أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا .















المزيد.....



الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا .


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4161 - 2013 / 7 / 22 - 00:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا .

(الفصل الخامس من كتاب الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف)


" لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !"

العدد 12

ناظم الماوي

الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف
( الجزء الثاني من الكتاب) .

إنّنا نؤكّد بأنّ الماوية مرحلة جديدة فى تطور الماركسية – اللينينية و بدون الدفاع عن الماركسية - اللينينية - الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما .

( " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984).

======
كلمة العدد 12:

فى هذا العدد 12 ننشر فصول الجزء الثاني من كتاب " الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف"( الفصول 5 و 6 و 7 و 8 + الملاحق الثلاثة ).



الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف .


" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."

( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ " ) .

============

" لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام، بوصفها نزعة تحريفية...
- ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية...
- ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام..."

( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)

" إنّ لكلمة برنشتاين المجنّحة :" الهدف النهائي ليس بشيء ، الحركة هي كلّ شيء " ، تعبّر عن طبيعة النزعة التحريفية خيرًا من عدد كبير من الشروحات المستفيضة . أن يحدّد المرء سلوكه تبعًا لأحداث الساعة ، لتغيرات الأمور السياسية الطفيفة ، أن ينسى مصالح البروليتاريا الجذرية و الميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي و لكلّ التطوّر الرأسمالي ، أن يضحّي بهذه المصالح من أجل منافع وقتية ، فعلية أو مفترضة : تلك هي خطوط السياسة التحريفية ."

( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)

" إن وجهة النظر الديمقراطية الشكلية هي بالضبط وجهة نظر الديمقراطي البرجوازي الذى لا يقبل بأن تعلوها مصالح البروليتاريا و النضال الطبقي البروليتاري ".

( لينين - الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي-)

" نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة."

( لينين –" برنامجنا "-)

===========

" التحريفية أو الإنتهازية اليمينية ، هي تيّار إيديولوجي برجوازي أشدّ خطرا من الجمود العقائدي. إنّ المحرفين أي الإنتهازيين اليمنيين ، يتشدّقون بالماركسية و هم أيضا يهاجمون " الجمود العقائدي" . و لكن ما يهاجمونه إنّما هو بالضبط خلاصة الماركسية . إنّهم يعارضون المادية و الديالكتيك أو يشوهونهما ...".

( ماو تسي تونغ – حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب" 27 فبراير 1957)

--------------

" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم .فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ."

( ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "12 مارس/أذار 1957 "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ص21-22).


" تعلمنا تجارب الصراع الطبقي فى عصر الإمبريالية بأن الطبقة العاملة والجماهير الكادحة لا تستطيع إنزال الهزيمة بالبرجوازيين وملاك الأراضي المسلحين إلا بقوّة البنادق ."

( ماو تسى تونغ )

---------------------------------

" على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب. وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب ".

( ماو تسى تونغ- 1945)
===================================================

مقدّمة الكتاب :

منذ بضعة أشهر ، أنجزنا كرّاسا أفردناه لحزب " يساري" تأسس فى أوت 2012 ، الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد و الآن نصبّ إهتمامنا على حزب حديث الولادة هو الآخر ، الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى أنهى أشغال مؤتمره التوحيدي فى مطلع شهر سبتمبر 2012 وهو إفراز لعملية وحدة بين حزبين قانونيين موجودين على الساحة السياسية هما حركة الوطنيون الديمقراطيون و حزب العمل الوطني الديمقراطي ( تيار الوحدة ؛ فى حين واصل التيّار الآخر مساره نحو الإلتحاق بمستنقع " نداء تونس" و أضرابه).

و يندرج مجهودنا هذا فى إطار تطبيق شعار مزيد الوضوح الإيديولوجي و السياسي فى صفوف " اليسار" فى القطر والفرز بين الماركسية و التحريفية بما هي فكر برجوازي يتقنّع بقناع الماركسية . فهدفنا كشيوعيين حقيقيين هو الشيوعية و تحرير البروليتاريا و الإنسانية جمعاء من كافة أنواع الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري و هدف الماركسية المزيفة التى ننقد و نفضح هو خدمة أعداء الكادحين و تأبيد الإضطهاد و الإستغلال و ليس القضاء عليهما.

و سنحكم على أصحاب حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حسب كلمات للينين فى " ما العمل؟" ، " لا على أساس البزّة البراقة التى يخلعونها على أنفسهم بأنفسهم ، لا على أساس اللقب الطناّن الذى ينتحلونه لأنفسهم ، بل على أساس سلوكهم و على أساس ما يدعون إليه فى الواقع "، و فى هذا العمل تحديدا و جوهريّا على أساس وثائقهم هم بالذات .

و لسنا من هواة إطلاق الشتائم و القذف و لا من هواة أسلوب السباب و إنّما ديدننا هو إستخدام سلاح النقد الماركسي و الخوض فى أعماق أفكار و مقولات المجموعة التى نسلّط عليها الأضواء لنظهرها على حقيقتها ، عارية ، دون المساحيق التى تخدع الكثيرين من الذين يتأثّرون بالكلام المعسول و المنمّق و الأوهام البرجوازية الصغيرة و ينسون أن الشيوعية علم يجب أن يدرس و نتائجه فى صفوف البروليتاريا و الشعب يجب أن تروّج .

و نحن كماديين جدليين لا ننطلق من فراغ لنصدر الأحكام و لا نحن نرجم بالغيب بل منطلقنا على الدوام هو الواقع الموضوعي و وثائق المجموعة التى ننقد و التى عليها نطبّق علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية - اللينينية - الماوية ليكون تحليلنا و تلخيصنا تحليلا و تلخيصا علميين نعتمدهما فى الصراع فى سبيل الخطّ الإيديولوجي و السياسي الصحيح الذى بوسعه أن ينير لنا و للمناضلين و المناضلات و للبروليتاريا و بقيّة الطبقات الشعبية طريق التحرّر الحقيقي و ليس الوهمي .

و نحن نعوّل على رحابة صدر القرّاء ليسمحوا لنا باللجوء إلى كمّ لا بأس به من الإستشهادات بأقوال رموز الشيوعية لا سيما لينين و ماو تسى تونغ و نتوقّع من الذين ننقدهم أن ينتفضوا ضد إستعمالنا لل" كتب " التى نراها متضمّنة لتحاليل وتلاخيص نظرية علمية لحقائق موضوعية من تجربة البروليتاريا العالمية بمختلف أوجهها و تكتسي بالغ الأهمّية فى علم الثورة البروليتارية العالمية و يرونها حجر عثرة أمام مشروعهم التحريفي . ففى هذا الجدال ضد من يدعون الماركسية- اللينينية فى حين أنّهم يطمسونها ويشوّهونها ، لا مناص من عرض الآراء الحقيقية للينينية كمرحلة ثانية فى تطوّر الماركسية و الماوية كمرحلة ثالثة فى تطوّرها و لا مناص من إبراز ما سعى و يسعى التحريفيون إلى قبره و طمره و إهالة التراب عليه من مبادئ الشيوعية الثورية و بذلك يلبّي عملنا هذا حاجة مزدوجة : دحض التحريفية و التعريف بالشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الثورية .

و بحثا عن منتهى الوضوح الممكن ، فصّلنا مسائل الخطّ الإيديولوجي و السياسي التى سنتناول بالبحث تفصيلا فتوصّلنا إلى التخطيط التالي لعملنا هذا الذى لن يُعنى إلاّ بأمّهات المسائل أمّا تلك التى نعدّها ثانوية الآن فقد نناقشها فى مناسبات أخرى :

مقدّمة :

I- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟

1- من هو الماركسي الحقيقي؟
2- تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟
3- الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟
4- الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي ؟

II- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب لينيني ؟

1- طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
2- الديمقراطية الطبقية أم الديمقراطية " الخالصة " ؟
3- حزب لينيني أم سفينة نوح ؟
4- النظرية الثورية أم الأفكار الرجعية و البرجوازية السائدة ؟

III- هل يطبّق الحزب الوطني الديمقراطية الموحّد المادية الجدلية أم المثالية الميتافيزيقية ؟

1- المبادئ الشيوعية أم البراغماتية ؟
2- جمع الإثنين فى واحد أم إزدواج الواحد؟
3- تحليل مادي جدلي للواقع أم تحليل مثالي ميتافيزيقي؟
4- الحرية : نشر الحقائق الموضوعية أم الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟

VI- "الهوية الفكرية والطبقية للحزب الوطني الديمقراطي الموحّد": حزب تحريفي برجوازي.

1- عن الماركسية - اللينينية .
2- عن الإشتراكية العلمية .
3- عن " التداول السلمي على السلطة عبر الإنتخابات".
4- عن النظرية العامة للثورة و" الخصوصية ".

V- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا :

1- طريق الثورة الوطنية الديمقراطية بين الماركسية و التحريفية.
2- المسألة الديمقراطية غائبة والجبهة الوطنية مائعة.
3- التكتيك الذى يبتلع الإستراتيجيا.
4- إلى أين تفضى الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟ : دروس التجارب العالمية.

IV- مغالطات الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي فى تونس :

1- تداخل مفزع فى المفاهيم.
2- لأغراض إصلاحية يتمّ تشويه الفهم اللينيني للوعي و العفوية.
3- أوهام حول طبيعة الدولة و الجيش .
4- أوهام حول الدين و الأصولية الدينية.
5- أوهام حول المجلس التأسيسي .

IIV- جملة من أخطاء الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي عربيّا و عالميّا :

1 - طبيعة الأنظمة فى الأقطار العربية.
2- الكفاح المسلّح.
3- القوى التى تعزّز موقع حركات التحرّر.

IIIV- ماضى الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد و حاضره و مستقبله :

1- بصدد ماضي هذا الحزب.
2- بصدد حاضره.
3- بصدد مستقبله.

خاتمة :

ملاحق :

1- الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة.
2- طليعة المستقبل ينبغى أن نكون!
3- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيون الديمقراطيون.
جانفي 2013
==================================================

V- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا .

===============================================

بدلا من تعميق الأطروحات الوطنية الديمقراطية و تطبيق علم الثورة البروليتارية العالمية وتطويره ، أدار مؤسّسو الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد ظهرهم لمستلزمات النضال الثوري البروليتاري و مقتضياته وراحوا يتجنبون أمهات المسائل المطروحة للتقدّم بهذا العمل الثوري الإيديولوجية منها و السياسية و و التنظيمية و يحصرون أنفسهم و أضرابهم و أتباعهم فى النشاط النقابي و الجمعيّاتي مكرّسين سياسات مطلبية إقتصادوية فى الأساس و مسطّحين وعي المناضلين و المناضلات و من ثمّة تمّ إفراغ الأطروحات الوطنية الديمقراطية الحقيقية من روحها الثورية و ملؤوا القشرة الباقية ، الطبل الخاوي ، بمضامين إنتهازية ديمقراطية برجوازية مثلما سنرى بعضها فى النقاط التالية :

1- طريق الثورة الوطنية الديمقراطية بين الماركسية و التحريفية :

كلّ من لم يفقد ذاكرته فقدانا تاما و من لا يسلك سياسة التناسي و التعامي ، يتذكّر أنّ التيارين المؤسسين الأساسيين للحزب الجديد كانا من رافعي شعار " حرب الشعب هي الحلّ ضد الرجعي و المحتلّ " و يعتبران أنّ طريق الثورة الوطنية الديمقراطية هو طريق حرب الشعب و إن كانا يختلفان نوعا ما فى فهم المقصود بحرب الشعب .

و عقب التخلّى عن " العنف الثوري" ضمن تصفية حزمة من المبادئ الشيوعية الحق ، ركن الجماعة إلى أساليب النضال القانونية السلمية لا غير ومثل جميع الإنتهازيين يعمدون إلى أساليب مغالطة وتضليل لن تنطلي على من يمعن النظر فيها و يتمعّنها مليّا .

ففى الوثيقة المنبثقة عن المؤتمر التوحيدي تحت عنوان " فى تحديد الهوية الفكرية و الطبقية لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد " ، و تحديدا فى نهاتها ، جرى تعويض " وهو ما يبلوره البرنامج السياسي بالكلمات التالية فى اللائحة الأصلية المقدّمة للنقاش : " و ذلك بإنتهاج كلّ أشكال النضال و التنظيم المتاحة و الضرورية ".

و تستهدف هذه الصيغة العامة الفضفاضة تأويل هذه الكلمات خاصة " الضرورية " المضافة ، فى الجدال مع أمثالنا ، على أنّها توحي باللجوء إلى العنف إن لزم الأمر وهو تلاعب بالقراء و المتسائلين يفضح الخطاب الحربائي لهؤلاء المضلّلين ذلك أنّهم بجلاء صرّحوا فى " اللائحة السياسية : طبيعة النظام السياسي " ككلّ المعادين للشيوعية الثورية و مشوهيها ب " رفض العنف و تجريمه فى العلاقات السياسية و المجتمعية " و كأنّ العنف ليس سياسة و كأنّ العنف خارج المجتمع و كأنّ قمع الجماهير و إضطهادها و سحقها و تجويعها و إستغلالها و قتل إبنائها و بناتها و إغتصابهنّ و إغتصابهم ليس عنفا إجتماعيّا . هذا من ناحية و من ناحية أخرى فضلا عن ما أعرب عنه ماركس و إنجلز بشأن دور العنف فى التاريخ كمولّد الثورات و دور العنف الجماهيري فى التقدّم بعجلة التاريخ ...، علّمنا لينين العظيم أنّ الحرب مواصلة للسياسية بأساليب أخرى وأضاف ماو تسى تونغ أنّها سياسة بالعنف ، سياسة دامية . كلّ هذه الحقائق لا تعني شيئا لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد ، ما يعنيه هو الإمتثال لقوانين دولة الإستعمار الجديد مهما كلّفه الأمر من تزوير للواقع و للحقائق الموضوعية و تنكّر لعلم الثورة البروليتارية العالمية .

هذا من جهة و من جهة ثانية ، يضع الجماعة فى وثائقهم و لا سيما فى "البرنامج السياسي العام" كافة أشكال النضال على قدر المساواة و على نفس المستوى والحال أنّها ليست كذلك لمن يتوخّى الدقة و ليس نهج إقتلاع مقولة من إطارها و متنها و بإنتقائية يستخدمها لغايات تحريفية . فالثورة الوطنية الديمقراطية حسب الأطروحات الوطنية الديمقراطية فى أواسط السبعينات و أواخرها و بدايات الثمانينات لا تنجز إلاّ عبر الكفاح المسلّح و حرب الشعب ؛ و النضال المسلّح فى الكثير من وثائق المجموعات الوطنية الديمقراطية تاريخيّا هو أرقى أشكال الصراع الطبقي . و موقف الماركسية - اللينينية لا غبار عليه بهذا المضمار وكان مرفوعا عاليا عالميّا فى مواجهة الطريق السلمي التحريفي المعاصر ، السوفياتي منه بالخصوص .

و من جهة ثالثة ، و نحن نطالع قراءة الحزب الموحّد لما حدث فى تونس ، إستوقفنا تعبير " حسم المعركة بالإضرابات " و هذا التعبير كما تعلمون ذو دلالة بالغة و جدّ معبّر إذ هو يحيلنا على طريق الثورة الذي يرتئيه الفوضويون السنديكاليون الذين يرون الثورة تنطلق من الإضرابات و تعتمد عليها و الإضراب العام قمّتها . و ليس هذا من اللينينية أصلا فلينين وحتى فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية ، طرح طريق الإنتفاضة المسلّحة التى يقودها الحزب الطليعي بعيدا عن الإقتصادوية و النقابوية ، المتبوعة بالحرب الأهلية لإنجاز الثورة الإشتراكية . أمّا الأممية الثالثة ( إلى حدود ) و ماو تسى تونغ فبوضوح قد دعيا إلى طريق حرب الشعب فى المستعمرات وأشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة . و كانت الثورة الصينية و تحقيقها الظفر سنة 1949 أفضل مثال عن تكريس هذا الطريق و صحّته .

إنّ هذا الحزب الموحّد لحزب يقطع مع الماركسية - اللينينية الحقيقية و مع جوهر الأطروحات الوطنية الديمقراطية الثورية .

الثورة الوطنية الديمقراطية لا يمكن أن تتحقّق عبر طريق البرلمانية و الطريق السلمي عامة ، إنّها تغيير جذري يمهّد للثورة الإشتراكية بفضل قيادة البروليتاريا من خلال حزبها الشيوعي الثوري الطليعي للدولة . ليست قضية بسيطة فى حياة الشعب بل قضية كبرى و " القضايا الكبرى فى حياة الشعوب لا تحلّها إلاّ القوة " مثلما قال لينين فى " خطّتا الإشتراكية الديمقراطية فى الثورة الديمقراطية " وهي مقولة لطالما ضمّنتها المجموعات الوطنية الديمقراطية فى نصوصها .

و فى السياق نفسه ، يكثر جماعة هذا الحزب الموحّد من الكلام عن السياسة ( فى الواقع السياسة الديمقراطية البرجوازية ) و يتهرّبون كلّيا من الطرح الصحيح لعلاقة السياسة بالحرب ، السياسة بالعنف الرجعي و العنف الثوري رافعين مثلهم مثل معظم التحريفيين فى القطر شعار " لا للعنف السياسي " !!! إنّهم يغالطون أنفسهم و الجماهير ببثّ الأوهام البرجوازية حول هذا الموضوع و لا يعدّون أنفسهم و الجماهير لمواجهة العنف الرجعي بينما يعتبرون عنف الجماهير الثوري حتى فى أدنى أشكاله – رمي الحجارة – " غير معقول " وفق تصريح خلال برنامج تلفزي لزعيم هذا الحزب بعد أحداث سيدي بوزيد فى 14 ديسمبر 2012 و طرد الجماهير رئيس الدولة التونسية المرزوقي و رئيس المجلس التأسيسي برجمهم بالحجارة فيدينون عنف الجماهير ، العنف الثوري و يطعنون علم الثورة البروليتارية العالمية أيما طعنة . لقد أعلن لينين فى مقالة " برنامج الثورة البروليتارية الكبرى " ( الصفحة 87 من "الحروب العادلة و الحروب غير العادلة " ، الطبعة العربية لدار التقدّم موسكو) : " إنّنا لنرتكب خطأ فادحا من الناحية النظرية إذا نسينا أن كلّ حرب ليست سوى إمتداد للسياسة بوسائل أخرى ". و يعلّمنا لينين العظيم أنّ " طبقة مضطهَدة مظلومة لا تسعى إلى تعلّم إستعمال السلاح ، إلى الحصول على السلاح ، إنّ هذه الطبقة المضطهَدة لا تستحقّ أن تعامل إلاّ معاملة العبيد " ( " برنامج الثورة البروليتارية العسكري "، الصفحة 443 من الجزء 1 من المجلّد 2 من " المختارات فى ثلاثة مجلّدات " ، الطبعة العربية لدار التقدّم ، موسكو ).

و على خطى التحريفيين عبر العالم ، يغفل حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد التحريض و الدعاية صلب الجماهير لنظرة الثورة العنيفة وهو بذلك يعارض اللينينية فلينين مثلما مرّ بنا نبّه بصريح العبارة فى " الدولة و الثورة " إلى :

" ضرورة تربية الجماهير بصورة دائمة بروح هذه النظرة و هذه النظرة بالذات للثورة العنيفة هي أساس تعاليم ماركس و إنجلس بأكملها . و خيانة تعاليمها من قبل التيارين الإشتراكي - الشوفيني و الكاوتسكي السائدين اليوم تتجلّى بوضوح خاص فى نسيان هؤلاء و أولئك لهذه الدعاية ، لهذا التحريض ."

و فى سنة 1938، فى أتون الحرب التى عاشها لسنوات طوال جدّا ، لخَص ماو تسى تونغ تلك الحقيقة على طريقته الخاصة قائلا :

" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى. و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء ".

( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني)

2- المسألة الديمقراطية غائبة والجبهة الوطنية مائعة :

أطلق الماركسيون - اللينينيون الصينيون و على رأسهم ماو تسى تونغ فى وثيقة " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " نعت الوطنية الديمقراطية على هذه الثورة لأنّها تعالج تناقضين أساسيين إثنين هما التناقض بين الإمبريالية و عملائها من ناحية و الشعب من الناحية الثانية ( المسألة الوطنية) و التناقض بين جماهير الفلاحين من ناحية و شبه الإقطاعية من ناحية ثانية ( المسألة الديمقراطية ).

