أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الخلاصة الجديدة للشيوعية هي الإطار النظري الذى تحتاجه الثورة البروليتارية العالمية اليوم .















المزيد.....



الخلاصة الجديدة للشيوعية هي الإطار النظري الذى تحتاجه الثورة البروليتارية العالمية اليوم .


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 04:14
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الخلاصة الجديدة للشيوعية هي الإطار النظري الذى تحتاجه الثورة البروليتارية العالمية اليوم .
( ردّ (3) على الهجوم اللامبدئي لمحمّد علي الماوي على الخلاصة الجديدة للشيوعية . )
( تعليق على الحلقات 1 و 2 و 3 ).

" مارسوا الماركسية و أنبذوا التحريفية ؛ إعملوا من أجل الوحدة و أنبذوا الإنشقاق ؛ تحلّوا بالصراحة و الإستقامة و لا تحبكوا المؤامرات و الدسائس ."
( ماو تسى تونغ )
" إن المعرفة هي مسألة علم ، فلا يجوز أن يصاحبها أدنى شيء من الكذب و الغرور ، بل المطلوب هو العكس بكل تأكيد أي الصدق و التواضع."
(ماو تسى تونغ – مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة - مجلد1 ، صفحة 439).


قبل المقدّمة : ومضة للتمعّن والمقارنة و الإستنتاج :
- أ – كان الهدف منها [ الخلاصة الجديدة للشيوعية ] الوصول إلى إستنتاج مفاده ضرورة تجاوز أخطاء ونواقص ماركس إنجلز و لينين وستالين و ماو وهي أخطاء " ثانوية هامة " كما يقول أفاكيان لكنّها متسبّبة فى " هزيمة الإشتراكية " . ( محمد علي الماوي – شطحات أفاكيان الفلسفية ؛ الحوار المتمدّن 28 ماي 2013 ).
- ب- " المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية مضت بعيدا ، وحققت أشياء ملهمة لا تصدّق ، القتال من أجل تجاوز العراقيل الواقعية حقا التى واجهتها وفى التقدّم صوب عالم حيث سيتمّ فى النهاية القضاء على العلاقات الإستغلالية والإضطهادية وسيتمتّع الناس ببعد جديد من الحرّية وسيأخذون على عاتقهم وسينجزون تنظيم ومواصلة تغيير المجتمع فى كافة أنحاء العالم ، بمبادرة واعية وطوعية غير مسبوقة فى تاريخ البشرية. لكن ليس بالأمر الغريب أن وجدت أيضا نواقص هامة وأخطاء حقيقية وأحيانا أخطاء جدّية للغاية ، فى كلّ من الخطوات العملية التى إتخذها قادة تلك الثورات والمجتمعات الجديدة التى ولدت وفى مفاهيمهم ومناهجهم. وهذه النواقص والأخطاء ليست سبب هزائم المحاولات الأولى للثورة الشيوعية لكنّها ساهمت وإن كان بصورة ثانوية فى تلك الهزائم وأبعد من ذلك كلّ هذه التجربة للمرحلة الأولى بكلّ من إنجازاتها الملهمة حقّا وأخطائها ونواقصها الحقيقية جدّا وأحيانا الجدّية جدّا ، حتى وإن كانت عموما ثانوية ، ينبغى التعلّم منها بعمق من كلّ الجوانب لأجل إنجاز الثورة الشيوعية فى الوضع الجديد الذى ينبغى أن نواجهه والقيام بما هو أفضل هذه المرّة. " ( " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة "، بيان الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية ؛ و " فقرة " النظرة الإستراتيجية للثورة " ضمن" رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية " ؛ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012 – الحوار المتمدّن ).

المقدّمة :
آثر محمد علي الماوي أن يشنّ حربا شعواء على الخلاصة الجديدة للشيوعية و أنصارها دون مراعاة أدنى المبادئ الشيوعية فى النقاش ؛ و آثرنا خوض الصراع على طريقتنا ، على الطريقة التى علمنا إياّها ماو تى تونغ ، ملتزمين بما يلزم شيوعيّا و باحثين قدر الإمكان عن الحقيقة مهما كانت ، و لو كانت مزعجة راهنا للبعض أو لنا نحن أو للحركة الماوية العالمية ، ذلك أنّ الحقيقة هي غاية علم الشيوعية كأي علم آخر ، بواسطتها يمكن لنا تفسير العالم تفسيرا صحيحا من أجل تغييره ثوريّا ، و بدونها نتيه و يضيع علمنا و نظلّ نتخبّط و نهرول يمنة و يسرة و ليس بوسعنا لا تفسير العالم تفسيرا صحيحا و لا تغييره تغييرا ثوريّا .
و قد إلتزمنا بمتابعة كتابات محمد علي حول الموضوع الذى نحن بصدده بالتحليل و النقد و بخوض صراع خطّين مبدئي لكشف الأطروحات الحقيقية لأنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية و كذلك لمناهضيها و توضيح الخلافات فى الخطّ الإيديولوجي و السياسي بما يخوّل للرفيقات و الرفاق خاصة و القرّاء عامة فهم حقيقة الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تمثّل اليوم الشيوعية حسب تعبير أحد الرفاق .
و بعدما صغنا نقدا مطوّلا نسبيّا لأوّل مقال نشره محمد علي : " بوب أفاكيان الإبن المدلّل للبرجوازية يحرّف الماوية " ، آلينا على أنفسنا أن نبطئ النسق و لا نسرع فى الردود ريثما نتيح الفرصة و الوقت اللازمين للرفاق و الرفيقات فى القطر والأقطار العربية لكي يطلعوا على أهمّ مقالات بداية الصراع و يدرسوها و يدرسوا معها الخلاصة الجديدة للشيوعية من مراجعها الأصلية و ليس من خلال عيون محمد علي المشوّهة للحقيقة ، و لما لا يشاركوا فى صراع الخطين بأي شكل يرتأونه .
و من هنا إحتفظنا لأنفسنا بالملاحظات النقدية للحلقات التى يصدرها محمد علي إلى حين ينهى ما فى جعبته فى هذه السلسلة فنجمل نقدنا فى وثيقة تعنى بهذه السلسلة الأولى ( قد يضيف سلسلة ثانية و نحن على أهبة الإستعداد للتعاطي معها ) فتكون إلى حدّ ما شاملة تسلّط الضوء تسليطا جيّدا على الصورة لمن يبحث عن الحقيقة كما هي و ليس من خلال عيون مشوّهة لها . و إعتبارا لأنّه إستغرق ما يناهز الأسبوعبن قبل نشر الحلقة الرابعة ، إشتغلنا على الحلقات الثلاث الأولى فحسب على أن نتولى نقد الحلقة الأخيرة لاحقا .
و فى هذا المقال ، نضع بين أيدى الرفيقات و الرفاق خاصة و القرّاء عامة جملة ما توصّلنا إليه إلى حدّ الآن من تحليل و تلخيص ، آملين المساهمة فى مزيد الحثّ على النقاش الجدّي و تعميقه خدمة لمزيد من الوضوح الإيديولوجي و السياسي فى صفوف الماويات و الماويين و الحركة الشيوعية العالمية ككلّ بما يعزّز إستيعاب النظرية الثورية و تطبيقها و تطويرها بهدف إنشاء حركة ثورية غايتها الأسمى هي بلوغ المجتمع الشيوعي عالميّا . فلا حركة ثورية دون نظرية ثورية – لينين.
و سعيا منّا لتمكين المتابعين لصراع الخطّين من رؤية المشهد بمنتهى الوضوح الممكن راهنا قسّمنا المقال ( الذى يعنى بنقد حلقات محمد علي 1 و 2 و3 أمّا الحلقة الرابعة فسنفرد لها مقالا خاصا ) إلى جزئين ، خصّصنا الجزء الأوّل منه ل " محمد علي الماوي يدوس مقتضيات البحث العلمي " ، و الجزء الثاني منه ل " بعض المسائل الفلسفية الخلافية الجوهرية بصدد الخلاصة الجديدة للشيوعية " . و النقاط الأساسية التى خضنا فيها هي :
الجزء الأوّل : محمد علي الماوي يدوس مقتضيات البحث العلمي
1- المثالية الذاتية :
أ- إنكار واقع و حقيقة وجود صراع خطّين عالميّا حول الخلاصة الجديدة للشيوعية و كيفية التقدّم بالحركة الماوية العالمية :
ب - إنكار وجود كتابات سابقة عالجت القضايا المطروحة للنقاش :
ت - القفز على الواقع :
ث - التعميم المثالي :
2- الماقبلية و التلخيص دون تحليل :
أ- الماقبلية :
ب- التلخيص دون تحليل :
3- إستهتار بالمراجع و إستهانة بالقرّاء :
أ- ذرّ الرماد فى العيون :
ب - جهل و تجهيل :
4- الشتائم عماد مقالات محمد علي :
أ- نصيب أفاكيان :
ب - نصيب أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية :
5- نسب أخطاء وهمية لأفاكيان وأنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية :
أ- ما نسب لأفاكيان زورا و بهتانا :
ب – ما نسب لأنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية زورا و بهتانا :

6- إعتماد محمد علي على مفاهيم غير ماركسية أو غير مواكبة لتطوّر الماركسية :

7- أفكار و صيغ غير دقيقة و مائعة :
الجزء الثاني : بعض المسائل الفلسفية الخلافية الجوهرية بصدد الخلاصة الجديدة للشيوعية .
1- الماوية و إزدواج الواحد :
2- الخلاصة الجديدة للشيوعية و القديم و الجديد :
3- تطوّر علم الشيوعية و القطيعة و الإستمرار :
4 – القيادة و جدلية الفرد و المجموعة :
5- علاقة الممارسة بالحقيقة :
علم الشيوعية فى مقابل البراغماتية و الحقيقة الطبقية و الحقيقة السياسية و الحتمية ...-6
7- قوميون برجوازيون أم أمميون بروليتاريون ؟
الملاحق : مقالات محمد علي الماوي كما نشرت على الحوار المتمدّن
1- بوب افاكيان,الإبن المدلل للبرجوازية يحرف الماوية
2- الخلاصة الجديدة- ليست الا تحريفية في ثوب جديد
3- شطحات أفاكيان -الفلسفية
4- المادية الجدلية أقوى من هذيان أفاكيان التحريفي
=====================================================
---------------------------------
الجزء الأوّل : محمد علي الماوي يدوس مقتضيات البحث العلمي
خطوة خطوة سنكتشف معا كيف أنّ محمد علي الماوي داس مقتضيات البحث العلمي لدي الشيوعيين .

1- المثالية الذاتية :

أ- إنكار واقع و حقيقة وجود صراع خطّين عالميّا حول الخلاصة الجديدة للشيوعية و كيفية التقدّم بالحركة الماوية العالمية :
دون مقدّمات و بغتة أطلق محمد علي الماوي رصاصاته موجّها إيّاها إلى صدرأفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية . و لم يتجشّم حتى عناء توضيح إطار هجومه هذا و لا توضيح علاقته بصراع الخطين صلب الماويين على الصعيد العالمي و الذى بات علنيّا منذ سنوات الآن و باتت أهمّ وثائقه العديدة فى متناول من يرغب فى دراستها عن كثب ، وبأكثر من لغة عالمية .
وحتى قبل التصدّع الذى شهدته الحركة الأممية الثورية و إعلان موتها كتنظيم عالمي و نواة تضمّ غالبية الأحزاب و المنظّمات الماوية فى العالم ، من طرف الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي ) و الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري و الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني ، فى بيان غرّة ماي 2011 ، و توجّههم نحو بناء منظّمة أخرى لم ترى النور بعد ، عرفت الحركة الأممية الثورية صراعات خطين بشأن الثورة الماوية فى البيرو ثمّ بشأن الثورة فى النيبال ( وهو ما تعرّضت له رسالة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية ، غرّة ماي 2012 ؛ وهي متوفّرة على الحوار المتمدّن بفضل جهود شادي الشماوي ) و كذلك بشأن الإشتراكية لا سيما بين الحزب الأمريكي و الحزب الهندي ( و هذا الصراع موثّق أيضا فى كتاب شادي الشماوي " الماوية تنقسم إلى إثنين " ) . و فى السنتين الأخيرتين ، صدرت عدّة وثائق من هنا و هناك عبر العالم .
كلّ هذا ينكر وجوده محمد علي و لا يعترف به و لا يراه إطارا عاما لهجومه المحموم ما ينمّ عن مثاليته الذاتية الفجّة التى تتجاهل الواقع الموضوعي ، و عن ميتافيزيقيته المناهضة للجدلية ، هذه الميتافيزيقيا التى لا تربط الخاص بالعام و العام بالخاص ( سنعود للموضوع لاحقا ).
ب - إنكار وجود كتابات سابقة عالجت القضايا المطروحة للنقاش :
و إستنادا إلى ذات المثالية الذاتية الفجّة ، لا يذكر محمد علي ما صاغه ناظم الماوي بصدد صراع الخطين هذا مثلما لا يشير بتاتا إلى كتابات أخرى كثيرة منها المناصرة للخلاصة الجديدة للشيوعية و منها المناهضة لها ، صدرت عن أحزاب و منظّمات معروفة أو غير معروفة عالميّا . و يكتفى بالنهل من أفكار الحزب الأفغاني دون ذكره حتى يظهر هو بمظهر من أتى بجديد لوحده ( جديده المحدود عالجناه فى مقال سابق ) إنطلاقا من عدم و بمعزل عن وثائق صراع الخطّين المتداولة عالميّا . و حينئذ لن نجانب الصواب إن قلنا إنّ محمد علي فضلا عن تكريسه للمثالية الذاتية ، يستهين بغيره و يظهر فعلا نرجسية برجوازية صغيرة .
ت - القفز على الواقع :
و بقراءة مثالية ذاتية أيضا تستهدف الإستخفاف بالخلاصة الجديدة للشيوعية ، يعتبرها محمد علي " مجرّد تلخيص سردي و جرد لبعض الظواهر " [ هكذا ظواهر !!!] ( مقال 4 جوان 2013) . و تكفي نظرة سريعة على نصّ محاضرات ليني وولف " إعادة تصوّر الشيوعية : ما هي الخلاصة الجديدة لبوب أفاكيان ؟ " لإستخلاص أنّ صاحبنا يترك الواقع جانبا ليقذف بنفسه فى عالم من نسج خياله و يريد منّا أن نصدّقه و نصدّق " ظواهره " !
هل القضايا الفلسفية التى تعالجها الخلاصة الجديدة للشيوعية " ظواهر " ؟ هل قضايا إستراتيجيا الثورة " ظواهر " ؟ هل كيفية بناء أنظمة إشتراكية أفضل من تلك التى عرفناها فى السابق " ظواهر " ؟ و هكذا دواليك .
و قد تطرّقنا فى مقال سابق " للقفز على الصراع الطبقي " كتهمة مردودة على صاحبها ، للمرء أن يتساءل : من الذى " يقفز على الواقع " حقّا ؟ ( و لنا عودة لاحقا إلى " القفز على الواقع " عند التعريج فى النقطة 5 على" نسب الأخطاء الوهمية لبوب أفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية ".)
ث - التعميم المثالي :
و فى ذات مقال 4 جوان 2013 ، يصرخ محمد علي معلنا " الماركسية – اللينينية – الماوية حقيقة صالحة فى كلّ مكان " . مهلا ، مهلا ، لعلّكم أدركتم معنا فحوى مثالية هذه الصيغة الخرقاء بيد أنّنا لن نمرّ بسرعة عليها و للحظة نقف عندها فقد يفوت البعض إدراك فحوى الخطإ المثالي هنا لذا نشرح فنقول الماركسية – اللينينية – الماوية ليست " صالحة فى كلّ مكان " و قبل ذلك صالحة لماذا ؟ ...
إنّ إستعمال مفردة " كلّ " فيها ما فيها من تعميم مثالي يذكّرنا بصيغة تعميمية رائجة هي أنّ الدين الإسلامي صالح لكلّ زمان و مكان . الماركسية – اللينينية – الماوية علم للثورة البروليتارية العالمية و مثلا ليست صالحة فى الأماكن التى تجهلها الإنسانية حاليّا و لا هي صالحة وليس بوسعها أن تحلّ محلّ الإختصاصات العلمية الدقيقة . و قد كان ماو تسى تونغ واضحا تماما بهذا الصدد إذ اعلن مبدأ أنّ الماركسية تشمل و لا تعوّض بمعنى أنّ النظرة المادية الجدلية للعالم تشمل مجالات البحث العلمي غير أنّها لا تعوّض مناهج البحث الخصوصية و ليس بوسعها بلوغ الحقائق دون التجربة العلمية . نعيدها الماركسية – اللينينية – الماوية علم للثورة البروليتارية العالمية فى تطوّر مستمر بتطوّر الممارسة الإجتماعية ، لا هي دين و لا هي تحلّ محلّ علم الكيمياء أو علم الطبّ ... فقط المثاليون من أمثال محمد علي يجعلون منها دينا صالحا فى " كلّ مكان " .

2- الماقبلية و التلخيص دون تحليل :
أ- الماقبلية :
فى مقال سابق ، ضمن فقرة " هذا على الحساب حتى أقرأ الكتاب " ، بسطنا كيف أنّ محمد علي يكيل الشتائم فى مقاله الأوّل و بإعترافه هو ، حتى قبل أن ينجز دراسة لأعمال بوب أفاكيان و للخلاصة الجديدة للشيوعية و بصريح العبارة قال " فى إنتظار تناول هذه النظرية البرجوازية بالنقد " ، و بذلك أعلن إستنتاجات قبل الدراسة و عارض الماوية و ماو الذى شدّد على ما معناه من لم يقم ببحث ليس له الحقّ فى الكلمة فصحّ عليه نعت المثالية فى طبعتها الماقبلية أيضا .
ب- التلخيص دون تحليل :
يقتضى المنهج العلمي المادي الجدلي فى النقاش أن نعرض آراء من نناقش بموضوعية و نقدّم أفضل حججه ثمّ ننقد و نحاجج بدورنا لننتهي إلى تلخيص النتائج الناجمة عن هذه العملية . والتحليل و التلخيص وحدة أضداد / تناقض ، من المفترض لمتبنّى المنهج المادي الجدلي أن يحسن معالجة هذا التناقض فى كتاباته بيد أنّ محمد علي يضرب عرض الحائط بهذا المنهج و مقتضياته فهو فى صفحات قليلة يحسم أمور قضايا كثيرة و كبيرة معتمدا سردا تلخيصيا سريعا لما إختار قوله مطعّما بكمّ هائل من الإفتراءات . إنّه يلخّص و يهمل التحليل ، تلخيصه لا ينهض على تحليل للآراء و الحجج لذلك هو أشبه بالإيمان الديني فى تعامله مع الأفكار أي أنّه على السامع و القارئ أن يؤمن بفرضيات و تأكيدات مطلقها و لا حاجة إلى البرهنة على صحتها من عدم صحّتها أو على مدى و درجة صحتها .
التحليل و المحاججة و البراهين و الأدلّة كلّها تقع خارج نطاق نظر محمد علي و إهتمامه . يودّ أن يبتّ فى الأمر و يحسمه بتهم لا أساس لها من الصحّة و فى أسرع وقت ممكن و " دون إطالة لأنّ أفاكيان لا يستحقّ كلّ هذا الإهتمام " ( مقال 4 جوان 2013) .
إذا كانت أعمال أفاكيان التى تعدّ بمئات المقالات و بعشرات الكتب و الخطابات " لا تستحقّ كلّ هذا الإهتمام " ( حسب محمد علي ) وهو يخوض فى تجارب البروليتاريا العالمية ماضيا و حاضرا ، وهو زعيم أحد الأحزاب الماوية التى قادت الحركة الأممية الثورية و المبادر بنقد و فضح تحريفية براشندا ، و مقترح حلول لإعادة ألق الشيوعية و حلّ أزمة الحركة الماوية العالمية ...، إذا كان هذا " لا يستحقّ كلّ هذا الإهتمام " ، فما الذى يستحقه ؟
أين أنت يا محمدعلي من لينين الذى أعرب عن أنّه :
" ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له. فعلى توطد هذا " الفرق الصغير" أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية [ يقصد الشيوعية ] لسنوات طويلة ، طويلة جدا." ( لينين ؛ " ما العمل؟ ")، أين أنت من هذا ؟
3- إستهتار بالمراجع و إستهانة بالقرّاء :
أ- ذرّ الرماد فى العيون :
يقينا أنّ الكثير من قرّاء مقالات محمد علي ذات الصلة بالخلاصة الجديدة للشيوعية قد لاحظوا عدم ذكر مقالات ناظم الماوي و المقالات المناصرة لهذه الخلاصة و المناهضة لها ، كما لاحظوا فى نهاية " الحلقة الأولى " من سلسلة مقالاته إستدراكه فى السطرين الأخيرين إذ سجّل حينها عنوان كتاب لبوب أفاكيان و عنوان بيان الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية مدّعيا أنّ " الحلقة الأولى " تعدّ نقدا لهما .
وفى الحقيقة لم يعرض علينا منهما و لا فقرة كاملة واحدة ، و لا حجّة من الحجج المعتمدة و لا ... إسم البيان لم يذكره بكامله و الكتاب إياه لم يحلنا على ناشره و لم يشر إلى توفّره من عدمه على الأنترنت . و المحاور التى عالجها البيان هي :
/ الظلام الطويل والإختراق التاريخي :I (
/ المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية :II
/ نهاية مرحلة والإستنتاجات التى يجب و التى لا يجب إستخلاصها من هذه التجربة التاريخية :III
/ التحديات الجديدة والتوليف/التلخيص الجديد :IV
عناصره :
◙-;- من الناحية الفلسفية والمنهجية
◙-;- الأممية.
◙-;- حول طبيعة دكتاتورية البروليتاريا و المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية نحو الشيوعية
◙-;- النظرة الإستراتيجية للثورة :
/ الشيوعية فى مفترق طرق : طليعة للمستقبل أم بقية الماضي؟V
وإليكم بعض أهمّ السمات المشتركة بين هذه التيارات :
♦-;- عدم الإضطلاع أو عدم الإنخراط مطلقا بأي طريقة منهجية ، فى تلخيص علمي للمرحلة الأولى من الحركة الشيوعية وبوجه الخصوص للتحليل الثاقب لماوتسى تونغ لخطر وقاعدة إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي...
♦-;- النزعة المشتركة لتحويل "الماوية " لمجرّد وصفة لخوض حرب الشعب فى بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث بينما تهمل مجدّدا أو تقلص أهمية أهمّ مساهمة من مساهمات ماو فى الشيوعية : تطويره لنظرية وخطّ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وكافة التحليل الثري والمنهج العلمي اللذان عليهما تأسّس ذلك و اللذان جعلا تطوير تلك النظرية وذلك الخطّ ممكنا .
♦-;- الفلسفة التجريبية و البراغماتية و التجريبية ...
♦-;- بصورة هامة للغاية ، هذه التوجهات "المتناقضة تناقض إنعكاس المرآة " الخاطئة تشترك فى كونها تحوّلت إلى أو إنسحبت إلى نماذج من الماضي، من هذا النوع أو آخر( مع أن النماذج الخاصة يمكن أن تختلف)...
/ ثورة ثقافية صلب الحزب الشيوعي الثوري : VI
/ خاتمة : تحدّى و نداء : )IIV
و مضامين الكتاب هي :
(الثورة و القيادة و العفوية و التجريبية و النظرية و الواقع و المقاربة العلمية و تغيير المجتمع و أهمّية الخطّ و الجدال و الثقافة و التطوّرات العالمية و التناقضات الكبرى و الحركة الثورية و المقاربة الإستراتيجية و المرحلة الجديدة من الثورة الشيوعية و الخلاصة الجديدة للشيوعية إلخ – و عشرات المواضيع الفرعية المتعلّقة بالثورة و الخلاصة الجديدة للشيوعية )
غيّبهما تماما رغم أنّهما من صميم موضوع النقاش .
و الأدهي هو أنّ مقولة أفاكيان التى كثّف فيها المقصود بالخلاصة الجديدة للشيوعية و نصّ محاضرات ليني وولف التى تشرح منهجيّا ما هي هذه الخلاصة الجديدة للشيوعية ، لآ أثر لهما فى ما خطّه ناقد أفاكيان . لماذا ينبغى على محمد علي أن يشغل باله بهذه الأمور فالأمر حسمه قبل البحث و " أفاكيان لا يستحقّ كلّ هذا الإهتمام " ؟ !!!
مرّة أخرى ، غاية محمد علي ليست تقصّى الحقيقة ، مرّة أخرى يدوس مقتضيات البحث العلمي لا لشيء إلاّ للنيل من أفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية لغاية فى نفس محمد علي لا زلنا نجهلها و لكنّها من الأكيد ليست التقدّم بالثورة البروليتارية العالمية .
ب - جهل و تجهيل :
و حينما يسجّل محمد علي مرجعا ، نقتفى أثره فنجد أنّه لا وجود للمرجع أصلا و قد ألمحنا فى مناسبة سابقة لموقع أورده فى مقال 4 جوان2013 على أنّه مصدر جمل إستشهد بها و فى الواقع هو ليس بموقع وإنما هو أوّلا عنوان مراسلة وثانيا هو عنوان مراسلة محرّف بإضافة حرف كي لا تبلغ المراسلات أبدا. و إستقصينا أمر الجمل الواردة فى مقال 4 جوان فألفيناها مشوّهة لجمل رسالة الحزب الشيوعي لثوري، الولايات المتحدة الأمريكية التى لم يذكرها محمد علي رغم إقتطافه شذرات جمل منها ، و الموجهة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية بتاريخ غرّة ماي 2012 . و قد وثّقنا ما جادت به قريحة محمد علي على أنّه كلام لأفاكيان إلى جانب ما جاء فى الرسالة إيّاها فى مستهلّ مقالنا هذا و دعونا القرّاء للتمعّن و المقارنة و الإستنتاج .
على غرار الكتابات الماوية العلمية و الجدية ، على الكاتب أو الكاتبة أن يحترم نفسه و يحترم القرّاء فيولي العناية اللازمة لأدقّ دقائق جزئيّات المراجع و لا يشوّهها أكانت جملا أم فقرات أم نصوص أم كتب . و على غرار ما جرت عليه العادة خاصة أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين ( من 1966 إلى 1976 ) ، على الكاتب أو الكاتبة أن يعمل على فتح الآفاق الرحبة للقرّاء ليواصلوا رحلتهم مع المعرفة و يعمّقوها و يوسّعوها و ذلك بذكر المراجع بمنتهى الدقّة و ليست المراجع المعتمدة فى المقال أو الكتاب فحسب ، بل حتى مراجع أخرى أساسية و ثانوية ذات الصلة . لكن هيهات أن نطلب من محمد علي التصرّف على هذا النحو فهذا من الأشياء التى " لا تستحقّ كلّ هذا الإهتمام"!!!

