أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الجزء الأوّل من كتاب :آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية .















المزيد.....



الجزء الأوّل من كتاب :آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية .


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4279 - 2013 / 11 / 18 - 21:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية .

ردّ على مقال " ضد الأفاكيانية "
لصاحبه آجيث الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري.
-----------------------------

------------------------------------
إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم . فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي .

( ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "12 مارس/أذار 1957 "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ص21-22).

--------------------



" كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية ".

( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة "، 2005).



مقدّمة :
فى أواسط شهر جويلية 2013 ، أطلق آجيث الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري قذيفة مدوّية فى إطار صراع الخطين العالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية . فقد نشر مقالا جاء فى ما يناهز المائة صفحة ، ضمن العدد الرابع من مجلّة حزبه " نكسلباري" ، ليشنّ هجوما ضاريا شاملا تقريبا على ما أطلق عليه إسم " الأفاكيانية " . و بذلك يبلغ صراع الخطين أوجه و قمّته من جهة مناهضي الخلاصة الجديدة للشيوعية و لا نتوقّع أنهم سيقدرون على شنّ هجوم آخر بهذا الحجم وكلّ ما قد يصدرعنهم فى قادم الأيّام هو مجرّد توضيحات أو لن يصدرعنهم شيئا بعد ذلك لأنّ " ضد الأفاكيانية " هو قمّة ما يستطيعون قوله و لا نستبعد أن يعدّوه خاتمة الكلام . و طبعا من المتوقّع أن تصدر فى المستقبل المنظور ردودا عليه من أنصار هذه الخلاصة ، كما من المتوقّع أن يبلغ النقاش مستويات متقدّمة للغاية .
و قد إطلعنا على مقال آجيث فى ذات الشهر ، جويلية ، إستغربنا أن تخرج علينا الحركة الشيوعية الماوية – تونس ببيان " ضد الخلاصة الجديدة " تنسب فيه الوثيقة الهندية إلى الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي ) و الحال أنّ هذا الحزب لم يفعل سوى إصدار رسالة مفتوحة قصيرة يدعو فيها الأحزاب و المنظّمات القريبة من مجلّة " الطريق الماوي " إلى تبنّى هذا المقال !
صراحة و نحن نطالع ما كتبه آجيث جلبت إنتباهنا فى البداية ، أمور ثلاثة هي أوّلا ، السعي المحموم للمقال ليكون شاملا و ساحقا دون القدرة على ذلك ؛ ثانيا ، الكمّ الهائل من المراجع المعتمدة و التى تعود غالبيتها إلى ثمانينات القرن العشرين ؛ و ثالثا ، أسلوب جدال غير مقنع يعتمد الروايات الذاتية للأحداث و التأويلات المغرضة لمضامين الإستشهادات. كان ذلك أهمّ ما خرجنا به من قراءة أولى سريعة بدافع الفضول أكثر منها قراءة متأنية القصد منها الدراسة و البحث و النقد .
ثمّ أخذتنا أمواج القضايا الحارقة المحلّية ومشاريع الكتابات التى تنتظر الإنجاز إلى شواطئ أخرى لنشتغل على مواضيع فرضت ضرورتها علينا فرضا . ولمّا طلعت علينا الحركة الشيوعية الماوية –تونس ببيانها المهزلة " ضد الخلاصة الجديدة " ، كان لا بدّ من إيلاء البيان الذى تبنىّ مقال آجيث ذاك صراحة ، العناية التى يستحقّ فصغنا ردّا مباشرا عليه بعد أن دعونا الماركسيين – الليننيين – الماويين إلى دراسته ونقده ، غير أنّنا فوجئنا بوخز جملة ما إنفكّت تلحّ على تفكينا ليل نهار ألا وهي " هذا غيركافي لإنارة السبيل للرفيقات و الرفاق و للنهوض بالواجب الأممي للدفاع عن علم الثورة البروليتارية العالمية " ، بمعنى أنّه يترتّب علينا كتابة شيء عن " ضد الأفاكيانية " عينه و ليس فحسب ضد من تبنىّ " جوهره " دون توضيح حتى ما المقصود بذلك .
و بدت المهمّة بحجم جبل أوّلا لأنّ من سنواجه ليس أقلّ من شخصية مرموقة كانت تحضي بتقدير أنصار الحركة الأممية الثورية التى كان أحد أبرز قادتها سابقا و ثانيا لأنّ مقتضيات البحث العلمي الجدّي تستدعى العودة إلى المراجع و التدقيق فيها ، فى الفقرات و الجمل و الكلمات ، وهو أمر لعمري شاق بل شاق جدّا ؛ وثالثا لأنّه لا وجود لنسخة عربية لنصّ آجيث . بيد أنّنا تذكّرنا إستعارتنا فى مقال لنا سابق لكلمات بيت شعر لأبى القاسم الشابي " من لم يتعوّد صعود الجبال ، يعش أبد الدهر بين الحفر " لحثّ الرفاق و الرفيقات على خوض غمار صراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيوعية ، و عندئذ لم نجد من مناص من تلبية نداء الحاجة و العمل وفق ما أكّد عليه ماو تسى تونغ من قيام الشيوعيين بالدور الطليعي والنموذجي ف" دور الشيوعيين الطليعي و النموذجي ... هو أمر ذو أهمية جسيمة ..."( المجلّد الثاني من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، الصفحة 274 ).
و عقب إنتهائنا من كتاب أوّل عن صراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيوعية ( وعنوانه " صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية : هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربياّ." وقد نشرت بعدُ معظم محتوياته وهو متوفّر فى شكل كتاب بي دي أف بمكتبة الحوار المتمدّن ، و ندعو طبعا لدراسته بجدّية - العددان 14 و 15 / أكتوبر 2013 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" و مزيد التفاصيل بالملحق الأوّل ) لم يبقى إلى تأجيل متابعة العمل من سبيل وها نحن نقتحم مجالا جديدا ونشقّ طريقا إلى المساهمة فى سجال عالمي لا محيد عنه و نبحر مع أوّل مغامرة من نوعها متأكّدين أنّه لا محالة ستشوبها بعض النواقص التى سنسعى جاهدين لأن تكون ثانوية و ثانويّا للغاية و نرحّب بكلّ صدر رحب بالنقد و نظلّ منفتحين على التعلّم على الدوام .
وكي نيسّر عملنا و خدمة للقرّاء باللغة العربية ، راسلنا شادي الشماوي و سألناه هل عمل أو سيعمل على ترجمة مقال آجيث فكانت إجابته قطعية بنعم أرفقها بصورة رأس ضاحك و بملاحظتين هما أنّ الأمر قد يستغرق بعض الوقت لطول الوثيقة الهامة و أنّه على إستعداد تام لتعريب بعض الإستشهادات بالسرعة القصوى المطلوبة ، فأزاح هذا من أمامنا واحدة من العراقيل الهائلة و أقبلنا على العمل إقبالا نهما مفعمين بحماس لم ينطفئ و لم يخب طوال المدّة التى إستغرقها البحث و لمن مدّ لنا يد العون نحن بلا أدنى شكّ شاكرون .
و عندما إنكببنا على الدراسة والنقد تبيّن لنا أنّ هناك نقاط قد تطرّقنا إليها فى ما أنف من مقالاتنا ولا حاجة إلى تكرار ما جاء فيها أو تطرّقت إليها الكتابات السابقة لأنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية و عالجتها على أفضل وجه . لذلك فى هذا البحث لن نُعنى مباشرة بالمسائل التالية :
1- الديمقراطية فى ظلّ الإشتراكية فالفصل الثاني" نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشتراكية " من كتاب شادي الشماوي " الماوية تنقسم إلى إثنين" يعرض وجهتي النظر بشكل واضح ( موقع الحوار المتمدّن ).
2- الحقيقة الموضوعية و الحقيقة السياسية و التحزّب و العلم الطبيعي و العلم الإجتماعي قد عالجها من جميع الجوانب الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة فى رسالته لغرّة ماي 2012 إلى الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية و فى ردّه سنة 2006 على مقال آجيث فى ذات الفصل الثاني المذكور أعلاه تحت عنوان " النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية " ؛ كما عالجتها بشكل جيّد المنظمة الشيوعية الثورية - المكسيك فى " الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي " فى ماي 2012 والوثيقة متوفّرة فى ذات كتاب شادي الشماوي ، على وجه الضبط فى فصله الخامس.

3- النظرية و الممارسة و الحتمية فقد تطرّقنا إليها فى الردّ (3) على الهجوم اللامبدئي لمحمّد علي الماوي على الخلاصة الجديدة للشيوعية و عنوان ذلك الردّ هو " الخلاصة الجديدة للشيوعية هو ما تحتاجه الثورة البروليتارية العالمية اليوم " وهو متوفّر على الأنترنت بموقع الحوار المتمدّن .
و محاور مقالنا هذا هي النقاط الآتي ذكرها :

1- جوانب من الصراع صلب الحركة الأممية الثورية :

أ- إنشقاق وتكتّل ضد الخلاصة الجديدة للشيوعية دون نقاشها !
ب- تبرير براغماتي أداتي لإمضاء بيان مشترك مع حزب تحريفي .
ت- من يتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الحركة الأممية الثورية ؟

2- آجيث يرسم صورة سوداء قاتمة للحزب الشيوعي الثوري :

أ- إعترافات جزئية للغاية سرعان ما يقع الإنقلاب عليها .
ب- صورة سوداء قاتمة حقّا .
ت- هل تصمد هذه الإفتراءات أمام الوقائع العنيدة و الحقائق العديدة ؟

3- " ضد الأفاكيانية " ، من أجل ماذا ؟

أ- الماركسية – اللينينية – الماوية ،الماوية رئيسيّا !
ب- مسألة " ما بعد الماوية ".
ت- وحدة علم الشيوعية أم تعدّده ؟

4- منهج تغلب عليه الذاتية و البراغماتية :

أ- روايات ذاتية للتاريخ .
ب- تأويلات مغرضة للإستشهادات.
ت- البراغماتية والأداتية .

5- آجيث و تلخيص الموجة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية : نعم قولا و لا فعلا !

أ- مهمّة ملحّة ، لكن !
ب- الإلتفاف على نقد أفاكيان الرفاقي للينين و ماوتسى تونغ.
ت- خلط الأوراق و تأجيل المهمّة الملحّة .

6- مراحل أو لا مراحل فى تطوّر الثورة الشيوعية العالمية :

أ- مسألة قارة فى هذا الجدال العالمي .
ب- جديد آجيث .
ت- تضارب صارخ فى أقوال آجيث !


7- نقد الدين و الثورة البروليتارية العالمية :

أ- أسباب نموّ الأصولية الدينية .
ب- حقيقة موقف الحزب الشيوعي الثوري بهذا الصدد.
ت- العراق و أفغانستان و " الوطنية " .

8- من يشوّه لينين و ماو؟ و من يدافع عنهما دفاعا مبدئيّا ؟

أ- مسألة " اللينينية كجسر " .
ب- القيادة و عبادة القادة .
ت- دور أفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري فى تأسيس الحركة الأممية الثورية .

9- من يشوّه الأممية البروليتارية ؟ و من يرفع رايتها عاليا ؟
أ- الأساس الفلسفي للأممية البرولتارية : جدلية الداخلي و الخارجي .
ب- توجيه الضربات للأعداء الواحد تلو الآخر ؟
ت- الثورة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية والأممية البروليتارية .
ث- الأممية البروليتارية و الدفاع عن الدولة الإشتراكية .
ج- لينين و مفهوما الأممية البروليتارية .
10 – تكتيك الجبهة المتحدة العالمية ضد الفاشية ، تكتيك إصلاحي أم تكتيك ثوري ؟

أ- التمييز بين الفاشية والديمقراطية البرجوازية ،هل يعنى وجود إمبريالية عدوانية و إمبريالية غير عدوانية ؟
ب- بماذا يُفسّر هذا الإنحراف اليميني المناهض للينينية ؟
ت- نقد ماو و " نظرية العوالم الثلاثة ".

11- نظرية الأزمة العامة للرأسمالية والحرب :
أ- نظرية الأزمة العامة للرأسمالية – الإمبريالية .
ب- دور الحروب الإمبريالية .
ت- التناقض الأساسي و الفوضي .
ث- التهجّم على الحزب الشيوعي الثوري يعنى التهجّم على الحركة الأممية الثورية ككلّ .

12- الوضع العالمي واقعيّا !

أ- آجيث و الموجة الجديدة للثورة البروليتارية العالمية.
ب- ما هذا " الربيع العربي " ؟
ت- البراغماتية و حقيقة الوضع العالمي .

13- المسألة الوطنية فى البلدان الإمبريالية :

أ- جوهر الموقف اللينيني .
ب- شوفينية الحزب الشيوعي الثوري المدّعاة .
ت- من يدافع عن اللينينية دفاعا مبدئيّا و من يطعنها فى الظهر؟

14- المسألة الوطنية فى البلدان المضطهَدة :

أ- مهمّة قائمة و لكن من أي منطلق نعالجها كشيوعيين؟
ب- نقد أفاكيان لماو تسى تونغ نقد مبدئي صحيح.
ت- الإمبريالية و جدلية الداخلي و الخارجي و العالم ككلّ أوّلا !

خاتمة :
المراجع :
الملاحق :
1- الملحق الأوّل : من أهمّ وثائق مناهضي الخلاصة الجديدة للشيوعية و مناصريها .
2- الملحق الثاني : إطلالة على بعض أعمال بوب أفاكيان.
3- الملحق الثالث : إطلالة على بعض وثائق الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية .
4- الملحق الرابع : محتويات نشرية " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " ( الأعداد 1 إلى 15 بقلم ناظم الماوي. )


====================================================






1- جوانب من الصراع صلب الحركة الأممية الثورية :
ماديّا جدليّا ، الصراع داخل الحركات و داخل الأحزاب أمر عادي و طبيعي و بعبارة أخرى إنّ كلّ حركة و كلّ حزب وحدة أضداد / تناقض مثلما هي كلّ سيرورة و كلّ ظاهرة و كلّ شيء . و الصراع مطلق و الوحدة نسبية . و عليه نهائيّا لا يستغرب من يفهم المادية الجدلية كما طوّرها لينين ثمّ ماو تسى تونغ من حدوث صراعات حتى صلب الأحزاب الشيوعية فما بالك بصراعات صلب حركة عالمية كالحركة الأممية الثورية . و واهم و مثالي ميتافيزيقي من يبحث عن وحدة مطلقة و الحال أنّها نسبية . و الوحدة الثورية لن توجد إلاّ نتيجة صراع مبدئي دؤوب يقوم على خدمة الشيوعية كغاية أسمى إنطلاقا من الإعتراف بالحقيقة الموضوعية كأساس مكين لتغيير العالم ثوريّا من وجهة نظر البروليتاريا العالمية.
أ- إنشقاق و تكتّل ضد الخلاصة الجديدة للشيوعية دون نقاشها :
وفق وثائق الأحزاب والمنظّمات المنتمية للحركة الأممية الثورية ، هناك ضوابط و نواميس للصراع الداخلي صاغتها الحركة و أرستها جماعيّا بناء على مبادئ الماركسية – اللينينية – الماوية حتى يجري الصراع بين مختلف وجهات النظر الموجودة موضوعيّا أو التى تظهر بحكم تطوّر مجريات الصراع الطبقي محلّيا و عالميّا و تعمّق الصراعات الإيديولوجية و السياسية و بالتالي فهم المشاركين فى الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج و التجربة العلميّة . و قد وقعت الإشارة أيضا فى بعض الوثائق إلى نشرية داخلية للحركة هي " صراع / نضال " [ ستراغل ] صدرت منها عدّة أعداد نشرت فيها على سبيل المثال فى 2006 وجهة نظر آجيث حول نظام الدولة الإشتراكية و ردّ الحزب الشيوعي الثوري عليه . ( وجهتا النظر متضمنتان فى كتاب شادي الشماوي " الماوية تنقسم إلى إثنين " ، على موقع الحوار المتمدّن ).
و قد عرفت الحركة دون أدنى ظلّ للشكّ منعرجات و إلتواءات إحتدّ فيها الصراع الداخلي حول الثورة الماوية فى البيرو فى تسعينات القرن العشرين و الثورة الماوية فى النيبال منذ أواسط العشرية الأولى للألفية الجديدة و غيرها ممّا سجلته علنيّا رسالة غرّة ماي 2012 التى توجه بها الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأحزاب و المنظمات المنضوية تحت راية الحركة الأممية الثورية.
و لكن حسب رواية آجيث ذاته ، الصراع إنطلق فى 2009 أي لماّ تكتّلت مجموعة من الأحزاب و أصدرت بيانا خاصا بها ما يعدّ بوضوح إنشقاقا . ثمّ فى بيانات تالية أعلنت عن وفاة الحركة الأممية الثورية و عملها على إيجاد منظّمة عالمية أخرى . كلّ هذا التكتّل ضد الخلاصة الجديدة للشيوعية جاء أساسا دون نقاش واسع داخل صفوف الحركة و خارجها و قبل القيام بذلك .
فمثلا " ضد الأفاكيانية " لم يكتب و يوزّع على النات إلاّ فى صائفة 2013 ( جويلية على وجه الضبط ) و التكتّل وفق رواية القائد الهندي تمّ فى 2009 أي أتى النقاش العميق بعد أربع سنوات من التكتّل و الإنشقاق . و لن يفوتنا بالطبع أن نذكر أن الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني قد بدأ الجدال ضد الخلاصة الجديدة للشيوعية كتابيّا و علنيّا منذ 2010. غير أنّ حتى هذا الجدال الذى لم يكن بعمق ما كتبه الهندي جاء عقب الإنشقاق و التكتّل .
و من قام بجولة متأمّلة فى وثائق الحزب الأفغاني و الردود عليها و وثيقة القائد الهندي الأخيرة يكون على الأرجح قد تفطّن إلى إختلافات فى وجهات النظر و من ذلك على سبيل الذكر لا الحصر خلافات حول مسألة دكتاتورية البروليتاريا التى يدعى الحزب الأفغاني أن الحزب الأمريكي تخلّى عنها غير عابئ بالحقيقة الموضوعية ، فى حين أن ّ آجيث فى " ضد الأفاكيانية " يناقش ذات المسألة و بخاصة كيفية تطبيق دكتاتورية البروليتاريا لدي الحزب الأمريكي ، و فوق هذا يورد إستشهادات تفنّد - عن غير قصد نتوقّع - التفاهات التى أشاعها الحزب الأفغاني بهذا الصدد و الإتهامات المردودة على صاحبها .
و الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي ) هوالحزب الوحيد الذى تبنّى فى بيان علني أصدره مقال قائد حزب نكسلباري و على حدّ علمنا لم نر إلى اليوم ( بدايات أكتوبر ) أحزابا أو منظّمات كانت منتمية إلى الحركة الأممية الثورية تبنّت المقال برمّته. لا ما كتبه الأفغانيون يمثّل تلك الكتلة جميعها و لا ما كتبه الهنود ، علما و أنّ هؤلاء و أولئك غير متفقين على تقييم مشترك للحزب الشيوعي النيبالي – الماوي .
و إلى هذا نضيف دليلا آخر على لامبدئية الإنشقاق و التكتّل هو أنّ الحزب البروليتاري لبوربابنغلا / البنغلاداش ، و مرّة أخرى حسب " ضد الأفاكيانية " ذاته ، تراجع عن إمضاء بيانات مشتركة مع أحزاب تلك الكتلة بل و رفض إمضاء قرارات إجتماعاتها متعلّلا بأنّه لم يقع نقاش ضافي شافي و كافي لمضمون الخلاصة الجديدة للشيوعية . إذن رفض مواصلة التكتّل ضد هذه الخلاصة دون نقاشها كما يجب ممّا يزيد الطين بلّة و يؤكّد مدى إنتهازية هذا التكتّل دون نقاش و دون أرضية مشتركة تعرض مبادئ وحدة ثورية ( إن وجدت ) !
التكتّل و الإنشقاق ثمّ النقاش ( نقاش لا يزال مفتوحا بينما التكتّل حصل منذ 2009 ) سلوك لامبدئي من منظور الماركسية – اللينينية – الماوية . كان من المفروض أن تنظّم سيرورة نقاشات فى ختامها تحسم المواقف و ليس العكس . وتنظيم هذه السرورة كموقف مبدئي هو الذى دافع عنه الحزب الشيوعي الثوري الذى لسنوات ما فتأ يطالب بخوض نقاش موجّه و منصبّ إنصبابا على المسائل الخلافية الجوهرية . و صاحب " ضد الأفاكيانية " يعترف بصفة غير مباشرة بأنّ الحزب الأمريكي دعا مرارا و تكرارا الأحزاب و المنظمات المنخرطة فى الحركة الأممية الثورية إلى نقاش جملة أعمال بوب أفاكيان و وثائق الحزب الذى يقوده و لم تستجب غالبية الأحزاب و المنظمات لأسباب متنوّعة و متباينة منها تعلّة جازف بتقديمها آجيث ألا وهي أنّ الحزب الشيوعي الثوري " يفرض على أحزاب الحركة الأممية الثورية أن تردّ على شيء قد وقع التصريح به بصفة إحادية الجانب " !
و متى كان الشيوعيون يرفضون نقاش شيء مصرّح به ؟ ألا تصنّف هذه التعلّة ضمن العجب العجاب الذى يأتيه آجيث !
و متى كان الإنتماء لحركة يجبر حزبا على عدم نشر أي شيء إلاّ بعد موافقة أحزاب هذه الحركة ؟ لم يحصل هذا بأي حال من الأحوال فى تاريخ الحركة الأممية الثورية ذاتها و لا نظنّ أنّ ذلك كان من الضوابط التى وضعتها الحركة و إن فعلت ذلك فقد إرتكبت خطأ بيّنا . و للتاريخ أصدر الحزب الشيوعي البيروفي وثائقه و منها ما لم توافق عليه أحزاب من الحركة عندما إطلعت عليه و الشيء نفسه حصل مع الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) إلخ .
للأحزاب والمنظّمات المنتمية إلى حركة تسير وفق مبادئ الماركسية – اللينينة – الماوية إستقلالية معينة فى إدارة شؤونها و صراعاتها الداخلية و نضرب مثالا هو تبنّى عديد أحزاب و منظّمات الحركة للماركسية – اللينينية – الماوية ( الحزب الشيوعي الثوري تبنّاها سنة 1988 و نشرت وثيقته بهذا الصدد فى مجلّة " عالم نربحه " ) قبل أن تناقش الحركة ككلّ وتتبنّى الماركسية – اللينينية – الماوية فى بيان 1993 . هذه هي أخلاقيات الصراع لدى آجيث ومن لفّ لفّه من صفوة الدغمائيين الأفذاذ !
ب- تبرير براغماتي أداتي لإمضاء بيان مشترك مع حزب تحريفي :
لقد أمضت المجموعة المنشقّة عن الحركة الأممية الثورية بيانا مشتركا مع الحزب الشيوعي النيبالي الماوي ( الموحّد) فى ماي 2011 . و قد فضح الكثيرون و على رأسهم و فى مقدّمتهم الحزب الشيوعي الثوري ( منذ 2006) تحريفية هذا الحزب غير أنّ أحزاب الكتلة المنشقّة و إن كانت فى البداية إتخذت مواقفا وسطية و إنتظارية و نقدت فى حدود معينة و بصفة جزئية الخطّ القائد لحزب براشندا ، حاولت إستغلال ما أسمته الكتلة الحمراء المعارضة ( ظاهريّا ) لبراشندا و ضمّها إلى جانبها فى مشروعها الجديد المناهض للخلاصة الجديدة للشيوعية . و لمّا أدان الحزب الأمريكي هذا التصرّف البراغماتي الأداتي و المهادن للتحريفية ، إنبرى القائد الهندي غير عابئ بما يعتمل فى الواقع ليبرّر ذلك بأنّ الكتلة الحمراء كانت على وشك القطع مع براشندا و أشياء من هذا القبيل . ما يجبرنا على تذكيره بما ورد فى " فى التناقض " من أنّ طبيعة الشيء يُحدّدها الطرف الرئيسي المهيمن و بالتالي طبيعة ذلك الحزب النيبالي يحدّدها الخطّ المهيمن ، خطّ براشندا الذى بات تحريفيّا و الإمضاء مع هذا الحزب إمضاء بلا مراء مع حزب تحريفي وهو خطأ لا أجلى منه ألحق و يلحق الضرر بالحركة الشيوعية العالمية وزاد و يزيد خلط الأوراق .
و لم يقف الأمر عند هذا الحدّ من البراغماتية و الأداتية المنافية للسلوكات الشيوعية بل تعدّاه إلى مضيّ صاحب " ضد الأفاكيانية " إلى الضفّة الأخرى ليتهجّم على نقد الحزب الشيوعي الثوري لتحريفية ذلك الحزب النيبالي منذ 2006 ، و يأبى إلاّ أن ينعته " بالنقد العقائدي " دون أن يكلّف نفسه عناء شرح لماذا يعدّ ذلك النقد عقائديّا ! براغماتية آجيث و أضرابه أملت عليهم ذلك التحالف مع التحريفية و أيضا هجومهم على المبادر بنقد تلك التحريفية ! هذا ما نستشفّه من مواقف و منهج هؤلاء النفعيين المناهضين للخلاصة الجديدة للشيوعية .
ت- من يتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الحركة الأممية الثورية ؟
لسنوات الآن ما إنفكّ الحزب الأفغاني و الحزب الهندي خاصة ينحيان باللائمة على الحزب الأمريكي و فى البيانات المشتركة مع أحزاب و منظمات أخرى قدّموه على أنّه المسؤول عن إنهيار الحركة الأممية الثورية و بذلك يقلبون الحقيقة رأسا على عقب .
لقد مرّ بنا كيف أنّ تلك الأحزاب تكتّلت و شكّلت مجموعة إزدوت بالحركة الأممية الثورية وإنشقّت عنها وأعلنت وفاتها بدلا من خوض صراع مبدئي داخل الحركة قد تكون نتائجه إيجابية إلى درجة أو أخرى . هل أنّ مثل ذلك الإنشقاق و التكتّل دون أرضية مبدئية ثورية ساعد أو بإمكانه أن يساعد على تطوير الحركة الأممية الثورية ؟ لا طبعا . ما يفعله هو الإجهاز عليها بعد أن شهدت أزمات لم تعالجها بطريقة صحيحة شيوعية ثورية .
هذا جانب من المسألة أمّا الجانب الآخر فهو أنّ الحزب الهندي يتنصّل من تبعات مواقفه هو و آخرين الإنتهازية اليمينية ( " الوسطية " حسب البعض ) تجاه الحزب الشيوعي النيبالي الماوي ( الموحّد ) و مواقفه هو و آخرين اللاأدرية إزاء القضايا التى أثارتها تطوّرات مأساوية للثورة الماوية فى البيرو و إنسياقهم وراء " الحقيقة السياسية " أو الوقوف على حياد تجاهها عوض التصدّى لها كما سجلته رسالة الحزب الشيوعي الثوري إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية للحركة الأممية الثورية فى غرّة ماي 2012.
و أكثر من ذلك ، لا يشير الحزب الهندي لا من قريب ولا من بعيد إلى سياساته و إنعكاساتها على الحركة الأممية الثورية . فمن ذلك أنّه إنسحب من لجنة الحركة الأممية الثورية ، اللجنة القيادية للحركة، فيما صار الحزب البيروفي يبعث ممثله كملاحظ لا غير. لا يذكر آجيث هذا و الظروف التاريخيّة التى حفّت به و ما إنجرّ عنه . فحسب كاجورال / "غاوروف" نائب رئيس الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي قال فى إجابته على سؤال لماذا تتداعى الوحدة صلب الحركة الأممية الثورية ؟ ما معناه إنّ حزبان من الهند و تركيا كانا ضمن لجنة الحركة الأممية الثورية ، الهيكل القيادي للحركة ، قرّرا البقاء ضمن الحركة لكنهما إنسحبا من اللجنة القيادية فى حين أن الحزب البيروفي إختار جعل ممثله يحضر كملاحظ لا أكثر ثمّ أضاف الحزب البيروفي فكر غنزالو لإيديولوجيته القائدة وهو ما عارضته غالبية أحزاب الحركة و منها الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي ) آنذاك . هذا ما أضعف الحركة و لاحقا دمّر وجودها و خلخل كيانها .
Why was the unity within the RIM declining?