و بارز هو غياب أي طرح للجماعة للمسألة الديمقراطية . مثلهم مثل حزب " الوطد" ، الحزب الوطني الإشتراكي الثوري - الوطد ، يركّزون التركيز كلّه على المسألة الوطنية و يتناسون المسألة الديمقراطية و يتجاهلون التداخل و العلاقة الجدلية بين المسألتين بما يسمح لنا بإستنتاج أنّهما يعتبران بشكل أو آخر أنّ ما حصل فى تونس قد حلّ المسألة الديمقراطية إن لم يكن كلّيا فعلى الأقلّ فى الأساس. و الواقع يفنّد ذلك. و فضلا عن ذلك يعكس هذا تعبيرا من تعبيرات الإنحراف القومجي فى صفوف الوطنيين الديمقراطيين عموما و هو موضوع لن ندخل فى تفاصيله هنا.

دون الإستهانة بالتغيّرات فى الوضع العالمي و الإختلافات بين صين 1939 و القطر حاليّا فى جوانب معينة و تطويرات الماويين لأوجه من الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية ، رأينا من المعبّر للغاية العودة إلى 1939 و إلقاء نظرة على كيف كان ماو تسى تونغ يطرح المسألتين الوطنية و الديمقراطية بمستوى لم يرتق إليه اليوم مؤسّسو الحزب الموحّد الذين يلصقون بأنفسهم إلصاقا نعت " الوطنيين الديمقراطيين " :

" مما لا يتطرق إليه الشك أن المهمة الرئيسية هي ضرب هذين العدوين أي القيام بثورة وطنية من أجل وضع حد للإضطهاد الإمبريالي الأجنبي ، و بثورة ديمقراطية من أجل وضع حد لإضطهاد ملاك الأراضي الإقطاعيين فى الداخل ، و المهمة الأولية هي القيام بالثورة الوطنية من أجل الإطاحة بالإمبريالية .

إن هاتين المهمتين الكبيرتين للثورة الصينية مرتبطتان ببعضهما البعض . فإذا لم يوضع حد للسيطرة الإمبريالية ، يستحيل إنهاء حكم طبقة ملاك الأراضي الإقطاعيين ، ذلك لأن الإمبريالية هي السند الرئيسي لهذه الطبقة . و العكس بالعكس ، فإذا لم نساعد الفلاحين على الإطاحة بطبقة ملاك الأراضي الإقطاعيين ، فلن يكون فى إمكاننا بناء جيش قوي للثورة الصينية من أجل وضع حد للسيطرة الإمبريالية ، إذ أن طبقة ملاك الأرضي الإقطاعيين هي حجر الزاوية الإجتماعي الرئيسي للسيطرة الإمبريالية فى الصين بينما الفلاحون هم القوة الرئيسية فى الثورة الصينية . و لذا ، فإن هاتين المهمتين الأساسيتين ، الثورة الوطنية و الثورة الديمقراطية ،هما مختلفتان و متحدتان فى آن واحد .

و لما كانت المهمة الرئيسية الحالية للثورة الوطنية فى الصين هي مقاومة الإمبريالية اليابانية التى غزت أرض بلادنا ، و كانت الثورة الديمقراطية مهمة يجب علينا إنجازها فى سبيل كسب الحرب ، فقد إرتبطت هاتان المهمتان الثوريتان ببعضهما فعلا . إن وجهة النظر التى تعتبر الثورة الوطنية و الثورة الديمقراطية كمرحلتين من الثورة منفصلتين تماما هي وجهة نظر غير صحيحة ." ( ماو تسي تونغ : " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني" ، 1939 ؛ المجلّد الثاني ،الصفحة 438-439)

و من لائحة إلى أخرى و من وثيقة إلى أخرى تسود لخبطة فكرية تبعث على القرف بصدد فهم الجبهة الوطنية الديمقراطية اللازمة لإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية . ففى " فى تحديد الهوية الفكرية و الطبقية لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد " لكم " بناء جبهة وطنية ديمقراطية أداة معبّرة عن وحدة طبقات الشعب الوطنية المستغلّة و المضطهَدة تعمل على إستكمال مهام المسار الثوري نحو تحقيق الجمهورية الديمقراطية الإجتماعية " ( و لاحظوا ليس لإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية بل لإستكمال مهام المسار الثوري !!!). وفى " النظام الداخلي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد " ، الباب الخامس على وجه التحديد ، تصبح " الجبهة الوطنية التقدّمية لإقامة الجمهورية الديمقراطية الإجتماعية " التى تستحيل فى" مشروع برنامج المهام المباشرة " إلى " بناء جبهة ديمقراطية تقدّمية " " تعمل على إستكمال المسار الثوري [ هذه المرّة ليس مهام المسار الثوري ] و تحقيق أهدافه" . وفى " لائحة السياسة العربية و الدولية " نقرأ " بناء جبهة وطنية ديمقراطية و قطب تقدّمي ..." و من مكان إلى مكان تتبدّل الجبهة كالحرباء زيادة و نقصانا إلخ.

و اللافت أنّه و لا مرّة واحدة جرى الحديث عن قيادة هذه الجبهة و ما يعنيه ذلك و ما يتطلبه و المعارك المتوقّعة من أجل ذلك و كيفية خوضها إلخ. فى قضية الجبهة الوطنية الديمقراطية كما فى غيرها من قضايا الصراع الطبقي قد يبلغ الصراع حدّ القتال المسلّح من أجل القيادة ناهيك عن المعارك الإيديولوجية و السياسية المحتدمة إلخ. يبدو أنّ جماعة هذا الحزب يتصوّرون جبهتهم هذه جبهة توافقية يسودها الوفاق الطبقي و السلم الإجتماعي ، جبهة تقف مكوّناتها مصطفّة الواحدة إلى جانب الأخرى دون صراع ولا قيادة . مرّة أخرى ، يغيّب الجماعة المادية الجدلية فيرون الوحدة المؤقتة و النسبية و لا يرون الصراع المطلق .

حقّا إنهم لمثاليون ميتافيزيقيون حيث لا يحلّلون الواقع طبقيّا و جدليّا و حيث تعاميهم عن تاريخ من الأكيد أنّهم درسوه ، تاريخ مثل هذه الجبهات فى عديد البلدان عبر العالم و حسبنا هنا أن نحيلهم على تاريخ الجزائر التى صورت منه قصّة الطاهر وطّار " اللاز" جوانبا تهمّنا هنا ليدركوا كيف تعاملت جبهة التحرير الوطني الجزائرية مع الماركسيين بقطع الرؤوس!!!

و تفيد تعاليم علم الثورة البروليتارية بشأن الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية أنّ أسلحتها الرئيسية الثلاثة هي :

" حزب قوي النظام مسلّح بالنظرية الماركسية - اللينينية ، يستخدم أسلوب النقد الذاتي و يرتبط بجماهير الشعب ، و جيش يقوده مثل هذا الحزب ، وجبهة متحدة تضمّ مختلف الطبقات الثورية و الجماعات الثورية و يقودها مثل هذا الحزب - هذه هي الأسلحة الرئيسية الثلاثة التى ننتصر بها على العدوّ".

( ماو تسى تونغ " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية " 30 يونيو – حزيران 1949؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الرابع.)

كما تفيد بأنّ قيادة البروليتاريا للجبهة شرط نجاحها :

" إن الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية تتطلب قيادة الطبقة العاملة ، لأنها هي الطبقة الوحيدة النافذة البصيرة و أكثر الطبقات إنكارا للذات ، كما أنها أكثر الطبقات حزما فى الثورة . و يبرهن تاريخ الثورات بأكمله على أن الثورة تفشل إذا كانت بدون قيادة الطبقة العاملة و أنها تنتصر إذا قادتها هذه الطبقة."

(ماو تسى تونغ " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية "، 30 يونيو – حزيران 1939 ، المجلّد الرابع ، الصفحة 41).

3- التكتيك الذى يبتلع الإستراتيجيا :

" إنّ هذا النسيان للإعتبارات الكبرى ، الجذرية حرصا على مصالح اليوم العرضية ، و هذا الركض وراء النجاحات العرضية ، و هذا النضال من أجلها دونما حساب للعواقب ، و هذه التضحية بمستقبل الحركة فى سبيل الحاضر ، إنّ كلّ ذلك قد تكون له دوافع " نزيهة" أيضا . و لكن هذا هو الإنتهازية ، وهو يبقي الإنتهازية ، و لعلّ الإنتهازية " النزيهة " هي أخطر الإنتهازيات ..."

( لينين :" الدولة و الثورة " ، الصفحة 74).
---------------------

يتوقّع المرء من حزب يدعى الإستناد إلى " الماركسية - اللينينية " و " الإشتراكية العلمية " أن يصوغ فى مؤتمره برنامجه البعيد المدى و برنامجه القصير المدى و تكتيكاته أي إذا إعتبرنا الشيوعية ( و الأمر ليس كذلك بالنسبة لهم كما حلّلنا ) هي الهدف الأسمى و الإشتراكية كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية هي ( الشيوعية و ليس الإشتراكية ) الهدف الإستراتيجي لحزب شيوعي حقّا ، فإنّه سيصوغ لها برنامجها و يعرض رؤيته لها و رؤيته لكيفية الإنتقال إليها وفى البلد المستعمر و شبه المستعمر و المستعمرة الجديدة يضيف برنامجا أدنى هو برنامج الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية الممهّدة للثورة الإشتراكية ويشرح كيفية المرور من دولة الديمقراطية الجديدة إلى الثورة الإشتراكية إلخ. و إنطلاقا من قراءة ميزان القوى الطبقي و الواقع الموضوعي و الذاتي و حركة الصراع الطبقي فى الفترة الراهنة ، يرسم تكتيكا واضح المعالم أهدافا و أساليب تطبيق و تنظيما . بيد أنّ قراءة لوائح مؤتمر الحزب الموحّد تجعلك لا تفرّق بين هذه المستويات التى علاوة على أنّها غير واضحة المعالم متداخلة أحيانا تدمج بين برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية و البرنامج التكتيكي فى أحيان كثيرة فى لخبطة لا يحسدون عليها و تؤدّي بهم إلى أوهام نتعرّض لها بشيء من التفصيل فى لاحق فقراتنا. و لكن الآن و هنا يهمّنا أن نأكّد بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ الجماعة خلقوا مرحلة جديدة سابقة لمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية يسمّونها مرحلة تكتيكية غير أنّه تكتيك إنتهازي يبتلع الإستراتيجيا.

فى جوان 2011 ، فى العدد الأوّل من " الوطني الديمقراطي " جاء : " نشاهد اليوم الثورة الوطنية الديمقراطية تتحقّق "( الصفحة 3) و بعد سنة تستحيل هذه "الثورة الوطنية الديمقراطية" التى كانوا يشاهدونها تتحقّق إلى " مسار ثوري " لا غير ، فى خطوة إلى الوراء للإلتفاف على الحقيقة التى بانت فاقعة بانّ ما حدث ليس بثورة . الجماعة لا يفقهون الفرق بين الثورة و الإنتفاضة و لمواصلة مغالطة المناضلين و المناضلات و تضليلهم يقع إبداع " المسار الثوري" وبعد تحقّق الثورة يراد الآن " إستكمال مهامها ". هذا مجرّد تلاعب مثالي بالواقع الموضوعي ، مجرّد مراوغات تحريفية !

وهدف ما يعتبرونه " مسارا ثوريّا " فى " البرنامج السياسي العام " هو " بناء الجمهورية الديمقراطية الإجتماعية " و ليس الديمقراطية الشعبية أو الديمقراطية الجديدة أو الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية ، ماويّا. و لبلوغ جمهورية حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد هذه تزخر لوائح المؤتمر بنقاط برنامجية تكاد تكون غالبيتها نقاط برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية غير أنّ ما يسترعي الإنتباه هو أنّهم يتوقّعون إنجازها فى إطار دولة الإستعمار الجديد و ليس على أنقاضها. ما يحدّدونه هدفا للإطاحة به ليس دولة الإستعمار الجديد و جيشها بل هدفهم هو تفكيك " الدكتاتورية ".

ديمقراطيتهم اللاطبقية ظاهريّا و البرجوازية جوهرا علّقنا عليها فى الفقرات السابقة لذلك لن نثقل على القرّاء بالتكرار و لكن يحضرنا بصدد الدولة البرجوازية ما قاله لينين وهو لعمرى مفيد و جدير بالذكر :
" ففى الدولة البرجوازية الأوفى ديمقراطية ، تصطدم الجماهير المظلومة على الدوام بالتناقض الصارخ بين المساواة الشكلية التى تعلنها " ديمقراطية " الرأسماليين ، و آلاف القيود و الأحابيل الفعلية التى تجعل من البروليتاريين عبيدا مأجورين. "

( " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، دار التقدّم ، موسكو ، بالعربية ، الصفحة 19).

وقبل الإجابة عن سؤال من الأكيد أنّه عالق بذهن القراء : كيف يبتلع هذا التكتيك الإستراتيجيا ؟ ، نجيب عن سؤال آخر هو هل يمكن أن تختلف مثل هذه الجمهورية التى يرنو إليها الحزب الموحّد عن جمهورية دولة الإستعمار الجديد ؟ بما أنّها ترسي فى ظلّ دولة الإستعمار الجديد فإنّها لن تكون سوى شكلا من أشكالها أو بالأحرى عنوانا من عناوينها طالما لم يقع تحطيم الدولة القديمة، دولة الإستعمار الجديد بجيشها و شرطتها و دواوينيتها و لم تشيّد على أنقاضها دولة جديدة تقودها البروليتاريا متحالفة مع طبقات الشعب و فئاته الأخرى ؛ لن يكون أي شكل للسلطة ، إن لم يقع تحطيم الدولة القديمة ، إلاّ شكلا لا غير لسلطة دولة الإستعمار الجديد ، أكانت السلطة تسمّى جمهورية ديمقراطية أم جمهورية شعبية أم جمهورية ديمقراطية أو حتى جمهورية ديمقراطية إشتراكية ... فهي تظلّ فى جوهرها المحدّد لطبيعتها سلطة دولة الإستعمار الجديد.

و زيادة على ذلك ، لو نظرنا للقضية من زاوية أخرى ، من زاوية الطبقات الحاكمة ، فماذا نكتشف ؟ يتجلّى أمامنا أن تكتيك حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد و غيره من القوى " اليسارية " الإصلاحية ، تكتيك مواتي جدّا يخدم إستراتيجيا الكمبرادور و الإقطاع المتحالفين مع الإمبريالية العالمية . فالتكتيك الإصلاحي " اليساري" يصبّ فى مجرى إستراتيجيا دولة الإستعمار الجديد التى تسعى إلى إعادة هيكلة نفسها لتتخلّص من ما بلي من مظاهرها و تصبح أكثر فعالية و جدوى بالنسبة للطبقات الرجعية و الإمبريالية العالمية. تسعى هذه الدولة التى تعرّضت لهزّة و لم تسقط إلى ترميم ما تصدّع من هياكلها متخلّية عن بن علي و الطرابلسية و مدمجة قوى أخرى كانت معارضة ضمن هياكلها ضاخة دما جديدا فى عروقها وهي عملية لم تقع فى القطر فقط بل وقعت و تقع عبر العالم و ما جدّ فى المغرب و الجزائر و مصر و فلسطين و جنوب أفريقيا إلخ إلاّ بعض الأدلّة على إعادة الهيكلة هذه . و فى هذه الحال ، تظلّ دولة الإستعمار الجديد قائمة الذات بل تسترجع أنفاسها و تعزّز من سطوتها فتأخّر الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة لعقود عديدة. و تظلّ هذه الجمهورية مهما أضيف إليها النعوت البرّاقة و الرنّانة واقعيّا جمهورية الكمبرادور و الإقطاع المتحالفين مع الإمبريالية العالمية.

و حتى لو بلغ السلطة عبر الإنتخابات من يدعون أنهم ماركسيون فلن يمارسوا غير سلطة دولة الإستعمار الجديد و لن يقدروا على الخروج على حدودها و سيجدون أنفسهم إن سعوا لتجاوز الخطوط الحمراء التى ترسم لهم أمام خيارين إمّا الرضوخ للدولة و خياراتها و خدمة مصالح الطبقات الحاكمة المتحالفة مع الإمبريالية و إمّا إسقاطهم من السلطة بالمؤامرات أو بالعنف إن لزم الأمر . و هنا بالغ الدلالة هو مثال الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) الذى يحكم فى ولايات من الهند خدمة لدولة الرجعية و الإمبريالية وهو ينظّم المجازر و حملات القمع و النهب و السلب و الحرق ضد الجماهير الشعبية المناضلة هناك وضد الشيوعيين الماويين الذين يقودون حرب الشعب.

لمّا ينشط الحزب الموحّد فى إطار دولة الإستعمار الجديد و يلتزم بشرعيتها الإنتخابية و يتخلّى عن الجوهر الثوري للشيوعية و يروّج للتحريفية التى هي فكر برجوازي ، ماركسية مزيفة ، أيبقى بمقدوره قيادة ثورة وطنية ديمقراطية حقيقية وفق حتى الأطروحات الوطنية الديمقراطية العامة لأواسط السبعينات إلى بداية الثمانينات حتى لا نقول وفق الماركسية - اللينينية - الماوية ؟ طبعا لا و ألف لا.

و لمّا يخلق حزب ما مرحلة وهمية قبل الثورة الوطنية الديمقراطية و لو بإسم التكتيك الفعّال ، أيخطو خطوات نحو الإنجاز الفعلي لهذه الثورة أم يأجّلها إلى مستقبل غير معلوم عوض الشروع فى الإعداد لها بإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة التى تكلّم عنها ماو أعلاه ؟ هو بالطبع يأجّلها إلى يوم يبعثون!

و بذلك يبتلع هذا التكتيك الوهمي الذى لا يخدم الإستراتيجيا بل يقف حجر عثرة فى طريقها ، يبتلع الإستراتيجيا ذاتها . المرحلة التكتيكية الوهمية : الجمهورية الديمقراطية الإجتماعية تبقى النضال فى إطار دولة الإستعمار الجديد و تبتلع الثورة الوطنية الديمقراطية المأجّلة إلى مستقبل غير معلوم ومن هنا تبتلع أيضا الثورة الإشتراكية و المشروع الشيوعي ككلّ.

و مثل هذا التكتيك الإنتهازي الذى يدخل فى إطار لعبة دولة الإستعمار الجديد ليس بجديد على " اليسار" التونسي فقد سبقهم إليه حزب العمّال التونسي حين إخترع تكتيكا وهميّا آخر إبتلع هو الآخر الإستراتيجيا فبإسم الإعداد للثورة " الديمقراطية الوطنية " و رفع وعي الجماهير تمسّك لأكثر من ثلاثين سنة بتكتيك ( تصوّروا تكتيكا دام أكثر من ثلاثين سنة ! تكتيك تحوّل إلى إستراتيجيا !) الحرّيات السياسية مؤجّلا التحضير اللازم شيوعيّا للثورة المرجوّة. و لذلك لثلاثين سنة إبتلع هذا التكتيك الإستراتيجيا . و لمّا تحقّق لجماعة حزب العمال نوعا من الحريات السياسية بفضل إنتفاضة لم يكن مركز إهتمامها و لا شعارها المحوري الحريات السياسية ، هل راحوا يعدّون العدّة للثورة " الديمقراطية الوطنية " ؟ لا أبدا . بالعكس ، تخلّوا عن نعت " الشيوعي" لحزبهم و طفقوا ينشرون وهما تكتيكيّا جديدا سمّوه إستكمال مهام الثورة و خوض المعارك الإنتخابية و الطريق البرلماني و التداول السلمي للسلطة فى ظلّ ديمقراطية لا يصنفونها طبقيّا هم الآخرون وهي طبعا ديمقراطية دولة الإستعمار الجديد. و هكذا دواليك من تكتيك ديمقراطي برجوازي وهمي إلى آخر.

و حزب العمل الوطني الديمقراطي بدوره قد لجأ إلى نفس السياسة التحريفية ، سياسة خلق وهم مرحلة حريات ديمقراطية تعبّد الطريق للثورة الوطنية الديمقراطية . و الشيء نفسه ينسحب على مجموعات أخرى . و جميعها تلتقى فى مستنقع الديمقراطية القديمة ، الديمقراطية البرجوازية و أوهامها.

4- إلى أين تفضى الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟ : دروس من التجارب العالمية :

عن تجربتي كوبا و فنيزويلا سنبدى بعض الملاحظات لاحقا ، لكن دعونا الآن ننظر فى مسألة إلى أين تفضى الأوهام البرجوازية ؟ لقد سبق لدولة الإستعمار الجديد فى تونس أن وظّفت الأوهام الديمقراطية البرجوازية فى فترة مزالي و فى السنوات الأولى من حكم بن علي وهي اليوم وعلى نطاق أوسع توظّف ذات الأوهام الديمقراطية البرجوازية لتضليل الشعب و مغالطته. فى الماضي ، لم تحرّر هذه الأوهام الشعب و لن تحرّره لا حاضرا و لا مستقبلا بل بالعكس ساهمت فى تأبيد الدولة الراعية لهذه الأوهام . و الشيء نفسه حصل و يحصل فى أكثر من بلد عربي ، مغربا و مشرقا.

