أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع العبيدي - الأناركية.. وتقويض دور الدولة















المزيد.....

الأناركية.. وتقويض دور الدولة


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 19:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأناركية.. وتقويض دور الدولة

المصطلح..
الأناركية والدولة مفهومان متعارضان، لا يلتقيان مطلقا. إذ أن الأولى تعتبر الدولة مؤسسة عنفية، لابدّ من مقاومتها والوقوف لها بالمرصاد. بينما تنظر الدولة للأناركية باعتبارها حركة فوضوية خارجة على القانون ومتمردة على النظام. ويعود المصطلح في أساسه إلى القرن التاسع، من واقع الاضرابات العمالية وتصدي الدولة لها باستخدام اجراءاتها الأمنية والعقابية.
لكن استخدام المصطلح ومفهومه تطور في الأدب السياسي، ليشمل أي نشاط معارض للدولة، خارج السياقات المدنية والقانونية. واليوم يتسع المفهوم لكلّ نشاط يتسم بالعنف أو استخدام السلاح. وفي القاموس السياسي العربي ظهرت - خلال القرن الماضي – تعابير مختلفة لها ذات المعنى، منها [مخربون، فوضويون، متمردون، عصاة، مغرّر بهم،غوغاء، ارهابيون].
هناك منظور آخر، من جانب التاريخ السياسي، يضع الأناركية في مقابل الموناركية، معتبرا أن الأولى تمثل حالة بدائية من ناحية الوعي الاجتماعي السياسي، الذي لم يبلغ حدّ إدراك ضرورة الدولة، كمؤسسة تتولى تنظيم حياة الجماعة البشرية، وتحافظ على أمنها واستقرارها.
لذلك يمكن استخدام تعبير آخر، يلخص العلاقة بين الأثنين، هو المدنية.
فالمدنية مرحلة تاريخية في التطور الاجتماعي، تطورت فيه العلاقات العامة بين الأفراد أنفسهم ، وبين الجماعات داخل المجتمع، بما يناسب اتنماءهم المشترك إلى مجتمع متنوع متعدد منفتح على نفسه وعلى الآخر، في إطار من التعاون المتبادل والمصلحة (الوطنية) المشتركة.
فالمدنية هي علامة حضارية فارقة بين مرحلة الجماعة البدائية (قبيلة يسودها التشابه ووحدة الأصل والرأي والانتماء)، وبين مجتمع يتكون من جماعات متعددة مختلفة الأصول والمعتقدات والانتماءات العرقية، يتشكل لديها بحكم التطور، انتماء أوسع يحلّ فيه الوطن محلّ القبيلة، والتعددية والاختلاف، بدل الوحدة والتشابه.
*
مرآة الواقع..
الدولة في الفكر السياسي العربي، من المفاهيم الحديثة التي دخلت حياتنا مع بدايات القرن العشرين، وهو التاريخ الذي يعود إليه ظهور معظم الدول العربية المتعارفة حتى الآن. ومن المآخذ النظرية على هذه الدول، أن ظهورها لم يأتِ في سياق التطور الاجتماعي التاريخي للجماعات العربية، وانما ظاهرة خارجية مفروضة عليها بحكم الغزو الاستعماري عقب سقوط الامبراطورية العثمانية.
والاشكالية الناتجة أثر ذلك، هو الفجوة الثقافية/ الحضارية بين وعي الفرد/ الجماعة المحلية، وبين مؤسسة الدولة كحاجة اجتماعية وضرورة سياسية. ولذلك شهدت المرحلة الأولى من تشكيل الدولة العربية موجات متفاوتة من الرفض والعنف والمواقف التي تم ترويضها -نسبيا- عبر الزمن. ويمكن استقراء أمثلة، فيما يخص الموقف من التعليم – سيما للاناث-، والاصلاح الزراعي والأوقاف والأحوال الشخصية.
