أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - وجودية الرواية














المزيد.....

وجودية الرواية


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 4347 - 2014 / 1 / 27 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


يعد ظهور دستويفسكي ـ رغم أنه لم يظهر في هذا الجانب بنصاعة الصورة التي ظهر بها ألبير كامي، على سبيل المثال ـ نقلة حازمة في تاريخ الرواية لمنحه إياها هوية تصنيفها الفلسفي... أو المرجعي ـ على وجه الدقة ـ لهويتها أو ما تمثله وتحتويه من كتل رؤيوية، بكونها الصخرة التي تتعرى عليها الفلسفة الوجودية، قبل لحظة جلوسها على مصطبة جدلها.. طبعا هذا يعني أن الرواية وجودية، وأيضا إنها تمتلك أهم عناصر الإستفزاز الفلسفي، المنظور والملموس بصيغة (اليومي) أو من حلقاته الأقرب للقبول والإستيعاب... حلقة الأدب السلسة.
لسنا هنا في معرض تحديد أفضلية أو الثناء على دستويفسكي، بل نحن بصدد تحديد اللحظة الفارقة في توجه الرواية في أن تكون وسيلة الكشف وإسلوب التعبير عن فكرة: أن إعلاء شأن العقل العلمي كان على حساب الأنا الفردية وروح الطبيعة فيها، وهو ما أنتج ثورة الذاتية والتمرد ضد العقلانية المحضة (التي روجت وتروج لها ماكنة بروبجندا سطات العالم الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية الرسمية) والتي دحضتها ممارسات تلك السلطات ذاتها، على الأقل في الحربين الكونيتين والإحتلال الإسرائيلي لأراضي الشعب الفلسطيني وحرب إحتلال العراق، على سبيل المثال السريع لا الحصر.
حقيقة الأمر ان الحرب العالمية الثانية، على وجه الخصوص، هي التي أشرت أن حياتنا بحاجة للمزيد من الحيوية و(الحياة العارية) وللمزيد من التأمل الروحي، والتخفف من أعباء ما قبل الموت... والمؤدية إليه، وأظن أن هذا بالضبط ما طالب به كتاب، الفيلسوف الوجودي كولن ولسن (اللامنتمي)، الذي أعتبر في منتصف خمسينيات القرن الماضي، المشخص لمرض العالم، والذي أتفق الجميع معه، نقادا وفلاسفة وأكاديميين، على إنه عالم بلا قيم.
وإذا كان أموند هوسرل هو من قيض للفلسفة أن (تكف عن تقليد العلوم البحتة والطبيعية التي تتصرف بأفكار مجردة عن الحقائق الوجودية) كما يقول إرنستو سوباتو، فإن عملية تمكين دستويفسكي للرواية (من وجوديتها) قد نضج عبر جهد الفلاسفة الوجوديين الذين كتبوا فلسفتهم عبر وسيلة الرواية وأفععموها بروح الأدب السلسة، كسارتر وكامي، ومن تبعهم في الرؤية، التي إستحكمت عبر سلاسة الرواية إلى يومنا هذا، حتى صار بمقدورنا اليوم القول بأن الرواية وجودية، وأن أهم أحكامنا النقدية (غير الفنية أو الأدبية) على نجاح الرواية صار مقدار إقترابها من محك (وجوديتها) وإشتغالها على هذا المحك، طرحا ونقاشا وإثارة للأسئلة.
وبلغة التبسيط نقول، ان أهم ما أنجزه، منحى تطويع الرواية للفلسفة الوجودية كان تحقيق مبدأ إثارة الصيد للقانصين وتلوينه بالألوان المشعة والبراقة، لتسهيل عملية صيده وسط غابة ورافة الظلال وحفيف أوراقها مؤنس وأرضها بلا حفر ولا مطبات، لأن الإنسان في النهاية هو أقرب إلى روح الشاعر منه إلى روح العالم؛ الشاعر الذي (ينظر إلى الشجرة ويصف اهتزازات أوراقها دون أن (يأخذ بالتحليل الفيزيائي للظاهرة، ولا يلجأ إلى مبادئ الحركة، ولا يفحص بمساعدة القوانين الرياضية ومضات الضوء، لأن ما يعنيه هو الظاهرة ذاتها، والشعور البسيط الذي يخامره أثناء الإستمتاع في تلك اللحظة)، كما يقول إرنستو سوباتو أيضا.
مما لا شك فيه أن انسان القرن الواحد والعشرين والقرن الذي سبقه، يعيش حالة توتر وتمزق وضياع ويقف على حافة نهاية موحشة تماما، وهذا الوضع المتشاكل هو الذي فرض على الرواية أن تتفرغ لمواجهة هذا الواقع المأزوم بذاته وفي ذاته، وفي أن تكون ـ الرواية ـ في وضع المواجهة غير المأزوم إلا في أسئلته الناقرة لزجاج مكاتب العقل الصانعة للأزمات التي قلصت على الإنسان زمنه الضروري وجعلته مجموعة من الإستثناءات التي تجبره على الهروب إلى غابات أفريقيا وصحارى القطب الجليدية مع أدوات صيد بدائية... وراديو ترانستور لحالات ضيق الصدر الإستثنائية!



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناصر وإستيفاءات
- نزوة في آخر الزقاق
- محنة الربيع أم العقل العربي؟
- م ي ا م ... قدر أبيض
- إحتباس سياسي أم إحتباس ثقافي؟
- عندما يركب الحاكم العربي رأسه
- من يصنع الرئيس الأمريكي؟
- السقوط من فخ القداسات (الشعر بعريه القاني) قراءة في مجموعة - ...
- سياسة تصدير الأزمة
- وجهي في مرآة الحانة
- دعوة للسقوط الحر
- صديقي اللدود زوربا
- تركيا آردوغان.. قائد اسلاموي التوجه لشعب مغلق ثقافيا!
- S M S لشرفات عينيك
- مفوضية اللاجئين في الجمهوية التركية.. مؤسسة إضطهاد اللاجئين ...
- ليمامتي قامة البحر
- قراءة اللوحة بقلم رصاص
- حنين وشريعة كناياتك
- هل أنا حر؟
- قاب شفتيك... ولا أدنى!


المزيد.....




- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...
- وفاة الفنانة التركية غُللو بعد سقوطها من شرفة منزلها
- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
- أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية ...
- طريق الحرير.. القصة الكاملة لأروع فصل في تاريخ الثقافة العال ...
- جواد غلوم: ابنة أوروك
- مظاهرة بإقليم الباسك شمالي إسبانيا تزامنا مع عرض فيلم -صوت ه ...
- ابتكار غير مسبوق في عالم الفن.. قناع يرمّم اللوحات المتضررة ...
- طبيبة تمنح مسنة لحظة حنين بنغمةٍ عربية، فهل تُكمل الموسيقى م ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - وجودية الرواية