Two parties, namely CRC,CPI(ML) of India and TKP (ML) of Turkey which were in the RIM Committee decided to stay in the RIM but withdraw from the Committee. Also the Communist Party of Peru had decided to send its representative in a status of observer not that of a delegate. These events definitely played a role of weakening the RIM.

In course of time Communist Party of Peru (PCP) decided to add "Gonzalo Thought" in its guiding ideology. Many parties including our party opposed this decision.
) International Communist Movement and our role by C P Gajurel "Gaurav" Vice Chairman of CPN Maoist-
First Issue : People’s Voice May, 2013- http://www.cpnmaoist.org (

و زد على هذه الحقائق التى يحجبها آجيث و يودّ أن لا يلمح إليها أحد ، أن حتى الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الذى يدافع عنه الحزب الهندي و يدينه الحزب الأفغاني سجّل صراحة فى أوّل عدد من مجلّته " وجهة نظر ماوية " موقفا لن يعجب القائد الهندي . ففى مقال باسنتا بتاريخ 10 أوت 2012 وعنوانه " الأبعاد العالمية للتحريفية الجديدة لبراشندا " يدين طريق براشندا على أنّه تحريفية جديدة والنتيجة : آجيث خارج اللعبة !
)www.bannedthought.net(
و فضلا عن ما تقدّم و بعد التذكير بتهرّب المتكتّلين من النقاش صلب الحركة ، للقرّاء تقدير مدى مسؤولية سياسات هذه المجموعة من الأحزاب المنشقة عن الحركة الأممية الثورية فى ما آلت إليه هذه الحركة من ضعف فتفكّك .
=============================================



















2- آجيث يرسم صورة سوداء قاتمة للحزب الشيوعي الثوري :
لا ريب فى أنّ من لا يعرف كتابات بوب أفاكيان وأدبيات الحزب الذى يقوده ويطالع " ضد الأفاكيانية " يخرج بصورة مشينة ، قاتمة عن الحزب الشيوعي الثوري الذى يسعى آجيث بكلّ ما أوتي من جهد لتمريغ وجهه فى الوحل و تقديمه على أنّه الحزب " الأخبث و الأخطر " على الحركة الشيوعية العالمية و أنّه حجر عثرة أمام تقدّم الشيوعيين فى إنجازمهامهم و" طالما لم يدحضوا صراحة الأفاكيانية ، لن يبلغوا أي مكان قريب من هذه المهام " .
و مع ذلك قد يقف المرء على شذرات إعترافات بأدوار إيجابية إضطلع بها هذا الحزب و لكن ، فى الماضي الذى يخرجه آجيث على أنّه ماضي سحيق سرعان ما ينقلب عليه . و لسائل أن يسأل لماذا يبثّ قائد الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي- اللينيني ) نكسلباري هذه الإعترافات الجزئية فى وثيقته ؟
و الجواب المنطقي هو أنّ صاحب " ضد الأفاكيانية " أذكى بكثير من محمد علي الماوي و من الحركة الشيوعية الماوية – تونس و آخرين الذين عمدوا إلى العدمية فى مهاجمة أفاكيان و حزبه و الخلاصة الجديدة للشيوعية على أنّهم " مندسّون" و" الإبن المدلّل للبرجوازية " و هلمجرّا من التفاهات الصبيانية ، فهو يعلم جيدا أنّه ليس بوسعه سلوك مسلك العدميّة وإتخاذ موقف عدمي لأنّ حزبه ذاته نشط لعقود مع الحزب الشيوعي الثوري ضمن الحركة الأممية الثورية و ظلّ يكنّ الإحترام للحزب الأمريكي و قائده إلى سنوات قليلة ماضية .
بالنسبة لآجيث ، كان خطّ الحزب الشيوعي الثوري رئيسيّا صحيحا إلى حدود الثورة الثقافية صلبه أو ما أطلق عليه هو " الإنقلاب الأفاكياني " أواسط العقد الأوّل من الألفية الجديدة . و مذّاك صار رئيسيّا تحريفيّا لمحاولته ، حسب الهندي دائما ، " تعويض الماركسية – اللينينية – الماوية بالأفاكيانية " كأساس للحركة الشيوعية العالمية .
قراءة آجيث و إن كانت مثالية ذاتية تبدو أكثر تناسقا و إنسجاما مع فهمه للصراعات صلب الحركة الأممية الثورية و أدهى و أمكر من قراءة غيره من مناهضي الخلاصة الجديدة للشيوعية و بالتالي أكثر قابلية للتصديق من طرف من لا يملك دراية كافية بصراعات الحركة الماوية العالمية و مضامين أدبيات الحزب الشيوعي الثوري و جملة أعمال بوب أفاكيان ، قائده.
لكي لا يقال إنّه عدمي و لكي لا يسأل عن موقفه لسنوات طوال من خطّ الحزب الشيوعي الثوري ، إضطرّ كاتب " ضد الأفاكيانية " إلى ذرّ بعض الرماد فى العيون بالإعتراف ببعض الحقائق وإن جزئيّا لينقضّ عليها لاحقا و يكيل لها الضربات فيحوّلها أثرا بعد عين .
أ- إعترافات جزئية للغاية سرعان ما يقع الإنقلاب عليها :

1- " أثار الإنقلاب فى الصين و خيانة الحزب الأباني صراعا إيديولوجيّا على نطاق واسع ضد تحريفية
دنك سياو بينغ و دغمائية – تحريفية أنور خوجا . و شقّت بعض الأحزاب و المنظّمات و الأشخاص الذين وقفوا بصلابة على أرضية الماركسية – اللينينية – الماوية الطريق فى المقدّمة . و كان الحزب الشيوعي الثوري بقيادة رئيسه أحدها . ومثّل صراع الخطين فى صفوف الحركة الأممية الثورية و مثّلت إعادة نشر هذا الحزب للنصوص الجوهرية لصراع الخطّين داخل الحزب الشيوعي الصيني و كتابات أفاكيان فى هذه الفترة مساهمات ذات دلالة فى الصراع العالمي . و كأحدّ أبرز المبادرين بعقد الندوة الأولى للأحزاب و المنظمات الماركسية – اللينينية و الجهود الكبرى التى بذلها لتعبئة المساندة لذلك ، إضطلع الحزب الشيوعي الثوري بدور بارز ".

و يصمت آجيث عن ما بذل من جهد من أجل الندوة الثانية التى أدّت إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية و بعد ذلك ينفى هذه الحقائق مدعيا أنّ أفاكيان لم يقم بدور " حيوي و مركزي " فى ذلك .
2- " هذا الكتاب [ " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ] يقدّم عرضا شاملا حقّا لمساهمات ماو فى شتى الحقول " و يقول هذا ضمن فقرة عنونها " عرض مشوّه لماو " !
3- " فقد كان [ الحزب الشيوعي الثوري ] يعترف بمساهمات ماو تسى تونغ فى شتى الميادين و يحاول التعلّم منها و تطبيقها " . إلاّ أنّ نقد آجيث يطال أساسا وثائق هذا الحزب فى بداية ثمانينات القرن العشرين فى ما يتصل " باللينينية كجسر " و " الأممية " و " الجبهة المتحدة " " و المسألة الوطنية فى المستعمرات " و فى البلدان الإمبريالية ، و الإقتصاد السياسي – الأزمة العامة و الحرب ؛ مهاجما " كسب العالم واجب البروليتاريا و رغبتها " لبوب أفاكيان و " إنحطاط أمريكا " لريموند لوتا و فرانك شانون و جميعها مبنية فى جانب كبير منها إلى جانب تحليل الواقع الموضوعي على أساس مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة !!!
4- " قد أفرزت عملية التنقيب عن جذور الإنحرافات القومية داخل الحركة الشيوعية العالمية و عرض بعض مظاهرها الملموسة فى البلدان الإمبريالية ، بعض النتائج الإيجابية . بصورة خاصة ، قد عينت موضع النزعات القومية فى رؤية الكومنترن و فى سياسات الحزب الشيوعي السوفياتي ( البلشفي ) فى الفترة المؤدّية إلى الحرب العالمية الثانية و أثناء هذه الحرب . والخسائر الناجمة عن ربط مصالح الثورة العالمية بمصالح الإتحاد السوفياتي وقع تحليلها أيضا. وعلاوة على ذلك، الخطّ العام لسنة 1963 الذى وضعه الحزب الشيوعي الصيني فى ظلّ قيادة ماو جري نقده أيضا لدفاعه عن المصالح القومية فى بلدان القوى الإمبريالية الثانوية .على وجه العموم كان ذلك نقدا صحيحا. "
ثمّ ينهال على الحزب الشيوعي الثوري بعصى غليظة من " إفراع اللينينية " و بنعت " شوفيني " !
5- " فى الأساس ، نقد نقدا صائبا الحزب الشيوعي السوفياتي بقيادة ستالين لفرضه مصالح الإتحاد السوفياتي على حساب مصالح الحركة الشيوعية العالمية " بيد أنّه يدافع عن تكتيك الجبهة المتحدة ضد الفاشية الذى هو أحد إفرازات غلط ستالين و الكومنتن ذاك !
6- جملة " كان عامة يناضل من أجل رفع راية ماو تسى تونغ " يردفها بأنّ الحزب الشيوعي الثوري يعرض ماو بشكل مشوّه و ينسب له نظرية العوالم الثلاثة !
7- " نية أفاكيان مواصلة الخوض فى هذه المواضيع و التعلّم من الآخرين شيء منصوح به ، لا شكّ فى ذلك " لكن " الأفاكيانية تقوم على الخبث و المؤمرات تحت الطاولة " و " تلجأ إلى كافة أنواع الخداع " و " ليست وفية لمقدّماتها " !
8- " ردّ صحيح عامة على المقاربة التصفوية للجنة المركزية لإعادة التنظيم " ( المقصود هنا هو مقال بوب أفاكيان " الديمقراطية ، أكثر من أي زمن مضى بوسعنا و من واجبنا أن ننجز أفضل من ذلك !" ( مجلة " عالم نربحه " عدد 17 ) ، إلاّ أنّ آجيث يتراجع لاحقا ليعتبر أن بوب أفاكيان تخلّى عن ذلك الموقف الصحيح ليعانق مواقفا خاطئة !
ب- صورة سوداء قاتمة حقّا :
تهدف هذه الفقرة إلى تذكير من قرأ " ضد الأفكيانية " بأهمّ عناصر الصورة التى يرسمها آجيث للحزب الشيوعي الثوري من جهة ، و من جهة ثانية إلى إعطاء فكرة عامة لمن لم يتسنى له أن يقرا ذلك النصّ. و من نافل القول أنّ هذا لا يغنى عن قراءة مقال آجيث برمّته و بتؤدة و تمعّن .و إليكم هذا الفيض من الترهات :
1- كتابة الحزب الشيوعي الثوري لرسالة غرّة ماي 2012 " ردّ خبيث على الإجتماع الخاص ".
و " الأفاكيانية تقوم على الخبث و المؤامرات تحت الطاولة " و " تلجأ إلى كافة أنواع الخداع ".
2- الخلاصة الجديدة " تحريفية ".
3- وقع التصدّى ل " عديد المواقف الخاطئة ".
4- سلوك الحزب الشيوعي الثوري " يعكس تصرّفا بيروقراطيّا تجاه النقد يحاول خنقه بمجرّد رفض الإعتراف بوجوده ".
وهو يتخذ " موقعا سلطويّا لحزب أب ".
و " يفرض على أحزاب الحركة الأممية الثورية أن تردّ على شيء قدوقع التصريح به بصفة إحادية الجانب ".
5- " الحزب الشيوعي الثوري يضع نفسه ليس خارج الحركة الأممية الثورية فقط بل خارج الحركة الماوية العالمية بأسرها ".
6- حزب " يعوّض الماركسية – اللينينية – الماوية بالأفاكيانية ".
7- " فى المنطق الأفاكياني تنتمى [ الحروب الشعبية ] إلى مرحلة متقادمة ".
و هذا الحزب " يقوّضها [ الحروب الشعبية ] بإستمرار بتصفويته التى تبثّالشكّ فى القاعدة الإيديولوجية لهذه الحركات الثورية "." وفى النهاية يعمل على عزلها عن الجماهير الثورية ." 8- " هذا الحزب ليس وفيّا حتى لمقدّماته ".
9- " تجنّب الصراع الداخلي فى صفوف الحركة الأممية الثورية ".
10- له " رأي تصفوي ".
11- " الأفاكيانية تحتاج إلى التهرّب من عبء الإختبار من خلال الممارسة ".
12- " الآن يطلب من أعضائه " الولاء للقيادة " !
وهو حزب يقوم ب " عملية بناء عبادة الفرد " و له " قائد مرفوع إلى مرتبة القدّيسيين". 13- حزب غير قادر على التنظير ، وما يصوغه لا يعدو أن يكون " ظلّ تنظير " " ظلّ معالجة "!
14- "أفاكيان يبدّل ميكانيكيّا التناقضات الداخلية و الخارجية لبلد ."
15- " يقبل بها [ المهمّة الوطنية فى الثورة الديمقراطية الجديدة ] ثمّ يعوّضها ".
16- الإقتصادوية الإقتصادوية الإمبريالية " كانت لفترة طويلة علامة تجارية لمقاربة الحزب الشيوعي الثوري ".
17- " فى بداية ثمانينات القرنالعشرين ، كان يتنصّل تقريبا من كافة نضالات المقاومة فى الأمم المضطهَدة على أنّها مجرّد إمتدادات للنزاع بين الإمبرياليات".
18- و " حديثا ، يكرّر الشيء عينه بوضعه المقاومة فى العراق و أفغانستان مع العدوان الإمبريالي الذى تقوده الولايات المتحدة بين قوسين ".
19- " إنّه يلغى فحص التناقضات الدافعة للمقاومة و يقصى مهمّة التوحّد مع المشاعر المشروعة لمقاومة الإضطهاد الوطني ".
20- " المفاهيم الميتافيزيقية الأفاكيانية عن الثورة العالمية ".
21- إرادة توجيه الضربات فى جميع الإتجاهات يمكن أن تبدو مقاربة ثورية مصمّمة و صريحة فى أحلام يقظة أحدهم ".
22- " لقد مضى هذا إلى حدود تخيّل دمج المرحلتين الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ن مرحلتي الثورة فى الأمم المضطهَدة فى مرحلة واحدة ".
23- " تدفعه الإقتصادوية الإمبريالية إلى تكرارا الأخطاء التى إقترفها الإتحاد السوفياتي .
24- " تبعات الأفاكيانية كارثية بشأن مهام الثورة فى البلدان المضطهَدة ".
25- " ذهب أفاكيان إلى حدّ إنكار أي دور للمظهر الوطني فى البلدان الإمبريالية ".
26- هذا الحزب أجرى عملية " إفراغ للينينية ".
و " بإسم تصحيح الأخطاء التى إرتكبها الكومنترن ، قلّصت الأفاكيانية اللينينية إلى جملة من العقائد الخالية من الحياة ".
27- الحزب الشيوعي الثوري " شوفيني ".
28- ينقد " نقدا صبيانيّا تكتيك الجبهة المتحدة " ضد الفاشية . و" أنكر دلالة و أهمّية التمييز بين الفاشية و الديمقراطية البرجوازية . وأنكر ضرورة النضال من أجل تشكيل جبهة متحدة تكتيكية ضد الفاشية ".
29- " لكنهم أبدا لم يتجشّموا عناء إعلام الحركة الأممية الثورية بتخلّيهم عن مواقف الإجتماع الموسّع لسنة 2000 أو بالمنطق الذى يقف وراء تراجعهم عنه ".
30- الحزب الشيوعي الثوري " يُنكر الأساس الطبقي للمقاربة العلمية الماركسية . و يفصل بين مقاربتها العلمية و طبيعتها الطبقية ".
31- " يعرض الحزب الشيوعي الثوري موقفا يغضّ النظر عن الدلالة الجوهرية للموقع الطبقي ، الموقع المادي للطبقة ".
32- " مقاربة الحزب الشيوعي الثوري وحيدة الجانب فى تسليطها الضوء على الدور الحيوي للنظرية فى الإيديولوجيا ".
33- " من غير الممكن التعاطي مع الفلسفة كعلم من علوم الطبيعة . و أفاكيان يدافع عن هذه النظرة الخاطئة ".
34- " سيبدو أنّ أفاكيان على الأقلّ تعالج الأساس المادي للدين إلاّ أن المناسبات القليلة التى حاول فيها إنجاز شرح مادي ، كانت ميكانيكية مثلما هي ميكانيكية مقاربته الإيديولوجية للدين " .
35- " إلغاؤه لمقدّمات المادية التاريخية بالفعل قد تركّز فى حديثه عن " نزعة " عوض " قوانين " التشكيلات الإجتماعية و تعيرها التاريخي ".
36- " الأفاكيانية ناشطة جدّا فى تبرير المعرفة القديمة على أنّها من إكتشافاتها ".
37- " يبدو أنّه قانون لدي الأفاكيانية أن الجهد المبذول ينفق نقيضا لما تدّعيه !".
ت- هل تصمد هذه الإفتراءات أمام الوقائع العنيدة و الحقائق العديدة ؟
عُرف الحزب الشيوعي الثوري بكشفه للبراغماتية و الأداتية كأهمّ الأخطاء المتجذّرة صلب الحركة الشيوعية العالمية و نقده إياهما فرسمه آجبث حزبا براغماتيّا ، و يشهد تاريخ هذا الحزب و حاضره بتنظيره و ممارسته للعمل الجبهوي بقيادة الطليعة البروليتارية فصوّره آجيث على أنّه إنعزالي ، و عُرف على أنّه أممي و بتنظيره و ممارسته " للأممية ، العالم أوّلا " فصيّره آجيث شوفينيّا ؛ و شُهر بأنّه مطوّر لعلم الشيوعية ومنظّر له فصوّره آجيث معيدا لمقولات سابقة و صوّر ما ينجزه على أنّه " ظلّ تنظير " ، و شُهر بثورية مواقفه و ممارساته فصوّره آجيث تحريفيّا ، و شُهر بدفاعه عن الجوانب الرئيسية الصحيحة لدي ماو و نقده لجوانب ثانوية جدّا لديه فصوّره آجيث مشوّها له بل و مناهضا للماوية ... و هكذا دواليك .
لا ظلّ للشكّ فى أنّ من له إحاطة بتاريخ الحركة الأممية الثورية و بتاريخ الحزب الشيوعي الثوري و بوثائق صراع الخطين الدائر عالميا قد قهقه أكثر من مرّة وهو يضع عينيه على مثل هذه الترهات . يسعى آجيث إلى حرمان بوب أفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري من أي قدر من الجدّية و الثورية و الفهم لعلم الشيوعية و هذا منذ ثمانينات القرن العشرين . فكيف أمكن لآجيث أن يمارس الليبرالية كلّ هذه السنوات بعدم نقده العلني و الصريح و الجماهيري لخطّ هذا الحزب الذى تمتدّ جذور أفكاره إلى تلك الفترة ؟ كيف كان هذا الحزب ثوريّا رئيسيا وهو يشكو من الغالبية الغالبة لهذه " العيوب"، حسب آجيث، منذ تلك الفترة ؟ و سلسلة الأسئلة الإنكارية طويلة .
فى تقديرنا و إنطلاقا من معارفنا و من وثائق هذا الحزب القديمة منها والجديدة و جريدته و مجلّته و وثائق تلك الحركة و مجلّتها و وقائع الصراع الطبقي فى الولايات المتحدة الأمريكية و العالم تاريخيا و حاضرا ، لن تصمد هذه الترهات أمام الحقائق العديدة التى سنكتشف مع القرّاء و الوقائع العنيدة للتاريخ و للواقع الراهن . الصورة التى رسمها آجيث للحزب الشيوعي الثوري لا تستند إلى قاعدة صلبة و ستهتزّ لمجرّد تحرّك نسمة تزيل الرماد من العيون فما بالك بوابل من الحقائق و الوقائع و برياح عاتية من البحث و التنقيب فى دقائق الأمور وتتبّع المنطق و المنهج اللذين قادا إلى رسم صورة مثالية ذاتية مشوّهة و مزيفة ستتناثر كحبّات الرمل خلال إعصار رملي صحراوي و ستتساقط أجزاء الصورة المرسومة كأوراق الشجر فى الخريف. =======================================================














