أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – و حزب العمّال التونسي وجهان لعملة إصلاحية واحدة















المزيد.....



الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – و حزب العمّال التونسي وجهان لعملة إصلاحية واحدة


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4277 - 2013 / 11 / 16 - 00:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – و حزب العمّال التونسي وجهان لعملة إصلاحية واحدة
" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء ".

( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني)
==========
عند نقطة هامة من نقاط تطوّر أحداث الصراع الطبقي فى القطر ، إثر إغتيال البراهمي و إنطلاق التحركات النضالية الشعبية فى معظم ولايات البلاد ، كتبنا فى 2 أوت 2013 مقالا بعنوان " تونس : نظرة ماوية للنضالات الشعبية " تبسّطنا فيه فى تناول مسائل ثلاث على قدر كبير من الأهمية هي : أ – القمع منظّم و مستمرّ و ب- إفتكاك الإصلاحيين لزمام المبادرة و ت- خفض سقف المطالب ؛ علاوةعلى نقطة رابعة هي : ما العمل؟ . و يهمّنا اليوم فى مفتتح هذا المقال الذى يُعنى بالوجه الإصلاحي لحزبين ماركسيين مزيفين - تحريفيين - أن نذكّر ببعض الأفكار الواردة فى ذلك المقال لأنّها لا تزال صالحة ومفيدة لموضوع الحال .
1- خفض سقف المطالب الشعبية :
ونحن نعمل على المسك بالحقيقة من شتى الزوايا و مهما كانت مُرَّة ، رصدنا و سجّلنا أنّ زمام المبادرة على الأقلّ فى العاصمة حينها ، قد آل إلى أيدى الإصلاحيين عموما بما يعنيه ذلك من تلاعب وارد جدّا بمطالب الجماهير الشعبية التى تحدّدت بحلّ المجلس تأسيسي و حلّ حكومة الترويكا . و بطبيعة الحال وسم الإصلاحيون جلّ التحرّكات التالية بميسمهم شكلا و مضمونا .
لقد كتبنا منذ 2 أوت 2013 فى فقرة " خفض سقف المطالب " :
" عقب نجاح الحكومة و الإصلاحيين فى وضع إطار مقبول لكليهما ( فى العاصمة على الأقلّ ) قطعت آلة حبك المؤامرات السياسية شوطا آخر قصد خفض سقف المطالب إعتمادا على أسلوب العصا و الجزرة . فقد سعت الدوائر الحاكمة إلى شراء ضمائر بعض النواب بالتأسيسي ونجحت فى جعل قيادات اتحاد الشغل المركزية كالعادة تنهض بدور رجال المطافئ و " الوسيط " بين الحكومة و معارضيها من أجل " حوار وطني " . و كالعادة طلعت علينا الهيئة الإدارية لإتحاد الشغل بخفض رهيب لسقف المطالب الجماهيرية لتحصرها فى الأساس فى حلّ الحكومة متخلّية عن حلّ المجلس التأسيسي طاعنة الشعب فى ظهره . و هذا منها لا يستغربه سوى الذين لا يفقهون الدور الرجعي الموكل للبيروقراطية النقابية فى الصراع السياسي فى البلاد منذ عقود الآن.
بخفض المطالب إلى حلّ الحكومة ، تسبغ البيروقراطية النقابية من جديد "الشرعية" على المجلس التأسيسي المرفوض شعبيّا و منذ أشهر فيلتحق إتحاد الشغل "بالشرعية النهضوية " التى ماتت و شبعت موتا. بهكذا فعلة شنيعة ينقذ - إلى حين - مرّة أخرى سلطة النهضة و الترويكا و يطلق لها اليد فى مواصلة التحكّم بقدر كبير فى مضامين الدستور والإنتخابات القادمة و الخيارات الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية مقابل تغيير شكلي آخر. أمّا ما سوى ذلك من الوعود و المطالب الجزئية الأخرى فكلام فارغ حيث الإتحاد ذاته خضع للحكومة خضوعا مهينا حتى فى ملفّ الإعتداء عليه.
ذليلة هي البيروقراطية غالبا فى علاقتها بالحكومات رغم خطابها التهييجي التضليلي خاصة فى اللحظات الحرجة التى تقف فيها فى الغالب ضد الجماهير الشعبية و القوى الثورية إلى جانب القوى السياسية الحاكمة . و محطّات تاريخية عدّة لا حاجة إلى ذكرها تنهض دليلا على ذلك .
ولنكن فى منتهى الوضوح : حديثنا يتعلّق بالقيادات و الهياكل المركزية أو الجهازالمركزي أساسا و الإتجاه السائد أو المظهر الرئيسي لها الذى يصنع القرار بإسم الإتحاد ككلّ و لا يشمل بعض الإتحادات المحلّية أو الجهوية التى تفاعلت و تتفاعل إيجابيّا مع المطالب الشعبية .
هذا وجه من المسألة و الوجه الاخر هو التهديدات الحكومية للجماهير و المناضلات و المناضلين و العنف المنظّم للمليشيات و قوات القمع . و مثلما صار دارجا ،كلمّا تعرّضت الحكومة للضغط الشعبي تطلق العنان لعنف جناح الإسلام السياسي المسلّح لتبتزّ خصومها السياسيين و ترهب الشعب . "
و بالفعل شاهدنا فى المدّة الأخيرة ما نجم عن السياسات الإصلاحية من إنبطاحية و خفض هائل لسقف المطالب الشعبية بلغ حدّ القبول بمسرحية " الحوار الوطني " السيّئة الصيت و الإخراج . و عوض إغتنام الفرصة التاريخية لعزل الترويكا وخاصة النهضة مكوّنها المحوري ، مدّ لها الإصلاحيون بشتّى ألوانهم و مشاربهم طوق النجاة بجولات من " الحوار الوطني " فيه على الغالب أملت الترويكا وستملى أهمّ شروطها و إن قدّمت تنازلات طفيفة سيرفعها الإصلاحيون عاليا و عاليا جدّا على أنّها مكاسب ما بعدها مكاسب .
