أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - أوراق شخصية














المزيد.....

أوراق شخصية


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 18:21
المحور: سيرة ذاتية
    


كان لتوزع طفولتي بين أكثر من مدينة، تبعا لعمل والدي في مصلحة البريد والبرق العامة، أثر في ايثار البقاء في البيت، وندرة علاقاتي الاجتماعية؛ العامل الذي وجّه اهتمامي للكتب والقراءة منذ سنّ مبكرة. وكان المفتاح إلى ذلك، مكتبة خالي عبد الرزاق الخالدي –أبي هالة- في بيت جدّي في مدينة جلولاء (قره غان).
ترسّخت صلتي بالقراءة بعد ذلك خلال الفترة التي عاشها خالي معنا في بعقوبة، - أيام عمله محاسبا في مديرية بلديات ديالى-، وكانت كتبه ترافقه. تركزت تلك الكتب حول الفلسفة والماركسية والاشتراكية –الطريق الثالث- والوجودية والفلسفة المحدثة. كنت يومها في أول دراستي المتوسطة، وأنفق العطلة الصيفية بين المطالعة والاستعارة من مكتبة بعقوبة العامة، وبين كتب خالي الرصينة المعقدة.
بعض تلك الكتب كانت أشبه بالرياضيات الحديثة أو جداول اللوغاريتمات، حافلة بالمصطلحات والمفاهيم الغريبة والكلمات الأجنبية الملغزة. ولأني كنت أمارس القراءة خلال غياب خالي، فلم أكن قادرا على الاستفسار منه عن تلك الألغاز. ولكني – بعناد- كنت أواصل القراءة حتى حفظت تلك المصطلحات والرموز دون فهمها حقيقة. وربما توفرت على شيء من الفهم من سياق التعبير.
لكني في نفس الوقت، كنت أساعد نفسي بالاستعارة من كلّ كتب المكتبة العامة في بعقوبة ومصادر المكتبة المدرسية، وكنت متفوقا في الدروس عامة، وخاصة اللغة العربية والانشاء. وكان اهتمامي يتجه للكتب الفكرية والدراسات، وليس القصص والروايات والشعر.
وأذكر أني عثرت مرة في بطاقات الكتب على عنوان لا أذكره تماما، على وزن (العناصر والمعادن) فاستعرته، وكنت أحسبه كتاب في الكيمياء أو الفيزياء، فإذا به يتحدث عن معادن البشر وأصولهم، من الكتب التراثية. وكتاب دراسي آخر جذبني عنوانه (الذوبان)- فإذا به دراسة اجتماعية ميدانية قامت بها المؤلفة في قطاع مدرسي. وكنت أستزيد بذلك معلومات وآفاق ما كانت تخطر على بال لولا مفاتيح القراءة.
لم يستمر السرّ طويلا.. فسرعان ما اكتشف خالي تلصصي على كتبه وعالمه الخاص. وكان له علم بميولي في القراءة منذ أيام جلولاء، فعزل كتبه إلى مجموعتين، وقال لي:
أنا لا أمنع عنك الكتب، ولكن بعض الكتب لا تناسب سنّك، ولذلك جعلتها قسمين. وتستطيع مطالعة هذا القسم، أما الكتب الأخرى، فهي صعبة عليك الآن، يمكنك أن تقرأها عندما تكبر.
شكرته على كرمه ولطفه، وأنا أركز نظراتي على عناوين الكتب الممنوعة. ثم قال لي متلطفا..
إذا أردت السؤال عن شيء أو التحدث به معي، يمكننا التحدث مساء!..
عندها انتقلت من القراءة السرّية، إلى القراءة العلنية، وصارت بعض تلك الكتب ترقد قرب رأسي. ولأني أقرأ طوال اليوم، كنت أنتهي من الكتاب مهما كان حجمه في يومين أو بضعة أيام. ولا أجزم الآن أنني في ما بين العاشرة والثانية عشرة كنت أفهم تماما كلّ شيء، أو كما ينبغي. كانت تلك الكتب ومعظمها من مطبوعات بيروت ومن كتب الترجمات، تنقسم إلى كتب الفلسفة والوجودية والاقتصاد السياسي، وقسم يتضمن الروايات العالمية الروسية والفرنسية لديستويفسكي وبلزاك وسارتر وكامو.
في غياب خالي، كنت أقرأ من الكتب الممنوعة، وكلّها من المجموعة الفلسفية وترجمات جورج طرابيشي وغيره، أضغط على دماغي لاستيعاب ما فيها من كلام وأفكار. وفي حضور خالي أقرأ (الأبله) أو (الغريب) وغيرها من الروايات.
وعندما يحين المساء، يكون السطح (العراقي) قد تم كنسه وترطيبه ووضعت الفرش والأسرّة، ورفعت (تنكَة) الماء والرقي والفاكهة على (تيغة) السطح. وهناك تبدأ محادثات ومناقشات وتساؤلات، وكان حديث خالي يتضمن من الأسئلة أكثر من الأجوبة، وكأنه يحرّضني على مشاركته اقتراف التفكير، وتقديم (رؤية) عن أسئلة وجودية من قبيل الغيب وما بعد الموت. وعندها.. كانت الأفكار تختلط وتمتزج في كلامي، لأرى خالي يحدّجني بنظرة جانبية غير بريئة ليقول لي بعد صبر طويل:
إذن.. أنت قرأت من الكتب الممنوعة!!.
ــــــــــــــــــــ
جلولاء، من مدن محافظة ديالى وسط العراق، (130) كم شرق بغداد، تقع على نهر ديالى.
السّعدية (قزلرباط)/ سعدية الجبل- من مدن محافظة ديالى، على نهر ديالى، بحيرة سدّ حمرين حاليا.
عبد الرزاق توفيق حسن الخالدي (جلولاء 1948) بكلوريوس اقتصاد (1969) من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة بغداد. عمل محاسبا في مديريات بلدية ديالى في بعقوبة وخانقين، حتى تقاعده من الخدمة. مقيم حاليا في مدينة السعدية (قزلرباط). وإليه أبعث بالتحية والحبّ مع عائلته من أرض الغربة!.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (5)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (4)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (3)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (2)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (1)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (3)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (2)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)
- أميركا..الاسلام.. الارهاب!
- الأناركية.. وتقويض دور الدولة
- اللغز.. لم يحدث اليوم، قد يحدث غدا!.
- لماذا المشروع الأميركي نجح في العراق ولا ينجح في مصر؟!..
- الثورة والثورة المضادّة
- عندما رأيت..
- ثقافة الاعتذار السياسي
- دعوات المصالحة الوطنية.. لماذا الآن!!
- تستحق كلّ التفويض أيها القائد النبيل!.
- ازهار حكمة البستاني- مجموعة شعرية جديدة للشاعر والناقد وديع ...
- الدين.. والسيرة (3-3)
- الدين.. والسيرة (2-3)


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - أوراق شخصية