و نظرا لكوننا شيوعيين ماويين نسلّط شيئا من الضوء بداية على تجربة ماوية حديثة جدّا إغتالتها أوهام الديمقراطية البرجوازية و نقصد التجربة النيبالية. فقد قاد الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية و حرب الشعب هناك وفق المبادئ الماوية و حقّق إنتصارات عظيمة بالغا بعد سنوات عشر ( 1996-2005) من التضحيات الجسام و المعارك الشرسة على جميع الأصعدة تحرير ما يناهز الثمانين بالمائة من البلاد و بناء سلطة جديدة و جيش شعبي قويّ و تحطيم جزء هام من الدولة القديمة ، دولة الإقطاع و الكمبرادور المتحالفين مع الإمبريالية. غير أنّه لصعوبة الواقع الموضوعي و تعقّده و لقصور فى الرؤية المادية الجدلية و لقراءة خاطئة للتجارب الإشتراكية السابقة و الدروس التى ينبغى إستخلاصها منها ، طفقت قيادة الحزب تنزلق فى الإنحرافات الخطيرة و تبتعد عن المنهج القويم و السليم للثورة و سقطت فى 2006 فى مستنقع الديمقراطية البرجوازية فتحالفت مع أحزاب برجوازية صغيرة و أخرى برجوازية كمبرادورية لتشارك فى النهاية فى لعبة الإنتخابات و إيقاف حرب الشعب و التعهّد بحلّ جيش التحرير الشعبي و أجهزة السلطة و الدولة الجديدة . و توصّل الحزب النيبالي إلى الفوز فى الإنتخابات و تشكيل حكومة مع حلفاء لكن فى نفس الوقت جرى تفكيك السلطة الجديدة ، الدولة الجديدة و وقعت خيانة الثورة. و النتيجة اليوم بعد عدّة سنوات ، تحوّل هذا الحزب الذى بات تحريفيّا برجوازيّا منذ ندوته المنعرج سنة 2005 إلى أداة فى خدمة دولة الإستعمار الجديد التى لم يحطّمها فحطّمته و جعلته يعمل على إصلاحها و وترميمها تحسينها لا غير.

و أدّت الأوهام البرجوازية و التحريفية فى بلد آخر ، أندونيسيا فى أواخر ستينات القرن العشرين إلى سلوك الحزب الشيوعي هناك طريق البرلمانية بدعوى تدعيم الشقّ الوطني فى السلطة و إنتهت العملية بمأساة و يالها من مأساة : إغتيال و قتل عشرات الآلاف من الشيوعيين و الشيوعيات و غيرهم على أيدى جيش دولة الإستعمار الجديد.

و إلى الشيلي زمن آلاندي أين إتبع الماركسيون المزيفون الطريق السلمي لتداول السلطة و توصّل التحالف بين هؤلاء و الإشتراكيين إلى الإنتصار فى الإنتخابات و حاول الرئيس المنتخب الجديد الإقدام على إصلاحات ، و نعيدها إصلاحات ، مثل تأميم مؤسسات مسّت إلى درجة معيّنة المصالح الجوهرية لدولة الإستعمار الجديد و الطبقات الواقفة وراءها فأسرعت الرجعية و الإمبريالية إلى إستخدام أهمّ جهاز من أجهزة الدولة و عمادها الجيش لتنظّم إنقلابا قاده بينوشي وتسبّب فى سفك دم الآلاف و تشريد مئات الآلاف و إغراق البلاد فى جوّ من الإرهاب الفاشستي دام عقودا . و لمّا شاخ بينوشي و إهترأت سلطته عالجت الرجعية و الإمبريالية الأمر بمرحلة إنتقال ديمقراطي برجوازي لم يغيّر من جوهر النظام الإقتصادي - الإجتماعي شيئا و ظلّ الإضطهاد و الإستغلال الخبز اليومي للبروليتاريا و الكادحين فى الشيلي.

بهذا القدر من الأمثلة نكتفى لنستنتج أنّ فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ، لا تجارب " الإنفتاح" و لا " الإنفتاح الديمقراطي" و لا تجارب " الإنتخابات الحرّة و النزيهة " أنجبت "ديمقراطية " أو " ثورة ديمقراطية " أو " ثورة ديمقراطية إجتماعية " بمعنى الديمقراطية البرجوازية من النمط المشاهد فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية ، كلّ ما فعلته هو مغالطة البروليتاريا و الجماهير الكادحة و تأبيد إضطهادها و إستغلالها ، علما و أنّ الديمقراطية البرجوازية القديمة عُدّت منذ عقود غير ممكنة التحقيق فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية مثلما بيّن ذلك ماو و شرحنا فى مقالنا " الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة " المثبت كملحق لهذا العمل.

و حقّا لا مناص من إعلاء حقيقة لخّصها ماو تسى تونغ فى جملة :

" بدون جيش شعبي ، لن يكون هناك شيئ للشعب. "

( " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ، الصفحة 105)



الملاحق :


الملحق 1 : الديمقراطية القديمة البرجوازية أم الديمقراطية الجديدة الماوية .

( " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" عدد1/ مارس 2011).



لا زال مفهوم الثورة الديمقراطية الجديدة غامضا أو مشوّها لدى الكثيرين ،إن لم يكن مجهولا تماما. فقلّة هم المناضلون و المناضلات ، في أوساط الحركة الشيوعية العربية لا سيما الشباب منهم ،الذين يعرفونه حق المعرفة فى الوقت الحالي. في الستينات و السبعينات و إلى حدود معيّنة فى بدايات الثمانينات ، كان أكثر رواجا و إنتشارا إلاّ أنّ الماويين فى الأقطار العربية باتوا أقلّ تأثيرا و إستعمالا لهذا المفهوم لصالح مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية الذى شابته تشويهات لا تحصى. لذلك إنسجاما مع مفاهيم الحركة الماوية العالمية و توضيحا لمفهوم الثورة الديمقراطية الجديدة للرفاق و الرفيقات وللأجيال الجديدة ، نصوغ هذا المقال ونرجو من القرّاء شيئا من رحابة الصدر لطول بعض الإستشهادات التي نراها ضرورية لملامسة مختلف جوانب الموضوع الذى نحن بصدده و للردّ بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الترهات و الخزعبلات و التشويهات التحريفية و الرجعية للماوية.

1 – ديمقراطية أم ديمقراطيات :

لعلّ قول إنّ الديمقراطية ديمقراطيات قد يصدم أصحاب الرؤى المثالية و القوالب الجاهزة بينما فى الواقع طبقيا. فمنذ العبودية وجدت الديمقراطية فكانت ديمقراطية أسياد العبيد و فى نفس الوقت مظهرها الآخر ، دكتاتورية على العبيد المشكّلين للسواد الأعظم للشعب. و بعد ذلك عرفت الإنسانية ديمقراطية / دكتاتورية الإقطاعيين و النبلاء ضد الأقنان و تاليا الديمقراطية/ الدكتاتورية البرجوازية ضد البروليتاريا فى المجتمعات الرأسمالية ( و الرأسمالية الإمبريالية منذ القرن العشرين و بلوغ الرأسمالية مرحلتها العليا الإمبريالية). و بفضل الثورة الإشتراكية بقيادة شيوعية فى روسيا، شهد الإتحاد السوفياتي زمن لينين و ستالين ديمقراطية/ دكتاتورية البروليتاريا كما شهدت الصين الماوية ديمقراطية جديدة/ دكتاتورية الديمقراطية الشعبية إلى أواسط الخمسينات فديمقراطية /دكتاتورية البروليتاريا إلى حدود الإنقلاب التحريفي لسنة 1976 و إعادة تركيز الرأسمالية هناك .(1)

و تعلّمنا الماديّة التاريخية أنّ الطبقة ( أو الطبقات ) الحاكمة تمارس الديمقراطية فى صفوفها و تسمح حتى لمعارضيها من الطبقات الأخرى الذين يقبلون بإطار دولتها و لا يطالبون سوى ببعض الإصلاحات بهوامش من ديمقراطيتها غير أنّها تمارس الدكتاتورية المتستّرة أو المفضوحة ضد أعدائها من الطبقات الأخرى الذين يعملون فى سبيل تحطيم دولتها و الثورة عليها و إيجاد دولة بديلة تحكمها طبقة أو طبقات أخرى تجعل من الطبقة ( الطبقات) السائدة و المهيمنة سابقا طبقة (طبقات) مسودة و مهيمن عليها و عرضة لدكتاتورية الطبقة ( الطبقات) الحاكمة الجديدة. و ليس من المستغرب أيضا أن تلجأ الطبقة أو الطبقات الحاكمة ، فى ظروف معينة من تطوّر الصراع الطبقي،إلى إستعمال العنف و الدكتاتورية حتى ضد فئات من صفوفها إذا ما إقتضت المصالح العامة للطبقة أو الإئتلاف الطبقي الحاكم ذلك كما لا يستغرب أبدا أن تعمد الطبقة أو الطبقات الحاكمة إلى تقديم تنازلات إقتصادية و إجتماعية و سياسية - ديمقراطية برجوازية- إن لزم الأمر فى ظرف تاريخي معيّن من تطوّر الصراع الطبقي محلّيا و عالميّا من أجل المحافظة على حكمها و دولتها لتعود لاحقا إلى الإلتفاف على هذه الإصلاحات البرجوازية كلّما خوّل لها ذلك ميزان القوى الطبقي و مدى تطوّر الصراع الطبقي أو فرضه عليها سير نظامها و مصالحها الآنية و البعيدة المدى.

ومسألة ذات صلة بما نحن بصدده هي مسألة الأقلية والأغلبية.و فى هذا المضمار أكّد التاريخ أنّ ديمقراطيات/دكتاتوريات أسياد العبيد و الملوك و النبلاء و البرجوازيات كانت بلا مراء ديمقراطيات/ دكتاتوريات الأقلّية ضد الأغلبية فالطبقات الحاكمة لم تكن تمثّل إلاّ نسبة مائوية قليلة جدّا من المجتمع. و بالمقابل كانت الديمقراطية الجديدة فى الصين فى المناطق المحرّرة ثمّ فى الصين قاطبة من 1949 إلى أواسط الخمسينات ديمقراطية/دكتاتورية الأغلبية ضد الأقلية ، ديمقراطية/دكتاتورية الطبقات الثورية – الأغلبية بقيادة البروليتاريا وهم من العمّال و أقرب حلفائهم الفلاحين الفقراء ثمّ الفلاحين المتوسطين و البرجوازية الصغيرة المدينية و فئات من البرجوازية الوطنية - ضد الأقلية و هم أعداء الثورة من إمبرياليين و كمبرادور و إقطاع .

و خلال مرحلة بناء الإشتراكية و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا فى الصين منذ أواسط الخمسينات إلى أواسط السبعينات ،عرفت الصين ديمقراطية/ دكتاتورية البروليتاريا المتحالفة مع الفلاحين الفقراء خاصة وهي أيضا ديمقراطية/ دكتاتورية الأغلبية بقيادة البروليتاريا و حزبها الطليعي الماوي آنذاك، الحزب الشيوعي الصين ، ضد الأقليّة من البرجوازية القديمة منها و الجديدة التي تظهر داخل الدولة و الحزب البروليتاريين. و إبّان الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كطريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، تمّكنت جماهير الكادحين بقيادة ماويّة من منع إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين لعقد (فضلا عن مكاسب أخرى ليس هذا مجال تفصيلها) و تكريس ديمقراطيتها و دكتاتوريتها على أوسع نطاق عرفه تاريخ البشرية، فى الأرياف و الحقول و فى المدن و المصانع وفى الحقل الثقافي إلخ و مارست اهمّ حقّ من حقوقها السياسية ألا وهو حقّ التحكّم فى وسائل الإنتاج و الدولة و الحزب القائد للدولة البروليتارية و توجيه المجتمع صوب الشيوعية . و بذلك كانت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التي هزّت الصين و العالم هزّا والتى شرّكت إلى أقصى حدّ الجماهير الشعبية فى الصراع الطبقي من أجل المضيّ قدما فى بناء الإشتراكية فالشيوعية أعلى قمّة بلغتها البروليتاريا العالمية فى تكريسها للديمقراطية/ الدكتاتورية البروليتارية فى سيرها نحو الشيوعية و إلغاء كافة الطبقات و كافة أنواع الإضطهاد و الإستغلال.

و إذن من مغالطات البرجوازية و تضليلاتها الحديث عن ديمقراطية كتعبير مطّاط و بصفة عامة دون ربطها بالطبقة أو الطبقات التي تستفيد منها و الطبقات التي تمارس عليها الدكتاتورية ،المظهر الآخر الملازم لأية ديمقراطية ،كوحدة أضداد أو تناقض.و فى المجتمع الطبقي، من الحقائق الموضوعية أنّه لا وجود لديمقراطية فوق الطبقات أو خارجها وليس هناك طبعا بالنسبة لمن يتبنىّ وجهة النظر البروليتارية للعالم و المنهج المادي الجدلي و المادي التاريخي ديمقراطية للجميع مثلما يدافع عنها أتباع المنطق الشكلاني البرجوازيين لتضليل الجماهير.و فى عالم اليوم ، عالم القرن الواحد و العشرين ، لم تعد هناك (و منذ 1976) أية ديمقراطية/ دكتاتورية بروليتارية بينما تتواصل الديمقراطية /الدكتاتورية البرجوازية الإمبريالية مهيمنة فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية وهي تفرض فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات شكلين أساسيين لدول الإستعمار الجديد حسب تطوّر الصراع الطبقي ؛ شكل ديمقراطية دولة الإستعمار الجديد أو شكل فاشية دولة الإستعمار الجديد. "الديمقراطية هي شكل للدولة ، نوع من أنواعها " ( لينين "الدولة و الثورة " ص106). و نظرة سريعة على ما يحصل فى العالم لعقود تأكّد ذلك بلا أدنى شكّ.

و لا ينبغى أن ننسى أو نتناسى أنّ حتى البرجوازية الإمبريالية عادة ما تعتمد الشكل الديمقراطي للحكم إلاّ أنّها فى فترات معيّنة من إحتداد الصراع الطبقي تلجأ إلى الشكل الفاشي لصيانة دولتها و مصالحها الطبقية و تاريخيا ألمانيا النازية و إيطاليا الفاشية خير أمثلة على ذلك. وقد أخطأ الشيوعيون خطأ فادحا و مميتا فى إيطاليا و فرنسا و غيرها من البلدان حينما ساندوا ديمقراطية الدولة البرجوازية و إكتفوا بالعمل فى إطارها ضد الشكل الفاشي عوض الإطاحة بالدولة البرجوازية الإمبريالية مهما كان شكلها و تركيز دولة بروليتارية /إشتراكية عوضا عنها.
و بما هي شكل من أشكال الدولة فإنّ الديمقراطية آيلة للزوال مع زوال الدولة ذاتها التي تعدّ مرحلة من مراحل تطوّر المجتمع الإنساني و نتاجا تاريخيا له بدايته و نهايته التي تستدعى الخروج من إطار المجتمع البرجوازي و إعادة بنائه على أسس إشتراكية و توسيع و تعميق الديمقراطية البروليتارية و التقدّم نحو الشيوعية التي بحلولها عالميا تضمحلّ الدولة الديمقراطية البروليتارية ذاتها و بالتالى الديمقراطية.

قال لينين فى "الدولة و الثورة " : " الديمقراطية ليست البتّة بحدّ لا يمكن تخطّيه ، فهي ليست غير مرحلة من المراحل فى الطريق من الإقطاعية إلى الرأسمالية و من الرأسمالية إلى الشيوعية" (ص 105) و" إنّ إلغاء الدولة هو إلغاء الديمقراطية أيضا و إنّ إضمحلال الدولة إضمحلال الديمقراطية" ( ص 87) . و عليه من الأكيد و الأكيد للغاية أن نتصدّى للأوهام التحريفية البرجوازية حول الديمقراطية /الدكتاتورية كأحد أهمّ و أوكد المهام فى الصراع الإيديولوجي و السياسي للشيوعية الحقيقية ،الثورية ضد مشوهيها و أعدائها.

2- الديمقراطية القديمة أم الديمقراطية الجديدة :

"إنّ التناقضات المختلفة من حيث طبيعتها لا يمكن أن تحلّ إلاّ بطرق مختلفة طبيعيّا"
( ماو تسى تونغ " فى التناقض")

كانت الثورات الديمقراطية القديمة ضد الإقطاع، قبل القرن العشرين، ثورات برجوازية تفرز دولا رأسمالية برجوازية.أمّا الثورات الديمقراطية الجديدة فتتعارض تمام التعارض مع الديمقراطية القديمة أي مع الديمقراطية البرجوازية الراسمالية-الإمبريالية بمعنى أنّ نتيجة الثورة الديمقراطية الجديدة الحقّة لن تكون دولة ديمقراطية قديمة برجوازية و مجتمع رأسمالي تسوده البرجوازية و إنّما دولة ديمقراطية جديدة ، دولة ديمقراطية شعبية لطبقات ثورية مناهضة للإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية/البيروقراطية و الإقطاع تقودها البروليتاريا و تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.

بهذا المعنى الديمقراطية الجديدة مرحلة إنتقالية من مجتمع المستعمرات الجديدة أو أشباه المستعمرات إلى مجتمع مستقلّ ديمقراطي بقيادة بروليتارية و بتحالف وثيق مع الفلاحين الفقراء كخطوة اولى تليها خطوة ثانية لبناء مجتمع إشتراكي و هذا تيّار من تياّري الثورة البروليتارية العالمية و تياّرها الثاني هو الثورات الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية.
و لشرح الديمقراطية الجديدة كتب ماو عام 1940كتيّبا لم يكن فى منتهى الأهمّية لإنتصار الثورة فى الصين فحسب بل بات ذا مغزى عالمي و أحد أهمّ مساهمات ماو تسى تونغ فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية ، و منه نقتطف لكم الفقرات التالية الطويلة نسبيّا للضرورات التي ألمحنا إليها فى المقدّمة :

--- " فى هذا العصر إذا نشبت فى أي بلد مستعمر أو شبه مستعمر ثورة موجهة ضد الإمبريالية ، أي ضد البرجوازية العالمية و الرأسمالية العالمية، فهي لا تنتسب إلى الثورة الديمقراطية البرجوازية العالمية بمفهومها القديم ،بل تنتسب إلى مفهوم جديد، و لا تعدّ جزءا من الثورة العالمية القديمة البرجوازية و الرأسمالية ، بل تعدّ جزءا من الثورة العالمية الجديدة، أي جزءا من الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية. و إنّ مثل هذه المستعمرات و شبه المستعمرات الثورية لم تعد تعتبر فى عداد حليفات الجبهة الرأسمالية العالمية المضادة للثورة ، بل أصبحت حليفات للجبهة الإشتراكية العالمية الثورية." ( من فقرة "الثورة الصينية جزء من الثورة العالمية").

--- " إن الجمهورية الديمقراطية الجديدة تختلف عن الجمهورية الرأسمالية من النمط الأوربي الأمريكي القديم والخاضعة لديكتاتورية البرجوازية ، إذ أن هذه الأخيرة هي جمهورية الديمقراطية القديمة التي قد فات أوانها ، و من جهة أخرى فإنها تختلف أيضا عن الجمهورية الإشتراكية من النمط السوفياتي والخاضعة لديكتاتورية البروليتاريا ،فإن مثل هذه الجمهورية الاشتراكية تزدهر في ارض الاتحاد السوفياتي وسوف تعمم في جميع البلدان الراسمالية ، وأكيد أنها ستصبح الشكل السائد لتركيب الدولة والسلطة السياسية في جميع البلدان المتقدمة صناعيا . ولكن مثل هذه الجمهورية ، خلال فترة تاريخية معينة لا تصلح للثورات في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة ، ولذا فلا بد أن يتبنى خلال تلك الفترة التاريخية المعينة شكل ثالث للدولة في ثورات جميع البلدان المستعمرة والشبه المستعمرة . ألا و هو جمهورية الديمقراطية الجديدة . وبما أن هذا الشكل مناسب خلال فترة تاريخية معينة ، فهو شكل انتقالي ، ولكنه ضروري لا بديل له."(من فقرة " سياسة الديمقراطية الجديدة ").

