أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (5)















المزيد.....

احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (5)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 15:13
المحور: الادب والفن
    


وديع العبيدي
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (5)
سعدي.. الأكثر عروبة.. الأعمق انتماء..
واليوم.. بعد عشر سنوات منه.. ماذا نقول للأخضر بن يوسف في ثمانينه.. ما الذي تغير.. ما الذي بقي ولم يتغير.. أين هو سعدي الآن.. ومن معه.. من مع الشيوعي الأخير- حفيد امرئ القيس- صياد السمك- النبي الوثني؟!..
في العشر سنوات الأخيرة كبر الأخضر بن يوسف كثيرا.. كثيرا جدا.. أكثر من كلّ سنواته السابقة.. كبر سبعين سنة أخرى، دفعة واحدة.. لقد صار سعدي صوت العراق الصارخ، بدل فم العراق المكبل.. صار فكر العراق وشعر العراق ونخل العراق.. حين انحنى الآخرون.. صار سعدي صوت الثورة ولون الثورة.. قميص الثورة وعلم الثورة.. والثورة صارت سعدي يوسف.. كبر الأخضر ليملأ كلّ الفراغ المتطاول على شاشات التلفزة والنت.. صار سعدي نشيدا وخبزا وأغنية فلاحية.. صار ابي الخصيب وغابة حمدان ونخل السماوات وبيروت وطنجة.. دمشق وعدن ووهران وباريس ولندن.. صار الشيوعي الأخير في كلّ مكان.. في كلّ مكان.. وما يزال يحنّ الى بصرته.. بصرته القديمة..
الريح من منفاك تأتي نحو بصرتنا القديمة
الريح تحمل كل شيء نحو بصرتنا القديمة / قصيدة الى عبد الوهاب البياتي

