أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسين صالح - الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء السريان - جان دمو وسركون بولص انموذجان(2-3)














المزيد.....

الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء السريان - جان دمو وسركون بولص انموذجان(2-3)


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4296 - 2013 / 12 / 5 - 09:26
المحور: الادب والفن
    


يهدف هذا التحليل السيكولوجي الى الكشف عن الصعلكة والاغتراب في الشعر السرياني من خلال اثنين من ابرز ادباء السريان هما جان دمو وسركون بولص،ومعرفة ما اذا كانت هنالك علاقة بين الشخصية personality وبين الصعلكة والاغتراب،وما اذا كان الابداع في الشعر سببا في هاتين الحالتين ام نتيجة.

تطبيقات
اولا:جان دمو(1941 -2003)
كلا الحالتين(الصعلكة والاغتراب)تنطبقان على جان دمو.فاذا كانت الصعلكة تعني الفقر فان جان دمو..معدم.وان كانت تعني عدم التقيد بالتقاليد الاجتماعية،والخروج عن التيار العام المتعارف عليه،وأن الصعلوك هو الذي يتماهى مع ذاته ويستجيب لأهوائه الشعرية بلا حدود..ويهمل كل شيء الا رغبته في التهام الحياة،وأنه مثقف محتج على الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي..فانها متوافرة فيه.
ولا حاجة لاثبات كم كان جان معدما..اذ هو يصف نفسه بانه ولد حافيا..وانه كان في حياته وملبسه ومأواه ومأكله يشبه ديوانه (اسمال) .وأن سعدي يوسف الذي كان يسكن عمان-الاردن،يقول عنه ان جان كان يأتيه الى بيته سكرانا :"وكنت امضي به الى المغتسل وهو راغم اساعده في انتزاع اسماله الملتصقة بجسمه". .وأن جان كان يتنقل من لا مكان الى لا مكان!.
ومثال عن صعلكته يحكي صلاح حسن (ايام الحرب العراقية الايرانية)..في ليلة عادوا بها من الجبهة الى بغداد..وافتقدوا جان فيقول احدهم :ربما يكون مسافرا،فيجيب سركون:صحيح يجوز رايح لكركوك،فيعلق صلاح:وين يولي هو حتى بيتهم بكركوك ما يندله..بعدين هو ما عنده لا هوية ولا دفتر خدمة ولا اي وثيقة والسيطرات بكل الشوارع واذا لزموه بعد الله ما يطلعه.
ويصفه فيصل جاسم بأنه كان يمشي على ساقتين هزيلتين وجسد ناحل اثقله التعب ونالت منه الفاقة واوهنه الحرمان واستنكف الكثيرون من مجالسته لأن رائحة الصعلكة وادمان الخمرة وعرق الصيف تفوح منه فلا تطيق حاسة الشم الا لمن على شاكلته ان تستنشق ذرة من الهواء المحيط به.وكان من يراه يظنه شحاذا.وهو بحسب وصف الباحثة الاسترالية ديانا شابلوف:" كائن شعري حساس جدا كانه خارج للتو من فرن"،وأنه تنطبق عليه مقولة يسنين:اغرق روحه في السكر والصعلكة. ومن طريف ما يذكر عنه ان اتحاد الادباء قرر ان يودع جان دمو وكزار حنتوش وحسن النواب،ولان مصحة ابن رشد تقع الى جوار اتحاد الادباء فانهم كانوا يسكرون في اتحاد الادباء وينامون في مصحة ابن رشد !
ومن مظاهر صعلكته انه لا يهتم بالحياة الاجتماعية وضوابطها اذ يحكى انه انخرط في منظمة التحرير الفلسطينية لا لشيء الا لكي ينام على سطح مبنى المنظمة في بيروت باعتباره ملجئا وملاذا. وحدث ان اعلن اتحاد الادباء عن ندوة يديرها جان دمو وانتظر الجمهور طويلا فيما كان هو يحتسي الخمرة في بار مجاور للاتحاد وقد نسي الموعد!. لكن صعلكته ما كانت على طريقة عروة بن الورد.بل ان له هموما اخرى غير هموم الشعراء العياريّن، اذ ان همه الوحيد ان يعيش للحظة وجوده لا علاقة له باللحظة اللاحقة ولا يستمر وطعم الدينار في جيبه لان بنطلونه بلا جيوب اساسا كما يصفه فيصل جاسم.
وفيما يخص (الاغتراب) فان جان(يوخنا دمو يوسف- وهذا اسمه الحقيقي)..تنقل بين كركوك وبغداد وبيروت وعمان ثم الموت في سدني وسط احلام وتشرد.فهو ليس ممن يستبد به الحنين الى مسقط الراس او الوطن، والاحساس بالنوستالجيا معدوم لديه،ولم يرتبط طيلة حياته بعمل وظيفي،كما يذكر ذلك آزاد أحمد. وهو يعترف، في حوار مع عدنان حسين عام 96، انه هو الذي ظلم نفسه،ويضيف بأن هذا الموقف ليس متأتيا من الاصطدام بالسلطة "لأن حياتي هي التي تركبت بهذه الطريقة..انا الوم نفسي فقط لأنني فجأة وجدت نفسي على قارعة الطريق فاتخذت من الهامشية مسارا متعبا".
وما تتصف به شخصية جان دمو أن (الأنا) لديه متضخم ،ويعدّ نفسه انه (هو الذي يعطي مكانة للآخرين) وانه هو الذي "منح الجميع فرصة الحياة واشغال الفكر".وقد نجم عن هذا التضخم مكابرة اتعبته، فهو لا يريد من اي مخلوق "ان يعطيني مكانة".
وهو يعيش وهما "يدعوني لأن اكون انسانا كونيا وارتفع عن الصغائر والامور الساذجة في الانتماء لبقعة معينة"، بالرغم من ادراكه انه كان مغتربا في العراق " ولم ازل مغتربا في عمان وساكون مغتربا اينما ارتحلت".
وانفعاليا،تعاني شخصية جان دمو من الشعور بالانتماء والحاجة الى التجذر. فهو يفتقد الشعور بالانتماء لاحد او شيء او قضية..ولم يشعر بالتجذر "بالرغم من حبي الشديد لان اتجذر ولو جزئيا". ومع انه يذكر بان له علاقات كثيرة بالنساء الا انه لم يتجذر في واحدة، لأنه يعتبر المراة نقيضه لحاجتها الى ايواء واستقرار فيما هو انسان هامشي لا يستقر..حسب وصفه.
لقد كانت حياة جان دمو نقيضة لطبيعة شخصيته وروحه الشاعرية واعلائه لقيمة الانسان ووجوده.فهو ارغم على الالتحاق بالجيش الشعبي وسلموه قاذفة لا يعرف كيف يستخدمها ،وقيل انه تركها وتبول عليها!.وخبر بشاعة الحرب على رابية في خطوط الجبهة..وعاش هاربا من الخدمة العسكرية. واعتقل مع عدد من الشعراء الذين كانوا يعدون مشاكسين لأدباء السلطة في النظام السابق.
ان صعلكة جان غلبت على اغترابه، وكانت السبب الذي حال دون ان يكون شاعرا مبدعا، الا انه شكّل،باعتراف معاصريه من المثقفين، ظاهرة ثقافية وسلوكية قل نظيرها.ولو انه لم يكن قد مضى بصعلكته بعيدا، ومنح الشعر وقتا وجدية..لعظم شأنه في الشعر العراقي.
ومع انه كان هائما،فان هذا لا يعني ان كل هائم لا هدف له،وكان هدف جان هو (تحقيق الذات)..لكنه خلق افكارا خيالية قادت سلوكه نحو التصعلك والاغتراب،وكانت العلاقة بينهما ومنجزه الشعري علاقة تبادلية.وما حيره وأتعبه ان اوهامه كانت زئبقية..تنزلق لديه بين اليقين واللايقين.ولأنه احدث تشوشا في جهازه العصبي وحمّله تناقضات ومتضادات في حرب مستعرة ميدانها دماغه،فان ذاته الحقيقية اصدرت امرا بانهاء حياته..فانتحر تدريجيا بالادمان على الكحول،ليموت منفيا في استراليا..وكأن قدر الشعراء العراقيين المبدعيين أن يموتوا منفيين في بلاد الغربة!