--- " ان الجمهورية التي يجب إقامتها ...لا بد أن تكون جمهورية للديمقراطية الجديدة سياسيا واقتصاديا على حد سواء . ستكون المصاريف الكبرى والمشاريع الصناعية والكبرى ملكا للجمهورية " إن كافة المشاريع أكانت صينية أم أجنبية والتي تحمل طابعا احتكاريا أو هي أكبر من أن يديرها الأفراد، مثل المصارف والسكك الحديدية والخطوط الجوية يجب ان تشرف عليها الدولة وتديرها ، حتى لا يستطيع الرأسمال الخاص أن يسيطر على وسائل معيشة الشعب ، هذا هو المبدأ الرئيسي لتحديد الرأسمال " ...ففي الجمهورية الديمقراطية الجديدة الخاضعة لقيادة البروليتاريا سيكون القطاع العام ذا طبيعة اشتراكية ، وهو يشكل القوة القائدة في مجموع الاقتصاد القومي بيد ان هذه الجمهورية لا تصادر الأملاك الرأسمالية الخاصة الأخرى ، ولا تحظر تطور الإنتاج الرأسمالي الذي " لا يسطر على وسائل معيشة الشعب " وذلك لأن اقتصاد الصين لا يبرح متخلفا جدا .

وستتخذ هذه الجمهورية بعض التدابير اللازمة من أجل مصادرة أراضي ملاك الأراضي وتوزيعها على الفلاحين الذين لا يملكون أرضا أو يملكون قطعا صغيرة ، تطبق بذلك شعار ... القائل " الأرض لمن يفلحها " وتلغى العلاقات الإقطاعية في المناطق الريفية ، وتحيل ملكية الأرض إلى الفلاحين . أما اقتصاد الفلاحين الأغنياء في المناطق الريفية فوجوده مسموح به . تلك هي سياسة تحقيق المساواة في ملكية الأرض و شعار " الأرض لمن يفلحها " هو الشعار الصحيح الذي يترجم تلك السياسة. وفي هذه المرحلة لن نسعى على العموم الى إقامة الزراعة الاشتراكية . بيد ان أنوعا مختلفة من الاقتصاديات التعاونية التي تكون قد تطورت على أساس " الأرض لمن يفلحها " سوف تحتوي على عناصر اشتراكية" ( من فقرة " إقتصاد الديمقراطية الجديدة ").

---" أمّا الثقافة الجديدة فهي إنعكاس إيديولوجي للسياسة الجديدة و الإقتصاد الجديد وهي كذلك فى خدمتها." ( من فقرة : ثقافة الديمقراطية الجديدة.) " إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه ثقافة وطنية تعارض الإضطهاد الإمبريالي و تنادي بالمحافظة على كرامة الأمة ... و إستقلالها. هذه الثقافة تخصّ أمتنا ، و تحمل خصائصها الوطنية. و يجب عليها أن ترتبط بالثقافة الإشتراكية و ثقافة الديمقراطية الجديدة لسائر الأمم ، بحيث تتشرّب من بعضها البعض و تتبادل المساعدة لتتطوّر سويّا فى سبيل تشكيل ثقافة جديدة للعالم ...إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه ثقافة علمية تعارض سائر الأفكار الإقطاعية و الخرافية و تنادي بالبحث عن الحقيقة من الوقائع، و بالإلتزام بالحقيقة الموضوعية ، كما تنادى بالوحدة بين النظرية و الممارسة العملية... إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه هي ثقافة جماهيرية وهي بالتالى ديمقراطية . و ينبغى لها أن تخدم الجماهير الكادحة من العمّال و الفلاحين الذين يشكّلون أكثر من 90% من سكّان بلادنا ، و أن تصبح بصورة تدريجية ثقافتهم الخاصّة." ( من فقرة " ثقافة وطنية علمية جماهيرية ").

و عليه ، واهمون هم أولئك الذين يتصوّرون إمكانية وجود مجتمع رأسمالي ديمقراطي برجوازي على غرار ما يوجد فى أوروبا ، فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات فى حين أنّ هذه الإمكانية منعدمة تاريخيا وواقعيّا. و القوى القومية و "اليسارية" المرتكبة لإنحراف قومجي ، الداعية للتحرّر الوطني رئيسيا و المتناسية للطابع الديمقراطي أو المقلّصة من أهمّيته مشدّدة على مواجهة العدوّ الإمبريالي غاضة الطرف عن البرجوازية الكمبرادورية/البيروقراطية ( و متحالفين معها أحيانا ) و الإقطاع على خطإ واضح و جلي ؛ و القوى "اليسارية" التي تشدّد التشديد كلّه على الطابع الديمقراطي بمعنى الحرّيات السياسية حصريا تقريبا مخطئة هي الأخرى لتقليصها لمضمون الثورة التي تتطلبها المرحلة فى المستعمرات الجديدة وأشباه المستعمرات و طبيعتها و إستهتارها بالجبال الرواسي الثلاثة ألا وهي الإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية و الإقطاع.

3- الديمقراطية الجديدة تطوير لعلم الثورة البروليتارية العالمية أم تحريف له :

رغم محاولات الحركة الشيوعية العالمية و الأممية الشيوعية بقيادة البلاشفة الذين كانوا على رأس جماهير الشعب فى إنجاز ثورة أكتوبر المجيدة ،أن تطوّر خطّا متكاملا للثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات ،فإنّ لينين أقرّ بمحدودية تلك الجهود و بالحاجة الأكيدة لتطوير طرق جديدة و عدم إتباع طريق أكتوبر.و قد صرّح فى تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق فى 22 نوفمبر 1919 ، بالآتى :

" أنتم تمثلون منظمات شيوعية و أحزابا شيوعية تنتسب لمختلف شعوب الشرق . و ينبغى لى أن أقول إنه إذا كان قد تيسر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، إذا كان قد تيسر لهم القيام بمهمة فى منتهى العسر وإن تكن فى منتهى النبل هي مهمة إحداث طرق جديدة للثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمة أعظم و أكثر جدة ...

و فى هذا الحقل تواجهكم مهمة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كله من قبل : ينبغى لكم أن تستندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى . وهذه مهمة عسيرة ذات طابع خاص ، غير أنها مهمة تعطى أطيب الثمرات ، إذ تجذب إلى النضال تلك الجماهير التى لم يسبق لها أن إشتركت فى النضال ، و تتيح لكم من الجهة الأخرى الإرتباط أوثق إرتباط بالأممية الثالثة بفضل تنظيم الخلايا الشيوعية فى الشرق ... هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى أي كتاب من كتب الشيوعية ، و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا . لا بد لكم من وضع هذه القضية و من حلها بخبرتكم الخاصة ..."

و بفضل التجارب العملية و النظرية، السلبية منها و الإيجابية، المراكمة وإستجابة لمتطلبات واقع المستعمرات الجديدة و اشباه المستعمرات ،طوّر ماوتسى تونغ ضمن مساهماته العديدة فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية و الماركسية فى مكوناتها الثلاثة ، طرقا جديدة للثورة بداية مع ثورة الديمقراطية الجديدة ثم الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.

و إثر وفاة القائد البروليتاري الصيني العظيم و إنقلاب التحريفيين فى الصين معيدين تركيز الرأسمالية هناك ، نظّم هجوم سافر على ماو تسى تونغ و مساهماته التى أثبت التاريخ صحّتها ، من طرف الإمبريالية العالمية و الرجعية و التحريفيين الصينيين و كذلك الخوجيين عبر العالم .و إنبري الشيوعيون الثوريون الماويون حقّا للدفاع عن إرث ماو تسى تونغ الذى هو إرث البروليتاريا الثورية العالمية و خاضوا جملة من الصراعات على شتى الأصعدة أدّت ضمن ما أدّت إليه إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية سنة 1984 من عدّة أحزاب و منظمات من جميع قارات الكوكب أصدرت بيانا عالميا فى تلك السنة منه نقتطف لكم بضعة فقرات متصلة بالموضوع الذى نحن بصدده وبدروس متعلّقة بهذا النوع من الثورات:

" و لا تزال النظرية التى بلورها ماو تسى تونغ خلال السنوات الطويلة للحرب الثورية فى الصين تمثل المرجع الأساسي لصياغة الإستراتيجيا و التكتيك الثوريين فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة أو المستعمرات الجديدة . فى هذه البلدان تمثل الإمبريالية الأجنبية و كذلك البرجوازية البيروقراطية "والكمبرادورية " و الإقطاعيون- بإعتبار الطبقتين الأخيرتين طبقات تابعة و مرتبطة بقوة بالإمبريالية- مرمى الثورة (هدفها ) . و تعبر الثورة فى هذه البلدان مرحلتين : ثورة أولى هي الثورة الديمقراطية الجديدة التى تؤدي مباشرة فيما بعد إلى ثورة ثانية هي الثورة الإشتراكية . و طبيعة و هدف و مهام المرحلة الأولى من الثورة تخوّل للبروليتاريا وتقتضى منها إقامة جبهة واسعة متحدة تجمع كل الطبقات و الشرائح الإجتماعية التي يمكن كسبها لمساندة برنامج الديمقراطية الجديدة .و مع ذلك ، فإن البروليتاريا تسعى إلى بناء هذه الجبهة المتحدة بما يتفق مع مبدأ تطوير و دعم قواها الذاتية المستقلة وهو ما يستتبع مثلا أنه على البروليتاريا أن تكون لها قواتها المسلحة الخاصة متى حتمت الظروف ذلك و أنه عليها أن تفرض دورها القيادي تجاه قطاعات الجماهير الثورية خاصة تجاه الفلاحين الفقراء. و يتخذ هذا التحالف كمحور أساسي له تحالف العمال مع الفلاحين كما يجب أن تحتل الثورة الزراعية (أي النضال ضد الإستغلال شبه الإقطاعي فى الريف و /أو شعار " الأرض لمن يفلحها") مكانة مركزية فى برنامج الديمقراطية الجديدة ...

و من أجل تتويج ثورة الديمقراطية الجديدة، يترتب على البروليتاريا أن تحافظ على دورها المستقل و أن تكون قادرة على فرض دورها القائد فى النضال الثوري وهو ما تقوم به عن طريق حزبها الماركسي -اللينيني-الماوي . و قد بينت التجربة التاريخية مرارا و تكرارا أنه حتى إذا ما إشتركت فئة من البرجوازية الوطنية فى الحركة الثورية فإنها لا تريد (ولا تستطيع ) قيادة ثورة الديمقراطية الجديدة و من البداهة إذا ألآ توصلها إلى نهايتها. كما بينت التجربة التاريخية أن "جبهة معادية للإمبريالية " (أو "جبهة ثورية " أخرى من هذا القبيل ) لا يقودها حزب ماركسي-لينيني–ماوي لا تؤدى إلى نتيجة حتى إذا ما كانت هذه الجبهة ( أو بعض القوى المكوّنة لها ) تتبنى خطا "ماركسيا" معينا أو بالأحرى ماركسيا كاذبا . و بالرغم من أن هذه التشكيلات الثورية قد قادت أحيانا معاركا بطولية بل و سدّدت ضربات قوية للإمبريالية ، فإنها أظهرت أنها عاجزة على المستوى الإيديولوجي و التنظيمي ،عن الصمود أمام التأثيرات الإمبريالية و البرجوازية. و حتى فى الأماكن التى تمكّنت فيها هذه العناصر من إفتكاك السلطة، فإنها بقيت عاجزة عن تحقيق تغيير ثوري كامل للمجتمع فإنتهت جميعا ،إن عاجلا أم آجلا ، بأن قلبتها الإمبريالية أو أن تحولت هي نفسها إلى نظام رجعي جديد يعمل اليد فى اليد مع الإمبرياليين .

و يمكن للحزب الشيوعي فى الوضعيات التى تمارس فيها الطبقات المسيطرة ديكتاتورية عنيفة أو فاشية أن يستغل التناقضات التى يخلقها هذا الوضع بما يدعم الثورة الديمقراطية الجديدة و أن يعقد إتفاقات أو تحالفات مؤقتة مع عناصر من طبقات أخرى . و لكن هذه المبادرات لا يمكن لها أن تنجح إلا إذا واصل الحزب المحافظة على دوره القيادي و إستعمل هذه التحالفات فى النطاق المحدّد بمهمته الشاملة و الرئيسية و المتمثلة فى إنجاح الثورة ، دون أن يحوّل النضال ضد الديكتاتورية إلى مرحلة إستراتيجية للثورة بما أن محتوى النضال المعادي للفاشية ليس إلا محتوى الثورة الديمقراطية الجديدة .

ويتعين على الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي لا فقط أن يسلّح البروليتاريا و الجماهير الثورية بوسائل فهم طبيعة المهمّة الموكولة للإنجاز مباشرة (إنجاح الثورة الديمقراطية الجديدة ) و الدور و المصالح المتناقضة لممثلى مختلف الطبقات (الصديقة أو العدوّة ) و لكن أيضا أن يفهمهم ضرورة تحضير الإنتقال إلى الثورة الإشتراكية وواقع أن الهدف النهائي يجب أن يكون الوصول إلى الشيوعية على مستوى العالم .

ينطلق الماركسيون –اللينينيون- الماويون من مبدإ أن على الحزب أن يقود الحرب الثورية بما يجعلها حرب جماهير حقيقية . و يجب عليهم حتى خلال الظروف العسيرة التى تفرضها الحرب أن يعملوا على تربية واسعة للجماهير و مساعدتها على بلوغ مستوى أرقى نظريا و إيديولوجيا و من أجل ذلك يتوجب تأمين نشر و تطوير صحافة شيوعية منتظمة الصدور و العمل على أن تدخل الثورة الميادين الثقافية .

فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ( أو المستعمرات الجديدة )، تمثّل الإنحراف الرئيسي فى الفترة الأخيرة (و لا تزال) فى الميل إلى عدم الإعتراف أو إنكار هذا التوجه الأساسي للحركة الثورية فى مثل هذه البلدان : الميل إلى إنكار الدور القيادي للبروليتاريا و للحزب الماركسي -اللينيني- الماوي و إلى رفض أو تشويش إنتهازي لنظرية حرب الشعب و إلى التخلى عن بناء جبهة متحدة على أساس تحالف العمال و الفلاحين تقودها البروليتاريا .

و قد تجلى هذا الإنحراف التحريفي فى الماضي فى شكل "يساري " أو فى شكل يميني مفضوح . و لطالما نادى التحريفيون الجدد ب " الإنتقال السلمي للإشتراكية " (و خصوصا إلى حدود الماضى القريب ) و سعوا إلى دعم القيادة البرجوازية فى نضالات التحرر الوطني و لكن هذه التحريفية اليمينية التى لا تخفى سياستها الإستسلامية ، كانت دائما ما تجد صداها فى شكل آخر للتحريفية تتقاطع معها اليوم أكثر فأكثر : نوع من التحريفية المسلحة " اليسارية " تدعو لها فيمن يدعو لها ، من حين لآخر القيادة الكوبية و تؤدى إلى سحب الجماهير بعيدا عن النضال المسلح و التى تدافع عن فكرة دمج كل مراحل الثورة و عدم القيام إلا بثورة واحدة، ثورة إشتراكية مزعومة. و تؤدى هذه السياسة عمليا إلى محاولة دفع البروليتاريا إلى أفق محدود جدا و إلى إنكار واقع أن على الطبقة العاملة أن تقود الفلاحين و قوى أخرى وأن تسعى بذلك إلى تصفية كاملة للإمبريالية و للعلاقات الإقتصادية و الإجتماعية المتخلفة و المشوّهة التى يتمّعش منها رأس المال الأجنبي و التى يجتهد فى تدعيمها . و يمثل هذا الشكل من التحريفية اليوم واحدة من الوسائل الرئيسية التى يستعملها الإمبرياليون الإشتراكيون للإندساس فى نضالات التحرر الوطني و مراقبتها .

ويجب على الماركسيين-اللينينيين -الماويين ، حتى يمكّنوا تطور الحركة الثورية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) من إتخاذ توجه صحيح ، أن يواصلوا تكثيف النضال ضد كلّ أشكال التحريفية و الدفاع عن مساهمات ماو بإعتبارها أساسا نظريا ضروريا من أجل تحليل عميق للظروف الملموسة و بلورة خط سياسي مناسب فى مختلف البلدان من هذا النوع . ( من فقرة " المهام فى المستعمرات و أشباه المستعمرات ( أو المستعمرات الجديدة ) ")
و عقب أقلّ من عقد من النضال النظري و العملي و تطوير منظّمات و أحزاب و حرب الشعب فى عدّة بلدان لا سيما فى البيرو فى ثمانينات القرن العشرين ، خطت الحركة الأممية الثورية خطوة نوعية أخرى بتبنّيها للماركسية-اللينينية-الماوية و إعتبارها الماوية مرحلة ثالثة جديدة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية .وهي تفسّر مساهمات ماو تسى تونغ فى "لتحي الماركسية- اللينينية- الماوية " سنة 1993 خطّت الأسطر التالية بشأن الثورة الديمقراطية الجديدة :

" و تمكّن ماوتسي تونغ من حلّ مسألة كيفية إنجاز الثورة في بلد تهيمن عليه الإمبريالية . فالطريق الأساسي الذي رسمه للثـورة الصينيــــــة يمثــــل مساهمة لا تقدر بثمن فى نظرية وممارسة الثورة وهي مرشد لتحرير الشعوب التى تضطهدها الإمبريالية. و هذا الطريق يعنى حرب الشعب و محاصرة الأرياف للمدن ويقوم على الكفــــــاح المسلح كشكل أساسي للنضــال وعلى الجيش الذى يقوده الحزب كشكل أساسي لتنظيم الجماهير وإستنهاض الفلاحين وخاصة الفقراء منهم و على الإصلاح الزراعي و بناء جبهة موحدة بقيادة الحزب الشيوعي وذلك قصد القيــام بثـورة الديمقراطية الجديدة ضد الامبريالية والإقطاع والبرجوازية البيروقراطيــــــة و تركيز ديكتاتورية الطبقات الثورية تحت قيادة البروليتاريا كتمهيـــد ضروري للثورة الإشتراكية التي يجب أن تتلو مباشرة إنتصار المرحلة الاولى من الثـورة . وقدم ماو الأطروحة المتمثلة في " الأسلحة السحرية الثلاثة " : الحزب والجيش والجبهة المتحدة " كأدوات لا بد منها لإنجاز الثــــورة فى كل بلـــــد طبقا للظروف و طريق الثورة الخاصين . "

و بناء على ما تقدّم نستشفّ أنّ الديمقراطية الجديدة ليست تحريفا و تشويها لعلم الثورة البروليتارية العالمية و إنّما هي تطوير خلاّق قائم على دراسات وتجارب عملية فى الصين طوال عقود من الحرب الأهلية و على حقيقة أثبت تاريخ الصراع الطبقي فى الصين و غيرها من البلدان صحّها و انّ مدعي إتباع طريق أكتوبر – الإنتفاضة المسلحة المتبوعة بحرب أهلية و ليس حرب الشعب و محاصرة الريف للمدن- يطرحون طريقا خاطئا لن يقدر الشعب إذا ما إنتهجه أن يحقّق التحرّر الديمقراطي الجديد و التمهيد للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية و فى تحالف مع التيار الآخر للثورات البروليتارية ، تيار الثورات الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية –الإمبريالية. و كلّ القوى الشرعوية و الإصلاحية "الديمقراطية " من الطراز القديم التي تسعى إلى العمل فى إطار دولة الإستعمار الجديد لن تستطيع أبدا ان تنجز الثورة الديمقراطية الجديدة التي تستدعى القضاء على هذه الدولة لبناء دولة الديمقراطية الجديدة عوضا عنها و على أنقاضها.

4 - الثورة الديمقراطية الجديدة / الثورة الوطنية الديمقراطية :

فى خضمّ الجدال الكبير للحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ ضد التحريفية المعاصرة منذ الخمسينات و خاصة الستينات ، صاغ الرفاق الماويون الصينيون وثيقة تاريخية مثّلت حجر الزاوية فى القطع النظري و العملي مع التحريفية المعاصرة السوفياتية منها و اليوغسلافية و الفرنسية و الإيطالية ...و فى بناء الحركة الماركسية-اللينينية العالمية و نقصد "إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية" بتاريخ يونيو/ حزيران عام 1963( دار النشر بالغات الأجنبية ، بيكين 1963) .

