أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (3)















المزيد.....

في علم الاجتماع القبلي (3)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4295 - 2013 / 12 / 4 - 01:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحاضنة الاجتماعية..
"يتامى نحن في بلد بلا أبناء"
أحد خصائص الحاضنة الاجتماعية الرئيسة هو الاحتضان الذي يرتبط بالأم ويحيل على الوطن، والقاسم المشترك بينهما هو المرأة. والحنين والحنان كحاجات نفسية حسية ليست غير تعبير عن تلك الحاجة للحضن والاحتضان والحاضنة.
هذه الثلاثة على اختلاف تمثلاتها [أم- عشيرة- وطن] تتلخص في دالة القبول والرعاية غير المشروطة. فالأم تقبل وليدها بدون شروط مسبقة، وتسبغ عليه رعايتها وحضانتها بغض النظر عن لونه وشكله وجنسه، سواء كان كاملا صحيحا أو معوقا مشوها مريضا.
فالحنين للأم في زمن الطفولة، واستعادته مع بدايات الهرم والشيخوخة، هو في جوهره تعبير عن عمق الحاجة للقبول والمحبة والرعاية غير المشروطة. وفي صميم وجود كل فرد، انسان أو حيوان، هو أن يكون مقبولا مرغوبا محبوبا، موضع اعجاب وعناية واهتمام من وسطه الاجتماعي، أو من شخص قريب منه. وإذا كانت المدنية قد اختزلت الكثير من تقاليد الرعاية والاحتضان النفسي للطفل والبالغ على السواء، فأن حدب الأوربيين واهتمامهم بعالم الحيوان، هو تعويض عن تلك الحاجة وافتقادها لدى الحيوان بعد تجرد المدنية منها.
ان الربت على رأس الحيوان وتلميس عنقه أو ظهره يجعل منه كائنا أليفا دافئا، عكس خصائص الوحشية العنيفة التي تتملكه عند تعرضه للاستفزاز أو التهديد أو ضغط الجوع.
أين هو مكان الحاضنة الاجتماعية النفسية في دائرة القبيلة؟..
ان عقلية القبيلة ترفض الضعف والنعومة ومظاهر الحاجة على اختلافها، فكيف بالحاجات النفسية، الغائبة عن القاموس اللغوي لها. على العكس منه تمجّد الثقافة القبلية مفاهيم الشجاعة والإباء والتحدي والمقاومة الجسدية وتحمّل الصعاب والظروف غير الاعتيادية. ويعتبر التعبير عن الألم والخوف والمرض مستنكَرا يقلل من قيم الرجولة والبطولة والفروسية.
مظاهر القوة والعنف ترفع من معنويات القبيلة وتبعد عن أذهانهم أفكار الخوف والتخاذل والألم والحاجة. وقوة المعنويات الملحوظة في أجواء الحرب والتدريب العسكري وفرق الموت شرط رئيس للتقدم والشجاعة وعدم التفكير بالتراجع أو الخوف.
من مضاعفات ثقافة القوة والشجاعة، واقع العزل داخل العشيرة بين النساء والرجال، الاناث والذكور. وفي معسكر النساء يكون مكان الأطفال الذكور حتى سنّ معينة، وعندما يشتد ساعد الصبي ويتعلم الخروج لوحده ليلا أو الدفاع عن نفسه واتقان تمارين الفروسية والمنازلة ينقل إلى معسكر الرجال.
يمكن القول، أن معسكر النساء أكثر مرونة واستيعابا للحاجات النفسية والجسدية في حالات الرعاية والمرض والخوف. لكن المرونة هنا لا يسمح بها إلى حدود التمادي، بحيث تزعزع واقع القبيلة أو الربع. وتلعب النساء المسنّات دور الحرس الثوري لضغط المشاعر وكبث الآلام وعدم السماح بالصوت المسموع مهما كان دافعه الجوع أو البرد أو الخوف أو الألم.
هذه الصورة العسكرية لنموذج البطل القبلي، يترتب عليها خصائص اجتماعية ونفسية تنتظم مظاهر السلوك والخطاب النموذجي الملزمة داخل مجتمع القبيلة. وبتعميم هذا النموذج تتحول القبيلة إلى صورة كتيبة عسكرية مجندة، لا يمكن التمييز بين أفرادها.
يتعارف مجتمع العشيرة على لون محدد للثياب وطراز محدد ثابت لكل عشيرة أو قبيلة. ولتوجس الجماعات البدائية عموما من الظواهر الطبيعية وحركات النجوم والقبائل، يجري تفضيل اللون الأبيض للرجال، واللون الأسود أو الألوان القاتمة للنساء، لخفض معدل الجاذبية والإثارة.
ومن الفضائل المتعارفة طول الصمت الذي يشير للحكمة والصبر، ونبذ المزاح والضحك، وخفض الصوت عند الكلام. ويلحظ شيوع الشعر بين العرب، على اختلاف أنواعه، ويفضل منه الفخر والحكمة والفروسية ويليه الغزل والرثاء والهجاء وآخره المجون والإضحاك. فالكلام على عواهنه والاصدار بلا سبب مبرر يحسب على السفه، وهو من قلة (خفة) العقل، الذي تستهجن لأجله المرأة.