4- الشتائم عماد مقالات محمد علي :
حيث يغيب التحليل العلمي و تغيب الآراء الأصلية و الحجج و النقاش الرصين ، تحضر الشتائم . ما يستحقّ الإهتمام لدي محمد علي ليس إجراء نقاش جدّي و علمي بل كيل الشتائم و التهم من الأحجام جميعها لذلك طفحت مقالاته التى ننقد بالشتائم من بدايتها إلى نهايتها فمنذ عنوان أول مقال يتمّ إخراج أفاكيان على أنّه الإبن المدلّل للبرجوازية و" محرف الماوية " . و لن يتوقّف إنهيار سيل الشتائم و لا لحظة إلى آخر مقال قرأناه إلى حدّ الآن (منتصف جوان 2013).
شتائم محمد علي تقفز إلى عيون القرّاء و تكاد لفرط إهتزازاتها المتشنّجة تجنّح لتطير و تطال فى أقرب وقت المقصودين بها ؛ أفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية .
أ- نصيب أفاكيان :
- الإبن المدلّل للبرجوازية .
- محرّف الماوية .
- مجرّد مثقّف برجوازي .
- إنقلابي .
- بيروقراطي .
- له " شطحات فلسفية "...
ب - نصيب أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية :
و لا يفوت من نزل بمستوى النقاش إلى أسفل سافلين أن يشتم أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية بما يخطر على باله من مثل :
- الأرهاط الذين حوله من المرتزقة.
- جماعات مخترقة من المخابرات.
- المغفّلين فاقدي الشخصية .
- المنبهرين بالإنجاز الأمريكي .
- يردّدون " كالببغاء مقولات ماركسية أو ماوية بمعزل عن الممارسة العملية وفى قطيعة تامة مع الحقيقة الموضوعية " .
- يتميّزون ب" الجبن السياسي ".
- يطبّقون " الليبرالية " .
- يحلّقون " فوق الصراع الطبقي و النضال الوطني فى برج عاجي فى غرف مغلقة " .
- البسطاء و المغفّلين ...
ألا تعلم يا محمد علي أنّ لينين نهاني عن مثل هذه الأفعال المشينة بكلمات دقيقة فى مقال له بعنوان " المغزى السياسي للشتم ":
" إن الشتم فى السياسة يغطي دائما الإفتقار التام للمحتوى الفكري و قلّة الحيلة و العجز و الضعف المزعج للشاتم " ( ذكر فى " حول مسألة ستالين " ، الصفحة 13 بالعربية ، دار النشر باللغات الأجنبية بيكين 1963 ).
أم أنّ مقولة لينين هذه " لا تستحق كلّ هذا الإهتمام " ؟!!!

5- نسب أخطاء وهمية لأفاكيان وأنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية :
فى الصفحات القليلة التى دبّجها محمد علي ، ما إنفكّ ينسب أخطاءا وهمية لأفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية ليقدّم صورة مشوّهة التشويه كلّه عنهم بغية عزلهم و النيل منهم بيد أنّ الحقيقة عنيدة و عنيدة جدّا و طال الزمن أم قصر تأبى إلاّ أن تظهر ونحن سنساعف قدر طاقتنا على إظهارها و فى أقرب وقت ممكن متصدّين للتشويهات التى لا تمتّ للمنهج العلمي ، للمنهج المادي الجدلي بصلة عدا كونها نقيضه.
أ- ما نسب لأفاكيان زورا و بهتانا :

1- " أفاكيان ... إعتبر الماركسية – اللينينة – الماوية من " بقايا الماضي " ( مقال 4 جوان 2013) و الحال أنّه هو و حزبه من أكبر المدافعين عالميّا عن الماركسية – اللينينة – الماوية ماضيا و حاضرا و عن تطبيقها و تطويرها أيضا . ما من حزب ماوي ألّف ما ألّفه الحزب الشيوعي الثوري دفاعا عن الماركسية – اللينينية – الماوية و عن التراث الماوي الصحيح رئيسيّا و تشهد على ذلك الكتب والمقالات و الخطابات و مواقع الأنترنت ، إلى جانب حتى الأحزاب و المنظمات التى غدت مناهضة له ( من أفغانستان إلى النيبال ...).

2- " عندما يصف أفاكيان الحركة الشيوعية بالبراغماتية و بالدفاع عن الحقيقة الطبقية فهو يشوّه التاريخ ..." ( مقال 4 جوان 2013). هذا إفتراء لسببين : أوّلا أنّ أفاكيان " لا يصف الحركة الشيوعية بالبراغماتية " و إنّما كشف أخطاءا براغماتية عانت منها و لا تزال الحركة الشيوعية ( إلى يومنا هذا ) و ثانيا أن أفاكيان قد حلّل و ناقش مطوّلا عدّة أخطاء براغماتية و أخطاء متصلة بالدفاع عن الحقيقة الطبقية و من أبرز الأمثلة التى ناقش مثال ليزنسكي الشهير و القضية بعجالة هي أن هذا العالم البيولوجي فى الإتحاد السوفياتي كان مناصرا للحزب البلشفي و ستالين و قد تقدّم بأطروحة الوراثة الجينية ... و فى صراعه مع علماء آخرين تدخّل ستالين ليدعمه لكن التجربة تلو التجربة بيّنت أن أطروحة ليزنسكي خاطئة علميّا .

إذن أفاكيان يبحث فى التراث الثوري و ينقّب فيه ليستخلص الدروس و العبر و يبيّن الصائب من الخاطئ و محمد علي و دون أية دراسة للموضوع يطلق العنان للتشويهات و بدغمائية يدافع عن الأخطاء وهو فى هذا يذكّرنا أكثر ما يذكّرنا بالخوجيين .

3- " تفجير الحركة من الداخل وفق مخطّطات إنخرط فيها أفاكيان منذ زمان " ( مقال 4 جوان ).
و هذا أيضا تشويه تكذّبه الوقائع التاريخية . فأفاكيان و حزبه إلى جانب الحزب الشيوعي الثوري الشيلي كانا المبادرين إلى تجميع و توحيد الأحزاب و المنظّمات الماوية عبر العالم فى بداية ثمانينات القرن العشرين و فى عقد الندوة الثانية سنة 1984 التى شكّلت الحركة الأممية الثورية . ثمّ إنّ فى ظلّ قيادة لجنة الحركة الأممية الثورية التى شارك فيها و أثّر كثيرا الحزب الأمريكي ، إشتدّ عود الحركة و إنتشرت تنظيميّا و تحوّلت إلى منارة عالمية سيّاسيّا وإيديولوجيّا . و يشهد التاريخ أيضا بأنّ حزب أفاكيان سعى جهده لمزيد تطوير الوحدة الثورية للحركة الأممية الثورية إلاّ أنّ هناك من غادر لجنة الحركة ( على غرار الحزب الهندي حسب شهادة وردت بمقال لأحد قياديي الحزب النيبالي الجديد ؛ الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي ) وتاليا ، عمليّا بينما حثّ أفاكيان على نقاش المسائل الخطّية التى تحول دون مزيد تقدّم الحركة ، وقف الكثيرون موقف المتفرّج قبل أن تعلن الأحزاب الهندي و الإيطالي و الأفغاني الإنشقاق ووفاة الحركة الأممية الثورية . و الأحداث التاريخية المسجلة هنا تثبتها عديد المراجع منها الرسالة التى توجه بها الرفاق الأمريكان إلى المنظمات و الأحزاب المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية ، فى غرة ماي 2013.

لا نعتقد أنّ محمّد علي يتجاهل التاريخ بل هو يحبك عملية تجهيل منهجية و يبدع فى تشويه الواقع الموضوعي خدمة لأغراض خاصة به .

4- " يعتبر [ أفاكيان ] نفسه منبع الحقيقة " ( مقال 4 جوان 2013) . قطعا غير صحيح . فكتابات أفاكيان العديدة توجه صفعة لمحمد علي و حسبنا هنا أن نشير إلى مقال له فى كتاب " مقولات أساسية من خطابات و كتابات بوب أفاكيان " – بازيكس – عن القفزة فى الإيمان و القفزة فى المعرفة العلمية . و إن كانت لمحمد علي جملة تفيد ما يلصقه بأفاكيان فلينشرها و يدلّنا على مرجعها و إن كان ما يزعمه محمد علي صحيحا ، نعده بأن ندين نحن كذلك أفاكيان بهذا الشأن لأنّه يطعن المادية الجدلية ونظرية المعرفة الماركسية – إن كان ما يزعمه محمد علي صحيحا و بالتأكيد هو ليس كذلك.

5- " يظلّ أفاكيان غارقا فى تفلسفه يعيش فى عالم شيوعي قد يكون دخله فى حالة غيبوبة من أبواب كهف أفلاطون " ( مقال 4 جوان 2013).
قطعا تشويه فأفاكيان و حزبه اللذان كانا أهمّ المأثّرين فى بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 و بيانها لسنة 1993 ، و فى مقالات مجلّة " عالم نربحه " ، ألّفا عشرات الكتب و آلاف المقالات عن هذا العالم الرأسمالي الإمبريالي فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و قاتلا بلا هوادة ضد الإمبريالية و الرجعية العالمية من أجل الثورة البروليتارية العالمية بتّياريها – الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية – و غايتهما الأسمى كانت على الدوام بلوغ المجتمع الشيوعي العالمي . و إن كان هذا ذنبهم فإننا ندعو الشيوعيين و الشيوعيات الحقيقيين لإقتراف ذات الذنب و برأس مرفوعة عاليا !

و نلفت النظر بالمناسبة إلى إستهانة محمد علي شأنه فى ذلك شأن الرجعيين و الأصوليين بالفلسفة ( المادية الجدلية ) كسلاح من الأسلحة الجبّارة لفهم العالم و تغييره ثوريّا و كقسم من الأقسام الثلاثة المكوّنة للماركسية فى الوقت الذى عُرف عن ماو تسى تونغ عالميّا أنّه أخرج الفلسفة من المدارس و الكلّيات إلى الشوارع و الجماهير الشعبية . فأين محمد علي من الماوية ؟

6- " أفاكيان لا ينطلق إطلاقا من الواقع و لا يتحدّث عنه لا أمريكيّا و لا عالميّا " ( مقال 26 ماي 2013 ).
محض إفتراء بينته بوضوح الصور المنشورة على الفايسبوك لدي " الخلاصة الجديدة للشيوعية " . و زد على ذلك أمور ثلاثة ؛ واحد هو دعوة إلى الإبحار مع كتابات و خطابات أفاكيان دون إستثناء و حيث تعثرون على عدم الإنطلاق من الواقع أنشروا الجمل و الفقرات و ما إلى ذلك و ندّدوا بها – و لن تعثروا- و آخر هو دعوة إلى الإبحار مع جريدة " الثورة " و أرشيفها الذى يعرض عشرات آلاف المقالات التى صدرت بها منذ بداية ثمانينات القرن العشرين و نضمن لكم أنّ الرحلة المعرفية ستكون ممتعة جدّا ؛ و ثالث هو أنّ الإطلاع على مضامين كتاب أفقد محمد علي عقله أي " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة لشمال أمريكا " ( مشروع مسودّة ) يثبت إرتباط الرفاق و الرفيقات الأمريكان بالصراع الطبقي من وجهة نظر بروليتارية و تقديمهم لبدائل و برامج دقيقة و ملموسة متضمّنة للدروس المستفادة من التجارب الإشتراكية السابقة و هذا جزء من نضالهم الثوري الشامل لكافة الجبهات و الذى يعتبره محمد علي قفزا على الواقع .

هل صاغ محمد علي أو أي من الماويين فى البلدان العربية دستورا بديلا يجسّد برنامج الثورة الديمقراطية الجديدة و علاقتها بالثورة الإشتراكية ( و الدساتير فى بعض البلدان موضوع حارق) ؟ لا. موضوعيّا هم متخلّفون عن متطلّبات واقع الصراع الطبقي فى حين أنّ أحزابا رجعية صاغت مشاريع دساتير حتى فى ظلّ نظام الحكم السابق . الماويّون فى البلدان العربية لم يتوصّلوا بعدُ إلى النضج – من عدّة جوانب – الذى يخوّل لهم تلبية ضرورات الصراع الطبقي و خوضه بصفة واعية و ببدائل دقيقة و ملموسة و ليس فقط بشعارات عامة و محمد علي عوض أن يتعلّم – ولا نقول ينسخ أبدا - من تجربة متميّزة هي تجربة الحزب الشيوعي الثوري بقيادة أفاكيان ، أو أن يستفيد منها بذكاء مثلما إستفاد بعض الرفاق و الرفيقات بذكاء من دستور الصين زمن ماو تسى تونغ ، يدينها على أنّها قفز على الواقع . هدفه إدانة بوب أفاكيان و الحزب الذى يقوده مهما كان الأمر ، إنّه يطبّق ما يعبّر عليه شعبيّا " عنزة و لو طارت ! ".

7- " و ظلّ يحلّق فوق التناقضات التى تحكم العصر ...لا يذكرها و لا يخوض فى كيفية حلّها ..." ( مقال 26 ماي 2013 ). يبدو أنّ محمد علي يقصد شخصا آخر غير أفاكيان فكتابات و خطابات هذا الأخير و منذ عقود تعالج هذه التناقضات و فضلا عن ذلك و على سبيل الذكر لا الحصر فى ظلّ قيادته، ألّف رفيقاه فى الحزب رايموند لوتا و فرانك شانون فى بداية الثمانينات كتابا بات مرجعا للماويين عبر العالم حول تناقضات عصر الإمبريالية و آفاق الثورة عنوانه " إنحطاط أمريكا " . مثالية محمد علي الذاتية لا حدود لها !

8- " فكر أفاكيان " مفهوم إستخدمه محمد علي و لم يستخدمه مطلقا أفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية جميعهم . محمد علي نحت هذا المفهوم و ألصقه بأفاكيان عنوة متأثّرا بما يعلّمه المعلّمون و الأساتذة فى المدارس و الإعداديات من تقنية فى الرسم هي تقنية التلصيق غير أنّه نسي أنّ هذا جائز و قد ينتج لوحات فنّية جميلة فى فنّ الرسم لكنّه غير جائز البتّة فى البحث العلمي !

ب – ما نسب لأنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية زورا و بهتانا :

هنا ننكبّ على ثلاثة أخطاء نسبها محمد على إلينا تحديدا فى مقاله المؤرّخ فى 4 جوان 2013.

1- " فإنّ من يدعى أنّه لا وجود لخطّ شيوعي ماوي و لا وجود لإستراتيجيا واضحة و تحديدا لإستراتيجيا الثورة الوطنية الديمقراطية ، الديمقراطية الجديدة – و تكتيكات محدّدة و لا وجود لتراكمات فإنّه يتجاهل هذا الواقع و يتجاهل هذا التراث رغم نواقصه و أخطائه و يعتبره من " بقايا الماضي " " .

بغضّ النظر عن " التكتيكات المحدّدة " التى لن نناقش الآن و " النواقص و الأخطاء " غير " المحدّدة "، ببساطة نطلب من محمّد علي أن يذكر لنا بكلّ دقّة مرجعا واحدا مما نشرناه على الحوار المتمدّن قرأ فيه ما بنى عليه تهمته الزائفة هذه – و لن يجد لأنّ ما تفوّه به لا يوجد إلاّ فى خياله هو و ليس فى الواقع .

2- " يريد إسقاط " الخلاصة الجديدة " الأمريكية على الواقع فى تونس و فى أشبه المستعمرات و فرضها عالميّا ..."

ألم تشعروا مثلنا بأنّ هكذا خطاب عن " الإسقاط " مستعار من القوميين و الأصوليين فى تعاملهم مع الماركسية عامة ؟ ألم تشعروا مثلنا بالشحنة القومية القومجية المعادية للأممية فى " الخلاصة الجديدة الأمريكية " ؟

و نمضى خطوة أخرى مع هذا المنطق القومجي الأخرق المناهض للأممية البروليتارية و للشيوعية كعلم فى النهاية . دعونا نكتشف معا مثلا معنى ثلاث جمل مشابهة نفترضها جدلا هي : " يريد إسقاط " الماركسية " الألمانية على الواقع فى تونس " و يريد إسقاط " البلشفية " الروسية على الواقع فى تونس " و " يريد إسقاط " الماوية " الصينية على الواقع فى تونس " !!! ألا يصبح أجلي المنطق القومجي لمحمد علي المعادي لعلم الشيوعية ؟!!!

و يملي علينا مزيد التحليل إضافة توضيح بسيط هو أنّ الخلاصة الجديدة هي خلاصة جديدة للشيوعية ، هي علم الشيوعية اليوم . و مثلها مثل أي علم ، الشيوعية لا قومية لها ؛ علم البروليتاريا العالمية لا قومية له و الثورة البروليتارية العالمية ثورة أممية تشمل تيارين متكاملين هما الثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية . و الثورتان مكوّنان لسيرورة واحدة لا يمكن فصلهما . علم الشيوعية واحد و البروليتاريا العالمية طبقة واحدة مصيرها واحد و مهمّتها التاريخية واحدة .

نحن إذن كشيوعيين ماويين ثوريين أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية أنصارعلم الشيوعية الألماني و الروسي و الصيني ... و تطبيقاته و تطويراته مهما كان منبعها فردا أو جماعة أو ... لا نعترف للعلم بقومية أو بحدود قومية و لا نتبنى القومية البرجوازية بل نتبنى الشيوعية و مبدأ من مبادئها الصميمية الأممية البروليتارية .

علم الطبّ مثلا تطبّق مبادؤه العامة على الحالات الخاصة للمرضى لإكتشاف الداء و تحديد الدواء و كمّيته اللازمة فى الوقت المحدّد و للمريض المحدّد و لمدّة محدّدة . و علم الشيوعية بما هو علم للثورة البروليتارية العالمية تطبّق مبادؤه العامة على الواقع الملموس لكلّ بلد و فى عالم واحد يحتاج إلى فهم علمي للعلاقة الجدلية بين العام و الخاص . ونسترسل فنضرب مثلا عن العلاقة الجدلية بين العام و الخاص و الجزء و الكلّ فى ما يتصل بالخلاصة الجديدة للشيوعية و ما أسماه محمد علي ب " إسقاطها " على الواقع فى تونس . لقد كشفت الخلاصة الجديدة للشيوعية و نقدت و تجاوزت البراغماتية بتلويناها فى الحركة الشيوعية العالمية عامة و من جهتنا نحن مطبّقين الخلاصة الجديدة للشيوعية ، على الواقع الخاص و صراع الخطين ، لمسنا براغماتية محمد علي و كشفناها للقرّاء . هذا من ناحية و من ناحية ثانية عُنيت الخلاصة الجديدة للشيوعية بتقييم التجارب الإشتراكية و إستخلاص الدروس للقيام بما هو أفضل مستقبلا و للدفاع عن ما هو صائب فيها وهو الجانب الرئيسي و بالتأكيد أنّ هذا سيساعد فى نشر الشيوعية ليس فحسب فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية بل كذلك فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات و يعبّد الطريق أمام نهوض للحركة الشيوعية العالمية و موجة جديدة من الثورة البروليتارية العالمية التى لا ريب أنّها تحتاج لعلم الشيوعية المتطوّر أبدا من أجل إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية – الديمقراطية الجديدة و كذلك الثورة الإشتراكية كتيارين و جزئين متكاملين لهذه الثورة البروليتارية العالمية .

