عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 23:17
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
إبراهيم في التوراة
إبراهيم أو إبرام قبل أن يأمره الله أن يغير اسمه كما تزعم التوراة المحرفة نظرا لأنه أصبح ذا مكانة وجاه وسلطان والأهم الكثير من الأموال والمرتزقة الأرقاء مما يعطيه الحق أن يكون أبا للجميع أو أب لأمة ,هنا أمره الرب بما يلي((ظهر له الربّ أيضاً، وقال له: "أَمَّا أَنَا فَهُوَ ذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ، فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ. وَأُثْمِرُكَ كَثِيرًا جِدًّا، وَأَجْعَلُكَ أُمَمًا، وَمُلُوكٌ مِنْكَ يَخْرُجُونَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ، عَهْدًا أَبَدِيًّا، لأَكُونَ إِلهًا لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ. وَأُعْطِي لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أَرْضَ غُرْبَتِكَ، كُلَّ أَرْضِ كَنْعَانَ مُلْكًا أَبَدِيًّا. وَأَكُونُ إِلهَهُمْ ")) , لهذه الحكاية جذور في دعوة بني إسرائيل التي صدعوا رؤوس الناس بها بأن أرض كنعان ملك لهم وصية من الرب.
من النص هذا هناك جملة من الإشارات العنصرية المقيتة والجبروتية الطغيانية التي لا تتلاءم لا مع عظمة الله وكلامه وأمره ودينه ولا مع كونية الرب المتعالي على الظلم والتخريب بين خلقه وزرع الكراهية بين الشعوب ,لقد كان الرب في هذا النص عنصريا بغيضا داعيا للحقد وعدم المساواة بين الناس ومحابي بني إسرائيل الذين ما انفكوا يعادون الله ورسله وملائكته بناء على ما جاء بهذا النص المحرف فيردها الله عليهم بنص محكم {مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ}البقرة 98 ,فهل يرضى عاقل منا أن يكون الرب متصفا بما يلي :.
• أن يكون أبا لجمهور من الأمم وهنا يقصد أسباط بني إسرائيل فليس غيرهم أمم ,إبراهيم هنا أبا لبني إسرائيل فقط دون أن يكون أبا لبني إسماعيل وهذا من باب الأبوة البيولوجية على أقل تقدير في حين أن أنبياء الله هم أباء أممهم وقول رسول الله للأمام علي ((يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة))الأبوة وظيفة تربية وتنشئة وتدريب وتعليم وعناية وتوجيه ,لذا فعندما يكون إبراهيم أبا لبني إسرائيل عليه أن يتخلى عن أبوته لكل من أمن به ومن ذريته أيضا ليكون فقط لهم من دون الناس,قد يقول البعض أنك توسعت في دلالة النص ولم يستثني بني إسماعيل,أقول وارد النص من نفس الوصية((وَأُعْطِي لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أَرْضَ غُرْبَتِكَ)) نحن نعلم أن هذا الوعد هو من مقدسات بني إسرائيل يتغنون بها ليل نهار.
• ((لأَكُونَ إِلهًا لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ. ....وَأَكُونُ إِلهَهُمْ))هذا الرب الذي ينصب نفسه إلها لهم وله دون الناس ويتخلى عنهم لا جدارة له أن يحاسب ويعاقب ولا حق له أن يكون معبودا وليس عدلا منه أن يؤمرنا بطاعته أبدا لأنه تخلى عنا,ومن يتخلى عن صفته فلا بد أن يعلم أن غيره سيبدي ما ليس له ,فمن حقنا نحن أن نبحث عن إله أخر إله منصف وعادل وحقيق لأن إله بني إسرائيل ليس إلهنا وغير راغب أن يبسط إلوهيته علينا فما بالنا نعاقب من قبله وهو ليس له صلة بنا,هذا الكلام هو الهدف من الوصيه وهو القصد مما جاء بالنص ,دعوة صريحة للكفر بالوحدانية والخروج عن المسلمات الإيمانية,ناهيك عن روح العنصرية المتجسدة في شخصية الإسرائيلي تلك النفس المريضة بداء الأنا المتضخمة التي لا ترى في الوجود غيرها وغير جبروتها حتى لو كان فيها إساءة لرب العالمين وكذب وافتراء وكفر.