فى تناقض مع الأطروحات التحريفية المعاصرة و للتشديد على التناقضين الأساسيين الذين على حركة التحرّر الوطني بقيادة شيوعية معالجتهما ، كتب الرفاق الماويون الصينيون ضمن النقطة 8 :

- " إنّ مناطق آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية الواسعة هي المناطق التي تتجمّع فيها مختلف أنواع التناقضات فى العالم المعاصر، و الإستعمار أضعف ما يكون سيطرة فى هذه المناطق ، وهي مراكز عواصف الثورة العالمية التي تسدّد الآن الضربات المباشرة إلى الإستعمار.
إنّ الحركة الوطنية الديمقراطية الثورية فى هذه المناطق و حركة الثورة الإشتراكية العالمية هما التياران التاريخيان العظيمان فى عهدنا الحاضر. إنّ الثورة الوطنية الديمقراطية فى هذه المناطق هي جزء هام من الثورة البروليتارية العالمية المعاصرة. " ( ص 14)

وشرحوا مهام الأحزاب البروليتارية وحذّروها من مغبّة السقوط فى خطإ التذيّل لقوى برجوازية أو إقطاعية فى النقطة 9 :
" و إذا أصبحت البروليتاريا ذيلا للإقطاعيين و البرجوازيين فى الثورة ، فإنه لا يمكن أن يحقّق نصر حقيقي كامل للثورة الوطنية الديمقراطية بل و حتى إذا تحقّق نوع من النصر فإنّه من غير الممكن أيضا أن يوطّد ذلك النصر. و فى مجرى النضالات الثورية التي تخوضها الأمم و الشعوب المضطهَدَة يجب على الحزب البروليتاري أن يضع برنامجه الخاص به الذى هو كلّيا ضد الإستعمار و الرجعية المحلّية و من أجل الإستقلال الوطني والديمقراطية الشعبية، و عليه أن يعمل مستقلاّ بين الجماهير و يوسّع بلا إنقطاع القوى التقدّمية و يكسب القوى الوسطى و يعزل القوى الرجعية؛و بذلك فقط يمكنه ان يسير بالثورة الوطنية الديمقراطية إلى النهاية و يوجه الثورة إلى طريق الإشتراكية."( ص 20)

و هكذا ماويا الثورة الوطنية الديمقراطية التي طرحت فى "الإقتراح..." صياغة مساوية و متماهية مع الثورة الديمقراطية الجديدة ، موجهة سياسيا إلى الحركة الشيوعية العالمية بكلمات مشدّدة على المهام الأساسية و الصراع ضد الأطروحات التحريفية المعاصرة. و قد تبنّت عديد الأحزاب و المنظّمات الماركسية-اللينينية عبر العالم حينها و فى لاحق الأيام هذا المفهوم ، مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية.

وفى تونس مثلا ، أكّد عليه أنصار الحركة الماركسية-اللينينية بقيادة ماو تسى تونغ فى تناقض مع الأطروحات التروتسكية و التروتسكية الجديدة القائلة بطبيعة المجتم الرأسمالية وبالثورة الإشتراكية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات، إلى درجة أن البعض بات فى السبعينات و الثمانينات من القرن العشرين يطلقون خطأ على أنفسهم إسم طبيعة الثورة المنشودة فى بلد شبه مستعمر شبه مستعمر ( الوطنيون الديمقراطيون بتلويناتهم العديدة) . و فى المغرب أيضا تبنّت الحركة الماركسية-اللينينية ، لا سيما "إلى الأمام"، أفكار ماو تسى تونغ ومفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية و طبيعة المجتمع شبه المستعمر شبه الإقطاعي ( أنظروا: دفاعا عن التاريخ -موقع فكر ماو تسي تونغ في تجربة الحملم بالمغرب - طريق الثورة - ).

و فى أواخر الستينات و إثر إعادة تشكيله و قطعه مع التحريفية المعاصرة إستجابة لدعوة "‘إقتراح..." والحزب الشيوعي الصيني على رأس الحركة الماركسية-اللينينية العالمية لأن يتمايز الشيوعيون الثوريون على كافة الأصعدة مع هذه التحريفية ، إنطلق الحزب الشيوعي الفليبيني بعد إعادة تشكّله فى حرب الشعب و بنى الجيش الشعبي الجديد كما شيّد الجبهة الوطنية الديمقراطية الشهيرة عالميّا .و ما إنفكّت هذه "الأسلحة السحرية الثلاثة" تناضل إلى يومنا هذا من أجل إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية... و على من يرنو دراسة دقيقة و تفحّص عن كثب لأمثلة خاصة و ذات خصوصيات لبرامج الماويين فى الثورة الديمقراطية الجديدة فعليه البحث فى الأنترنت- مواقع الأحزاب التي نذكر- عن مثلا برنامج الحزب الشيوعي الفيليبيني و برنامج الحزب الشيوعي الهندي (الماوي) و برنامج الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي-اللينيني-الماوي) إلخ.

و تأسيسا على ما مرّ بنا و نظرا للتشويهات التي طالت مفهوم "الثورة الوطنية الديمقراطية "( من تذيّل للقوى القومية و الأصولية ؛ إلى الشرعوية و النقابوية /الإقتصادوية و الإنتفاضوية إلخ) و إنسجاما مع المفاهيم الماوية المتداولة عالميّا على الشيوعيين الماويين بذل قصارى الجهود النظرية و العملية لإزالة الغبار من على المضمون الأصلي و الحقيقي لهذا المفهوم و ربطه بالديمقراطية الجديدة فى إتجاه ترسيخ مفهوم الثورة الديمقراطية الجديدة و نقترح أن نستعمل من هنا فصاعدا صيغة الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية للتمايز مع الأطروحات و المفاهيم غير الماوية .

5 – طريق الثورة الديمقراطية الجديدة : حرب الشعب أم الإنتفاضة المسلّحة :

إذا تجاوزنا الحديث عن التحريفيين الكلاسيكيين الذين يدعون إلى الإنتقال السلمي و بالتالى البرلمانية ،و الإصلاحيين من كلّ رهط الذين لا يسعون إلاّ إلى إصلاحات فى إطار دولة الإستعمار الجديد ، دولة الكمبرادور و الإقطاع المتحالفين مع الإمبريالية ، فإنّ ما يسترعي الإنتباه هنا هما تياران إثنان خطيران على البروليتاريا و قيادتها الشعب لتحقيق الثورة الديمقراطية الجديدة : التيّار الخوجي و التحريفية المسلّحة.

فى تنكّر لتاريخ الثورة الألبانية التى تحقّقت بفضل حرب الشعب و محاصرة الريف للمدينة ( أنظروا "حرب التحرير فى ألبانيا " لمحمّد شيخو، دار الطليعة ، لبنان) و إنقلاب على المواقف المساندة و المتبنّية و المثمّنة للخطّ الماوي طوال الستينات و النصف الأوّل من السبعينات ، نظّم أنور خوجا ، أواخر السبعينات ( فى "الإمبريالية و الثورة ") هجوما مسعورا لا مبدئيا و دغمائيا تحريفيا ضد الماوية و ممّا أدار له ظهره طريق الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات مدافعا من جهة عن "طريق أكتوبر" أي الإنتفاضة فى المدن الكبرى المتبوعة بحرب أهلية لإفتكاك السلطة و الزحف من المدن إلى الأرياف و مدينا من جهة أخرى طريق الثورة الصينية أي طريق حرب الشعب طويلة الأمد. وهو بذلك ينكر التاريخ الألباني و الصيني و الفتنامي و الكوري ... و الواقع العياني حينها حيث كانت قوى ماوية عديدة تواصل حرب الشعب التى إنطلقت فيها منذ سنوات ،فى تركيا و الهند و الفيليبين ...

و قد أثبت تاريخ الصراع الطبقي أنّ طريق حرب الشعب الماوية هو الطريق السليم و الصحيح الذى مكّن الشعب الصيني بقيادة بروليتارية ماوية من الظفر فى الثورة الديمقراطية الجديدة شأنه فى ذلك شأن الفيتنام لاحقا كما أثبت أنّ ما من بلد شهد مطلقا إنتصار ثورة الديمقراطية الجديدة التى شوّهها أنور خوجا مستعملا مفاهيم أخرى تحريفية برجوازية ،عن طريق الإنتفاضة فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات و ذلك لأنّه طريق خاطئ أصلا لا يميّز بين البلدان الرأسمالية-الإمبريالية و البلدان المستعمرة أو شبه المستعمرة شبه الإقطاعية و بالتالى لا يميّز مثله مثل التروتسكيين بين تياري الثورة البروليتارية العالمية كما حدّدهما لينين. و أثبت تاريخ الصراع الطبقي للقرنين العشرين و الواحد و العشرين أنّ الخطّ الماوي هو الخطّ الصائب و القادر على تحقيق الظفر للبروليتاريا و الشعوب التوّاقة للتحرّر الديمقراطي الجديد و الإشتراكي و أنّ الخطوط الأخرى بشتّى تلويناتها فشلت فى ذلك و لا تستطيع بحكم خطإ خطّها إلاّ أن تفشل. و الأنكى هو أنّ الحركات و الأحزاب التى تجاهلت التعاليم الماركسية-اللينينية –الماوية بهذا الصدد تعرّضت لمذابح و نكسات لم تقدر على تجاوزها لعقود و يكفينا هنا التذكير بما حصل فى أندونيسيا و الشيلي كأمثلة لا أشهر منها.

و يشهد تاريخ الثورة الصينية انّ خطّ وانغ مينغ – الإنتفاضة فى المدن الكبرى و إفتكاك السلطة فيها أوّلا – لم يؤدّ إلى خسائر جسيمة فحسب بل أيضا إلى كوارث كادت تسحق الثورة سحقا لولا المسيرة الكبرى وإنتصار الخطّ الماوي فى قيادة الحزب منذ 1935 . و نجم عن الخطّ الماوي الصحيح تعزيز قوى الثورة و تمكّنها من الإنتصار على أعدائها عبر البلاد بأسرها ( بإستثناء هونكونغ) سنة 1949 و مكّن الفيتنام و كوريا من إلحاق الهزيمة بالأمريكان( هذا دون الحديث عن حرب التحرير بألبانيا ) .

و الأحزاب الماوية التى إنطلقت فى حرب الشعب الطويلة الأمد كطريق للثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات الجديدة و اشباه المستعمرات منذ الستينات – الهند و الفيليبين- و السبعينات- تركيا – و الثمانيات –البيرو- و التسعينات – النيبال- خوّل لها الخطّ الماوي الصحيح تعزيز قوّتها و التقدّم بالثورة غير أنّ إغتيال قادتها أو سجنهم و إرتكاب أخطاء و إنحرافات عن الجوهر الثوري الحقيقي للماوية جعلها فى فترات معيّنة تفقد الكثير من قوّتها و زخم الثورة . و مع ذلك تلك القوى التى لا تزال ماوية رئيسيا قولا و فعلا لم تسحق وهي مع تصحيحها للأخطاء تعود بقوّة لقيادة تقدّم الثورة مثلما هو الحال راهنا فى الفيليبين و الهند .

أمّا التحريفية المسلّحة فى نسختيها الغيفارية و الجبهوية / الإنتفاضية ( على غرار الجبهة السندينية و خطّ فيالوبوس الذى أسقطه الثوريون الماويون داخل الحزب الشيوعي الفليبيني و خطوط مماثلة فى السلفادور و كولمبيا ...) فإنّها تسعى إلى تحقيق إنتصار يعدّونه سريعا و تقاسما للسلطة مع فئات من الطبقات الحاكمة لدولة الإستعمار الجديد بعيدا عن تحطيمها و تشييد دولة الديمقراطية الشعبية و تمهيد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.وهي إن لجأت إلى الكفاح المسلّح فكتكتيك مكمّل للبرلمانية أو لتفرض على فئات من حاكمة فى الدولة المفاوضات و الحلّ الذى ينعتونه بالسياسي و ليس كحرب شعب طويلة الأمد ماوية لإستنهاض الجماهير الشعبية و بناء سلطة حمراء و أجهزة دولة جديدة فى مناطق الإرتكاز بالريف للزحف شيئا فشيئا على المدن و الدولة القديمة و تحطيمها كلّيا جيشا و شرطة و بيروقراطية/ دواوينية كي تمارس الجماهير الشعبية و الطبقات الثورية بقيادة البروليتاريا ديمقراطية صلب الشعب و دكتاتورية ضد الأعداء من إمبرياليين و برجوازية كمبرادورية/ بيروقراطية وإقطاعيين؛ و تعبّد الدولة الجديدة الطريق للثورة الإشتراكية على كافة الأصعدة. و لأنّ المجال لا يسمح بالخوض فى تفاصيل خطّ من هذا القبيل، نحيلكم على دراسة وثائق ماوية منها "غيفارا ، دوبريه و التحريفية المسلّحة" لماويين أمريكان –متوفّر بموقع الفكر الممنوع بالأنجليزية- و وثيقة نشرها ماويون من الهند بمجلّة "عالم نربحه" عن الإقتصادوية المسلّحة ووثيقة أخرى نشرها ماويون من كولمبيا فى ذات المجلّة عن حرب الشعب و الإستراتيجيا الإنتفاضية فضلا عن وثائق حملة التصحيح للحزب الشيوعي الفليبيني.

ودون التوسّع أكثرفى الموضوع، من المهمّ هنا أن نشير إلى أنّ الطريق الإنتفاضى الخوجي يلقى صداه فى تونس عن وعي و تنظير مفضوح أو متستّر او عن غير وعي لدى مجموعات تطلق على نفسها نعت الوطنية الديمقراطية إضافة إلى حزب العمّال الشيوعي التونسي الذى تبنّى الخوجية و دافع عنها صراحة منذ نشأته و هو عالميّا منخرط فى منظمة الأحزاب و المنظمات الخوجية . و فى هذه المدّة الأخيرة يبثّ أصحاب الطريق الإنتفاضي الخوجي و الإصلاحيين الإنتهازيين الآخرين الأوهام البرجوازية حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس معتبرينها ثورة فى حين أنّ ما حقّقته و قد تحقّقه لا يتجاوز الإصلاحات البرجوازية ( تنازلات إقتصادية و سياسية و إجتماعية طفيفة قابلة للإتفاف عليها فى أقرب الفرص السامحة لأعداء الشعب بذلك ) فرضتها النضالات الشعبية التى لا تمسّ من جوهر دولة الإستعمار الجديد و جيشها و نمط إنتاجها و الطبقات التى هي تمثّلها وتخدمها (2). و عربياّ تجسّد الجبهات الفلسطينية ، و منها بالخصوص الديمقراطية و الشعبية النزعة التحريفية المسلّحة ، علما أنّ هتين الجبهتين كانتا تعدّان الإتحاد السوفياتي الإمبريالي الإشتراكي صديقا للشعوب و كانتا تنسّقان معه المواقف و هما لعقود تقدّمان التنازلات تلو التنازلات إلى درجة أضرّت بقضية التحرّر الوطني الديمقراطي الفلسطينية حتى لا نستعمل كلمات أخرى.

و بإختصار نستخلص من تاريخ الصراع الطبقي للبروليتاريا العالمية أنّ طريق حرب الشعب الطويلة الأمد الماوية هو الطريق الثوري الوحيد فى المستعمرات و أشباه المستعمرات للقضاء على الجبال الرواسي الثلاثة ،الإمبريالية و البرجواية الكمبرادورية/البيروقراطية و الإقطاع وهو طريق أهمّ ما يقتضيه محوريا و مركزيّا تأسيس و بناء حزب بروليتاري ثم جيش شعبي و جبهة متحدة كأسلحة سحرية ثلاثة قادرة على قيادة الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة و بناء دولة جديدة ،دولة الطبقات الثورية بقيادة البروليتاريا تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية المسترشدة بالماركسية-اللينينية-الماوية.

و من هذا تتجلّى حقيقة ساطعة على الثوّار البروليتاريين إدراكها ألا وهي" لا حركة ثورية دون ماوية ! ".
========================
الهوامش :

1- و كذلك الواقع طبقيا الإشتراكية إشتراكيات . و يكفى بهذا المضمار التذكير بعنوان كتاب إنجلز "الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية" من ناحية أولى ؛ و فقرات ماركس و إنجلز فى البيان الشيوعي :"الإشتراكية الرجعية : أ- الإشتراكية الإقطاعية ب- الإشتراكية البرجوازية الصغيرة ج- الإشتراكية الألمانية و الإشتراكية "الحقّة" ، الإشتراكية المحافظة أو البرجوازية ، من ناحية ثانية؛ و مقالات لينين عن الإشتراكية الديمقراطية و عن الإشتراكية الإمبريالية من ناحية ثالثة ؛ و كتابات الشيوعيين الماويين ، زمن ماو و بعده، عن الإمبريالية الإشتراكية و عن مفهوم الإشتراكية دون صراع طبقي الخوجية و عن الإشتراكية ( دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج) كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية مديدة تعجّ بالصراعات الطبقية و تتضمنّ كلا من إمكانية التقدّم نحو المجتمع الشيوعي العالمي و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية ...

2- مثال ذلك ما ورد فى جريدة "الشروق" التونسية – السبت 5 فيفري 2011 بالصفحة 15- على لسان شكري بلعيد الناطق الرسمي بإسم حركة "الوطنيون الديمقراطيون"، متحدّثاعن "طبيعة هذا النظام و طبيعة هذه المرحلة التاريخية" من:

- " نحن اليوم فى مرحلة إنتقال ثوري" و"نحن إزاء ثورة ذات طبيعة ديمقراطية" دون ربط هذه الديمقراطية بطبقة أو طبقات معينة مع إستعمال مصطلح ثورة عوض ما هو فى الواقع ،ماركسيا إنتفاضة قد تؤدّى إلى إصلاحات ديمقراطية برجوازية شكلية أو تنازلات أخرى يمكن الإلتفاف عليها و سحبها لاحقا مثلما حصل فى الشيلي فى السبعينات و الفليبين فى الثمانينات...

- " مرحلة سياسية تتميّز بإزدواجية السلطة" التي لا نراها فى الواقع أصلا حيث لا تزال حكومة الجنرال المخلوع-حكومة الغنوشي القديمة الجديدة- مطعّمة بوجوه إصلاحية غير تجمّعية صراحة تحكم البلاد و الرئيس هو ذات رئيس مجلس النواب سابقا و المجلسين –النواب و المستشارين- لم يحلاّ بل رأيناهم بفضل الإعلام المرئي ينشطان بصفة عادية تقريبا و حيث مراكز القوّة و النفوذ فى السلطة و فى كافة نواحي الحياة السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية و الإعلامية لا تزال تسيّر جوهريّا دواليب الحكم و حيث فى خيال بلعيد فقط توجد سلطة أخرى موازية لمؤسسات وسلطة دولة الإستعمار الجديد التي لم يطل عامودها الفقري ( الجيش و شتى أصناف قوات القمع) إضعاف كمّي أو نوعي لا بل إنّ حتى فى المناطق التي هجرتها لفترات معيّنة قوات الأمن/ القمع تولّى السكّان بصفة مؤقتة و بتنسيق مع جيش دولة الإستعمار الجديد القيام باللازم من حماية الأشخاص و المؤسسات و منها مؤسسات حكومة الغنوّشي القديمة –الجديدة و لم يشكّلوا بالتالى سلطة موازية فما بالك بسلطة دولة جديدة موازية!

- و " بناء الجمهورية الديمقراطية الإجتماعية " كمفهوم غريب عن الماركسية نرجو من صاحبه شرحه فى لاحق الأياّم، هو و جملة المفاهيم الأخرى التي نجدها فى ذات الصفحة و الفقرة :" المجلس التأسيسي ... أداة الثورة...و أداتها أيضا فى بناء مؤسسات النظام الديمقراطي الجديد لتونس الحرّة." !!!

وبالمناسبة نسأل أصحاب حركة الوطنيين الديمقراطيين هل أنّ هذه و غيرها من المقولات إمتداد للأطروحات الوطنية الديمقراطية للثمانينات أم هي قطيعة معها؟ و إن كانت قطيعة كمّية أو نوعيةّ فكيف تمّت و لماذا و متى ؟ و نكون شاكرين سلفا لمن يقدّم لنا أجوبة على هذه الأسئلة تكون مدعومة طبعا بالوثائق التاريخية لهذه المجموعة.

========= شيوعي ماوي – تونس فى 15 فيفري2011===========
=====================================================

الملحق 2 : طليعة المستقبل ينبغى أن نكون!

( " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" عدد 2 / أفريل 2011)

تطبيقا لشعار الوضوح النظري و السياسي مثلما سمّاه الرفاق الشيوعيون الماويون فى المغرب ، و بحثا عن صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي المحدّد فى كلّ شيئ كما قال ماو تسى تونغ ، نتناول فى هذا المقال مسألة محورية فى النضال النظري الذى نخوضه ونحثّ الرفاق الشيوعيين الماويين و غيرهم على خوضه ذلك أنّه لا حركة ثورية دون نظرية ثورية و سحبا لهذه المقولة الأخيرة اللينينية العظيمة لكونها تلخّص حقيقة موضوعية عميقة و تركّز دروسا إستخلصت من التجارب العملية للنضال البروليتاري عالميّا ، على واقعنا اليوم ، نرفع راية " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ".