والمحصلة الموضوعية..
أنه لا يمكن القول، بأن العرب بلغوا مرحلة التكافؤ بين الوعي الاجتماعي والوعي السياسي. بل أن الطابع القبلي والعرقي والطائفي والديني، ما يزال هو السمة العامة في الشرق الأوسط، ولا زال مفهوم المواطن وشعور الموطنة بعيدا عن المتحقق. لا يزال انتماء الفرد وولاؤه للعشيرة والطائفة، للغة والقومية والعرق، للديانة والمذهب، للزعامة المحلية ومراجع الدين......، أعمق وأولى من الانتماء والولاء للوطن وقادة الدولة وسيادة القانون.
وما تكشفت عنه الأوضاع في العراق عقب الاحتلال الأميركي، لا يتمثل في سقوط نظام أو الانتقال من العلمانية إلى الدين أو تطبيع مظاهر الموت والدمار اليومي، وانما انحطاط وعي الفرد لمرحلة ما قبل الدولة.. ومن شأن هكذا ارتداد حضاري، أن يستتبعه ارتداد اجتماعي وثقافي في مختلف المستويات..
*
أميركا.. بلا منازع..
في التاريخ السياسي العالمي، يتم التمييز بين عالم ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها، ويعتبر كلّ ما سبق في عداد الكلاسيكيك والمندثر. ذلك العالم الذي لم يكن مضى عليه نصف قرن من منجزات الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية.
شمل هذا التغير مستويات السياسة الدولية وظهور الجمعية العامة للأمم المتحدة (1947) بدلا من عصبة الأمم الملغاة، وتمثل في ظهور مجموعة العالم الثالث، وما شهدته من موجة انقلابات عسكرية، قوّضت الأنظمة السابقة لها - ملكية كانت أو جمهورية-، تغيّر معها الخطاب السياسي العربي، الرسمي والشعبي، والثقافي والديني، عن السابق.
الانقلابات العالمثالثية التي أشرفت عليها أصابع المخابرات المركزية الأميركية، كانت محاولة ترقيعية، في عالم، كان وجود القطبية الثانية (الحرب الباردة)، يضطرها للتحفظ والمراعاة، في مدّ نفوذها العالمي. ولكن منذ العام (1989) واستفرادها بقياد العالم، انتقلت من التحفظ إلى التدخل السياسي المباشر –استخدام كلّ امكانيتها بضمنها العسكرية-. وكان العراق باكورة عملياتها، وبنجاح ساحق.
وقبل أن تمرّ عشر سنوات على التجربة الأميركية في العراق، ظهر ما دعي بثورات الربيع العربي الشعبية، والتي لا تبتعد كثيرا عن ثورة الشارع الايراني ضد نظام الشاه (1978).
[ثورة شعبية عارمة – دعم خارجي- صعود الاسلام السياسي للحكم]!
ولعلّ البعض هنا يعترض أو يتساءل.. هل كان الخميني متواطئا مع الإدارة الأميركية؟.. يمكن أيضا ولتطوير الحوار، عكس اتجاه السؤال؟..
والدليل الذي سوف يحتج به المتسائل أو المعترض، هو حادث السفارة الأميركية، باكورة عمليات الانقلاب!.. لكن هذا دليل مزدوج!..
أن الذي يكذب، يضطر للقَسَم كثيرا.
أما الذي لا يكذب، فلا يرى ضرورة للقَسَم!.
*
"ربيع عربي"..
ثمة ملاحظات ثلاثة، تكشّفّ عنها مشهد التغيرات السياسية الأخيرة..
ثورات شعبية
صعود الاسلام السياسي
تراجع دور الدولة!.