عندئذ نستشفّ أنّ محمد علي يلجأ إلى القومية البرجوازية ليهاجم الخلاصة الجديدة للشيوعية وهو يقوم بذلك يهاجم الأممية البروليتارية و الماركسية – اللينينية – الماوية ذاتها !

وننهي هذه النقطة بمقولة لينين الذى صرّح فى الصفحة 80 من " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكى" ، دار التقدّم موسكو :
" أن ينسب المرء إلى خصمه حماقة بيّنة لكي يدحضها فيما بعد ، ليس من أساليب الرجال الأذكياء جدّا " .

6- إعتماد محمد علي على مفاهيم غير ماركسية أو غير مواكبة لتطوّر الماركسية :

فى مقال 24 ماي 2013 ، أخرج محمد علي من ترسانة ذخيرته من المفاهيم غير الماركسية مفهوم " القفز على الصراع الطبقي " و قد تناولناه بالنقد سابقا لذا لن نكرّر هنا ما قلنا فى ردّنا الأوّل على محمد علي . و فى مقال 26 ماي 2013 يلهث ناقد أفاكيان ب " الوحدة الجدلية بين المطلق و المحدود أو اللانهائي و النهائي " بينما إستعمل إنجلز و لينين مفهومي المطلق و فى مقابله النسبي على وجه الضبط لمّا تحدّثا مثلا عن المعرفة ( أنظروا " ضد دوهرينغ " و " المادية و مذهب النقد التجريبي " ).

فى مقال 4 جوان 2013 ، نعثر على صيغتين تنمّان عن لخبطة فى المفاهيم هما :
أ- " وحدة التناقض بين الطابع العام للتناقض و طابعه الخاص " . لا وجود لمفهوم " وحدة التناقض " و بالتالي الأصحّ : وحدة الأضداد أو التناقض .

ب- يوفّق بين الحقيقة العامة للماركسية – اللينينية – الماوية و الواقع الملموس لمجتمعه ..." و الأصحّ يطبّق و ليس يوفّق ذلك أن العملية هي ممارسة عملية أو تطبيق عملي قصد تغيير الواقع ثوريّا وليست عملية توفيق بما تحيل عليه من دلالات مثالية ميتافيزيقية.

و كمثال عن اللجوء لمفاهيم غير مواكبة لتطوّر الماركسية ، يطلع علينا محمد علي ب " الإشتراكية الديمقراطية " بدلا عن " التحريفية " و قد أجلي ماو فى مقولة كثر تداولها أنّ الإنتهازية اليمينية هي التحريفية و أنّ الإنتهازية اليسارية هي الدغمائية .


7- أفكار و صيغ غير دقيقة و مائعة :

فى مقالات محمّد ، عدد لا يستهان به من الجمل المضطربة جدّا تعزى فى جزء منها إلى التسرّع و التشنّج و فى جزء آخر إلى عدم البحث فى الموضوع المناقش و فى جزء آخر إلى أسباب لم نحط بها الآن . و من هذه الجمل " الجواهر " إليكم البعض و قد بلغنا هذا المبلغ من تحليل و التلخيص ، نترك لكم أن تعملوا الفكر فيها كما تشاؤون :

- " إنّ مجال المعرفة مطلق لا يعرف نهاية كما أنّ المادة فى تحرّك دائم لا نهاية له أيضا و المقصود من ذلك هو معرفة العالم المادي الذى يظلّ فى حالة تطوّر دائم لكن تظلّ معرفتنا لجزء من هذا العالم المادي محدودة و بذلك تكون معرفة الإنسان للعالم الموضوعي متكوّنة من الوحدة الجدلية بين المطلق و المحدود أو اللانهائي و النهائي ." ( مقال 26 ماي 2013 ).
- " الصراع بين الخطين إنطلاقا من واقع مادي لا من مجرّد جدال فكري " ( المصدر السابق ).
- " يبنى عليها نظرته التحريفية مع تجربة الماضي ..." ( م .س ).
- " و ظلّ يحلّق فوق كلّ التناقضات التى تحكم العصر ،و هي تناقضات تتعارض و تقسيمه للشيوعية إلى مرحلتين و التى لا يذكرها و لا يخوض فى كيفية حلّها بل يكتفى بالقول " إنجاز العمل الثوري و ظهور شعب ثوري ثمّ إغتنام الفرص حين تتوفّر الظروف ." ( م . س).
- " و يمجّد الفرد و الإبداع الفردي " و المثقّفين و المعارضة " فى المجتمع الإشتراكي و هذا إنعكاس لنظرية البطولة و النجومية المروجة فى أمريكا ..." ( م . س).
- " الإستنتاجات التى توصّلت لها التجربة الإشتراكية و التى يريد إنطلاقا من ظروفه الموضوعية المادية الهزيلة نقدها و إعلان القطيعة معها ". ( م . س ).
- " إنّ تعويض القديم بالجديد هو قانون عام و لكن لا بدّ من التفريق بين القانون الموضوعي الذى يميّز بين القديم و الجديد. " ( مقال 28 ماي 2013 ).
- " إنّ النص – البيان- فى الحقيقة لا علاقة له بالخلاصة فهو مجرد تلخيص سردي و جرد لبعض الظواهر " ( م . س).
- " من أين يتبلور الخط العام للتنظيم الشيوعي و للحركة الشيوعية عامة ؟ " ( مقال 4 جوان 2013 ).
- " يمثّل دماغ الإنسان معمل إكتمال الفكر لا منبعه " ( م. س)
- " التحليل الملموس للواقع الملموس " هو أساس المادية الجدلية و المادية التاريخية " ( م . س ).
- " إنّ التناقضات التى تحكم المجتمعات معقدة بالتأكيد لكن تفكيكها و التوصل إلى الحقيقة الموضوعية التى تديرها أمر ضروري " ( م . س ).
- " الخطّ فى حاجة دائمة إلى التطعيم و التطوير وفق تطوّر الصراع و تطوّر الإستنتاجات النظرية " ( م . س).


