أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (9)















المزيد.....

في علم الاجتماع القبلي (9)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 17:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وديع العبيدي
في علم الاجتماع القبلي (9)
التغذية الزراعية و التغذية الحيوانية..
تختلف طبيعة الانسان وعاداته وأفكاره ومبادئه القيمية والسلوكية بحسب نوعية البيئة المرتبط بها. ويشكل الغذاء ونوعه وطبيعته أحد خصائص البيئة ذات الأثر الرئيس في الطبيعة النفسية والاجتماعية للشخص، إلى جانب عوامل البيئة الأخرى.
البيئة الزراعية أكثر تطورا وتنوعا من البيئة البدوية غير الزراعية في التصنيف الحضاري. والمهمّ في ذلك طبيعة الغذاء التي تشكل منتجات الزراعة مكونه الرئيسي، بمعنى تقليل الاعتماد على اللحوم الحيوانية. وكلما انخفض معدل اللحوم وتداولها، لصالح الأغذية النباتية، تتشكل خصائص نفسية وفكرية واجتماعية جديدة، تجعل للجماعة/ المجتمع الزراعي خصوصية واستقلالية مميزة.
أما البيئة الصحراوية أو البدوية فيمكن الاصطلاح عليها بالبيئة الحيوانية. حيث يشكل الحيوان العنصر الأكثر تداولا وورودا في الحياة الصحراوية. بينما يقتصر النبات على بعض الحشائش والاشجار الجافة التي تتغذى عليها الحيوانات، - الجمال خاصة-. تعتمد حياة البدو بالكامل على الحيوان في الغذاء والشراب والثياب والخيام والتنقل والصيد والغزو.
فإلى جانب عوامل البيئة الصحراوية في صياغة الطبع والتطبع عند الأفراد، يلعب الغذاء (الحيواني) دورا أكثر حيوية في منابت السلوك ودوافع الغرائز وانماط التعبير عنها. ويميز علماء السلوك بين أكلة اللحوم [carnivore] وبين أكلة النباتات [vegetarianism]. ويزداد معدل شراسة السلوك، كلما زاد تناول الشخص للحوم.
[استطراد ضمن الموضوع... يبدو ان الحياة على الأرض اعتمدت في أصلها على التغذية المائية أو النباتية أمدا طويلا. وأن التحول للتغذية الحيوانية حصل في وقت متأخر. وقد اقترن هذا التحول بانقراض عام لنظام بيئة حيوية وفصائل من الحيوانات وانماط من المعيشة والسلوك، لصالح منظومة جديدة اكثر ارتباطا وتأثرا بالغذا الحيواني. ومردّ هذا الاستنتاج هو ما يؤكده علماء الحياة من حدوث اختفاء (مفاجئ) لأجيال وأنواع من كائنات حيوية عبر التاريخ، لأسباب (غامضة). ومنها ظاهرة اختفاء ما يدعى بالديناصور (dinosaur). وقد اتضح ان الديناصور كان على نوعين: نوع يتغذى على النبات وآخر يتغذى على الحيوان. الديناصور النباتي كان صغير الرأس طويل العنق (أقرب شبها بالزرافة)، بينما الديناصور ذو الغذاء الحيواني كان ضخم الرأس قوي الفكين عظيم الجثة ورأسه في مستوى جسده. وأن اختفاء الديناصور النباتي سبق النوع الحيواني بزمن طويل. يمكن الخروج بملاحظتين من هذا الأمر: الأولى: حصول اختفاء جملة خليقة عبر الزمن، ربما تتكرر من وقت لآخر. والملاحظة الثانية: ان ذوات التغذية النباتية أسرع في الاختفاء والاندثار. المتغذيات النباتية لها خصائص جسمية ونفسية تختلف عن المتغذيات الحيوانية. فضخامة الجسم وقوة العضلات والروابط النسيجية القائمة على البروتين الحيواني، أعظم مما هي لدى المتغذيات النباتية. بالمطابقة أو المحايثة مع البشر، يكون النباتيون أقل ميلا وتظاهرا بالعنف، ويتسم سلوكهم وطبعهم بدرجة ملحوظة من الليونة والسياسة، مما أضعف موقفهم أمام غزو الجماعات الأكثر ميلا للغذاء الحيواني. وقد يكون واقع الحضارات العراقية القديم وسبب اضطراباتها المستمرة، لعدم قدرتها على منع الغزوات القبلية والبدوية المتعاقبة من الشرق والشمال وأخيرا من الجنوب. مما جعل البلاد وأهلها ضحية لسيادة الغزاة الذي حكموا البلاد. علما أن التاريخ المصري القديم مطبوع ببصمات الغزاة الغزاة من خارج الحدود الذين حملوا اسماء فرعونية دينية وأسسوا سلالات حاكمة. وبحسب النظرية الغذائية هذه، يمكن القول أن العالم يعيش مرحلة انتقالية جديدة، جراء ازدياد اعتماد البشر على التغذية الصناعية والمهدرجة والمجمدة، وما لذلك من نتائج على الصعيد الجسماني العضلي والنفسي والسلوكي.!]

