقرة,
أنا الأنا.
_هل تظنين أننا أقصد أنا وأنت وهذا الكائن الثالث في ظهر سفينة نوح حيث نلتمس الرجاء أم أنت لا تعرفين السفينة أصلا.
أنا البقرة.
_ يزعم الإنسان أنه الكائن الوحيد الذي يملك الذاكرة وحتى أثبت لك أن سؤالك له جواب أقول حتى من نزل من السفينة ما لبث أن لاقى نفس المصير ممن لم يركبها أصلا, الموت دائما سيد الموقف, في السفينة أو في بطن الحوت أو تحت عصى موسى العالم كله يدور وينتهي عند حد وحد.
أنا الأنا.
_ها أنت تتذكرين الرحلة كانت تشبه رحلتنا هذه أو لربما أكبر بكثير ولكنها من حيث المغزى تختلف, في السفينة كانت المصير مؤجل.
أنا البقرة.
_لا لن تختلف كثير أنظر لحالنا نتقافز في كل مرة ترتطم الشاحنة بحجر أو تهبط بحفرة يمكن كان وقع الموج المتلاطم أكثر تأثيرا وأشد رهبة, ولكن الفرق قد يكون في النوع المحمول من كل زوجين أثنين, هنا لا أزواج بل أفراد لا يجمع بيننا إلا هدف معلوم ومصير مجهول.
أنا الأنا.
_أشك في أني أعرف هدفي ومصيري قد أكون أملك فكرة لكن لا أملك القدرة على التحكم بها.
أنا البقرة,
_وأنا مثلك أيضا قد أملك فكرة وأملك صورة عن النهاية ما ينقص هو القدرة أيضا وهذا مشترك يجمع ويفرق بيني وبينك, أحيانا تحت ضغط الضرورة والبقاء قد تملك مفتاح للتحكم.
أنا الأنا.
_ليس في غالب الأحيان.
أنا البقرة.
_ولكن تستطيع ولو مرة بالألف .
أنا الأنا.
_وحتى هذا الأحتمال البسيط قد تنازعني فيه ظروف لا حسبان لها ويبقى الأمر مرهون بالتحكم الخارجي قد يكون فوقيا وقد يكون من الجبن أو قلة الحيلة, ليست دوما السماء مسئولة عن خيباتنا وقد تكون محملا لكل الفشل وأنا أقدر أن الخلط هو سبب من أسباب فقدان المفاتيح.
أنا البقرة.
_بالنسبة لي قد أفنرق عنك في هذا لأننا جنس محكوم بفقدان الفعل أصلا وليس أمتلاك المفتاح, عندما أمر موسى بذبح جدتنا الأولى لم يكن لكل مفاتيح الكون أن تنجينا,هذا واحد من الأسباب التي جعلت منا جنس الحيوان نصمت وللأبد بعد أن عقدت ألسنتنا من الأعتراض على هذا الحكم.
أنا الأنا.
_ وهل كان متاحا لكم الكلام أصلا ؟.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البقرة الصفراء _ قصة قصيرةج2
- عراقية أنا والتاريخ ثوبي
- العراق وشروط تكوين الأمة
- بين مائدة عبد الجبار الفياض ومائدة السلطان
- الحرية موقف من الحياة
- أستعمار الذاكرة
- صياغة مفهوم الحرية
- صياغة مفهوم الحرية ح2
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح3
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح1
- ليلة الإنقلاب على الرب _ قصة قصيرة ح2
- بين الإدارة والحكم كيف يدار المجتمع
- زمنية الحلم ح2
- زمنية الحلم ح1
- العقل والحلم ج1
- العقل والحلم ج2
- صناعة المستقبل
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج1
- صناع الرب _ قصة قصيرة ج2
- المطلوب استراتيجيا من حكومة التغيير


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - البقرة الصفراء _ قصة قصيرةج1