3 - " ضد الأفاكيانية " ، من أجل ماذا ؟

أوّل ما يجلب النظر فى العنوان الذى إختاره آجيث لمقاله الجدالي هو إستعماله لمفردة جديدة فى صفوف الحركة الأممية الثورية هي " الأفاكيانية " التى لم يستعملها أبدا الحزب الشيوعي الثوري . و جاء إستعمال هذه المفردة ليلبّى غرضين إثنين رسمهما الناحت للكلمة و هما أوّلا تقديم ما أنجزه بوب أفاكيان على أنّه فكر / إيزم و الحال أنّه ليس كذلك ليسهل عليه أن يدّعي زورا و بهتانا بعد ذلك أن" الأفاكيانية " تريد الحلول محلّ الماركسية – اللينينية – الماوية من ناحية ، و من ناحية ثانية أنّها " وضعت نفسها خارج الماركسية – اللينينية – الماوية و الحركة الماوية العالمية " ؛ وثانيا تجنّب المصطلح الصحيح و الدقيق الذى يعكس حقيقة مضمون ما تقدّم به بوب أفاكيان ألا وهو الخلاصة الجديدة للشيوعية بمعنى أنّه خلاصة للمرحلة / الموجة الأولى للثورة البرولتارية العالمية لإستبعاد الأخطاء و التمسّك بما هو صائب و البناء عليه و إعادة صياغته من أجل إنجاز ما هو أفضل مستقبلا .
مناهضو الخلاصة الجديدة للشيوعية يرفضون إستعمال المصطلح الصائب الذى إختاره أنصار هذه الخلاصة و لتضليل القرّاء يكتفون ب " خلاصة جديدة " ( و لا ندري خلاصة ماذا ؟ ) أو يستخدمون مفردة " الأفاكيانية " التى لا تعكس الحقيقة بل تشوّهها . إنّهم يركنون إلى الإختزالية بمثالية و يتجاهلون تقريبا مجمل الأحزاب و المنظمات التى تبنّت الخلاصة الجديدة للشيوعية فيحصرون المسألة فى أفاكيان و كأنّها مسألة شخصية ، على غرار ما فعلت الحركة الشعبية البيروفية . و فى الواقع ينحدر آجيث إلى إستعارة هذه المفردة ( الأفاكيانية ) من الحركة الشعبية البيروفية التى فتحت النار على الحركة الأممية الثورية منذ عقود الآن و إتخذت إحدى ندوات هذه الحركة الأممية الثورية قرارا يدينها ضمنته فى بيان من بياناتها ، حسب رواية آجيث . من تلك الحركة الشعبية البيروفية التى طالما تهجّمت على لجنة الحركة الأممية الثورية و على بوب أفاكيان يستعير آجيث تلك المفردة و بهذا نلفيه هنا يتبنّى جوهر تلك الهجمات و مصطلحها المفتاح " الأفاكيانية ". ما كان بالأمس مُدانا على أنّه غير صحيح و غير مبدئي ، يعتمد اليوم على أنّه أفضل ما يعكس الواقع الموضوعي ! أمامكم هنا تمظهر من تمظهرات البراغماتية و الأداتية لدي صاحب " ضد الأفاكيانية ".
أ- الماركسية – اللينينية – الماوية ، الماوية رئيسيّا :
و ليست إستعارة مفردة " الأفاكيانية " هو الشيء الوحيد الذى إستعاره قائد حزب نكسلباري من غيره . إنّه إستعار أيضا من تاريخ الحزب الشيوعي البيروفي مصطلح الماركسية – اللينينية – الماوية ، الماوية رئيسيّا . و نقول تاريخيّا لأنّ الحزب البيروفي قد تجاوز ذلك المصطلح الذى لم تتبنّاه الحركة الأممية الثورية مطلقا ، و منذ أكثر من عقد الآن ليعوّضه منذ مؤتمره الأوّل بالماركسية – اللينينية – الماوية - فكر غنزالو ( هذا دون التوغّل فى تفكّك هذا الحزب والكتل المتصارعة و المتقاتلة الآن فيما بينها ) .
الحزب الهندي يتبنّى شيئا أدانه قبلا ثمّ يتبنى شيئا آخر كان محقّا فى رفضه سابقا و تجاوزه التاريخ حاليّا فصار من الأفكار البالية . لم يجد ما يصارع به الخلاصة الجديدة للشيوعية ، لم يجد ما يدين به بوب أفاكيان إلاّ خطأين نبذتهما الحركة الأممية الثورية سابقا ! هذا ماتفتّق عليه ذهنه فيا لعبقريته ! يا لبديله الباهر !
و الحزب الهندي لا يتبنّى كامل الخطّ البيروفي و لكنّه يتعامل معه بإنتقائية من منطلق براغماتي فينتخب ما يراه صالحا من ذلك الخطّ ( حتى ما كان يعتبره خاطئا أو ما إستبعدته الحركة الأممية الثورية ) ليوظّفه فى هجومه المسعور على الخلاصة الجديدة للشيوعية. ( لاحقا سنراه يستعير " تسليح الجماهير" كحلّ ضد إعادة تركيز الرأسمالية و إن لم يتبنّى صراحة إلى الآن شعار" حرب الشعب إلى الشيوعية ").
لقد صاغ الحزب الشيوعي البيروفي الماركسية – اللينينية – الماوية ، رئيسيّا الماوية ليشدّد على أهمّية الماوية كمرحلة جديدة ثالثة و أرقى نسبة للمرحلتين السابقتين و رفضت غالبية أحزاب الحركة الأممية الثورية تسمية علم الثورة البروليتارية العالمية على ذلك النحو لأنّ تلك التسمية تضرب فى العمق وحدة هذا العلم بمكوّناته و مراحله الثلاث المتكاملة و يفصلها عن بعضها البعض مبرزا إحداها على حساب البقية . و بالفعل إَن إضافة " الماوية رئيسيّا " يفضى بداهة إلى إعتبار الماركسية و اللينينية ثانويتين و هذا مرفوض حيث هناك وحدة و تكامل و الماوية ما هي إلاّ واحدة من مراحل ثلاث أو جزء فقط و ليست المراحل الثلاث أي الكلّ المتداخل و المتكامل .
و فى الوثائق الأساسية للمؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي البيروفي فى أواخر ثمانينات القرن العشرين ، تغيّرت تسمية الإيديولوجيا البروليتارية حسب هذا الحزب و صارت ماركسية – لينينة – ماوية – فكر غنزالو . و قيل فى البداية إنّ فكر غنزالو خاص بالثورة فى البيرو ثمّ أضحت الدعاية له على أنّه عالمي الأبعاد . و ثمة عالميّا اليوم منظمات و أحزاب تتبنىّ هكذا تسمية و ليس من أمريكا اللاتينية و حسب بل حتى من آسيا و أوروبا .
لا مناص من طرح سؤال لماذا لجأ آجيث إلى هذه المناورة متنكّرا حتى لبيانات الكتلة التى ينشط ضمنها على أنّها تسعى لبناء منظّمة عالمية جديدة على قاعدة الماركسية – اللينينية – الماوية لا غير كما جاء على لسانه هو فى بداية وثيقته التى ننقد ؟ يبدو أنّه قدّر أنّ هذا المفهوم يخدم – ببراغماتية وليس مبدئيّا – جداله ضد الخلاصة الجديدة للشيوعية ذلك أنّه من جهة يوجّه ضربة إلى " اللينينية كجسر " التى يتبنّاها أنصار هذه الخلاصة ، و من جهة ثانية يحصر الإيديولوجيا و يغلقها غلقا محكما بما يعنى عدم القبول بأية تطويرات للماوية ذاتها و لعلم الشيوعية ككلّ .
إنّه يسعى إلى غلق إطار نظري غلقا محكما ، غلق الإيديولوجيا البروليتارية فى دائرة إطار نظري مغلق يقزّم كلّ مساهمة أو إضافة أخرى و يفرض عليها فرضا الرضوخ إلى حدود هذه الدائرة المغلقة فيكون بذلك من اليسير و الهيّن التخلّص من الخلاصة الجديدة للشيوعية نظرا لكونها ذات أبعاد عالمية إذ هي تلخّص مرحلة و تعدّ لمرحلة جديدة من الثورة البروليتارية العالمية ، كإطار نظري جديد يتجاوز الإطار النظري القديم للماركسية – اللينينة –الماوية ، ليس بمعنى فسخه و إنّما بمعنى تطويره و البناء على أساس ما هو صائب و ثوري فيه بناء أرسخ علميّا يفسح للشيوعيين الثوريين المجال ليصبحوا طليعة للمستقبل لا بقايا للماضي .
و على الأرجح أنّ آجيث وهو يسحب هذه الورقة فى آخر مقاله قد فكّر أكثر فى توحيد أكبر عدد ممكن من مناهضي الخلاصة الجديدة للشيوعية و القريبين بشكل أو آخر من أطروحات الحزب الشيوعي البيروفي ، توحيدهم حوله هو ليغدو حامل راية معاداة " الأفاكيانية " ، من تفكيره فى مواقف الحزب الأفغاني شريكه فى التكتّل .
و جلي هكذا تلاعب آجيث بالمفردات والمفاهيم والمصطلحات و تكريسه ببراعة للبراغماتية و الإختيارية فى تناقض واضح وضوح الشمس فى كبد السماء مع علم الشيوعية .
ب- " ما بعد الماوية " :
ما عاد هذا المصطلح عريبا الآن و قد لاكه منذ سنوات بوجه خاص الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني فى وثائقه المناهضة للخلاصة الجديدة للشيوعية . وهو مصطلح صيغ بطريقة مشابهة ل " ما بعد المعاصرة " . و مغزى " ما بعد المعاصرة " متداول منذ عقود ، بيد أن " ما بعد الماوية " جديد نسبيّا و يقصد به أنّ الخلاصة الجديدة للشيوعية " وضعت نفسها ، حسب آجيث ، خارج الماركسية – اللينينية – الماوية و الحركة الماوية العالمية " بما أنّها تطرح نفسها كإطار نظري جديد، و أنّ هذه الخلاصة " تعوّض الماركسية – اللينينية – الماوية " وفق الأفغانيين و آجيث أي بإختصار فى رأي مناهضى الخلاصة الجديدة للشيوعية هذه الخلاصة مرحلة رابعة – و دائما حسب رأيهم – لا يقبلون بها و يتمسكون بالماركسية – اللينينية – الماوية لذا هي " ما بعد الماوية " !
و فى الحقيقة ، لم يطالب أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية بإعتبارها مرحلة رابعة بتاتا و إنّما بإعتبارها إضافة نوعية ، و لو جزئية ، نوعية جزئية ، للماركسية – اللينينة – الماوية ، زبدة و عصارة و تلخيص المرحلة السابقة و إعادة صقل للشيوعية و سلاح مفتاح ينبغى التسلّح به لخوض غمار المرحلة / الجديدة للثورة البروليتارية العالمية . نعم الخلاصة الجديدة للشيوعية تاج الماركسية – اللينينية –الماوية ورأس حربتها ليس كمرحلة تامة رابعة و لكن كإضافة نوعية جزئية دونها لن تقدر الحركة الشيوعية العالمية التقدّم إذ هي خلاصة هذه الماركسية – اللينينية – الماوية و تجارب البروليتاريا العالمية ماضيا و حاضرا و إعادة صياغة لعلم الشيوعية و إرسائه على أسس علمية أرسخ . إنّها إطار نظري جديد ، قمّة جديدة تخوّل للشيوعيات و الشيوعيين الثوريين رؤية أوضح للعالم و كيفية تغييره ثوريا ، رؤية أوضح – و ليست متناقضة كلّيا و إنّما فيها رئسيّا إستمرار و ثانويّا قطيعة - من تلك المعروضة فى بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 و بيان 1993.
إنّ إعتماد " ما بعد الماوية " أريد منه أن يفصل صراحة و بداهة الخلاصة الجديدة للشيوعية عن الماركسية – اللينينية – الماوية و الحال أنّ الأولى خلاصة و تطوير جزئي للثانية ، تطوير فيه إستمرار رئيسيّا و فيه قطيعة ثانويّا طالت عدّة أخطاء فى عدّة مجالات و فيه بناء على ما هو صحيح و صلب و إعادة صياغة للشيوعية على أسس علمية أرسخ .
و مع وعينا التام للفروقات بين الخلاصة الجديدة و فكر ماو تسى تونغ / الماوية لاحقا كمرحلة ثالثة فى تطوّر علم الشيوعية ، نعقد الآن مقارنة بين ردود فعل البعض تجاه الخلاصة الجديدة للشيوعية و ردود فعل فعل بعض الأحزاب و المنظّمات " الشيوعية " عبر العالم حينما حدّدت الأحزاب و المنظّمات الشيوعية الثورية فى بداية ثمانينات القرن العشرين خاصة علم الثورة البروليتارية العالمية على أنّه الماركسية – اللينينة – فكر ماو تسى تونغ / الماوية لاحقا .
لقد صرخ البعض بأنّ هذا تجاوز للينينية و ضرب لها غير مقبول و بشكل من الأشكال زعقوا و إن لم يستعملوا هذه المصطلحات بأن هذا " ما بعد اللينينية " و إطار نظري جديد يعوّض الماركسية – اللينينية.( و إلى اليوم هناك من يتشبّث بهكذا أفكار). ومثلما هُزمت فى الأساس دغمائية المناهضين لفكر ماو تسى تونغ / الماوية لاحقا ، ستُهزم دغمائية مناهضي الخلاصة الجديدة للشيوعية بفضل جهود الشيوعيين الثوريين فى كافة أنحاء العالم .
3- وحدة علم الشيوعية أو تعدّده ؟
بطبيعة الحال هناك علاقة جدلية بين العام و الخاص و الجزء و الكلّ لا يمكن لأحد يتبنى المادية الجدلية و يطبقها أن ينكرها و لكن فى هذه الفقرة لا نركّز على السيرورة و التطوّر الجدليين و تفاعل العام و الخاص و الجزء و الكلّ بل على رؤية ما يوجد فى هذه اللحظة التاريخية بالذات إذ فى الوقت الذى تمثّل فيه الخلاصة الجديدة للشيوعية وحدة علم الشيوعية و عالميته ، تمثّل وجهة النظر الدغمائية للحزب الهندي و أضرابه دعوة لجعل علم الشيوعية متعدّدا.
الخلاصة الجديدة للشيوعية فى جانبها الأساسي كما مرّ بنا تلخيص للتجارب التاريخية و الحاضرة ( جزئيّا النيبال و البيرو ) للبروليتاريا العالمية من منظور علم الشيوعية و بغاية تنقيته من الأخطاء و إرسائه على أسس علمية أرسخ و إعادة صياغته كعلم للثورة البروليتارية العالمية يطبّق على الظروف الملموسة لمختلف البلدان من أجل الثورة البروليتارية بتيّاريها و الغاية الأسمى هي الشيوعية على النطاق العالمي .
أمّا آجيث الذى ينظر لعلم الشيوعية من منطلقات قومية متعدّدة فيمقت أكثر ما يمقت الأبعاد العالمية للخلاصة الجديدة للشيوعية فوفق المنطق الذى يقوده لئن نفت هذه الخلاصة عنها هذه الأبعاد لما رأي فى وجودها مشكلا أصلا ذلك أنّه يعدّ فكر غنزالو و طريق براشندا ضمن إطار الماركسية – اللينينة – الماوية ، بينما يخرج الخلاصة الجديدة للشيوعية منه لكونها فى رأيه " تعوّض الماركسية – اللينينية –الماوية " .
ومن هنا ، منطق القائد الهندي يؤدى إلى أنّه لا مشكل مع ذاك الفكر و ذاك الطريق وهو بالرغم عنهما يدخلهما ضمن إطار الماركسية – اللينينية – الماوية و نقول هذا لأنّ كلاهما – فكر غنزالو و طريق براشندا – يقدّمان نفسيهما كتطوير لإيديولوجيا البروليتاريا بداية كانا محلّيين لكن سرعان ما صارا عالميّين!
و بمثالية يتغافل آجيث عمدا عن البعد العالمي المدّعى لذاك الفكر و ذاك الطريق لأنهما لم يلقيا تفاعلا عالميّا و لم تكن قاعدتهما أممية صلبة مثلما هو حال الخلاصة الجديدة للشيوعية ، و غايته من ذلك هي براغماتيّا جعل أنصارهما يلتحقان بمشروعه الدغمائي .
و الأدهي أنّ حتى الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي الذى يكيل له القائد الهندي المديح و يدينه الحزب الأفغاني قد أصدر مقالا يشرح فيه البعد العالمي لتحريفية طريق براشندا عنوانه " الأبعاد العالمية للتحريفية الجديدة لبراشندا " كتبه باسنتا بتاريخ 10 أوت 2012 و صدر فى أوّل عدد من مجلّة ذلك الحزب " وجهة نظر ماوية "!
لقد بات آجيث يرى ما يريد فهنيئا له بمثاليته الذاتية التى لا نحسده عليها قطعا فلنا ماديتنا الجدلية و نحن متمسكون بها التمسّك كلّه !
و الأنكى أنّ آجيث يتصوّر توحيد الماويين حول الماركسية – اللينينية – الماوية ، رئيسيّا الماوية التى نفاها البيروفيون بفكر غنزالو أي تجاوزوها و لم تلقى قبولا عالميّا وهي فوق ذلك صيغة خاطئة كما شرحنا . يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الخلف . يبدو أنّه يخال مقاله " ضد الأفاكيانية " بمثابة آلة للعودة فى الزمن ! وهو بهذا يجسّد أفضل تجسيد بقايا الماضي !
=======================================================



