هذا الاستنتاج البيولوجي هو أحد شقي مقولة ابن خلدون في توصيف الناس.. "اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هو باختلاف نحلتهم في المعاش." أما الشق الثاني فيلتقي مع التفسير الماركسي لأثر العمل وأسلوب الانتاج في توجيه شخصية الفرد. ويمكن القول أن مرادف (المعاش) في لغة ابن خلدون، هو (العمل) في لغة ماركس. مع درجة من التحفظ حول مدى اعتبار الالتقاط والصيد (الحياة البدائية) ضمن مفهوم العمل بالتفسير المادي، والذي يعتمد أساسا على متلازمة اليد والفكر في انتاج سلعة مادية لم يكن لها وجود حرّ لولا جهد الانسان/ العامل. وهو أمر لا يتحقق في حالة صيد الحيوان الموجود أصلا في الطبيعة خارج جهد الانسان.
الزراعة عمل يدوي حرفي، ولكنه يعتمد في الأساس على المعرفة الزراعية والخبرات المتراكمة، في توجيه طبيعة العمل وطريقة التعامل مع التربة والتحكم بكميات المياه (السقي) المتغيرة بحسب كلّ نبات وموسمه. والفلاح/ العامل الزراعي بممارسته للعمل يزداد خبرة ومعرفة بكلّ ما يتعلق بالانتاج الزراعي نحو: تصنيع الأدوات الزراعية وعمل السدود ومنظمات المياه، دراسة ظروف الجو وقراءة الطقس للتهيؤ للمطر والاهتمام بالزمن وحساب الأشهر ومواقيت السنة لارتباط الزراعة والسقي والحصاد وتقليب التربة بمواعيد وجداول زمنية، إذا أخطأها فاته الموسم أو تلف المحصول.
فالزراعة لها دور محفز في يقظة الذهن والوعي وتحفيز العمل الجماعي والاتصال البشري نحو حبّ الحصول على المعارف والأخبار، وارتباطها الصميم بمرحلتي التصنيع والتبادل التجاري وعلاقتها بتطور طرق الاتصال والنقل البحري والبري. وفي هذا المجال، كان المجتمع الزراعي سباقا ومتميزا في صياغة الوعي السياسي والنضال الطبقي عبر تاريخ انتفاضاته وثوراته التي كان لها أثر مباشر في الاصلاح السياسي وتطوير منظومة القيم والمؤسسات المدنية.
يعود تاريخ تلك الانتفاضات إلى أيام سومر عندما ظهرت طبقة سياسية جديدة تفرض هيمنتها على ريع المدن الزراعية دون أن يكون لها دور ومساهمة في العمل والانتاج، مما أسفر عن ثورة شعبية، حاول بعض الملوك والقادة المحليين توظيفها لصالحه، مما حرف اتجاهها إلى صراع أطماع سياسية، انتهت إلى حالة من الفوضى التي انقضت على أهلها.
والظاهرة الأخرى كانت عقب الغزو المقدوني السكندري لبابل في القرن الثالث قبل الميلاد، وبناء معسكره فيها، متخذا منها مركزا تنطلق منه قواته نحو الشرق وتعود إليه. وكان لعسكرة قوات الاسكندر جنوبي العراق مدة تزيد على الثماني سنوات، آثار اقتصادية واجتماعية مدمرة، جراء ما يقتضيه وجود القوات من مستلزمات غذائية وجيوبولتيكية هائلة، انعكست سلبا على كلّ الانتاج وميزان التبادل الزراعي والاقتصادي، وكانت تلك المرة الأولى التي تراجع فيها معدل الصادرات العراقية نحو الخليج. والطريف - هنا-، قيام مصادر أمريكية بنشر هذه المعلومة عقب الغزو الأمريكي للعراق (مارس 2003م) وعسكرة ما يزيد عن مائتي ألف –حسب الأرقام الرسمية- من الجيوش الأجنبية على أرض العراق ولمدة لا تقل عن (ثمانِ) سنوات.
ولا تخرج ثورات الزنج [869- 883م] والقرامطة [ 873- 1073م] في العهد العباسي التي انطلقت من جنوبي العراق – سهل شنعار- عن أسبابها الاقتصادية والطبقية. وفي العهود اللاحقة للحكم العثماني أو الدولة الحديثة حدثت انتفاضات محلية محدودة من قبل الفلاحين بسبب نقص المياه، أو تجاوز السياسات الحكومية على مصالح الأهلين الزراعية، لم تنل حظا من البحث والتاريخ الاجتماعي والسياسي، ناهيك عن محدوديتها الجغرافية وعجزها عن التحول إلى ثورات شعبية وطنية عامة. ويذكر –في هذا المجال- أن الثورة الكردية العراقية في (أيلول 1961) كانت في الأساس عملية عصيان مدني للأغوات (الأقطاع الكرد) ضد تطبيقات قانون الاصلاح الزراعي الجمهوري الأول، والذي تطور بفعل مضاعفات عشائرية سياسية إلى ثورة قومية عامة. وفي ظل الآثار السلبية للاحتلال واهمال مستلزمات الاصلاح والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، زادت معاناة الفلاحين وتردى الانتاج الزراعي العراقي لحدّ الغياب، فاقمها انحسار مياه الفرات، مما أسفر عن زيادة ظاهرة الانتحار في أوساط الفئات الضعيفة والمظلومة كالنساء والفلا حين.
[الناصرية- أ ف ب: أقدم مزارع عراقي في الناصرية جنوب بغداد على الانتحار تاركا وراءه أسرة مؤلفة من (11) فردا، وذلك بسبب النقص في المياه الذي دفع (مائتي) عائلة للنزوح إلى مناطق أخرى. وبحسب مصادر محلية، فأن حبيب سلمان (54عاما) أطلق النار على نفسه بسبب النقص المستمرّ في المياه التي يعتمد عليها في الزراعة، مصدر رزقه وعائلته المؤلفة من (11 فردا) بينهم (سبعة أطفال). وكان سلمان يعيش في ناحية الاصلاح جنوب شرق مدينة الناصرية (503 كلم) جنوبي بغداد. وكان صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أشار في وقت سابق إلى تقرير دولي يؤكد "احتمال جفاف نهري دجلة والفرات في العالم (2040) نظرا للتغيرات المناخية وانخفاض كميات المياه والاستخدام المكثف لأغراض الصناعة والاستهلاك المنزلي"/ جريدة القدس العربي ع 7184 ليوم الجمعة المصادف العشرين من يوليو 2012- ص3].

