أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال طعمه - صوم روحي














المزيد.....

صوم روحي


امال طعمه

الحوار المتمدن-العدد: 4389 - 2014 / 3 / 10 - 11:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وقفت أمام كلمات أتأمل حقيقتها وأتأمل انعكاس الفكرة على عقول صغيرة ذات خيالات كبيرة لا نستغلها فتنتهي بإنتهاء مرحلة البراءة!
كتبت في دفترها الصغير: الصوم "هو امتناع عن تناول أطعمة حيوانية وتناول أطعمة نباتية" ، لم يعجبني التعريف أحسست بأنه يتحدث عن حالة بيولوجية أو فسيولوجية! شيئا من هذا القبيل!
هل هذا هو الصوم حقا؟ ربما من ناحية شكلية ظاهرية لا تعطي للصوم حقه!

تعريف الصوم هذا جاء في منهج الدين المسيحي لإبنتي الصغيرة!
طبعا هم لن يقدروا أي- الطلبة الصغار- ربما على استيعاب أبعاد اخرى للصوم عدا عن البعد الفعلي أو المرئي لهم والمتعلق بهل أكل لحما أو أنني سأكتفي بطبق من الخضروات! ولكن هل جربنا حقا أن نعطيهم بعدا روحيا !يعطي عقولهم فرصة للتأمل أم هو مجرد تلقين!
والحق يقال أنه كانت هنالك إضافات لمعنى الصوم منها الإبتعاد عن الشر، فعل الخير ،مساعدة المحتاجين ،والتوبه عن الاثام!.......... هنا فكرت بآثامي وخطاياي! وتطلعت الى وجه ابنتي الصغيرة وفكرت ترى ماهي آثام طفلة لم تعرف ظلم الحياة ولم تعرف وحشة القدر!

فما هو الصوم حقا؟
هل هو بالإمتناع عن المأكولات الحيوانية المصدر و الإكتفاء بالنباتي من المأكولات فقط؟
هذا المعنى الشكلي للصوم وليس الحقيقي !
ربما امتنع سنة كاملة عن الطعام الحيواني وأكل فقط ماهو نباتي المصدر فهل أنا صمت طيلة السنة؟
الصوم هو حالة روحية يحارب فيها الفكر شهوات الجسد وتبدأ بامتناع الجسد عن الطعام (حيواني أو غيره للذي يصوم بغير الصوم المعروف للمسيحيين)ولا تنتهي عند هذه الحالة من الإمتناع !


هناك جانب تأملي خاص بي في الصوم!
أرى لذة من نوع أخر في الإمتناع عن الشيء وليس كما قد يتصور البعض! وربما اللذة تكون أكبر بالأمتناع عن أشياء مرغوبة أكثر من الطعام !واللذة هذه لا تتمثل في الحصول على الشيء بعد الإمتناع عنه والحرمان منه لمدة طويلة،لأن هذه اللذة تختلف من انسان لأخر فربما انسان يمتنع عن صنف حلويات ليوم واحد فقط يراه دهرا وحين يأكل هذا الصنف يشعر بلذة كبيرة فنتعجب منه ! بينما بعض الناس لا توجد لديهم مثل هذه الأحاسيس والشهوات المتطرفة!ونفس الشيء ممكن أن يقال عن مريض سكري مثلا فهو يجد لذة في تناول بعض المحظورات والتي نعتبرها شيئا عاديا بالنسبة لنا!
أجد هنا لذة أخرى متمثلة في احساس جديد هنا وهو الترفع!
ترفع النفس عن الشهوات! أو حتى الأمور المباحة!
ليس معناه أن فعل الشيء مسموح لي أن أستلذ في فعله مرارا وتكرارا! لمجرد الفعل!
إن الصوم بالمعنى التأملي هذا يعطي الفرد طاقة أخرى ونفسية جديدة تحاول التغلب على نقاط الضعف فيها!
فإن الترفع هنا يكون بمعنى محاربة نزعات الجسد وليس بمعنى تفضيلي على الأخرين. فالترفع عن أشياء مباحة لي بهدف الترفع عن ميول النفس البشرية التي تطمح بل تطمع دائما بالمزيد- ويعد هذا لوحده صوما بنظري- يعطي الفرد لذة( لذة أو راحة) شعور الاكتفاء من ذاته بل يعطيه حالة من التوازن !!