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء السريان-جان دمو وسركون بولص ان ...
- ثقافة نفسية (89):انفلونزا الاكتئاب!
- محنة الابداع والمبدعين في العالم العربي(موجز ورقة)
- اهداء مخطوطة بيد الدكتور علي الوردي الى كلاويز
- المؤتمر العلمي العربي العاشر لرعاية الموهوبين والمتفوقين(تقر ...
- ثورة الحسين ..دروس للحكام والشعوب
- العراقيون..اصعب خلق الله
- شيزوفرينا العقل السياسي- نظرية عراقية!
- معنى الحياة
- التعرض المخلّ بحياء المرأة
- العلمانيّون والدينيّون..هل يلتقيان؟!
- ثقافة نفسية (98):عمر الحب بعد الزواج ..ثلاث سنوات!
- العراقيون..والأحزان..تحليل سيكوبولتك
- ثقافة نفسية(91): حذار من الحبوب المنوّمة!
- ذاكرة التاريخ..بين بغداد واسطنبول
- استذكار..عن ليلى العطار
- الضمير العراقي..الى أين؟
- العراقيون..وكراهة الحاكم - تحليل سيكوبولتك
- روح فهمه للديج!
- كيد النساء..و..جواد سليم


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسين صالح - الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء السريان - جان دمو وسركون بولص انموذجان(2-3)