الجزء الثاني : بعض المسائل الفلسفية الخلافية الجوهرية بصدد الخلاصة الجديدة للشيوعية .
( الجزء الثاني من " الخلاصة الجديدة للشيوعية هو ما تحتاجه الثورة البروليتارية العالمية اليوم ")
فى هذا الجزء الثاني من المقال ينصب إهتمامنا على بعض المسائل الخلافية الجوهرية التى أثارها محمد علي فى بضعة الصفحات التى خطّها متهجّما بماكيافيلية على أفاكيان و الخلاصة الجديدة للشيوعية و أنصارها .
و بادئ ذى بدء ، و قبل التوغّل فى أمهات القضايا ، نودّ أن نشير إلى أن ناقد أفاكيان فى أكثر من مناسبة لم يف بتعهّداه بتناول مواضيع حسّاسة معيّنة و من ذلك ما وعد به فى 28 ماي 2013 ،
" سنتناول ... مفهوم الوعي و علاقته بالصراع الطبقي و مسألة نفي النفي..." و ما سجله فى 4 جوان 2013 من " العلاقة بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج – علاقة البنية التحتية بالبنية الفوقية – مفهومه البرجوازي للفنّ ...".
1- الماوية و إزدواج الواحد :
جاء فى مقال محمد علي المؤرّخ فى 4 جوان 2013 :
" لا يمكن الحديث عن ماوية تنقسم إلى إثنين ... إن الماركسية – اللينينة – الماوية نظرية واحدة أمّا التحريفيون المتكلمون بها فهم كثيرون ....هل الماوية تنقسم إلى إثنين ؟ بالطبع لا . "
و مفاد هذا أنّه ، حسب رأيه ، " هناك ماوية من جهة و تحريفية من جهة ثانية لأنّه لا يعقل أن لا يتفق الماويون إن كانوا ماويين بالفعل و بما أنّ هناك إنقسامات فهناك من هو ماوي قولا و فعلا و هناك من يرفع صور ماو و يطبّق خطّا تحريفيّا ."
لا ريب أنكم أدركتم أنّ محمد علي يغمض عينيه عن الواقع و يسلك تجاهه سياسة النعامة : عبر العالم شرقا و غربا الماويون يخوضون صراع خطين ، الحركة الأممية الثورية إنفرط عقدها و تشظّت إلى !!!كتل متصارعة و محمد علي ينوح بمثالية فجّة " لا يعقل"
و لا ظلّ للشكّ فى أنّ هذه النظرة للعالم ، للأشياء و الظواهر و السيرورات تتضارب تمام التضارب مع النظرة المادية الجدلية التى طوّرها لينين و ماو تسى تونغ . و بالعودة سريعا إلى " فى التناقض " المكتوب قبل ما يناهز القرن الآن ( سنة 1937 ) نعثر على مقولتين تدحضان النظرة المثالية الميتافيزيقية لمحمد علي فقد ذكّر ماو بأنّ لينين قال فى " فى مسألة الديالكتيك " :
" إنّ وجهتي النظر الأساسيتين ( أو الممكنتين ؟ أو المشاهدتين تاريخيّا ؟ ) عن التطوّر ( الإرتقاء) هما : التطوّر كنقصان و إزدياد ، كتكرار ؛ و التطوّر كوحدة الضدين ( إنقسام الواحد إلى ضدين متعارضين تربط بينهما علاقة متبادلة ) . "
و بعد ذلك أكّد هو بدوره أنّ :
" النظرة الديالكتيكية المادية إلى العالم ، على النقيض من النظرة الميتافيزيقية إليه ، تدعو إلى دراسة تطور الشيء من باطنه و من حيث صلته بالأشياء الأخرى ، و ذلك بمعنى أنّه ينبغى النظر إلى تطوّر الشيء على أنّه حركته الباطنية الذاتية و الحتمية ، و أنّ كلّ شيء يرتبط فى حركته بالأشياء الأخرى التى تحيط به و يتبادل معها التأثير . فالعلّة الأساسية فى تطوّر الشيء إنّما تكمن فى باطنه لا خارجه ، فى تناقضه الباطني . و هذا التناقض الباطني موجود فى كلّ شيء وهو الذى يبعث فيها الحركة و التطوّر ."
لنحتفظ فقط بالعبارات التالية التى تعكس الحقيقة ماديّا جدليا : " التطوّر كوحد الضدين ( إنقسام الواحد إلى ضدين ...) " و" التناقض الباطني موجود فى كلّ شيء ..." و " العلّة الأساسية فى تطور الشيء إنما تكمن فى باطنه لا خارجه " و نسحبها على الماوية فنحصل على نتيجة واضحة و لندع محمد علي يصرخ بما يشاء !
و عندما تناول قانون التناقض بالبحث مجدّدا فى " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " ، لخّص ماو تسى تونغ حقيقة مادية جدلية عميقة و شاملة هي :
" تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون . وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان . فبين الضدين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد ، و هذا ما يبعث الحركة و التغير فى الأشياء . إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أن طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء . فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدد هي ظاهرة مقيدة ، و مؤقتة ، و إنتقالية ، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقييد ."
(صفحة 226 من "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ).
و من هنا يتجلّى أن صاحبنا المدعي تبنى الماوية مناهض فعلا للينينية و الماوية بشأن المادية الجدلية . و هو فى الواقع يعوّض نظرية " إزدواج الواحد " الصحيحة بدمج الإثنين فى واحد ملتقيا عن وعي أو عن غير وعي بما دافع عنه الخطّ التحريفي الذى ساد صلب الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) منذ 2005 و قبل إنقسامه . ( أنظروا الرسائل المتبادلة بينه و بين الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، على الحوار المتمدّن ترجمة شادي الشماوي ) .
و عالميّا ذات النظرة المثالية الميتافيزيقية تقود البعض الذى صرنا نعرف و العاملين على تأسيس مركز ماوي عالمي دون خوض نقاش أي إيجاد وحدة غير ثورية و غير مبدئية من أجل تجميع شيء من القوّة و ليس من أجل تحرير الإنسانية جمعاء. و بالتالي ، لا نستغرب بكاء محمد علي ، " لا يعقل " عدم وجود وحدة و الحال أنّه هو عينه و آخرون بمثالية تجنّبوا و يتجنّبون النقاش بعمق للمسائل الخلافية و توضيح التخوم و نقاط الإلتقاء و نقاط الخلاف قبل الوحدة على أسس ثورية و يتجنّبون حتى الإشارة إلى الإختلافات الراهنة بين الأفغانيين و الهنود بشأن الحزب الشيوعي النيبالي – الماوي...
جميع المنادين بالوحدة دون نقاش عميق و شامل يسقطون فى الدعوة إلى الوحدة دون مبادئ ، فى دمج الإثنين فى واحد – دمج حتى الحزب التحريفي النيبالي حسب الحزب الإيطالي و قد سبق لحزب براشندا بعد إنحرافه أن دمج صلبه أحزابا تحريفية أخرى - كمقولة تحريفية تتنافي مع الجدلية و يضربون فى الصميم لا فقط المادية الجدلية بل يضربون فى الصميم أيضا التعاليم اللينينة و منها فى " ما العمل ؟ ":
" قبل أن نتحد و لكيما نتحد ينبغى فى البدء أن نعين بيننا التخوم بحزم و وضوح " .
2- الخلاصة الجديدة للشيوعية و القديم و الجديد :
مقال 28 ماي 2013 الذى إعتبر توطئة لسلسلة مقالات و الذى لم يتجاوز صفحة تقريبا ، خصّصه ناقد أفاكيان لجدلية القديم و الجديد و علاقة الخلاصة الجديدة بذلك إلاّ أنّه عرض علينا جملة من المقولات الماركسية و لم يقدّم لنا رأي أفاكيان من خلال جمل له أو فقرات و أيضا لم يقدّم لنا و لا حجّة من حجج أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية و إكتفى بالكلام فى فراغ و إحلال آرائه الخاصة محلّ آراء من يدعى نقده . فنجم عن هذه البلبلة فى المنهج و فى النظرة الطبقية تداخل إنتهى إلى نقد مصطلح الخلاصة الجديدة للشيوعية على النحو التالي" أما فى يخصّ كلمة خلاصة فإنّ النص – البيان – فى الحقيقة لا علاقة له بالخلاصة فهو مجرّد تلخيص سردي و جرد لبعض الظواهر " . و بالنظر إلى العنوان – " شطحات أفاكيان الفلسفية " – بوسعنا أن نخلص إلى أنّ فى صفحة الرجل " تسمع جعجعة و لا ترى طحينا " . عنوان رهيب و مضمون ضحل مخيّب للآمال .
و يقع على عاتقنا هنا أن نكشف للرفيقات و الرفاق و القراء بيت القصيد . بشكل عام لا يرى أعداء الخلاصة الجديدة للشيوعية أنّها أتت بشيئ جديد بمعنى المراكمة الثورية فى علم الثورة البروليتارية العالمية بل يعدّونها تحريفا للماوية أو ما بعد الماوية ؛ و أنّ المرحلة الجديدة التى حدّدها بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية : " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة " لا تنطبق على الواقع ( هذا رأي مثلا الأفغانيين ).
و قد وقع الردّ على الأفغانيين بأنّ المقصود بالمرحلة الجديدة للشيوعية ليس مرحلة جديدة فى علم الثورة البروليتارية العالمية أي ليست مرحلة رابعة فى علم هذه الثورة و إنّما المقصود هو وفق قراءة فى تمرحل تاريخ الحركة الشيوعية ، هي مرحلة جديدة فى النضال من أجل الشيوعية . و بكلمات أخرى المقصود هو أنّ النضال من أجل الشيوعية قد عرف تقدّما منذ كمونة باريس مرورا بثورة أكتوبر و الثورة الصينية وصولا إلى الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كقمّة ما بلغته الإنسانية فى تقدّمها نحو الشيوعية و لكنّ هذا المدّ شهد جزرا و بخسارة كافة البلدان الإشتراكية السابقة لم تعد للبروليتاريا أية دولة و عليه إفتكاك السلطة و كسب دول إشتراكية ثم خسارتها جميعا تحوّل نوعي و إذا نظرنا إليه موضوعيّا هو ببساطة نهاية مرحلة و بداية مرحلة أخرى ، مرحلة جديدة كما شرحنا فى مقالنا فى أفريل 2013 . و بطبيعة الحال لا يعنى هذا أنّنا سننطلق بعدمية فى هذه المرحلة الجديدة من الصفر لأنّنا ، لا جدال ، قد راكمنا نظريّا و عمليّا تجاربا أثرت علمنا ، و لا يعنى أنّ النضال توقّف فى أية لحظة من اللحظات ، لا بل هو متواصل لكن موجته الأولى ، مرحلته الأولى موضوعيّا قد إنتهت و بدأت مرحلته الثانية على أساس الماركسية – اللينينية – الماوية و تطويرها إلى يوم الناس هذا .
هذا هو المقصود ب " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة " أمّا فى ما يتعلّق بالخلاصة الجديدة للشيوعية فهي الإطار النظري الجديد . المرحلة الأولى للنضال الشيوعي إنطلقت مع " بيان الحزب الشيوعي " و فى سيرورة تطوّرها فى هذه المرحلة الأولى تطوّرت الماركسية إلى ماركسية – لينينية ثم تطوّرت الماركسية – اللينينة إلى مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى هي الماركسية – اللينينية – الماوية . و الخلاصة الجديدة ليست سوى خلاصة تقييمية لكافة تلك المرحلة مضاف إليها فترة ما بعد ماو تسى تونغ إلى يومنا هذا من صراعات طبقية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية و فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة . الخلاصة الجديدة هي خلاصة للحركة الشيوعية العالمية على طول هذه المرحلة لم يسبق أن أنجزها أحد قبل بوب أفاكيان . و هذه الخلاصة الناجمة عن دراسة و بحث عقود فى تراثنا و حاضرنا الشيوعيين جديدة بإعتبار أنّها غير مسبوقة و إكتملت فى خطوطها الأساسية فى السنوات الأخيرة و إن جرى العمل عليها لعشرات السنين و طالب بها بيان الحركة الأممية الثورية منذ 1984.
و الخلاصة الجديدة للشيوعية ما إعتبرت تراثنا "بقايا الماضي " و لا هي تحلّ محلّ الماركسية – اللينينية – الماوية و إنّما هي إمتداد لها ، فى جانبها الصحيح ، و إضافة إليها ؛ ليست إضافة مرحلة رابعة و إنّما هي إضافة جزئية لا غنى عنها إن أردنا مزيد تطوير علم الشيوعية و الإرتقاء به و دفع عجلة الثورة البروليتارية العالمية إلى الأمام . و يضع مناهضو الخلاصة الجديدة أنفسهم بأنفسهم ك " بقايا الماضي " إذ هم دافعوا و يدافعون عن الديمقراطية البرجوازية (مثل الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي)- أنظروا رسائله المتبادلة مع الحزب الأمريكي ) أو دافعوا و يدافعون عن التعاطي الدغمائي مع الماوية واضعينها فى قوالب و رافضين تطويرها . ينادي أنصار الخلاصة الجديدة بأن يصبح الشيوعيون الثوريون حقّا طليعة للمستقبل ، أن يرفعوا نظرهم نحو المستقبل ،لا أن يلووا عنقهم نحوالماضي – بطبيعة الحال متشبّثين بكلّ ما هو صحيح فى تراثنا و مدافعين عنه بإستماتة .
و بعيدا عن سفسطة محمد علي نلقي نظرة معا على تعريف الخلاصة الجديدة من مصدرها ، من وثيقة من وثائق الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( رسالة غرّة ماي 2012 التى مرّ بنا ذكرها ؛ " رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية " ) :
" ما هي الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان ؟
طوال فترة كاملة من الزمن ، طوّر بوب آفاكيان الخلاصة الجديدة للشيوعية الوفيرة المادة و هي تشمل عدّة عناصر متنوعة. آفاكيان ذاته و حزبنا قد تطرّقا مباشرة إلى مضمون الخلاصة الجديدة فى عدد من الوثائق المنشورة . (4) و النقاط الأساسية قد لخّصت فى " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية. و من المفيد تفحّص كيف يقدّم البيان ذلك :
" من الناحية الفلسفية والمنهجية ، يعيد هذا التوليف / التلخيص الجديد فى معناه الأساسي ، إرساء الماركسية على أكمل وجه على جذورها العلمية. إنه يعنى أيضا التعلّم من التجربة التاريخية الغنية منذ زمن ماركس ، مدافعا عن الأهداف و المبادئ الجوهرية للشيوعية ، التى ثبت أنها صحيحة أساسا ، وناقدا ونابذا المظاهر التى ثبت أنها خاطئة أو لم تعد قابلة للتطبيق ومؤسسا شيوعية على أساس علمي أتمّ وأصلب.
فى المفهوم الأصلي للتطوّر التاريخي للمجتمع الإنساني نحو الشيوعية ، حتى كما صاغه ماركس ، وجدت نزعة ، وإن كانت بالتأكيد نزعة ثانوية ، نحو نظرة نوعا ما ضيقة وخطّية. وتجسّد هذا مثلا فى مفهوم " نفي النفي" ( نظرة أن الأشياء تسير بطريقة بحيث أن شيئا معينا ينفيه شيئ آخر بدوره يؤدى إلى نفي أعمق ويتضمّن عناصر من الأشياء السابقة لكن الآن على مستوى أعلى).
وهذا المفهوم إستعير من النظام الفلسفي الهيجلي الذى مارست فلسفته تأثيرا هاما على ماركس ( وإنجلز) حتى حينما ، أعادا فى الأساس صياغتها وركزا نظرة هيغل الجدلية على قاعدة مادية ، هذه النظرة الهيجلية المتميزة بالمثالية الفلسفية (نظرة أن التاريخ فى جوهره كشف للفكرة ). كما جادل بوب آفاكيان ، " نفي النفي " يمكن أن ينزع نحو "الحتمية " كما لو ان الشيء حتما سينفيه شيء آخر على نحو معيّن ، مؤديا لما هو تقريبا تلخيص محدّد سلفا. وحين يطبّق على البحث فى تاريخ المجتمع الإنساني ، بطريقة تجعله ببساطة مركّبا (مثل صيغة : مجتمع بدائي ( مشاعي ) خال من الطبقات ينفيه مجتمع طبقي بدوره سينفيه ظهور مجدّدا لمجتمع خال من الطبقات ، لكن الآن على أساس أرقى ، ببلوغ الشيوعية عبر العالم) فإن النزعة نحو الإختزالية فى ما يتصل بالتطوّر التاريخي للمجتمع الإنساني المعقّد للغاية و المتنوّع ، النزعة نحو " نظام مغلق " ونحو " الحتمية " تبدو أوضح وإشكالية أكثر.
ومن جديد ، كان هذا نقيصة ثانوية فى الماركسية عند تأسيسها ( وكما جادل بوب آفاكيان كذلك : " الماركسية ، الشيوعية العلمية ، لا تجسّد وفى الحقيقة ترفض كل مفهوم ..لاهوتي بأن هناك نوعا من الإرادة و الغاية وفقهما تسير الطبيعة أو يسير التاريخ " . لكن مثل هذه النزعات أكدت نفسها بالكامل مع تطوّر الحركة الشيوعية وصارت ضارة بشكل خاص ومارست تأثيرا سلبيا ، على تفكير ستالين الذى بدوره أثّر على نظرة ماو الفلسفية حتى حين نبذ ماو وقطع إلى حدود هامّة مع نزعات ستالين نحو " التخشّب " والمادية الميكانيكية ، نوعا ما ميتافيزيقية. والتوليف / التلخيص الجديد لبوب آفاكيان يجسّد مواصلة لقطع ماو مع ستالين لكن أيضا فى بعض جوانبه قطيعة أبعد بما تأثّر به ماو ذاته ، حتى وإن ثانويا ، من ما صار نمط التفكير فى الحركة الشيوعية فى ظلّ قيادة ستالين.
الأممية:
فى بداية الثمانينات ، فى عمله " كسب العالم؟ " قام بوب آفاكيان بنقد واسع لتيارات خاطئة فى تاريخ الحركة الشيوعية ، وبصفة خاصة ، التوجّه نحو القومية ، نحو فصل النضال الثوري فى بلد معيّن وحتى رفعه فوق النضال الثوري من أجل الشيوعية عبر العالم. وقد فحص طرق تمظهر هذه النزعة ذاتها فى كلّ من الإتحاد السوفياتي والصين ، لما كانا بلدين إشتراكيين والتأثّر الذى مارسته على الحركة الشيوعية بصورة أوسع وضمن ذلك أحيانا تحركات واضحة لإلحاق النضال الثوري فى البلدان الأخرى بحاجيات الدولة الإشتراكية القائمة ( أولا فى الإتحاد السوفياتي ، ثم فى الصين لاحقا ). فضلا عن هذا أجرى آفاكيان تحليلا أعمق للقاعدة المادية للأممية ولماذا فى النهاية وبمعنى شامل ، المجال العالمي هو الأكثر حيوية ، حتى بمعنى ثورة فى أي بلد معيّن ، لا سيما فى هذا العصر الرأسمالي- الإمبريالي كنظام إستغلال عالمي ، وكيف أن هذا الفهم يجب أن يدمج فى نظرة الثورة ، فى بلدان معيّنة وكذلك على النطاق العالمي.
بينما كانت الأممية دائما مبدأ جوهريا فى الشيوعية منذ بداية تأسيسها ، فإن آفاكيان لخّص الطرق التى كانت موضع مساومة خاطئة فى تاريخ الحركة الشيوعية وكذلك عزّز الأساس النظري لخوض هذا الصراع لتخطّى مثل هذه الإنحرافات عن الأممية ولإنجاز الثورة الشيوعية بطريقة أممية صريحة.
حول طبيعة دكتاتورية البروليتاريا و المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية نحو الشيوعية .
بينما تشرّب بعمق وتعلّم من ودافع بحزم عن ونشر المساهمات العظيمة لماو بصدد طبيعة المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية إلى الشيوعية والتناقضات والنضالات التى تميّز هذه المرحلة الإنتقالية والتى بحلّها ، فى إتجاه أو آخر ، تكون حيوية للتقدّم صوب الشيوعية أو العودة إلى الرأسمالية ، أقرّ بوب آفاكيان وشدّد على الحاجة لدور أعظم للمعارضة وتبنى أكبر للخميرة [ بمعنى الصراعات] الفكرية ومجال أوسع للمبادرة والإبداع فى الفنون فى المجتمع الإشتراكي. ونقد نزعة " تحويل الشيء فى الذهن إلى شيء خارج الذهن " ، نزعة تحويل البروليتاريا ومجموعات المستغَلين الآخرين ( أو المستغَلين سابقا فى المجتمع) ، نزعة ترى أناسا معينين فى تلك المجموعات كأفراد ، كممثلين لأوسع مصالح البروليتاريا كطبقة والنضال الثوري الذى يتناسب مع المصالح الجوهرية للبروليتاريا ، بالمعنى الأشمل. وقد ترافق هذا بنظرات ومقاربات ضيقة ، براغماتية وتجريبية تحدّد ما هو فعّال أو ما يمكن تحديده (أو إعلانه) على أنه حقيقة بما يرتبط بالتجارب والنضالات المباشرة التى تشارك فيها جماهير الشعب وبالأهداف الفورية للدولة الإشتراكية وحزبها القائد ، فى كلّ وقت معيّن. وهذا بدوره دفع هذه النزعات التى كانت عنصرا مميّزا للإتحاد السوفياتي وكذلك للصين لمّا كانا إشتراكيين بإتجاه مفهوم "الحقيقة الطبقية"، التى هي بالفعل تتعارض مع الفهم العلمي بأن الحقيقة موضوعية ولا تتغيّر وفقا لمختلف المصالح الطبقية، و لا تعتمد على النظرة الطبقية التى يحملها الباحث عن الحقيقة. إن النظرة والمنهج الشيوعيين العلميين لو إستوعبا وطبّقا كعلم حيّ وليس كدوغما ، لوفّرا ، بمعنى عام ،الوسيلة الأكثر إتساقا ومنهجية وشمولية للتوصّل إلى الحقيقة لكنها ليست نفس الشيئ وقول إنّ للحقيقة ذاتها طابعا طبقيا أو أن الشيوعيين سيتوصلون للحقيقة فيما يتعلّق بالظواهر المعنية ، بينما الناس الذين لا يطبقون أو حتى الذين يعارضون النظرة والمنهج الشيوعيين ليسوا قادرين على بلوغ حقائق هامّة. ومثل هذه النظرة " للحقيقة الطبقي" التى وجدت إلى درجات مختلفة وبأشكال متنوعة داخل الحركة الشيوعية نظرة مادية إختزالية وجلفة وتذهب ضد وجهة النظر والمنهج العلميين الفعليين للمادية الجدلية.
وكجزء من التوليف / التلخيص الجديد ، نقد بوب آفاكيان وجهة النظر الإحادية الجانب فى الحركة الشيوعية تجاه المثقفين نحو رؤيتهم فقط كمشكل والإخفاق فى الإعتراف الكامل بالطرق التى يمكن ان تساهم فى السيرورة الغنية التى سيصل بها الناس فى المجتمع ككل إلى فهم أعمق للواقع وقدرة أشدّ على الصراع المتزايد الوعي لتغيير الواقع صوب الشيوعية.
ومن جديد ، كما يشرح ذلك " القانون الأساسي " لحزبنا :
" ويشمل التوليف / التلخيص الجديد تقديرا عظيما للدور المهمّ للمثقفين والفنانين فى كل هذه السيرورة فى متابعة رؤاهم الخاصة وكذلك فى مساهمة أفكارهم فى الخميرة الأوسع كلها – وكل هذا مجدّدا ، ضروري للحصول على سيرورة أغنى بكثير...
بإختصار، فى هذا التوليف / التلخيص الجديد الذى طوّره بوب آفاكيان ،ينبغى أن يوجد لبّ صلب يتمتّع بالكثير من المرونة. وهذا ، قبل كلّ شيء ، منهج ومقاربة ينطبق بصورة واسعة جدا...وإدراك جلي للمظهرين [ اللبّ الصلب و المرونة ] وترابطهما ، ضروري فى فهم الواقع وتغييره ، فى جميع المجالات وحاسم فى إنجاز تغييرات ثورية فى المجتمع الإنساني...
مطبقة على المجتمع الإشتراكي ، تتضمّن هذه المقاربة للب الصلب والكثير من المرونة ، الحاجة إلى لبّ قيادة وتوسّع، لبّ له فكرة واضحة عن الحاجة لدكتاتورية البروليتاريا وهدف مواصلة الثورة الإشتراكية كجزء من النضال العالمي من أجل الشيوعية ومصمّم على مواصلة خوض النضال ،عبر جميع المنعرجات والإلتواءات. وفى نفس الوقت ، سيوجد بالضرورة أناس وتيارات متنوعة فى المجتمع الإشتراكي يدفعون نحو إتجاهات مختلفة وكلّ هذا يمكن فى النهاية أن يساهم فى سيرورة بلوغ الحقيقة وبلوغ الشيوعية. وسيكون هذا شديدا أحيانا وصعوبة تبنّى كل هذا (بينما ما زالت تقاد كافة السيرورة الشاملة بإتجاه الشيوعية ) ستكون شيئا مثل الذهاب ،على حدّ قول بوب آفاكيان ، إلى عملية التفكيك و التركيب مرارا وتكرارا وكلّ هذا عسير لكنه ضروري وهو سيرورة مرحّب بها."
وكنقطة ناظمة لكل هذا ، شدّد آفاكيان على توجّه "محرّرو الإنسانية " : الثورة التى يجب القيام بها والتى يجب أن تكون الجماهير القوّة الدافعة الواعية فيها ، لا تتعلّق بالإنتقام ولا بتغيير فى الواقع داخل إطار ضيّق ( " الأول يصبح الأخير والأخير يصبح الأول ") وإنما هي تتعلّق بتحويل العالم بأسره حتى لا يوجد أناس هم "الأولون" وآخرون هم" الأخيرون"، فالإطاحة بالنظام القائم وإرساء دكتاتورية البروليتاريا ومواصلة الثورة فى هذه الظروف غرضه كله وهدفه هو القضاء على كافة الإنقسامات الإضطهادية والعلاقات الإستغلالية ضمن البشر و التقدّم لعصر جديد تماما فى تاريخ الإنسانية.
النظرة الإستراتيجية للثورة :
أعاد التوليف / التلخيص الجديد لآفاكيان تركيز أرضية العمل الشيوعي وأثرى الفهم الأساسي اللينيني لحاجة جماهير الشعب لتطوير الوعي الشيوعي ليس فقط ولا رئيسيا عبر تجربتها الخاصة وصراعاتها المباشرة لكن أيضا عبر الفضح الشامل لطبيعة ومميزات النظام الرأسمالي الإمبريالي و توضيح قناعات وأهداف ونظرة ومنهج الشيوعية التى تقدّمها للجماهير بطريقة منهجية وشاملة منظّمة حزبية طليعية ، رابطة الكفاح فى وقت معيّن مع وموجّهة إياه نحو الهدف الإستراتيجي الثوري ، بينما كذلك " يعرض أمام الجماهير" المسائل والمشاكل الأساسية للثورة ويشركها فى صياغة وسائل معالجة هذه التناقضات والتقدّم بالكفاح الثوري. بقيادة بوب آفاكيان ،التوجّه الإستراتيجي الجوهري الضروري لإنجاز العمل الثوري وظهور شعب ثوري ،بالملايين والملايين و ثمّ إغتنام الفرص حين تتوفّر فى النهاية ( والقدرة على القتال والكسب فى هذه الظروف) وتتطوّر وتواصل مزيد التطوّر."
و يقوم بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية بتقييم أساسي لكامل المرحلة الأولى من تاريخ الحركة الشيوعية و إلى أين نحتاج أن نذهب إنطلاقا من هنا :
" المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية مضت بعيدا ، وحققت أشياء ملهمة لا تصدّق ، القتال من أجل تجاوز العراقيل الواقعية حقا التى واجهتها وفى التقدّم صوب عالم حيث سيتمّ فى النهاية القضاء على العلاقات الإستغلالية والإضطهادية وسيتمتّع الناس ببعد جديد من الحرّية وسيأخذون على عاتقهم وسينجزون تنظيم ومواصلة تغيير المجتمع فى كافة أنحاء العالم ، بمبادرة واعية وطوعية غير مسبوقة فى تاريخ البشرية. لكن ليس بالأمر الغريب أن وجدت أيضا نواقص هامة وأخطاء حقيقية وأحيانا أخطاء جدّية للغاية ، فى كلّ من الخطوات العملية التى إتخذها قادة تلك الثورات والمجتمعات الجديدة التى ولدت وفى مفاهيمهم ومناهجهم. وهذه النواقص والأخطاء ليست سبب هزائم المحاولات الأولى للثورة الشيوعية لكنّها ساهمت وإن كان بصورة ثانوية فى تلك الهزائم وأبعد من ذلك كلّ هذه التجربة للمرحلة الأولى بكلّ من إنجازاتها الملهمة حقّا وأخطائها ونواقصها الحقيقية جدّا وأحيانا الجدّية جدّا ، حتى وإن كانت عموما ثانوية ، ينبغى التعلّم منها بعمق من كلّ الجوانب لأجل إنجاز الثورة الشيوعية فى الوضع الجديد الذى ينبغى أن نواجهه والقيام بما هو أفضل هذه المرّة. "
من هذا الأفق الهادف للبناء على المكاسب الأولى للثورة الشيوعية ، و بوجه أخصّ إنجاز ما هو حتى أفضل هذه المرّة ، نحتاج إلى معالجة كيف يمكن للحركة الشيوعية العالمية أن تخرج من مفترق طرقها و تقدّم القيادة للثوار و الشعب عبر العالم بأسره ، الذين يجدون أن النظام العالمي الحالي لا يحتمل و بصورة متصاعدة يبحثون عن حلّ. فى ضوء هذا ، من الضروري على وجه الخصوص أن نفهم السيرورة التى شهدتها الحركة الأممية الثورية ، و لماذا لم تعد قادرة على النهوض بدور المركز السياسي الجنيني ، و ما يجب القيام به لإنقاذ الحركة العالمية و إنعاشها فى ظروف اليوم.
فى بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، هناك تحليل لتيارين خاطئين ضمن الحركة الشيوعية العالمية شكلا " مرآة الضدين" ، و هما معا ، يقفان فى معارضة الخلاصة الجديدة التى تقدّم بها بوب آفاكيان و التى تمثّل الشيوعية فى عالم اليوم. و هذه التيارات تمثّل ، من جهة ، أولئك الذين لديهم " عموما نظرة للنظرية و المبادئ الشيوعية كنوع من الدوغما ، قريب من التعاليم الدينية." و من جهة ثانية ، أولئك الذين يجهلون أو يستبعدون التحليل العلمي الشيوعي للتناقضات العميقة التى أفرزت خطر إعادة تركيز الرأسمالية فى المجمع الإشتراكي ، و الذين يحاولون تعويض ذلك التحليل بمقاربة تعتمد على المبادئ و المقاييس الديمقراطية البرجوازية ، و المفاهيم الديمقراطية البرجوازية للشرعية. و "مرآة الضدين " هذه تشترك فى عدد من المواقف السياسية و المنهجية التى وجدت داخل الحركة الأممية الثورية ، مثل :
" عدم الإضطلاع أو عدم الإنخراط مطلقا بأي طريقة منهجية ، فى تلخيص علمي للمرحلة الأولى من الحركة الشيوعية وبوجه الخصوص للتحليل الثاقب لماوتسى تونغ لخطر وقاعدة إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي. وهكذا ، بينما قد تدافع أو قد كانت تدافع فى الماضي عن الثورة الثقافية فى الصين ، تفتقر إلى أي فهم حقيقي وعميق للماذا كانت هذه الثورة الثقافية ضرورية ولماذا وبأية مبادئ وأهداف أطلقها ماو وقادها. إنها تحوّل الثورة الثقافية ، فى الواقع ، إلى مجرّد حلقة أخرى فى ممارسة دكتاتورية البروليتاريا أو من جهة أخرى تعيد تأويلها على أنها نوع من الحركة الديمقراطية البرجوازية " المناهضة للبيروقراطية " تمثّل فى جوهرها نقضا للحاجة لطليعة شيوعية ودورها القيادي المؤسساتي فى المجتمع الإشتراكي ، عبر المرحلة الإنتقالية إلى الشيوعية.
النزعة المشتركة لتحويل " الماوية " لمجرّد وصفة لخوض حرب الشعب فى بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث بينما تهمل مجدّدا أو تقلص أهمية أهمّ مساهمة من مساهمات ماو فى الشيوعية : تطويره لنظرية وخطّ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وكافة التحليل الثري والمنهج العلمي اللذان عليهما تأسّس ذلك و اللذان جعلا تطوير تلك النظرية وذلك الخطّ ممكنا .
الفلسفة التجريبية و البراغماتية و التجريبية .
ومن جديد بينما يمكن أن يتخذ هذا تعبيرات متنوّعة تبعا لوجهات النظر والنظرات المتنوعة الخاصّة ، فإن الشائع عندها هو إبتذال النظرية والإستهانة بها ، محوّلينها ل "مرشد للعمل" فقط بالمعنى الأضيق والأكثر مباشرة ، معاملين النظرية كما لو أنها ، جوهريا ، إفراز ممارسة خاصة ومحاولين عقد مقارنة بين الممارسة المتقدّمة ( التى ، من جانب هؤلاء الناس ، تتضمّن عنصرا من التقييم الذاتي والإعتباطي ) و النظرية المتقدّمة المفترضة. إن وجهة النظر الشيوعية العلمية ، المادية الجدلية ، تؤدّى إلى فهم أن الممارسة هي مصدر ومحكّ النظرية ، لكن على عكس هذه التشويهات التجريبية الضيقة ، يجب فهم هذا على أن الممارسة بالمعنى الواسع ، شاملة التجربة الإجتماعية و التاريخية الواسعة ، وليس فقط التجربة المباشرة لشخص أو مجموعة أو حزب أو أمّة. تأسيس النظرية الشيوعية ذاتها ومزيد تطويرها يبيّن ذلك بقوّة : منذ زمن ماركس ، تشكّلت هذه النظرية وأثيرت إنطلاقا من جملة واسعة من التجارب ، فى جملة واسعة من الحقول المختلفة وخلال تطوّر تاريخي واسع النطاق ، فى المجتمع و الطبيعة. ستتحوّل مقولة أن الممارسة مصدر النظرية ومقولة " الممارسة معيار صحّة النظرية " إلى كذب عميق إن جرى تأويلها وتطبيقها بأسلوب ضيّق ، تجريبي وذاتي."
( إنتهى المقتطف ).

