أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - اللُّغة وجوداً














المزيد.....

اللُّغة وجوداً


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4312 - 2013 / 12 / 21 - 20:27
المحور: الادب والفن
    


اللُّغة وجوداً


يستغرب بعضهم، تلك المخاوف التي يبديها الغيارى على لغاتهم، في ما إذا كانت تواجه أخطاراً ما، وذلك نتيجة أسباب متعددة، في طليعتها وجود سطوة لغة أو لغات أخرى على حساب لغاتهم الأم، وهي مخاوف حقيقية أثبتتها التجربة العملية عبر خط سيرالزمن، حيث أن اللغة هي روح الناطقين بها، وهي إحدى أهم العلامات الفارقة في حيواتهم، بل إن حياتها، تعني حياة أبنائها، و إن مواتها يعني زوال هذه الحياة. فلكم من أمة من أمم الأرض بسطت حضورها الحضاري من خلال لغتها!، بل وكم من أمة منها غابت عن مسرح التاريخ، وامَّحت، واندثرت، بمجرد غياب لغتها!، و في هذا ما ينمُّ عن أن اللغة-بحق- هي من أقوى الوشائج التي تربط أفراد الأمم ببعضهم بعضاً.
ومن خلال استعراض اللغات القديمة المندثرة، تؤكد الدراسات التاريخية، أن الخمسة آلاف لغة المتبقية الآن- بحسب ما تشير إلى ذلك منظمة اليونسكو العالمية- إنما استطاعت أن تستمر حتى اللحظة، نتيجة توافر شروط ديموتها، وصمودها، بل ونتيجة ارتباط أبنائها بها، وحرصهم عليها، و أن هناك أضعاف أضعاف هذا الرقم من اللغات التي رصدتها مدونة التاريخ، بيد أنها انقرضت، ولم يعد لها من أثر، وفي هذا ما يؤكد أن اللغة إكسير وروح أية حضارة، أو شعب، وإن الحفاظ عليها، ينبغي أن يكون في مستوى الحرص على الذات، أمام أي تهديد يستهدف الحياة، وفي هذا ما يرفع من شأن اللغة إلى أطم وجود صاحبها، بل إنه يمكن وبشيء من المبالغة، أو حتى التطرف، اعتبار أن من شأن اللغة أن تعيد أمتها إلى الحياة، حتى بعد زوالها، بيد أن وجود أية أمة، في معزل عن لغتها، لا يعوض عن اللغة، ولا يستعيدها، في حال مواتها.
وإذا كان الخطر على اللغات قائماً، منذ بداية التاريخ، وحتى الآن، فإنه في عصر ثورة المعلوماتية الاتصالات بات الأمر على نحو أشدّ خطورة، لاسيما أن هناك لغات محددة، وفي طليعتها الإنكليزية، قد غدت في مقدمة اللغات الأكثر شيوعاً، وانتشاراً، وسيطرة، وذلك لأنها صارت لغة الإعلام المفتوح، وبات الإقبال عليها-لاسيما من قبل أبناء الجيل الجديد- يكاد يكون على حساب اللغة الأم لهؤلاء، وقد رأينا أنه منذ استهلالة ثورة التقانة والمعلوماتية، هذه، وبروز كوننة المعلومة، بعد هيمنها، عملياً، وأخذ أدواتها المتكاثرة، بألباب الأجيال الجديدة، بل وتحولها إلى عصب الحياة، وروح الحياة، وقلب الحياة، أن كل المجريات الجديدة، تمت على حساب اللغة الأم، خارج لغة المعلوماتية"الرسمية"، إلى الدرجة التي باتت تحل مكانها، تدريجياً، وهو ما انتبهت إليه فرنسا، في وقت مبكر، بل منذ أواخر الألفية الماضية، حيث اتخذت المزيد من التدابير، من خلال تخصيص ميزانية عالية جداً، لكل ذلك لحماية لغتها، وثقافتها، وحضارتها.

إن ربط اللغة بالوجود- إذاً- على ضوء كل ما سبق هو أمر مسلم به، ومن هنا، فإن تخصيص منظمة اليونسكو يوماً في العام لكل لغة، إنما له دلالات هائلة، وفي مطلعها أن اللغة، بوصفها خزان الحضارة، والثقافة، فإنها صورة عن مسيرة أي أمة عبر التاريخ، بل إنها ثمرة حراكها عبر دورة الزمن،و أنها بوصلة الحاضر، ومفتاح المستقبل، بل يكاد المرء أن يقول: اللغة الإنسان، اللغة الشخصية، اللغة التاريخ، اللغة الحضارة، اللغة الماضي، والحاضر، والمستقبل، وإن حماية اللغة لا يقل قدراً وأهمية عن حماية الإنسان نفسه...!.


إبراهيم اليوسف
[email protected]




#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء جديدة أدب جديد..!
- مانديلا الشخصية الأسطورية
- تلاغيات سورية على أبواب -جنيف-
- حين تكون -مصر- دون فاجوميها
- حول زيارة البارزاني إلى- آمد-
- ولادة مفهوم الزمن
- موت النقد
- إلى مكاني محاصراً بالغرباء..!
- درس ميكافيلي
- حريق لا يزال مشتعلاً*
- مؤلف النص الإلكتروني في مرحلة -مابعد الموت-
- خريطة المكتبة
- المكتبة
- الأبُ الديناميُّ
- ما الأدب؟
- مشعل التمو: بورترية أول
- البُعد الرابع
- لماذا التراث؟
- عاصمة الياسمين
- -استعادة طه حسين:


المزيد.....




- فيلم -القصص- يحصد التانيت الذهبي في ختام أيام قرطاج السينمائ ...
- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - اللُّغة وجوداً