أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - في سيكولوجيا الحكّام والشعوب العربية (2-2)















المزيد.....

في سيكولوجيا الحكّام والشعوب العربية (2-2)


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4353 - 2014 / 2 / 2 - 12:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سيكولوجيا الحكّام والشعوب العربية
( تحليل سيكوبولتك (2-2

أ.د.قاسم حسين صالح
في مقالة سابقة أشرنا إلى أن تصرفات معمّر القذافي وخطاباته واستخدامه العنف مع المتظاهرين في الأسبوع الأول لانتفاضة (17فبراير2011) أثارت تحليلا لأطباء نفسيين خلصت إلى أن الرجل مصاب بالبرانويا والوساوس والهوس.ولأن هذا الحكم صادر من اختصاصيين فإن الناس تصدّق بهذا التشخيص تصديقهم لتشخيص طبيب متخصص بأمراض الجسم .
وإذا كان التشخيص صحيحا،أعني أن القذافي(وحكّاما عرب آخرين)مصاب بأمراض عقلية تدخل ضمن الذهان فان المنطق يطرح هذا السؤال:
*هل يمكن لرئيس دولة بهذا الخلل العقلي أن يحكم شعباً أربعين سنة ،حظي فيها
باحترام رؤساء دول في عالم عاقل؟
وبما أنه من غير المعقول أن يحكم مجنون ملايين أربعين سنة،فإن المنطق لا يستقيم إلا بأن يكون الحاكم والناس كلاهما مصابين بأمراض نفسية بصيغة خلقت معادلة ضمنت ديمومة العلاقة بينهما بطريقة مشابهة للعلاقة بين (سي السيد) وزوجته المصابين كليهما بعصابي التسلط والخضوع.
ما حصل أن المعنيين بالطب النفسي وعلم النفس التحليلي،غالوا في تحليل شخصيات المستبدين والطغاة العرب منذ سقوط أولهم ،صدام حسين إلى زين العابدين وحسني مبارك..ثم القذافي،وشخّصوهم بأنهم مصابون بأمراض نفسية وعقلية بضمنها الذهان..وهذا غير منطقي ،لأن الذهان (الجنون بالتعبير الدارج)اضطراب عقلي يفقد فيه الفرد صلته بالواقع ويكون غير مسؤول عن أفعاله بما فيها السلوك الإجرامي..بما يوحي أن سبب كوارثنا هو حكّام مجانين..وأن الناس عقلاء..أصحاء نفسيا.
والتحليل الصحيح، أن الشعوب في عالمنا العربي مصابة بـ(اضطرابات عصابية) ناجمة عن أنّ التسلط في مجتمعاتنا تحكمه علاقة هرمية ثابتة. بمعنى الأعلى يسيطر على الأدنى والأدنى يتماهى بالأعلى ويسيطر على الأدنى منه..والانفعالية واللاواقعية في تقييم الأحداث المفضية إلى الشعور باليأس والاستسلام لواقع ضاغط، والإيمان بالقدرية والطلب من الخالق ان ينتقم من الحاكم الظالم، والدعاء في أضرحة الأئمة والرجال الصالحين ان يخلّص الناس من الطاغية الذي أذلّهم.
بالمقابل فإن الحكّام العرب مصابون بـ(الاضطرابات الشخصية) التي تعني نمطا ثابتا من السلوك غير المرن،وسمات شخصية مفرطة ومتصلّبة، تتجسد أعراضها فيهم بثلاثة أنواع: النرجسية والسيكوباثية والبرانوية..ومثالهم صدام حسين. فهو أخذ من نمط الشخصية النرجسية شعارها (أنا مميز) بما يعني يقينه انه يمتلك قدرات استثنائية أو خارقة،وأنه أفهم من الآخرين وأرقى منهم، وأن عليهم ان ينفذوا أوامره.وأخذ من الشخصية السيكوباثية:السادية والعنف والقسوة مع الخصوم وعدم الشعور بالذنب حين كان يعذبهم أو يصفيهم جسدياً..والتلذذ بآلام الآخرين (يأكل السمك المسكوف ولحم الغزلان المطعم برائحة الهيل فيما شعبه كان يأكل الخبز الأسود في زمن الحصار الذي كان هو سببه!).وأخذ من الشخصية البارانوية:الشكوك من غير أدلّة كافية، والانشغال في ارتيابات غير مبررة بخصوص ولاء أو نزاهة من حوله، ونزعة دائمة لحمل الضغينة ورفض التسامح مع من أساء إليه.
إن هذه الصفات (المرضية) موجودة في أغلب الحكّام العرب والاختلاف بينهم في درجة الحدة..غير ان شخصية صدام حسين جمعت صفات أخرى من نمطين آخرين:شخصية المتحمس،التي أخذ منها الجرأة والنشاط والحيوية والانفعال والاندفاع غير المنضبط،وشخصية المتحدي..وأخذ منها الشعور بالثقة العالية بالنفس وقدرة التأثير في الآخرين وسعة الحيلة والدهاء والشهامة الشعبية وحب السيطرة والميل إلى الاستبداد وحب المواجهة.
