أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - سيفٌ في يد الشيماء














المزيد.....

سيفٌ في يد الشيماء


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 03:07
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


مجلة نصف الدنيا

(ديباجة)

حرّة قوية مثقفةً واعيةً مالكةً زمامَ أمرها، كانت قبل أربعة عشر قرنًا. لا أحدَ يقمعها ولا تصدعُ إلا لما يُقنعُ عقلَها. أما التبعيةُ والانهزام والانسحاق تحت سطوة رجل مأزوم، فليس إلا بعضَ بدع السيادة البطريركية والفاشية الوهابية المستحدثة، التي جعلت من المرأة ’شيئًا يُمتَلكُ‘!
بمناسبة رأس السنة الهجرية، كل عام و"نصف الدنيا" بخير، وأهديكِ عزيزتي، هذا المقال.


***

فاطمة ناعوت
[email protected]

هل شهدنا وجهًا أجملَ من وجهها وأحسَم؟! هل سمعنا صوتًا أشجى من صوتها وأعذب؟!هل رأينا قوامًا أرشقَ من قوامِها وأمشَق؟! هل صادفنا روحًا أقوى من روحها وأنبل؟! عن الشيماء أختِ الرسول في الرضاعة، أتحدث. كما رسمتها ريشةُ الروائيُّ "علي أحمد باكثير"، وتصوّرتها عدسةُ المخرج "حسام الدين مصطفى"، وأنطقَها السيناريست "صبري موسى". وكما جسّدتها الفاتنة "سميرة أحمد"، بشدو الساحرة "سعاد محمد"، وقصائد الشاعر "عبد الفتاح مصطفى" وموسيقى "بليغ حمدي”.
ألفُ سببٍ يجعلُني أضعُ "الشَّيماء" دُرّةً بين بدائع الزمان، كواحد من أعظم أفلام السينما؛ الذي يستحق أوسكارات عدّةً. اكتمالٌ فنيّ بديع في الكتابة والسيناريو والحوار. وتلك البَحّة العبقرية في صوت سعاد محمد، والتناغم السماويّ بين نبرتِها النُحاسيّة الدافئة، وملامح سميرة أحمد الحادّة الفاتنة. بوجهِها الذي يليقُ بامرأة تامةِ الأنوثة، تامةِ الوعي، تامةِ البأس، في آن. ذاك أن قوةَ الشخصية، لدى المرأة، لا تناقضُ الأنوثة، بل هي أهمِّ أركانها، عطفًا على الثقافة وامتلاك ناصية الإرادة والمرجعية. ثم القصائدُ الفتْنةُ: "حسْبُهُ اللهُ مَعَه، كَمْ ناشدَ المختارُ ربَّه، واجريحاه، رويدكم تمهلوا!"
كانت للمرأة في تلك الحقبة السحيقة مكانةٌ رفيعة. حُرّة تملكُ أمرها. ومن ثَم فما "قاسم أمين" بمحدثٍ جديدًا حين نادى بتحريرها! إنما قصد أن تعودَ سيرتَها الأولى. جاء بيتَها حشدٌ من شرفاء قريش لتطربهم شاديةُ بني سعد، الشيماءُ، بصوتها الجَليّ، فهتفت فيهم: "ويحَكم! أجاريةٌ تُؤمَر؟ بل حرةٌ أغنّي ما أشاء وقتما أشاء.” وحينما أهانها عِكرمةُ بن عمرو بن هشام، سيد شباب قريش، لم تنصع لجبروته، ولم تصدع لأمره، ولا رهِبَتْ بطشَه، بل رمته بـ"الجَهول بن أبي جهل"، ثم رفعت عليه السيفَ ووخزت عنقَه على مرأى الناس قائلةً: “لا يتكلمُ عن الأدبِ مَن عدِمَه!”؛ فأضحكتْ عليه القبيلة. لم يُعنفّها زوجُها "بجاد"، الساحر أحمد مظهر، ولا قمع لها رأيًا، فبادلته احترامًا باحترام.
ثم تُعطي الشيماءُ درسًا رفيعًا في الحبِّ الرفيع، وكذا التمنّع عن الحبيب، إن تعارض القلبُ مع العقل. حرّمتْ نفسَها على زوجها، هي العاشقةُ له، حتى يؤمن. وفي هذا شَدَتْ بأعذب الشعر، وأنقى ما تجودُ به حنجرةٌ، حتى كاد الصوتُ يقطرُ دمعًا حين دخلوا عليها الخيمةَ حاملين زوجها الجريح:
"واجريحاه/ وما يدري جراحي/ كمْ قتيلٍ في الهوى دون سلاحِ/ كنتَ لي زادًا وريًّا وغرامًا يحتويني في مسائي وصباحي/ قد غدا وصلُك لي غيرَ مُباحِ/ ليتَ قلبي يُطلِقُ اليومَ سراحي./ في صِبانا كمْ غفونا حالميْن/ وصحونا فغدونا عاشقيْن/ ومضينا بالهوى نلهو ونشدو/ وانتبهنا/ والليالي قد مَضَيْن/ آفترقنا؟/ أمْ على وَشْكِ افتراق؟/ وانتهينا أم لنا في الحبِّ راقْ؟/ يا جريحا دمُهُ الغَنيُّ مُراقْ/ إنَّ جُرحيَ فيكَ نارٌ واحتراقْ./ ربَّنا اغفرْ لي إذا قلتُ أحبُّه/ إنما أطمعُ أنْ يُبصِرَ قلبُه/ إنْ يكن حبي له ذنبًا/ فحسبي من رجا الغفرانِ/ إذْ يَهديه ربُّه/ يا إلهي قد نئا دربي ودربُه/ فإذا لم تهدِه/ لا كان حُبًّه."
هكذا كانت الشيماءُ بنت الحارث، وأضرابُها من العربيات قبل خمسة عشر قرنٍا: ذكيّاتٍ رشيقاتٍ ذواتِ إرادة، لا يشبهن أولئك المُصدّعات شكلا وروحًا ممن نصادفهن اليومَ: كائناتٍ مملوكةً، كأنهن، كما قال "ابن رشد": "نباتاتٍ، يعشن ويمُتن لصالح آخرين!”
كانت العربيةُ سيدةَ نفسها، سيفٌ في يدها، وعقلٌ في رأسها، قبل أن يرسمَ لها النِفطُ والمجتمعُ الظلاميُّ ملامحَ شائهةً لتغدو "شيئًا" مُستَهلَكًا مُستهلِكًا. يستهلكُها الرجلُ كبعض مِتاع، وهي بدورها تستهلكُ حياتَها في الاستهلاك والتسوّق!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسطاؤها نُخبة
- عمر خيرت.. فارسُ الحرب القادمة
- الله أكبر أيها الأشرار!
- ماسبيرو... الهرم العائد
- بيسكليت في جامعة أسيوط
- هويدا، أخلفتُ وعدي معك!
- بلكونة مصرية، وإبهامٌ مفقود!
- -متكسروش بخاطر مصر-
- بلبل لبنان الذي طار
- مراسلات أدباء مجانين
- لماذا نحب؟ وكيف نكره؟
- الست مبسوطة، أغنى امرأة في مصر
- سيدني، وتعويذة الفراعنة
- العذراءُ في بيتي!
- النورُ في نهاية النفق
- وثالثهما الشيطان
- ازدراء الأديان فى شريعة الإخوان
- نجاح جمعة الحسم
- القبض على -الصوابع- وحذاء المرشد
- انتي مش أمّ الشهيد، انتي أرض


المزيد.....




- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - سيفٌ في يد الشيماء