و من حصيلة تقييمات لنا سابقة للوضع عالميّا و عربيّا و قطريا، لمسنا إنحرافات خطيرة عن إيديولوجيا البروليتاريا العالمية ما جعل ، ضمن أسباب عدّة أخرى ، ممارسات الحركة الشيوعية العربية تحيد عن الهدف الأسمى ، الشيوعية و جعل الكثير من مكوناتها تنخرط كقوى إصلاحية فى العمل فى إطار الحفاظ على السائد أو العمل فى إطار دول الإستعمار أو الإستعمار الجديد.
و منذ الخمسينات ، بقدر ما كان الخطّ الإيديولوجي و السياسي قريبا من الماوية كانت المنظمات و المجموعات و الأحزاب الشيوعية ثورية و بقدر إبتعادها عن الماوية ، كانت تنهشها الإنتهازية اليمينية و اليسراوية . و هذا صحيح ، حسب رأينا ، بوجه خاص فى المغرب و تونس.

1- الشيوعية ، لا الإشتراكية العلمية :

وعادة ما تعرّف الجماعات - و نخصّص هنا الحديث أساسا عن" الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين"، الوطد- التي تدعى الإنضواء تحت لواء الشيوعية نفسها- إيديولوجيا بأنّها تتبنّى الإشتراكية العلمية وهذا منها فى يوم الناس هذا خطأ نظري نشرحه فى الحال.

و مثلما سجّلنا بالعدد الأوّل من نشرية " لا حركة شيوعية دون ماوية" ،ضمن مقال " الديمقراطية البرجوازية القديمة ام الديمقراطية الجديدة الماوية " الإشتراكية إشتراكيات ( و الشيوعية اليوم شيوعيات) :" و يكفى بهذا المضمار التذكير بعنوان كتاب إنجلز " الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية " من ناحية أولى ؛ و فقرات ماركس و إنجلز فى البيان الشيوعي :" الإشتراكية الرجعية : أ- الإشتراكية الإقطاعية ب- الإشتراكية البرجوازية الصغيرة ج- الإشتراكية الألمانية و الإشتراكية "الحقّة" ، الإشتراكية المحافظة أو البرجوازية ، من ناحية ثانية؛ و مقالات لينين عن الإشتراكية الديمقراطية و عن الإشتراكية الإمبريالية من ناحية ثالثة ؛ و كتابات الشيوعيين الماويين،زمن ماو و بعده، عن الإمبريالية الإشتراكية و عن مفهوم الإشتراكية دون صراع طبقي الخوجية و عن الإشتراكية ( دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج) كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية مديدة تعجّ بالصراعات الطبقية و تتضمنّ كلا من إمكانية التقدّم نحو المجتمع الشيوعي العالمي و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية ..."

قال إنجلز فى مستهلّ المقال الأوّل من كرّاسه المنشور سنة 1892 " الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية " : " إنّ الإشتراكية العصرية ، من حيث مضمونها هي فى المقام الأوّل ، نتيجة لملاحظة التناقضات الطبقية السائدة فى المجتمع العصري بين المالكين و غير المالكين ، بين الرأسماليين و العمّال الأجراء ، من جهة ،و لملاحظة الفوضى السائدة فى الإنتاج من جهة أخرى. و لكن هذه الإشتراكية تبدو فى البدء ، من حيث شكلها النظري ، كأنّها مجرّد إستمرار ، أكثر تطوّرا و إنسجاما ، للمبادئ التي صاغها المنورون الفرنسيون الكبار فى القرن الثامن عشر" .

و عند نهاية هذا المقال الأوّل ، خلص إنجلز إلى أنّ " و لهذا لم تعد تبدو الإشتراكية الآن إكتشافا حققه من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك ، بل صارت تبدو نتيجة ضرورية للنضال بين الطبقتين الناشئتين تاريخيّا، البروليتاريا والبرجوازية.

و لم تبق مهمتها إبتداع نظام إجتماعي على أكثر ما يمكن من الكمال ، بل غدت دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي الذى أدّى بالضرورة إلى نشوء هاتين الطبقتين و إلى نشوء الصراع بينهما ،و إيجاد الوسائل فى الوضع الإقتصادي الناجم عن هذا التطوّر ، من أجل تسوية النزاع. و لكن الإشتراكية السابقة لم تكن متلائمة مع هذا الفهم المادي للتاريخ مثلما كان فهم الماديين الفرنسيين للطبيعة غير متلائم مع الديالكتيك و مع علم الطبيعة الحديث."( الطبعة العربية ، دار التقدّم موسكو ،ص 38و 65) .

إذن نشأت الإشتراكية العصرية مع المجتمع العصري نتيجة صراع الطبقتين الناشئتين البروليتاريا و البرجوازية و بدأت أقرب إلى أفكار فلاسفة الأنوار - القرن 18- " و إكتشافا من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك" لتغدو إشتراكية علمية بما هي تعتمد دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي ، و الفهم المادي التاريخي لذلك صارت تسمّى إشتراكية علمية بعدما كانت طوباوية.و عليه الإشتراكية كوحدة أضداد ،تناقض إنقسمت ( بمعنى "إزدواج الواحد" اللينيني و الماوي) إلى طوباوية و علمية كمظهري هذا التناقض. و تمكّنت الإشتراكية العلمية من إلحاق الهزيمة بالإشتراكية الطوباوية و سادت عالميّا إلاّ أنّ هذه الإشتراكية العلمية ستشهد هي ذاتها صراعات داخلية ستفرز عديد التياّرات أهمّها التياّر الماركسي الذى لن يفتأ يتطوّر هو ذاته و " ينقسم " ( بمعنى إزدواج الواحد) فى مسيرة نموّه و حركة تطوّره إلى اليوم.

" حتى بين المذاهب المتعلّقة بنضال الطبقة العاملة و المنتشرة بخاصة فى صفوف البروليتاريا ، لم ترسّخ الماركسية مواقعها دفعة واحدة...و حين حلّت الماركسية محلّ النظريات المعادية لها ، و المتجانسة بعض التجانس، سعت الميول التي كانت تعبّر عنها هذه النظريات وراء سبل جديدة. فقد تغيّرت أشكال النضال و دوافعه، و لكن النضال مستمرّ ...بنضال التيار المعادي للماركسية فى قلب الماركسية... لقد منيت إشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة ،وهي تواصل النضال، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام، بوصفها نزعة تحريفية."( لينين: المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد الأوّل، الجزء الأوّل، ص 86-87 ضمن نص " الماركسية و النزعة التحريفية" ).

و" أدّى النضال ضد المحرّفين إلى نهوض مثمر فى تفكير الإشتراكية العالمية النظري بقدر ما أدّى جدال إنجلس مع دوهرينغ قبل عشرين سنة." ( مصدر سابق ، ص 89) و يخلص لينين إلى أنّ " نضال الماركسية الثورية الفكري ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر، ليس سوى مقدّمة للمعارك الثورية الكبيرة التي ستخوضها البروليتاريا السائرة إلى الأمام ، نحو إنتصار قضيّتها التام، رغم كلّ تردّد العناصر البرجوازية الصغيرة و تخاذلها." ( المصدر السابق ، ص 95).

و" التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون إليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي " (ماو تسي تونغ :خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية ، مارس 1957 ).

و يبرز جليّا أن الإشتراكية التي إنكبّ إنجلز على الخوض فيها فى ذلك الكرّاس تحيل على الصراع الطبقي و المادية التاريخية و هذا لا يعدو أن يكون مكوّنا من مكوّنات الماركسية الثلاثة وهو ما أكّده لينين فى " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " حيث إعتبر مذهب ماركس " بوصفه التتمّة المباشرة الفورية لمذاهب أعظم ممثلى الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية " ( لاحظوا جيّدا أنّه لم يستعمل مصطلح "الإشتراكية العلمية " بل فقط " الإشتراكية" مثلما فعل فى كرّاس "كارل ماركس" ). ف" مذهب ماركس "، الماركسية ،:" هو الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الإنسانية فى القرن التاسع عشر: الفلسفة الألمانية ،و الإقتصاد السياسي الإجليزي،و الإشتراكية الفرنسية .و إنّنا ستناول مصادر الماركسية الثلاثة هذه ،التي هي فى الوقت نفسه أقسامها المكوّنة الثلاثة."( لينين ، المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد 1، الجزء 1، ص 78/79).

و من هنا لا يفعل من يريد أن يماثل بين الماركسية أو الشيوعية و " الإشتراكية العلمية" سوى العودة إلى ما قبل لينين و اللينينية و ليّ عنق الشيوعيين إلى الخلف، نحو القرن 19. و هذا بوضوح إنحراف نظري و كذلك تنازل نظري –سياسي يهدونه على طبق لأعداء الشيوعية مقدّمين أنفسهم بتعلّة عدم تنفيرالجماهير ،على أنّ هدفهم الأسمى بالتالى هو الإشتراكية و ليس الشيوعية بطورها الأدنى الإشتراكية و طورها الأعلى الشيوعية ، وفق كتاب لينين " الدولة و الثورة" ، يتوصلون إليه عبر الصراع الطبقى الذى تعترف به و تقرّه حتى البرجوازية و الذى لا يحدّد بحدّ ذاته من هو الماركسي.

فى رسالة وجهها ماركس إلى فيدميير ،بتاريخ 5 مارس /أذار 1852 ،أعرب عن أنّه :

" فيما يخصنى ليس لى لا فضل أكتشاف وجود الطبقات فى المجتمع المعاصر و لا فضل إكتشاف صراعها . فقد سبقنى بوقت طويل مؤرخون برجوازيون بسطوا التطوّر التاريخي لصراع الطبقات هذا ، و إقتصاديون برجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الإقتصادي .و ما أعطيته من جديد يتلخّص فى إقامة البرهان على ما يأتى :

1"- إن وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل تاريخية معينة من تطوّر الإنتاج 2- إنّ النضال الطبقي يفضى بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا ، 3- إنّ هذه الديكتاتورية نفسها ليست غير الإنتقال إلى القضاء على كلّ الطبقات و إلى المجتمع الخالى من الطبقات...".و معلّقا على ذلك ، كتب لينين: " ...الأمر الرئيسي فى تعاليم ماركس هو النضال الطبقي هذا ما يقال و ما يكتب بكثرة كثيرة. بيد أنّ هذا غير صحيح. و عن عدم الصحة هذا تنتج ،الواحد بعد الآخر ، التشويهات الإنتهازية للماركسية و ينتج تزويرها بحيث تصبح مقبولة للبرجوازية. ذلك لأنّ التعاليم بشأن النضال الطبقي لم توضع من قبل ماركس، بل من قبل البرجوازية قبل ماركس ،وهي بوجه عام مقبولة للبرجوازية. و من لا يعترف بغير نضال الطبقات ليس بماركسي بعد ،و قد يظهر أنّه لم يخرج بعد عن نطاق التفكير البرجوازي و السياسة البرجوازية. إنّ حصر الماركسية فى التعاليم بشأن النضال الطبقي يعنى بتر الماركسية و تشويهها و قصرها على ما تقبله البرجوازية. ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا. و هذا ما يميّز بصورة جوهرية الماركسي عن البرجوازي الصغير ( وحتى الكبير) العادي." ( لينين ،" الدولة و الثورة " ص 35-36 ،الطبعة العربية، دار التقدّم موسكو).

و نستشفّ ممّا تقدّم أنّ دعاة " الإشتراكية العلمية" بكلمات لينين يشوّهون الماركسية بإنتهازية و يزوّرونها و يبترونها لتصبح مقبولة للبرجوازية . و يتغافلون عن ما يميّز " بصورة جوهرية" الماركسي عن غيره. و لئن عرّف لينين حينها الماركسي بمن" يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا" فإنّ الشيوعيين الثوريين الماويين ، وبعد مراكمة تجارب إشتراكية بقيادة أحزاب شيوعية فى الإتحاد السوفياتي و الصين خاصة ، يضيفون أنّ الماركسي صار من يعترف بتواصل وجود الطبقات و التناقضات الطبقية و التناحرالطبقي فى ظلّ الإشتراكية و بضرورة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا( نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا كما صاغها ماو و طبّقها فى خضمّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. ).

وننهى هذه النقطة بالتأكيد على أنّ إيديولوجيتنا هي الشيوعية و ليست الإشتراكية العلمية و الشيوعية ، قال ماوتسى تونغ فى " حول الديمقراطية الجديدة "( 1940 ، م 2) " هي نظام كامل للإيديولوجيا البروليتاري وهي فى نفس الوقت نظام إجتماعي جديد. و هذا النظام الإيديولوجي و الإجتماعي يختلف عن أي نظام إيديولوجي و إجتماعي آخر ، وهو أكثر النظم كمالا و تقدّمية و ثورية و منطقية فى التاريخ الإنساني."

2- الشيوعية ، لا البلشفية :

و فى نفس السياق ، فى يومنا هذا ، يتجه البعض من مدعى تبنّى الشيوعية إلى إعتبار أنفسهم تيّارا بلشفيّا و هذا فى حدّ ذاته إنحراف خطير . فالبلشفية وهي تعنى الأغلبية نتيجة إنقسام – إلى أغلبية و أقلّية- داخل الحزب الإشتراكي الديمقراطي الروسي إبّان مؤتمر ( راجعوا لينين : " خطوة إلى الأمام ،خطوتان على الوراء" ) صارت ميزة الأغلبية التي ساندت أطروحات لينين حينها تفرّقهم عن المناشفة ، الأقليّة.و بالتالى كانت البلشفية نقيضا للمنشفية فمثلما مرّ بنا بأنّ الإشتراكية العلمية كانت نقيضا للإشتراكية الطوباوية .

و ظلّ إستعمال البلشفية كمصطلح مفيد فى علاقة بثورة أكتوبر الإشتراكية التي قادها البلاشفة إلى درجة انّ هناك من ذهب للحديث عن الثورة البلشفية عوضا عن الثورة الإشتراكية. و بقيت صفة البلشفية ملتصقة لسنوات بإسم الحزب الشيوعي السوفياتي إلاّ أنّها لم تكن من صلب إسمه الذى كان " الشيوعي" بل ملحقا به و أحزاب الأممية الشيوعية ، الأممية الثالثة ،سيرا على خطى لينين و منهجه أطلقت على نفسها أسماء تعكس هدفها الأسمى أي الشيوعية فكانت تسمىّ الحزب الشيوعي لبلد ما ، كالحزب الشيوعي الفرنسي أو الحزب الشيوعي الصيني إلخ و لم تردف الإسم بالبلشفية. هذا من ناحية ،و من ناحية ثانية ، تعلّقت البلشفية بالتجربة الروسية و تاريخيّا كانت نهاية الذين حاولوا إستعمال صفة البلشفية للمزايدة بالثورية خارج الإتحاد السوفياتي نهاية تعيسة. و نضرب على ذلك مثال الصينيين الذين لقّبوا أنفسهم ب"البلاشفة مئة بالمئة " و دفعوا الحزب الشيوعي الصيني إلى إستنساخ الطريق الروسي و تركيز النشاط الحزبي فى المدن لتحريرها أوّلا كما حصل أثناء ثورة أكتوبر ، فتسبّت دغمائيتهم هذه فى تكبّد الثورة جيشا و حزبا و جماهيرا أفدح الخسائر و لولا نضال ماو تسى تونغ ضدّ خطّهم الخاطئ هذا الذى لم يفقه شيئا من دعوة لينين لأحزاب المستعمرات و أشباه المستعمرات للبحث عن طرق جديدة للثورة ( أنظروا العدد الأوّل من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية" ، مقال " الديمقراطية القديمة البرجوازية ام الديمقراطية الجديدة الماوية " ) .

و قد نقد ستالين ذلك الخطإ الدغمائي فى " ملاحظات حول المواضيع الراهنة " قائلا :" " رغم تقدّم حزبنا إيديولوجيّا ، نجد فيه بعدُ ، لسوء الحظّ، ما يدعون " قادة " يعتقدون بصراحة بأنّ الثورة الصينية يمكن قيادتها ، إن أمكن القول ، عبر البرقيّات ووفق المبادئ العامّة للكومنترن، دون الأخذ بعين النظر للخصوصيّات القومية للصين ، لإقتصادها ، لنظامها السياسي ، لثقافتها ، لعاداتها ، لتقاليدها . ما يميّز ، بالفعل ، هؤلاء "القادة" عن القادة الحقيقيين ،هو أنّه لديهم دائما فى جعبتهم صيغتان أو ثلاث،"تناسب " كافة البلدان وهي " ضرورية " فى كافة الظروف .بالنسبة إليهم ، لا وجود للحاجة إلى أن نأخذ بعين النظر الخصوصيّات القومية و المميّزات القومية الخاصّة لكلّ بلد ...هناك إذن محاولات وضع فى قوالب جامدة قيادة كافة البلدان..." ( و كلام ستالين هذا ينطبق على جميع الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين).

و عندما تمكّن الماويون من إلحاق الهزيمة بالخطّ الإيديولوجي و السياسي الدغمائي أواسط ثلاثينات القرن الماضى تمّكنت الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية من إعادة بناء قوتها شيئا فشيئا بخطى راسخة عبر إستراتيجيا حرب الشعب الطويلة الأمد و محاصرة الريف للمدن و كان لها الظفر عبر البلاد بأسرها سنة 1949 ممهّدة الطريق للثورة الإشتراكية فالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى (1966-1976) كطريقة ووسيلة جديدة لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و كلّها تعدّ من مساهمات ماو تسى تونغ فى إيجاد طرق جديدة للثورة و فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية. ( للمزيد حول " البلاشفة مئة بالمئة" : " فى الردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي لأنور خوجا " ج . وورنير ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي ، بالأنجليزية و الفرنسية).

و نذكّر لمجرّد التذكير و ليس حجّة نعتمدها بأنّ مجموعة البلاشفة الجدد الكندية التي أثّرت فى هذا أو ذاك من عناصر " الوطد" عبر أعداد من مجلّة " ديماركاسيون" إنحلت منذ عقود الآن. كما نشير إلى أنّ عددا من البلاشفة الذين ساندوا لينين فى ذاك المؤتمر قد تحوّلوا فى السنوات اللاحقة إلى المعارضة و شكّلوا خطوطا تحريفية حتى . و كتابات لينين و ستالين تسجّل ذلك. و من ثمّة إستعمال كلمة بلاشفة بات اليوم ، فى القرن الواحد و العشرين لا يفيد بالضرورة الثورية و لا يحيل على إيديولوجيا ثورية اليوم .

و حينما إنكبّ ستالين على تلخيص تجربة الثورة فى روسيا و الإتحاد السوفياتي ، أبرز تطوير لينين للماركسية و ما أصبح يسمّى كمصطلح علمي دقيق اللينينية ( لا البلشفية) كمرحلة جديدة ،ثانية و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية و مذّاك غدت الأحزاب الشيوعية الحقيقية تتبنّى الماركسية-اللينينية و تلاشى أكثر فأكثر إستعمال وصف البلشفي حتى فى الإتحاد السوفياتي.

و الآن و قد عمد البعض إلى إحياء هذا المصطلح غير الدقيق علميّا اليوم على أنّه نعت مميّز يطلق على الثوريين ، فإنّه يجدر بنا بعد إجلاء الأمر أن نقول لهم لا للنكوصية ، المصطلح الأدقّ عالميّا هو اللينينية . و لتقريب الصورة وليس للشتم أو التشويه ، صنيعكم هذا يشبه صنيع السلفيين المتزمّتين فى تمسكهم بتلابيب النصوص و ظواهرها و الإستماتة فى الدفاع عنها.وليعلم هؤلاء و غيرهم أنّ الرابطة التروتسكية بفرنسا التابعة للرابطة الشيوعية العالمية – الأممية الرابعة تصدر منذ سنوات نشرية بعنوان " البلشفي" روّج آخر عدد منها وهو العدد 195 فى مارس 2011.

إنّ الماركسية علم و العلم يتطوّر و يتعمّق بالضرورة و إنّكم بهكذا إنحراف تسيئون لستالين ذاته و أنتم تدّعون الدفاع عنه – دفاع دغمائيّ يستبعد نقد الأخطاء- بتشكيكهم فى اللينينية كمفهوم علمي دقيق. وفى الوقت نفسه ندعوكم رفاقيّا إلى جادّة الصواب و إلى عدم إيقاف تطوّر الماركسية عند ستالين و التجربة السوفياتية فالبروليتاريا العالمية راكمت قدرا هاما من التجارب زمن ستالين و بعده لا سيما التجربة الصينية الرائدة و غيرها و تجارب ثريّة منذ الستينات إلى يومنا هذا فى عديد البلدان وهي بالتالى تستدعى النقاش الجاد و الدراسة و التلخيص لتطوير الماركسية اللينينية التي أضحت حسب الشيوعيين الماويين الماركسية-اللينينية –الماوية على أنّ الماوية هي المرحلة الثالثة ، الجديدة و الأرقى. و لن تكفّ الماركسية-اللينينينة-الماوية ذاتها عن التطوّر و إلاّ ستموت .