4- منهج تغلب عليه الذاتية والبراغماتية :
غاية فى الأهمّية هو المنهج الذى يطبّقه الكاتب فى الجدال و فى البحث عن الحقيقة ذلك أنّه يكشف مدى تمكّنه من المادة التى يعالج و مدى مسكه بناصية المادية الجدلية ، فى موضوع الحال ، و كذلك مدى إحترامه للقرّاء و ذكائهم . لذلك بوّبنا هذه الفقرة من الفقرات الأولى التى سنتناولها بالبحث.
ب- روايات ذاتية للتاريخ :
منذ الصفحات الأولى لمقاله ، عمد آجيث إلى ما يسمّيه سرد " وقائع " و الحال أنّه يروى التاريخ رواية ذاتية . فمن البداية طفق يقدّم روايته الخاصّة للتاريخ مدّعيا أنّ " الصراع إنطلق فى 2009 " أي أنّ تشكّل كتلة من أربعة أحزاب كانت تنشط ضمن الحركة الأممية الثورية هي الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي ) و الحزب الشيوعي الماوي الأفغاني و الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي- اللينيني ) نكسلباري و الحزب البروليتاري لبوربا بنغلا – بنغلاداش ( الذى سيغادر التكتّل بسرعة ) ، و إصداره أوّل بيانات مشتركة هو نقطة الإنطلاق .
و هذا غير صحيح جزئيّا . فالحركة الأممية الثورية عرفت عدّة صراعات قبل ذلك عرضها الحزب الشيوعي الثوري فى رسالته إلى الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية فى غرّة ماي 2012 حول مسائل عدّد أهمّها . و قد حصل أيضا صراع حول نظام الدولة الإشتراكية فى 2006 بالذات بين حزب آجيث و الحزب الشيوعي الثوري و وجهتا النظر المختلفتين موثّقتان و يمكن الإطلاع عليهما ضمن كتاب لشادي الشماوي " الماوية تنقسم إلى إثنين" وهو متوفّر على موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت.
و بالتالى ليس تشكّل تلك الكتلة منطلقا لصراع الخطين بل هو منعرج أو تحوّل نوعي فيه . و لعلّ آجيث بتاريخه المتوخّى الذاتية هذا يحاول أن يتغاضى عن الردّ المفحم الذى لقيته وجهات نظره من لدن الحزب الشيوعي الثوري .
و هذه واحدة من عدّة روايات ذاتية تتجنّى على الواقع .
و يتحدّث قائد الحزب الهندي على طول نصّه و عرضه عن ما يخاله " وقائع " فينكر أنّ حزبه تلقّى رسالة 2009 التى توجّه بها الحزب الشيوعي الثوري إلى كافة أحزاب الحركة الأممية الثورية ثمّ ينكر حقيقة أخرى قائلا " أوّل مرّة نسمع عن نظرة تجاهلت " المواقف السياسية و الإيديولوجية العامة و طالبت بإدماج أحزاب جديدة على أساس أنّها تخوض أو لا تخوض نضالا مسلّحا تحت راية الماوية . لم نشاهد هذا أبدا فى مواقف أي حزب من أحزاب الحركة الأممية الثورية ". و بعد ذلك ينكر " هذه النظرة ل " التقدّم الآلي " جديدة علينا و حتى أغرب ، لم تقع أبدا الإشارة إليها أو الصراع ضدّها فى ندوات الحركة الأممية الثورية و تقاريرها " . وينكر أمرا آخر " لكنهم أبدا لم يتجشّموا عناء إعلام الحركة الأممية الثورية بتخلّيهم عن مواقف الإجتماع الموسّع لسنة 2000 أو بالمنطق الذى يقف وراء تراجعهم عنه " .
و المسألة بسيطة بالنسبة للقارئ : كيف يمكن لنا أن نتأكّد من صحّة روايتك هذه للأحداث و ما تنكره ؟ قد ينبرى أي شخص آخر ليفنّد هو الآخر برواية ذاتية ما تفوّهت به . فمن نصدّق ؟
و من هنا ندرك تمام الإدراك مأزق الروايات الذاتية و نلمس قدر إهتزاز قاعدة التعويل على هذا الصنف من الروايات ، قاعدته غير صلبة شأنها فى ذلك شأن إدعاء وجود " مساهمات قوى ماوية عبر العالم بأسره " ذات بال فى النضال العالمي ضد التحريفية الصينية و ضد الدغمائية التحريفية الخوجية ، الذى أدّى إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية بما يخوّل لآجيث الإعتراض على أنّ أفاكيان إضطلع بدور " حيوي و مركزي " فى ذلك النضال . فهذا الإدعاء ذاتي ، لم يسنده صاحبه و لا بإسم منظّمة واحدة و لا بإسم حزب واحد ، و لا بعنوان مقال واحد ؛ و يريد من القارّاء تصديق روايته !
ب- تأويلات مغرضة للإستشهادات :
أمثلة هذا الأسلوب فى النقاش كثيرة فى ثنايا مقال القائد الهندي و كيما لا نثقل على القرّاء سنكتفى بالأمثلة الثلاثة التالية و البقية نضمّنها فى حينها فى النقاط التى سنتناول بالبحث :
1- متطرّقا إلى ما أطلق عليه عنوان " المراحل التعسفية الأفاكيانية " ، كتب : " ما هي حجّة التمييز بين هذه المراحل . إنّها هزيمة الإشتراكية " . و إسترسل موردا إستشهادا بكلام من وثسقة " الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي " من المكسيك ( منظمة الشيوعيين الثوريين – المكسيك ) : " مع الإنقلاب على الإشتراكية فى الصين فى 1976 و الذى حدث بعد عقدين منذلك الذى جدّ فى الإتحاد السوفياتي فى خمسينات القرن العشرين ، إنتهت الموجة الأولى من الثورات الإشتراكية ، و اليوم ، لا توجد أية دولة إشتراكية فى العالم ".
و من يتمعّن فى كلام آجيث قبل الإستشهاد يلاحظ أنّه لا يعكس عمق ما عبّر عنه الإستشهاد ففى هذا الأخير تأكيد على " لا توجد أية دولة إشتراكية " و نشدّد على فكرة إنعدام الدول الإشتراكية و ليس " هزيمة الإشتراكية " بصيغة عامة تعويمية والفرق شاسع و بيّن . خسارة البروليتاريا للإتحاد السوفياتي " هزيمة للإشتراكية " كما هي خسارة أي بلد آخر و فى النهاية خسارة الصين . وهو ما يتلاعب به آجيث فى الفقرات التالية لذلك الإستشهاد . ففى حين أن وجود أو عدم وجود دول إشتراكية يمثّل بلا جدال تحوّلا نوعيّا هائلا يشكّل فيه بوضوح و جلاء إنعدام وجود أية دولة إشتراكية نهاية مرحلة/ موجة. و مصطلح موجة المستخدم هنا و الذى يقرّ آجيث بأنّه مرادف لمرحلة فى مطلع فقرته عن المراحل ليس مستعملا فقط من قبل أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية بل إستعملته قبلا الحركة الأممية الثورية فى بياناتها . وهو يحيل على سيرورة تاريخية و ليس على نقطة معيّنة من التاريخ و حسب ، سيرورة الإعداد لإفتكاك سلطة الدولة ثمّ إفتكاكها و أخيرا خسارتها . هذه السيرورة هي المرحلة / الموجة المعنيّة و ليس مجرّد " هزيمة الإشتراكية " التى قد تفهم على أنّها " الشيوعية " كإيديولوجيا و مجتمع نرنو إلى تحقيقه على كوكبنا . وهذا التداخل قد إستغلّه آجيث ليلف و يبتعد عن جوهر الموضوع و يتلافاه مصرّحا " الحركة الشيوعية الآن صارت غنية بدروس الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و التقدّم الإيديولوجي نحوالماركسية – اللينينية – الماوية ". هذا هوالمثال الأوّل من تأويل آجيث الإستشهادات تأويلا مغرضا و تلاعبه بمضامينها و نمضى إلى المثال الثاني .
2- فى إطار معالجته ل" المهمّة الوطنية فى البلدان المضطهَدة " ، صاغ القائد الهندي الفقرة التالية :
" لقد مضى هذا إلى حدود تخيّل دمج المرحلتين ، الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ، مرحلتا الثورة فى الأمم المضطهَدة إلى مرحلة واحدة . للخيال منطقه "... عموما هي [ يقصد عدد المراحل ] تحدّد أكثر بما يحدث فى العالم ككلّ أكثر مما تتحدّد بما يحدث فى بلد واحد ".(82) لقد سبق وأن لاحظنا كيف أنّ فى الصورة التى يرسمها الحزب الشيوعي الثوري ، المهمّة الوطنية فى الثورة فى بلد مضطهَد إعترف بها ثم جرى تقويضها . إنّه يراها ك " عبء غير مرغوب فيه " و تعامل معها على ذلك الأساس . و الآن نلمس أنّ هذا كذلك صحيح بشأن المهمّة الديمقراطية. إنّ الحجّة التى يتقدّم بها أفاكيان كانت لامعة . تساءل إن كانت الثورة الألمانية قد سبقت الثورة الروسية ، ألم يكن بإمكانهم معالجة المسألة الزراعية بطريقة مختلفة ؟ (83) لنقبل بهذه الفرضية لكن كيف يمكن لمثال روسيا المتخلّفة حقّا مع أنها فى الأساس قوّة إمبريالية أن تقارن بالبلدان المضطهَدة ؟ فى روسيا ، كان على البروليتاريا أن تنجز المهمّة الديمقراطية فى خضمّ السيرورة .(84) . و فى البلدان المضطهَدة هي مهمّة حيوية للثورة ، إلى جانب المهمّة الوطنية – أساس التقدم نحو الإشتراكية و الشيوعية . لهذا للثورة مرحلتين ، الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية . ما الذى سيحصل إن وقع إنكار هذا و دمجت فى مرحلة واحدة ؟ الثورة الديمقراطية الجديدة التى تعالج المهمّتين التوأمين ، التحرّر الوطني و الثورة الديمقراطية المناهضة للإقطاعية ستلغى بحجّة المرور السريع إلى الإشتراكية . رغم أنّه فى ما بعد فى مقاله ، سعى أفاكيان إلى إخفاء آثاره بإعادة تبنيه ل " مرحلتي الثورة " ، فإنّ جوهر حججه يعود إلى تمرير التروتسكية ."
بلا ريب قد لاحظ من قرأ الفقرة بإنتباه أنّ آجيث أقام تهمة " تمرير التروتسكية " على حجّة لأفاكيان وسمها صاحبنا الهندي بسخرية بأنّها " لامعة " وهي السؤال إن كانت الثورة الألمانية قد سبقت الثورة الروسية ، ألم يكن بإمكانهم معالجة المسألة الزراعية بطريقة مختلفة ؟ كلّ صَرح " تمريرالتروتسكية " الذى شيّده ناقد آفاكيان يستند إلى ذلك السؤال المفترض جدلا بخصوص وضعية كانت ممكنة التحقّق تاريخيّا و لم تتحقّق ( كان لينين ذاته يتوقّع نجاح الثورة فى ألمانيا ) و بالتالي لا تتعلّق المسألة بلهو و " تخيّل " و "خيال "بل بجدلية الإمكانيات و تحقّقها فى الواقع . و بعد هذا، لمّا عدنا للمرجع الأصلي رصدنا أنّ هناك بون شاسع بين " الثورة الألمانية قد سبقت الثورة الروسية " بكلمات صاحبنا الهندي و ما تفوّه به أفاكيان من " لو عرفت ألمانيا ثورة بروليتارية ناجحة فى نفس الوقت مع نجاح ثورة أكتوبر فى روسيا " . مسألة الزمن فى منطق آجيث لا تسوى شيئا و" قبل" و " فى نفس الوقت " سيّان لديه و لكن فى الواقع الفرق بحجم جبال الهيمالايا . و فوق ذلك ، ما الذى كان يقصده أفاكيان ب " معالجة المسألة الزراعية بطريقة مختلفة " ؟ بصريح العبارة ، قال : لا أقصد أنّه كانوا سينتهجون عندئذ سياسات تروتسكية و يقولون " حسنا الآن يمكننا إطلاق النار على الفلاحين جميعهم " أو ما شابه – أي التصريح بانّهم جميعا فى خندق الأعداء – لكن كانوا سيتمكنون من التعاطي مع الفلاحين بشكل مختلف. كان يمكن أن يتمكّنوا من التحرّك بسرعة أكبر نحو المشركة و فى سيرورة مشركة الفلاحة كانت ستكون لديهم قاعدة مادية أصلب للقيام بذلك بطريقة لا تدفع بالفلاحين إلى المعارضة ".( بوب أفاكيان " التقدّم بالحركة الثورية العالمية : قضايا توجّه إستراتيجي " ).
أفاكيان يقصد تسريع نسق المشركة و كسب الفلاحين إلى جانب الثورة فى روسيا بعد أكتوبر و آجيث وهو يدوس المكان هنا مثلما داس قبلا الزمان ، يؤوّل على هواه الكلام و يفرض علينا فعلا الصورة التى صنعها خياله عن " دمج المرحلتين ، الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ، مرحلتا الثورة فى الأمم المضطهَدة إلى مرحلة واحدة ". حقّا كم هو مبدع آجيث هذا فى التأويلات المغرضة التى ستطال أيضا إستشهادا بإنجلز !
وبإقتضاب ( و سنفصّل المسألة أكثر فى المجال المناسب لاحقا )، فى الفقرة المعنونة " تقويض الإقتصاد السياسي الماركسي " ، يورد القائد الهندي المقتطف التالي من كتاب إنجلز " ضد دوهرينغ " : " الإنتاج البضاعي ، شأنه شأن أي شكل آخر من الإنتاج ، له قوانينه الخاصة الملازمة له داخليّا و التى لا تنفصل عنه . و هذه القوانين تشقّ لنفسها طريقا رغم الفوضى و ضمن هذه الفوضى و من خلالها ".
و بعد جمل من ذلك يتفتّق ذهن آجيث ب " لهذا شدّد على أنّها تعمل " رغم الفوضى " " . إنجلز يقول " رغم الفوضى و ضمن هذه الفوضى و من خلالها " و ناقد أفاكيان يعبث كما يشاء بكلامه فيسقط ما يطيب له و يأكّد على ما يحلو له مشوّها كلام إنجلز لأغراض جدالية براغماتية لا أكثر .
هذه عينات و نماذج فقط من أسلوب الدغمائيين فى الجدال النظري الذى فضحنا جوانبا منه و سنفضح جوانب أخرى تبدو مكتومة ، غير بيّنة .
======================================================


