لكلّ هذا إستغربنا إلى حدود كبيرة أن يخرج علينا حزب الوطد الثوري فى الأسابيع الأخيرة ببيانات و نصوص ضمّنها ما يفهم منه أنّه مفاجأ بما صارت إليه الأمور و مواقف الجبهة الشعبية من تلك الفترة إلى يومنا هذا. لا ريب فى أنّ القراءة الإصلاحية الخاطئة للقوى المتصارعة أدّت إلى مثل هذا الموقف.
2- حزب الوطد الثوري و وهم ثورية الجبهة الشعبية و حزب العمّال التونسي :
و فى الوقت الذى كان فيه من المفروض على المناضلات و المناضلين الحقيقيين من أجل مصالح الجماهير الشعبية أن يفضحوا هيمنة الإصلاحيين ، اليمينيين منهم و الوسطيين و " اليساريين " على النضالات و توجيهها توجّها يضرب تطلّعات جماهير شعبنا فى هذه المعركة ، مضى حزب العمّال و مضت الجبهة الشعبية فى سياسات وتحالفات زادت الطين بلّة و سلّمت أكثر صراحة و رسميّا مقاليد المبادرة و القيادة إلى اليمين و على رأسه رمز من رموز النظام السابق و دولة الإستعمار الجديد ، رمز من رموز البرجوازية الكمبرادورية ، رئيس نداء تونس ، السبسي .
و فى أربعينية الشهيد البراهمي رأينا هذا السبسي يعلو منصّة إعتصام باردو و يلقى خطابا بإسم جبهة الإنقاذ الوطني التى إنضمّت إليها الجبهة الشعبية ، فى عملية تتويج واضح و جلي لهيمنة الرجعية على قيادة التحرّكات العفوية الشعبية و تذيّل لل" يسار" الإصلاحي .
و مثلما أعربنا عن ذلك فى مقالات سابقة ، الجبهة الشعبية جبهة إنتخابية ، إصلاحية و حزب الوطد الثوري يبكى و ينوح على خيانة المتنفّذين لها و الحال أنّ هذه الجبهة تتبع منطقها الإصلاحي لا غير فمن الغباء الحديث عن نوع من خيانة الأرضية أو ما شابه لأنّ الإصلاحيين يمارسون الإصلاحية ! هذا من جهة و من جهة ثانية ، من البلاهة الإيديولوجية عدم فهم طبيعة الجبهة و إدعاء أنّها ثورية مع الإقرار بأنّ المهيمنين عليها إصلاحيين .
لقد أوضح ماو تسي تونغ فى " فى التناقض " أنّ طبيعة الشيء يحدّدها فى الدرجة الأولى الطرف المهيمن داخله : " إنّ طبيعة الشيء يقررها فى الدرجة الأولى الطرف الرئيسي للتناقض، الذى يحتلّ مركز السيطرة. لكن هذا الوضع ليس ثابتا، إذ أن الطرف ارئيسي و غير الرئيسي لتناقض ما يتحوّل احدهما إلى الآخر، فتتبدّل طبيعة الشيء تبعا لذلك."( ماوتسي تونغ " فى التناقض" ، صفحة 483 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "، المجلّد الأول).
و حزب الوطد الثوري لا يفقه شيئا من المادية الجدلية فكيف له أن يطبّقها فى تحليلاته ؟ هذا فضلا عن كونه ينظر إلى حزب العمال و الفصائل الأخرى المنضوية تحت راية الجبهة الشعبية بنظّارات إصلاحية فتستحيل لديه أحزابا ثورية كان من الممكن أن تشكّل حكومة ثورية . و قد كتبنا فى مقال سابق عنوانه " إصلاحية الحزب الوطني الإشتراكي الثوري : الخلل و الشلل " التالي :
" سبق لنا أن تناولنا المسألة فى مقال لنا عنوانه " إغتيال محمد البراهمي وضرورة نبذ الأوهام الديمقراطية البرجوازية - لنلحق الهزيمة بالإسلام السياسي و بدولة الإستعمار الجديد برمتها ."(على الحوار المتمدّن) و لاحظنا فيه " للوطد الثوري " يسراويتهم و طرحنا عليهم سؤالا لم يجيبوا عليه إلى الآن : " وفق الماركسية – اللينينية ( ولا نقول لهم وفق الماركسية – اللينينة – الماوية فنقض مضجعهم ) ، من هي حقّا ، قولا و فعلا القوى " الوطنية الثورية " التى ستشكّل " حكومة وطنية ثورية " راهنا ؟ ".
و من جديد فى ما خطّه عبد الله بنسعد ( " ردّا على بعض الردود على بيان " الجبهة الشعبية – التيار الوطني" : نتمسّك بالجبهة الشعبية كإطار سياسي لتعبئة الجماهير الكادحة من أجل إسقاط النظام"- بقلم د. عبدالله بنسعد ) ، يعاد رفع شعار "حكومة ثورية " إلاّ أنّه فى هذه المرّة و حسب ما يفهم القارئ من كلام صاحب الوثيقة المقصود بهذه القوى هي الأحزاب المنضوية تحت راية " الجبهة الشعبية " إذ قال بصريح العبارة : " كما أنّنا نرفض التبريرات التي تقدّم لنا على أنّ الجبهة الشعبية غير قادرة لوحدها على الإطاحة بالنهضة دون التحالف مع نداء تونس فهذا التبرير فيه تجنّ كبير على قدرة الجماهير الكادحة التي لا تبحث إلاّ عن قيادة ثورية لإنجاز المهام الثورية كما فيه أيضا إستنقاص من قيمة الأحزاب المكوّنة للجبهة."

