أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امال طعمه - إنك للمأسورين محرر














المزيد.....

إنك للمأسورين محرر


امال طعمه

الحوار المتمدن-العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 14:10
المحور: الادب والفن
    


إنك للمأسورين محرر..
تلك جملة من ترتيلة تقال في عيد القديس جاورجيوس ..لاحت تلك الكلمات بخاطري فغدا عيد الخضر مار جريس حسب التقويم الشرقي، يقام في هذه المناسبة قداس احتفالي في مقام الخضر ببلدة ماحص الأردنية وغيرها ..تعودنا على الذهاب الى المقام في عيد الخضر ..حيث يأتي اليه أعداد هائلة من المسيحين(وغير المسيحين!) في هذا اليوم .. وينتهي احتفالنا بالعيد برحلة في الربوع الخضراء القريبة ..وقد اشترينا ضمة وأكثر من الحاملة (حمص) لنأكلها تحت ظل الأشجار..

مقام الخضر غرفة صغيرة فيها بابان صغيران وقليلا الارتفاع واحد للدخول وواحد للخروج، داخل المقام يوجد ايقونات للخضر ومكان اضاءة الشموع .. شموع تحترق .. ويتعانق نورها من بعيد مع أمل أو رجاء حار لشيء ما في قلب ما يتحقق! في العيد وأنت خارج من المقام بعد أن تتلو صلواتك ونذورك ! يهدونك شريطة صغيرة خضراء ترمز الى الخضر.

لدي في منزلي العديد من تلك الشرائط ..تجمعت عبر السنين.

بعد الإنتهاء من الصلوات ..يحين وقت التسوق ! فالعديد من الباعة يعرضون بضاعتهم أمام السور الأمامي للمقام ..تذكارات دينية ..فاكهة الموسم..وورق الدوالي(ورق العنب) والذي اعتاد أهلي شراءه من هناك في كل سنة.

تعودت الذهاب مع أهلي الى أنه في الثلاث سنوات الماضية لم أتمكن من الذهاب للأسف، رغم كل التحضيرات المسبقة!

استذكر أحداث أخر مرة ذهبت فيها الى هناك منذ ثلاثة سنين ، صوت التراتيل وضجيج الناس والباعة والحر الشديد، واحداهن تسألني عن حال أمي التي رحلت! أوالتي انفك أسرها من هذي الحياة ولم يكن لها زمن كثير بعد أن تحررت روحها من جسدها!
كنت حينها في ضيق شديد ..فغصة الألم والحزن للفراق مازالت في أوجها ..وخواطر الأسى سطرها الموت المفاجئ في مخيلتي .

ذلك اليوم ..أحببنا ان نمضي فيه كالمعتاد..وكأنه ليس هنالك حزن ولا أسى!
كان أخي يحاول تغيير الأجواء ..وعدنا كلنا بتحضير تلك الأكلة الإيطالية الشهية التي أحبها والتي يتقن صنعها ..كان موجودا في الاحتفال لكنه لم يكمل المراسيم التي اعتدنا عليها معنا فأثر أن يذهب لتحضير ما يلزم لتلك الأكلة !
غادرنا منطقة الاحتفال ولم تغادر الذكريات قلوبنا!


تفاصيل أخر الأيام وأخر ليلة وبداية نهار أمسى الى وداع..أخر الكلمات ..أخر الإشارات..أخر حلم له معنى غريب..ندم وأسى وحرقة .. كل هذا واكثر استذكرناه..فكانت العيون تفيض ألما والقلب يدمع ..هل يجب أن يأتي الموت هكذا دونما سابق اخطار..أم أننا لا نفهم الإشارات! فكأنما الحياة نفسها تشير الى ضدها، الموت!

