أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (4)















المزيد.....

في علم الاجتماع القبلي (4)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4295 - 2013 / 12 / 4 - 19:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العائلة والاستقرار..
اعتبر اكتشاف الزراعة بداية تحول البشر من مرحلة الصيد والتنقل إلى مرحلة الاستقرار وبناء المساكن الآمنة. وهنا بدأت النواة الأولى لنشأة العائلة كتطور اجتماعي مادي مرتبط بنمط الانتاج وتغير طراز المعيشة.
ان العائلة كنظام اجتماعي متحضر، هي قيمة أكثر مما هي مجرد صورة أو إطار خارجي. قيمة اجتماعية ونفسية وفكرية واقتصادية في آن واحد، تربط بين أعضائها روابط تتجاوز مستويات الحاجة الاقتصادية أو الأمنية، إلى الترابط الاجتماعي والنفسي وأجواء الألفة والدفء التي تترتب عليها قيم العناية والاهتمام والمحبة والمسؤولية المشتركة. فالاهتمام بالشخص المريض أو العجوز الضعيف من الجنسين ينبع من القيم العائلية النبيلة، التي لم تكن لها تلك الأهمية من قبل.
العائلة كقيمة اجتماعية هي المأوى والمسكن، وما زال كثيرون اليوم يعرفون الوطن أو المدينة بأهلها ونظامها الاجتماعي، وليس مجرد مكان أو أبنية صماء.
والعرب كنمط حياة ينزع للتنقل (البداوة) المستمر ويعتاش على ما يصادفه من كلأ وماء أو يعتمد الصيد، وتجارة الحيوانات ومقايضتها للحصول على مستلزمات معيشية (في مرحلة متقدمة نوعيا)، لم يألفوا الزراعة، وعملت قيمهم على احتقارها وتحقير العمل اليدوي والحرفي، مفضلين عليها قيم الحرب والقتال والمبارزة والفروسية، فكانت الجمال دالة الحياة والمعيشة والتنقل لديهم.
وفي حياة التنقل، لا بدّ من التخفف من الأحمال والتأكيد على الضرورات القصوى، بحيث تضمن سرعة التنقل وخفة الحركة، وهذا يستدعي أن يكون أعضاء الجماعة البدوية مقتدرين للقيام بشئونهم بالقوة والسرعة التي لا تعطل حركة المجموع، ولا يعرقلهم في الغزو والقتال.
فإذا كان هذا المجتمع لا يحتمل العجزة والمرضى، فلا مكان فيه للأطفال والنساء ومقضيات الحضانة والرعاية. لذلك كانت المرأة (الفتاة) الشابة النشيطة هي الأوفر حظا لدى الجماعة القبلية. ولحفظ حيوية هذا النظام كان الاتجاه العام لتبديل الزوجات باستمرار، وعدم اعتماد الزيجات الطويلة الأمد، أو الاعتياد على زوجة واحدة لمدة طويلة، باعتبار الركون للنساء مما يورث الوهن، ويقلل العزيمة. وأذكر في هذا المجال، أن النساء قديما، يحتفظن بنشاطهن وخفة حركتهن مع تقدمهن في السنّ، ولا يتمارضن أو يشكين، فلا يكونن عبئا على ذويهن، أو يتثاقل منهن أحد. بل كن يستمررن في القيام بأنواع الخدمة رغم تقدمهن في السن. طواعية المرأة الدائمة للخدمة، وحذقها في اكتساب الفنون والمهارة والحكمة، عناصر تلجأ إليها المرأة منذ بدء نشأتها لدعم أهميتها ومكانتها داخل الجماعة القبلية أو العائلة.
ان منظومة القيم الاجتماعية والثقافية وما يتعلق بها من عادات وتقاليد، ناتجة من نمط الحياة والمعيشة وصراع البقاء، تتجاوز في أخميتها وخطورتها حدود المكان والزمان، عبر تدخلها في صياغة مستويات الوعي والشعور الفردي والجماعي المتعددة.
بيئة البداوة ونمطها القبلي المعروف في أواسط وشمال العرابيا، لم يكن منقطعا منغلقا داخل بيئته، مثل سكان الغابات القدماء في أستراليا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، وانما كانت محاطة بسلسلة من المناطق الحضرية المتوطنة ممن يحترف الانتاج الزراعي أو الحرفي أو التجارة، إضافة إلى امتداد خطوط التجارة على ساحل البحر الأحمر.
وكان أفراد من البدو يمرون ببعض الحواضر القريبة لقضاء بعض حاجاتهم ومقايضة بعض اجتمع لهم. والمنطق يفترض ان يترتب على الاتصال التجاري آثار اجتماعية وثقافية، تنتج بالتراكم تحولا اجتماعيا أو اقتصاديا، يفترض عبر عشرات القرون أن يأتي على نهاية نمط البداوة وقيمها..
ربما كان احتمل ذلك واردا ولو نسبيا جدا، ولكن الطريف والغريب في الأمر، أن العكس هو ما تحقق. فالقيم الثقافية والاجتماعية للبداوة والحياة القبلية لسكان البوادي هي التي طغت على حياة وتفكير سكان الحضر، لسبب أو آخر، وهذا يقتضي وقفة مستقلة.
ان مشكلتنا الحقيقية في أصلها، ليست البداوة كطراز معيشة، وانما البداوة كقيم ونمط تفكير. والدول التي حاولت وعملت على توطين البدو وجذبهم للاستقرار، نجحت في ذلك إلى حد كبير، ولكنها فشلت في تطوير ثقافات وعقليات ووعي البادية. وبشكل، قاد تفاقمه الزمني والدمغرافي إلى تغلب الفكر البدوي على الفكر الحضري والمدني.
وكان ظهور الاسلام مدنيا في جذوره، وهو سرّ مرموزية قريش (مكة) المركزية حتى اليوم، باعتبارها حاضرة اقتصادية ثقافية متقدمة، وكان حريا بالاسلام تعميم مدنية قريش (لاحظ مغزى تسمية يثرب بالمدينة، مقارنة بمكة التي جاء تصنيفها كقرية في القرآن)، ليشمل كلّ سكان البادية. فدخلت الحركة الجديدة في صراع ثقافي مضنٍ، برزت ملامحه في القسم الثاني من تاريخ الاسلام بعد انتقاله للمدينة، واتضحت معالمه بعد موت الرسول، معلنا غلبة البداوة على الاسلام الحضري. وهو نقطة الانشقاق الرئيسة في التاريخ والفكر الاسلامي والعربي، التي دخلت في تشظيات ومسميات كثيرة، تبعا لتعدد المرجعيات، واختلافها.
ما زالت الأرثوذكسية الاسلامية ترفض فكرة تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (الزمنية) على النص الديني، وبالتالي، فهي لا تعتبر طبيعة الخلاف والانشقاق الذي بدأ عقب موت الرسول – والبعض يعتبره اغتيل مسموما- واستمرار حالة الاحتراب والتشظيات دون العودة للوعي أو العقل والمنطق.
والغريب في هذا المر، انما بينما تجمع كل الجماعات والطوائف الاسلامية على اعتبار الاسلامدين التوحيد، ودين وحدة البشر وأخوة المؤمنين، ينقلب الجميع على ذلك بقصر تعريف الاسلام في حدود طائفتهم ويمعنون في اعلان حالة حرب بلا هوادة ضدّ الطوائف والجماعات الاسلامية والدينية الأخرى.
ولا يعترف أحدهم بدوره في عملية التدمير الذاتي الشامل.
ان أحد وجوه نقد الفكر الديني الاسلامي هو خدمته عناصر البداوة والقبلية وقيمها البدائية. وبدل الاعتراف بدور البداوة في تحقيق هزيمة العرب أمام الفرس البويهيين والسلاجقة والمغول (بدو أواسط آسيا) وصولا للترك والباكستان، يتم تعريق واقع الهزيمة وتعميق جذورها بشكل أقرب للانتحار الذاتي والجماعي.
فالاسلام المعاصر، في نسخته السلفبة، يدين لفكر ابن تيمية الذي كان شاهدا على عصر الهزيمة التاريخية ومعاصرا لتيمورلنك، بغض النظر عن لقائه به والتوسط لديه. فسلفية اليوم لا يعودون إلى زمن قوة الاسلام، وانما يقتدون بزمن الهزيمة التي لم تقم للاسلام قائمة عقبها.
الهزيمة أمام المغول، تم استحضارها في زمن الهزيمة أمام الغرب الاستعماري، في صورة الوهابية المحدثة، عندما تخذ محمد عبد الوهاب من ابن تيمية مرجعية فكرية، تؤكد الطابع البدوي والقيم البدوية في الاسلام، الذي كان في أصله ثورة على البداوة والجهل. وقد تم توظيف المتغيرات السياسية الأخيرة، وفق لوائح تعاون دولي اقليمي لردّ المنطقة العربية لزمن البداوة، تارة باستخدام شعارات سلفية بدوية متخلفة، وتارة باستخدام شعارات الدمقراطية وحقوق الانسان.
وإذا كانت البداوة قد امتهنت الانسان والمرأة والعقل وحرية الفكر في أصولها القيمية، تستمر العقلية الوهابية في امتهان الانسان والمرأة والعقل والحرية الفكرية والفردية، باسم الدمقراطية الأمريكية طبعا، ودعم النظام العالمي الذي لم يعد جديدا..
wadiobeadiblogspot.co.uk



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في علم الاجتماع القبلي (3)
- في علم الاجتماع القبلي (2)
- في علم الاجتماع القبلي (1)
- مصر ونظرية الأمن القومي الستراتيجي
- أوراق شخصية (5)
- هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..
- أوراق شخصية (4)
- الدين (و) الاستعمار
- أوراق شخصية (3)
- أوراق شخصية (2)
- مصر (و) أمريكا.. من يحتاج من؟..
- أوراق شخصية
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (5)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (4)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (3)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (2)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (1)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (3)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (2)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (1- 2)


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (4)