و هذا و إن يبعث الحيرة عند من لم يتوقّع ذلك فهو بالنسبة إلينا أمر من مأتاه لا يُستغرب إعتبارا للمنطق الداخلي للخطّ الإيديولوجي و السياسي الدغمائي التحريفي و الإصلاحي لحزب الوطد الثوري . فهذا المنطق الإنتهازي يحوّل أحزابا لطالما إعتبرها الوطنيون الديمقراطيون تقريبا بشتى تلويناتهم ، إصلاحية ، إلى أحزاب ثورية . "
إنّ حزب الوطد الثوري يتلاعب ب " الثورية " وهو إصلاحي فتراه يهديها إلى حزب العمّال ( كما أهدى صفات الوطنية و الثورية لحزب النهضة فى إطار " المجلس الوطني لحماية الثورة " على خطى حزب العمّال الذى أضفى على النهضة ، فى إطار هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحرّيات ، " صفتي " المدنية و الديمقراطية " ) كي يبرّر تحالفه معه و يواصل تشبّثه بالجبهة الشعبية بعد أن لفظته فيلحقها بطفولية وصبيانية بإسمه فى لافتاته وحتى بعد تفجّر الصراع العلني بينه و بين حزب العمّال لا يزال يدافع عن هذه الجبهة على أنّها ثورية و أنّ من إلتحقوا بجبهة الإنقاذ خانوا أرضيتها .
وعلى هذا النحو ، يخدم المنطق المثالي و البراغماتي النفعي لهذا الحزب الثوري عنوانا و الإصلاحي قولا و فعلا هدفين إثنين هما : أوّلا ، إنكار أنّه أخطأ فى تحالفه مع بقيّة الإصلاحيين الذين جعلهم هو الإصلاحي ثوريين بعد أن جعل نفسه ثوريّا فى الإسم ( فقط ! ) و تنصّله من تحمّل مسؤولية خياراته الإصلاحية و تضليله للمناضلين و المناضلات ومواقفه و خدمته عمليّا للمتنفّذين فى الجبهة و سياساتهم، و ثانيا ، عدم الحسم التام فى حزب العمّال و حزب الوطد الموحّد و ذلك بإعتبار أنّ إلتحاقهم بجبهة الإنقاذ إنحراف عن أرضية الجبهة الشعبية و إن صوّبوه و عادوا إلى تلك الأرضية ، يصبحون من جديد ثوريين . و هذا إلى جانب الطفولية و الصبيانية و الإنحراف الإديولوجي ، فى جانب منه يشرح المنطق الداخلي لمواصلة حزب الوطد الثوري تمسكه بالجبهة الشعبية كإطار رغم أنّها لم تفعل إلى الآن سوى إتباع منطقها الإصلاحي و إلى النهاية .
فى نشر الأوهام وسط المناضلين و المناضلات بأنّ الجبهة الشعبية و حزب العمّال ( و الوطد الموحّد إلخ ) ثوريين يمضى حزب الوطد الثوري فى إصباغ الثورية على نفسه هو و بالتالي يذرّ الرماد فى العيون و يغطّي على إصلاحيته و إصلاحيتهم .
3- إصلاحيون ، لا ثوريون !
فى المدّة الأخيرة ، شبّ صراع علني بين حزب الوطد الثوري و بصورة خاصة حزب العمّال التونسي فكتب الطرفان ونشرا مقالات و ردود اللافت فيها أنّ كلّ طرف منهما يدّعي الثورية و كلاهما إصلاحيّان لا أكثر و لا أقلّ . و تتجلّى هذه الإصلاحية فى مسائل كثيرة نخصّ بالذكر منها هنا أهمّها. إنّهما يعملان على إصلاح دولة الإسعمار الجديد بتعلاّت تكتيكية متنوّعة . حزب العمّال و حزب الوطد الثوري لا يهدفان أبدا ، إنطلاقا من وثائقهم ، إلى تحطيم دولة الطبقات الرجعية المحلّية المتحالفة مع الإمبريالية العالمية وإنشاء دولة جديدة على أنقاضها تمثّل وتخدم مصالح الطبقات الشعبية . و بالنظر إلى عصرنا هذا عصر الإمبريالية والثورة الإشتراكية ليس بوسع هذه الثورة إلاّ أن تكون ثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية بقيادة البروليتاريا و طليعتها الحزبية و إيديولوجيتها الشيوعية تمهيدا للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية وغايتها الأسمى الشيوعية على الصعيد العالمي.