فالاتهام الرئيس الموجه لأداء محمد مرسي هو عدم قيامه، -هو أو حكومته (رأس الوزراء هشام قنديل)- بمسؤولياتهم السياسية والحكومية. [رأس الوزراء برّر ضحايا خلل وتهاون في أجهزة المواصلات بأنه قضاء وقدر!، قارن ذلك بمثيلاتها في اسبانيا أو الهند أو فرنسا].
بالمقابل، يقتضي المقارنة مع أداء – ما يدعى- الحكومة العراقية واستغراقها في لغو وخطب ومشاريع ومقترحات –على صعيد الحكومة والبرلمان- دون انجازات حقيقية على صعيد العمل بما يلبي احتياجات الناس وحل مشاكلهم المستعصية،- بما فيا أزمات الكهرباء والبطالة والقضايا الأمنية-.
فالدولة العراقية اليوم لا تكاد تعادل غير أقل القليل من مظاهر الدولة في مراحلها الأولى في العهد الملكي، سواء في تنفذ رجال الدين والعشائر في البلاد، أو خضوع الدوائر والمؤسسات والوظائف العامة للمحاصصات الطائفية، - بدل الكفاءات الادارية-، والالغاء التام لمعايير الوطنية والاخلاص والخدمة.
ونظرا للعمر القصير للدولة العربية - وظروف ولادتها القيصرية-، لم تتبلور مؤسسات رسمية رصينة لها تقاليدها واستقلاليتها الذاتية، فأن تقويض المؤسسة العسكرية، يشكل بداية تقويض الدولة من الداخل. فالعسكري لا يمثل الدولة فحسب، وانما، هو رمز للقانون والنظام، الأمر الملاحظ في بلاد الغرب، أما في العراق، فقدْ فقَدَ عسكري المرور احترامه في عيون الناس، ولم تعد إشارة يده المرورية تستوجب الالتزام في الشارع. الجنود والشرطة هم موضع نكتة وسخرية، وأدوات للرشوة والفساد، قبل كلّ شيء. ومن وقت لآخر.. تنجح عمليات تهريب أعداد من السجناء من سجون بغداد (أبي غريب) وسواها، مما يدخل في باب فقدان العسكري لقيمته الحقيقية، الذي يقابل فقدان الدولة لأهميتها واحترامها عموما.
وباعتبار أولوية اللغة في الخطاب العربي، نلحظ ظهور مصطلحات غريبة تتقدم الظواهر، منها تعبير (بلطجية) في مصر، أو (شبّيحة) في سوريا، لوصف فريق الحكومة.
ويتم توظيف جماعات الاسلام السياسي، والفئات المعدمة أو الساذجة من قاعدة المجتمع وبعض المرتزقة أدوات في تحطيم الأرصفة وأعندة النور وإشارات المرور والأبنية العامة وكلّ مظاهر المدنية.. وصولا لتحقيق صورة غياب خدمات الدولة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.. وتحويل البلد إلى – أرض مفتوحة- يدخلها الناس من البلدان المجاورة ويخرجون بدون رقيب!.. هذا ما حصل في العراق.. وهذا ما يحصل في مصر، عبر حدودها مع غزة وسيناء أو الحدود الليبية.
وأخيرا..
ان القوات المسلحة التي كانت الأداة المفضلة لدى الادارة الأميركية لتنفيذ أغراضها قبل نصف قرن، صارت اليوم أول ضحاياها وأعدائها، تمهيدا.. لتقويض دور الدولة والزعامة العربية!.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغز.. لم يحدث اليوم، قد يحدث غدا!.
- لماذا المشروع الأميركي نجح في العراق ولا ينجح في مصر؟!..
- الثورة والثورة المضادّة
- عندما رأيت..
- ثقافة الاعتذار السياسي
- دعوات المصالحة الوطنية.. لماذا الآن!!
- تستحق كلّ التفويض أيها القائد النبيل!.
- ازهار حكمة البستاني- مجموعة شعرية جديدة للشاعر والناقد وديع ...
- الدين.. والسيرة (3-3)
- الدين.. والسيرة (2-3)
- الدين.. والسيرة (1-3)
- الدين.. والدراسة / 2
- الدين.. والدراسة/1
- الدين.. والبيئة..
- الدين.. والمحبة..
- الدين.. والاختبار
- الدين.. والاختيار
- الدين.. والاختلاف
- الدين.. والتجارة..
- الدين.. والتبعية!..


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع العبيدي - الأناركية.. وتقويض دور الدولة