أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..















المزيد.....

هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 20:03
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وديع العبيدي
هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..
"كلمة (المتحضر) إذن لغو، لا يضيف شيئا جديدا.. على العكس تنقل هذه الكلمة إلى حسّ القارئ، تلك الظلال الأجنبية الغربية التي كانت تغبش تصوّري، وتحرمني الرؤية الواضحة الأصيلة!"- سيد قطب
*
متى عرف العرب الدمقراطية؟..
هل الدمقراطية مفردة أليفة في لغة العرب أو تقاليدهم أم ثقافتهم؟..
هل الدمقراطية تراث شرق أوسطي أو اسلامي، وهل هي جزء من برامجهم أو أهدافهم؟؟..
أليس من العجب ما تنضح به بعض وسائل الاعلام والخطب السياسية الدعائية للبعض منذ زمن، وكأن الدمقراطية كانت دائما نصا من نصوص (الشريعة) والشرعية!.. ومنذ متى كانت الدمقراطية باب الشرعية في العرف السياسي العربي؟..
لماذا تكتسب الأشياء معنى بعد فقدانها، فيرتبط استذكارها بدافع التظلم والشكوى؟.. فيكون استخدامها سلاحا مغرضا لإدانة الآخر، ووسيلة لتمزيق المجتمع، وأداة سياسية رخيصة لتحقيق أغراض شخصية أو فئوية بحتة لا أكثر؟!..
ان السؤال الذي ينبغي على كل فئة ترفع مزاعم الدمقراطية، أن تجيب نفسها عليه.. هل سبق لها اعتماد الدمقراطية في برامجها الاجتماعية التثقيفية، وكانت هدفا ومطلبا سياسيا في نشاطها السياسي المعلن، أم أنها مجرد ورقة سياسية رخيصة تم اكتشافها مؤخرا، لتسلق سلم السلطة في ميكافيلية مقينة، تعمل باتجاه واحد، مثل كل شيء في تراثنا!..
اولا.. ان الشرعية الوحيدة التي تدين لتراثنا العربي قلبا وقالبا، طريفا ومتلدا، هي العنف بكل أشكاله، سواء كان عنفا اجتماعيا، سياسيا أو ثوريا. وكل الأنظمة والحكومات التي سادت الشرق الأوسط منذ القرن السابع الميلادي حتى ثورات الربيع العربي قامت على العنف زالاستبداد، واستمرت به. والقرار العربي تاريخيا هو الذي يأتي من فوق ويفرض على الما دون بالقوة، مثل أمر سماوي يحمل توقيع صاحب الجلالة والمعالي.
ثانيا.. سجلّ الأدب العربي السياسي والاجتماعي والثقافي، يؤيد شرعية الأنظمة والحكومات والديانات والسلطات العنفية على مدى التاريخ، ولا توجد أي دعوة أو شكوى مظلومية باسم الدمقراطية. فما هي المرجعية التاريخية والتراثية للبكائيات المتأخرة، علما أنها لا تصدر من قاع الجماهير الكادحة وانما من أرباب السلطة وأدعيائها عقب فقدانها الصدارة.
ثالثا.. ان مزاعم الدمقراطية والشرعية ومطالباتها، لا تحتكم للوسائل والأساليب الدمقراطية المتعارفة في القاموس السياسي في بلادها الأم (الغرب الأوربي)، وانما هي اكثر التصاقا بلغة العنف اللفظي والمادي ودعوات التهديد والتحريض والتكفير، ولا تتورع عن استخدام المرتزقة وتعددية الاساليب التي تجعل من مجرد التظاهر أو الاعتصام محض واجهة دعائية اعلامية، لتغطية حملات الارهاب والجريمة المنظمة الفاعلة من وراء ذلك على أرض الواقع.