الحزبان لا يطرحان على نفسيهما تحطيم الدولة القديمة بجيشها و شرطتها ومحاكمها و بيروقراطيتها و ما إلى ذلك ، بل شغلهما الشاغل و وهمهما الأكبر هو إيجاد حكومة " ثورية " ( إقرأوا إصلاحية ) فى فى ظلّ هذه الدولة القديمة و فى إطارها ، تسمح لهم بالمشاركة فيها . و بهذا هم يشيعون وهما قاتلا ( إذا تمّ التمسّك بكونه ثوري مناهض للطبقات الرجعية السائدة مثلما دلّلت على ذلك تجارب عديدة عبر العالم و قاراته ) و لا يؤدّى فى الوقت الراهن إلاّ إلى جرّ الجماهير الشعبية إلى مربّع لعبة الديمقراطية البرجوازية وأوهامها أي إلى المشاركة فى لعبة ديمقراطية دولة الإستعمار الجديد . و بالفعل كلا الحزبان شاركا فى إنتخابات 23 أكتوبر 2011 التى أفرزت صعود الترويكا و محورها النهضة إلى السلطة دون تغيير فى طبيعة الدولة و دون مساس بأعمدتها الأساسية ما يعنى مجرّد تشريك للأصوليين الدينيين ، الإسلاميين الفاشيين لتسمية الأشياء بأسمائها الدقيقة ، فى الحكم فى إطار ذات دولة الإستعمار الجديد . و بمشاركتهما تلك بطرق مختلفة أصبغا الشرعية على نتائجها و بالتالي على المجلس التأسيسي المنتخب و الحكومة المنبثقة عنه وهي شرعية لا يزال إلى حدّ اللحظة يرفعها النهضويون و من لفّ لفهم فى وجه المعارضة و جماهير الشعب !
4- وهم الحكومة الثورية :
ورد فى مقالنا المعنون " إصلاحية الحزب الوطني الإشتراكي الثوري : الخلل و الشلل " :
" الجبهة الشعبية برمّتها لفيف من القوى الإصلاحية لم تطرح على نفسها أبدا و ليس بوسعها ، التحطيم الثوري للدولة القائمة ( و الجيش عامودها الفقري ) وبناء دولة جديدة على أنقاضها لتكون ثورية .
و دون الغوص فى من ستمّثل و من سيقود طبقيّا و علاقتها بإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية و بالديمقراطية الشعبية و ما إلى ذلك ، لنفترض جدلا ( للمضي بمنطق بنسعد إلى نهايته ) تشكّل حكومة من أحزاب الجبهة الشعبية ، فهل سيمكن لها أن تتبع و تكرّس عمليّا و على أرض واقع الصراع الطبقي سياسات وطنية ثورية ؟ لا . لن تتمكّن من ذلك لسبب بسيط هو أنّ جهاز الدولة المركزي ، الجيش و الأمن / القمع و البيروقراطية كأهمّ مؤسسات الدولة الرجعية الممثّلة لطبقات الرجعية المتحالفة مع الإمبريالية لن تقبل بذلك ، لن تقبل الرجعية و الإمبريالية بضرب مصالحها فى العمق ، و عندئذ من سيدافع عن هذه الحكومة الثورية التى لا تمتلك جيشا شعبيّا يسندها ؟ فى هذه الحال ، إمّا أن تركع هذه الحكومة للضغوط الرجعية و إمّا تسحق سحقا مثلما حصل تاريخيّا فى أكثر من بلد من بلدان العالم . هذا ما تفيدنا به قراءة ماركسية – لينينية – ماوية صحيحة لعلاقة الدولة بالثورة أمّا الماركسيون المزيفون فلا يرغبون فى إستيعاب الدروس التاريخية للصراع الطبقي و يسبحون فى الأوهام الديمقراطية البرجوازية .
" بدون جيش شعبي لن يكون هناك شيئ للشعب " ، هذه حقيقة لخّصها ماو منذ عقود وهي لا تزال صالحة عالميّا.( " الحكومة الإئتلافية " -24 أبريل – نيسان 1945، المجلد الثالث من المؤلفات المختارة ؛ صفحة 105 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ").
وإذن شعار " حكومة ثورية " فى الوقت الراهن ، خدعة " يسراوية " سقط فيها حتى الوطنيون الديمقراطيون الماركسيون – اللينينيون إذ هو لا يعدو أن يكون كلاما فى غير محلّه هذا أقلّ ما يمكن قوله ، يوهم المناضلين و المناضلات و غيرهم بثورية من يرفعه فى حين أن واقع الصراع الطبقي و مدى تطوّره فى القطر أبعد ما يكون عن إمكانية تحقيق هذا الشعار موضوعيّا و ذاتيّا ، من منظور بروليتاري ثوري ، لا وجود لا لحزب شيوعي ثوري و لا لجيش شعبي و لا لجبهة متحدة بقيادة الحزب الشيوعي ، بإختصار لا وجود لحركة ثورية تقودها النظرية الشيوعية الثورية .
و من الناحية الفلسفية ، يعزى هذا الخطأ الفاضح إلى منهج منافي للمادية الجدلية ، منهج يتميّز بالمثالية و البراغماتية ينتج أوضاعا وهمية من أجل بلوغ أهداف بوسائل لامبدئية . "
وزيادة على ذلك ، من المفيد هنا أن نلفت النظر إلى ما جاء فى بيان 16 أوت 2013 الممضي من قبل عدد من الأحزاب و المنظّمات و ضمنهم حزب الوطد الثوري داعين للنضال من أجل " بديل وطني ديمقراطي شعبي" . و هذا فى الوقت الحالي و كمهمّة مباشرة راهنة وهم ضار آخر . إنّ هذه السلطة المرجوّة غير ممكنة التحقّق فى الواقع الموضوعي للصراع الطبقي فى الوقت الحاضر . ورفع هكذا مهمّات فى غير وقتها خطأ نبّه لينين إلى ضرورة تجنّبه . فالوعي الشيوعي الثوري منحصر للغاية و لا وجود من ناحية لحزب شيوعي ثوري و لحركة شعبية ثورية و من ناحية ثانية ، لا وجود لجبهة متحدة ثورية بقيادة شيوعية ماوية ثورية حقّا ، قولا و فعلا و كذلك لا وجود لجيش شعبي لتحطيم الدولة القديمة و إنشاء دولة جديدة على أنقاضها . و موضوعيّا ، لا وجود لوضع ثوري بالمفهوم اللينيني الصارم .