كثرة الكلام تودي بمكانة صاحبها، فلا يؤخذ برأيه في أمر، ويستبعد من حضور جلسات الحكم ومداولة الأمور المهمة. وبنفس المعيار، تمكنت بعض النساء الصموتات الحكيمات من احتلال مكانة لائقة في مجالس الحكم. ومنهن من نبغ في الشعر أو الفروسية أو الحكمة. فالصفات والفضائل النبيلة ترتقي بأهلها بغض النظر عن عوامل الجنس واللون والأصل. والعكس بالعكس أيضا.
فالتشابه في الطباع والخصائص والعادات والثياب وغير ذلك من مظاهر الحياة والنشاط البشري، يؤكد أهمية قيمة التشابه والتكرار كقيمة قبلية، لتأكيد وحدة القبيلة وقوة الولاء لها. وخلاف ذلك، يعتبر الاختلاف وعدم المشاركة بتقاليدها ومناسباتها وأنشطتها، دالة عصيان وتمرد وخروج على الاجماع، مما يستوجب الحساب والعقاب الجماعي.
ينسب إلى عمر بن الخطاب قوله: كلّ من أدخل في هذا الأمر ما ليس منه، فليس منا، وفي قول آخر.. أضربوا عنقه!.
وفي أوساط التشدد السلفي المتجددة يلحظ تأكيد ومبالغة في استخدام العبارات والصيغ والنماذج التقليدية الغابرة في كلّ شيء، والزام الناس بتداولها، ومنه عبارات التحية، التي يختزلها هؤلاء في عبارة واحدة، لا تقتصر في نصها على (السلام عليكم/ عليكم السلام) وانما بالنص التكميلي المكرر [السلام عليكم ورحمة الله وبركاته] وعلى المتلقي الردّ بالمثل دون قطع العبارة، حتى لا يعتبرها السلفي إهانة أو اختزالا للرحمة والبركات.
هذا الخطاب الاعلامي يختزل المعاني الحقيقية للنص ويكتفي بالمسموع والتمثيل الأدائي حتى لو لم يصدر من القلب أو يقترن بمشاعر الودّ.
في ظلّ هكذا أجواء مسرحية أو تمثيلية سينمائية، أين يكون مكان الذي لا يشارك في المسرحية أو الفيلم، لا بدور رئيسي ولا كومبارس، ولا حتى حارس ستارة؟..
بضعة أنفار في المدينة تعرضوا لآثار عقوبة مقاطعة جماعية لأنهم لم يرافقوا الرسول في أحدى غزواته ولم يستأذنوه للبقاء؛ وكان منهم كبار السنّ ممن تلزمهم الرعاية، وكانت المقاطعة تشمل امتناع الكلام والمعاملة والتحية، حتى من أهل بيتهم. وكان بعض الأشاوس قد تبرعوا أمام الحاكم بقطع أعناقهم.
مثل هذا السلوك يبرر فرض ضريبة الذميين في الدولة الاسلامية جراء عدم خروجهم للقتال، رغم أن الدولة وراء منعهم من الخروج مع المسلمين.
ففي نظام القبيلة لا مكان للاختلاف، ولا مكان للمختلف. فالقبيلة لا تقبل التنوع والاختلاف والتعدّد. حتى لو كان الاختلاف والتعدد والتنوع يصبّ في صالح غنى المجتمع والجماعة الانسانية.
تختلف القبيلة العربية في هذه النقطة عن القبيلة العائلية العبرية. ان رابطة الدم العائلية لدى اليهود تشكل حاضنة اجتماعية (أموية) لكلّ العبرانيين، ورغم انتشارهم في البلدان، يجتمع أبناء الجالية محتملين بعضهم بعضا في ضعفاتهم وفقرهم وظروف احتياجهم. هذه الرابطة الاجتماعية الضامنة، لا وجود لها في نظام متشابه تكراري.
هذه المنظومة القبلية بكل خصائصها السلبية انعكست في الفكر الديني المنعكس عنها، والضامن لديمومتها وخلودها. وبفعل اجتماع القبلي والديني في الإرث التربوي المتخلف، ورث النظام السياسي العربي المعاصر تقاليد القبيلة التكرارية وعقيد رفض المختلف، فانعدمت مظاهر الحرية والمساواة من داخل المجتمع، وامتنعت أسباب حرية التعبير والرأي الآخر في الشارع والصحافة والزعامة.
يتساءل البعض، بارتياب واضح، فيما إذا كان الاسلام كدين وراء الوضع الكارثي والتخلف المهين الذي تتهاوى في أطرافه بلدان الشرق الأوسط. الواقع ان طبيعة النظام القبلي البدوي القائمة على التكرار السطحي والقيم المظهرية الساذجة هي سبب تخلف الاسلام، وامتداداته في المجتمع المعاصر.
وفي ظل عجز البيئة القبلية عن احتضان أبنائها والانفتاح الحضاري والانساني أمام اختلافاتهم وألوانهم الفكرية والدينية والسياسية، يتزايد معدل الهجرة والاقامة العربية والاسلامية في المهجر، حيث تتوفر أجواء التسامح والتكافؤ والمساواة على أساس الانسانية، والانسانية فحسب!.
wadiobeadiblogspot.com