وعلى الشيوعيين الماويين أن يكونوا واعين تمام الوعي قبل غيرهم بفحوى قول ماو تسى تونغ : " إنّ الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ ان تتقدّم ، و لا بدّ ان تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها ان تكفّ عن التقدّم . فإذا توقّفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها، إلاّ أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا و إن نقضت فسترتكب أخطاء. إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية " . ( "خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " 12 مارس/ أذار 1957).

طليعة المستقبل لتحرير الإنسانية لا محافظون على الماضى:

تتكرّر فى كتابات " الوطد" و أقوالهم أنّهم المدافعون عن " الإرث الثوري" للبروليتاريا و بذلك يذكّروننا مباشرة بأنور خوجا و دفاعه عن " نقاوة " الماركسية. نشرح فنقول إنّ الدفاع عن ما يسمّيه الشيوعيون الماويون علم الثورة البروليتارية العالمية مظهر واحد من مظهري وحدة الأضداد أو التناقض بمعنى أنّ الإيديولوجيا الشيوعية تحتاج إلى مظهر الدفاع عن الصائب فيها و ما هو صحيح و سليم و لا يتضارب مع الهدف الأسمى ، الشيوعية كما تحتاج أيضا إلى نقد الأخطاء و الهنات فى الممارسة العملية الماضية و تصحيحها و تجاوزها .و بالتالى تطوير الماركسية و تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية يحصل أيضا إنطلاقا من المكوّنات النظرية الصائبة و الصحيحة الملخّصة للتجارب السابقة و كذلك مع تطوّر الممارسة العملية المستجدّة بمكوّناتها الثلاثة وفق ماو تسى تونغ : الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج و الصراع من أجل العلم.

و بإعتبار الدفاع و التطوير مظهري تناقض يكون الدفاع فى فترة معينة هو الرئيسي و التطوير ثانوي و فى فترة أخرى يكون التطوير هو الرئيسي.و غالبا ما كان ، تاريخيّا الدفاع عن المبادئ الأساسية للشيوعية الثورية مدخلا و قاعدة لتطوير علم الثورة البروليتارية هذا. و يظلّ الأساسي و الجوهري فى الماركسية هو التطوّر و إن" توقّفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها" ، ماتت و تجمّدت.

بيد أنّ " الوطد" لا يتحدّثون إلاّ عن مظهر الدفاع و يتجاهلون مظهر التطوير مثلما فعل أنور خوجا من قبلهم فسقطوا مثله فى الدغمائية و تبعاتها الهدّامة. و بإيقافهم كخوجيين متستّرين لتطوّر الماركسية عند ستالين ،أنكروا التجارب اللاحقة التي راكمتها الثورة البروليتارية العالمية فى بلدان أخرى ،غير الإتحاد السوفياتي ، زمن ستالين و بعده. و بذلك أخفقواو يخفقون أيما إخفاق فى فهم إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي و البلدان الإشتراكية سابقا ، على غرار الصين ؛و لا يفهمون تواصل وجود الطبقات و التناقضات الطبقية و الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ،و النظرية التي طوّرها ماو تسى تونغ بهذا المضمار و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كثورة داخل الثورة ،إنطلاقا من تطوّر التطبيق العملي لعقود وفى مجالات متنوّعة. و إن تطرّقوا إلى تجارب فتنام و كوريا فهم يتعاطون معها بأسلوب إنتقائي بموجبه يذكرون عموميّات أو ما يرونه صالحا – براغماتيّا- و يغيّبون ما يحلو لهم تغييبه لعدم إنسجامه ورؤاهم المبنيّة على الخوجية و الأفكار المسبّقة و التهم الزائفة الموجّهة للماوية. وبالنتيجة من المستبعد – على حدّ علمنا فى الوقت الحالي- ان تكون لديهم بحوث و دراسات للتجارب الفتنامية و الكورية و الألبانية ... و كيفية تحوّل تلك الدول من دول تقودها البروليتاريا إلى دول برجوازية و من الإشتراكية إلى الرأسمالية.

وفى حين لم يتخطّى هؤلاء الخوجيين المتستّرين مظهر الدفاع الملازم لهم لوحده – مع غياب التطوير- دافع الشيوعيون الماويون منذ زمن اولا عن ستالين و تجارب البروليتاريا العالمية و قيموها علميّا و من منظور بروليتاري و بمنهج مادي جدلي و مادي تاريخي و نقدوا الأخطاء و إستخلصوا الدروس و العبر و طفقوا مذّاك يواصلون المسار و يطوّرون علم الثورة البروليتارية العالمية و يمضون بالإشتراكية إلى أبعد نقطة ممكنة فى إتجاه الشيوعية ما أفرز فعلا و على قاعدة التطوّر العملي ،مرحلة جديدة ،ثالثة و أرقى فى هذا العلم هي الماوية (الماركسية-اللينينية –الماوية) وهي مرحلة ينكرها كلّيا التحريفيون المعاصرون و الخوجيون الدغماتحريفيون المفضوحين منهم و المتستّرين.

و لم يثن الماويين دفاعهم عن الماويّة عن مواصلة مشوار إستيعابها و رفع رايتها و تطبيقها و تطويرها. و تنهض تجارب ماويّة عديدة فى البلدان الإمبريالية و فى أشباه المستعمرات ، منذ الستينات و السبعينات دليلا على ما نقول. و اليوم يخاض نقاش و صراع حادين أحيانا حول التجارب البيروفية و النيبالية و الهندية فى أشباه مستعمرات ،و حول تجربة الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي فى قلب الغول الإمبريالي، و كذلك تدرس و تناقش و تطوّر عمليّا و نظريّا تجارب الماويين فى تركيا و الفيليبين و سيريلانكا ...و بالتأكيد سيفرز الصراع المبدئي جملة من الأفكار الجديدة المطوّرة للماوية ليس حاليّا كمرحلة جديدة ،رابعة و إنّما كجملة أفكار مستخلصة من التطبيق العملي للعقود الأخيرة تنير الطريق لقيادة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و على الشيوعيين الثوريين عبر العالم الإطلاع على هذه الصراعات و المساهمة فيها لمزيد توضيح الخطّ الإيديولوجي و السياسي و النضال بما هم أمميون بروليتاريون كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية.

و نعرّج بالمناسبة بإقتضاب ، فى ختام هذه النقطة ، على بعض أفكار الناطق الرسمي بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين الواردة فى ردّه منذ سنواتالآن على حزب العمل الوطني الديمقراطي – و لا ندرى هل هو متمسّك بها أم لا لكن نتناولها لإرتباطها بموضوع الحال و إنتشارها إلى حدود فى صفوف بعض المناضلين و المناضلات الذين يدعون تبنّى الشيوعية. فى ذلك الردّ عبّر عن كون فشل تجارب الإشتراكية،حسب رأيه، ( بالنسبة للشيوعيين الماويين هو هزيمة مؤقتة للبروليتاريا العالمية أمام البرجوازية، هزيمة للموجة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية) يعزى جوهريّا إلى عدم إحترام الشرعية الإنتخابية و عدم تطبيق طريقة إنتخاب المسؤولين مثلما حصل فى كمونة باريس.

هكذا هو الآخر يعود بنا إلى ما قبل التجربتين السوفياتية و الصينية. و فضلا عن هذه النظرة النكوصية التي تجعل من تجربة كمونة باريس التي عمّرت أشهرا قليلة معدودة لا غير دون قيادة حزب بروليتاري حقّا أفضل من تجارب عقود من الإشتراكية بقيادة أحزاب شيوعية و فضلا عن جهله أو تجاهله أنّ فى الصين الماوية كان المسؤولون ، لا سيما خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، يخضعون لإنتخاب - لا التعيين- وليس من قبل أعضاء الحزب الشيوعي فحسب و إنّما من قبل الجماهير الشعبية أيضا و قد مورس حقّا و فعلا حقّ حسب الثقة منهم، فإنّ ذلك لم يمنع البرجوازية الجديدة أساسا و القديمة من الإنقلاب على الثورة و إعادة تركيز الرأسمالية. و منطق شكري بلعيد الشكلي البرجوازي المعتمد يضرب الشيوعية فى الصميم – نفس المنطق الذى قاده إلى إعتبار ما حصل فى تونس و ما سيحصل من إنتخابات مجلس تأسيسي " ثورة ديمقراطية ". فهو يتجاهل الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و يحجب، خدمة للأوهام البرجوازية التي يبثّها، أهمّ معيار فى تحديد التوجّه الصحيح للدولة الإشتراكية ومقاومة إعادة تركيز الرأسمالية و نقصد الخطّ الإيديولوجي والسياسي : هل أنّ السياسات المتوخاة و التوجهات المتبعة تسعى لممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية و معالجة التناقضات الموروثة عن المجتمع الرأسمالي ، بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة و بين العمّال و الفلاحين ... و التضييق على " الحقّ البرجوازي" قدر الإمكان ...أم هي تعمّق الإختلافات و التناقضات و توسعها؟ هل تعمّق و توسّع ممارسة الجماهير للسلطة و التملّك الفعلي لوسائل الإنتاج و التوجه صوب الشيوعية أم العكس؟ هل تجري عمليّات إستعادة أجزاء السلطة المسلوبة من قبل " البرجوازية الجديدة " فى المصانع و المزارع و الدولة و الحزب ...أم العكس؟ هل يتبع الماسكون بالسلطة فى الحزب و الدولة الطريق الإشتراكي أم العكس الطريق الرأسمالي؟

و لن ندخل فى التفاصيل هنا- قد نعود للموضوع فى فرصة قادمة- و إنّما بعجالة نطرح سؤالا و نردّ على ملاحظة متوقّعة. و السؤال هو ، فى النموذج الذى يقترحه الذى صار ناطقا بإسم الحركة الوطنية الديمقراطية ، لو أخطأت الجماهير أو ضغط عليها أو ضلّلت لأسباب شتّى وإنتخبت أتباع الطريق الرأسمالي للمراكز العليا فى الحزب و الدولة ، هل سيتمّ القبول بهذه " الشرعية الإنتخابية " التي تحوّل الدولة و الحزب البروليتاريين إلى نقيضهما دولة و حزب برجوازيين؟ هل تقبل البروليتاريا بإعادة تركيز الرأسمالية ؟ ... و الملاحظة المتوقّعة هي أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى هي الأخرى لم تمنع التحريفيين –البرجوازية الجديدة من إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين.و الردّ هو أنّها كوسيلة و طريقة جديدة ضمن نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا الماوية بالفعل حالت دون صعود التحريفيين إلى السلطة لسنوات عشر ، إلى وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب التحريفي سنة 1976. هذا من ناحية و من ناحية ثانية وفّرت قدرا هاما من " لأشياء الجديدة" والتطبيق العملي الذى لا زلنا نستفيد منه عالميّا إضافة إلى كونها مضت بالثورة إلى ابعد حدّ و إلى أعلى قمّة بلغتها الإنسانية فى السير صوب الشيوعية إلخ.

و أفضل مثال حيّ عن ما يؤدّي إليه التيّار الدغمائي التحريفي النكوصي إذا ما إتبع منطقه إذا ما إتبع منطقه إلى نهايته هو المسار الذى إتبعه محمّد الكيلاني الذى صار منذ سنوات قائدا " للحزب الإشتراكي اليساري" حيث إنطلق فى مرحلة أولى وهو ضمن حزب العمّال الشيوعي التونسي الخوجي و أحد قادته البارزين من معارضة ماو بإستعمال ستالين ضدّه فى " الماوية معادية للشيوعية" وفى مرحلة ثانية وجّه نقدا لاذعا لما أسماه " اللغة الخشبية" لحزب العمّال ثمّ إنشق عليه ليكوّن حلقة الشيوعيين الديمقراطيين فالحزب الإشتراكي اليساري و إنتهى إلى إعتبار التجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي رأسمالية لا غير . و هكذا أسقط الماوية فاللينينية فالماركسية ليصبح من دعاة تبنّى الفكر الإنساني النيّر و التقدّمي . و أمّا حزب العمل الوطني الديمقراطي بعد أن مهّد له الطريق محمّد الكيلاني فقد تخلّى ، لشرعويّته، عن الماوية و اللينينية و الماركسية دفعة واحدة واضعا رموزا تحريفية و رموزا شيوعية ثورية فى نفس السلّة و مدّعيا تبنى بشكل عام الفكر الإشتراكي التقدّمي لا غير.

خاتمة :

مجمل القول ، يترتّب علينا أن نناضل بلا هوادة ضد تيّار خطير داخل الحركة الشيوعية فى القطر ، تيّار دغمائي تحريفي نكوصي عوض أن يمسك بقمّة تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية (الماوية) يدير ظهره له بمثالية و يلوى عنقه و ينهل من تجارب سابقة لينينة عند البعض و سابقة عن اللينينية عند الآخرين . بالتأكيد لا يتطلع هؤلاء لأن يكونوا طليعة للمستقبل و إنّما هم نكوصيون بإسم المحافظة على التراث الثوري أو الشرعية الإنتخابية و المنطق الشكلي. على الشيوعيين الثوريين ، الماويين الحقيقيين أن يكونوا لا أقلّ من طليعة للمستقبل إذا ما راموا لأنفسهم قيادة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و المضيّ بها أبعد ما أمكن صوب الشيوعية على النطاق العالمي.

" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس .و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ ") .
=================================================

الملحق 3 : رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين :
أنبذوا التحريفية و عانقوا علم الثورة البروليتارية العالمية !

( "لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " عدد 6/ جانفي 2012)

" إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجيا البرجوازية. إنّ المحرّفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون إليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي" ( ماو تسى تونغ ، "خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " ، 12 مارس – آذار 1957).
-------------------------------

جاءت ولادة "اليسار" الماركسي- اللينيني فى تونس ( وغيرها من بلدان العالم) نتيجة الصراع العالمي بين التحريفية المعاصرة ،السوفياتية منها بالأساس و الفرنسية و الإيطالية و اليوغسلافية... من جهة و الأحزاب و المنظمات الماركسية-اللينينية و على رأسها الحزب الشيوعي الصيني منذ الخمسينات و خاصة خلال الستينات. و جاء الطرح الوطني الديمقراطي بطبيعة المجتمع شبه المستعمر شبه الإقطاعي و الحاجة إلى ثورة وطنية ديمقراطية بقيادة بروليتارية تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية تكريسا للمقولات الماركسية- اللينينية الواردة فى " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " الذى صاغه الحزب الشيوعي الصيني و نشره عبر العالم، و نقيضا للأطروحات التروتسكية و التروتسكية الجديدة القائمة على إعتبار المجتمع رأسماليا و إعتبار الثورة المطلوبة " ثورة إشتراكية ". هذه من الحقائق الموضوعية التى لا ينكرها إلاّ جاهل بالتاريخ المعاصر أو معيد لقراءته من وجهة نظر مثالية ذاتية.

و تعود جذور "حركة الوطنيين الديمقراطيين" إلى المجموعات التى دافعت عن الطرح الوطني الديمقراطي الذي برز منذ بداية السبعينات فى تناقض مع الطرح التروتسكي و التروتسكي الجديد فى تونس.

1- من مجموعة ثورية رئيسيا إلى مجموعة تحريفية إصلاحية :

" إنّ طبيعة الشيء يقررها فى الدرجة الأولى الطرف الرئيسي للتناقض، الذى يحتلّ مركز السيطرة. لكن هذا الوضع ليس ثابتا، إذ أن الطرف ارئيسي و غير الرئيسي لتناقض ما يتحوّل احدهما إلى الآخر، فتتبدّل طبيعة الشيء تبعا لذلك."( ماوتسي تونغ " فى التناقض" ، صفحة 483 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "، المجلّد الأول).
--------------------------
و بما أننا لا ننوى فى هذا المقال المقتضب الدخول فى التفاصيل التاريخية لنشأة هذه المجموعة و علاقاتها بالمجموعات الوطنية الديمقراطية الأخرى و ما تتقاسمه معها و ما تختلف فيه ، نكتفى بقول إنّ الإسم المشترك لهذه المجموعات يشير إلى تأكيدها على طبيعة الثورة المطلوبة بروليتاريا فى المستعمرات و أشباه المستعمرات. ( سبق و أن ناقشنا التسمية عند نقدنا لمشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين).
و لئن أمكننا أن نعدّ المجموعة و غيرها من المجموعات الوطنية الديمقراطية رئيسيّا ثورية فى بداياتها فلأنّها كانت تتبنّى و تناضل عمليّا من أجل التغيير الثوري و من أجل خطّ إيديولوجي و سياسي ثوري رئيسيّا. و عندما نقول رئيسيّا فهذا يعنى فى مظهرها أو طرفها الرئيسي الذى لا ينفى وجود الثانوي غير الثوري ضمن خطّ هذه المجموعة و غيرها من المجموعات الوطنية الديمقراطية و نشاطها حينذاك.

و من ثمّة ساهمت هذه المجموعات فى دفع حركة الصراع الطبقي فى القطر خاصّة على الجبهة الطلاّبية و فى نشر الأطروحات الوطنية الديمقراطية داخل الجامعة أساسا. بيد أنّها ككلّ وحدة أضداد/ تناقض و كلّ ظاهرة و سيرورة شهدت فى مسارها صراعات بين الرئيسي و الثانوي ، بين الحاجة إلى تعميق القطيعة مع التحريفية بكافة أرهاطها و تعميق الخطّ الثوري إيديولوجيا و سياسيّا و تنظيميّا نحو المساهمة فى إيجاد الحزب البروليتاري الثوري كحلقة ومهمّة مركزيين لقيادة النضال من أجل إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية عبر حرب الشعب من ناحية و الإنعزالية و الإنتهازية اليمينية من ناحية ثانية. و ِقد عرفت شأنها فى ذلك شأن غالبية المجموعات الوطنية الديمقراطية الأخرى التى لم تستطع أن تقطع جذريّا مع التحريفية و أن تتبنّى علم الثورة البروليتارية العالمية نظريّا و أن تطبّقه عمليّا و تتقدّم صوب إنجاز المهمّة المركزية المتمثّلة فى إيجاد الحزب الشيوعي الثوري ، عرفت تحوّلا كمّيا فنوعيّا فى طابعها فصارت رئيسيّا مجموعة إصلاحية منذ نهاية الثمانينات.

2- لا وطنية و لا ديمقراطية ، أطروحات تحريفية إصلاحية :

و اليوم ، خلال السنة و نيفّ تقريبا ، أكثر من أي زمن مضى، زادت الطبيعة التحريفية الإصلاحية تعمّقا و غدت أوضح حتى بالنسبة للذين لهم أدنى إطلاع على الماركسية-اللينينية حتى لا نقول الماركسية-اللينينية –الماوية وهو التعبير الأصحّ عن علم الثورة البروليتارية العالمية اليوم. و بإختصار شديد ، يتنكّر أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين لما سبق و أن دافعوا عنه من مقولات ثورية . فبعد رفعهم – إلى جانب آخرين- شعار الحركة الطلاّبية " القطيعة التنظيمية و السياسية مع النظام" ، لم يخجلوا من إعتبار رشيد عمّار و جيش دولة الإستعمار الجديد ، دولة البرجوازية الكمبرادورية/ البيروقراطية و الإقطاعية المتحالفين مع الإمبريالية ، جيشا وطنيّا و بذلك يطمسون المسألة الوطنية فى العمق.

فإذا كان هذا الجيش فى تونس وطنيّا و بالتالى إذا كانت الدولة التى هو عمادها الجوهري وطنية ( " يعتبر الجيش ، حسب النظرية الماركسية حول الدولة ، العنصر الرئيسي فى سلطة الدولة."– ماو تسي تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجيا" 6 نوفمبر-تشرين الثاني 1938 ،المؤلفات المختارة ،المجلّد الثاني) ، ما الحاجة إلى ثورة وطنية ؟ و إذا ما أنجزت فى تونس " ثورة ديمقراطية إجتماعية " حسب الناطق الرسمي لهذه الحركة ، ما من حاجة إلى ثورة ديمقراطية ومن هنا ما عادت هناك حاجة فى النهاية إلى الثورة الوطنية الديمقراطية.

و هكذا يتمّ الإلغاء التام و الكلّي لضرورة الثورة الوطنية الديمقراطية و يتمّ إفراغ الوطنيين الديمقراطيين من مضمونهم ما يثير سؤالا منطقيّا و شرعيّا : لماذا إذن التمسّك بهذه التسمية " حركة الوطنيين الديمقراطيين" فى حين أنّ المهام المطروحة عليهم حسب تصريحاتهم قد أنجزت و الحال أنّه لم تعد هناك حاجة لا لثورة وطنية و لا لثورة ديمقراطية و لا لثورة وطنية ديمقراطية طبعا ؟

من الوطنية الديمقراطية لم يبق لهم سوى الإسم الذى لا يعبّر عن رؤيتهم للواقع و عن تطلعاتهم و أهدافهم فلينزعوه عنهم فيستريحوا و يريحوا و ليطلقوا على أنفسهم إسم " حركة الديمقراطية الإجتماعية " مثلا فيكونوا من الصادقين!