هذا ما يعلّمنا إياه علم الشيوعية ، أمّا إذا أراد الممضون على ذلك البيان إقامة حكومتهم المرجوّة فى إطار دولة الإستعمار الجديد بأعمدتها الأساسية الجيش و الشرطة و المحاكم و الدواوينية إلخ ، فأطروحاتهم لا تختلف فى عمقها عن الأطروحات الإصلاحية للجبهة الشعبية و لحزب العمّال و الوطد الموحّد و أضرابهم إلاّ فى تسمية الحكومة !
وشأنهم شأن الإصلاحيين عامة ، لا يذكر أصحاب ذاك البيان طريق السلطة بمعنى ما يتطلّبه إرساء " بديل وطني ديمقراطي شعبي" من إنجاز للثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية و دور العنف الثوري الجماهيري و الجيش الشعبي فى ذلك ولا يرفعون وعي الجماهير الشعبية بذلك ، بل يكتفون على ما يبدو برفع شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " ( و مآخذنا على هذا الشعار قد صغناها فى سالف كتاباتنا ) . يبدو أنّ هؤلاء واهمون و يرغبون فى إتباع ذات الطرق السابقة و نقصد الضغط عبر المسيرات و المظاهرات و الإعتصامات لتغيير الحكومة وهي الأشكال الوحيدة المعتمدة من قبل الإصلاحيين . و لسنا ضد هذه الأشكال فى المطلق و لكن بلوغ هدف السلطة الوطنية الديمقراطية الشعبية أي سلطة الدولة الناتجة عن القيام بالثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الجديدة و تحطيم الدولة القديمة و إرساء دولة ثورية على أنقاضها ، لا يستدعي إستراتيجيا الإنتفاضة السلمية و لا حتى الإنتفاضة المسلّحة على غرار ثورة أكتوبر العظيمة و إنّما يستدعي ، فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ، إستراتيجيا حرب الشعب الطويلة الأمد بقيادة شيوعية ثورية تتقن إستخدام الأسلحة السحرية الثلاثة : الحزب الشيوعي الثوري الطليعي والجبهة المتحدة الثورية و الجيش الشعبي و الحزب الشيوعي الثوري محور هذه الأسلحة السحرية الثلاثة .
لقد لخّص ماوتسى تونغ هذه الحقيقة فقال : " حزب قوي النظام مسلّح بالنظرية الماركسية - اللينينية ، يستخدم أسلوب النقد الذاتي و يرتبط بجماهير الشعب ، و جيش يقوده مثل هذا الحزب ، وجبهة متحدة تضمّ مختلف الطبقات الثورية و الجماعات الثورية و يقودها مثل هذا الحزب - هذه هي الأسلحة الرئيسية الثلاثة التى ننتصر بها على العدوّ ".( ماو تسى تونغ " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية " 30 يونيو – حزيران 1949؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الرابع.)

و من يتنكّر لهذه الحقيقة التى لخّصها ماو تسى تونغ يسقط لا محالة فى الإصلاحية .
و فضلا عن كون هذا البيان الذى ننقد يروّج لذات أوهام الإصلاحيين فهو يعمد إلى ذات إنتهازية و براغماتية التحريفيين أيضا حيث من غير المفهوم أصلا كيف تمضي أحزاب و منظمات تعدّ الجبهة الشعبية جبهة إصلاحية بيانا مع أحد مكوّناتها وهو لا يزال يمضى حينها ب " الحزب الوطني الإشتراكي الثوري الوطد – الجبهة الشعبية ". إن لم تكن هذه إنتهازية و براغماتية من الطرفين ، فماذا تكون ؟
5- جذور تحريفية مشتركة بين حزب العمّال و حزب الوطد الثوري :
الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – و حزب العمّال التونسي وجهان لعملة إصلاحية واحدة ، هذا ما كشفناه أعلاه و ما يفسّر فى جانب منه لماذا الطيور على أشكالها تقع ! والجانب الآخر الذى يفسّر تحالف الحزبين هو الجذع الإيديولوجي المشترك بينهما كحزبين نهلا من الخوجية و الدغمائية التحريفية إلى الثمالة . و فى أعداد سابقة من نشريتنا " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" أفردنا عددا من البحوث لنقد الخوجية المفضوحة الدغمائية التحريفية لحزب العمّال التونسي و لفضح الخوجية الدغمائية التحريفية المتستّرة للمجموعة التى أسّست حزب الوطد الثوري . وعلى من يتطلّع إلى التعمّق فى المسألة العودة إلى تلك النصوص وهي متوفّرة على موقع الحوار المتمدّن و فى مكتبته تعثرون على أعداد النشرية كاملة . و من المهمّ هنا أن نلفت النظر إلى أنّ هؤلاء الخوجيين المفضوحين و أولئك الخوجيين المتستّرين نهلوا من الخوجية كدغمائية تحريفية لعقود الآن فسمّموا بها دمهم وصاروا دغمائيين تحريفيين أعداء للشيوعية الثورية و إصلاحيين حتى النخاع .