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في علم الاجتماع القبلي (2)
- في علم الاجتماع القبلي (1)
- مصر ونظرية الأمن القومي الستراتيجي
- أوراق شخصية (5)
- هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..
- أوراق شخصية (4)
- الدين (و) الاستعمار
- أوراق شخصية (3)
- أوراق شخصية (2)
- مصر (و) أمريكا.. من يحتاج من؟..
- أوراق شخصية
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (5)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (4)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (3)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (2)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (1)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (3)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (2)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)
- أميركا..الاسلام.. الارهاب!


المزيد.....




- الصليب الأحمر الدولي يؤكد استمرار وجوده في الميدان رغم رغم ا ...
- حذر وتوعد.. تركي الدخيل يقر بارتكابه مخالفات في -السوق المال ...
- إذا هوجمت رفح، لن يكون لدى نتنياهو ما يقدمه في إدارته للحرب ...
- لقطات -لم تُشاهد سابقا- لجسم غامض ظهر في سماء ولايات أمريكية ...
- هنغاريا تحذر دول الناتو وبريطانيا من الغرق في وهم هزيمة روسي ...
- إستونيا تستدعي القائم بالأعمال الروسي بسبب حالات تشويش على ن ...
- القوات الجوفضائية الروسية تتسلم دفعة جديدة من مقاتلات -سو- 3 ...
- تونس.. طعن محام أثناء خروجه من قاعة الجلسة
- كشف وثائق سرية وزواج غير قانوني.. نقل زوجة رئيس الوزراء البا ...
- أزمة أوكرانيا.. ضرب رأس النازية الجديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (3)