|
الانتهازيون خطرٌ على الدول
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4355 - 2014 / 2 / 4 - 08:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعتمد بعض إداريي الدول على المثقفين والتقنيين لكي يقدموا لهم المعلومات من أجل أن يتخذوا القرارت التي تضمن مصالحهم وسير الأنظمة. لكن المستشارين والتقنيين والمثقفين المرتبطين بالأجهزة الإدارية هذه لا يعملون فقط من أجل مصالح المتنفذين بل يعملون من أجل مصالحهم كذلك. وهؤلاء المساعدون يستعينون بنظائر أصغر منهم لكي يحافظوا على مصالح المتنفذين الكبار وعلى مصالحهم هم أيضاً، فيعمل هؤلاء كذلك على حماية المصالح العليا وعلى مصالحهم أيضاً. وهم كذلك يقومون بذات الواجبات المقدسة وهكذا دواليك حتى تصل مثل هذه الخدمات إلى أصغر موظف فيبحث عن مصالحه هو الآخر ويصير متنفذاً. إن الطواقم الوسطى من المثقفين والتقنيين التي يــُفترض فيها أمانة الضمير وعلو الواجب الوطني والديني والإنساني، تفلسف وتبرر الضمير حسب الظروف من خدمة الوطن العزيز و(الموضوعية) و(النضال القومي) والجهاد الإسلامي والكفاح العارم والشرس ضد الأمبريالية والتطرف والعمل ضدالمعارضة إلخ وكله كلامُ حق يُراد به باطل هو الهدف الشخصي المتواري العزيز! هم يعرفون كيف يتسلقون وكيف يجمعون الأموال ولا يكتفون بأجورهم التي أعطاها لهم عملهم بل يندفعون إلى كل وسيلة تقفز بهم إلى مكانة أصحاب الملايين! وهناك طرق صارت مكشوفة في عمليات التحايل هذه، بحيث إن طلبة المدارس صاروا يعرفون هؤلاء، وهو أمر يحطم الأجيال الغضة، ويدفعها إلى سبل الغواية والضلال والفساد في كل مجرى. مثقفون صغار اسمت لهم دنيا السذاجة السياسية وحصلوا على رواتب عالية ليست في مستوى عملهم المحدود القيمة، فيتصورون أنفسهم فلتات تاريخية، لأن الأموال الحرام ملأت أفواههم وسدت عقولهم! إن المشكلة هنا ليست فقط في الأموال لكن هذه التخمة جعلتهم يتكاسلون ويكونون حصالات تدفعهم للكسل في عملهم البسيط المحدود وهو التصبيغ والمدح من جهة والذم الشرس من جهة أخرى، والواحد منهم يقول إذا كانت الدولة بمثل هذا البساطة فلماذا لا أتقوى وأصير في المستقبل مثلهم بل وأرتفع عن مستواهم؟ فيكونُ هذا المــُفسَّد دولة تحت الدولة، ويفتتح الفضائيات ويشكل الأعوان ثم يتمرد ويعلن العصيان! مثل هذا الكائن الصفر ارتفع بغمضة عين فتخيل نفسه فريد زمانه ووحيد عصره، وإنه ملك إمكانيات لا يجود بها الزمان، ولا يعرف إنه مجرد بعوضة في آلة الدولة، متى ما أرادت طيرتها ومتى ما أرادت فعصتها! وآخر أُعطي المال بلا حساب ليشكل جريدة أو يؤلف كتباً زائفة أو مسروقة أو يصنع حزباً أو تجمعاً برلمانياً إصلاحيا! أو يكون مؤسسة اقتصادية، فتراه نسي مصدر المال وراح يتوهم إنه يصنع إعلاماً وسياسة واقتصاداً، فيصرف الأموال، ويقرب الجماعات ذات الامية الثقافية، التي تبحث عن خلايا العسل الدولاري وليس عن خلايا العقل والنقد، ولو كان المسئول قد صرف هذه الأموال على الأطفال المصابين بالسرطان أو الحارات الفقيرة للضوء والهواء النقي، لحصل على دعاية تبقيه أمد العمر في ضمير بلده. فالمثقفون الانتهازيون اليوم معك وغداً ضدك، حسب تدفق السائل المالي، فهم بلا ضمير ولا إله ولا مقدسات، المهم لديهم هو المصلحة الذاتية، ويستطيعون تلوين كلامهم التافه بألف لون، لكنهم لا يقدرون على قراءة شيء عميق ولا كشف مرض خطير! بدلا من إنقاذ الأطفال من الأمراض الخبيثة والأمهات من الأمية تُصرف الأموال على الخفافيش التي تريد استمرار الظلام! ولكن هذه هي عادات الدول حين تُصاب بمرض الكسل السياسي والشك من كل المحبين والأصدقاء، فكل ناقد مستقل في نظرها خطر، والإنتهازي الكاذب المنافق هو الصدق كله، فتشرب السم في حليب الصباح! وكانت تلك المرأة تبيح كل المحظورات وفجأة تغدو من أعلام الإسلام، وزميلها كان نزيل جنوب شرق آسيا الدائم صار فجأة مرشداً إسلامياً! والجاهل صار صاحب الموسوعة الفكرية والشاعر صار مشرعاً، وكلهم أغواهم رنين الذهب! يبدلون العقائد كما يبدلون الجوارب والأحذية وكأنهم يضحكون على شعوب بلا تاريخ وبلا عقل وبلا عيون! ألم يكن تقرير اللجنة الرقابية على ما فيه من مرارة حادة أفضل من ألف قصيدة مدح؟ ألم يجعل الدولة في مكانة أرفع وإهتمام أجل من قبل الناس؟!
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرحلة صناعية سياسية
-
مساراتٌ ثقافيةٌ صحفيةٌ
-
تحرير تجارة الأغنام
-
تدهورُ الوعي العمالي
-
تدهورُ الثقافةِ الوطنية
-
ديمقراطيةٌ وسيطرةٌ
-
الثقافة والسلطة في إيران
-
أيّ معارضةٍ؟
-
الوطنيةُ البحرينيةُ والعلمانية
-
خرابُ آسيا
-
الفاشيةُ في المشرق
-
الفاشيةُ في إيران
-
الفاشية في التطور العالمي
-
الفاشيةُ بين الغربِ والشرقِ
-
الاتجاه نحو الجماهير
-
الجمهورُ ليس طيناً
-
أُذنُ فان جوخ
-
لا وحدةَ وطنيةَ بدون موسيقى!
-
جيلُ القحطِ
-
خندقان وأمّتان
المزيد.....
-
إدارة ترامب تعيد 5 مهاجرين مدانين بجرائم إلى بلدانهم الأصلية
...
-
-قوارب الموت- تستمر في حصد الأرواح في المتوسط بعد التحول نحو
...
-
الفوضى والنيران العشوائية تمنع وصول المساعدات في غزة
-
تايمز: خطة لتسريع معالجة طلبات اللجوء في بريطانيا
-
إسرائيل تأمر بهدم مساكن 140 مقدسيا لغضبها من الشيخ عكرمة صبر
...
-
كبار السن في غزة يعانون أوضاعا قاسية بسبب سياسة التجويع الإس
...
-
عاجل | مصادر للجزيرة: 5 قتلى من قوات الأمن العام في هجوم لمج
...
-
حماس تساوم على السلاح... وواشنطن تصطدم بشرط الدولة
-
وزير العدل اللبناني: إذا -انتحر- حزب الله فلن يجر معه لبنان
...
-
بعد الجدل.. محمد صلاح يعلق على -زيارة المعبد البوذي-
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|