ان خصائص التحفيز الذهني والخبرات المهنية والانفتاح للمعرفة والاتصال، وهي عوامل لازمة للتطور الاجتماعي، لا مكان لها في الحياة البدوية التي تحتقر قيمة العمل وتعتبر العمل اليدوي أو (المعاش) اليدوي أمرا مهينا. مفضلة عيه اعتماد اسلوب التطفل والصيد والسلب والنهب، باعتباره منسجما مع القيم القتالية والفروسية البدنية. وهذا سبب رئيس لجمود نمط البداوة في مرحلته ورفضه التغير أو تجاوز ذاته.
Wadiobeadiblogspot.com



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في علم الاجتماع القبلي (8)
- في علم الاجتماع القبلي (7)
- في علم الاجتماع القبلي (6)
- في علم الاجتماع القبلي (5)
- في علم الاجتماع القبلي (4)
- في علم الاجتماع القبلي (3)
- في علم الاجتماع القبلي (2)
- في علم الاجتماع القبلي (1)
- مصر ونظرية الأمن القومي الستراتيجي
- أوراق شخصية (5)
- هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..
- أوراق شخصية (4)
- الدين (و) الاستعمار
- أوراق شخصية (3)
- أوراق شخصية (2)
- مصر (و) أمريكا.. من يحتاج من؟..
- أوراق شخصية
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (5)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (4)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (3)


المزيد.....




- بعضها أوقف التصدير... ما هي الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة ...
- الآلاف يرفعون علم روسيا العملاق في قبرص احتفالا بيوم النصر
- لجنة فلسطينية تدعو أهالي الضفة والقدس والداخل للانتفاضة إسنا ...
- ساحة حرب.. مشاهد مروعة لهجوم نشطاء على مصنع -تسلا- في ألماني ...
- -كتائب القسام- تفجّر نفقا بقوة إسرائيلية في رفح
- الدفاع الروسية تعلن تدمير 3 دبابات -ليوبارد- ألمانية ودبابتي ...
- تأهل المتسابقة الإسرائيلية في مسابقة -يوروفيجين- وسط تظاهرات ...
- السفارة الروسية في الإمارات تنظم أمسية احتفالية بمناسبة الذك ...
- إسرائيل تتحدث عن مغادرة مقاتلين من -حماس- رفح وتكشف عن استرا ...
- لسبب غريب.. صينيون يدهنون وجوههم باللون الأسود (فيديو)


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (9)