و لئن كان حزب العمّال منذ تأسيسه إصلاحيّا و تحريفيّا ، فإنّ ما أضحى حزب الوطد الثوري كان منذ بداياته الأولى كمجموعة إلى أواسط الثمانينات فصلا رئيسيّا ثوريّا ، و شهد تحوّلا نوعيّا فى خطّه الإيديولوجي و السياسي ليغدو إصلاحيّا مع نهاية الثمانينات و بداية التسعينات . وما تحالف قياداته الأبرز لسنوات طوال مع البيروقراطية النقابية و ممارسة المجموعة للنقابوية إلاّ تمظهرا من تمظهرات تغيّر اللون . و بعد أن قاد حزب العمّال التونسي الخوجي الدغمائي التحريفي هجوما مسعورا ضد الماوية إعتمادا على كتاب محمّد الكيلاني " الماوية معادية للشيوعية " (1989) ( و الذى فضحنا بالتفصيل أراجيفه و كذبه و إفتراءاته فى عدد من أعداد " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" ) تلقفت مجموعة الوطد تلك المشعل لتمضي هي الأخرى بعيدا فى تشويه الماوية بالنهل من كتابات أنور خوجا و حتى نقل فقرات تامة من كتاب حزب العمّال الذى أنف ذكره ، لا سيما بخصوص الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين 1966- 1976 لتأثيث ما أطلقوا عليه بحثا . و فى الواقع " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا ؟ " لا يعدو أن يكون سلسلة من التخريجات الخوجية الدغمائية التحريفية و نصّا يزخر بالهراء من بدايته إلى نهايته و قد فضحنا ما فضحنا من خزعبلاته فى أكثر من مناسبة ماضية و لنا معه المزيد من الجولات مستقبلا .
و إن كان مسار التطوّر التاريخي لحزب العمّال التونسي و للحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد- و إنحدارهما مختلفين ، فإنهما يلتقيان فى ميزات هامة من الخطّ الإيديولوجي و السياسي . أسس بناء الحزبين تحريفية و إصلاحية لذلك تقاربا و إتحدا فى جبهة واحدة لمدّة طويلة نسبيّا . نوعيّا هما حزبان تحريفيان إصلاحيان و لكن و الحقّ يقال يختلفان فى درجة الإصلاحية . ففى الوقت الراهن ، لا يقدر حزب الوطد الثوري المضيّ إلى حيث مضى حزب العمّال و إن كان المنطق الداخلي لخطّه الإيديولوجي و السياسي يسمح له بذلك و يؤدّى إليه ، ذلك أنّه يخشى أن يفقد مناضليه و مناضلاته لصالح قوى أخرى على أرض الواقع خطابها جذري مقارنة بخطابه وهي تمثّل عمليّا ضغطا كبيرا على قواعده المضلّلة بوجه الخصوص لأنّ القيادات واعية تماما لسياساتها الإصلاحية و لكنّها إلى الان و إلى حدود نجحت و أتقنت – بالنسبة لأصحاب المستوى الإيديولوجي و السياسي و الوعي الطبقي البروليتاري الثوري المتدنّي - التقنّع بقناع الثورية فى الخطاب المزدوج المزوّق و المسوّق.
6- بيت حزب الوطد الثوري من زجاج وهو يقذف الآخرين بالحجر :
عقب إصدار حزب الوطد الثوري ( الثوري قولا و الإصلاحي فعلا ) بيان " بين هولاند و أوباما تقبر التجربة الوطنية للجبهة الشعبية " صدر ردّان عليه من عضوين من حزب العمّال التونسي ، سمير بن حمودة و علي البعزازي فإضطرّ الوطد الثوري/ الإصلاحي إلى صياغة نصّ صدر في غرّة نوفمبر 2013 هو " ضدّ الإصلاحية والدّيماغوجية : ردّ على سمير حمودة وعلي البعزاوي ومن ورائهما حزب العمّال " قال إنّ جريدة " صوت الشعب " رفضت نشره ضمن حقّ الردّ على مقال البعزاوي . ومن هذه الحادثة الدّالة أيضا نلمس جيّدا مدى ديمقراطية حزب العمّال المدّعاة كما لمسناها نحن سابقا فى ردّ لعلي البعزاوي على مقال لنا بمناسبة تخلّى حزب العمّال عن نعت الشيوعي من إسمه و أيضا كما لمسناها سابقا من تعليقات قيادات و عناصر من الوطد الثوري مستعملة كلمات نابيّة تجاهنا و تجاه الماوية والماويين .
و ممّا شدّنا فى ردّ الوطد الثوري / الإصلاحي هو بضعة مسائل متصلة بأخلاقيات الجدال لذلك نسوق هنا جملة من الملاحظات بشأنها .