3- تطوّر علم الشيوعية و القطيعة و الإستمرار :
نقرأ لمحمّد علي فى مقال 26 ماي 2013 :
" يتظاهر بالدفاع عن الماركسية والارتكاز على الاخطاء والنواقص التي يقدمها باعتبارها ثانوية لإيهام البسطاء و المغفلين بأنه يتمسك رئيسيا بالماوية لكنه في الحقيقة ينطلق من هذه الاخطاء الثانوية التي تتحول بعد ذلك الى رئيسية فيبني عليها نظرته التحريفية التي أطلق عليها اسم الخلاصة الجديدة . ويعلن القطيعة والقطع (rupture)مع تجربة الماضي تحت يافطة تجاوز الاخطاء ويبشر بنظرية أرقى وإطار نظري جديد , هي نظرية آفاكيان طبعا , التي ستحسم في " النزعة الطوباوية والدينية للماركسية " .
لا ريب فى أنّ من دقّق النظر فى هذه الجمل تساءل متى و كيف و لماذا تتحوّل الأخطاء الثانوية إلى أخطاء رئيسية ؟ و هل حوّل أفاكيان فعلا أخطاء ثانوية إلى أخطاء رئيسية ؟ لا إجابة لدي محمد علي و كأنّ الأمر لا يعنيه .
و نحن نثير سؤالا بلا مراوغة و لا مداورة : الأخطاء سواء كانت ثانوية أم رئيسية ، هل ينبغى كشفها و فهمها و تجاوزها أم لا ؟
فى أحسن الأحوال سنقول يظلّ رأي محمد علي ضبابي و إن كان ما ورد فى مقالاته ينزع أكثر إلى إنكار وجود أية أخطاء فى تراث الحركة الشيوعية العالمية حيث ينكر الأخطاء البراغماتية و الحتمية و يدافع عن " نفي النفي " إلخ و فى كلمة ما كشفه أفاكيان من أخطاء بعد جهد جهيد و تمحيص لسنوات ينفيه محمد علي بمثالية لا يحسد عليها.
و نستمرّ لنعلن أنّ ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو تسى تونغ علّمونا الكثير بشأن التعاطي الجدّي و الصحيح مع الأخطاء و بشأن النقد و النقد الذاتي ، علمونا أن الماركسية تتطوّر بنقد ذاتها ، و بأن النقد و النقد الذاتي خبزنا اليومي و بأنّ " إزدواج الواحد " ينسحب على أعمالنا و بالتالي من الضروري تعقّب الأخطاء و معالجتها بلا هوادة كخبز يومي يدير له محمد علي ظهره .
و نخصّص أكثر فنقول ألم يكشف لينين أخطاء لدى ماركس فى تحليله و توقعاته بخصوص الحلقة الضعيفة فى سلسلة الثورة فى أوروبا ؟ بلى كشف ذلك و تجاوزه دون أن يحطّ من قيمة ماركس العظيم و الشيء نفسه فعله ماو مع ستالين إذ هو درس تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و درس كتاب الإقتصاد السياسي السوفياتي و غيرهما من الأعمال و المواضيع و قيّم ستالين الماركسي العظيم الذى قام بأخطاء جدّية أحيانا تقييما علميّا كاشفا الأخطاء و شارحا لها و متجاوزا إياها و ينهض " حول مسألة ستالين " ، على سبيل المثال لا الحصر ، دليلا ساطعا على ذلك .
و إذن لم تتطوّر الماركسية مع تطوّر الممارسة الإجتماعية بشتى صنوفها إلى ماركسية – لينينية إلاّ بالقطع – ضمن عدّة معطيات أخرى - مع الأخطاء و التمسّك بالصواب و تطويره و لم تتطوّر الماركسية – اللينينية إلى ماركسية – لينينية – ماوية إلاّ بالقطع مع الأخطاء فى التجربة السوفياتية و البناء على أساس أصلب ومن قمم أرقى فأرقي و تطوير الممارسة و النظرية الثوريين .
و مثلما لم يعنى تجاوز أخطاء تراثنا الثوري رئيسيا إنكارا للماركسية بل صارت ماركسية – لينينية ، لم يعنى نقد ماو للتجربة السوفياتية و تطويره لعلم الثورة البروليتارية العالمية من جوانب جوهرية إنكارا لمساهمات سابقيه من القادة البروليتاريين العظام بل صارت الماركسية – اللينينية نتيجة لذلك ماركسية – لينينية – ماوية . فى سيرورة التطوّر الدائم لعلم الثورة البروليتارية العالمية يستبعد الشيوعيون الثوريون الأخطاء و يحتفظون بما هو صائب و يشيّدون علي أساسه و يمضون قدما فى عملية التطوير فى علاقة جدلية بعملية تثوير المجتمع و ذواتنا . و هكذا نلمس جدلية القطيعة و الإستمرار كوحدة أضداد / تناقض و من المثالية الميتافيزيقية أن نهمل طرفا من طرفيها ، أن نهمل القطيعة أو نهمل الإستمرار. و قد سقط مناهضو الخلاصة الجديدة فى هذا الإهمال . عند محمد علي رشح إهمال ضرورة القطيعة و عند الأفغانيين رشح إهمال الإستمرار معتبرين الخلاصة الجديدة " ما بعد الماوية " .
و قد طالعنا فى رسالة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية الموجّهة للأحزاب و المنظمات المنتمية للحركة الأممية الثورية ردّا مفحما على الأطروحات الخاطئة للحزب الأفغاني المتصلة بعدم إستيعابه للعلاقة الجدلية بين القطيعة و الإستمرار:
" يقيم الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني جدارا فاصلا كبيرا بين القطيعة و الإستمرار. أوّلا ، لنشر إلى ما يجب أن يكون بديهيّا : القطيعة و الإستمرار وحدة أضداد. و ما ينبغى إستيعابه هو التداخل الجدلي بينهما. فى تطوّر الماركسية ، من الضروري التأكيد على أنّه دون قطيعة لا يمكن أن يوجد إستمرار.
إن لم تقطع الماركسية مع تلك المظاهر و العناصر الخاطئة ، الإحادية الجانب و غير العلمية ، فإنّ الماركسية لن تستطيع أن تحافظ على إستمرارها بجوهر علمي. إذا لم تتخلّص الماركسية من المفاهيم السابقة الخاطئة الخاصة ، مع إكتشافها فى خضمّ الممارسة الإجتماعية و تقدّم المعرفة الإنسانية بصورة أعمّ ، إن لم يقع بهذا المعنى إعادة تفحّص مستمرّة و تثبّت من صحّة مقدّماتها ، تكفّ عن أن تكون علما أبدا. هذا ما قام به آفاكيان عند نقده لتلك العناصر الثانوية لكن مع ذلك الواقعية و الضارة فى الفهم العلمي الأساسي للماركسية. و النتيجة ليست ببساطة إضافة تصحيحات أو تعديلات للجسد القائم من الماركسية- اللينينية - الماوية : الفهم الموجود السابق ذاته أعيدت صياغته ، و ظهرت خلاصة جديدة. "
نكرّرها الخلاصة الجديدة للشيوعية ليست مرحلة رابعة فى علم الثورة البروليتارية العالمية و إنّما هي قفزة نوعية جزئية فى تطوّر علمنا تنضاف إلى الماركسية – اللينينية – الماوية و هي جزء لا غنى عنه لمن يتطلّع إلى مزيد تطوير ممارستنا و تنظيرنا الثوريين . إنّها خلاصة المرحلة الأولى من النضال الشيوعي العالمي بجوانبه النيّرة و المنيرة و بأخطائه المكتشفة و المعالجة . و بهذا هي رئيسيّا إستمرار للماركسية – اللينينية – الماوية وهي ثانويّا قطيعة مع أخطائها و دون البناء إنطلاقا من هذه الخلاصة ، من قمّة ما بلغه علمنا ، لن يحصل سوى التقهقر أو مراوحة المكان لذلك هي الإطار النظري الجديد للمرحلة الجديدة من النضال الشيوعي ، لذلك هي شيوعية اليوم .
4 – القيادة و جدلية الفرد و المجموعة :
يهوي محمد علي ، فى مقاله المؤرّخ فى 26 ماي 2013 ، على بوب أفاكيان بتهم غليظة على شاكلة :
- " يمجّد أعماله و لا يغفل عن ذكر إسمه فى كلّ صفحة تقريبا ليوهمنا بأنّنا أمام فكر أفاكيان ."
- " يمجّد الفرد و الإبداع الفردي و " المثقّفين و المعارضة " فى المجتمع الإشتراكي " إلخ
بإختصار ، حسب محمد علي ، أفاكيان يدعو إلى الإيديولوجيا البرجوازية ورؤيتها للفرد فى علاقته بالمجموعة أو بصيغة لم يستعملها محمّد علي و لكن إستعملها متحاملون آخرون : أفاكيان يزرع " عبادة الفرد " وهي تهمة إستخدمها خروتشوف ضد ستالين .
فى إعتقادنا ، لسنا بحاجة إلى التفصيل فى دور الفرد فى التاريخ من وجهة نظر ماركسية عامة فقد عالجه بإمتياز بليخانوف ، و كذلك لن ننكبّ على بحث قضية كبرى فى المجتمع الإشتراكي ألا وهي قضية المثقّفين و المعارضة التى خصّها بوب أفاكيان بفصول عدّة فى كتاباته و خطاباته و لا يخصّها محمد علي إلاّ بالذكر ضمن جملة من جمله ، و البون شاسع جدّا . و مجرّد ذكر القضية لا يفيد أنّه إطلع عليها و إشكاليّاتها و حلّلها و إستوعبها و صار قادرا على معالجتها من منظور شيوعي ثوري . مجرد الذكر ضرب من ضروب التعمية و التظاهر بالمعرفة لا أكثر و لا أقلّ .
هل يذكر أفاكيان نفسه فى كلّ صفحة تقريبا من أعماله ؟ لا مطلقا . و نضرب مثالين على ذلك . هل ذكر نفسه فى كلّ صفحة تقريبا من كتابه سنة 1979 " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ؟ لا . هل ذكر نفسه فى كلّ صفحة تقريبا من أحد كتبه الأخيرة " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ؟ لا. و أكثر من ذلك ، نرجو من مطلقي مثل هذه التهم جزافا أن يحدّدوا لنا كتابا واحدا يمكن أن ينطبق عليه إدعاؤهم. و لن يجدوا .
و فى محاولة لمغالطة القراء و تشويه أفاكيان كتب محمد علي " يقارن نفسه بماركس " دون تفصيل المسألة و ما المقصود بها و لا ذكر لأي مرجع فلا يسعنا إلآّ إستغراب هكذا أسلوب و إستنكاره ! و نستطرد و بإستفزاز نردّ و ماذا فى ذلك ؟ ما هذه العقلية الدينية المتحجّرة ؟ هل إعتبر ماركس نفسه إلاها " لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفؤا أحد " ؟ لنا أن نقارن أنفسنا أو غيرنا به و بمن نشاء و " لا حرج فى ذلك " . مثلا من المقارنات أن لينين لظروف ذاتية و موضوعية فهم عدّة قضايا أفضل من ماركس لذلك لدينا اللينينية مضافة إلى الماركسية ومن المقارنات أيضا أن ماو لظروف ذاتية و موضوعية فهم الجدلية و مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا أفضل من سابقيه و هكذا .
صحيح أنّ أفاكيان شأنه فى ذلك شأن الكتاب و المنظّرين الآخرين ، يذكر كتاباته السابقة من حين لآخر حسب ما يقتضيه موضوع الحديث و طبعا لا عيب فى هذا . و لماذا يكون عيبا أصلا ؟ مثلما يستشهد بفقرات و جمل و كتب و بحوث قادة بروليتاريين عالميين من شتى البلدان و حتى بقادة و باحثين برجوازيين ينقدهم ، عندما توجد حاجة لتوضيح موقفه أو مواصلة بناء على موقف سابق ، من المنطقي و العلمي أن يلجأ إلى التذكير بما ألّفه قبلا .
كيف يتصوّر هؤلاء نقاد أفاكيان بلوغ مثلا الخلاصة الجديدة للشيوعية ؟ هذه الخلاصة أتت إفرازا لسنوات من البحث و التنقيب و التحليل و النقد و لعشرات الكتب و الخطابات و النقاشات . و يحيل أفاكيان عن حقّ على أعماله كي لا يكرّر نفسه و كي يربط بين القضايا المعالجة هنا و هناك .
و تجدر ملاحظة أنّ أفاكيان قد أشاد بأعمال الرفاق و الرفيقات عبر العالم كلّما أنجزروا عملا هاما . و من ذلك ، إشادته بتقدّم كبير فى معالجة الرفيقات والرفاق الإيرانيين لقضية المرأة من الناحية النظرية العلمية فى عديد الدراسات و البحوث ، و بكتابات رفيقه ريموند لوتا و بكتابات رفيقته آرديا سكانيبراك و غيرهم .
و لكن متى " نمجّد " الفرد ؟
ألا " يمجّد " الشيوعيون الحقيقيون ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو تسى تونغ و غيرهم من الرموز ؟ بلى يفعلون لسبب بسيط هو أنّهم – رئيسيّا - يمسكون بالحقيقة التى هي وحدها الثورية .
و بوب أفاكيان قائد للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسه أواسط سبعينات القرن العشرين و قائد شيوعي ماوي عالمي منذ أواخر سبعينات القرن العشرين ، فلماذا عليه أن يتنازل عن كتاباته و خطاباته التى تمسك بجمر الحقيقة ؟ لئن فعل ذلك ، إقترف خطأ فادحا بمقتضاه يتخلّى كلّيا عن علم الثورة البروليتارية العالمية وتطويراته أو يصبح كالدغمائيين يعامل الماركسية بجمودعقائدي و يكرّر مقولات عامة لا تنطبق بالضرورة على الواقع الراهن المتحرّك و المتبدّل و لا تعالج قضايا الثورة المطروحة اليوم .
و من المفيد للغاية هنا أن نحيلكم هنا علي ردود الماويين على " مقاومة عبادة الفرد " ، الحملة التى شنّها الخروتشوفيون ضد ستالين لإدراك غايات أناس يستعملون هذه الأساليب و كيفية توصيفهم حقّا .
و نفسح المجال لبوب أفاكيان نفسه ليعرب عن رؤيته لدوره المهمّ فى علاقة بالثورة و الشيوعية :
" لماذا أنا مهمّ ؟ - لماذا جملة أعمالي و منهجي و مقاربتي مهمين ؟ لأنّنا نقدّم فهما متطوّرا ، فهما راقيا لما تعنيه الثورة و تعنيه الشيوعية و كيفية المضي قدما نحو هدف الثورة والشيوعية ، و كذلك لمنهج الإنخراط و النضال لمعالجة التناقضات التى ستعترضنا حتما فى هذه السيرورة ...
إذا كان فعلا يقودنا فهم علمي لكون المجتمع الإنساني يحتاج و بإمكانه التقدّم صوب الشيوعية ، و لكون النضال من أجل تحقيق هذا الهدف يجب أن يكون عملا واعيا للجماهير الشعبية ، من جهة ، بينما فى نفس الوقت ، يجب أن تكون لهذا قيادة ، و لا أفق لتحقيقه دونها - قيادة تجسّد فى علاقة بهذا الهدف الفهم و المنهج الأكثر تقدّما – و أن ما يتكثّف فى هذا الشخص ، نعم ، و لكن و بأكثر جوهرية فى جملة أعمال بوب أفاكيان و منهجه و مقاربته ، يمثّل هذه القيادة ؛ عندئذ ما يترتّب طبيعيّا عن ذلك هو الإعتراف بأن هذا أمر يجب توعية الجماهير الشعبية به و تعريفهم به ، و يجب أن نجعلهم يحتضنوه ، بفهم مدي حيويته بمعنى خدمته لمصالحها الجوهرية الخاصة و فى النهاية خدمته لأعلي مصالح الإنسانية جمعاء . و مثلما شدّدت على ذلك وثيقة لحزبنا حول مسألة القيادة الثورية :
" إنّ ظهور بعض الثوريين كتعبير مركّز لهذه السيرورة و تحوّلهم إلى تعبير مركّز لأفضل ميزات القيادة الثورية - بما فى ذلك بذل النفس بلا أنانية من أجل القضيّة الثورية و الحبّ العميق للجماهير ، و كذلك إستيعاب قوي للمنهج العلمي لإطلاق العنان للجماهير و رسم طريق الثورة فى تناغم مع مصالحها الموضوعية - بالتالى لا يكون وجود هكذا قائد أو قادة مصدر إزعاج و إنّما شيئا يرحّب به و يحتفى! إنّه جزء من قوّة الشعب."
( بوب أفاكيان – " الثورة " عدد 115 13 جانفي 2008؛ " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " – الجزء الثاني " كلّ ما نقوم به يخصّ الثورة " )
و يبقى أن نلمّ بزاوية نظر أخرى هي زاوية تنظير الحزب الذى يقوده أفاكيان للقيادة و القادة لذلك نستنجد بوثيقة له متوفّرة على الحوار المتمدّن ، ألا وهي " حول القادة و القيادة " ضمن كتاب شادي الشماوي " المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " و منها نقتطف الفقرات التالية :
" ... كافة أعضاء حزبنا قادة ثوريّون بحدّ ذاتهم ، لهم قدرات متنوّعة و مستويات من التطوّر . كلّهم لا يقدّرون بثمن : إنّهم يخدمون الشعب و يجب دعمهم و الدفاع عنهم ضد الهجمات.
صلب الحزب ، يتقاسم الرفاق الأفراح و الأتراح و يعتنون ببعضهم البعض : و هذا أيضا تعبير عن جماعيتنا و نظرتنا الثورية . صلب الحزب ، هناك ( و يجب أن يوجد على الدوام ) الكثير من النقاش الجماعي و الصراعات حول ما ينبغى القيام به ، حول الصحيح و الخاطئ فى تطوير النظرية و الممارسة الثوريين اللذين يساهم فيهما الرفاق كافة.
يتكوّن تنظيم الحزب من مختلف المجموعات و الوحدات الصغيرة ، لكلّ منها قائدها الخاص، وهو أمر ينسحب على كافة الأجهزة القيادية العليا . و العمل الحزبي ككلّ يتركز و يمثّل أفضل تمثيل فى لجنتنا المركزية .
مثل جميع هياكل الحزب ، تعمل اللجنة المركزية بصورة جماعية ، وهي متشكّلة من رفاق أثبتوا ولاءهم للجماهير و للقضية الثورية ، والذين هم مستندون إستنادا جيّدا على المبادئ الجوهرية و المنهج الأساسي للماركسية – اللينينية - الماوية و تعيّن اللجنة المركزية جماعيّا القائد المناسب أكثر لقيادة اللجنة المركزية عينها ، و من خلالها الحزب بأسره .
بوب آفاكيان هو هذا القائد لقادة حزبنا.
من كافة قادة حزبنا ، بوب آفاكيان هو قائد اللجنة المركزية الذى يُعدّ:
= الأقدر على قيادة العمل الجماعي للجنة المركزية و أجهزتها القائمة و بهذه الطريقة و عبر الهياكل الجماعية للحزب و أجهزته القيادية ، قيادة الحزب و الجماهير.
= الأقدر على رسم جماعية الحزب لإستخلاص و تركيز ما يتأتى من أسفل ،من الجماهير الشعبية داخل الحزب و خارجه.
= الأقدر على إستخلاص و تركيز الدروس التاريخية و النضال الثوري للبروليتاريا العالمية بوجه خاص.
= الأقدر على إستخلاص و تركيز المادئ السياسية و الإيديولوجية و التنظيمية الجوهرية للماركسية-اللينينية-الماوية حتى الآن و لقيادة تكريسها عمليّا.
= الأقدر على الإستيعاب و الصراع الواعي حول المنهج العلمي المفتاح أي المادية الجدلية و التاريخية فى علاقة بكلّ مجال من مجالات الممارسة و النظرية ، لأجل رسم الطريق غير المرسوم و موصلة إنجازعمل ثوري فى إرتباط اوثق مع المصالح الموضوعية و الأهداف الإستراتيجية الشاملة لطبقتنا.
= الأقدر على مزج و ربط الإلمام و النظرة التاريخية الشاملة و أرضية تطوّر إيديولوجي و منهجي إلى جانب فهم حقيقي لمشاعر الجماهير و فهم عميق للمشاكل العملية للحركة الثورية.
= الأقدر على قيادة القوى الثورية لحزبنا فى صراع خطّين ضد التحريفية و الإنتهازية و فى الذهاب ضد كافة التيارات الخاطئة.
= الأقدر على وضع معايير الأممية البروليتارية الحقيقية و لقيادة حزبنا فى النهوض بمسؤوليّاته الأممية كفيلق من فيالق الحركة الشيوعية العالمية ،كجزء من الحركة الأممية الثورية.
وتعتبر الجماعيّة الأكبر أي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري أنّ الشخص الذى يجسّد أفضل تجسيد هذه التعابير – و الذى أكّد ذلك مرّة تلو المرّة ، بما فى ذلك فى ظروف حرجة من تاريخ حزبنا و الحركة الشيوعية العالمية- هو بوضوح بوب آفاكيان.
إنّ الرفيق آفاكيان هو تماما نقيض القائد البرجوازي : إنّه معروف بدرجة عالية من المبدئية و الإستقامة الشخصية و السياسية الهائلة؛لقد وضع خدمة الشعب فوق كلّ شيئ آخر فى حياته، وهو يحيى و يتنفّس من أجل جماهير الشعب ،و كان نموذجا لتطبيق منهج الماركسية – اللينينية - الماوية فى النقد و النقد الذاتي ؛ لقد ظلّ برسوخ ثوريا فى وجه مخاطر كبرى تعرّض لها شخصيّا ؛ و إضطلع بدور حيوي فى إستيعاب و نشر علم الماركسية-اللينينية –الماوية و رسم أرضية جديدة فى تطبيقه فى الممارسة العملية ؛ لقد قاد الحزب فى البحث فى جذور الأخطاء و التعلّم منها و تصحيحها ؛ و بيّن أنّه قادر على أن يستخلص و يركّز و يدفع الإستعمال بمهارة للقوّة الجماعية لتنظيمنا الثوري؛ و لم يخسر أبدا روح الفكاهة لديه!
و عليه تؤكّد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري بحماس إحترامها و حبّها و دعمها بصلابة للرفيق آفاكيان و دوره كرئيس للجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية..
و كجزء من الإرتقاء بنضالنا الجماعي لرفع تحدّيات زمننا هذا و مواجهة فرص هذا الزمن على أفضل وجه ، تحثّ بهذا اللجنة المركزية جميع أعضاء الحزب و الثوريين لمزيد إعمال الفكر و نقاش ما تمثّله بالضبط القيادة الثورية الحقيقية، و عكسها و التعلّم من الدور المتميّز لرئيس لجنتنا المركزية و مساهماته فى هذا السياق.
و كذلك بهذا تكرّر اللجنة المركزية التأكيد على تصميمها على منع العدوّ من إسكات الصوت الثوري الحيوي لرئيس حزبنا ، آفاكيان أو إنكار قيادته الثورية للجماهير الثورية ،و على تصميمنا المتجدّد على ضمان أن تصل قيادته و منهجه إلى جمهور دائم الإتساع.
و هكذا تحثّ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية كافة ذوى الفكر الثوري على الإلتحاق بنا فى هذا الإلتزام .
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، سنة 1995.
(إنتهي المقتطف )
و عندئذ ندرك أن محمد علي يسير فى هذه النقطة على خطى خروتشوف و يعمد إلى إلصاق "عبادة الفرد" بأفاكيان للنيل منه بالإفتراء. و نحن نسير على خطى الماويين فى " حول مسألة ستالين " و نردّ عليه بما أوردنا فى مقال نشرناه فى 5 جوان 2013 :
" إنّ الإنتهازيين فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية لم يستطيعوا أن ينكروا ماركس و إنجلز و لينين عن طريق الإفتراء ، و لن يستطيع خروتشوف أن ينكر ستالين بالإفتراء و كما قال لينين فإن المركز الممتاز لا يضمن نجاح الإفتراء " ، ما يساوي فى موضوع الحال " لن تستطيع يا محمد علي أن تنكر الحقيقة بالإفتراء " .
5- علاقة الممارسة بالحقيقة :
هذه من أبرز المسائل الخلافية العالمية صلب الماويين الذين خاضوا فيها طويلا و شكّلت إحدى محاور الخلاف الأساسية بين خاصة الأمريكان و الأفغانيين لذا يترتّب علينا فى هذه النقطة أن نميط اللثام عن هذا الخلاف و حججه بفقرات قد تبدو طويلة غير أنّها ضرورية لإجلاء الحقيقة .
لكن قبل ذلك لنشتغل قليلا على ماقاله محمد علي فى هذا المضمار .
فى مستهلّ كلامنا نسلّط الضوء و لو بسرعة على أنّ محمّد علي فى مقاله بتاريخ 6 جوان 2013 يعرض علينا جملا عن نظرية المعرفة الماركسية و يشدّد على الممارسة العملية المباشرة و المحكّ و على" المواد الأولية المحسوسة " و المتمعّن فى ذلك يتفطّن إلى أنّه يخفق إخفاقا رهيبا فى إستيعاب " حاجة المعرفة إلى التعمّق ،أي حاجة المعرفة إلى التطوّر من المرحلة الحسية إلى مرحلة عقلية – ديالكتيك نظرية المعرفة " و فى مسك القفزتين فى المعرفة كما فسّرهما ماو تسى تونغ فى " فى الممارسة العملية " حيث لخّص فى نهاية بحثه ذاك : " إكتشاف الحقيقة عن طريق الممارسة العملية ، و إثبات و تطوير الحقيقة عن طريق الممارسة العملية مرّة ثانية .الإنطلاق من المعرفة الحسية و تطويرها بصورة فعالة إلى المعرفة العقلية ، ثمّ الإنطلاق من المعرفة العقلية لتوجيه الممارسة العملية الثورية بصورة فعّالة فى سبيل تغيير العالم الذاتي و العالم الموضوعي .الممارسة العملية ، ثم المعرفة ،و العودة إلى لممارسة العملية ثانية ن ثم المعرفة أيضا ، و هكذا تتكرّر العملية إلى ما لا نهاية له ، و مع كلّ دورة يرتفع مضمون الممارسة العملية و المعرفة إلى مستوى أعلى . هذه هي كلّ النظرية المادية الديالكتيكية عن المعرفة نو هذه هي النظرية المادية الديالكتيكية عن وحدة المعرفة و العمل ." ( صفحة 451 من المجلد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة العربية دار النشر باللغات الأجنبية ،بيكين).
و لن يجد أحد أبدا ، مطلقا ، فى أي من كتابات أفاكيان و خطاباته أنّه " يعتبر نفسه منبع الحقيقة " ( مقال 4 جوان 2013 ) . لنفترض جدلا أنّه تجرّأ على قولها – و لن يفعل لإلتزامه بعلم الشيوعية – لتعرّض للتقريع و الإستهزاء حتى من رفيقاته و رفاقه القياديين فى الحزب لأنّهم على مستوى عالي وعالي جدّا من التمكّن النظري و ليس أفاكيان سوى واحدا و إن كان الأبرز من الكثير من منظّري هذا الحزب الذين أخضعوا أنفسهم طوعا و عن وعي إلى تقسيم للعمل الجماعي جعل هذا أو هذه يصبّون طاقتهم أساسا فى هذا المجال أو ذاك .
أفاكيان " يعتبر نفسه منبع الحقيقة " واحدة من عنديات محمد علي و إفتراءاته مثلها فى ذلك مثل " أفاكيان لا ينطلق إطلاقا من الواقع و لا يتحدّث عنه لا أمريكيّا ولا عالميّا " وهي جملة تدفع كلّ من له و لو أدنى المعرفة بأفاكيان إلى الضحك لا بل القهقهة ،وهي جملة قد تسيل الكثير من الحبر إن أردنا نقدها من كافة الجوانب و لكنّنا لن نفعل الآن فما نشر قبلا كفيل بفضح مدى طفوليتها و مثاليتها .
و قد مرّ بنا فى مقال سابق تفنيد أنّ أفاكيان " ركّز على العالم الشيوعي والمجتمع الشيوعي و الثورة فى المطلق على مستوى عالمي و كأنّ المجتمعات تجاوزت الإشتراكية ..." و قد أظهرنا بالملموس أن تركيز أفاكيان كان على الثورة البروليتارية العالمية بتياريها – الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية – و كيفية إنجاز ما هو أفضل فى المرحلة الإنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية أي المرحلة الإشتراكية مستقبلا . و نهمس فى أذن محمد علي : أتجب إدانة ماركس و إنجلز و قد ركّزا فى بيان الحزب الشيوعي على العالم الشيوعي و المجتمع الشيوعي والحال أنّه بعد سنة 1848 لم تحدث بعد أية ثورة بروليتارية أصلا و لم يقع تجاوز حتى المجتمعات الرأسمالية ؟
و أتجب إدانة ماركس و إنجلز لأنّهما ركّزا " على الثورة فى المطلق على مستوى عالمي " ؟ أجب صراحة !
فى ثنايا مقالنا المذكور أعلاه شرحنا مكانة الشيوعية كهدف أسمى لا ينبغى إهماله و لو لحظة و نضيف إلى ذلك أنّه لا وجود ماركسيّا لثورة " فى المطلق " لأنّنا فى عالم مادي ، عالم مادة و حركة ، عالم مادة متحرّكة و الحديث عن الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية ليس حديث عن " الثورة فى المطلق" إذ هي بلدان على كوكبنا على حدّ علمنا و الثورة الإشتراكية تيار من تيّاري الثورة البروليتارية العالمية ، و التجارب الإشتراكية السابقة لا سيما فى الإتحاد السوفياتي و الصين تجارب تخصّ البروليتاريا العالمية على كوكبنا هذا على حدّ علمنا و لا تخصّ " مطلق " محمد علي . و من هذا تفوح رائحة أفكار تيّار يسمى "العالم ثالثية" فى العالم يعتبر الثورة ستحصل فى بلدان العالم الثالث فقط و على شيوعيي بلدان العالم الأوّل المساعدة لا غير ، المساعدة لا القيام بالثورة الإشتراكية هناك . فهل تأثّر محمد علي ببعض مقولات هذا التيّار .
و ننتقل إلى جانب جوهري فى المسألة ألا وهو علاقة الممارسة بالحقيقة . و فى هذا الصدد دون التصريح بذلك يستعير محمد علي حجّة إسخدمها منذ فترة الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني و ردّ عليها الحزب الشيوعي الثوري بكلّ وضوح .
جاء فى مقال محمدعلي بتاريخ 26 ماي 2013:
" يقارن نفسه بماركس أو ماو في حين أن الفرق شاسع بين القائد البرولتاري الذي ساهم في الثورة وبنى الاشتراكية وخاض صراعات مريرة من اجل دعم ديكتاتورية البروليتاريا وبين مجرّد مثقف برجوازي لا يمكن أن تساوي تجربته العملية وبالتالي تنظيراته شيئا امام الاستنتاجات التي توصلت لها التجربة الاشتراكية والتي يريد انطلاقا من ظروفه الموضوعية المادية الهزيلة نقدها واعلان القطيعة معها . "
ويثور سؤال جدّي : هل أنّ ماركس " ساهم فى الثورة و بنى الإشتراكية و خاض صراعات مريرة من أجل دعم ديكتاتورية البروليتاريا " ؟ هل قام إنجلز بذلك ؟ لا. و نتيجة المنطق الأخرق لمحمد علي و الدغمائيين الآخرين تدينهم هم أيضا.
و هنا نعقد مقارنة بسيطة للغاية : ماركس و إنجلز " ركّزا على العالم الشيوعي " و كذلك فعل أفاكيان ( مع عدم نسيان التوضيحات التى صغنا بهذا الصدد قبلا ) ،هما لم يشاركا مباشرة فى ثورة و فى بناء إشتراكي و فى دعم دكتاتورية البروليتاريا و هو كذلك لم يفعل .و مع ذلك عظيمة هي مساهمات مؤسّسا علم الشيوعية و عظيمة هي أيضا مساهمات مطوّر من مطوّري هذا العلم . و عندئذ إذا لفظنا مؤلفات أفاكيان على أساس تعلّة محمد علي ، علينا أن نلفظ مؤلفات ماركس و إنجلز كلاهما . إلى هذا الخيار يؤدى بنا الإضطراب النظري لدى الدغمائيين .
هذه واحدة و نزيد عليها أن أفاكيان ليس فردا معزولا قابعا على القمر ، بل هو قائد شيوعي منذ ستينات القرن العشرين و قائد حزب شيوعي ثوري فى قلب الوحش الإمبريالي الأمريكي منذ أواسط السبعينات و قائد ماوي عالمي منذ أواخر سبعينات القرن العشرين أي أنّ أفاكيان منغمس فى قيادة النضال الشيوعي الثوري لنصف قرن الآن بما يعنيه ذلك من إلمام بالإشكاليات و التجارب و التراث و النقد إلخ.
و هذا إن نظرنا إليه بمنطق شكلي فقط حسابيّا يضعه فى قمّة القادة الشيوعيين على قيد الحياة إلاّ أن هذا ليس المقياس المعتمد شيوعيّا . تجربة أفاكيان و تنظيراته لا تحصر فى مشاركته فى التجربة العملية لدكتاتورية البروليتاريا ( و إن طبّق هذا على القادة الماويين عالميا على قيد الحياة الآن ستتمّ الإطاحة بهم جميعا أرضا من قبل محمد علي ليطيح بنفسه فى الأخير بما انّ هذا المقياس لا ينطبق عليه و قد لا نجد اليوم أحدا ينطبق عليه هذا المقياس ! و بالتالي لا يحق لأحد تطوير الشيوعية التى يدخلها هكذا محمدعلي و أمثاله فى سبات عميق ، يميتونها شرّ ميتة ! ) فالممارسة و النظرية أوسع بكثير من أن يقع أسرهما فى بلد أو فترة معينين إذ يتعلّق الأمر بتجارب البروليتاريا العالمية الماضية منها و الحالية ، فى السلطة و خارج السلطة . هذا هو المحكّ و هذا هو النطاق الذى جال فيه أفاكيان طولا و عرضا لعقود الآن ملبّيا حاجة أكيدة دعا إلى تلبيتها بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 كما سجلنا ذلك فى وثيقتنا فى أفريل 2013.
و بعد كلّ هذا ، آن أوان الإستماع إلى ردّ الحزب الشيوعي الثوري على الحزب الأفغاني وهو ردّ صالح لمزيد إفحام محمدعلي أيضا :
" إن وجهة النظر الشيوعية العلمية ، المادية الجدلية ، تؤدّى إلى فهم أن الممارسة هي مصدر ومحكّ النظرية ، لكن على عكس هذه التشويهات التجريبية الضيقة ، يجب فهم هذا على أن الممارسة بالمعنى الواسع ، شاملة التجربة الإجتماعية و التاريخية الواسعة ، وليس فقط التجربة المباشرة لشخص أو مجموعة أو حزب أو أمّة. تأسيس النظرية الشيوعية ذاتها ومزيد تطويرها يبيّن ذلك بقوّة : منذ زمن ماركس ، تشكّلت هذه النظرية وأثيرت إنطلاقا من جملة واسعة من التجارب ، فى جملة واسعة من الحقول المختلفة وخلال تطوّر تاريخي واسع النطاق ، فى المجتمع و الطبيعة. ستتحوّل مقولة أن الممارسة مصدر النظرية ومقولة " الممارسة معيار صحّة النظرية " إلى كذب عميق إن جرى تأويلها وتطبيقها بأسلوب ضيّق ، تجريبي وذاتي." ( فقرة " النظرة الإستراتيجية للثورة " من الرسالة ).