رابعا.. الدمقراطية كحركة اجتماعية تنبع من الحراك السياسي الوطني الداخلي، لا تسمح أن تجعل من الجماهير البسيطة ومن مصالح بلادها مطية، لمصالح خارجية اقليمية أو دولية. فلا يكفي أن تأتمر بأوامر الخارج وبرامجه، وانما تستند إليه وتتوجه إليه بالدعوة العلنية للتدخل في شؤون البد الداخلية، خدمة لأطماعها في السلطة. ويأتي التقاء المصالح الغربية في المنطقة مع بعض جهات خليجية إطارا لدعم صدارة (جماعات) الاسلام السياسي في قيادة البلاد العربية، لمرحلة ما بعد الانظمة العسكرية والقومية، كما حصل في العراق وتونس وليبيا ومصر، ويجري العمل له في سوريا وباشراف التحالف الأميركي الخليجي دائما. فإذا كانت الدمقراطية –والدمقراطية فقط- هي ما يقض الضمير الأميركي والبريطاني، فلماذا يستمر سكوتها على غياب الدمقراطية لدى حلفائها الستراتيجيين في منطقة الجزيرة والخليج العربي، وتصم آذانها عن ممارسات الاعتقال السياسي واضطهاد حقوق المرأة وقمع الأقليات الدينية والعرقية، وغياب الرأي الآخر؟. ولماذا تتجاهل –سياسيا واعلاميا- استشراء العنف الداخلي والفساد السياسي والتجاوزات العنيفة على حقوق الانسان والمرأة والاقليات في العراق ومصر وسوريا. فحرص (!!) أميركا وبريطانيا في مصر والعراق وسوريا وغيرها يجب أن يكون متناسبا في كل بلدان العالم، وليس البلدان ذات الأصول العلمانية والسياسية (السابقة) التي لا تدور في فلكه. مما يجعل الدمقراطية المزعومة مجرد أداة لاختراق تلك البلدان والتخلص من أنظمتها (غير المتواطئة مع الغرب)، وتنصيب حكومات كاريكاتورية هزيلة –باسم الأغلبية الدينية- لا تملك من أمرها خيرا أو شرا، غير استدرار المناصب والمال العام، والايغال في افقار وإذلال شعوبها.
خامسا.. أصعب المفارقات في تاريخنا السياسي الحديث هي مفارقة الاسلام والدمقراطية..
فالاسلام باعتباره ترجمة سياسية لتقاليد القبيلة وعاداتها الاجتماعية وقيمها المتوارثة، لا تسمح بالخروج على سلطة الأب وشيخ القبيلة وزعيمها، وتعتبر سلطة الأب والشيخ - البطرياركية- مصدر الزعامة الشرعية الوحيد، وكلمتها هي القانون.
تحفل النصوص الاسلامية بمفاهيم طاعة أولي الأمر بحسب التدرج التنازلي بدء من [الله- الرسول- الحاكم- الأب والزوج]، وتقرن الخروج عن طاعة أي منهم بمعصية الخالق. علما أن الاسلام عموما وتفصيلا يدخل في باب الأحزاب الراديكالية المتطرفة، ويعترف بالعنف الثوري وممارسته المباشرة دون رجوع لمصدر قرار أو سلطة أو حكومة، وهو ما يجري اليوم من قبل جماعات الاسلام السياسي على اختلاف مسمياتها، ومن تلك النصوص الخطيرة [من رأى منكم منكرا فليغيره.. بيد أو بلسانه أو بقلبه]!.. ومصدر الخطورة ليس مجرد الاحتمال الأول، وانما اعتماد الجميع عليه وتجاهل ما سواه، وهو العنف الثوري في القاموس السياسي الحديث أو الفوضى الأناركية.
ان الشعب هو مصدر السلطات في النظام الدمقراطي. اما في الاسلام، فأن الله هو مصدر السلطات، ويتجسد الله في نصوص القرآن، وهذه النصوص تنقسم إلى ناسخ ومنسوخ، وتتعدد التشريعات وتتضارب، لكن السائد منها عمليا هو ما ارتأته جماعات السلفية المحتكمة لفقه ابن تيميه (القرن الرابع عشر الميلادي). وهي تتمثل اليوم في الوهابية واخوان المسلمين ومختلف الجماعات الاسلامية المتفرعة عنها ومنها تنظيمات القاعدة، والتي تدخل جميعا تحت باب الاسلام السياسي، أي الجماعات الساعية للسلطة والحكم كهدف أساس لعملها، بينما يجري تبرير أطماع الحكم بأنه وسيلة لفرض الشريعة وتطبيق الحدود!.
تطبيقات الشريعة والحدود الاسلامية ترفض وجود (المختلف) في الدين أو المعتتقد أو الرأي، وفي نفس الوقت (تفرض) على عموم أفراد المجتمع من سن الثالثة (عمر الطفولة) الالتزام بتطبيق مظاهر فروض الشريعة الاسلامية، والتي أضافت لها السلفية الوهابية الالتزام باللباس الاسلامي [الحجاب للمرأة والدشداشة واللحية للرجل]. وبهذا يكون تحت طائلة التهديد المباشر كل من.. [الجماعات الدينية التي لا تدين بالاسلام، الجماعات الاسلامية التي ليست على مذهب السلفية الحاكمة، جماعات العلمانيين، واللبراليين، والوجوديين، والأناركيين، واللادينيين، إضافة جماعات المجتمع المدني المعاصرة من حركات جندرية تطالب بحقوق التكافؤ والمساواة والمعاملة بالمثل وحماية القانون]. ومنذ واقع الاحتلال الأميركي للعراق تم ارتكاب مجازر دينية وطائفية وعرقية وحزبية إضافة لارتفاع صارخ في معدلت اضطهاد المرأة واستخدم العنف؛ مما يشكل ظاهرة اجتماعية وجريمة سياسية تواجهها الحكومة المحلية والمنظمات الدولية بتجاهل تام.
ان الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاءها، قامت باستخدام العنف والجيش والمليشيات والمرتزقة (الأجنبية) والارهاب (الدولي)، ومختلف الأساليب العنفية ومنها المحركة دوليا لتغيير الأنظمة في كل من افغانستان والعراق وليبيا وسوريا. مما أدخل المنطقة حماما ساخنا من العنف الداخلي والاقليمي، تغطية لبرامج تدمير الهويات الأمحلية الأصلية وتغيير جغرافيا الموازنات الدمغرافية والأثنية في الشرق الأوسط. وإزاء انعدام عوامل الامن والاستقرار يستمر تجنيد المرتزقة –بمزاعم اسلاموية- ودعم أجندة أرهاب الأهلين، خدمة لتحقيق المخطط الأمريكي الجديد في الشرق الأوسط (الكبير)، وذلك باستخدام ورقة الدين هذه المرة [من المغرب إلى الهند].
سادسا.. ان الحاجة ماسة اليوم، ولغرض فهم ما يجري في بلادنا، أن يجري الفصل -تماما- بين الدمقراطية الغربية عبر تاريخها وتقاليدها الاجتماعية والثقافية العريقة وثمارها السائدة في مجتمعات الغرب (في المجتمع قبل الحكم)، وبين الدمقراطية ضمن تسويقها السياسي المتأخر للعرب، وعد انتظار حصول معجزة، تزاوج بين العقلية العربية القبلية وبين المدنية الأوربية في يوم أو سنة أو حتى أكثر من عقد –كما في المثال العراقي-. فما زالت جذور العقلية البدوية والقبلية هي المتحكمة في حياة العرب الاجتماعية اليومية وقراراتهم السياسية. وما تعيشه مجتمعاتنا اليوم من انتكاسة ثقافية وردة فكرية واجتماعية ، لهي أفضل دليل على عجز العربي عن التحرر من بداوته.
لقد ارتبط دخول معالم الحداثة والمدنية الغربية في بلادنا، بظاهرة الدولة المدنية في مرحلة ما بين الحربين من القرن الماضي، وظهور أنظمة وحكومات علمانية طبقت مشاريع تنمية اجتماعية دعمت تحديث مجتمعاتها. لكن تراجع الأنظمة العلمانية والثورية، وصعود الاسلام السياسي في ربع القرن الماضي الأخير، خدم صعود الأنظمة الخليجية التي تحولت –بحسب دوران رأس المال- قبلة العمالة والثقافة العربية على حدّ سواء، إلى جانب استقطاب الشركات العالمية العابرة للقارات.
لقد حققت الناصرية اكتساحا عربيا في عهد عبد الناصر، ومثل ذلك يقال عن القومية ومداراتها، التي تركزت في بلدان الشمال [مصر، ليبيا، الجزائر، سوريا، لبنان، العراق]. أما المرحلة الحالية فهي تشهد سيادة السعودية وإمارات الخليج ذات الطابع القبلي والأطر الدينية التقليدية ورؤيتها الانتقائية في التعامل مع الغرب وخدمة برامجه. ومن بين تلك البرامج.. الدمقراطية..وهنا يأتي السؤال: كيف يعقل أن يكون الخليجي عرابا للدمقراطية في بلدان الشمال،بينما يرفضها على نفسه؟.. والسؤال الثاني: لماذا ينبغي علينا أن نأكل ونشرب ونلبس ونفكر كما يريد لنا الآخرون، أميركانا وخليجيين، وليس كما نريد نحن ونختار، أم أن للدمقراطية هذه معنى آخر!..



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق شخصية (4)
- الدين (و) الاستعمار
- أوراق شخصية (3)
- أوراق شخصية (2)
- مصر (و) أمريكا.. من يحتاج من؟..
- أوراق شخصية
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (5)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (4)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (3)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (2)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (1)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (3)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (2)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)
- أميركا..الاسلام.. الارهاب!
- الأناركية.. وتقويض دور الدولة
- اللغز.. لم يحدث اليوم، قد يحدث غدا!.
- لماذا المشروع الأميركي نجح في العراق ولا ينجح في مصر؟!..
- الثورة والثورة المضادّة
- عندما رأيت..


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..