عبر عقود ستة التبست الغربة في ثياب الأخضر بن يوسف.. والتبست الغربة بالشعر.. لكن سعدي الذي كان غريبا على الدوام.. لم يألف الغربة.. ولا المنفى صار له وطنا.. بقي الوطن احتمالا مؤجلا في ضمير الشاعر بانتظار التحقق.. صار الوطن احتمالا مؤجلا.. بعيدا عن التحقق.. وهذا هو سرّ إشكالية سعدي البصري.. حضور العراق في كلّ حرف ولفظة وجملة.. كلّ ما كتبه سعدي كان أمام مدفأة تتوهج بنار العراق وعبق البصرة.. واليوم.. بعد كلّ المدن والنساء والسنين واللغات.. ما يزال سعدي بصريا حتى النخاع.. وما زال عراقيا في كلّ مركباته الدموية.. لم تتغير صورة سعدي.. لم تتغير ملامحه.. وكلما كبر سعدي.. صار أكثر عراقية وبصرية.. من كلّ البصريين والعراقيين والعرب.. هذه الهوية العراقية البصرية الأصيلة في ملامح الأخضر سعدي دفعت غير واحد إلى رسمه (الفنان حميد المشهداني /2013).. أو وضع صورته على تي شيرت (الشاعر ناصر مؤنس) أو المقارنة بينه وبين سيزان رائد الانطباعية (الناقد مثنى حميد مجيد).. لقد تحول سعدي إلى قصيدة شاهقة حية.. فكيف يكون الشعر.. بغير سعدي!..
في القرن الحادي والعشرين.. من اغتراب الفكر والموقف والعروبة.. يقف الأخضر بن يوسف وحيدا.. غريبا ومغتربا.. يقف ابن يوسف البصري أعزل في مواجهة الامبريالية العالمية..واليمين العربي. يقف الشيوعي العربي الأخير ثابتا على وحدة المبدأ ونور الفكر ونار القضية.. في فكر الأخضر لم تتحول الأيديولوجيا إلى خط دياغرام.. يتحرك مؤشره نحو اليسار واليمين.. يتأرجح فوق خط الوسط، يمين الوسط .. يسار الوسط. فالعقيدة الحقيقية والقضية الشريفة لا تخضع للمساومة.. ولا تنزل إلى قوانين السوق.. سعدي في مسيرته النضالية الطويلة.. لم يتعلم ربط موقفه بوضعها على طاولة المصالح.. في برنامج خليجي يسأل المذيع أحد شعراء العراق العاشقين لوطنهم..
" هل كانت لديك مصلحة في حبّ الوطن؟!!!!!"..
ففي ثقافة العرب الأمريكية، يتم تقزيم الوطن ـ مثل كلّ شيءـ، وتحويله مجرّد سلعة للمضاربة وتحقيق المكاسب. وفي مثله يقول الشاعر المناضل سعدي يوسف..
اني امرؤ غافلٌ
وغبيٌّ
وأحفظ عهدي
وأحفظ للناس ما كان عندي...
لهذا، سأخطو على الجسرِ، أولى خطاي.
لكي لا تختلط الأمور كثيرا، ولكي نفهم سعدي بدون التباس.. لا بدّ ان نميز بين الثقافة الجادة الحقيقية كما تشربناها؛ وبين الثقافة الاعلامية الاستهلاكية الجديدة بعد دخول الأمركة في حياتنا، أو دخول العالم في العولمة، وانقلاب المفاهيم وتزييفها وتجويفها. فثقافة الأمركة هي ثقافة سوق، تتحكم فيها المصالح الشخصية وعوامل العرض والطلب.. فعندما وضع (العراق) قضية على الطاولة، صار موضوعا للمزايدة والمضاربة والسمسرة لكلّ من يشتري ويبيع.. وعندما وضعت (سوريا) على الطاولة، شارك كثيرون للمضاربة والسمسرة، وهكذا كلّ شيء.. فمن أجل تدمير القيم، لابدّ من تحويلها إلى سلعة، ولتحويلها إلى سلعة، لابد أن تعرف كيف تحقق مكاسب من ورائها.. ولغة المكاسب هي (دائما) لغة شخصية معولمة.. عابرة للحدود والقارات..
فالقضية العراقية في أحد أوجه تمشكلاتها، أنها ارتبطت بغياب المعسكر الاشتراكي وتحول العالم إلى أحادي القطبية.. وهو ما أدخل العراقيين في إشكالية بنيوية في طريقة التعامل والتفاوض في ظل قيم ضبابية منقلبة.. حيث لا مكان للمبادئ.. ولكن السمسرة. وهو ما ينطبق كذلك على حال القضية الفلسطينية، وتدمير أسسها ورموزها بعد رحيل عرفات.
وفي حين كانت الاشكالية التقليدية بين المثقف والسياسي، صارت الاشكالية المحدثة بين المثقف الملتزم والتاجر.. فموقف الرفض لا يقتصر على الاحتلال.. وانما رفض السمسرة والتجارة في الموقف السياسي، ورفض النزعة السوقية في طرق العلاقات العامة..
ان سعدي يوسف بهذا المنظور، لا يتحدد بالحالة العراقية.. لا يتحدد في موضوع الاحتلال أو الاشكالية الحزبية والرفاق السابقين.. ولا حتى بموقف ديني أو قصيدة يتم توظيفها ضدّ الشاعر.. وانما هي أكبر من كلّ ذلك، موقف ثابت وسابق من الامبريالية والفاشية كما سبقت في الأدبيات النضالية واليسارية القديمة.. موقف من الاستغلال والتمايز بين البشر والعبودية.. موقف بين القيم اليسارية الحقيقية وبين قيم السوق وتفريغ القيم..
لهذا.. ينحاز مرتزقة الثقافة العولمية لاستعادة سعدي يوسف داخل السوق العربية واستثارة مسألة دينية يمينية.. تشغله وتشاغله عن قضية الامبريالية ومسائل الهيمنة الأميركية على المنطقة والعالم.. ولذا ارتأيت في الفصول المقبلة من هذه الدراسة.. التأكيد على عمق الانتماء العربي الفكري والانحياز السياسي للشاعر سعدي ابن يوسف لوطنه العربي والعراقي وقضاياه السياسية قبل كلّ شيء. وسوف نجد أن الشيوعي الحقيقي.. الشيوعي الأخير.. حفيد امرئ القيس.. هو عاشق عربي ومحارب عربي وقرصان عربي، ما زال ملتصقا بالبصرة واليمن.. قبل أن يكون شاعر وعاشقا أمميا.. يعاني من الوحدة والغربة خارج فضائه المائي الأول..
هذه الزوبعة الفارغة سوف تزول.. ولن يكسب عرابوها غير خزيهم ودولاراتهم اليتيمة.. وسوف يبقى الأخضر ابن يوسف علما من أجل الحرية وكرامة الانسان ومحبة الناس.
سوف يبقى الأخضر بن يوسف.. حفيد امرئ القيس الملك.. حامل لواء الشعر والنضال الى عصر ما بعد الامبريالية والأمركة.. إلى فجر الانسان الجديد.. القريب.. وراء ضباب الصباح المتلألئ في قصائد سعدي الأخيرة..!



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (4)
- انحطاط الأمة.. والخوف من الكلمة
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (3)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (2)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (1)
- اتجاهات الرأي.. والرؤية العراقية
- الكراهية.. الأكثر كراهية!..
- في علم الاجتماع القبلي (10)
- في علم الاجتماع القبلي (9)
- في علم الاجتماع القبلي (8)
- في علم الاجتماع القبلي (7)
- في علم الاجتماع القبلي (6)
- في علم الاجتماع القبلي (5)
- في علم الاجتماع القبلي (4)
- في علم الاجتماع القبلي (3)
- في علم الاجتماع القبلي (2)
- في علم الاجتماع القبلي (1)
- مصر ونظرية الأمن القومي الستراتيجي
- أوراق شخصية (5)
- هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (5)