5- آجيث و تلخيص الموجة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية : نعم قولا و لا فعلا !
ممّا لفت إنتباهنا ونحن نتجوّل طولا و عرضا فى " ضد الأفاكيانية " أنّ الحزب الهندي ينقض بصفة غير مباشرة ما قاله الحزب الأفغاني المتكتّل معه بشأن تلخيص تجارب البروليتاريا العالمية السابقة ففى حين أكّد الأفغانيون فى وثيقتهم الأولى الناقدة لبيان الحزب الشيوعي الثوري ( " موقفنا من الخطّ الجديدة للحزب الشيوعي الثوري و بيانه و قانونه الأساسي" ، الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني ، أكتوبر 2010 ضمن كتاب شادي الشماوي " الماوية تنقسم إلى إثنين " على الحوار المتمدّن ) أنّ ما من أحد نهض بهذه المهمّة ، نلفى الهنود يأكّدون فى أكثر من مناسبة فى الوثيقة التى ننقد أنّ الكثيرين ساهموا و يساهمون فى هذه العملية ف" هذه المهمّة ، مهمّة التلخيص كانت ( و لا تزال ) تنجز من زوايا شتّى . إنّها لم تنته بعدُ و الدروس المستخلصة فى حاجة إلى تلخيص"( فقرة " المراحل التعسفية للأفاكيانية " ).
أ- مهمّة ملحّة ، لكن !
و يلتقى الحزبان إياهما فى أنّ مهمّة التلخيص هذه مهمّة ملحّة و فى فقرة "المراحل التعسفية للأفاكيانية " متحدّثا عن هزيمة الدول الإشتراكية ، شدّد آجيث على أنّ " التراجع لا يمكن إنكاره و قد تطلّب تلخيص تجارب بناء الإشتراكية و إعادة دراسة / تفحّص و نقد الإرث النظري و العملي للحركة الشيوعية العالمية برمتها ...".
و قد سبق و أن بيّننا بالتفصيل فى مقال أفريل 2013 " الخلاصة الجديدة للشيوعية و تطوير الإطار النظري للثورة البروليتارية العالمية " أنّ بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 ، أبرز أن هذه المهمّة إستعجالية بل من أوكد المهام الموكولة إلى من يحملون على عاتقهم مسؤولية إعادة بناء الحركة الشيوعية العالمية على أسس ثورية متطوّرة . و بيّننا أن الحزب الشيوعي الثوري قبل تشكّل الحركة و بعدها ظلّ يأخذ المهمّة إيّاها مأخذ الجدّ لما ينوف عن أربعة عقود . فقبل تشكّل الحركة ، خاض بوب أفاكيان فى عدّة جوانب من الموضوع كاتبا عددا لا بأس به من المقالات و الخطابات و الكتب أقرّت أحزاب الحركة و منظماتها و أقرّ حتى صاحب " ضد الأفاكيانية " بأهمّيتها و دلالتها فى تلك الفترة من النضال التاريخي ضد التحريفية الصينية و الخوجية . و قد تضمّن بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 الكثير و الكثير من الأفكار التى توصّل إليها أفاكيان و حزبه . لقد كانت " كتابات أفاكيان أثناء هذه الفترة مساهمات ذات دلالة فى الصراع العالمي " ، بكلمات آجيث عينه.
و واصل أفاكيان التنقيب و البحث لعقود و النقاش و كانت كتاباته متداولة لدى أحزاب الحركة و منظماتها و قد جرى نقاش بعضها فى النشرية الداخلية للحركة و من ذلك النقاش الذى دار بين الحزب الهندي و الحزب الأمريكي حول نظام الدولة الإشتراكية سنة 2006 ( أنظروا كتاب شادي الشماوي " الماوية تنقسم إلى إثنين " على الحوار المتمدّن ).
وقطع أفاكيان ، قائد الحزب الشيوعي الثوري ، أشواطا كبيرة على درب إنجاز هذه المهمّة و نشر عديد الكتب فى هذا الصدد لكن الأحزاب و المنظّمات الأخرى لم تنهض بهذه المهمّة بإستثناء الحزب البيروفي والحزب النيبالي و بشكل جزئي جدّا و مجانب للصواب . فالحزب البيروفي لخّص على طريقته تجارب دكتاتورية البروليتاريا و لم يؤلّف مقالات و لمينظّم نقاشات على نطاق واسع و إنّما صاغ شعار" الحرب الشعبية إلى الشيوعية " كحلّ – فيه ما فيه من اللينبياوية كما شرحنا فى مناسبة سابقة – لقضية إعادة تركيز الرأسمالية . و بخصوص الحزب النيبالي ، رأينا كيف لخّص باتاراي فى مقال له سنة 2005 عن " الدولة الجديدة " نقده الحزب الشيوعي الثوري فى رسالاته إلى ذلك الحزب سنة 2006 و بعدها ، تلك التجارب الإشتراكية على أنّها تجارب شمولية ، غير ديمقراطية و بالتالي أدار ظهره لها و قبرها تحت ركام من التشويهات التحريفية و توجّه إلى القرن 18 و أخذ يروّج للديمقراطية البرجوازية على أنّها إشتراكية القرن الواحد و العشرين . و خيانة الثورة التى أدى إليها ذلك معلومة الآن والباقي تاريخ كما يقال .
تلك هي الخلاصات المقدّمة فى مقابل الخلاصة الجديدة للشيوعية . و قد إختار آجيث الإنحياز إلى الخلاصة الجزئية جدّا جدّا و الخاطئة – اللينبياوية - للحزب الشيوعي البيروفي و ساند " تسليح الجماهير " كحلّ فى رأيه يناقض كلّ ما عرضه بوب أفاكيان .
الخلاصات الجزئية والجزئية جدّا قَبِل بها و الخلاصة المتكاملة و العميقة و الصحيحة نبذها لا لشيء إلاّ لأنّها لا تخفى أبعادها العالمية ( رغم أنّ الخلاصات الجزئية البيروفية و النيبالية تدّعى أبعادا عالمية هي الأخرى لم يُرحّب بها ) و تشدّد على الأممية عكس القومية التى ينحاز إليها آجيث بصورة أو بأخرى .
هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى ، يقرّ القائد الهندي بأنّ المهمّة لا تزال تحتاج إلى جهد جبّار و لكنّه يرمى بعيدا بالخلاصة الجديدة للشيوعية و الجهود البحثية الجبّارة التى بُذلت و كأنّها لا شيء . و من ناحية ثالثة لا يقدّم هذا القائد و لا أضرابه أية خلاصة متناسقة طوال عشرات السنين و دخولهم فى نقاش عميق للخلاصة الجديدة للشيوعية إضطروا إليه إضطرارا فى المدّة الأخيرة بعد صدور وثائق قوية مزعزعة ، و بعد سنوات من التكتّل دون نقاش و دون أرضية مبدئية مثل بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 .
مجمل القول ينطق لسان حال كتلة حزب نكسلباري مهمّة التلخيص ملحّة و لكن لنسير فى ركاب الرامين بها إلى مستقبل بعيد غير معلوم و نعرقل تبنّى الخلاصة الجديدة للشيوعية التى أنجزها و قدّمها أساسا بوب أفاكيان لأنّنا لم نساهم فيها لإعتبارنا إيّاها لعقود مسألة ثانوية للغاية ، عوض على الأقلّ ، كمجهود أدنى ، تطبيق المنهج العلمي و دراستها و مدى صحة مضامينها و التفاعل معها بما يقتضيه الواجب الشيوعي الثوري.
ب- الإلتفاف على نقد أفاكيان الرفاقي للينين و ماوتسى تونغ :
كأهمّ قسم من تلخيص التجارب التاريخية و كذلك الحاضرة للبروليتاريا العالمية يجب من كلّ بدّ الإضطلاع بتقييم نقدي لتجارب الإتحاد السوفياتي بقيادة لينين و ستالين و الصين الماوية . و هذا ما أدركه بوب أفاكيان وبذل قصارى جهده لإنجازه طوال سنوات ليتوصّل إلى الخلاصة الجديدة للشيوعية .
لكن آجيث الذى يقرّ بضرورة هذا التلخيص يرفض ما توصّلت إليه بحوث أفاكيان ولا يعتبر أنّها أنجزت المهمّة أو ساهمت فى إنجازها و أكثر من ذلك يوجه سهامه إلى صدر أفاكيان لتقويض كلّ ما بناه مننقد صحيح و علمي و من منظور بروليتاري شيوعي ثوري لكلّ من لينين و ماوتسى تونغ .
من أهمّ الهنات و النقائص و الثغرات التى شخّصها أفاكيان لدى لينين و نقدها هي نزعة قومية ثانوية تمظهرت فى " العزّة القومية للروس " غير أنّ قائد الحزب الهندي يدافع عن الخطإ و عندما ينقد أفاكيان نزعة قومية ظهرت فى شعار " لنجعل الماضي يخدم الحاضر والعالمي يخدم الصين " رُفع إبّان الثورة الثقافية الكبرى ، ينبرى قائد الحزب الهندي ليدافع عن الخطإ و يتجنّى على الحقائق التاريخية . و هكذا بالنسبة لأخطاء أخرى ثانوية لا تنقص من عظمة هؤلاء القادة البروليتاريين العالميين الذين علّمونا مبدئيّا أن نمارس النقد و النقد الذاتي لكشف الغلط و تجاوزه فالماركسية تتطوّر، على حدّ كلمات إنجلز، بنقد ذاتها أيضا .
إذا كان آجيث بدغمائية يلتفّ على كلّ نقد للينين و ماوتسى تونغ كقادة لأهمّ تجربتين من التجارب الإشتراكية ، فكيف سيجرى عملية التلخيص؟ ماذا سيلخّص ؟ أم هي عملية تلخيص من نمط مخترع ، لا نقد فيها ؟ يبدو أنّ أتباع القائد الهندي يتحدّثون عن تلخيص لا ينوون إجراءه أبدا ! يبدو أنّهم يكتفون بالنقد الذى وجهه ماو لستالين و لا شيء بعد ذلك . و إن ألمحوا إلى الحاجة إلى نقد لينين و ماو ، لا تراهم إلاّ يؤجّلون المسألة بتبريرات واهية إلى يوم يبعثون !
إنّ الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بهذا بوب أفاكيان بعد سنوات و سنوات من التنقيب و البحث تنطوي على مكوّنين إثنين متكاملين و متداخلين هما الإستمرار و القطيعة أي هي إستمرار لما هو صحيح فى الماركسية – اللينينية – الماوية و تجارب البروليتاريا العالمية تاريخيّا ( أساسا و راهنا ) و قطيعة مع ما تبيّن غلطه . هي إستمرار للينينية و نقد لبعض أخطاء لينين و قطيعة معها و هي إستمرار للماوية و نقد لبعض أخطاء ماو تسى تونغ و قطيعة معها . و من ثمّة هذه القطيعة و هذا الإستمرار المعزّز بإضافات نوعية جزئية لبوب أفاكيان فى علم الشيوعية مكّنا من إعادة صقل الشيوعية و إخراجها على أسس علمية أرسخ و أمتن فى شكل الخلاصة الجديدة للشيوعية . بيد أنّ آجيث ينبذ المنهج الجدلي فلا يرى فى الخلاصة الجديدة للشيوعية لا إستمرارا و لا قطيعة و هو يرفض أي قطيعة مع أخطاء لينين و ماو و يعدّ كلّ نقد لهما تحريفية . إنّه يجعل الجدلية و النقد و النقد الذاتي يسقطان " كزرّ ثوب فوق الرفّ "!
3- خلط الأوراق و تأجيل المهمّة الملحّة :
لا الحزب الإيطالي و لا الحزب الأفغاني و لا الحزب الهندي ،على حدّ علمنا ، قد نهضوا كما يجب بهذه المهمّة . و من الثلاثة أحزاب المذكورة هذه ، هناك مساهمات صغيرة لحزب آجيث رأيناها بصدد نظام الدولة الإشتراكية و نقدها الحزب الشيوعي الثوري نقدا صائبا . و قد سجّلت إستعجالية هذه المهمّة حتى فى بيانات تكتّل مجموعة الأحزاب هذه و مع ذلك لا جديد تحت الشمس ، لا جديد لبضعة سنين الآن . شغل هذه الأحزاب الشاغل هو تحطيم الخلاصة الجديدة للشيوعية و ليس النقاش المبدئي و العلمي العميق . و حتى نص " ضد الأفاكيانية " يحدّد نفسه تحديدا سلبيّا أي يحدّد نفسه بمعارضة أفاكيان و لا يقدّم خلاصته هو صراحة مما أملى علينا إستخراجها إستخراجا من طيّات النصّ لنعثر على إستعارة إنتقائية لجملة أفكار من هنا وهناك يصعب نعتها بالخلاصة و لو الجزئية .
و فوق كلّ ذلك ، يعوّم آجيث المهمّة فى نصّه الذى ننقد ليجعلها تشمل ضرورة تلخيص الندوة العالمية للأحزاب والمنظمات الماركسية – اللينينية التى إنتمى إليها الحزب الشيوعي الفليبيني و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) وذلك قصد إستمالة هذين الحزبين و دعوتهما بصفة غير مباشرة إلى الإلتحاق بمشروعه ( و هما حزبان ماويّان لم يلتحقا بالحركة الأممية الثورية لخلافات صراحة لا فكرة لنا عنها فى الوقت الحاضر ). و أكثر من ذلك حتى ، فى فقرة " بعض ميزات المابعدية الأفاكيانية " يعرب القائد الهندي عن أن" الأفكار الثاقبة النقدية التى تقدّمت بها [ التيارات ما بعد المعاصر] يجب على الماركسية أن تلخّصها ". و" مساهمات منظّري مدرسة فرانكفورت هي كذلك يجب أن يُعترف بها ".
لسنا فى المطلق ضد ما يدعو إليه الآن آجيث و لكن بالنظر إلى الواقع إذا لم تنجز هذه المجموعة من الأحزاب المتكتّلة على أساس مناهضة الخلاصة الجديدة للشيوعية لا غير ( لا خلاصة مشتركة و مواقف متضاربة كما لمسنا ) مهمّة رسمها بيان الحركة الأممية الثورية منذ 1984 و لم تتقدّم فى إنجازها فى السنوات الأخيرة بل هي أفرغتها من محتواها ( ومنه نقد لينين و ماو) ، فهل ستنجزها الآن و قد أضافت إليها ما يقترحه القائد الهندي : تيارات ما بعد المعاصرة و مدرسة فرانكفورت ؟ نعتقد أنّ هذه عملية تعويم و تعميم لذرّ الرماد فى العيون لا غير لتغدو المهمّة أعسر وتأجّل إلى تاريخ غير معلوم.
و ملخّص سياسة هذه الكتلة من الأحزاب تجاه إنجاز سريع لتلخيص لتجارب البروليتاريا العالمية هو : نعم قولا و لا عملا و فعلا !


















6- مراحل أو لا مراحل فى تطوّر الثورة الشيوعية ؟
مسألة " نهاية مرحلة / بداية مرحلة جديدة " سبق لنا الخوض فيها فى مقالات نشرت على الحوار المتمدّن و بيّننا أن هذا التقييم قديم نوعا ما لدي الحزب الشيوعي الثوري فقد كتب أفاكيان خطابا بذات العنوان نشر فى ثمانينات القرن العشرين فى مجلّة " الثورة " ، و أنّ ما من حزب فى الحركة الأممية الثورية نقد علنا هذا الطرح بل بالعكس فى بيانات هذه الحركة و وثائقها هناك تبنّى مفهوم مرحلة / موجة جديدة .
أ- مسألة قارّة فى الجدال العالمي الحالي :
وقد وقف الحزب الأفغاني ضد هذا المفهوم فى 2010 مهاجما بيان الحزب الشيوعي الثوري لسنة 2008 الذى يحمل من العناوين " الشيوعية : مرحلة جديدة ...". و وقع الردّ عليه فى الرسالة التى بعث بها الحزب الأمريكي إلى كافة الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية فى غرّة ماي 2012 و كذلك أتى ردّ من قبل منظّمة الشيوعيين الثوريين – المكسيك فى ماي 2012 أيضا .
و كان بإمكاننا النأي بأنفسنا عن الخوض فى هذا الموضوع إلاّ أنّ آجيث حاول فى " ضد الأفاكيانية " تعميق أطروحات الأفغانيين و حججهم فوجب علينا القيام باللازم و التصدّى لإفتراءاته.
عند تناولنا منهج القائد الهندي فى مقاله الجدالي هذا فصّلنا بعض التفصيل كيف أنّه تلاعب بإلإستشهاد عدد 42 و عوض أن يناقش الحجّة المقدّمة فى ذلك الإستشهاد للتمييز بين المراحل و تحديدا عدم وجود أية دولة إشتراكية فى العالم ، يدعى أنّها " هزيمة الإشتراكية " ليمرّ إلى الحديث عن شتى الهزائم التى منيت بها البروليتاريا العالمية و يجعل من كلّ واحدة تساوي مرحلة ... ؛ و كيف أنّه غضّ الطرف عن معنى مرحلة / موجة بما هي سيرورة ( كما هو الحال بالنسبة لسيرورة تكوّن الموجة من البداية إلى الصعود فالنزول و الإندثار ) و ليس نقطة ، سيرورة الإعداد للإستيلاء على سلطة الدولة و الحفاظ عليها و خسارتها ما يبرز بجلاء التحوّل النوعي المسمّى بنهاية مرحلة / موجة أولى و بداية مرحلة / موجة جديدة.
ب - جديد آجيث :
و نسترسل مع تفحّص حجج آجيث الذى يعترف بأنّ فقدان الدول الإشتراكية " مثّل بمعنى ما رجوعا إلى مرحلة ما قبل أكتوبر . لكن بمعنى محدود فحسب إذ صارت الحركة الشيوعية العالمية الآن غنية بدروس الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و التقدّم الإيديولوجي نحو الماركسية – اللينينية – الماوية و الوضع الموضوعي الذى لاحظه ماو ظلّ قائما ..." .
هنا يتلاعب آجيث بالنسبية ف " بمعنى محدود " يُنسّب الحقيقة الموضوعية المعترف بها و يربطها بعوامل ذاتية و موضوعية هي التطوّر الإيديولوجي و الوضع الموضوعي وهي فى الواقع لا صلة لها مباشرة بحجّة التمييز بين مراحل الثورة الشيوعية : وجود و غياب الدول الإشتراكية .
فضمن ذات هذه المرحلة / الموجة الأولى جرى تطوير الماركسية إلى ماركسية – لينينية و تطوير الماركسية – اللينينية إلى ماركسية – لينينية – ماوية . و فى فترات الإنتصارات أو الهزائم لا تتوقّف الإيديولوجيا البروليتارية عن التطوّر مطلقا بما هي علم و تطوّرها وتطوّر مراحلها ( من أولى : ماركسية ، إلى ثانية : ماركسية – لينينية ، إلى ثالثة : ماركسية – لينينية – ماوية ) لا يحدّد قطعا نهاية / بداية مرحلة فى الثورة الشيوعية مثلما عرفت ذلك المرحلة / الموجة الأولى . هنا يخلط آجيث عمدا مراحل تطوّر علم الشيوعية و مراحل تطوّر الثورة الشيوعية . إنّه لا يفرّق عن قصد بين النوعين من التطوّرات و المراحل ليضلّل القرّاء و يشوّه الحزب الشيوعي الثوري . و هذه منه مرّة أخرى براغماتية.
و " الوضع الموضوعي الذى لاحظه ماو ..." تغيّر و إن لم يتغيّر العصر ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية الذى يتحدّث عنه ماو ( " العصر التاريخي " قال ) . و ناقد أفاكيان يجرى عملية خلط أخرى عمدا وقصدا بين العصر و المرحلة / الموجة لإرباك القرّاء إرباكا سيستغلّه ليزيد فى بثّ الشكّ فى ما يسميه " المراحل التعسفية للأفاكيانية " فى حين أنّ المسألة ببساطة 2 + 2 = 4.
و الحقّ يقال قد غيّرت خسارة البروليتاريا العالمية للدول الإشتراكية السابقة كثيرا فى الواقع الموضوعي و ميزان القوى العالمي و الوضع العالمي . فشتّان بين وضع نهاية أربعينات القرن العشرين – بداية خمسيناته حيث إكتسبت البروليتاريا العالمية دولا عديدة و مارست سلطتها على رقعة كبيرة من كوكبنا ، و بين الوضع الراهن حيث لا دولة إشتراكية واحدة ! و من لا يدرك هذا التغيير أعمى بعيون براغماتية.
وعقب تلاعبه بالنسبية و خلطه بين مرحلة / موجة الثورة البروليتارية العالمية و العصر و بين العصر و الوضع الموضوعي ، يعمد صاحب " ضد الأفاكيانية " إلى مزيد خلط الأوراق للتشكيك فى إعتبار خسارة دول إشتراكية بعد كسبها نهاية مرحلة / موجة واحدة " لماذا يجب إعتبار كامل الفترة الممتدّة من بيان الحزب الشيوعي ...إلى التراجع فى الصين مرحلة واحدة ؟...و عندئذ لماذا لا يقسّم كامل تاريخ الحركة الشيوعية إلى مراحل ثلاث ؟..." و ينتهى إلى " كلّ تلك التقسيمات التى عرضنا أعلاه مناسبة ".
لا يلتزم آجيث و لا يتقيّد بالمعيار الذى وضعه أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية أي خسارة الدول الإشتراكية بعد كسبها و إنّما يقدّم معاييرا جديدة ، أخرى و بالتالي قد تستقيم التقسيمات الأخرى و لكن وفق معايير مغايرة أخرى و هذا ليس حجّة على أنّ نهاية مرحلة / بداية مرحلة تعسفي بل بالعكس إن كانت التقسيمات التى عرضها آجيث ممكنة لماذا يعتبر تقسيم الحزب الشيوعي الثوري غير ممكن و غير صحيح ؟ أم هو الإستثناء الوحيد حسب آجيث ؟ ثم إنّ تقسيم الحزب الشيوعي الثوري تقسيم مادي واقعي قائم على حجّة مادية صلبة لا أقوى منها و لا أوضح لمن له عيون ليرى .
و قد يقترح آخرون تقسيم تاريخ الحركة الشيوعية إلى عدّة مراحل ، أكثر من ثلاث (حسب آجيث ) بإقتراح معيار مثل تشكّل و حلّ المنظّمات الأممية للبروليتاريا العالمية ، الأممية الأولى و الثانية و الثالثة و الكومنترن والكومنفورم و لاحقا منظّمات لا حصر لها إلخ . غير أنّنا نعود لنأكّد أنّ خسارة الدول الإشتراكية تعلن نهاية مرحلة من الثورة البروليتارية العالمية ، مرحلة أعدّت فيها البروليتاريا لإفتكاك سلطة الدولة و تمكّنت من الإستيلاء عليها فى عدّة بلدان فملكت دولا ، ليس كتغيّر نوعي / كيفي و حسب بل كمنعرج تاريخي عالمي برمّته.
ويرى القائد الهندي أنّ هذا التقسيم المادي الصحيح و الصائب و الصلب " تعسّفيّا يقسّم سيرورة الثورة الشيوعية إلى مراحل حتى لا يمكن تصوير الماركسية – اللينينية – الماوية كإطار نظري محدّد فقط لواحدة منها ، ما يسمى بالمرحلة الأولى . و يجرى هذا للمحاججة بأنّ المرحلة الجديدة تحتاج إطارا نظريّا جديدا ".
وتعليقنا على هذا الكلام هو أنّ الإطار النظري للمرحلة / الموجة الأولى لم يكن واحدا بل إبتدأ بالماركسية كمرحلة أولى فى تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية ليصبح ماركسية – لينينية و اللينينية مرحلته الثانية ثم أضحى ماركسية – لينينية – ماوية و الماوية مرحلته الثالثة . و إذن يصوّر آجيث مراحل تطوّر الإيديولوجيا البروليتارية مساوية لمراحل الثورة الشيوعية و يكتم إختلافهما النوعي و هذا غلط نظريّا و عمليّا .
و الإطار النظري الجديد لنهاية مرحلة / بداية مرحلة أخرى فى الثورة الشيوعية منبعه عملية تلخيص التجارب البروليتارية العالمية نظريّا و عمليّا وهي مهمّة أقرّ بلزومها آجيث و أنجزها بوب أفاكيان بإقتدار و أحب ذلك أم لا القائد الهندي ، بفضل ذلك العمل الجبّار نشأت موضوعيّا خلاصة جديدة للشيوعية قطعت مع الأخطاء و شيّدت صرحا جديدا أرسخ علميّا.
و مثلما يقرّ قائد حزب نكسلباري بالمهمّة الملحّة لتلخيص التجارب الإشتراكية و لا يتقدّم و لو خطوة فى إنجازها لعقود ، نعثر عليه فى فقرة " عرض مشوّه لماو " يقول نظريّا " تنشأ هذه القفزة فى الإيديولوجيا عن القطيعة و الخلاصة " و عمليّا ينكر أن تكون الخلاصة الجديدة للشيوعية لكامل المرحلة المنتهية قد أحدثت أية قفزة فى الإطار النظري للثورة البروليتارية العالمية !
و قد إنتهينا من إلتهام صفحات " ضد الأفاكيانية " المخصّصة " للمراحل التعسفيّة الأفاكيانية " ، نستنتج بعد شرحنا الوافي للمسألة الشائكة أنّ الكاتب أخذنا و القرّاء فى جولة يمنة و يسرة لتكون الحصيلة أنّه بالنسبة إليه لا فرق بين مراحل الثورة الشيوعية و مراحل تطوّر الإيديولوجيا البروليتارية و أنّ تقسيمات عدّة واردة و غير مفيدة فى آن و الأفضل ألاّ نحدّد مراحلا و إلاّ صار تقسيمنا تقسيما تعسفيّا كما هو شأن تقسيم الحزب الشيوعي الثوري . إنّه يصرخ فى أذاننا بأنّ أي تقسيم للثورة الشيوعية إلى مراحل تعسّفي فإيّاكم أن تقبلوا به و يردّد : لا مراحل ، لا مراحل !
ت- تضارب صارخ فى أقوال آجيث !
يستهلّ آجيث فقرته " المراحل التعسفية الأفاكيانية " بالجمل التالية :
" تدعى الأفاكيانية بأنّ مرحلة من الثورة الشيوعية قد إنتهت . و تشير إلى هذا أيضا على أنّه الموجة الأولى . وتقدّم نفسها كإطار نظري للمرحلة الجديدة ، الموجة الثانية ."
و مفاد هذا أنّ المصطلحين المرحلة الأولى و الموجة الأولى مترادفان بالمعنى المستعمل هنا .
و فى وثائق الحركة الأممية الثورية كثيرا ما إستخدم مصطلح " المرحلة الأولى" من الثورة الشيوعية و كذلك مصطلح " الموجة الأولى " . و حتى فى الأسطر الأخيرة من وثيقة كتلة الأحزاب المنشقّة عن الحركة الأممية الثورية ( القرار 2 الصادر عن الإجتماع الخاص بالأحزاب والمنظمات الماركسية – اللينينية –الماوية المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية من أجل ندوة عالمية للأحزاب و المنظمات الماركسية – اللينينية – الماوية فى العالم ؛غرّة ماي 2012.) نجد" موجة جديدة من الثورة العالمية ".
و يملى علينا هذا طرح السؤال التالي : من أين أتت " الموجة الجديدة " إن كانت حسب مجموعة الأحزاب التى ينتمى إليها حزب آجيث تنفى نهاية المرحلة / الموجة الأولى ؟
بمنطق و كلمات بسيطة : الموجة الجديدة تعنى أنّ الموجة القديمة إنتهت و بما أنّ الموجة هي المرحلة فى مصطلحات الحركة الأممية الثورية فإنّ الموجة الجديدة هي مرحلة جديدة . و عليه يترتّب أمران إثنان أولهما أنّ توصيف أفاكيان لنهاية مرحلة / موجة - بداية أخرى توصيف صحيح لا شائبة عليه و عنوان بيان الحزب الشيوعي الثوري ( " الشيوعية : مرحلة جديدة " الذى يستعمل أيضا " موجة جديدة " ) لا مشكل فيه أيضا ؛ و ثانيهما أنّ آجيث يعوّل على " حقيقة هنا ، ضلال هناك " فحين يعتمد هو و أضرابه مصطلح موجة جديدة يعد ذلك حقيقة و حين يعتمده غيره كموجة جديدة أو مرحلة جديدة يستحيل إلى ضلال . هذا تضارب فى الأقوال إنتهازي و براغماتي صارخ !



