أمر هذه المجموعة قد يحيّر الكثيرين غير أنّه مفهوم تماما من طرف الذين يعلمون أن الحركة الماركسية- اللينينية التى قادها ماو تسى تونغ فى الستينات و السبعينات سعت فعلا لتعرية الأحزاب الكبرى و الأحزاب فى السلطة ،و ليس المجوعات أو المنظّمات، التى تحمل إسم الشيوعية و لا تملك من الشيوعية غير ذلك الإسم إذ هي فى الواقع تحريفية برجوازية لا غير؛ و الذين درسوا عن كثب الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و صراع البروليتاريين الماويين ضد التحريفيين الساعين لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته ؛ و الذين درسوا بجدّية مسار التحولات الكمّية منها و النوعية التى شهدتها الدولتين الإشتراكيتين السوفياتية و الصينية من دولتين بروليتاريتين إلى دولتين برجوازيتين و التى شهدهما كلّ من حزب لينين وستالين، الحزب الشيوعي السوفياتي و حزب ماو تسى تونغ ، الحزب الشيوعي الصيني ، من حزبين بروليتاريين ثوريين إلى حزبين تحريفيين برجوازيين أعادا تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي بعد وفاة ستالين و فى الصين بعد إنقلاب 1976 ؛ و الذين يدركون فحوى مقولة ماو تسى تونغ فى مطلع النقطة الأولى من هذا المقال و يفهمون المادية الجدلية حقّ الفهم.

3- الإنتقائية و الإقتصادوية :

لقد تعامل قادة هذه الحركة مع علم الثورة البروليتارية العالمية ككل، والماركسية كأولى مراحله و اللينينية كمرحلته الثانية و الماوية كمرحلته الثالثة، بمنهج إنتقائي لا أكثر و لا أقلّ فحيث رغب الجماعة فى مهاجمة مجموعة أخرى أو تيّار أو حزب للظهور بمظهر الثورية لجؤوا إلى مقتطفات من كتابات رموز الشيوعية لا سيما ماركس و لينين غير أنّهم ما عادوا يتبنّون المثل العليا و المبادئ الشيوعية. إنّهم يتعاطون مع علم الثورة البروليتارية العالمية ببراغماتية ، يستغلّونه لأهداف و غايات نفعية ضيّقة لا من أجل نشر الشيوعية و النهوض بالمهام النظرية و العملية للمساهمة فى التقدّم بالثورة محلّيا وقوميّا و عالميّا ، من منظور بروليتاري ثوري و يمارسون بعد ذلك ما يحلو لهم بعيدا عن الماركسية- اللينينية.

و على سبيل المثال لا الحصر ، فى إحدى الوثائق الناقدة لحزب العمل الوطني الديمقراطي أيّام مساعي تأسيسه ، ثمّة إعتماد على مقولات لينينية لدحض الأطروحات التحريفية أصلا لمرتدّى " العود" الذين ما عادوا هم أيضا شيوعيين و لا وطنيين ديمقراطيين من منظور البروليتاريا. و لكن فى المدّة الأخيرة ، شاهدنا جماعة الحركة الوطنية الديمقراطية و خاصة ناطقها الرسمي يخبطون خبط عشواء و يتنكّرون أيّما تنكّر للينينية. ففضلا عن كونهم لم يطبّقوا المبادئ اللينينية فى بناء التنظيم الثوري و تسييره و موقفه البروليتارية ، يطعنون اللينينية بالترويج لمفاهيم ديمقراطية برجوازية ، "ديمقراطية إجتماعية " غير طبقية و لدولة ليست أداة إضطهاد طبقي و لجيش دولة الإستعمار الجديد على أنّه جيش وطني إلخ.

" لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة" ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست فقط صيغة جاهلة تنمّ عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء ولا أجوف، لأنّ الديمقراطية ، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة ، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة".) إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست سوى تعبير كاذب لليبيرالي يخدع العمّال."( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ، صفحة 18، دار التقدّم موسكو ، الطبعة العربية).

و زيادة على هذا ، لعقود الآن ، تجذّر داخل المجموعة إنحراف إنتهازي يميني إقتصادوي إذ صبّوا جهودهم رئيسيا على المسائل المطلبية المباشرة للجماهير أي على الجبهة الإقتصادية و أولوا النزر القليل من الجهد – أو أغفلوا عمدا عامدين- للنضال على الجبهتين الإيديولوجية و السياسية فى تضارب تام مع ما عرضه بإقتدار لينين فى مؤلّفه المنارة الثورية " ما العمل؟". و بلغ بهم الأمر مثلما بلغ ب"الوطد" أن عقدوا تحالفات ليست فقط مشبوهة بل و رجعية صراحة مع البيروقراطية النقابية ذراع النظام الحاكم فى الحركة النقابية ، وذلك فى أكثر من موقع و من قطاع و من جهة ( مثلا ، ما حصل فى الإتحاد الجهوي بتونس العاصمة أو فى المؤتمر الأخير للإتحاد...). و هذا ما يشهد به و شهده الكثيرون و لا يحتاج منّا إلى بيان.

و قد تحوّل عدد من المنتمين إلى هذه الحركة إلى مجرّد بيروقراطيين يسعون وراء السلطة و الجاه و المال و يعارضون بشراسة العمل الثوري الحقيقي أينما وجدوا. و لا غرابة فى أن تدير المجموعة بحركة بهلوانية ظهرها لسنوات من الدعاية المناهضة لعضو من المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل كان من رموز ال"وطد" ، ليحتضنون و يضمّوه إلى صفوفهم على أنّه مناضل لا يشقّ له غبار! و بعد نقد لاذع لحزب العمل الوطني الديمقراطي الإنتهازي الشرعوي ، تقام المساعي حثيثة للتوحّد معه ! إنّما الطيور على أشكالها تقع !

4- الوطنية و الأممية :

فى الأصل ، كانت المجموعات الوطنية الديمقراطية تتبنّى الشيوعية هدفا أسمى و إيديولوجيا. و كما مرّ بنا أتت التسمية للتأكيد على طبيعة الثورة فى تعارض مع الأطروحات التروتسكية و التروتسكية الجديدة المتعلّقة بصدد طبيعة الثورة على أنّها " ثورة إشتراكية " او ديمقراطية وطنية كما يزعم البعض. ووطنية هذه المجموعات ، مرّة أخرى فى الأصل، نابعة من فهم الثورة الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كتيّار من تيّاري الثورة البروليتارية العالمية و تيارها الآخر هو الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية مثلما أوضحت ذلك وثيقة الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية" منذ بداية الستّينات ، فى إطار صراع محتدم مع خطّ التحوّل السلمي التحريفي المفضوح الذى كان يعتبر أنّ الإستقلال قد تمّ و لا ضرورة للثورة الوطنية الديمقراطية المناهضة للإمبريالية و الإقطاعية و البرجوازية الكمبرادورية / البيروقراطية و أنّ المطروح هو إستكمال الإستقلال السياسي بالإستقلال الإقتصادي لا غير.

و إضافة إلى تنكّرها للتاريخ العالمي و المحلّي و الإطار العام لنشأتها ضمن مجموعات وطنية ديمقراطية أخرى ، إختارت المجموعة التى ننقد أن تدير ظهرها إلى الحركة الشيوعية العالمية برمّتها مطبّقة الإنعزالية فى أجلى صورها ذلك أنّها إنقطعت عن الإطلاع على الصراعات الدائرة داخل الحركة الشيوعية العالمية على النطاق العالمي و كأنّها ليست جزءا منها. و لم تساهم فى توضيح المسائل النظرية و محاور الصراع بين الماركسية و التحريفية عموما ثمّ بين الماركسية- اللينينية- الماوية و الخوجية و لم تساهم فى التصدّى للهجمة العالمية للإمبريالية والرجعية ضد الشيوعية (حملة "موت الشيوعية " منذ التسعينات) . ما فعلته هو مزيد التوغّل فى الإقتصادوية لتصبح جوهريّا مجموعة نقابية شغلها الشاغل الحصول على بعض المواقع مهما كلّفها الأمر و ظلّت أحيانا تصدر بين فترات متباعدة بعض النصوص المتفاوتة الأهمّية.

كمجموعة شيوعية فى الأصل ، لم تدرس الأدبيّات الشيوعية العالمية و التجارب الإشتراكية و الصراعات داخل المنظّمات الشيوعية العالمية و أرضياتها و ما إلى ذلك بما يعنى أنّها لم تسعى لتطوير المعرفة بالشيوعية كعلم و لم تربط علاقات أمميّة مع واحدة من عديد المنظّمات العالمية و تنخرط فيها من أجل النضال بغاية إيجاد منظّمة أممية للبروليتاريا العالمية. و بإختصار غاب الخطّ الأممي كلّيا لدى المجموعة مثلما غاب فهم الهدف الأسمى الشيوعية و الدفاع عنها و غاب إعتبار الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة تيارا من تيّاري الثورة البروليتارية العالمية كما غاب النضال من أجل التعريف بتجارب البروليتاريا و الثورات الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة و حرب الشعب فى أنحاء العالم منذ الثمانينات – مثال البيرو و الفليبين و النيبال و الهند إلخ .

تلاشى الخطّ البروليتاري بشتى جوانبه الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية و أهيلت عليه جبال من التراب ليحلّ محلّه منذ عقود الآن خطّ ديمقراطي برجوازي لا وطني و لا ديمقراطي من وجهة النظر البروليتارية ، يمدح دولة الإستعمار الجديد و جيشها و يطمس المسألة الوطنية و يطمس المسألة الديمقراطية و جوهرها الثورة الزراعية و الأرض لمن يفلحها و المساواة بين المرأة و الرجل و الحريات السياسية للجماهير الشعبية و الدكتاتورية ضد أعداء الشعب داخليّا و خارجيّا. من أين لمثل هذا الخطّ التحريفي الإصلاحي أن يتناول تناولا ثوريّا الأممية البروليتارية و يكرسها فى الواقع الملموس؟

خاتمة :

لقد أثبتت تجارب البروليتاريا و الشعوب و الأمم المضطهدة عالميّا أنّ التحرّر الوطني الديمقراطي غير ممكن التحقيق بقيادة قوى دينية و لا بقيادة قوى قومية أو أية قوى أخرى عدا البروليتاريا و بأفق التمهيد للثورة الإشتراكية كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية .
هذه الحقيقة كانت تدافع عنها العديد من عناصر الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى الماضى البعيد الآن و كانت تنتقد الإصلاحية فى الثمانينات و لكن ها هي تتخلّى عن التحرّر الوطني الديمقراطي الحقيقي لا الوهمي و تضحى هي ذاتها إصلاحية تسعى جهدها لإصلاح دولة الإستعمار الجديد و خدمتها و النشاط فى إطارها لا الثورة عليها فإضطرّت بموجب تحريفيتها و إصلاحيتها هذه إلى التحالف مع الإصلاحيين و منهم حزب العمال التونسي و إلى تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير العريضة بشأن طبيعة الدولة و طبيعة جيشها وهي تصوّر الإنتفاضة على أنّها ثورة و الجيش العميل على أنّه جيش وطني و ما إلى ذلك من الترويج للوفاق الطبقي و التحوّل السلمي و المشاركة فى الإنتخابات المسرحية و إعتبار مؤسسات دولة الكمبرادور و الإقطاع بالتحالف مع الإمبريالية مؤسسات وطنية و الإعتراف بشرعية حكومة النهضة وقبلها المشاركة فى الهيئة العليا ... و التحالف مع البيروقراطية بشتى الطرق و مشاركتها بعض المواقع ...

على الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد تنسحب كلمات لينين المدوّية منذ أكثر من قرن :

" إنّ لكلمة برنشتاين المجنّحة :" الهدف النهائي ليس بشيء ، الحركة هي كلّ شيء " ، تعبّر عن طبيعة النزعة التحريفية خيرًا من عدد كبير من الشروحات المستفيضة . أن يحدّد المرء سلوكه تبعًا لأحداث الساعة ، لتغيرات الأمور السياسية الطفيفة ، أن ينسى مصالح البروليتاريا الجذرية و الميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي و لكلّ التطوّر الرأسمالي ، أن يضحّي بهذه المصالح من أجل منافع وقتية ، فعلية أو مفترضة : تلك هي خطوط السياسة التحريفية ."

( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)

هدف الشيوعيين الأصيلين لا المزيفين هو تحقيق الشيوعية كهدف أسمى. و على الشيوعيين أن يكونوا شيوعيين و ينشروا مبادئ الشيوعية لا الأوهام البرجوازية. وتتجسد الشيوعية في اشباه المستعمرات بالالتزام بمبدا الصراع الطبقي والنضال الوطني والتمسك بالقطيعة مع اجهزة نظام دولة الإستعمار الجديد والحفاظ على استقلالية البروليتارية الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية و عدم التذيّل بأي شكل من الأشكال إلى البرجوازية عامة . و ما نستشفّه مما تقدّم هو أنّ الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد لا ينتمي إلى الشيوعية و الشيوعية منهما براء ، فالحزب الجديد بالأحرى حركة ديمقراطية برجوازية لا تختلف كثيرا عن " حزب العمل الوطني الديمقراطي [ شق عبد الرزّاق الهمّامي ]" و " الحزب الإشتراكي اليساري" و "حزب العمّال التونسي"... إلاّ فى جزء من التاريخ الخاص بكلّ منهم .جميعهم صاروا بالأساس مجموعات تحريفية إصلاحية برجوازية أو بكلمات أخرى مجموعات ماركسية مزيّفة . و لم تفاجئنا تحافاتهم الإنتهازية الماضية و لن تفاجأنا تحالفاتهم الإنتهازية القادمة أيضا.

كافة هذه المجموعات " اليسارية " ، إلى جانب " الحزب الوطني الإشتراكي الثوري –الوطد-، تشكيلات نكوصية رجعية حيث أنّها جميعا عوض أن تسعى لأن تكون طليعة المستقبل تلوى عنقها و مناضليها ومناضلاتها و الجماهير الشعبية إلى الخلف ، إلى الماضي ، إلى ما قبل الماوية لدي البعض و إلى ما قبل اللينينية أو إلى ما قبل الماركسية لدي آخرين ، بإختصار إلى الديمقراطية / الدكتاتورية البرجوازية للقرن الثامن العشر عوض ديمقراطية / دكتاتورية البروليتاريا المستقبلية كمرحلة إنتقالية نحوالشيوعية الهدف الأسمى للشيوعيين و الشيوعيات الحقيقيين. النكوصيون رجعيون بإنتقائية و براغماتية يلوّنون مشاريعهم البرجوازية بألوان "يسارية " ، "ماركسية " فيشوهون الشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الثورية . إنّهم ماركسيون مزيفون .

و لا جدال فى أنّ القوى الرجعية سعت و تسعى دوما إلى إفساد الثوريين و الثوريات ، هذا أمر بديهي . و لا مناص من الإشارة إلى أنّ المسألة ليست مسألة شخصية بقدر ما هي مسألة خطّ بمعنى أنّها لا تتصل بنوايا البعض بقدر ما أنّ للخطّ الإيديولوجي و السياسي منطقه الخاص و نتيجة ما آل و يؤول إليه أمر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد يحدّدها هذا المنطق ، لا تحدّدها النوايا التى قد تكون حسنة لدي ثلّة من أتباعه . و إلى ذلك، يهمّنا أن نلفت النظر إلى أنّ مسألة تحوّل الثوريين إلى تحريفيين إصلاحيين ليست جديدة على الحركة الشيوعية عالميّا و عربيّا و قطريّا و فضلا عن العامل الذى ذكرناه نشدّد أيضا على عامل أنّ التهاون فى الدفاع عن الشيوعية مبادئا و تجاربا تاريخية و فى المسك بأرقى تطوّرات علم الثورة البروليتارية العالمية لتفسير العالم و تغييره ( أو إدارة الظهر لها من قبل القيادات خاصة عمدا لمآرب شخصية ) يخلق ضبابا كثيفا لدي المناضلات و المناضلين فلا يستطيعون عبره الرؤية و صعود الجبال مرارا و تكرارا ليبلغوا القمم فتتفسّخ روحهم الثورية و يقعون فى حفر التحريفية فيقطّعوا أوصال تعاليم الشيوعية الثورية و يصبحوا من عازفي ألحان الفكر البرجوازي المطلي بطلاء " يساري" فيستغلّهم أفراد أو أحزاب أو الدولة القائمة ذاتها ضد المشروع الشيوعي و العالم اللآخر الممكن ، العالم الشيوعي .

لذا نتوقف هنا لندعو النزهاء من أنصار هذا الحزب الذين يتطلّعون بحماس لأن يكونوا شيوعيين حقيقيين ينشروا الشيوعية إلى إمرين إثنين :

أولا ، أن يفكّروا مليّا فى مقولة ماو تسى تونغ التالية بشأن وجه من وجوه الأسلوب الشيوعي الثوري :

"على الشيوعيين كلّما واجهوا أمرا من الأمور أن يبحثوا عن أسبابه و دواعيه ، و أن يستخدموا عقولهم و يفكّروا بإمعان ليتبيّنوا هل الأمر يطابق الواقع و تؤيده مبرّرات سليمة أو لا ، و لا يجوز لهم بأي حال من الأحوال أن ينقادوا وراء غيرهم إنقياد الأعمى أو يشجّعوا العبودية."

و ثانيا ، أن يراجعوا الخطّ الذى ينتهجونه و يقيموا تاريخهم ومسارهم تقييما صحيحا من منظور بروليتاري و أن يرسموا لأنفسهم آفاقا ثورية لا إصلاحية و أن يختاروا عن وعي الإنحياز إلى البروليتاريا و الجماهيرالشعبية الكادحة و أن يتبنّوا علم الثورة البروليتارية العالمية لا الإيديولوجيا البرجوازية علما و أنّ هناك أفراد من ضمن هذه الحركة عشّشت فى أذهانهم و سلوكاتهم وممارساتهم التحريفية و ما من أمل بتاتا فى إصلاحهم.

و من البديهي أنّنا نرحّب بمساهمات أخرى تصبّ فى الإتجاه الذى رسمنا أي دفع النقاش و الجدال النظري لمزيد الوضوح السياسي و الإيديولوجي فى صفوف " اليسار" كما نرحّب بالنقد البنّاء من وجهة نظر بروليتارية و سنسعى للإستفادة حتى من النقد من أية وجهة نظر أخرى كانت على أن يلامس الحقيقة التى هي وحدها الثورية مثلما علّمنا لينين العظيم وشدّد على ذلك ماو تسى تونغ قائلا :

"على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب . وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلها ضد مصلحة الشعب ".

( " الحكومة الإئتلافية " ، 24 أبريل- نيسان 1945، المؤلفات المختارة المجلّد الثالث). ==================================================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجوبة على أسئلة متصلة بصراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيو ...
- بصدد بوب أفاكيان و الخلاصة الجديدة للشيوعية : محمد علي الماو ...
- الخلاصة الجديدة للشيوعية و تطوير الإطار النظري للثورة البرول ...
- مرحلة جديدة فى صراع الخطين حول الخلاصة الجديدة للشيوعية وصعو ...
- -الهوية الفكرية والطبقية للحزب الوطني الديمقراطي الموحّد-: ح ...
- محمد علي الماوي : الماكيافيلية أم المبادئ الشيوعية ؟
- لكلّ ذى حقّ حقّه : تحية شيوعية ماوية للحزب الشيوعي الثوري ، ...
- نداء إلى الماركسيين - اللينينيين - الماويين : الماويّة فى مف ...
- هل يطبّق الحزب الوطني الديمقراطية الموحّد المادية الجدلية أم ...
- النظرية الثورية أم الأفكار الرجعية و البرجوازية السائدة ؟- م ...
- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب لينيني ؟ - الفصل الثا ...
- حزب لينيني أم سفينة نوح ؟ مقتطف من الفصل الثاني من كتاب- الح ...
- الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي؟ - مقتطف من ال ...
- فى المجتمع الطبقي : الديمقراطية -الخالصة- أم الديمقراطية الط ...
- هوغو تشفيز و بؤس - اليسار - الإصلاحي .
- طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
- إغتيال شكرى بلعيد : إكرام الشهيد و فضح الأوهام الديمقراطية ا ...
- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟ الفصل الأوّل ...
- تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟ مقتطف من الفصل ا ...
- الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟ مقتطف من الفصل ال ...


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا .