أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - امال طعمه - رثاء إنسان ..أم رثاء صور!















المزيد.....

رثاء إنسان ..أم رثاء صور!


امال طعمه

الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 13:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كتبت على جدارها الفيسبوكي لن أنساك يا..ستظل دائما في القلب!
واتبعت كلامها بأغنية لمرايا كاري بعنوان لا أستطيع العيش من دونك!
I can’t live if living is without you
لم أستمع الى الأغنية جعلني كلامها اتأمل ،هل لا نستطيع العيش بدون أحبائنا، بعد فراقهم عنا، فراقهم الأبدي؟
كنت أفكر أن أقول نستطيع، لكن العيش كان سيكون أجمل لو أن كل الأحباء الذين فقدناهم مازالوا موجودين معنا! تلك الأشياء الصغيرة التي كنا نفعلها ولا نعيرها اهتمام كانت ستكون أجمل برفقة أحبائنا
وكان التشوق لرؤية الفرحة في عيونهم وهم يشاركوننا أفراحنا سيكون لوحده سعادة ليس لمثلها وجود!

تراجعت عن ذلك ،فهي مشاعرها الخاصة، فهل يجب أن نتفلسف عليها؟

لكني في تلك الليلة تأملت كلامها ،تأملت كل الصور الماضية حتى الصور التي لم أكن فيها موجودة او كنت صغيرة جدا حتى أعيها! تأملتها ورسمتها بخيالي من ذكرياتي ومن ذكريات أحبائي!
تأملت كلامها هي زوجته الشابة التي فقدت زوجها الشاب الذي أحبته حقا!
ترى هل سينتهي الحزن بعد حين! ربما وهج الحزن سيخف والدمع ربما سيقل !ولكن ستبقى هنالك في القلب غصة!
إنها الغصة التي زرعت في قلوب كل البشر منذ البدء وحتى النهاية!
إنها الشوكة التي زرعها قدرنا أن نموت وأن نعرف أننا سنموت!
انها المصير المحتوم الذي لا مفر منه! نعرف كلنا ذلك! نعرف أن الموت هو أحد الحقائق الأبدية وأنه لابد منه وانه ليس باحتمال بعيد أني بعد كتابة هذه السطور مثلا أن أنتقل من العالم المادي
هذا الى عالم اخر ،وأن يختفي جسدي تحت التراب وقد كنت فوقه يوما ما كما كان ملايين البشر يوما ما!
لكننا لا نعي ولا ندرك تلك اللحظة المقيتة لحظة الإنفصال، لحظة الوداع، لحظة الرحلة الأبدية!

نبحث عن الديمومة والخلود في كل ما نفعل، في كل يوم يمر، هل يتذكر أحدنا الموت؟ هل لا يطرد الفكرة حالا فور بزوغها في مخيلاتنا! نفعل كل شيء وكأننا سائرون في طريق معروف هو معروف بنهايته مجهول بتواريخه وأحداثه! ولكننا رغم كل هذا نأبى إلا أن نرسم طريقا لحياتنا قد ننجح نوعا ما في سلوكه كما أردنا وقد لا ننجح وقد يأتي القدر الغادر وتحل ساعة الفراق قبل حتى أن نبدأ المشوار؟
لكننا نمضي في هذه الحياة التي لا نعرف الغاية منها رغم كل السنين والسنين التي عشناها نحن البشر في دوامة الحياة !
نمضي ونحن عارفون بالمصير الموحد لجميع البشر تختلف الوسيلة تختلف التواريخ تختلف الاماكن تختلف الأعمار ولكن تتفق كل صور الوداع الأبدي على مكون واحد وطيف واحد يطل بقوة هو الموت
الذي لن ينسى أحد من ضمه تحت سطوته وسلطانه!
يبقى الموت وما بعده لغزا وتبقى حياتنا لغزا أكبر! وتبقى لنا الذكريات والصور التي رسمناها .
في مخيلاتنا بوجود كل أحبائنا فيها لم نكن لننقص أحد منهم كنا نظن أنهم سيبقون معنا للأبد! وهل يبقى أحد الى الأبد!
رسمنا صور وأحداث وكأننا عايشناها!
تلك الأرملة الشابة أكيد كان لها تصورات وأحلام وآمال ليست ببعيدة المنال! أكيد كانت تحلم بأشياء عادية نحلم بها ونفكر بها ونسعى لتحقيقها لكن ضمن الصورة المرسومة الصورة الجامعة لكل من نحب !
لكن هيهات أن تتحقق كامل الصورة!
هل لم تفكر يوما وتتخيل كيف كان سيكون شكلها هي وزوجها- الغائب عن المشهد الحقيقي والحاضر بقوة في عالم الخيال- يوم تخرج إبنها أو يوم نجاج إبنتها أو يوم زفاف أحد أبنائهما!
وأنها ستمسك بيده أو سيمد هو يده ليساعدها على المسير بعدما استبدت بهما هما الإثنان علامات الزمن والكبر!
فلربما تخيلت كل المشهد برفقته هو الذي ذهب الى غير رجعة! هل كانت تظن أنها حين تزوجت في يوم زفافها أنه سيبقى معها بضع سنين فقط ويذهب الى البعيد !
هل ظنت أنها ستحمل كل العبء لوحدها وأنه لن يربت عليها في نهاية يوم متعب شاق لتستدير له وترى ابتسامة رضى ومحبة وتقدير على وجهه! في نهاية يوم شاق من أيام حياتنا من منا لا يريد شخصا ينسيه تعب يومه بكلمة او ابتسامة! حتى هذا الأمر أصبح حلما بالنسبة اليها أصبح نوع من الذكرى التي تبتسم الشفاه لتذكرها، وتدمع الأعين حينها لمجرد التخيل كم كان سيكون جميلا حتى التعب لو كان هو موجودا !!
أتذكر ذات مرة سمعت قصة عن شاب صنع لأبيه المتوفي صورة كبيرة ووضعها بجانبه في عرسه وهو يستقبل المهنئين وعندما سئل عن السبب أوضح أنه هكذا يشعر وكأن أبيه معه فرح باستقبال المهنئين!