7- نقد الدين و الثورة البروليتارية العالمية :
بحكم أنّنا لم نقرأ للحزب الأفغاني نصوصا عن الدين و الصراع حوله صلب الماويين ، لا نستطيع أن نجزم بأنّ ما يتفوّه به الأمين العام للحزب الهندي و خاصة فى ما يتصل بالموقف من القوى و الأحزاب الأصولية الدينية و و التحالف معها و رؤيته للمسألة الوطنية و ما إلى ذلك يتبنّاه الإفغانيون . فالنقد الذى أقدم عليه آجيث فى هذا المضمار و الموجّه ضد الحزب الشيوعي الثوري لم يقدم عليه أحد قبله ، على حدّ علمنا ، من داخل الحركة الثورية الأممية ( من خارجها وُجدت مقالات ).
فى حملته على " الأفاكيانية " لم يكن بوسع آجيث تجنّب طرح المسألة التى نحن بصددها خاصة و أنّ المواقف بين حزبه بالذات و الأحزاب و المنظمات المناصرة للخلاصة الجديدة للشيوعية متباينة بل متناقضة . و ملخّص رأيه فى موقف الحزب الأمريكي هو أنّ أفاكيان عندما حاول إنجاز شرح مادي و معالجة الأساس المادي للدين فعل ذلك بميكانيكية " مثلما هي ميكانيكية مقاربته الإيديولوجية للدين " . و فيما يلى سنعرّى مدى صحّة هذا الرأي من عدمه و نوضّح ما غمض منه .
أ- أسباب نموّ الأصولية الدينية :
قبل المضيّ إلى جوهر الموضوع ، نبدى ملاحظة أنّ الأمر لا يتعلّق بالأفراد أو المجموعات المؤمنين بدين ما و الحاملين لأفكار تقدّمية و أحيانا ثورية و الذين يقبلوا ببرنامج الثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات أو الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية - الإمبريالية و قيادة الحزب الشيوعي الثوري و يناضلون من أجل ذلك فيتمّ التحالف معهم سياسيّا و يتواصل الصراع معهم إيديولوجيّا ، و إنّما يتعلّق بالأصولية الدينية .
فى فقرته المتصلة ب " نقد عقلاني للدين " ، من عدد كبير من الكتابات و الخطابات ، إختار ناقد أفاكيان بإنتقائية بضعة جمل نزعها من إطارها فى محاولة منه لإلصاق الميكانيكية بمقاربة بوب أفاكيان و إختار من المواضيع الكثيرة بصدد الأصولية الدينية أسباب نموّها . فجاءت الجمل التالية على لسانه :
" وفى مناسبة من المناسبات سوّى بين البلترة و " تراجع الدين " . والعكس ، فقدان البلترة فى ظلّ ظروف العولمة يُعتبر سببا يؤدى إلى " الإنجذاب نحو الدين ، و خاصة الأصولية الدينية " . (231) و ببساطة يذهب هذا ضد الوقائع . "
و نظرا لكون قائد حزب نكسلباري لم يفعل سوى إقتلاع كلمات من مكانها ضمن فقرة عدنا إلى الهامش الذى أشار إليه و مضمونه وارد فى نصّ لأفاكيان هذا رابطه على الأنترنت :

231 -In Avakian’s words, “Mike Davis, who has his-limit-ations but also has some important insights, wrote an article where he spoke about how in the nineteenth and early twentieth century when people were driven off the land in the countries where capitalism was rising, they were more´-or-less—not evenly and smoothly but more´-or-less—integrated into the proletariat. And the proletarianisation of these people led to a decrease in religion. But the phenomenon in the world today is in significant measure the opposite: people being driven from the countryside to the cities,´-or-flushed out of the proletariat, if you will, and being herded into these massive shantytowns, existing in this “disarticulated” kind of situation—this has given rise to the reverse phenomenon of the growth, the significant dramatic growth, of gravitation toward religion, and in particular religious fundamentalism.”, (‘Basis…Changing Material Conditions and the Growth of Religious Fundamentalism’, op. cit.(
و عندئذ ماذا نكتشف ؟ نعثر على حقائق ثلاث :
1- أنّ أفاكيان يخص بالحديث ظاهرة موضوعية – ما هي بالمطلقة - وثّقها بمعلومات واقعية دقيقة و موثوق بها مايك دافيس فى أحد مقالاته . وهذا لوحده يفنّد حكم آجيث بأنّ ذلك " يذهب ضد الوقائع ". عن أي وقائع يتكلّم آجيث؟ هل درس ذلك المقال و بيّن لنا أنّ المعلومات التى ينطوي عليها خاطئة بشأن القرن التاسع عشر؟ لا ما فعله هو الحديث عن عموميات لا غير .
2- أنّ مايك دافيس رغم هناته التى أشار إليها أفاكيان بحث فى واقع ملموس هو واقع القرن التاسع عشر و ظاهرة تقلّص التديّن بفعل البلترة حينذاك بالذات . و بوب أفاكيان بحث فى الظاهرة العكسية فى الوقت الراهن بالذات " عالم اليوم " بالذات . و سعى إلى تفسير هذه الظاهرة من منطلق مادي جدلي و مادي تاريخي . و ما سجّله صحيح موضوعيّا .
3- أنّ هذه الظاهرة التى لاحظها بوب أفاكيان لا تعزى إلى سبب واحد وحيد و إنّما أوضح أنّها تعزى لعدّة أسباب متداخلة فإضافة إلى كون هؤلاء الناس مطرودين من الريف و آخرون مطرودين من صفوف البروليتاريا ، يكدّسون فى مدن الصفيح و يعيشون وضع تفكّك . و هكذا يخفق آجيث إخفاقا شنيعا فى فهم موقف أفاكيان و عرضه بوضوح و بالعكس يفلح فى ما خطّط له أي يشوّهه كلّ التشويه .
و نفتّش عن إجابة ناقد أفاكيان عن أسباب نموّ الأصولية الدينية فلا نجد شيئا يذكر سوى دعوة تسويفية للتعمّق فى الموضوع : " و الحال كذلك ، من واجبنا المضي أعمق فى تداعيات ما قيل أعلاه " لا غير . بعد كلّ هذه السنوات ، بل هذه العقود و لم ينهض هو و أضرابه بمهمّة معالجة هذه الآفة العالمية التى لا تبقي و لا تذر ، بعد كلّ هذا يواسينا بتأجيل آخر ، تسويف آخر و لا يتعامل بجدّية و منهج و مقاربة و موقف شيوعيين مع ما بذل الحزب الشيوعي الثوري الجهود المضنية لإنجازه !
و للقرّاء الحكم على تصرّفات من هذا القبيل .
ب - حقيقة موقف الحزب الشيوعي الثوري بهذا الصدد :
1- أسباب نموّ الأصولية الدينية :
ليس لهذه الظاهرة سبب واحد بل أسبابها متعدّدة و متنوّعة . و لمّا تطرّق بوب أفاكيان لهذه المسألة و غيرها من المسائل المتصلة بالأصولية الدينية ، فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية ، طبّق فى خطاباته و كتاباته المادية الجدلية و المادية التاريخية و إستفاد من مقولة ماو تسى تونغ " حين ينظر الماركسيون إلى مسألة من المسائل يجب عليهم ألاّ ينظروا إلى بعض جوانبها فحسب ن بل عليهم أن ينظروا إليها من جميع جوانبها ." ( " حول تكتيك مناهضة الإمبريالية اليابانية " ، 27 ديسمبر – كانون الأوّل – 1935، المؤلفات المختارة ، المجلّد الأوّل ؛ و صفحة 233 من مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ).
ففى كتاب أفاكيان " لنتخلّص من كافة الآلهة ، تحرير العقل وتغيير العالم راديكاليا " ، كتاب حاول تجاهله آجيث أيما تجاهل ، تبسّط فى الموضوع فى القسم الثاني منه ، تحديدا فى فقرة " لماذا تنمو الأصولية الدينية فى عالم اليوم ؟ " و إعتنى بشرح العوامل المادية المتداخلة التى أدّت إلى ذلك النموّ ، فى عالم يهيمن عليه النظام الرأسمالي – الإمبريالي و يشهد عولمة مرتبطة بتسارع سيرورة المراكمة الرأسمالية . فأشار إلى طرد الفلاحين من الريف و نزوحهم للعيش فى مدن الصفيح ، و إجتثاثهم من أوضاعهم التقليدية و تحوّلهم إلى الحياة فى وضع غير المستقر، و عدم إندماج غالبيتهم فى الإقتصاد الرسمي و عملهم ، إن وجدوا عملا ، فى القطاع غير الرسمي ، و حدوث هذا فى إطار إستغلال و إضطهاد إمبرياليين إضافة إلى المحليين ، و تأثير خسارة البلدان الإشتراكية السابقة و الصين الماوية خاصة منذ 1976 ، و الهجوم الإيديولوجي الكاسح للإمبريالية و الرجعية و الصهيونية على الشيوعية و كذلك على الحركات التقدّمية و الأفكار العلميانية ... و فسّر فى فقرة أخرى من الكتاب كيف أنّ هذه الظاهرة تعبير خاص عن التناقض الجوهري لعالم اليوم : التناقض بين الإنتاج الإجتماعي إلى درجة كبيرة و التملّك الفردي ( الرأسمالي ) لما ينتج .
و لم يشتغل أفاكيان على الظاهرة فى البلدان المستعمرة و أشباه المستعمرات فقط – كما فعل آجيث – بل تناول بالبحث الظاهرة فى البلدان الإمبريالية و بتفاصيل دقيقة تطرّق للأصولية الدينية فى الولايات المتحدة من كافة الجوانب و بالعمق و الشمول اللازمين . لذا إستأثر هذا الكتاب بمنزلة مميّزة و إعتبر الكثيرون أنّه فعلا منارة للتخلّص من كافة اللآلهة ، و تحرير العقل و تغيير العالم راديكالياّ.

2- قوّتان رجعيتان تعزّزان بعضهما البعض :
من الفقرات الشهيرة لبوب أفاكيان و التى صارت جدّ متداولة فى هذا المضمار الفقرة التالية التى وردت فى " التقدّم بطريقة أخرى " ، جريدة " الثورة " عدد86 ، أفريل 2007 :
" ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا ".
و متسلّحة بهذا التحليل المادي الجدلي العميق و بالمنهج والمقاربة و الموقف الشيوعيين كتبت سنسارا تايلور، الوجه النسائي المعروف من الحزب الشيوعي الثوري ، مقالا عنوانه " الإمبريالية الأمريكية ، الأصولية الإسلامية و الحاجة إلى طريق آخر " نشر فى جريدة " الثورة " فى جوان 2007 فيه كتبت :
" ... " الأصولية ولى عهدها "مفهوم علمي و ليس شتيمة :
إن نعت القوى الأصولية بأنه " ولى عهدها " ليس شتيمة أو إنعكاس لنوع من" التحامل" المجاني..إن المقصود من كلمة رجعي أو " ولى عهده " هو مضمون البرنامج الاضطهادي للجماعة الأصولية فى تلك البلدان . وعلى مستوى آخر، فان المقصود من طبقات " ولى عهدها " هو تواصل علاقات طبقية قراوسطية. فهذه القوى تمثل طبقة حاكمة قديمة فى تلك المجتمعات و لا تمثل مصالح أوسع الجماهير الشعبية .
تعكس هذه القوى و البرنامج الذى تتقدم به (بغض النظر عن الجذور الطبقية لأفرادها) علاقات طبقية " تقليدية " إقطاعية بالأساس فى هذه البلدان المضطهَدة. فرجال الدين مرتبطون مباشرة بمصالح شبه إقطاعية للملاكين العقاريين ويعمل جميعهم بصراحة من أجل تعزيز العلاقات " التقليدية " لهذه المجتمعات. و يعكس واقع التعاون و الصراع بين هذه القوى و الإمبرياليين ، فى النهاية ، العلاقة المعقدة و المتناقضة للهيمنة الإمبريالية على هذه البلدان مع الإقطاعية .و باختصار ، تعتمد الإمبريالية على هذه العلاقات الإضطهادية القديمة و " تنعشها " بينما فى نفس الوقت تقوضها بأشكال "عصرية " جديدة من الإستغلال التى تفكك هذه العلاقات القديمة .
و يحاجج نقادنا ضد وضع جميع الأصوليين الإسلاميين فى سلة واحدة و هنالك فعلا بعض الإختلافات بين التيارات الإسلامية المختلفة فقد اتخذت هذه الإيديولوجية ( الأصولية الدينية ) الشكل الملموس للبرنامج التيوقراطي فى بلدان المنطقة وذلك رغم بعض التلوينات المحلية حتى داخل هذا التيار الواسع . إن اتخاذ النصوص الدينية من أي نوع كانت كبرنامج سياسي يعنى تبني برنامجا ولى عهده و يعود مضمونه إلى مجتمعات قديمة ظهرت فيها النصوص الدينية. و بفرض هذه البرامج على العالم المعاصر يحصل ما حصل في افغنستان وفى كل مكان وصلت فيه الأصولية إلى السلطة و نتج عن ذلك نظام بطريركي متعصب واندلعت حروب دينية و"جرائم شرف " وتفاقمت ظاهرة الخرافة و الجهل من جهة و معاداة العلم من جهة ثانية. وتعتبر قضية المرأة معيارا لكيفية الحكم على أي نضال من أجل التحرر.أما جدول أعمال الأصولية فيؤكد أن تأويل النصوص الدينية يجب أن يكون " قانونا " أو " أعلى القوانين" سواء كان قانون الشريعة أو القانون اليهودي – المسيحي الإنجيلي ، و لا يهم إن تناقضت هذه القوانين مع ما حققته البشرية من مكاسب فيما يخص حرية العقيدة و المساواة بين الناس وهي حقوق تم النضال من أجلها و دفعت الجماهير ثمنها غاليا. هذه الأشياء سواء فرضها أهل السنة فى العربية السعودية أو طالبان فى أفغانستان أو فرضتها الدولة الشيعية فى إيران أو الحركات " المعارضة " يجب بلا لبس نبذها لا تجاهلها و تجميلها أو التذيل لها بدعوى سياسات الهوية.
إن نمو مساندة البرنامج الرجعي الأصولي يتزامن مع الهجمات الإمبريالية غير العادلة ضد شعوب هذه البلدان . و اليوم تتخذ الرجعية الأصولية الإسلامية أشكالا ضارة للغاية فى الشرق الأوسط . إن عدوانية الاحتلال الأمريكي من جهة و فراغ السلطة الشرعية من جهة ثانية ,إن هذا الواقع أدى الى إشعال العنف الديني الانعزالي ومعارضة الاحتلال من وجهة النظر الأصولية .وبالرغم من إن الولايات المتحدة تقدم المساعدة للنساء اللاتي يضطهدهن طالبان ، فإنها واصلت مساندة رجال دين رجعيين وتعيين قوى دينية إنعزالية فى أعلى مراتب حكم البلدان التى إحتلتها . و مثل هذا الوضع يعقد مهام الحركات العلمانية و التقدمية و الثورية و الشيوعية فى تلك المنطقة ويتطلب توخي طرقا جديدة.
الأصولية الدينية لا تمثل مصالح الجماهير :
عقب الحرب العالمية الثانية ،بدأت مختلف الأصوليات الإسلامية فى الشرق الأوسط تتطور كقوة سياسية وعندما صاغت القوى الإمبريالية أشكالا جديدة من هياكل الدول شبه المستعمرة و شبه الإقطاعية فى تلك البلدان تقلصت مكانة رجال الدين و العلاقات الإقطاعية التقليدية. لكن سرعان ما شهدت هذه القوى الرجعية قفزة كبرى فى العقدين الأخيرين .فقد شكلت الولايات المتحدة العديد من هذه التيارات الدينية و شجعتها لمعارضة الإتحاد السوفياتي فى المنطقة . و سرّعت هذه القفزة بصورة كبيرة كذلك الانعكاسات السلبية للانقلاب الذي حصل بالصين ما بعد ماو و الذى أنهى وجود الصين كقوة ملهمة للتغيير الثوري فى العالم . إلى هذا نضيف نهاية نضال التحرر الوطني فى فيتنام.و فعلا ، تقدمت الأصولية الإسلامية فى ظرف تميز"بفراغ قيادة " علمانية وطنية ، ثورية و شيوعية عالميا .
إن علاقة الولايات المتحدة بالحركات الأصولية الإسلامية علاقة غير قارة فقد ساندتها حين كانت تخدم مصالحها و حاولت سحقها حين إبتعدت نفس هذه القوى عن خدمة مصالح أمريكا أو صارت فى تعارض معها . إن تراجع الاستعمار البريطاني و بروز الإستعمار الجديد فى هذه المنطقة الإستراتيجية فرض "العصرنة " بصفة فوقية ومعاملات السوق الحرة و نتج عن ذلك دفع ملايين الفلاحين خارج أراضيهم و رميهم فى مدن الصفيح و مخيمات اللاجئين. و شوه تدخل الولايات المتحدة و السيطرة الإستعمارية الجديدة مراكز القوة التقليدية شبه الإقطاعية واثر على موقع رجل الدين فى المجتمع . و كذلك قاد تمزيق النسيج الإجتماعي القديم و الفوضى و التفقير و إعادة تشكيل الإقتصاد التابع ليكون قابلا لمزيد الإستغلال المباشر و نهب هذه البلدان ، قاد إلى تطوّر ردود فعل إيديولوجية ( و ليس فقط إقتصادية ) على ما فرضته الإمبريالية من" الغرب " .
كل هذا غذّى بروز الأحزاب و الحركات الإسلامية التى تحدت أشكال الحكم و التحالفات التى أقامتها الإمبريالية الأمريكية فى بلدان معينة و عكست غالبا هذه الحركات السياسية الدينية مصالح هذه الطبقة من رجال الدين و القوى الإقطاعية التى تم تصدع فى مكانتها . و لا تمثل إيديولوجيتها الرجعية و أجنحتها السياسية مصالح الفلاحين اليائسين و المهجّرين و الجماهير المفقرة في المدن ... بالضبط مثلما أن فاشي مسيحي ، روبرتسون ، لا يمثل مصالح الشعب فى هذه البلاد و الذين يتبعونه ، فالكثير منهم مدفوعين لما أحدثته العولمة من حيرة وإذا كانت للحركة الرجعية جماهيرية لدى بعض المضطهدين فان ذلك لا يعني أن الحركة تخدم مصالح هذه الجماهير المضطهدة.
دروس إيران يجب التعلم منها و لا يجب إعادة نفس الأخطاء:
...
الثورة الديمقراطية الجديدة :
... " ( إنتهى المقتطف – المرجع هو كتاب شادي الشماوي " جمهورية إيران الإسلامية : مذابح للشيوعيين و قمع و إستغلال و تجويع للشعب " على موقع الحوار المتمدّن .)
ت - العراق و أفغانستان و " الوطنية " :
و نصل إلى مربط الفرس فى خطاب آجيث أي دفاعه عن الأصولية الدينية فى العراق و أفغانستان على أنّها قوى وطنية توجه ضربات موجعة للإمبريالية و تحبط برامجها و مخططاتها.
و للمحاججة يباشر بالكلام و اللفّ و الدوران لتبزغ الجوهرة و مفادها أنّ القاعدة الإجتماعية للتيّارات الأصولية الدينية من البرجوازية الصغيرة التى هي موضوعيّا قوى مناهضة للإمبريالية تلتحق بالثورة الديمقراطية الجديدة لذا التيارات الأصولية ليست " قطبا رجعيّا " يمثّل " شريحة عفا عليها الزمن ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة " كما دأب على قول ذلك الحزب الشيوعي الثوري.
و بغضّ النظر عن عدم إعتناء آجيث بالأصولية الدينية فى البلدان الإمبريالية البتّة ما يستوقفنا و يفضح نظرته الضيقة و الإحادية الجانب ، فما يحجبه هو ما يحدّد طبيعة الشيء و هنا التيّار السياسي من وجهة نظر مادية جدلية و مادية تاريخية . إنّ إنخراطا مكثفا لعناصر شريحة إجتماعية فى حزب ما لا يجعل من ذلك الحزب بالضرورة معبّرا عن مصالحها . و هذا من اليسير مشاهدته يوميّا حولنا فالأحزاب الحاكمة الرجعية قد تضمّ إلى صفوفها عددا من العمّال يفوق عدد العمّال المنتمين إلى الأحزاب الشيوعية و بكثير أحيانا ، فهل يعنى هذا أنّها أحزاب بروليتارية ؟ هل يغيّر ذلك من طبيعتها كأحزاب رجعية ؟ لا هذا و لا ذاك. و توجد فى فترات معيّنة منظمات و أحزاب شيوعية عناصرها منحدرة أساسا من البرجوازية الصغيرة فهل يعنى ذلك أنّها أحزاب برجوازية صغيرة ؟ لا.
إنّ طبيعة حزب ما ، فى مسار تطوّره التاريخي ، تتحدّد بخطّه الإيديولوجي و السياسي و برامجه و أهدافه و ممارساته العملية أي ما هي الطبقة أو الطبقات التى يمثّل مصالحها و يخدمها إستراتيجيا فتكتيكيّا و النظرة للعالم التى ينشرها ؟
و من هنا ، مثل الأحزاب الفاشية و النازية الشعبوية ، الأصولية الدينية تستقطب عديد الناس من الطبقات الشعبية و تضمّهم إلى صفوفها و تجعلهم يخدمون مصالح طبقات رجعية ، ضد المصالح الإستراتيجية والتكتيكية للطبقات التى ينحدرون منها و حتى خوض حرب ضد طبقتهم تحت غطاء تطبيبق الدين و طاعة الإلاه. و هذه ظاهرة عامة ، عالمية .
و حالئذ بالتأكيد أنّ تعيين طبيعة هذه القوى على أنها برجوازية صغيرة و وطنية لأنّها تناهض إلى حدود و فى ظروف معيّنة هذه الإمبريالية أو تلك و تتصارع معها ، غلط له تبعات كارثية على القوى الشيوعية الثورية و قد شاهدنا ما آلت إليه القوى التى تحالفت مع القوى الظلامية فى إيران و غيرها من البلدان . فالتحالف مع الرجعية ، مع قطب من أقطاب الرجعية ( هنا فى " ضد الأفاكيانية " ، الأصولية الدينية ) لن يتقدّم بالحركة الثورية بل يسمّمها و قد يقتلها أصلا . و قد أثبت الواقع أنّ هذه القوى الأصولية الدينية غالبا ما تعزّز الإمبريالية و تتحالف معها مثلما غالبا ما تعزّز الإمبريالية هذه القوى و تتحالف معها وإن حصل خلاف حتى مسلّح بينهما فهو نتيجة تضارب مؤقّت فى المصالح ضمن القوى الرجعية . و الأصولية الدينية عينها و إن رامت بلوغ الحكم فليس هدفها تجاوز العالم الرأسمالي – الإمبريالي القادرة على التأقلم معه ، و ليس بوسعها تجاوزه . وحدها الإشتراكية ( فالشيوعية ) قادرة على تخطّى هذا العالم الإستغلالي و الإضطهادي و إنشاء عالم آخر ، أفضل ، عالم شيوعي . و الدين كإيديولوجيا و أداة بأيدى الطبقات المستغلّة حجر عثرة أمام التقدّم صوب الشيوعية فوجب من كلّ بدّ شيوعيّا نقده كإيديولوجيا و و جب من كلّ بدّ سياسياّ النضال ضد القوى الأصولية الدينية و فضح رجعيتها شعبيّا و ليس التحالف معها بأية تعلّة كانت و إلاّ سقطنا سقوطا مدوّيا إلى الحضيض .