علم الشيوعية فى مقابل البراغماتية و الحقيقة الطبقية و الحقيقة السياسية و الحتمية ...-6
فى هذه النقطة تتكثّف جملة من القضايا الفلسفية المعقّدة نوعا ما بالنسبة لمن لم يتعوّد التعاطي مع إشكاليات من هذا القبيل ، نسعى وسعنا لتذليل صعوباتها و بسطها على نحو يمكّن غالبية القراء من فهمها فهما جيّدا .
و بداية إليكم أهمّ حلقات سلسلة التهم التى يكيلها محمد علي لأفاكيان ( من مقال 4 جوان 2013 ) :
أ- " يتهم التجربة الشيوعية بالبراغماتية الضيقة و التجريبية ".
ب- " بتعلّة نقد الإقتصادوية ينبذ فى الحقيقة الممارسة العملية و يعتبرها " ممارسة ضيّقة و ذاتية و تجريبية و مجرد تبعية للجماهير ... تتخندق فى الماضي " .
ت- "عندما يصف أفاكيان الحركة الشيوعية بالبراغماتية و بالدفاع عن الحقيقة الطبقية فهو يشوّه التاريخ."
ج- " ينعتها [ الحقيقة الموضوعية ] بالحقيقة الطبقية و يصف تراث التجربة الشيوعية بالإنحياز الذاتي للطبقة العاملة و بالتعصّب الديني و الحتمية فى غير محلّها ".
و نسرع إلى الشرح فنقول إنّ أفاكيان بحث بعمق تجارب الحركة الشيوعية العالمية ماضيا و حاضرا فغاص فى لجج كتابات القادة و الوثائق التاريخية و المرجعية و حتى فى ما أصدره أعداء الشيوعية من مقالات و كتب و كشف بفضل عملية التنقيب هذه أخطاء متصلة بالبراغماتية و التجريبية و الإقتصادوية و الحقيقة الطبقية و السياسية و الحتمية إلخ و بحث فى أسبابها و إقترح مخارجا لتجاوزها .
و ننطلق مع الحتمية التى تعنى فى ما يتعلّق بموضوع الحال أنّ الشيوعية ستحلّ حتما محلّ الرأسمالية و قد وجد تعبير عنها فى بيان الحزب الشيوعي و رافقت فهم الشيوعيين إلى اليوم على الأقلّ لدي عدد لا بأس به و هذا خطأ بيّن . لماذا ؟ بلوغ الشوعية لن يحصل ميكانيكيّا بفعل السير العادي للرأسمالية و الحركة العفوية للجماهير الشعبية ، لن يحصل إلاّ كنضال طويل مرير و شاق و خاصة واعي و قد أثبتت التجارب الإشتراكية السابقة ذلك بما لا يدع مجالا للشكّ . و لن نبلغ الشيوعية إلاّ عالميّا أو لن يبلغها أحد كما قال ماو تسى تونغ . هذا من جهة و من جهة ثانية ، قد تجدّ أحداث فى حركة الأجرام السماوية و فى مجموعتنا الشمسية و تتحطّم الأرض و لن يبلغ أحد الشيوعية .
إذن هذه هي الحتمية كنوع من الميكانيكية الدينية التى نقدها أفاكيان عن حقّ ليفسح المجال إلى مزيد النضال الواعي المطلوب و يحثّ الشيوعيين و الشيوعيّات على المسك بالحقيقة و التعويل على هذا النضال الواعي كمحرّك دافع نحو الشيوعية .
والبراغماتية نزعة فلسفية صنعت فى الأصل فى أمريكا و قوامها عدم الخضوع لأي مبدأ و إعتبار أنّ " ما ينجح " ( ما يعمل ) هو الصحيح أو هو معيار صحّة الشيء . و هذا يتنافى و الشيوعية القائمة على أهداف و مبادئ و أساليب ينبغى أن تخدم هذه الأهداف و المبادئ السامية . و مثلا ، من البراغماتية السعي إلى إنشاء وحدة بين ماويين لا لشيء إلاّ للحصول على قوّة مادية . القوّة مطلوبة و مرغوبة للقيام بعمل أفضل و على نطاق أوسع لكن الوحدة البراغماتية قابلة للتفجّر بسرعة وهي ليست وحدة ثورية لتحرير الإنسانية . الوحدة الثورية حقّا تحتاج إلى نقاش عميق و شامل و توضيح الأرضية التى يتمّ على أساسها إنشاء الوحدة من أجل أهدافنا السامية و ليس من أجل نجاحات سريعة براغماتية قد تتضارب مع مثلنا العليا و تنأى بنا عن النهج الشيوعي الثوري .
و مثال آخر ، لفرض رأي و لو كان صائبا على مجموعة من الرفاق و الرفيقات قد يلجأ فرد أو أكثر براغماتيّا إلى أساليب الإفتراء و المؤامرة و حتى العنف و يفرض الموقف . لكن هل هذا الأسلوب فى التعاطي مع هكذا مسائل و مع الرفاق و الرفيقات أسلوب شيوعي ؟ لا البتّة . فماو تسى تونغ علمنا أن نمارس الماركسية و ننبذ التحريفية ، و أن نعمل من أجل الوحدة و ننبذ الإنشقاق و أن نتحلى بالصراحة و الإستقامة و ننبذ المؤامرة و الدسائس .
و محمد علي قد عوّل فى صراع الخطين و هجومه على أفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية براغماتيّا على أسلوب غير شيوعي سيعيد إنتاج الإيديولوجيا و الأخلاق البرجوازية و بالتالي يضرّ بحاضر قضيتنا الشيوعية و مستقبلها .
بإسم رفع معنويّات المناضلات و المناضلين ، يروّج رفاق و رفيقات يعدّون أنفسهم ماويّين ( بيان غرّة ماي 2012 الصادر عن عدّة أحزاب و منظّمات ) معلومات غير صحيحة مدعين مثلا تقدّم حرب الشعب فى البيرو و الحال أنّ ذلك يجانب الحقيقة . و قد لجأ إلى هذه " الحقيقة السياسية " رفاق و رفيقات ضمن الحركة الأممية الثورية ( أنظروا رسالة الحزب الشيوعي الثوري الى الأحزاب و المنظمات المنتمية للحركة الأممية الثورية ؛ غرّة ماي 2012) لذات الأغراض تقريبا بشأن الرئيس غنزالو .
هذا وجه من المسألة و الوجه الآخر هو " الحقيقة الطبقية " بمعنى تصوّر أنّ الحقيقة مرتبطة بشكل من الأشكال بالموقع الطبقي للباحث وهي ليست كذلك . فالماركسية تأسست أقسامها الثلاثة إنطلاقا من حقائق لم ينتجها بروليتاريون و إنّما كشفها برجوازيون أو الفكر الإنساني عامة . و ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو بالتحديد الطبقي الميكانيكي برجوازيون و ماركسيا خانوا طبقتهم و أضحوا بروليتاريين ، لا بمعنى الموقع الطبقي فى علاقات الإنتاج ملكية و إنتاجا و توزيعا بل من منظور فهمهم للمهمّة التاريخية للبروليتاريا العالمية و قيادتهم لنضالاتها من أجل تحقيق الشيوعية و تحرير الإنسانية . و فى ذات السياق ، لن يعني كما يظنّ البعض ذوى الفهم الميكانيكي ، إنتماء فرد إلى طبقة البروليتاريا أنّه سيكون آليّا أقدر على إدراك الواقع و إستيعاب النظرية الثورية و بلوغ الحقيقة الموضوعية .
و بصورة عامة البروليتاريا منظور إليها كطبقة ( فى غالبيتها ) هي موضوعيّا الأكثر إستعدادا للثورة و مصلحتها التاريخية تكمن فى قبر الرأسمالية بيد أنّ أفراد هذه الطبقة منظور إليهم كأفراد قد يظلّوا متخلّفين فى الوعي الطبقي البروليتاري و قد يتبنّوا أفكار الطبقات السائدة و حتى يقاتلون فى صفوفها ضد الثورة . و هذا واقع يمكن مشاهدته و معاينته حولنا إن تحلّينا بالصراحة و أمعنّا النظر إلى الواقع الموضوعي إلى الحقيقة الموضوعية و لم نحلّق فى عالم مثالي و لم ندخلها قسرا فى " الحقيقة السياسية " أو "الحقيقة الطبقية " . و لهذه المسألة بالتأكيد تبعات غاية فى الأهمّية نظريّا و عمليّا .
ونسترسل مشيرين إلى أنّ أفاكيان قد نقد هذه النزعة و ما يرتبط بها من نوع من التعاطي الخاطئ تجاه بلترة الحزب و الدولة البروليتاريين تاريخيّا ، أي فى تراثنا الثوري . فقد إعتقد ستالين ، مثلا ، أن وضع عناصر حزبية ذات جذور طبقية بروليتارية فى مواقع قيادية كفيل لوحده بحلّ معضلة القيادة الحزبية و مواصلتها التقدّم بالإشتراكية نحو الشيوعية وتبيّن بالمكشوف خطأ ذلك. هذا الإجراء جيّد و ضروري و لكن وحده غير كافي و لا هو الحاسم و خروتشوف أفضل دليل على ما نذهب إليه فهو ذو جذور طبقية بروليتارية و لكنّه خان طبقته و أعاد تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، على رأس البرجوازية الجديدة .
أمّا جوهر الحلّ فقد لخّصه ماو تسى تونغ فى " صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي أم عدم صحّته هي المحدّدة فى كلّ شيء " و دلالاته فصّلها أفاكيان فى مناسبات – كتابات و خطابات – لا تحصى ولا تعدّ. البروليتاري الجذور حين يتبنّى خطّا إيديولوجيّا و سياسيّا برجوازيّا يصبح هو ذاته ، إن كان فى موقع قيادي معيّن فى الحزب و الدولة البروليتاريين ، برجوازيّا و ممثّلا للبرجوازية الجديدة التى تنشأ فى ظروف المجتمع الإشتراكي الجديدة .
و بشأن الإقتصادوية و التجريبية نقول إنّهما متصلتان بموضوع النظرية و الممارسة الذى سبق و أن عرّجنا عليه . فالإقتصادوية مفهومة لينينيّا نزعة تحصر نضال البروليتاريا فى الجبهة الإقتصادية المطلبية و تهمل الجبهتين الأخريين و هما الجبهة السياسية و الجبهة النظرية ( أنظروا " ما العمل ؟ " لينين ) و التجريبية تفيد التعويل أساسا على الممارسة العملية الضيقة و تكرارها بعيدا عن الفهم الجدلي للعلاقة المتبادلة بين الممارسة و النظرية .
حينما يهاجم محمد علي و غيره من الدغمائيين عبر العالم بشكل ملتوى أفاكيان لإعادته التركيز على أهمّية النظرية و الجبهة النظرية و أهمية إطار نظري جديد لإخراج الحركة الماوية العالمية من أزمتها ، فهم يهاجمون لينين و ماو تسى تونغ أيضا و إن لم يدافعوا مباشرة عن الإقتصادوية و التجريبية فهم يعبّدون لهما الطريق .
و إذن أفاكيان ، فى سبيل المستقبل الشيوعي ، يعيد صياغة الشيوعية على أسس علمية أكثر رسوخا و ناقدوه المتنصّلين من الأسس العلمية يسقطون عن وعي أو عن غير وعي و بدغمائية فى الدفاع عن أخطاء الماضي .
و دعونا ننهى هذه النقطة بمقتطفات من فقرة " العلم أم البراغمايتة ؟ "من وثيقة الرفيقات و الرفاق المكسيكيين أنصار الخلاصة الججديدة للشيوعية ، متوفّرة على الحوار المتمدّن (الخلاصة الجديدة للشيوعية و بقايا الماضي ؛ المنظمة الشيوعية الثورية ، المكسيك – ماي 2012 ) :

" العلم أم البراغماتية ؟
و بالرغم من أنّ هذه القوى تسعى إلى تجنّب إتخاذ موقف صريح حول المسائل الكبرى المطروحة لنهاية مرحلة و بداية مرحلة أخرى ، فإنّه علينا جميعا أن نواجهها ، لا مناص منها و هي جزء من الوضع الموضوعي الذى نتفاعل معه . و يكفى الخروج للحديث مع الناس عن الشيوعية لندرك خيبة الأمل أو نبذ الشيوعية من طرف الكثيرين ، بما فيهم عدد كبير من التقدّميين و الثوريين جرّاء الهجوم المناهض للشيوعية الذى قام به العدوّ مغتنما شيئا ماديّا هو أنّ التجارب الإشتراكية الأولى قد هُزمت فى النهاية . لا يمكن أن نقاتل حقيقة و بنجاح هذا الهجوم المعادي للشيوعية دون تلخيص عميق لدروس المرحلة الأولى ، و لكن حتى أهمّ من هذا ، دون تقديم أجوبة مناسبة لهذه المسائل العميقة للثورة البروليتارية ، لن نتمكّن من الخروج من بوتقة هذا النظام الرجعي . ..

إنّ البراغماتية فلسفة مناسبة للبرجوازية ، و يستمع المرء إلى ممثّليها يكيلون المديح للبعض ل " براغماتيتهم " و نقدهم لآخرين ل " غياب البراغماتية ". إنّها تتناسب أو لها قاعدة مادية فى طبيعة السوق الرأسمالية التى تعمّ فيها الفوضي . الرأسماليون ، عند عرضهم لسلعهم فى السوق ، ليسوا متأكّدين مما سيحصل و حتى من الأخطر ، إمكانية الإفلاس . و رغم أنّهم يجرون بعض الدراسات للسوق و أشياء من هذا القبيل ، فإنّ فهمهم العميق و العلمي لجوهر الرأسمالية ليس هو ما تفتقده إقتراحاتهم : بالأحرى يحتاجون إلى رؤية " ما الذى يعمل" ، أي ، ما الذى يوفّر الربح . إنّها فلسفة المدى القصير شأنها شأن الرأسمالية ، اولوياتها هي خاصة النتائج المباشرة : طالما أنهم يحصدون الأرباح و أنّ الإقتصاد ينمو ، لا يهمّ إن كان هذا النوع من النموّ يتسبّب فى إرتفاع حرارة الأرض ويدفع بكوكبنا إلى كارثة .

البراغماتية ليست سبيلا للحقيقة. مثلا ، قد طوّر العاملون بالصيدلة أواسط القرن الماضي عقّارا سموه تاليدوميدا ، كان " يعمل" : كان يساعد على تعديل النوم ومعالجة الغثيان لدى النساء الحوامل و لم تبيّن التجارب أي تسمّم لدى الذين تناولوه حتى بكمّيات كبيرة. يعمل! تمّت الموافقة عليه و بيع للكثيرين... بيد أنّه بعد ذلك إكتشفت مأساة إنسانية ألمّت بآلاف الأطفال الذين ولدوا مشوّهين . لقد إكتفى الصيادلة بالنظر إلى " النجاحات" المباشرة و لم يتمّ التوغّل فى جوهر المشكل للتمكّن من فهم أن العقاقير التى ليست مسمومة بالنسبة للكهول قد تتسبّب فى تشويهات للجنين .