إنها الصور التي رسمناها وصنعناها منذ الصغر كنا نحلم أننا كلنا سنبقى وأن الصورة التي رسمناها ستؤول الى حقيقة بكامل التفاصيل !
فحين يأتي اليوم وتأتي تفاصيل الصورة نصعق لإختلافها عما أردناه وتخيلناه نحاول بكافة الصور والأشكال استرجاعها كما فعل ذاك الشاب وكما يفعل بعض الناس بكتابة خواطر تناجي أحبائهم
المتوفين وكما فعلت إحداهن حين كان لها أن تتزوج ،ففي صبيحة يوم زفافها كتبت على جدارها الفيسبوكي فوق صورة لأبيها :أعرف أنك موجود وأن روحك هي التي ستسلمنى لعريسي !وأنك فرح بيوم
زفافي وفخور بي!

فهل هم يروننا من فوق هذا إذا سلمنا أنهم فوق وهم تحت التراب يتحللون!
هل يسمعوننا؟ هل يحسون بلوعة الفراق كما نحس نحن أم هم ألوا إلى حالة من الصفاء والإستقرار والراحة، فلم يعد يهمهم تلك الأحاسيس، ولم تعد أصواتنا تشعل فيهم الحنين الى ما كان! هم في حالة أخرى لا ندري حقا ما هي !
ولكننا سنبقى نناجيهم ! نحاول إيهام انفسنا بأنهم حقا يسمعون ولا ندري هل يسمعوننا أو لا! نحاول الإيحاء لأنفسنا بأنه الموت ليس المحطة الأخيرة من حياة جسد! وأن هناك أشياء أخرى قد تكون حقيقة
وقد تكون خيال!
فهل نعزي أنفسنا بفقدانهم أم نعزي أنفسنا على المصير المحتوم!
أم هل نحن فعلا نحِنُ إلى ما كان أعتقد أنه كل هذه الأمور تدخل في تكوين ذلك المشهد من حياة الإنسان حين يفقد شخصا عزيزا على قلبه!

هو كان جزء من تصوراتنا كنا نظن أنه سيبقى معنا ليكمل الصورة فيأتي القدر ليغتال خيالاتنا ويفرض سطوته علينا ويجعلنا نفكر مرة أخرى في حالنا! نحن البشر التائهون في هذا العالم!
فنحزن نحن للفراق ونحزن لفقدان الصورة التي عشنا زمنا ونحن نحاول ونأمل ان تتحقق سوية مع من نحب!
فكأنه حين تأتي لحظة الموت يضحك شخص القدر علينا ويقول لنا فاغرا فاهُ وساخرا : أنا الأقوى!
وأنا من يتحكم حقا بالصورة!

فبعد كل هذه الصور الحلوة التي جمعناها وحفظناها داخل عواطفنا وخيالاتنا وأمالنا،هل نحن نرثي من نحب فقط أم نرثي أنفسنا أيضا لفقدان بعض الصور!



#امال_طعمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم الشرف كمرآة للمجتمع!
- خربشات قلب ..لرفيق الدرب
- اغتيال الحرية!
- زي السحر
- تأملات الوداع
- الفالنتاين
- من هذه الحياة (4).. ذاك الثوب الأبيض
- الكتابة بين الحقيقة والخيال
- بعضا من الورود!
- لحظة انتحار
- العداد
- مشاعر أم
- اضواء ...على وضع المرأة
- اضواء.. على تحرر المرأة
- من هذه الحياة(3)اوهام رجل..
- ترهات فيسبوكية
- من هذه الحياة(2).. وجاء الموعد
- نحن والسر الفيروزي!!
- قميص أسود
- من هذه الحياة(1).. بانتظار الخبر السعيد


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - امال طعمه - رثاء إنسان ..أم رثاء صور!