جاء موعدنا مع ذكريات أخرى ..تأتي وألم أخر! في نهاية يوم الاحتفال بعاضد المساكين ومحرر المأسورين!
كان الوقت قد صار مساءا وكنا نرتشف القهوة هذه المرة على شرفة منزلنا أنا وزوجي..حين رن جرس الهاتف الخلوي ..وأحسست باضطراب لم أدر حينها لماذا؟
مين ..ليش؟ مستشفى ..خدر في رجله ..إيده ..طيب أنا جاي!
نهض زوجي لارتداء ملابسه استعدادا للذهاب الى ذلك الصرح الطبي للإطمئنان على المريض الذي خدرت يده أو رجله ! لم تتوضح حالته بعد ويرفضون اعطاء معلومات..
وما كان أن استعد حتى رن الهاتف مرة أخرى وسمعت ماقاله أخي ..
خلص مفيش داعي للإستعجال ..تعيش إنت!


لقد تحرر أسر شخص أخر في هذا اليوم ..هذه المرة شاب بكامل عافيته ..هادئ الطباع طيب القلب..
ذهب الى الطبيب على قدميه وغادر على حمالة!
قالت أخته لو أني كنت هناك حينها لعرفت أن ما أصابه هو أعراض الجلطة ولكان اختلف الأمر ..ولو ..ولو! سكت رغم أني وددت أن أقول لها : لكنك لم تكوني وتلك هي النهاية المحتومة ،وربما لو كنت.. لن تفعلي شيئا ولن تعرفي ولن تستدلي وإن عرفت فإن الوقت حان وأزفت الساعة، ساعة الفراق الأليمة ..فالمكتوب مكتوب ..هكذا يقولون!

كان العيد يحمل ذكريات الإحتفال والأن أصبح يحمل ذكريات وداع أخير.

خرجنا من بوتقة حزن لم يمض عليه الزمن بعد ..إلى شرنقة حزن أخر مفاجئ غير متوقع رغم أن الموت في هذي الحياة هو الحقيقة الأكيدة والنهاية الحتمية في هذي الحياة!

في القداس الإحتفالي بالعيد ..يرتلون ترتيلة خاصة بالقديس جاورجيوس (الخضر) تقول كلماتها:
بما انك للمأسورين محرر ومعتق وللفقراء والمساكين عاضد وناصر وللمرضى طبيب وشاف وعن الملوك مكافح ومحارب أيها العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر تشفع الى المسيح في خلاص نفوسنا.
فهل بموته تحرر من الأسر ..أسر الحياة ..هل تحررت روحه ذلك اليوم من صخب الحياة والشوق الى المجهول! واللهث وراء اللاشيء!

في الموت تحرر وانعتاق من سيطرة جسد للأبد..فكأن الموت حرية مفروضة ..لا نريدها!

وتمضي الأيام كما تشاء ..ويأتي في كل سنة العيد ..حاملا معه ذكريات نحِنُ لها..وذكريات نحزن لها..هكذا هي الحياة مشاهد ألغيت من فيلمها الى الأبد ..ومشاهد تعاد كل يوم بممثلين جدد وقدامى ..ونفس الخلفيات رغم اختلاف الألوان والمناظر!يتحرر بعض ممثليها من خدعة الحياة ويؤسر الباقين لدراما الحزن رغم بعض الأوقات الكوميدية المستقطعة!



#امال_طعمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشتقت إلى صلواتك
- عادي!
- البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي .. مجرد علامات استفها ...
- ثقافة التحرش الجنسي!!
- أمي.. يمَه..يامو..
- بعض البشر كالملائكة
- طريق الألهة
- صوم روحي
- وغفا الحلم ..قصة قصيرة
- مفكرة كل مسلم!
- رثاء إنسان ..أم رثاء صور!
- جرائم الشرف كمرآة للمجتمع!
- خربشات قلب ..لرفيق الدرب
- اغتيال الحرية!
- زي السحر
- تأملات الوداع
- الفالنتاين
- من هذه الحياة (4).. ذاك الثوب الأبيض
- الكتابة بين الحقيقة والخيال
- بعضا من الورود!


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امال طعمه - إنك للمأسورين محرر