و نشدّد على أنّ البراغماتية فى الحركة الشيوعية خدعة قطعا ذلك أنّها تجعل الناس يتحمّسون لنتائج مباشرة حقيقية أو خيالية يفترضون أنّها لأجل تحريرهم و دون علم مثلما حدث مع عقّار التاليدوميدا، لن تدرك النتائج المأساوية إلاّ لاحقا حين يكون فات الآوان كثيرا. و من جديد ، هناك مثال الفيتنام ( وكذلك كوبا ونيكاراغوا ) عن ما يحصل للخطّ البراغماتي لتفادي المسائل المبدئية بما فى ذلك ضرورة التمييز بين الرأسمالية و الإشتراكية ، بإسم " التقدّم العملي". و هناك " نجاح" الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) فى إدارة الدولة الرجعية على أساس تناسي " أبجديات الماركسية " بإسم " التكتيكات " الناجحة. و من كلّ هذه الحالات ، من المغالطة و الخيانة الفظيعين أن نرمي بالمزبلة إمكانية عالم جديد تماما حتى يستطيع هؤلاء مدّعو"الشيوعية" أن يكونوا جزءا من سحق الجماهير و قمعها من موقع الدولة ، و هذا " أقصى " ما يمكن للبراغماتية أن تبلغه .

إنّ البراغماتية و فقدان المبادئ المميّزة لهذا المشروع الجديد لمنظّمة عالمية مواصلة للتجريبية والبراغماتية التى حلّلها بيان الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية تحليلا صحيحا ، وهي ميزة يتقاسمها التيّاران الخاطئات فى الحركة الشيوعية العالمية . و قد تمّت المحاججة ، على سبيل المثال، بأنّ الخطوط المحدّدة مع غنزالو أو براشندا " صحيحة " إعتبارا للتقدّم العملي فى حينها ، حرب الشعب فى البيرو و النيبال ، أو أنّ بوب آفاكيان لا يمكن أن يمتلك موقفا صحيحا لأنّه لا يقود حربا شعبية . عندئذ علينا أن نتخلّص من عمل ماركس لأنّه هو أيضا لم يقد حربا شعبية و كان له تأثير ضئيل فى كمونة باريس و لو أنّه إستخلص دروسا عميقة و علمية من هذه التجربة . و مثلما رأينا ، غنزالو و الحزب الشيوعي البيروفي و إن كانا على صواب فى بعض المسائل الهامّة فقد نشرا أيضا مواقفا خاطئة بعمق حتى فى فترة تقدّم حرب الشعب فى ذلك البلد. ...

إنّ البراغماتية التى تعيّن " الصحيح " مباشرة و حصرا بالنجاحات الظاهرية فى الممارسة المباشرة تعنى " إبتذال النظرية و الإستهانة بها ، محوّلينها إلى " مرشد للعمل" فقط بالمعنى الأضيق و الأكثر مباشرة ، معاملين النظرية كما لو أنّها جوهريّا إفراز ممارسة خاصة و محاولين عقد مقارنة بين الممارسة المتقدّمة ( التى ، من جانب هؤلاء الناس ، تتضمّن عنصرا من التقييم الذاتي و الإعتباطي ) و النظرية المتقدّمة المفترضة . إنّ وجهة النظر الشيوعية العلمية المادية الجدلية تؤدى إلى فهم أنّ الممارسة هي مصدر و محكّ النظرية ، لكن على عكس هذه التشويهات التجريبية الضيقة ، يجب فهم هذا على أنّ الممارسة بالمعنى الواسع ، شاملة التجربة الإجتماعية و التاريخية الواسعة ، و ليس فقط التجربة المباشرة لشخص أو مجموعة أو حزب أو أمّة." (70) ( 70- بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية).
..." ( إنتهى المقتطف)

7- قوميون برجوازيون أم أمميون بروليتاريون ؟
فى سياق لخبطة فكرية جامحة ، ينعت محمد علي أفاكيان بالشيء و نقيضه فتارة يقول " أفاكيان لا ينطلق إطلاقا من الواقع و لا يتحدّث عنه لا أمريكيّا و لا عالميّا " ( مقال 28 ماي 2013) و طورا يقول إنّه " ركّز على العالم الشيوعي و المجتمع الشيوعي و الثورة فى المطلق على المستوى العالمي " ( مقال 26 ماي 2013) ثمّ ينتقل إلى قول " الأمريكي أفاكيان " و " الخلاصة الجديدة " الأمريكية " . و ليفهم من يقدر على الفهم !
نجمل الفكرة : أفاكيان الذى لا يهتمّ بالواقع أمريكيا أم عالميّا يصوغ خلاصة جديدة " أمريكية " ؟و أفاكيان الذى" يركّز على العالم الشيوعي و المجتمع الشيوعي و الثورة فى المطلق على مستوى عالمي " عوض أن ينعت ( بغض النظر عن ملاحظاتنا السابقة عن الجملة ) بالعالمي أو الأممي ، ينعت بنعت قومي ، أمريكي و يلحق ب " مخطّطات وقع هندستها فى مكاتب الدراسات الإستراتيجية " ( مقال 4 جوان 2013) !
من السخافة بمكان أن نترك جانبا كتابات أفاكيان و خطاباته و ننزلق إلى شتمه لمجرّد أنّه أمريكي المولد . البروليتاريا العالمية مصيرها واحد و مشترك و الشيوعيون الثوريون والشيوعيات الثوريات رفاق سواء ولدوا أو وجدوا فى هذا البلد أو ذاك . فى الواقع الموضوعي ، النزعة القومجية لدي محمد علي تدوس حقيقة موضوعية ألا وهي أنّ جزءا من البروليتاريا العالمية يوجد فى الولايات المتحدة الأمريكية وهو متكوّن من عدّة قوميّات و للحركة الماوية العالمية فى قلب الوحش الإمبريالي حزب ماوي عتيد يبذل قصاري جهده فى سبيل الثورة الإشتراكية و تحرير الإنسانية جمعاء .
بقدر ما كان أفاكيان أمميّا نظريّا و عمليّا بقدر ما يتبيّن أن مناهضيه فى صراع الخطين صلب الحركة الماوية العالمية يعتنقون القومية البرجوازية بشكل من الأشكال . و محمّد علي لم يشذّ عن هذه القاعدة وهو لا يرى لا وحدة البروليتاريا العالمية و لا وحدة علم الثورة البروليتارية العالمية . ما يراه هو " إسقاط الخلاصة الجديدة الأمريكية " و " كوكب أمريكي " و مزايدة ب " الثورة الشيوعية و بالأممية و بالعالم الشيوعي ".
لعلم محمد علي و ممثلي نوعا من النزعة القومية صلب التيّار الماوي فى القطر ( من أمثال أنصار أطروحات ناجي علّوش ) ، أن الماركسية أممية أو لا تكون ، لا وجود لماركسية عربية و ماركسية أمريكية . الشيوعية علم ، ما يوجد هو علم الثورة البروليتارية العالمية الذى يطبّق على الواقع الملموس حسب الخصوصيّات و فى علاقة جدلية بين العام و الخاص . الشيوعية لم ينتجها العرب و لم تنتجها قومية معيّنة و ليست مرتبطة بقومية معيّنة . هي علم وكعلم للثورة البروليتارية العالمية هي عالمية أممية و من ينكر عليها هذا أنكر عليها طابعها العلمي .
تعلمون من أي بلد هو ماركس و من أي بلد هو إنجلز و بعده لينين و ستالين و ماو تسى تونغ و غيرهم كثير . علم الشيوعية إفراز لأعظم نضالات البروليتاريا العالمية و الشعوب و الأمم المضطهَدَة و منظّريها و ليس حكرا على قومية محدّدة وهو يأبى ذلك . علم الشيوعية علم للثورة الشيوعية ( ثورة البروليتاريا العالمية بتيّاريها حاليّا ) ، هدفه الأسمى تفسير العالم و تغييره ثوريّا بإتجاه الشيوعية العالمية و لا نزايد قط عندما نتناول بالحديث هذه الثورة و هدفها الأسمى و إلاّ إعتبرنا ماركس و إنجلز هما أيضا يزايدان منذ 1848 ( بيان الحزب الشيوعي ) !
لا نزايد و قد شاهدنا بأمّ أعيننا إلى أيّة هاوية إنحدر من ظلّوا يلوكون " الوطنية الديمقراطية " مطلّقة عن الهدف الأسمى وعن المنهج العلمي الشيوعيين . و نظرة سريعة على ما آلت إليه المجموعات " الوطنية الديمقراطية " فى القطر و منها حتى " الماوية " تغنى عن مزيد البيان .
حين يضربون عرض الحائط بالأممية البروليتارية آليّا تحلّ محلّها القومية البرجوازية الضيقة و ليمرّروها يطلونها بطلاء " الماوية " و الماوية الحقيقة منها براء .
و مع نهاية هذه النقطة ، ندعكم تتدبّرون بعض مقولات بوب أفاكيان بصدد الأممية البروليتارية :
- " الأممية – العالم بأسره فى المصاف الأوّل " ( 1985- ص156 من "مقولات أساسية من خطابات و كتابات بوب أفاكيان )
- " حياة الأمريكيين ليست أهمّ من حياة الآخرين " ( " الثورة " عدد 88 ، 13 ماي 2007).
- " مصالح الإمبرياليين و أهدافهم و مخطّطاتهم الكبرى ليست مصالحنا – ليست مصالح الغالبية العظمى من الشعب فى الولايات المتحدة و لا هي مصالح الأغلبية الساحقة لشعوب العالم ككلّ . و الصعوبات التى وجد الإمبرياليون أنفسهم فيها وهم يسعون وراء مصالحهم يجب النظر إليها و الردّ عليها ليس من وجهة نظر الإمبرياليين و مصالحهم ، و إنّما من وجهة نظر الغالبيةالعظمى من الإنسانية و الحاجة الأساسية و الماسة لعالم مختلف و أفضل ، لطريق آخر ." ( " الثورة " عدد 83 ، 25 مارس 2007) .
- " الكثير ممّا قدمه حزبنا حول كيف أنّ المجال العالمي هو الحاسم و حول مسألة كيفية النظر إلى العوامل الداخلية و الخارجية نظرة صحيحة فى عصر الإمبريالية هذا – حول العلاقة بين سيرورة الثورة فى بلد معيّن و سيرورة التقدّم من عصر البرجوازية إلأى عصر الشيوعيةعلى النطاق العالمي و كيف أن التناقضو الصراع داخل بلدان معيّنة مندمج ضمن سيرورة شاملة و محدّد أوّلا بحركتها و تطوّرها ... وهذا لا يعنى طبعا أن تحاول القيام بالثورةبغضّ النظر عن ظروف مختلف أجزاء العالم ، بل يعنى أنّه حتى فى مقاربة ذلك تنطلق من وجهة نظر المجال العالمي على أنّه الأكثر حسما و من المصالح الشاملة للبروليتاريا العالمية ككلّ .و هذه ليست مجرّد فكرة جيّدة . لها أساسها المادي بالذات ، الأساس الذى أرساه النظام الإمبريالي. " ( 1984- " التقدم بالحركة الثورية العالمية : مسائل توجه إستراتيجي ").
الخاتمة :
فى رحلتنا إلى الآن – لم تنته بعدُ- مع مقالات محمد علي اللاماوي ( بإمكاننا الآن بعد إبراز حقيقة مواقفه و منهجه المتضاربين مع الماوية أن نطلق عليه هذا الإسم الذى يستحقّ ) وضعنا الكثير من النقاط على الحروف بما أظهر المثال السيء الذى يمثّله محمد علي فى مقاربة الخلاصة الجديدة للشيوعية بالذات. لأنّه لم يستهدف الحقيقة و لم ينطلق من موقف طبقي بروليتاري و منهج مادي جدلي و لم يجري الدراسة اللازمة ، ألفيناه يدوس مقتضبات البحث العلمي و يصوغ آراء لا أساس لها من الصحّة و بعيدة البعد كلّه عن علم الشيوعية . فى هذا الموضوع على وجه الضبط يقدّم لنا محمد علي مثالا سيئا و سيئا جدّا.
و لئن حاول الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني التعمّق فى النقاش العالمي و رغم دغمائيته و أخطائه ، فإنّه لم يبلغ تدنّى مستوى محمد علي فى التعاطي مع أفاكيان و الخلاصة الجديدة للشيوعية و أنصارها . محمّد علي نهل من أطروحات هذا الحزب و أضاف إليها ما جادت به قريحته الإطلاقية المثالية و معلوماته " المخابراتية " . و بينما إعترفت الغالبية الساحقة من الأحزاب و المنظّمات الماوية بمساهمات الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية و بوب أفاكيان رئيسه فى النهوض بمسؤوليات من النوع الثقيل فى لحظات حرجة من حياة الحركة الماوية العالمية و إعترف الحزب الأفغاني مثلا بأنّ:
" لا يعنى تقديم نقدنا على هذا النحو تجاهل المساهمات السابقة القيمة للحزب الشيوعي الثوري فى الثورة فى الحركة الشيوعية فى أمريكا و عالميّا ؛ و لا يعنى تجاهل المظاهر الإيجابية الموجودة فى " الخلاصة الجديدة لآفاكيان" و المظاهر الإيجابية العامة للوثيقتين" (" موقفنا من الخطّ الجديدة للحزب الشيوعي الثوري و بيانه و قانونه الأساسي" الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني ، ضمن كتاب شادي الشماوي " الماوية تنقسم إلى إثنين " ، على الحوار المتمدّن ) ؛ بعد صمت طويل يشبه صمت القبور ، إنبرى محمد علي ينفى الواقع و ينكره تاريخا و حاضرا بجرّة قلم لينفرد بهذيان من أفقدت الحمّى صوابه.
وهو يشنّ هجومه المسعور على بوب أفاكيان و الخلاصة الجديدة للشيوعية ، إضطرّ لإخراج ما كان ينطوي عليه و يحجب عمدا من آراء ومواقف و منهج. وهو يقولب أفكار أفاكيان كما يحلو له و يخرجها فى صور مشوّهة ، كشف لنا المستور لديه . فقد أماط اللثام عن قدر هائل من المثالية الميتافيزيقية و عن براغماتية و ماكيافيلية لا يحسد عليهما كما أماط اللثام عن نزعات قومية و عن عدم تمكّن من جوانب من أبجديات الماوية ...
لقد إنقلب السحر على الساحر و بان للعيان من يتشبّث بالواقع و من ينسج الأوهام ؛ بين من يهذى و من يقود دفع الصراع الطبقي البروليتاري على شتى الجبهات ؛ و بين من هو الماركسي و من هو التحريفي؛ بين من هو الشيوعي الثوري و من هو البرجوازي .
و حالئذ واجبنا كشيوعيين ماويين ثوريين هو التمسّك بأرقي ما بلغه علم الشيوعية و السعي جاهدين لأن نكون من محرّري الإنسانية !
=============== إنتهى جوان 2013 ======================



الملاحق : مقالات محمد علي الماوي كما نشرت على الحوار المتمدّن
1- بوب افاكيان,الإبن المدلل للبرجوازية يحرف الماوية
محمد علي الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 01:20
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بانت حقيقة أفاكيان الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الثوري " الأمريكي " خاصة بعد اصداره لما سمي بالخلاصة الجديدة التي تعتبر ان الانسانية تعيش مرحلة ثانية مرحلة افاكيان الذي - تحت يافطة القطيعة مع اخطاء ماركس انجلز وستالين وماو - يطرح مراجعة جوهرية لأسس الماركسية اللينينية الماوية ويشكك فيها صراحة على المستوى الفلسفي و الاقتصادي (علاقة الانتاج والقوى المنتجة) ومدلول الصراع الطبقي والعنف الثوري الذي يزيحه كليا من نصوصه وقضية علاقة البنية التحتية بالبنية الفوقية...ومقابل التنكر لأبجديات الماركسية يمجد الفرد على الطريقة الامريكية ويقفز على واقع الصراع الطبقي ليتحدث مطولا عن الشيوعية وكأن المجتمعات تجاوزت الاشتراكية وأصبح المشكل الاساسي هو كيفية إدارة المجتمع الشيوعي . وفي انتظار تناول هذه النظرية البرجوازية بالنقد اكتفي هنا بتقديم بعض الملاحظات حول منشور وزع في المنتدى الاجتماعي بتونس من قبل جماعة أفاكيان يحمل عنوان "الربيع العربي في مأزق . ما هو المخرج " ؟ مجموعة البيان الشيوعي الثوري)[email protected]
1- يتسم المنشور بالحيادية التامة والضبابية المقصودة فيما يخص طبيعة ما سمي بالربيع العربي وقوى الثورة من جهة والثورة المضادة من جهة أخرى . فقد وقع عمدا تجنب التنصيص على طبيعة الطبقات الحاكمة وعمالتها للامبريالية واكتفى المنشور بذكر "التصادم بين خصمين يمثلان ايديولوجية استعبادية " وذكر النظام السابق . لا نعتقد ان جماعة أفاكيان التي تدعي زيفا وبهتانا تبني الماوية لا تعرف حقيقة اشباه المستعمرات و ما يجري فيها من صراعات خاصة وان هذه الجماعات مخترقة من قبل المخابرات بشهادات عناصرها والعديد من الاحزاب الماوية الاخرى . انه موقف يريد ان يكون "لا طبقيا " مهذبا و انسانيا في المطلق وغير عدائي كما سنرى لاحقا في نقد "الخلاصة الجديدة " للبطل الهوليودي
2- لم يتحدث المنشور بتاتا عن طبيعة الثورة في الوطن العربي وهو الذي ينطق بكلمة ثورة في المطلق في كل فقرة فلا وجود للثورة الوطنية الديمقراطية -الديمقراطية الجديدة - في المنشور و لا وجود للأمة العربية المضطهدة التي لا يعترف بها أفاكيان بل يعترف بأمم مختلفة لا علاقة لها فيما بينها , و باسم الأممية فهو يتحدث في العام كالعادة عن "طريق آخر ""((une autre voie وعن "الثورة الكاملة الى النهاية " وعن "نوع الثورة القادرة على انجاز التغيير " وعن "التحول الجذري ". و تعكس هذه المصطلحات تجنب مجموعة آفاكيان الخوض في واقع النضال الوطني والصراع الطبقي فتحلق في السماء وتكتفي بترديد كلمة ثورة في المطلق دون تحديد الاعداء وخاصة دون تحديد القوى المعنية بإنجاز الثورة , فتتحدث عن الناس في المطلق وعن الشباب و لا نجد حديثا لها عن كيفية الخروج من هذا " المأزق " و لا عن العنف الثوري في مواجهة العنف الرجعي الذي يتم السكوت عنه في اطار السياسة السلمية والمسالمة . و مقابل طمس الثورة الوطنية الديمقراطية يتحدث عن فتح الباب نحو الاشتراكية و الشيوعية
3-يتجنب المنشور الحديث عن حزب الطبقة العاملة و يكتفي بذكر " القادة و الناشطين " دون تحديد طبيعة هؤلاء الناشطين هذا فضلا عن عدم ذكر دور الجبهة الوطنية والجيش الشعبي في تحرير اشباه المستعمرات
ان المنشور الذي يدعي تبني الماوية خال تماما من أية إشارة الى الماوية لكنه يشير الى أفاكيان من منطلق امريكي بحت على شاكلة "العصامي"self made man" الذي سيحقق هذه المرة الحلم الشيوعي من خلال دعم موسيقى البلوز و الهيب هوب(blues-hip hop) كما ورد ذلك في كتاباته مع التذكير ان هذا النجم الامريكي ينتقد ماو في رؤيته للفن و الأدب . وهو يمجد في الحقيقة الفردية والنجومية ويعارض كل ما هو جماعي متصل بالمصلحة العامة. .ويتهم من يعارضه بالتحريفية وهو اول من شرع في تحريف التراث الماركسي اللينيني الماوي وهو بسلوكه الانقلابي والبيروقراطي يخلف الانشقاقات والانقسمات حيثما مرّ.فكيف له ان يراجع الماركسية وهو لم يقم لابثورة ولاببناء الاشتراكية ولابمواجهة الفاشية وتدعيم الدولة الاشتراكية ولايعرف معنى حرب الشعب والمسيرة الكبرى ولا الصراعات صلب الثورة الثقافية والدفاع عن ديكتاتورية البروليتاريا التي اسقطها من جدول اعماله ؟انه يراجع الماركسية ." من وجهة نظر برجوازية "انسانية
محمد علي الماوي
تونس 23 ماي 2013
-2- الخلاصة الجديدة- ليست الا تحريفية في ثوب جديد
محمد علي الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4104 - 2013 / 5 / 26 - 23:21
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية

الحلقة الاولى
توطئة
- 1- ان مجال المعرفة مطلق لا يعرف نهاية كما ان المادة في تحرك دائم لانهاية له ايضا والمقصود من ذلك هو معرفة العالم المادي الذي يظل في حالة تطور دائم لكن تظل معرفتنا لجزء من هذا العالم المادي محدودة وبذلك تكون معرفة الانسان للعالم الموضوعي متكونة من الوحدة الجدلية بين المطلق والمحدود او اللانهائي والنهائي . وفي اطار عملية التطور هذه والحركية الدائمة لا يمكن ان نعتبر التحريفية مجرد إعادة او نسخة مطابقة لما حدث سابقا.ان تحريفية خروتشوف تختلف في الشكل والمضمون عن تحريفية تيتو او توقلياتي كما ان تحريفية خوجة مغايرة لتحريفية هوا كو فينغ او دينغ سياوبينغ أو حتى براشندا ويرجع ذلك طبعا لاختلاف الظروف المادية وطبيعة الصراع الطبقي والصراع بين الخطّين انطلاقا من واقع مادي لامن مجرد جدال فكري . ورغم تلون التحريفية كالحرباء فإنها تتفق في مراجعة المبادئ الماركسية بصفة ملتوية لأنها عادة تواصل التظاهر بالتمسك شكليا ببعض الرموز لذر الرماد في العيون حتى لا يفتضح امرها كليا. و في هذا التمشّي تمسّك خروتشوف بلينين وماركس-انجلز وتمسك خوجة بستالين وتمسك هوا كوفينغ بماو. ولنا في تونس امتدادات هؤلاء الاصلاحيين الانتهازيين الذين يدعون باطلا دفاعهم عن ماو في حين ان ممارستهم العملية وخطهم السياسي لا يخرج عن اطار "الاشتراكية الديمقراطية" المبتذلة والقطيعة التامة بين المقول والممارس رغم التشدق بالماوية
انه من الطبيعي اذا ان يتظاهر أفاكيان بالدفاع عن الماوية وهو الذي عرف بتاريخه الماوي ولا يمكن له التنكر لذلك بجرة قلم لان الانقلاب الكلي على ما كان يروجه سابقا قد يكشف نواياه التحريفية من الوهلة الاولى لذلك اتبع كسابقيه من التحريفيين السلوك التالي
أ- ان يتظاهر بالدفاع عن الماركسية والارتكاز على الاخطاء والنواقص التي يقدمها باعتبارها ثانوية لإيهام البسطاء و المغفلين بأنه يتمسك رئيسيا بالماوية لكنه في الحقيقة ينطلق من هذه الاخطاء الثانوية التي تتحول بعد ذلك الى رئيسية فيبني عليها نظرته التحريفية التي أطلق عليها اسم الخلاصة الجديدة . ويعلن القطيعة والقطع (rupture)مع تجربة الماضي تحت يافطة تجاوز الاخطاء ويبشر بنظرية أرقى وإطار نظري جديد , هي نظرية آفاكيان طبعا , التي ستحسم في "النزعة الطوباوية والدينية للماركسية"
ب - يتجنب كليا الخوض في واقع الصراع الطبقي في بلده وفي العالم وأشباه المستعمرات باعتبارها بؤر ثورية حيث تتمركز كل التناقضات التي لا يتحدث عنها هذا النرجسي ليبقى يحلّق في العموميات و في قطيعة كلية مع الواقع الملموس
ت- ركز على العالم الشيوعي والمجتمع الشيوعي والثورة في المطلق على مستوى عالمي وكأن المجتمعات تجاوزت الاشتراكية و أصبح المشكل الاساسي هو كيفية إدارة المجتمع الشيوعي (انجاز الثورة الشيوعية بطريقة أممية) وظل يحلق فوق كل التناقضات التي تحكم العصر-وهي تناقضات تتعارض وتقسيمه للشيوعية الى مرحلتين- والتي لا يذكرها ولا يخوض في كيفية حلها بل يكتفي بالقول"انجاز العمل الثوري وظهور شعب ثوري ثم اغتنام الفرصة حين تتوفر الظروف "
ث- يمجد أعماله ولا يغفل عن ذكر اسمه في كل صفحة تقريبا ليوهمنا بأننا امام فكر افاكيان كما سبق لقنزالو وبراشندا أن فعلا , فيقارن الخلاصة الجديدة بالبيان الشيوعي و يمجد الفرد والابداع الفردي و"المثقفين والمعارضة" في المجتمع الاشتراكي , وهذا انعكاس لنظرية البطولة والنجومية المروجة في ... امريكا امثال رينبو وروكي و سوبرمان و سبادرمان وماك قيفر
ج- يقارن نفسه بماركس أو ماو في حين أن الفرق شاسع بين القائد البرولتاري الذي ساهم في الثورة وبنى الاشتراكية وخاض صراعات مريرة من اجل دعم ديكتاتورية البروليتاريا وبين مجرّد مثقف برجوازي لا يمكن أن تساوي تجربته العملية وبالتالي تنظيراته شيئا امام الاستنتاجات التي توصلت لها التجربة الاشتراكية والتي يريد انطلاقا من ظروفه الموضوعية المادية الهزيلة نقدها واعلان القطيعة معها
ان هذا النص يتناول بالنقد اساسا "الشيوعية بداية مرحلة جديدة "– "بيان الحزب الشيوعي الثوري الامريكي", وحوار افاكيان مع بروكس"ما تحتاجه الانسانية هو الثورة والخلاصة الجديدة للشيوعية " ماي 2012
محمد علي الماوي
تونس 26ماي 2013