يصبّ كاتب ردّ " الوطديين " الثوريين / الإصلاحيين سهام نقده فى أكثر من مرّة على حزب العمّال لكونه لم يمضى نصّ البعزاوي بإسم الحزب أو بإسم أحد قادته خاصة و أنّ صاحب الردّ يبدو متأكّدا من أنّ ذلك النص ّ من صياغة قيادة حزب العمّال . و يُرجع ذلك إلى أنّ حزب العمّال يسعى إلى تقزيم حزب الوطد الثوري / الإصلاحي و إعتباره "جماعة " أو " مجموعة " لا غير وهو ما أثار حفيظة الكاتب و صحبه . و ينحى الكاتب على حزب العمّال باللائمة لهذه الممارسة التى يعدّها مراوغة و بصيغة ما غير مسؤولة و لامبدئية . ولكنّه ينسى أو يتناسي أنّ هذا الأسلوب فى التعامل هو ذات الأسلوب الذى إعتمده الوطد الثوري / الإصلاحي فى جدال له مع ناظم الماوي حيث نشر نقدا لناظم الماوي تحت عنوان " ناظم الماوي و رقصات الديك المفضوح " بإمضاء معزّ الراجحي عوض إمضائه من قبل الناطق الرسمي أو من قبل أحد القادة ، مثل بنسعد . ذات الأسلوب اللامبدئي المراوغ الذى يلتقى الحزبان حول الركون إليه إذن يعتمده " الوطديون " ضد مجادل و يدينونه لمّا يعتمده مجادل آخر ضدّهم . أليس هذا من الإنتهازية التى تنطبق عليها " حقيقة هنا ضلال هناك " ؟
و يسترسل كاتب ردّ الوطد الثوري / الإصلاحي على حزب العمّال ليدين هذا الأخير بإعتباره ألغى نعت " الشيوعي " من إسمه و بالتالي لا يحقّ له الكلام لا بإسم البلشفية و لا بإسم الماركسية – اللينينية . و هذه الملاحظة الواردة بعد أشهر من الصمت الإنتهازي المريب عن ذلك الحدث الهام بالنسبة للحركة الشيوعية بالقطر و مواصلة مغازلة ذلك الحزب ، من طرف" الوطديين " يعدّ من المضحكات المبكيات. وأوّل ما يتبادر إلى الذهن سؤال : هل ينطوى إسم الحزب الوطني الإشتراكي الثوري- الوطد- على نعت " شيوعي" ؟ بالطبع ، لا ، أبدا . مبدئية هذا الحزب الوطدي و قناعته و أهدافه وجرأته ( لنقرأ تحريفيته و إصلاحيته ) تقف عند حدّ نعت " إشتراكي " وهو نعت إستخدمه فى القطر الدساترة و غيرهم من المدافعين عن دولة الإستعمار الجديد و كذلك عالميّا تستخدمه أحزاب برجوازية معروفة وإستخدمه حتى النازيّون بألمانيا. هذه واحدة . ثمّ هل نطبّق على " الوطديين " ما قالوه " للعمّاليين " (- حزب العمّال- و الإثنان غير شيوعيين / ماركسيين مزيفين ) ، أي لا يحقّ لهم الكلام بإسم البلشفية ( و بالمناسبة راجعوا نقدنا لهذا التوصيف الذى تجاوزه التاريخ بإرساء اللينينية مرحلة ثانية فى تطوّر علم الشيوعية ، منذ كتابة ستالين " أسس اللينينية " ) و بإسم الماركسية – اللينينية ؟
كانت الحركة الماركسية – اللينينية و على رأسها رئيسيّا ماو تسى تونغ فى ستينات و سبعينات القرن العشرين واضحة جليّة فى فهمها لطبيعة دول الإستعمار الجديد وطبيعة الدول الإمبريالية و لضرورة تحطيمهما عبر الثورة البروليتارية العالمية المسلحة ( حرب الشعب الطويلة الأمد فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ؛ والإنتفاضة المسلّحة المتبوعة بحرب أهلية فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية ؛ أنظروا " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " للحزب الشيوعي الصيني سنة 1963 ، و المعروف أيضا ب" رسالة ال25 نقطة " ) ، فهل يتبنّى حزب " الوطديين " و حزب " العمّاليين " هذا ؟ لا، كما رأينا كلاهما ينشران الأوهم الإصلاحية بشأن الدولة و طريق الثورة .
علاقة حزب " الوطديين" و حزب " العمّاليين " بالماركسية – اللينينية ( و لا نقول بالماركسية – اللينينية – الماوية و الماوية هي المرحلة الثالثة الجديدة و الأرقي فى علم الثورة البروليتارية العالمية الذى لا يكفّ عن التطوّر الكمّي و النوعي ) علاقة إستغلال براغماتي إنتقائي لا غير للظهور بمظهر ثوري أو لتبرير تكتيك يميني أو موقف يسراوي مثلما فعل و يفعل " الوطديون " لتبرير إنضمامهم للجبهة الشعبية و نقدهم الحالي لها و مثلما فعل و يفعل " العمّاليون " لتبرير تحالفهم مع الفاشيين الظلاميين و مع الدساترة .
و ينتفض حزب الوطد الثوري / الإصلاحي لنيله جملة من الشتائم من سمير حمودة و علي البعزاوي . ونحن لا نستغرب ذلك فقد نلنا قسطنا من البعزاوي فى جدال معه حول تسمية حزبهم العمّالي و لكن يذهلنا فعلا أن يسلك " الوطديون " مرّة أخرى سياسة حقيقة هنا ضلال هناك . فمثل حزب العمّال ، لا يفتأ " الوطديون " يكيلون السبّ و الشتائم لخصومهم فى الجدال الفكري و شهيرة صارت النعوت الحيوانية التى جاءت على لسان عبد الله بنسعد و أشياعه فى جدالهم مع مازوم كايبا على الفايسبوك ( أنظروا كتاب مازوم كايبا على الحوار المتمدّن ، " حوارات ومقالات حول الماركسية – اللينينية – الماوية " ) و معلومة لدينا جيّدا هي جواهر ذات بنسعد هذا التى رمي بها للنيل منّا ، فى إطار تعليقات له على مقال لنا يفضح خطّ حزب الوطد الثوري الماركسي المزيّف نشرناه على الحوار المتمدّن و ضمّنناه لاحقا فى كتيّب " الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد- حزب ماركسي مزيّف " و من تلك الجواهر لكم عيّنة هي " سقط الكلام يدلّ على مستوى صاحبه ".
إنّ أسلوب الجدال و أخلاقياته جزء لا يتجزّأ من تكريس الخطّ الإيديولوجي و السياسي و أسلوب الخوجيين المفضوحين و المتستّرين ،" الوطديين" و " العمّاليين " إنتهازي بإمتياز يضرب التعاليم و الأخلاق الشيوعية فى الصميم .