• ((وَأُعْطِي لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أَرْضَ غُرْبَتِكَ)) هنا بكشف الإسرائيلي حقيقة طالما أنكرها وأدعى غيرها أن أرض كنعان هي أرض بني إسرائيل وأن العبرانيين هم أبناء يعقوب إسرائيل الله وهو من ولد في أرض كنعان وبالتالي فالأرض أرضهم والله هو من وعدهم بها,النص بقول خلاف ذلك بالرغم من أنه جاء للتدليل على حقهم بها,الله يقول دار غربتك أي أن الدار ليست داره والأرض ليست أرضه وأن داره الحقيقية وأرضه هي غير أرض كنعان وحتى ولادة أسحق تبقى ولادة غريب في وطن غربه,هنا يفتضح الأمر من حيث لا يعلمون,لو كانت الولادة تشكل حق بالتملك لكانت أرض إبراهيم أحق ومصر أحق بأولاده من بعده فلماذا أرض كنعان ؟.
• ((وَأُقِيمُ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ،وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ،عَهْدًا أَبَدِيًّا)),هنا نفس النغمة العنصرية نفس القول الجبروتي المقيت نفس الدلالات الأستعلائية ,تدور في فلك الأنا الله تعالى عاهد الناس من قبل أن يبرأهم وقبل أن يكونوا خلق من بعد خلق عهدا أبديا لا خلاف عليه بين أهل الأديان,ام ماذا يحصر اليهود هذه العهدية بهم إن كان عهد أخر غير كذبة الأرض الموعودة لم يبينوا لنا ما هو العهد,وإن كان ما موجود في النص من تكثير وجعلهم أنبياء وملوك فلم يشهد التاريخ لهم برغم عمقهم التاريخي إلا كونهم أقلية كتب الله لهم هذا ولم يكونوا لا ملوك ولا أباطرة إلا من خلال الدين المسيحي الذي في عقيدتهم الخالصة انه دين باطل وغير حقيقي وان الدين هو ما جاء بالتوراة فقط,كيف يمكن أن يقاربوا بين حقائق التاريخ وبين النص المزعوم,أما أن يقبلوا بأن كل ذرية إبراهيم عليه السلام من أسحق وإسماعيل وما تفرع منها من أديان وشعوب كلهم في العهد بالتالي يمكن قبول النص هذا وعلى الوجه هذا.أما قولهم يما قالوا أن الدين عند الله ما جاء به موسى فقط وان ذرية ابراهيم في أسحق.,فقد أخرجوا أنفسهم من النص ومن العهد معا.
إن كانوا حقا كما يزعمون هم الخلص الخالص النقي الموصى به والمصطفى من ذرية إبراهيم عليه السلام فمن العيب كل العيب أن تتبنى أمة تدعي العلم والحكمة وتقول أنها وريثة وسلالة أنبياء هذه الأكاذيب بل وتحرص على تسويقها كأنها أقدس المقدسات ومن يعارضها لا بد أن تحل به لعنة الرب كما يزعمون ,في هذا النص نكتشف ومن خلال التوراة قيمة إبراهيم المعنوية وكما وصفوها هم وكم هي لا أخلاقية وقذره حاشاه الله منها .
ولكنهم يؤمنون بأن الله كتبها ولا بد من التسليم بها دون أن يكلفوا أنفسهم بكشف التحريف والانحراف في المفاهيم الإيمانية التي يجب أن تتحلى بها أية شخصية عادية وإن كانت مميزة فكيف بني وأبو الأنبياء وجدهم الأعلى وهنا لا بد من استعراض أهم النقاط التي نسبها
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