أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - الرواية ومراحات الرمال البيضاء














المزيد.....

الرواية ومراحات الرمال البيضاء


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


لو سؤئلت اليوم: ماهي الرواية بعبارة واحدة؟، لأجبت دون تردد: إنها محاولة الإجابة على سؤال: بم يتميز أهل المدن؟!، وهذا يعني، في أول ما يعنيه، أن الرواية مدينية، طرحا وبيئة وقالبا حياتيا و(تعقيدا) فكريا، وإنها تستمد فخامة متنها (في الطرح والمعالجة) من حياة وتعيقدات الحياة المدينية وطرق تفكيرها (المتطورة)، قياسا لحياة أو نظام الحياة في الريف، بحسب الفهم النيتشوي (نسبة إلى نيتشه)، وبغض النظر عن حيثيته الآنية طبعا، والقائل بأن التقدم يمكن أن يكون تقهقريا والتقهقر تقدميا.. ومن هنا، وعليه، تقوم أو تتأتى فكرة أن الرواية هي الجنس الأكثر حيوية بين أجناس الأدب، وكذلك في كونها الجنس الأكثر ملامسة وتجسيدا وبحثا لتعقيدات الإنسان الداخلية، رغم أنها الأقل جرأة لذلك الطرح، قياسا إلى الشعر.
ولكي أشرح فحوى إشارتي الأخيرة، المقارنة بجرأة الشعر، أقول أن الرواية تتعلق بعالم الإنسان غير النقي، فكرا وسلوكا، ومحاولة إعادته إلى إصوله خارج حدود سيطرة العقل والمنطق: حواس وغرائز، ومحاولة تسجيلها كحاضر فاعل لا يجوز طمره أو السكوت على وجوده وحقيقة دوره الأساسي، لإنتاج الفعل الحياتي، تحت دعوى رفض العقل وقيم (الافلاطونيات) له.
وأظن إنه صار بمقدوري الآن أن أقول (شارحا مقولة إجابتي: بم يتميز أهل المدن؟) أن صيغ التعقيد التي أفرزتها حياة المدن، وما فرضه هذا التعقيد من مساومات على القيم الفطرية الصالحة، صارت قوانينا، ورصد مفاعيلها - رغم عدم الإعتراف بمشروعيتها - صار هو روح الرواية ومتنها (الحيوي)، الجاذب فنيا وجماليا!
وهذا الفهم يقرر، رغم فجاجته في كونه فكرا بديلا، أن المدينة أفرزت... بل أنتجت فكرها الخاص وفرضته كواقع، وهو ما يجب تناوله، وهو ما يمد الرواية بمادتها الحيوية ويمنحها مادة النجاح الفنية، على وجه الخصوص، لما ينطوي عليه من تعقيدات... وإيضا إشكاليات فكرية وبنيوية، مازال الفهم الإنساني يقف حائرا أمامها ويرفضها منطق عقله (الإفلاطوني)... أي الراكد أو المحافظ.
وعلى هذا الأساس وإنطلاقا منه، تحولت الرواية من شكلها الإستاتيكي البكائي (التراجيدي)، إلى بحث مضن وتحليلي لما يمتاز به أبناء المدن، تفكيرا وسلوكا ومرونة في عملية إنتاج القيم البديلة أحيانا، والمتطورة أحيانا أخرى، وبحسب درجة جهامة الوضع السياسي الذي يحكمهم.
ولكن هذا لا يعني أن شكل الرواية او هويتها المدينية تمثل وجهها القاتم، بل على العكس، فهي تمثل وجهها الناضج والممتلئ والمشع، فنيا وفكريا؛ والأهم دفاعها عن إنسانية الإنسان وأحقيته بذاته وبجوانبها الفطرية... بل وحتى البدائية التي أتى عليها العلم وفروض (العقل المحض) وضرائب الحضارة الحديثة، والتي صارت حياتها الحديثة – المدينة – الصورة الأنصع على إغتصاب الإنسان في إنسانيته وحريته.
وهذا لا يعني أيضا، الإعلاء من شأن المدينة، كما فرضت علينا قوانين الإقتصاد والسياسة الحديثة، لذاتها، بل يعني الغوص فيها حتى آخر زقاق معتم، من أجل تحطيم جدرانها، المغتصبة لحرياتنا، وتقويض بناها، كمفاهيم ثقافية، لتطل مدننا الحديثة والمتنورة على مراحات الرمال البيضاء التي تداعبها أمواج بحارنا، (لا بحار السلطات البلدية والسلطات العسكرية، تحت مسمى خفر السواحل والثكنات العسكرية الحامية للأمن القومي) لنمارس رياضة السباحة والركمجة والتسكع وبناء قصور الرمل التي، بدل أن تنازعنا السلطات الرسمية على ملكيتها، تزرع لنا حدائقها بالورود الحمراء وتؤثث لنا غرفها بالأحلام الوردية الهادئة، التي تغني رواياتنا (المدينية) القادمة بالمزيد من التطلع والغنى الفكري!



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجودية الرواية
- عناصر وإستيفاءات
- نزوة في آخر الزقاق
- محنة الربيع أم العقل العربي؟
- م ي ا م ... قدر أبيض
- إحتباس سياسي أم إحتباس ثقافي؟
- عندما يركب الحاكم العربي رأسه
- من يصنع الرئيس الأمريكي؟
- السقوط من فخ القداسات (الشعر بعريه القاني) قراءة في مجموعة - ...
- سياسة تصدير الأزمة
- وجهي في مرآة الحانة
- دعوة للسقوط الحر
- صديقي اللدود زوربا
- تركيا آردوغان.. قائد اسلاموي التوجه لشعب مغلق ثقافيا!
- S M S لشرفات عينيك
- مفوضية اللاجئين في الجمهوية التركية.. مؤسسة إضطهاد اللاجئين ...
- ليمامتي قامة البحر
- قراءة اللوحة بقلم رصاص
- حنين وشريعة كناياتك
- هل أنا حر؟


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - الرواية ومراحات الرمال البيضاء