أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - شريهان، العصفور الذي عاد














المزيد.....

شريهان، العصفور الذي عاد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 23:27
المحور: الادب والفن
    




(ديباجة)

هل رأيتم من قبل عصفورًا يملأ الدنيا تغريدًا ورقصًا؟ يرسم في الفضاء بجناحيه، وجسده النحيل، تابلوهاتٍ أوبراليةً راقصةً، ثم يلوّن التابلوهات بقطرة من ألوان ريشه؟
هل يمكن لهذا العصفور أن يختار قفصًا من الفولاذ، يفتح بابه ويدخل، ثم يركل البابَ بقدمه، ويمكث في القفص وحيدًا سنواتٍ طوالا، كيلا ترى جراحَه عين، أو تسمع أنينَه أُذُن؟
***

جميعُنا شاهد هذا العصفور، وأحببناه. كلٌّ منّا بحث عن القفص الذي تاه بين الحدائق والغابات. سألنا الشجرةَ فقالت: "أنا مثلكم أفتقدُ زقزقته بين أغصاني. ابحثوا عنه في الغابة الأخرى، وارجعوا لي بخبر عنه.” سألنا الزهرَ الذي مررنا به، فقال: "مازلنا ننتظرُ رقصته التي كانت تجعلنا نمدُّ أعناقنا لنشاركه الرقصَ، لولا أن جذورنا مُكبّلةٌ في الطمي! لكننا رقصنا معه بسيقاننا وأوراقنا. ابحثوا عنه وردّوا إلينا الخبر.” بحثنا عنه طويلا لكي نفتح بابَ القفص، ونحرِّرَ العصفور الحبيس في معتقله الاختياريّ. لكن أحدًا لم يعثر على القفص، ولا على العصفور.
عصفورٌ عنيد. كان يختبئ عن عيوننا، ويسمع نداءاتِنا، فلا يبالي. يسمع الأشجار والأزهار التواقة إلى صدحه ورقصه، فيهمسُ : "لم يحن وقتُ العودة. أمهلوني حتى أطيبَ وأُشفَى وأعود إليكم جميلا كما عرفتموني."
كان العصفورُ مجروحًا، ينزفُ. فقرّر أن يتجرّع الوجعَ ووحيدًا. أبتْ كبرياؤه أن تلمحَ في عيوننا نظرةَ إشفاق أو عطف. رفضَ أن يسمع عبارة مثل: "انظروا العصفورَ الذي ملأ الدنيا غناءً كيف صمت! انظروا الساحرَ الذي لوّن السماءَ بألونه ورقصه، كيف أقعدَهُ المرض!”
ذات يومٍ، هجمت على البلدة جماعةٌ من اللصوص، تقتل الأبناء وتسرق الزرع وتهدم البيوت. هنا قرر العصفورُ أن يتوكأ على ألامه ويخرج ليحمي وطنَه. تحوّل وجعُه إلى قوّة. واستحال أنينُه الواهنُ صراخًا كالرعد في وجه العدو، وأضحى نزفُ جناحيه الضعيفين سيفًا شُرِعَ مع سيوف الرفاق، تزود عن الأرض والعِرض. فنجتِ البلدةُ من الغزو، ونجا العصفورُ من جروحه.
***
إنها "شيريهان". العصفورة الجميلة التي اختبرها المرضُ، فابتسمتْ في وجهه قائلة: “سلامُ الِله عليكَ أيها المرضُ، ورحمتُه وبركاته. أهلا بك يا آلام. اليومَ فقط عرفتُ أن الَله يُحبُّني فأرسلَ لي ابتلاءً لكي يختبر إن كان حبيّ له مكافئًا لحبه لي. اصعدْ أيها المرضُ برسالتي إلى الله وخبّره أنني استلمتُ هديته وفرحت بها.”
شكرتْ ربَّها على مرضها وفرحت به مثل طفلة تلاعبُ نحلةً، ولا تعلم أن فيها لسعًا ووجعًا. فما كان من النحلةِ إلا أن خجلت ومنحتها الشهدَ المُصفَّى.
حين أشعلَ المصريون ثورتهم في 25 يناير 2011، خرجت معهم لتحررَ مصرَ من الظلم والفقر والجهل والمرض. وحين سرق اللصوصُ ثورة الشعب، خرجت من جديد يوم 30 يونيو 2013، لتنتزع الثورةَ من أنياب الوحوش الكواسر. المتمردة الحرون، كانت يدًا بيد مع شباب حملة "تمرد"، فكانت مثلهم أحدَ صُنّاع الفرح. داستِ المرضَ بحذائها، ورفعت عينيها إلى السماء، فأرسل لها اللهُ هديةً في صندوق، مربوط بعلم مصر. فتحتِ الصندوقَ، فوجدت الشفاءَ، مغلّفًا بتحرر الوطن.
أهلا بعودتك إلينا أيتها الخُلاسيةُ الجميلة، وإليكِ أهدي هذه القصيدة:
"هي أنا الخُلاسيةُ/
التي تركتَها سنواتٍ تُربّي شَعرَها/
في ضواحي إشبيليّة/
وتغزلُ مع الغجرياتِ فساتينَ واسعةً بكرانيشَ زرقاءَ/
تناسبُ أحزانَ الفلامنكو./
بشرتُها/
لوّحتها الشمسُ/
والنجومُ سقطتْ، لتُرصِّعَ جدائلَ، جاوزتِ الخِصرَ/
تتماوجُ في الهواء، مع قدمين، تدقّان الأرضَ، على إيقاع الكاستينيت./
هي أنا الخلاسيةُ/
ترقصُ في دوائرَ منذ دهور/
فمتى يعودُ إليها الفرحُ/
كي تُحرّرَ الضفائرَ، من شرائطها؟"
‫-;---;-------
* من ديوان: "صانع الفرح". دار "ميريت" 2012



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنهم يسرقون الله!
- أفتح الجاكيت، أقفل الجاكيت
- سيفٌ في يد الشيماء
- بسطاؤها نُخبة
- عمر خيرت.. فارسُ الحرب القادمة
- الله أكبر أيها الأشرار!
- ماسبيرو... الهرم العائد
- بيسكليت في جامعة أسيوط
- هويدا، أخلفتُ وعدي معك!
- بلكونة مصرية، وإبهامٌ مفقود!
- -متكسروش بخاطر مصر-
- بلبل لبنان الذي طار
- مراسلات أدباء مجانين
- لماذا نحب؟ وكيف نكره؟
- الست مبسوطة، أغنى امرأة في مصر
- سيدني، وتعويذة الفراعنة
- العذراءُ في بيتي!
- النورُ في نهاية النفق
- وثالثهما الشيطان
- ازدراء الأديان فى شريعة الإخوان


المزيد.....




- معرض علي شمس الدين في بيروت.. الأمل يشتبك مع العنف في حوار ن ...
- من مصر إلى كوت ديفوار.. رحلة شعب أبوري وأساطيرهم المذهلة
- المؤرخ ناصر الرباط: المقريزي مؤرخ عمراني تفوق على أستاذه ابن ...
- فنانون وشخصيات عامة يطالبون فرنسا وبلجيكا بتوفير حماية دبلوم ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية.. -بين أو بين-... حين يلتقي ال ...
- إبراهيم قالن.. أكاديمي وفنان يقود الاستخبارات التركية
- صناعة النفاق الثقافي في فكر ماركس وروسو
- بين شبرا والمطار
- العجيلي... الكاتب الذي جعل من الحياة كتاباً
- في مهرجان سياسي لنجم سينمائي.. تدافع في الهند يخلف عشرات الض ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - شريهان، العصفور الذي عاد