3- شطحات أفاكيان -الفلسفية-
محمد علي الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 20:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
شطحات أفاكيان "الفلسفية"
الحلقة الثانية
1- تعليق حول العنوان
نود في البداية كشف ما يخفيه عنوان"الخلاصة الجديدة " من ارتداد على الماركسية اللينينية الماوية. يؤكد العنوان من خلال كلمة "جديدة " موقف القطيعة والقطع مع الماضي الماركسي الذي لم يعد صالحا حسب هذا المثقف وهذا هو معنى الجديد وفق التحديدات المادية الجدلية التي تعتبران "حلول الجديد محل القديم هذا هو القانون العام والدائم للكون(في التناقض ص 120) كما سبق لإنجلز ان قال: " ان كل الاوضاع التي تتالت في التاريخ ليست سوى مراحل انتقالية في التطور اللامحدود للمجتمع البشري في اتجاه التقدم من الاسفل الى الاعلى ,ان كل مرحلة ضرورية وبالتالي مشروعة بالنسبة للعصر والعوامل التي نشأت على اساسها لكنها تصبح باطلة وبدون مبرر في ظل عوامل الارقى وتتطور تدريجيا في احشائها ويجب فسح المجال لها وفي مرحلة عليا ستدخل هي ايضا بدورها في مرحلة الانحلال و الموت " (لودفيغ فويرباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية-دار النشر الاجتماعيً13-14)
ان تعويض القديم بالجديد هو قانون عام ولكن لابد من التفريق بين القانون الموضوعي الذي يميز بين القديم والجديد . نعتبر ان الفارق الاساسي يكمن في مدى تطابق الجديد مع اتجاه التطور التاريخي للبشرية بحيث كل ما يمثل مصالح الجماهير الشعبية والطبقة العاملة هو شيء جديد وعلى العكس من ذلك فكل ما يعبر عن مصالح الطبقات الرجعية حتى وان تقدم في ثوب جديد مثل الخلاصة الجديدة - هو شيء قديم وبهذا الشكل نحدد موقفنا منه فإما نسانده او ان ندحضه ونعمل على اسقاطه وبدون اطالة يمكن دراسة المراجع الاساسية في هذا الموضوع(انجلز:نقد فويرباخ –لينين :نقد المذهب التجريبي- و ماو:في التناقض) ونقول ان كانت الخلاصة الجديدة جديدة وفق المبادئ الاساسية المذكورة اعلاه فهي تعتبر الماركسية عامة قديمة ولى عهدها لذلك تطرح الخلاصة الجديدة والمرحلة الجديدة و الإطار النظري الجديد و الأرقى حسب هذا الموقف البرجوازي كبديل لما سبق
غير ان الواقع يبين عكس ذلك وبما ان أفاكيان لا ينطلق اطلاقا من الواقع و لا يتحدث عنه لا أمريكيا و لا عالميا بحيث غابت التحاليل الطبقية من وجهة نظر بروليتارية , فان ما أسماه بالجديد هو قديم , ولتذكيره ان أطروحات خروتشوف كانت "جديدة " واطروحات خوجة كانت جديدة كذلك فهل ان ذلك يعني انها جديدة حسب المنظور المادي الجدلي ؟ لا , انها قديمة في ثوب جديد , انها رجعية و في تعارض تام مع مصالح الكادحين ومع القانون العام لتطور الاشياء والمجتمعات
اما فيما يخص كلمة خلاصة فان النص – البيان - في الحقيقة لا علاقة له بالخلاصة فهو مجرد تلخيص سردي وجرد لبعض الظواهر كان الهدف منها الوصول الى استنتاج مفاده ضرورة تجاوز اخطاء ونواقص ماركس انجلز ولينين وستالين و ماو وهي اخطاء "ثانوية هامة" كما يقول افاكيان لكنها متسببة في "هزيمة الاشتراكية " وبمحاولة تقديم الحلول يكشف هذا التحريفي خلافه مع الماركسية فيما يخص مفهوم الحقيقة ومفهوم الوعي ومدلول نفي النفي الخ من المفاهيم التي تظل معزولة عن واقع الصراع الطبقي ويظل افاكيان غارقا في تفلسفه يعيش في عالم شيوعي قد يكون دخله في حالة غيبوبة من أبواب كهف افلاطون
2- سنتناول في الحلقة الثالثة مفهوم الحقيقة المطلقة والموضوعية والنسبية وعلاقاتها بالتفسيرات المثالية الذاتية والبراغماتية-(هذه التهم التي ألصقها افاكيان الى الماركسية-) ومفهوم الوعي وعلاقته بالصراع الطبقي ومسألة نفي النفي التي يحرّفها أفاكيان وبعض التهم الاخرى الموجهة لتراث الحركة الشيوعية عموما
4- المادية الجدلية أقوى من هذيان أفاكيان التحريفي
محمد علي الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4113 - 2013 / 6 / 4 - 17:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
المادية الجدلية أقوى من هذيان أفاكيان*التحريفي
من اين تأتي الافكار الصحيحة ؟ ومن اين يتبلور الخط العام للتنظيم الشيوعي وللحركة الشيوعية عامة ؟ انه لن يأتي بالتأكيد من الخلاصة الجديدة لافاكيان التي تنكرت للم الل الماوية و وصفتها "ببقايا الماضي" وكالت لها التهم العديدة بالاعتماد على نواقص التجربة .ان الافكار الصحيحة والخط السياسي العام لا تنزلان من السماء ولاهي في دماغ أفاكيان الذي يعتبر نفسه منبع الحقيقة . انها تأتي من الممارسة الاجتماعية"من الانواع الثلاثة للممارسة الاجتماعية : الصراع الطبقي والصراع من اجل الانتاج والتجربة العلمية "(ماو تسي تونغ- من أين تأتي الافكار الصحيحة )
يمثل دماغ الانسان معمل اكتمال الفكر لا منبعه لذلك فهو في حاجة الى "مواد أولية " ولا يمكن لهذه المواد ان تأتي إلا من العالم الموضوعي مرورا بالممارسة فإذا فصلنا الدماغ عن الممارسة و اذا أهملنا المواد الاولية المحسوسة في العالم الموضوعي فلن يكون هناك فكر مادي . لقد اشار انجلز الى انّ - بالمقارنة مع الاشكال القائمة في العالم الموضوعي - "الفكر لا يمكنه ابدا ان يستمد او يشتق هذه الاشكال من حد نفسه بل بالتحديد من العالم الخارجي وحده "(ضد دوهريغ-دار النشر الاجتماعية ص 65) وهكذا اذا انعزلت وظيفة الفكر عن المواد الاولية المستمدة من العالم الخارجي فإنها ستسير في طريق المثالية
ان اعتبار الممارسة العملية هي المحك لا يعني بالنسبة للم الل الماوية السقوط في التجريبية واعتبار الحركة كل شيء والهدف لا شيء كما يزعم أفاكيان بل ان الممارسة العملية تخضع الى خط ايديولوجي وسياسي تطبيقا لمقولة لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية لذلك لا يكفي العملي وحده بل لابد من الاسترشاد بالنظرية الثورية لان تجربتنا الشخصية او تجربة التنظيمات محدودة في حين ان الم الل الماوية حقيقة صالحة في كل مكان بشرط اعتمادها كمرشد للعمل وهي ليست مقدسة او دوغما- قوالب جامدة - يقع التمسك بها " دينيا " كما تتهمنا بذلك تحريفية أفاكيان. ان" التحليل الملموس للواقع الملموس " هو اساس المادية الجدلية والمادية التاريخية لان كل واقع موضوعي هو ملموس وكل ظاهرة لها خصائصها المميزة لذلك يتحتم علينا , اذا اردنا معرفة الاشياء بدقة , ان ننطلق من الاوضاع الحقيقية لنقوم بتحليل ملموس لها ولا يمكن بلوغ الخط الصائب دون اعتماد هذا الاسلوب الماركسي في التحليل ودون التوصل الى تحديد التناقضات التي تحكم المجتمع والتركيز على التناقض الاساسي والرئيسي أي على الحلقة الرئيسية التي بمسكها والتقدم في حلها يقع دفع عجلة التاريخ الى الامام وتقع المساهمة في تحويل الطبقة العاملة من طبقة في ذاتها الى طبقة لذاتها والارتقاء بتجربة الفئات الشعبية الى مستوى المواجهة السافرة والمعلنة مع الامبريالية والصهيونية والرجعية العميلة
ان التناقضات التي تحكم المجتمعات معقدة بالتأكيد لكن تفكيكها والتوصل الى الحقيقة الموضوعية التي تديرها أمر ضروري في ضبط المهام العملية المباشرة لكل حزب شيوعي وهي مهام لا يمكن اعتبارها قومية أو محلية معزولة كما يدعي افاكيان(1) لأنها تربط بين ما هو خاص وما هو عام . وقد كتب لينين "ان العام لا يوجد إلا في الخاص وبواسطة الخاص وكل خاص هو –بطريقة او بأخرى-عام (حول المسألة الجدلية م 38 ص345-دار التقدم) وهو ما يعني ان كل الاشياء وكل الظواهر هي وحدة التناقض بين الطابع العام للتناقض وطابعه الخاص وهو ما يقع تحريفه لدى افاكيان بحيث يظل يسبح في عالمه الشيوعي ويقفز على الواقع الملموس بهدف حرف النضال الثوري وبث البلبلة في صفوف الحركة الشيوعية واتهامها بالقومية وبإهمال الطابع الأممي الخ وتهدف مثل هذه الاتهامات الى تفجير الحركة من الداخل وفق مخططات انخرط فيها أفاكيان منذ زمان وتطرح اكثر من تساؤل لدى المناضلين لا عند المغفلين فاقدي الشخصية والمنبهرين بالانجاز الامريكي
فكيف تعامل التحريفي أفاكيان مع هذه المبادئ العامة وما هو رأيه حول الممارسة والتجربة السابقة في هذا المجال ؟ يقول "ستتحول مقولة ان الممارسة مصدر النظرية ومقولة الممارسة معيار صحة النظرية الى كذب عميق ان جرى تأويلها وتطبيقها بأسلوب ضيق تجريبي ذاتي "(ص24 نسخة ب د اف موقعrevocomanifesto)ويتهم التجربة الشيوعية بالبراغماتية الضيقة والتجريبية وتبني "الحقيقة الطبقية التي وجدت الى درجات مختلفة وبأشكال معينة داخل الحركة الشيوعية , نظرة مادية اختزالية و جلفة "(ص20). ودون اطالة لأن أفاكين لا يستحق كل هذا الاهتمام , فهو يتستر وراء الشعار الخاطئ "الحركة كل شيء والهدف لا شيء " ليضرب مبدأ الممارسة العملية الذي لا يؤمن به في الحقيقة بما انه يستعمل اساليب مخابراتية في الاتصال بالعناصر لجمع المعلومات عن الاطراف السياسية لا غير. و بتعلة نقد الاقتصادوية ينبذ في الحقيقة الممارسة العملية ويعتبرها "ممارسة ضيقة وذاتية وتجريبية ومجرد تبعية للجماهير .. تتخندق في الماضي".(ص33)
ان الخلاصة الجديدة التي تطرح نفسها كبديل للتجربة السابقة تشوه الشيوعية والمبادئ العامة بحجة تطويرها, فلا نجد في تجربة وتراث الاتحاد السوفياتي او الصين ما اسماه التحريفي افاكيان مقولة "الحقيقة الطبقية " بل ان التراث الشيوعي اعتبر دوما ان الحقيقة هي ما يتطابق مع القوانين الموضوعية بمعزل عن الرغبات الطبقية ولا علاقة للماركسية بمفهوم هيقل الذي دافع عن الفكرة المطلقة وعن الموضوعية المثالية كما ان الماركسية تمايزت تماما مع المثالية الذاتية التي جسدها بركلي وماخ ومع البراغماتية والوضعية المنطقية , فهؤلاء الفلاسفة انكروا الطابع الموضوعي للحقيقة . واعتبر البراغماتيون الحقيقة كأداة لتحقيق حاجياتهم الذاتية ومصالحهم لذلك عندما يصف افاكيان الحركة الشيوعية بالبراغماتية و بالدفاع عن الحقيقة الطبقية فهو يشوه التاريخ اولا ويقف ضد مصالح الطبقة العاملة وعجلة التاريخ ثانيا لأنه في الحقيقة لا يدافع عن مصالح الطبقة العاملة وهو يجهل واقعها ومطالبها وليس له اية علاقة مباشرة بها , فكيف له اذن ان يرتقي بوعيها ويحولها من طبقة في ذاتها الى طبقة لذاتها ؟
لقد أكد تراث الحركة الشيوعية ان الحقيقة هي حقيقة موضوعية ومضمونها الموضوعي يظل مستقلا عن الرغبات الذاتية لأية مجموعة او طبقة وبالرغم من اختلافاتنا الطبقية وما ينجر عنها من تأويلات متعددة فان هناك حقيقة واحدة لا يمكن بلوغها إلا عندما يتطابق وعينا بظواهر الاشياء مع قوانينها الموضوعية. وفي هذا الاطار ينبغي على الحزب الشيوعي الذي يتطلع الى رسم خط صائب واستراتيجية صحيحة ان يلتزم بالقوانين الموضوعية ويقوم بالتحقيقات الميدانية اللازمة ويوفق بين الحقيقة العامة للم الل الماوية والواقع الملموس لمجتمعه .لأنه انطلاقا من هذا الواقع الملموس وانطلاقا من التحقيقات الميدانية والبحوث يمكن اكتشاف قوانين الاشياء والظواهر و"التحكم " في الحقيقة الموضوعية
غير ان الامريكي أفاكيان لا يريد ان تكون هذه الحقيقة الموضوعية في خدمة الطبقة العاملة وفي خدمة تحرر الانسانية لذلك ينعتها بالحقيقة الطبقية ويصف تراث التجربة الشيوعية بالانحياز الذاتي للطبقة العاملة وبالتعصب الديني والحتمية في غير محلها
اتبع الخط الشيوعي الماوي في تونس هذا التوجه- توجه التحليل الملموس للواقع- وخاض العديد من الصراعات و النضالات وتوصل منذ عقود الى تحديد طبيعة المجتمع وطبيعة الثورة و التمييز بين الاعداء و الاصدقاء وبين التناقضات صلب الشعب والتناقض بين الشعب و اعدائه وحدد كيفية التعامل مع هذا وذاك ورسم الخط العام للتحرر عبر العنف الثوري والحرب الشعبية في مواجهة الحرب الرجعية لكن بالرغم من كل المكاسب فان الخط في حاجة دائمة الى التطعيم والتطوير وفق تطور الصراع وتطور الاستنتاجات النظرية . وعليه فان من يدعي انه لا وجود لخط شيوعي ماوي ولا وجود لاستراتيجيا واضحة-وتحديدا استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية,الديمقراطية الجديدة- وتكتيكات محددة ولا وجود لتراكمات فانه يتجاهل هذا الواقع ويتجاهل هذا التراث رغم نواقصه واخطائه ويعتبره من "بقايا الماضي"على غرار معلمه افاكيان الذي اعتبر الم الل الماوية من "بقايا الماضي"حسب تعبيره ويريد اسقاط "الخلاصة الجديدة"الامريكية على الواقع في تونس وفي اشباه المستعمرات وفرضها عالميا وفق مخططات وقع هندستها في مكاتب الدراسات الاستراتيجية
وقد انخرط شادي الشماوي أو ناظم الماوي (اسمان لنفس الشخص) الذي ينشط حصريا على عدة مواقع الاجتماعية باسماء مختلفة من بينها "الخلاصة الجديدة"(سابقا ازاد اينديا) انخرط في خدمة هذه الاهداف المتناقضة كليا مع مكاسب الحركة الشيوعية الماوية ومع واقع الحركة الشعبية وتطلعاتها. واكتفى شادي الشماوي-ناظم الماوي (مترجم افاكيان) بالترديد كالببغاء مقولات ماركسية او ماوية بمعزل عن الممارسة العملية وفي قطيعة تامة مع الحقيقة الموضوعية . واعترف هذا الشخص عديد المرات انه منهمك في كتب افاكيان وفي كوكب امريكي لا تهمه التحركات الشعبية والممارسة العملية التي يحذر منها كل الحذر باسم تطبيق السرية لتغطية جبنه السياسي في حين انه يطبق الليبرالية على الافتراضي ويوهم نفسه انه يمارس بصفة سرية , لكن سرّيته ليست في الحقيقة إلاّ سرية على الجماهير وليست سرية بتاتا على البوليس , وبما انه معزول عن الواقع فانه يزايد "بالثورة الشيوعية وبالاممية وبالعالم الشيوعي" ويظل يحلق فوق الصراع الطبقي والنضال الوطني في برجه العاجي وفي غرف مغلقة. فكيف يمكن لمثل هذا الشخص ان يبلور خطا صحيحا صائبا من عدم دون جذور وبمعزل عن تاريخ الخط الشيوعي الماوي في تونس ؟ وبما انه غير قادر على ذلك فقد التجأ الى ترجمة افاكيان وكأن دستور الجمهورية الامريكية -جمهورية في مخيلة افاكيان ومترجمه فقط - موجودة وتتطابق مع الوضع في تونس مثلا
لقد صمدت الماوية امام الهجمات الامبريالية والتحريفية وظل العلم الاحمر يرفرف فوق العديد من المناطق في العالم بحيث لا يمكن الحديث عن ماوية تنقسم الى اثنين كما يدعي مترجم افاكيان ان الم الل الماوية نظرية واحدة اما التحريفيون المتكلمون بها فهم كثيرون: فالصين الراسمالية تتظاهر بالوفاء لماو فهل هي ماوية ؟ وهل الماوية تنقسم الى اثنين؟ بالطبع لا . هناك ماوية من جهة وتحريفية من جهة ثانية لأنه لا يعقل ان لا يتفق الماويون ان كانوا ماويين بالفعل وبما ان هناك انقسامات فهناك من هو ماوي قولا وفعلا وهناك من يرفع صور ماو ويطبق خطا تحريفيا . وتتخذ التحريفية اشكالا عدة وجب على الم الل الماويين فضحها وتعرية حقيقتها مثل تحريفية أفاكين و الأرهاط الذين حوله من المرتزقة
ملاحظة: حرّف افاكيان العديد من المفاهيم الماركسية مثل العلاقة بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج -علاقة البنية التحتية بالبنية الفوقية-مفهومه البرجوازي للفن... لكن سنركز في الحلقة القادمة على نظرية التحول السلمي والتنكر لمبدا العنف الثوري كتجسيد لاستمرار الصراع الطبقي باشكال اخرى
(1) "نقد التوجه نحو القومية نحو فصل النضال الثوري في بلد معين نزعة تمظهرت في كل من الاتحاد السوفياتي والصين لما كانتا بلدين اشتراكيين"-افاكيان
*الناطق الرسمي باسم الحزب "الش"الثوري الامريكي
محمد علي الماوي
تونس 4 جوان 2013
=============== إنتهى جوان 2013 ======================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إغتيال محمد البراهمي وضرورة نبذ الأوهام الديمقراطية البرجواز ...
- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي ا ...
- أجوبة على أسئلة متصلة بصراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيو ...
- بصدد بوب أفاكيان و الخلاصة الجديدة للشيوعية : محمد علي الماو ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية و تطوير الإطار النظري للثورة البرول ...
- مرحلة جديدة فى صراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيوعية وصعو ...
- -الهوية الفكرية والطبقية للحزب الوطني الديمقراطي الموحّد-: ح ...
- محمد علي الماوي : الماكيافيلية أم المبادئ الشيوعية ؟
- لكلّ ذى حقّ حقّه : تحية شيوعية ماوية للحزب الشيوعي الثوري ، ...
- نداء إلى الماركسيين - اللينينيين - الماويين : الماويّة فى مف ...
- هل يطبّق الحزب الوطني الديمقراطية الموحّد المادية الجدلية أم ...
- النظرية الثورية أم الأفكار الرجعية و البرجوازية السائدة ؟- م ...
- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب لينيني ؟ - الفصل الثا ...
- حزب لينيني أم سفينة نوح ؟ مقتطف من الفصل الثاني من كتاب- الح ...
- الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي؟ - مقتطف من ال ...
- فى المجتمع الطبقي : الديمقراطية -الخالصة- أم الديمقراطية الط ...
- هوغو تشفيز و بؤس - اليسار - الإصلاحي .
- طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
- إغتيال شكرى بلعيد : إكرام الشهيد و فضح الأوهام الديمقراطية ا ...
- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟ الفصل الأوّل ...


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الخلاصة الجديدة للشيوعية هي الإطار النظري الذى تحتاجه الثورة البروليتارية العالمية اليوم .