7- الواقع يجب فهمه علميّا و تغييره ثوريّا :
كشيوعيين ثوريين يترتّب علينا أن نستوعب ونطبّق ما صرّح به لينين من أنّ الحقيقة وحدها هي الثورية و ما صرّح به ماو تسى تونغ من أنه "على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب . وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلها ضد مصلحة الشعب ".( " الحكومة الإئتلافية " ، 24 أبريل- نيسان 1945، المؤلفات المختارة المجلّد الثالث).
و من أوكد واجباتنا أيضا أن ننأى بأنفسنا وندعو للنأي عن الليبرالية البرجوازية التى نهانا عنها ماو تسى تونغ فى " ضد الليبرالية " . و عليه ، لا مناص لدينا من التعاطي مع الواقع الذاتي و الواقع الموضوعي بفهم علمي كي نتمكّن منتغييره تغييرا ثوريّا . و يقتضى الفهم العلمي مواجهة الواقع الذاتي و الموضوعي كما هو دون مساحيق ودون مغالطات ودون براغماتية .
حزب العمّال التونسي حزب تحريفي إصلاحي و الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد- حزب تحريفي إصلاحي أيضا و إن إختلفا فإختلافاتهما ثانوية وفى الدرجة. كلاهما حزبان ماركسيّان مزيفان ، حزبان برجوازيّان فى النهاية . خطّهما الإيديولوجي و السياسي دغمائي تحريفي إصلاحي يخدم فى آحخر المطاف تأبيد دولة الإستعمار الجديد . هذا ما ينطق به الواقع المُرّ وهذه حقيقة وجب نشرها على أوسع نطاق ممكن بالضبط كما يجب نشر الشيوعية الثورية على أنقاض هذه التحريفية قصد التقدّم صوب تعبيد الطريق لإنجاز المهام التى تتطلّبها حقّا الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها : الثورة الديمقراطية الجديدة/ الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات وأشابه المستعمرات و المستعمرات الجديدة والثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية وكما أبرز ماو تسى تونغ فى " فى التناقض " : " إنّ التناقضات المختلفة من حيث طبيعتها لا يمكن أن تحلّ إلاّ بطرق مختلفة طبيعيّا ".

و من يهادن التحريفية و الإصلاحية على الجبهة النظرية و بأيّة تلاّت كانت ومنها " التحالفات الجبهوية" لم يدرك المعنى الجوهري للعمل الجبهوي شيوعيّا و هو تحريفي و إصلاحي أو مآله آجلا أم عاجلا السقوط هو نفسه فى التحريفية و الإصلاحية . يحتاج المناضل أو المناضلة و المنظّمة و الحزب الثوريين لكي يبقوا ثوريين إلى إجراء قطيعة عميقة و متجدّدة مع التحريفية و الإصلاحية و بإستمرار و إلاّ تفسّخوا وصاروا أيضا من التحريفيين و الإصلاحيين . و كلّ خلط فى هذا الأمر يؤدّى لا محالة إلى التحريفية و الإصلاحية . و الأمثلة على ذلك لا تحصى و لا تعدّ فى صفوف مجموعات " اليسار".
و يحتاج التغيير الثوري من منظور علم الشيوعية طبعا إلى خطّ و سياسات ثورية لا إلى مهادنة الإصلاحيين و التحريفيين أو التذيّل لهم أو للبيروقراطية النقابية أو لليمين بمشاربه مهما كانت التعلاّت ، كما يحتاج إلى أساليب و أطر نضال و تنظيم ثورية حقيقة . و مرّة أخرى ، أحبّ من أحبّ و كره من كره ، لن نملّ من ترديد و تكريس مقولة لينين " لا حركة ثورية دون نظرية ثورية " و ما تمليه علينا من صراعات على الجبهة النظرية ( دون نسيان الجبهة الإقتصادية و الجبهة السياسية وفى تفاعل جدلي بينها ) حسب ما شرح بإقتدار لينين العظيم فى " ما العمل ؟ " .
" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس .و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ ") .

حقّا " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " .
======================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدّمة و خاتمة كتاب - آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم ...
- مواقف - يسارية - مناهضة للماركسية -- لا حركة شيوعية ثورية دو ...
- مقدّمة كتاب - صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية - ...
- الحركة الشيوعية الماوية – تونس لا هي شيوعية ولا هي ماوية !
- إلى كلّ ثوري و ثورية: لتغيير العالم تغييرا ثوريّا نحن فى حاج ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية تكشف إفلاس الحركة الشيوعية الماوية ...
- نداء إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين (2) : الرجاء درا ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية تكشف إفلاس محمد علي الماوي إفلاسا ش ...
- جملة من أخطاء حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد فى قراءة الص ...
- ماضي حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد و حاضره و مستقبله-الف ...
- إصلاحية الحزب الوطني الإشتراكي الثوري : الخلل و الشلل .
- مغالطات الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطب ...
- تونس : نظرة ماوية للنضالات الشعبية .
- الخلاصة الجديدة للشيوعية هي الإطار النظري الذى تحتاجه الثورة ...
- إغتيال محمد البراهمي وضرورة نبذ الأوهام الديمقراطية البرجواز ...
- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي ا ...
- أجوبة على أسئلة متصلة بصراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيو ...
- بصدد بوب أفاكيان و الخلاصة الجديدة للشيوعية : محمد علي الماو ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية و تطوير الإطار النظري للثورة البرول ...
- مرحلة جديدة فى صراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيوعية وصعو ...


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – و حزب العمّال التونسي وجهان لعملة إصلاحية واحدة