- من يشوّه لينين وماو ؟ و من يدافع عنهما دفاعا مبدئيّا ؟ 8
تعرّضنا فى فقرات سابقة لإلتفاف قائد الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري على النقد الصائب الذى وجهه أفاكيان للينين و ماو بشأن نقاط محدّدة ، محدودة لا تنقص قط من مكانتهما كشيوعيين أممين عظيمين و قيادات شموع يروليتارية تاريخية لا تنطفئ . ونمضى الآن إلى نقاش مسائل أثارها آجيث فى فقرته "عرض مشوّه لماو " و ينصبّ إهتمامنا هنا على أهمّها .
أ- " اللينينية كجسر " :
التالي ذكرُه هو ما يقتطفه آجيث من خطاب لبوب أفاكيان ألقاه سنة 1981 و نشر فى عدد خاص فى مجلّة " الثورة " ، العدد 49 ، حينها مجلّة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو متوفّر على موقع هذا الحزب على الأنترنت تحت عنوان" كسب العالم ، واجب البروليتاريا و رغبتها ": http://www.revcom.us
"... فى الوضع الراهن ، اللينينية هي العلاقة المفتاح فى الدفاع عن الماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ و تطبيقها . لنضع ذلك بطريقة إستفزازية ، الماركسية دون لينينية تساوى المركزية الأوروبية الإشتراكية الشوفينية و الديمقراطية الإشتراكية . والماوية دون لينينية قومية ( و كذلك ، فى ظروف معينة إشتراكية شوفينية ) و ديمقراطية برجوازية ." " ... اللينينية ...تحديدا جسر بين الماركسية و فكر ماو تسى تونغ وهي اليوم العلاقة المفتاح التى توفّر للماركسية – اللينينية - فكر ماو تسى تونغ طابعها المتكامل و خلاصة كعلم الثورة و إيديولوجيا ثورية للبروليتاريا " ( 49) ."
و دون أن يرفّ له جفن يدخل آجيث بأخلاق جدالية عالية جدّا تغييرات على كلام أفاكيان حيث أسقط عمدا قبل " اللينينية " فى الجزء الثاني " و ما أقصده بالجسر هو تحديدا الجسر بين ..." بما يشوّه الفهم و يسمح لناقد أفاكيان بمغالطة القرّاء . و ما نطق به أفاكيان بلا أدنى شكّ صحيح و بديهي لمن له عيون ليرى و أذن لتسمع و لا يستعير عيون و أذان القائد الهندي : اللينينية جسر بين الماركسية و فكر ماو تسى تونغ / الماوية لاحقا ! حقيقة واضحة صريحة لا لبس و لا غموض فيها .
و بعد ذلك ، ينطلق قائد حزب نكسلباري كاتبا " بما أنّ الماركسية – اللينينية – الماوية كلّ متكامل ، يمكن للمرء أن يفكّر فى تركيبات متنوّعة – ماركسية دون لينينية أو ماوية دون ماركسية إلخ – و الهجوم عليها لإظهارها إنحرافا أو آخر ".
بيِّن هنا أنّ القائد الهندي يجعل من التلاعب بالكلمات بشكل مثالي لا غير رايته البرّاقة ليستهزأ و القرّاء من الصيغ التى قدّمها أفاكيان الذى يتحدث عن أمور مادية ملموسة تسندها فى الواقع الإجتماعي أمثلة أحزاب وتيّارات فكرية . إنّ تركيبات آجيث الخرقاء لا تعكس حقيقة موضوعية فمثلا هل يمكن أون توجد " ماوية دون ماركسية " ؟ لا هذا غير ممكن تاريخيّا و واقعيّا فالماوية هي المرحلة الجديدة ، الثالثة و الأرقى فى تطوّر علم الشيوعية من ماركسية ( مرحلة أولى ) إلى ماركسية – لينينية ( اللينينية مرحلة ثانية ) إلى ماركسية – لينينية – ماوية ( والماوية مرحلة ثالثة ) .
و دون كبير عناء نرى أنّ صاحب " ضد الأفاكيانية " يناهض اللينينية التى تدعو إلى التحليل الملموس للواقع الملموس .
و يستمرّ صاحبنا فى إطلاق نيرانه على " اللينينية كجسر " رافعا عقيرته بالصياح بأن " اللينينية كعلاقة مفتاح فى الدفاع عن الماركسية – اللينينية – الماوية و تطبيقها " ... " تنكر أنّ الماوية هي المحكّ ... وهكذا أرست [ الأفاكيانية ، حسب آجيث ] أسس تقويضها للماركسية – اللينينية – الماوية ذاتها " .
و سار شوطا أبعد إذ أردف ذلك أوّلا ، بأنّه " بفعل هذا الإفتتان باللينينية ، يتمّ التخلى عن التقدّم الفعلي الذى أنجزه ماو فى الفهم اللينيني للحزب ما يجعل اليوم من الصحيح الحديث عن حزب ماوي" ؛ وثانيا ، ب " لكن كيف يمكن صنع تشويهات عن " من يسمون أنفسهم ..." ماويين " ليشير إلى بعض النقص فى الماوية و يبرّر جعل اللينينية العلاقة المفتاح ؟ بالفعل لا وجود لتفسير ، هناك فقط تأكيد ".
لعلّ القرّاء المطلعين على الأدبيات الماوية قد إنتبهوا إلى هذه أو تلك من القضايا الغامضة فى كلام القائد الهندي من مثل كيف يقوّض إعتبار " اللينينية جسرا أسس الماركسية – اللينينية – الماوية " ؟ و مهما فتّشتم لن تجدوا توضيحا لذلك و عندئذ نسحب جملة من جمل آجيث على كلامه هو بالذات " بالفعل لا وجود لتفسير ، هناك فقط تأكيد ".
و زد على ذلك أنّه لولا اللينينية لما وجدت الماوية بمعنى التكامل و المراحل التى فصلنا و بمعنى أنّه كما فسّر ذلك ستالين فى " أسس اللينينية " ، اللينينية ربطت بصلات وثقى الثورة البروليتارية فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية بالثورة فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة أي شيّدت جسرا جعل من الثورة البروليتارية العالمية ذات تيارين متكاملين بقيادة البروليتاريا و طليعتها أحزابها الشيوعية و هدفها الأسمى الشيوعية العالمية .
و بالفعل وجد من يسمّون أنفسهم " ماويين " و حاولوا إثر الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى إنكار ضرورة الحزب ككلّ أو إنكار جزء من مميزات الحزب اللينيني كالمركزية الديمقراطية . و مثال ذلك الفرنسي شارل بتلهايم الذى كان على رأس جمعية الصداقة الفرنسية – الصينية و الشهير بكتاباته العديدة عن التجربة الإشتراكية الصينية و منها " الصين بعد ماو " ، و كتاباته عن الصراع الطبقي فى الإتحاد السوفياتي . و قد خصّص له الحزب الشيوعي الثوري مقالا جداليّا نقديّا صدر فى ماي 1979 فى العدد 5 من مجلة " الشيوعي " المجلّة النظرية للجنة المركزية ، تحت عنوان " الصين : دكتاتورية البروليتاريا و الأستاذ بتلهايم ". و إذن ليس بوب أفاكيان مسؤولا عن جهل آجيث لمعلومات و وقائع و حيثيّات معروفة من الصراع العالمي حول الإرث الثوري لماوتسى تونغ . ( هذا العدد من المجلّة إياها و أعداد أخرى متوفّرة على الأنترنت بموقع :
)www.bannedthought.net
و لسائل أن يسأل قبل هذا و بعده هل أنّ ما يقوله ناقد أفاكيان الهندي " بفعل هذا الإفتتان باللينينية ، يتمّ التخلى عن التقدّم الفعلي الذى أنجزه ماو فى الفهم اللينيني للحزب ما يجعل اليوم من الصحيح الحديث عن حزب ماوي" له أساس من الصحّة ؟ لا ، يبدو أنّه مجرّد لهو إفتتحه بكلمة " إفتتان " و دلالاتها التى لن ندقق فيها البحث هنا ليفضي إلى لهو صبياني " إمّا هذا أو ذاك ". لا ، مرّة أخرى ، اللينينية مرحلة ثانية فى تطوّر علم الشيوعية ، جسر بين الماركسية كمرحلة أولى و الماوية كمرحلة ثالثة و الإعتراف بها و إعلاء رايتها جزء لا يتجزّأ من إعلاء راية الماركسية – اللينينية – الماوية ككلّ متكامل لا يقبل تقطيع أوصاله . و على اللينينية بنى ماو تسى تونغ مساهماته الخالدة ومنها تلك المتصلة بالحزب البروليتاري الطليعي . فلا مجال حالئذ مطلقا لتصديق إدعاء أنّ التشديد على اللينينية ينكر مساهمات الماوية !
و بشأن الحزب البروليتاري الطليعي الثوري فإنّ الخلاصة الجديدة للشيوعية لم تنكرمساهمات ماو و لم تتخلّى عنها و ليس بوسعها فعل ذلك و لكنها تفهم أنّها مساهمات فى نقاط معيّنة أثرت أسس الحزب الشيوعي كما وضعها لينين . هذا لا ينفى ذاك . مساهمات ماو قامت على أرضية أرستها قبلا اللينينية وهي فى غالبيتها العظمى [ الأسس التى أرستها اللينينية ] لا تزال صالحة بل منارات للمبحرين فى محيطات الثورة البروليتارية العالمية . منارة كان و يظلّ " ما العمل ؟ " وأي حزب يزعم أنّه حزب ماركسي – لينيني – ماوي لا يستنير بهذه المنارة و مضامينها التى أثراها أفاكيان لاحقا ليس حزبا شيوعيّا .
ب- القيادة و عبادة القادة :
بلا مواربة و مباشرة يقذف قائد حزب نكسلباري فى وجه الحزب الشيوعي الثوري تهمة عبادة القادة و بلا تحفّظ يسوّى فى ذلك بينه و بين الحزب الشيوعي البيروفي : " ضمن الحركة الأممية الثورية كان هذا المرض مرئيّابكثرة فى حال الحزب الشيوعي البيروفي و الحزب الشيوعي الثوري ... و الآن يطلب من أعضائه " الولاء للقيادة " ! ..." " و فى الفترة الحديثة ، صار هذا تقريبا مظهرا قارا فى كتابات أفاكيان".
وقبل الغوض فى نقاش هذا نلفت النظر إلى أنّ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) الذى أضحى الحزب الشيوعي النيبالي الماوي( الموحدّ ) قد خرج على الحركة الأممية الثورية جميعها ب " طريق براشندا " و لم يعره آجيث العناية اللازمة بأن يلحقه بالحزبين المذكرين أعلاه على أنّه يمارس عبادة القادة و نعتقد أنّ آجيث تجنّب ذلك لمراميه المدروسة و علاقاته بالحزب المعني و الحزب الجديد الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي كإنشقاق عن الأوّل . و هذه براغماتية لا غير .
و نرجع إلى الإستشهاد أعلاه فنقول قبل كلّ شيء ، هناك بون شاسع بين فهم الحزبين إياهما للقيادة و دور القادة فالحزب البيروفي يجعل من غنزالو شخصيّا " القيادة " و يعليه فوق جماعية مجمل قادة الحزب و يعتبره ضامن نجاح الثورة و بالفعل معلوم أنّه طالب أعضاءه بالولاء لغنزالو . أمّا الحزب الأمريكي فقد نقد ذلك الفهم للقيادة فى مناسبات عدّة منها رسالة غرّة ماي 2012 إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية و لا وجود لما يدلّل أصلا أنّه يطالب أعضاءه ب" الولاء للقيادة " ! و القانون الأساسي لهذا الحزب يثبت ذلك كما يثبت مبادئ المركزية الديمقراطية و منها خضوع الهياكل الدنيا للهياكل العليا و ما إلى ذلك و منها أيضا حقوق الهياكل الدنيا و الأعضاء كأفراد فى النقد و الإعتراض و النقاش . و ثمّة دعوة صريحة للأعضاء إلى خوض صراع الخطين صلب الحزب و النضال بحزم فى سبيل إعلاء راية الخطّ الإيديولوجي و السياسي الصحيح :
" الفصل الرابع- وحدات الحزب :
مهام وحدات الحزب:
تمزج وحدات الحزب قوّة أعضائها و النظرة الجماعية للعالم و القيام بالثورة ، مع الإحاطة و الصرامة ، الخيال و الإتقان ، الإبداع و المثابرة ـ و الصراع و الوحدة. الوحدة هي الموقع الرئيسي حيث يعمل الأعضاء بصفة منظمة ليدركوا و يطبقوا و يعمّقوا و يطوّروا و يتصارعوا بشأن خطّ الحزب. و تقوم الوحدات الأساسية على ديناميكية النظرية / الممارسة / النظرية ، قائدة أعضاءها فى سيرورة مستمرّة من معرفة العالم و تغييره.
من واجب الوحدات أن :
أ / تقدّم توجيها ثابتا لأعضاء الحزب و الناس الذين يقودون ، بشأن الخطّ الإيديولوجي و السياسي للحزب، بداية بالمسائل الأكثر حيوية التى تواجه الشيوعيين و الجماهير الثورية.
ب / تقود الأعضاء فى خوض صراع خطين و مقارنة و مواجهة الخطوط الصحيحة و الخاطئة و محتوياتها و نتائجها لكي يرفعوا قدراتهم على تمييز الصواب و الخطإ و خاصة التمييز بين الشيوعية و التحريفية. وفى نفس الوقت، يجب أن تنمّي روح و جوّ من جرأة التجاسر على التفكير و العمل و عدم الإرتباط بالأعراف و " التحليق فى الأعالي و الطيران دون شبكة أمان ... " . ( كتاب شادي الشماوي " المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " ، على موقع الحوار المتمدّن ).
و فى ما يتعلّق بفهم الحزب الشيوعي الثوري القيادة و القادة ، فى الردّ (3) على الهجوم اللامبدئي لمحمّد علي الماوي على الخلاصة الجديدة للشيوعية ، تحت عنوان " الخلاصة الجديدة للشيوعية هو ما تحتاجه الثورة البروليتارية العالمية اليوم " دحضنا ترهات عبادة القادة التى تنسب إليه فكتبنا :
" 4 – القيادة و جدلية الفرد و المجموعة :
يهوي محمد علي ، فى مقاله المؤرّخ فى 26 ماي 2013 ، على بوب أفاكيان بتهم غليظة على شاكلة :
- " يمجّد أعماله و لا يغفل عن ذكر إسمه فى كلّ صفحة تقريبا ليوهمنا بأنّنا أمام فكر أفاكيان ."
- " يمجّد الفرد و الإبداع الفردي و " المثقّفين و المعارضة " فى المجتمع الإشتراكي " إلخ
بإختصار ، حسب محمد علي ، أفاكيان يدعو إلى الإيديولوجيا البرجوازية ورؤيتها للفرد فى علاقته بالمجموعة أو بصيغة لم يستعملها محمّد علي و لكن إستعملها متحاملون آخرون : أفاكيان يزرع " عبادة الفرد " وهي تهمة إستخدمها خروتشوف ضد ستالين .
فى إعتقادنا ، لسنا بحاجة إلى التفصيل فى دور الفرد فى التاريخ من وجهة نظر ماركسية عامة فقد عالجه بإمتياز بليخانوف ، و كذلك لن ننكبّ على بحث قضية كبرى فى المجتمع الإشتراكي ألا وهي قضية المثقّفين و المعارضة التى خصّها بوب أفاكيان بفصول عدّة فى كتاباته و خطاباته و لا يخصّها محمد علي إلاّ بالذكر ضمن جملة من جمله ، و البون شاسع جدّا . و مجرّد ذكر القضية لا يفيد أنّه إطلع عليها و إشكاليّاتها و حلّلها و إستوعبها و صار قادرا على معالجتها من منظور شيوعي ثوري . مجرد الذكر ضرب من ضروب التعمية و التظاهر بالمعرفة لا أكثر و لا أقلّ .
هل يذكر أفاكيان نفسه فى كلّ صفحة تقريبا من أعماله ؟ لا مطلقا . و نضرب مثالين على ذلك . هل ذكر نفسه فى كلّ صفحة تقريبا من كتابه سنة 1979 " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ؟ لا . هل ذكر نفسه فى كلّ صفحة تقريبا من أحد كتبه الأخيرة " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ؟ لا. و أكثر من ذلك ، نرجو من مطلقي مثل هذه التهم جزافا أن يحدّدوا لنا كتابا واحدا يمكن أن ينطبق عليه إدعاؤهم. و لن يجدوا .
و فى محاولة لمغالطة القراء و تشويه أفاكيان كتب محمد علي " يقارن نفسه بماركس " دون تفصيل المسألة و ما المقصود بها و لا ذكر لأي مرجع فلا يسعنا إلآّ إستغراب هكذا أسلوب و إستنكاره ! و نستطرد و بإستفزاز نردّ و ماذا فى ذلك ؟ ما هذه العقلية الدينية المتحجّرة ؟ هل إعتبر ماركس نفسه إلاها " لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفؤا أحد " ؟ لنا أن نقارن أنفسنا أو غيرنا به و بمن نشاء و " لا حرج فى ذلك " . مثلا من المقارنات أن لينين لظروف ذاتية و موضوعية فهم عدّة قضايا أفضل من ماركس لذلك لدينا اللينينية مضافة إلى الماركسية ومن المقارنات أيضا أن ماو لظروف ذاتية و موضوعية فهم الجدلية و مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا أفضل من سابقيه و هكذا .
صحيح أنّ أفاكيان شأنه فى ذلك شأن الكتاب و المنظّرين الآخرين ، يذكر كتاباته السابقة من حين لآخر حسب ما يقتضيه موضوع الحديث و طبعا لا عيب فى هذا . و لماذا يكون عيبا أصلا ؟ مثلما يستشهد بفقرات و جمل و كتب و بحوث قادة بروليتاريين عالميين من شتى البلدان و حتى بقادة و باحثين برجوازيين ينقدهم ، عندما توجد حاجة لتوضيح موقفه أو مواصلة بناء على موقف سابق ، من المنطقي و العلمي أن يلجأ إلى التذكير بما ألّفه قبلا .
كيف يتصوّر هؤلاء نقاد أفاكيان بلوغ مثلا الخلاصة الجديدة للشيوعية ؟ هذه الخلاصة أتت إفرازا لسنوات من البحث و التنقيب و التحليل و النقد و لعشرات الكتب و الخطابات و النقاشات . و يحيل أفاكيان عن حقّ على أعماله كي لا يكرّر نفسه و كي يربط بين القضايا المعالجة هنا و هناك .
و تجدر ملاحظة أنّ أفاكيان قد أشاد بأعمال الرفاق و الرفيقات عبر العالم كلّما أنجزروا عملا هاما . و من ذلك ، إشادته بتقدّم كبير فى معالجة الرفيقات والرفاق الإيرانيين لقضية المرأة من الناحية النظرية العلمية فى عديد الدراسات و البحوث ، و بكتابات رفيقه ريموند لوتا و بكتابات رفيقته آرديا سكانيبراك و غيرهم .
و لكن متى " نمجّد " الفرد ؟
ألا " يمجّد " الشيوعيون الحقيقيون ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو تسى تونغ و غيرهم من الرموز ؟ بلى يفعلون لسبب بسيط هو أنّهم – رئيسيّا - يمسكون بالحقيقة التى هي وحدها الثورية .
و بوب أفاكيان قائد للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسه أواسط سبعينات القرن العشرين و قائد شيوعي ماوي عالمي منذ أواخر سبعينات القرن العشرين ، فلماذا عليه أن يتنازل عن كتاباته و خطاباته التى تمسك بجمر الحقيقة ؟ لئن فعل ذلك ، إقترف خطأ فادحا بمقتضاه يتخلّى كلّيا عن علم الثورة البروليتارية العالمية وتطويراته أو يصبح كالدغمائيين يعامل الماركسية بجمودعقائدي و يكرّر مقولات عامة لا تنطبق بالضرورة على الواقع الراهن المتحرّك و المتبدّل و لا تعالج قضايا الثورة المطروحة اليوم .
و من المفيد للغاية هنا أن نحيلكم هنا علي ردود الماويين على " مقاومة عبادة الفرد " ، الحملة التى شنّها الخروتشوفيون ضد ستالين لإدراك غايات أناس يستعملون هذه الأساليب و كيفية توصيفهم حقّا .
و نفسح المجال لبوب أفاكيان نفسه ليعرب عن رؤيته لدوره المهمّ فى علاقة بالثورة و الشيوعية :
" لماذا أنا مهمّ ؟ - لماذا جملة أعمالي و منهجي و مقاربتي مهمين ؟ لأنّنا نقدّم فهما متطوّرا ، فهما راقيا لما تعنيه الثورة و تعنيه الشيوعية و كيفية المضي قدما نحو هدف الثورة والشيوعية ، و كذلك لمنهج الإنخراط و النضال لمعالجة التناقضات التى ستعترضنا حتما فى هذه السيرورة ...
إذا كان فعلا يقودنا فهم علمي لكون المجتمع الإنساني يحتاج و بإمكانه التقدّم صوب الشيوعية ، و لكون النضال من أجل تحقيق هذا الهدف يجب أن يكون عملا واعيا للجماهير الشعبية ، من جهة ، بينما فى نفس الوقت ، يجب أن تكون لهذا قيادة ، و لا أفق لتحقيقه دونها - قيادة تجسّد فى علاقة بهذا الهدف الفهم و المنهج الأكثر تقدّما – و أن ما يتكثّف فى هذا الشخص ، نعم ، و لكن و بأكثر جوهرية فى جملة أعمال بوب أفاكيان و منهجه و مقاربته ، يمثّل هذه القيادة ؛ عندئذ ما يترتّب طبيعيّا عن ذلك هو الإعتراف بأن هذا أمر يجب توعية الجماهير الشعبية به و تعريفهم به ، و يجب أن نجعلهم يحتضنوه ، بفهم مدي حيويته بمعنى خدمته لمصالحها الجوهرية الخاصة و فى النهاية خدمته لأعلي مصالح الإنسانية جمعاء . و مثلما شدّدت على ذلك وثيقة لحزبنا حول مسألة القيادة الثورية :
" إنّ ظهور بعض الثوريين كتعبير مركّز لهذه السيرورة و تحوّلهم إلى تعبير مركّز لأفضل ميزات القيادة الثورية - بما فى ذلك بذل النفس بلا أنانية من أجل القضيّة الثورية و الحبّ العميق للجماهير ، و كذلك إستيعاب قوي للمنهج العلمي لإطلاق العنان للجماهير و رسم طريق الثورة فى تناغم مع مصالحها الموضوعية - بالتالى لا يكون وجود هكذا قائد أو قادة مصدر إزعاج و إنّما شيئا يرحّب به و يحتفى! إنّه جزء من قوّة الشعب."
( بوب أفاكيان – " الثورة " عدد 115 ، 13 جانفي 2008؛ " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " – الجزء الثاني : " كلّ ما نقوم به يخصّ الثورة " )
و يبقى أن نلمّ بزاوية نظر أخرى هي زاوية تنظير الحزب الذى يقوده أفاكيان للقيادة و القادة لذلك نستنجد بوثيقة له متوفّرة على الحوار المتمدّن ، ألا وهي " حول القادة و القيادة " ضمن كتاب شادي الشماوي " المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " و منها نقتطف الفقرات التالية :
" ... كافة أعضاء حزبنا قادة ثوريّون بحدّ ذاتهم ، لهم قدرات متنوّعة و مستويات من التطوّر . كلّهم لا يقدّرون بثمن : إنّهم يخدمون الشعب و يجب دعمهم و الدفاع عنهم ضد الهجمات.
صلب الحزب ، يتقاسم الرفاق الأفراح و الأتراح و يعتنون ببعضهم البعض : و هذا أيضا تعبير عن جماعيتنا و نظرتنا الثورية . صلب الحزب ، هناك ( و يجب أن يوجد على الدوام ) الكثير من النقاش الجماعي و الصراعات حول ما ينبغى القيام به ، حول الصحيح و الخاطئ فى تطوير النظرية و الممارسة الثوريين اللذين يساهم فيهما الرفاق كافة.
يتكوّن تنظيم الحزب من مختلف المجموعات و الوحدات الصغيرة ، لكلّ منها قائدها الخاص، وهو أمر ينسحب على كافة الأجهزة القيادية العليا . و العمل الحزبي ككلّ يتركز و يمثّل أفضل تمثيل فى لجنتنا المركزية .
مثل جميع هياكل الحزب ، تعمل اللجنة المركزية بصورة جماعية ، وهي متشكّلة من رفاق أثبتوا ولاءهم للجماهير و للقضية الثورية ، والذين هم مستندون إستنادا جيّدا على المبادئ الجوهرية و المنهج الأساسي للماركسية – اللينينية - الماوية و تعيّن اللجنة المركزية جماعيّا القائد المناسب أكثر لقيادة اللجنة المركزية عينها ، و من خلالها الحزب بأسره .
بوب آفاكيان هو هذا القائد لقادة حزبنا.
من كافة قادة حزبنا ، بوب آفاكيان هو قائد اللجنة المركزية الذى يُعدّ:
= الأقدر على قيادة العمل الجماعي للجنة المركزية و أجهزتها القائمة و بهذه الطريقة و عبر الهياكل الجماعية للحزب و أجهزته القيادية ، قيادة الحزب و الجماهير.
= الأقدر على رسم جماعية الحزب لإستخلاص و تركيز ما يتأتى من أسفل ،من الجماهير الشعبية داخل الحزب و خارجه.
= الأقدر على إستخلاص و تركيز الدروس التاريخية و النضال الثوري للبروليتاريا العالمية بوجه خاص.
= الأقدر على إستخلاص و تركيز المادئ السياسية و الإيديولوجية و التنظيمية الجوهرية للماركسية-اللينينية-الماوية حتى الآن و لقيادة تكريسها عمليّا.
= الأقدر على الإستيعاب و الصراع الواعي حول المنهج العلمي المفتاح أي المادية الجدلية و التاريخية فى علاقة بكلّ مجال من مجالات الممارسة و النظرية ، لأجل رسم الطريق غير المرسوم و موصلة إنجازعمل ثوري فى إرتباط اوثق مع المصالح الموضوعية و الأهداف الإستراتيجية الشاملة لطبقتنا.
= الأقدر على مزج و ربط الإلمام و النظرة التاريخية الشاملة و أرضية تطوّر إيديولوجي و منهجي إلى جانب فهم حقيقي لمشاعر الجماهير و فهم عميق للمشاكل العملية للحركة الثورية.
= الأقدر على قيادة القوى الثورية لحزبنا فى صراع خطّين ضد التحريفية و الإنتهازية و فى الذهاب ضد كافة التيارات الخاطئة.
= الأقدر على وضع معايير الأممية البروليتارية الحقيقية و لقيادة حزبنا فى النهوض بمسؤوليّاته الأممية كفيلق من فيالق الحركة الشيوعية العالمية ، كجزء من الحركة الأممية الثورية.
وتعتبر الجماعيّة الأكبر أي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري أنّ الشخص الذى يجسّد أفضل تجسيد هذه التعابير – و الذى أكّد ذلك مرّة تلو المرّة ، بما فى ذلك فى ظروف حرجة من تاريخ حزبنا و الحركة الشيوعية العالمية- هو بوضوح بوب آفاكيان.
إنّ الرفيق آفاكيان هو تماما نقيض القائد البرجوازي : إنّه معروف بدرجة عالية من المبدئية و الإستقامة الشخصية و السياسية الهائلة؛لقد وضع خدمة الشعب فوق كلّ شيئ آخر فى حياته، وهو يحيى و يتنفّس من أجل جماهير الشعب ،و كان نموذجا لتطبيق منهج الماركسية – اللينينية - الماوية فى النقد و النقد الذاتي ؛ لقد ظلّ برسوخ ثوريا فى وجه مخاطر كبرى تعرّض لها شخصيّا ؛ و إضطلع بدور حيوي فى إستيعاب و نشر علم الماركسية - اللينينية - الماوية ورسم أرضية جديدة فى تطبيقه فى الممارسة العملية؛ لقد قاد الحزب فى البحث فى جذور الأخطاء و التعلّم منها و تصحيحها ؛ و بيّن أنّه قادر على أن يستخلص و يركّز و يدفع الإستعمال بمهارة للقوّة الجماعية لتنظيمنا الثوري ؛ و لم يخسر أبدا روح الفكاهة لديه !
و عليه تؤكّد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري بحماس إحترامها و حبّها و دعمها بصلابة للرفيق آفاكيان و دوره كرئيس للجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية..
و كجزء من الإرتقاء بنضالنا الجماعي لرفع تحدّيات زمننا هذا و مواجهة فرص هذا الزمن على أفضل وجه ، تحثّ بهذا اللجنة المركزية جميع أعضاء الحزب و الثوريين لمزيد إعمال الفكر و نقاش ما تمثّله بالضبط القيادة الثورية الحقيقية، و عكسها و التعلّم من الدور المتميّز لرئيس لجنتنا المركزية و مساهماته فى هذا السياق.
و كذلك بهذا تكرّر اللجنة المركزية التأكيد على تصميمها على منع العدوّ من إسكات الصوت الثوري الحيوي لرئيس حزبنا ، آفاكيان أو إنكار قيادته الثورية للجماهير الثورية ،و على تصميمنا المتجدّد على ضمان أن تصل قيادته و منهجه إلى جمهور دائم الإتساع.
و هكذا تحثّ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية كافة ذوى الفكر الثوري على الإلتحاق بنا فى هذا الإلتزام .
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، سنة 1995.
(إنتهي المقتطف )
و عندئذ ندرك أن محمد علي يسير فى هذه النقطة على خطى خروتشوف و يعمد إلى إلصاق "عبادة الفرد" بأفاكيان للنيل منه بالإفتراء. و نحن نسير على خطى الماويين فى " حول مسألة ستالين " و نردّ عليه بما أوردنا فى مقال نشرناه فى 5 جوان 2013 :
" إنّ الإنتهازيين فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية لم يستطيعوا أن ينكروا ماركس و إنجلز و لينين عن طريق الإفتراء ، و لن يستطيع خروتشوف أن ينكر ستالين بالإفتراء و كما قال لينين فإن المركز الممتاز لا يضمن نجاح الإفتراء " ، ما يساوي فى موضوع الحال " لن تستطيع يا محمد علي أن تنكر الحقيقة بالإفتراء " ( نشر الردّ 3 هو و الردود الأخرى 1و 2 و 4 على الحوار المتمدّن ).
ت- دور أفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري فى تأسيس الحركة الأممية الثورية :
لقد نوّهت رسالة غرّة ماي 2012 التى أنف ذكرها بدور أفاكيان " الحيوي و المركزي " فى الإعداد للندوتين اللتين أفضتا إلى توحيد المتبنين للماركسية – اللينينية – فكر ماو تسى تونغ آنذاك و تشكيل الحركة الأممية الثورية سنة 1984.
و قد إنتفض آجيث ضد هذا التنويه و أرعد و أزبد و طفق يعارضه بحجّة تتنافى مع الفهم الماوي المادي الجدلي للسيرورات و تطوّرها . يقف قائد حزب نكسلباري ضد ذلك التنويه و يقذف به فى سلّة المهملات لأنّه " سيسرق من هذا النضال التاريخي ثراه الناجم عن مساهمات القوى الماوية عبر العالم بأسره ... و بالرغم من هذه العراقيل ساهمت بالكثير غير المعروف ببساطة لأنّه لم تقع ترجمته ".
إنّ من يدرك جيّدا معنى كلمات " حيوي و مركزي " يدرك لا محالة أن إستعمالها لا ينفى و لا ينكر و لا يسرق ما هو هام و له دور لا بأس به إلاّ أنّه لم يكن " حيويّا و مركزيّا ". هذه واحدة . و من الأكيد أنّ القراء ذوى الذهن النقدي المتقد قد سبقونا إلى الإعتراض على آجيث : " لماذا لم تذكر و لو مقالا واحدا من " الكثير غير المعروف " ؟ لماذا لم تذكر حتى مؤلف تلك المقالات من أشخاص أو منظمات و أحزاب ؟
هل نصدّق من يمارس الخداع و يطلق حكما مطلقا مثاليّا كهذا بغاية طمس حقيقة تاريخية تخصّ دور أفاكيان الحيوي و المركزي فى النضال الذى أدّى إلى تأسيس الحركة الأممية الثورية دون تجشّم عناء ذكر و لا وثيقة واحدة كمثال ؟
و الأدهي هو أنّ الحزب الشيوعي الثوري ذاته بقيادة أفاكيان بذل قصاري جهده لنشر ( و لسنا ندري إن قام بالترجمة أم لا ) الأدبيات الخاصة بذلك النضال و نشرح نفسنا فنقول إنّه نشر أهمّ وثائق الندوة الأولى و وثيقة " المبادئ ..." التى أعدّها هو و الحزب الشيوعي الثوري الشيلي كأرضية للنقاش الذى أفرز بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 و نشر فى مجلّته " الثورة " مقالات من الشيلي و من سيلان و من تركيا إلخ تدافع عن الماركسية – اللينينية - فكرماو تسى تونغ وتردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي الخوجي وهي موثّقة على الحوار المتمدّن فى كتاب شادي الشماوي " الماوية دحضت الخوجية و منذ 1979 " . و أكثر من ذلك نشر الحزب الشيوعي الثوري فى بداية ثمانينات القرن العشرين عددين تجريبيين من " عالم نربحه " ( قبل الصدور الرسمي ل"عالم نربحه " كمجلّة للحركة الأممية الثورية منذ 1985 فى سلسلة جديدة تماما ) تضمّنا عديد المقالات من عدّة بلدان من العالم . و من يرغبون فى مطالعة محتويات هذين العددين عليهم بهذا الرابط على الأنترنت :
www.bannedthought.net
الحزب الشيوعي الثوري لم يعمل على إنكار ثراء النضال ذلك النضال التاريخي بل أعطاه دفعا و زخما و نهض بدور " حيوي و مركزي " إعترف به لعقود أعضاء الحركة الأممية الثورية . و يأتى الآن القائد الهندي ليعيد كتابة التاريخ بتعلّة واهية " يسرق من النضال التاريخي ثراه " . إن آجيث و من هم على شاكلته متعنّتين فى إنكار الواقع الموضوعي و الوقائع التاريخية المعلومة و بحزم و عناد يقاومون الإعتراف بها . و هذا مثال آخر عن المثالية الذاتية و كذلك البراغماتية و الأداتية التى ينقدها عن حق أفاكيان بإعتبارها أخطاءا مستفحلة صلب الحركة الشيوعية العالمية تسبّبت و تتسبّب فى أضرار جسيمة للثورة البروليتارية العالمية لذا من واجب الشيوعيين الثوريين تعريتها و نقدها و تجاوزها .