إن المعادلة النفسية السائدة في عالمنا العربي من ألف وأربعمئة سنة،هي سادية الراعي مقابل مازوشية الرعية.وعلّة الحاكم العربي المعاصر أنه محكوم بـ (سيكولوجيا الخليفة)..يرى نفسه امتدادا له بسلطة موروث كامن في اللاوعي الجمعي للناس بأن الخليفة هو وكيل الله في الأرض،وسلطة حدّثها هو ووعّاضه بما يساير المفاهيم الحديثة (ديمقراطية،حرية..)شكلا لا مضمونا ،وتفننا عصريا في إقامة نظام يستند إلى ثلاثة:السلطة والثروة والأمن.
واللافت ان جشع الحاكم العربي في امتلاك الثروة..جنون مرضي.فالارقام تشير إلى ان ثروة القذافي بلغت 130 مليارا بما يعادل ستة أضعاف ميزانية ليبيا،وثروة حسني مبارك 55 ملياراً،وبن علي التونسي 15 ملياراً وصالح اليمني نصف مليار دولار..وأن هذا الجشع ورثه الحكام الديمقراطيون!
إن انتفاضات الشعوب العربية كانت صحوة من إدمان على تكيّف حياتي سلبي تمثل في خضوع واستكانة ويأس وقدرية وقبول بمقولة حيثما تكونوا يولَّ عليكم.. وكلها أعراض عصابية..وأن هذه الصحوة ما كانت لتستيقظ لولا تكنولوجيا الاتصالات عبر القارات وانتشار ثقافة جديدة لجيل يكبر وينمو، وأنظمة إنسانية تشجعه وتسنده أمام ثقافة جيل شاخ وصار خارج عصره.
لكن رياح تغيير (الربيع العربي) سارت في الاتجاه المعاكس..فقد قطف الإخوان في مصر ثمرة السلطة في مصر..وآلت إلى أشباههم في بلدان الربيع الأخرى..وقبلها حصل من هم في الضفة الأخرى من التيار،على السلطة في العراق.وبخلاف المحللين السياسيين الذي استبشروا بعهد جديد تتحرر فيه الشعوب العربية وتنعم بالحرية والكرامة وتداول السلطة سلميا فإننا توقعنا في حينها ان ما استبشروا به ستبقى أحلاما مؤجلة،منطلقين من حقيقة أن الشعوب المريضة نفسيا لن تأتي بحكّام أصحاء نفسيا!.
وللتوضيح، فان الصحة النفسية بالمفهوم العلمي تعني التفكير بشكل عقلاني ومنطقي مصحوبا بالآتي :
*إقامة علاقات إنسانية حميمة
*التمتع بالاستقرار الانفعالي والاتزان الوجداني
*الإيمان بالديمقراطية فكرا وسلوكا
*القدرة على التسامح
*حب الجمال والإنسانية.
خذوا فقط الإيمان بالديمقراطية(التي من مبادئها :تحقيق العدالة الاجتماعية،واحترام قدسية الحياة وضمان كرامة الإنسان، وتداول السلطة سلميا..) وطبقوها على كلّ الحكام العرب الذين جاءوا بعد التغيير..فهل تجدون بينهم من يطبّق الديمقراطية فعلا ؟ والعلّة في الأنظمة السياسية العربية تكمن في شعوبها قبل حكامها .فهي مأزومة بأمراض نفسية أخرى أقبحها عدم قبول الآخر المختلف في الرأي والعرق والدين والمذهب والعشيرة.وهذه متأصلة في الشخصية العربية بفعل حروب سخيفة (داحس والغبراء مثلا) وتنافس ونزاع وعنف لأكثر من ألف عام. ولن تستطيع الأجيال العربية الحالية الوصول إلى ما وصلت إليه جنوب أفريقيا في التسامح حيث كان الجلاّد والضحية يصطحبان السياح لزيارة السجون فيشرح الجلاد كيف كان يعذب ضحيته في الزنزانة..وضحيته معه يروي لهم ما حدث!
والعرب موزعون بين من يتحكم بهم دافع قسري نحو أخذ الحيف بالانتقام،ومن يتحكم بهم دافع السيطرة والانفراد بالسلطة والثروة،ومتفرجين يائسين من اصلاح الحال،ومن اوصلتهم الاحداث الى انهم صاروا بحاجة الى دكتاتور!..وبين قلّة واعية متمسكة بالمستقبل برغم انها تعاني في الزمن الديمقراطي نفس ما كانت تعانيه في الزمن الدكتاتوري ان لم يكن أوجع..فضلا عن أن العقل الجمعي للاغلبية معبأ بقيم وتقاليد ومعتقدات تعصبية ماضوية..من طبيعتها انها تسحب صاحبها الى الماضي وتجعل فكره منشغلا بما اصابه من حيف..فتخلق منه فردا عصابيا..( مريض نفسيا).
والكارثة ان الديمقراطية حالة صحية نفسيا لا يمكن لها ان تعيش جوهرها بين شعوب مريضة نفسيا وحكّام ما تزال تتحكم بهم (سيكولوجيا الخليفة) ،وهوس (الأنا المتضخم) عندهم لامتلاك الثروة والمكانة الاجتماعية والنساء.ومع ان بينهم من تلقى صفعة اسقطته وآخر أيقظته،فان بينهم من لا يزال ينطبق عليه قول نزار قباني:(..فأنا حادثة ما حدثت آلاف القرون!)، ويعتقد في علاقته بالناس بأنه:(مهما فكرت أن أتركهم فاضت دموعي كغمامه..فتوكلت على الله وقررت أن أركب الشعب من الآن الى يوم القيامة!).

*مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في سيكولوجيا الحكّام والشعوب العربية (1-2)
- ثقافة نفسية(111):جهاز السعادة
- سنة جديدة..للعراقيين!
- كتابات ساخرة: قيم الركاع من ديرة عفج
- قوى التغيير وفن الاقناع
- هل كان للموساد دور في مقتل الأميرة ديانا؟
- حملة:من اجل اغنية عراقية فيها ذوق ومتعة روحية
- حرب الفوضى- تحليل سيكوبولتك
- المرجعية والتغيير في انتخابات 2014
- ثقافة نفسية(99): العراقيون وسيكولوجيا اللوم
- الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء السريان- جان دمو وسركون بولص ا ...
- الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء السريان - جان دمو وسركون بولص ...
- الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء السريان-جان دمو وسركون بولص ان ...
- ثقافة نفسية (89):انفلونزا الاكتئاب!
- محنة الابداع والمبدعين في العالم العربي(موجز ورقة)
- اهداء مخطوطة بيد الدكتور علي الوردي الى كلاويز
- المؤتمر العلمي العربي العاشر لرعاية الموهوبين والمتفوقين(تقر ...
- ثورة الحسين ..دروس للحكام والشعوب
- العراقيون..اصعب خلق الله
- شيزوفرينا العقل السياسي- نظرية عراقية!


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - في سيكولوجيا الحكّام والشعوب العربية (2-2)