إن نحن نظرنا إلى الصوم كمرحلة نعبر فيها من الإنقياد للجسد والماديات إلى حالة روحية من الرضا والتصالح مع الذات ومع الأخرين (إنه كعملية غسيل روحي) فإننا لن نعود نراه أي الصوم كما يراه بعض الناس همَا أو حملاً ثقيلا أو مجرد فريضة الهدف منها التوبة والجوائز الأخروية ! وليس هذا أنني أقلل من إيمان أي شخص فأنا أصلا مؤمنة! ولكني أحاول عكس الأيمان في جوانب أخرى تعنى بحالنا على الأرض وليس فقط ما ننتظره في السماء!
إن عكسنا نحن هذه الفرائض التي جاءت في الأديان –رغم أنني مثلا لا أعتبر الصوم فريضة- بطريقة أخرى تعنى حقا بالجانب الروحي وليس بالممنوع والمسموح أو المباح تصبح هذه الفرائض بمثابة مصحح لمسار الأنسان على الأرض وليس فقط واسطة تدخلك الجنة!


فإذا كان الصوم من أجل الجسد فقط أو من أجل جوائز أخروية فقط ،فعبثا يكون الصيام لأن الجسد لا يشتهي صوما بل يشتهي الإستزادة دوما!الجسد يصوم من أجل الروح!والإله لا يهتم بجوعنا بل بأفكارنا!
الصوم هو تدريب الجسد على اطاعة الروح!
إماتة الشهوات، دفن الأفكار القبيحة، الترفع عن مفاسد هذا العالم .
محاولة للتأمل الذاتي وتجربة الخروج من سيطرة الجسد.
نسيان ماض ساقط وتبني حاضر يحاول استنهاض الحب فينا والأمل والرجاء يحاول استنهاض الانسان الحق فينا!
انه تفوق وغلبة الروح على شيطان الجسد!


الصوم هو أن تخلق في ذاتك قدرة على أن تسامح الحياة على كل شيء! تسامح نفسك على أخطاءها لتبدأ حاضرا أخر!
الصوم أن تخلق قدرة على مسامحة وتقبل قبح الاخرين !ونسيان أخطائهم!
الصوم هو انطلاق جديد يبدأ في الفكر وينتهي إلى الجسد!
الحالة الإمتناعية عن الطعام ما هي إلا جزء بسيط من الصوم!
والصوم ليس مرتبطا بإرضاء الإله!
لا يحتاج الإله إلى شربنا وأكلنا ولا إلى جوعنا وعذابنا!الصوم هو من أجلنا!
الصوم مرتبط بالإرتقاء بذواتنا! رؤية أنفسنا كما هي وتصالحنا مع ذاتنا والسمو بأفكارنا.

الصوم يتجلى بأشكال عدة كل حسب موروثه الديني!.ليس مهما الشكل إنما المهم هو المضمون!
الصوم ليس مرتبطا بإيمان معين، والصوم كفريضة ليس صوما!
إن شعرت أنني أصوم كفريضة وكعبء جسدي فرضه ديني، يومها لن أصوم أبدا..
يومها سأفكر ربما أن أعطي نفسي رياضة روحية أخرى تهذب طبعها! فإن صارت فريضة فقط أو تعود تركتها للأبد!

هل الصوم هو صوم جسد، لا بل هو صوم الروح! فكم منا صام حقا؟
فكم من مؤمن ظن نفسه صام دهرا! ولم يصم حتى يوما!
وكم من مـتأمل في هذه الحياة صام عمره كله!
أنا عن نفسي أحاول جاهدة أن أكون من الصائمين الحقيقيين!


"الصوم وسيلة لنقاوة القلب وليس غاية في ذاته ولذا لابد ان يكون لنا ميزان عادل لأن التهاون في الصوم
والمغالاة فيه كلاهما مضران لحياة الإنسان الروحية"................من اقوال أحد القديسين



#امال_طعمه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وغفا الحلم ..قصة قصيرة
- مفكرة كل مسلم!
- رثاء إنسان ..أم رثاء صور!
- جرائم الشرف كمرآة للمجتمع!
- خربشات قلب ..لرفيق الدرب
- اغتيال الحرية!
- زي السحر
- تأملات الوداع
- الفالنتاين
- من هذه الحياة (4).. ذاك الثوب الأبيض
- الكتابة بين الحقيقة والخيال
- بعضا من الورود!
- لحظة انتحار
- العداد
- مشاعر أم
- اضواء ...على وضع المرأة
- اضواء.. على تحرر المرأة
- من هذه الحياة(3)اوهام رجل..
- ترهات فيسبوكية
- من هذه الحياة(2).. وجاء الموعد


المزيد.....




- -في تهديد مباشر-.. ترامب: المرشد الأعلى الإيراني -هدف سهل- و ...
- ماما جابت بيبي.. استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- ترامب: المرشد الأعلى هدف سهل.. نعلم أين يتواجد
- باسم يوسف يثير جدلا بمنشور عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ف ...
- الرئيس الأمريكي: نعرف تماما أين يختبئ المرشد الأعلى ولكن لن ...
- الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: نعرف تماما أين يختبئ المرشد ال ...
- ثبت الأن تردد قناة طيور الجنة الحديث على النايل سات وعرب سات ...
- مقتل العشرات من منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة، وإغلاق المسج ...
- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال طعمه - صوم روحي