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – و حزب العمّال التونس ...
- مقدّمة و خاتمة كتاب - آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم ...
- مواقف - يسارية - مناهضة للماركسية -- لا حركة شيوعية ثورية دو ...
- مقدّمة كتاب - صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية - ...
- الحركة الشيوعية الماوية – تونس لا هي شيوعية ولا هي ماوية !
- إلى كلّ ثوري و ثورية: لتغيير العالم تغييرا ثوريّا نحن فى حاج ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية تكشف إفلاس الحركة الشيوعية الماوية ...
- نداء إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين (2) : الرجاء درا ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية تكشف إفلاس محمد علي الماوي إفلاسا ش ...
- جملة من أخطاء حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد فى قراءة الص ...
- ماضي حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد و حاضره و مستقبله-الف ...
- إصلاحية الحزب الوطني الإشتراكي الثوري : الخلل و الشلل .
- مغالطات الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطب ...
- تونس : نظرة ماوية للنضالات الشعبية .
- الخلاصة الجديدة للشيوعية هي الإطار النظري الذى تحتاجه الثورة ...
- إغتيال محمد البراهمي وضرورة نبذ الأوهام الديمقراطية البرجواز ...
- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي ا ...
- أجوبة على أسئلة متصلة بصراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيو ...
- بصدد بوب أفاكيان و الخلاصة الجديدة للشيوعية : محمد علي الماو ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية و تطوير الإطار النظري للثورة البرول ...


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الجزء الأوّل من كتاب :آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية .