أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - إنها الإسكندرية يا صديقتي الخائفة














المزيد.....

إنها الإسكندرية يا صديقتي الخائفة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4295 - 2013 / 12 / 4 - 13:07
المحور: الادب والفن
    


’سكندريةُ محمود سعيد «ذاتُ الحليّ»/ باليرينا في دائرةْ/ عينانِ تحملانِ جنونَ الشِّعرِ/ ورقّتَهْ/ كفٌّ تحتوي كفًّا/ وقتَ يعبرانِ شارع الكورنيش/ فيتسربُ الأمانُ إلى امرأةٍ خائفةْ/ هي المرأةُ التي غافلتِ الأصابعَ الأفقيةَ/ وحرَّرتْ أطرافَها/ بعضُ الخيوطِ تمزقتْ/ واهتزتِ الطاولةْ/ لا يَهُّم!/ لأن الخطوةَ ستنتظمْ/ والضلوعَ ستبرأُ من تشنجِها.‘


****

أبسِطُ ذراعيّ وأطيرُ في الهواء، كفّي في كفّ صديقتي الخائفة. بعد برهةٍ، سنهبطُ فوق البحر. نحتسي فنجاني قهوة، ونأكل صحن حلوى البراوني «وأم عليّ» في مقهى بسان ستيفانو، ثم نتمشى على الكورنيش لننتشي بكيزان البطاطا والذرة المشوية.

حين قرّر الإسكندر الأكبر أن يُشيّدها، بحث عن قطعة طباشير ليرسم كروكي خريطتها على الأرض، فلم يجد. جلب حبوب القمح وخطّ على الرمال أماكنَ البيوت والسوق والمعبد والمسرح والمكتبة، ثم رسم حدود أسوار المدينة. عند الصباح استيقظ الأهالي فلم يجدو حبّة قمح واحدة. التقطتها الطيورُ وضاع تصميم المدينة. غضب الإسكندر المقدونيّ، ملك الإغريق وأشهر قادة التاريخ العسكريين، وأكبر الفاتحين على مر الزمان، وكست ملامحُ التشاؤم وجهه. فالطيرُ تلتهم الحبوبَ نذيرُ شؤم وويل. لكن حاشيته هدّأت من روعه وطمأنه العرّافون قائلين إن ما حدث دلالة خير، وإشارة إلى أن تلك المدينة التي ستحمل اسمه ستكون محطًّا لكل شعوب العالم ووطنا للفنانين والشعراء. وصدق الُمنجّمون.

إنها الثغر الشهيّ. أجمل مدن العالم. بحرُها، لا يشبه بحارَ الدنيا. سماؤها، لا تشبهها سماواتٌ أُخر. عبيرُ اليود المنثور كالشذا في جوّها، لا تُخطئه الحواسُّ، ولا تشبع من ظمأه روحُ فنّان. لهذا لا نندهش أن نبت من أرضها علماءُ وفنانون، وطافت في رحابها رموزٌ بشرية فريدة وفرسانٌ من شتى صنوف العلوم والفنون. فإضافة إلى مُشيّدها الإسكندر المثقف، تلميذ أرسطو الذي لا ينام إلا والإلياذة تحت وسادته، هناك أفلاطون أشهر فلاسفة التاريخ، وربيبه أفلوطين، وأرشميدس فارس الفيزياء، وزينزدوتوس فارس اللغة، وديمتريوس الفاليري أول أمناء بيبلوتيكا مكتبة الإسكندرية القديمة، وأريستارخوس الساموتراقي آخرهم، وكليوباترا السابعة فارسة السياسة البطلمية التي دوّخت بدهائها الزعماءَ، وإقليدس فارس الهندسة والرياضيات، وهيباثيا فارسة الفلسفة والهندسة، ومنيلوس فارس الفلك والرياضيات، مرورًا بكفافيس العظيم فارس الشعر الأشهر، وعصمت داوستاشي الرسام العظيم، ومحمود سعيد، فارس البورتريه الذي نحتت ريشتُه وجوه حسناوات الإسكندرية السمراوات. أولئك ومئات غيرهم من رموز الشعر والتشكيل والموسيقى والنحت والعمارة والسياسة، سكنوا الإسكندرية، انتهاءً بصديقتي الخائفة، ليلى بخيت.

«ليلى» تعيش في سيدنى بأستراليا. مصريةٌ تعشق تراب بلادها مثل كل مصريّ شريف لا تعبث بمشاعره الغربةُ والترحال. في كل مرة تجلس مع أسرتها لتخطط إلى أين يسافرون ليقضوا أجازتهم، تفكّر في بلدها. لكن الإرهاب الأسود يملأ قلوبهم الطيبة بالرعب، فيرفعون سن القلم على الخريطة عن نهر النيل، ليستقر فوق جزر هاواي أو باريس أو سنغافورا. هذا العام قررت كسر الخوف وطارت إلى مصر. حطّت رحالها في الإسكندرية، مسقط رأسها. فكان عليّ السفر إليها لأمسك يدها وأصطحبها للقاهرة، فنزور الأهرامات وندخل الأوبرا، ونركضُ في الحدائق. لكنني عدتُ وحدي دون ليلى! زوجها العاشق يهاتفها من سيدني كل ساعة ليطمئن على رفيقة عمره ويحذّرها من مغادرة البيت، وهو يشاهد على الشاشات جرائم إخوان الشيطان في حق المصريين.

صديقتي ليلى، تعالي ولا تخافي. فالإرهابُ إلى زوال قريب، ومصرُ محروسة في كفّ السماء. قال كتابُك فيها: “مباركٌ شعبي مصر»، وقال فيها كتابي: “ادخلوا مصرَ إن شاء اللهُ آمنين.” أنتظرك أيتها الجميلة الخائفة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتلْ معارضيك
- الفيلم المسيء للإسلام
- مرسي وكتاب التاريخ
- شريهان، العصفور الذي عاد
- أنهم يسرقون الله!
- أفتح الجاكيت، أقفل الجاكيت
- سيفٌ في يد الشيماء
- بسطاؤها نُخبة
- عمر خيرت.. فارسُ الحرب القادمة
- الله أكبر أيها الأشرار!
- ماسبيرو... الهرم العائد
- بيسكليت في جامعة أسيوط
- هويدا، أخلفتُ وعدي معك!
- بلكونة مصرية، وإبهامٌ مفقود!
- -متكسروش بخاطر مصر-
- بلبل لبنان الذي طار
- مراسلات أدباء مجانين
- لماذا نحب؟ وكيف نكره؟
- الست مبسوطة، أغنى امرأة في مصر
- سيدني، وتعويذة الفراعنة


المزيد.....




- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...
- اليوميات الروائية والإطاحة بالواقع عند عادل المعيزي


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - إنها الإسكندرية يا صديقتي الخائفة