أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - أبطالُ(الماو ماو) يتسولون في الشوارع!














المزيد.....

أبطالُ(الماو ماو) يتسولون في الشوارع!


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 08:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السيد(ماروغي) هو أحدُ أبطال ثوار (الماو ماو) في جمهورية كينيا المستقلة عن الاستعمار البريطاني الذي خيّم عقوداً في تلك الدولة وفي شرق أفريقيا عامة، وهو يتوجه إلى هيئةِ الأمم المتحدة بصفته مبعوثاً وطنياً عالياً.
والرجلُ الذي كان أمياً خلال ستين سنة من عمره سوف يعقد اجتماعات مع مسئولين هامين في الهيئة عن مشروعات التعليم للكبار في العالم!
إن حرب التحرير الوطنية التي شنتها قبائل الماوماو ضد السيطرة البريطانية لبستْ نسيجَ التقاليد ومستوى الوعي لدى السكان القَبليين في تلك البلاد فاختلطت المهمةُ النبيلة للتحرر الوطني بدمويةِ قبائل وعنفِ مجموعاتٍ بدائية، وكان لا بد للوعي المستنيرِ المناضل عبر هذه العقود من الفصمِ بين المهمة النبيلة للتحرر ومن البدائية الوحشية للعنف، فيرفعُ من الأول ويحيلهُ رمزاً وينقدُ الآخرَ ويضعهُ في إطاره البدائي المرفوض!
في الفيلم الآخاذ الذي يصورُ حياةَ السيد (ماروغي) العجوز الذي يشبه عصا طويلة انحنتْ، وتغضنت، وأزهرتْ شيباً شِعرياً، يخرجُ هذا المناضلُ العتيق من بين أكواخ الصفيح والسعف والجريد، ومن بين التلال الحجرية الصماء المنتشرة، ومن بين النسوةِ الكثيرات الكثيفات العاملات في حقول شبه جرداء، حيث تنتشرُ المساحاتُ الفارغة من الزرع، وتظهر شجيراتٌ قليلة أشبه بمظلات نحيفة قرب السماء.
الأولاد والنساء يعملون، والكثير من الأطفال يدرسون، في مدارس مزدحمة، ويتقدم هذا العجور ماروغي ليطلب من المدرسة أن يتعلم بعد كل هذا العمر وبعد كل هذا الجهاد في سبيل الوطن.
لكن المدرسة ترفضه فترةً، ويحدث جدلٌ ومشاحناتٌ بين أولياء الأمور وإدارة المدرسة التي توافق على انضمام ماروغي للعيال في سن السادسة والثامنة!
تمطر التساؤلاتُ الكثيفة حول شخص وظاهرة العجوز، فلماذا لم يتعلم، وأين كان من القراءة خلال هذه العقود؟ بل لماذا لم يتم توفير سكن له، ووسيلة مواصلات؟ ولماذا ينتقل ماشياً لا يملكُ ثمنَ تذكرة باص؟ ولماذا لا يُعطى العيش اللائق بمحارب وطني؟ وأين رفاقه في النضال والمؤسسات الوطنية بعد أن كافح كل هذه العقود؟
يبدو العجوز العصا المحنية على دروب الفقر مثالاً للبؤس الخادع، فهو كائنٌ صلبٌ لم تذوبه السنوات ليطلب بل ليتعلم ويتثقف ويغدو مثقفاً.
المصير الذي يواجهه هو نموذجي لمصائر شعوب العالم الثالث بعد عمليات التحرر الوطني المكلفة، والتي استغلتها الإداراتُ والجماعات السياسية المختلفة القبلية والدينية والاشتراكية والوطنية في إنشاء رأسمالياتها الخاصة، وفيما تحددَ مصيرَ المناضلين بالموت والسجون والغربة والفقر والنسيان ارتفع الانتهازيون وطفيليات الاستقلال على حساب الشعوب.
لكن الفيلم المعروض يجردُ القضيةَ ويحيلها لمصير فردي هو مصير السيد ماروغي الاستثنائي، وهو - أي البطل - يخرجُ في تجريدٍ ضبابي لا نعرفُ جذورَه وعلاقاته، وأغلب المناظر هي للطبيعة البرية الزراعية الهائلة الاتساع، ومجموعات الأولاد والنساء والعاملين في تلك البرية القاحلة، دون علاقات وثيقة بين هذه البيئة والمجتمع الاستقلالي الذي ظهر وجماعاته وحكوماته المستفيدة، وهو عرضٌ تجريدي، غائمٌ، يعكسُّ فهماً غيرَ تحليلي لتطور المجتمع، ويقدمُ شريحةً فكرية سياسية عائمة، لا تحفرُ في تلك التناقضات والفئات المختلفة، وكأنها مصير ما بعد التحرر الوطني المجرد حيث العَلم الوطني يرفرف على الجميع، وحيث المدن الصغيرة الممتلئة بالعمارات والأبنية والشركات فيما الأرياف والأزقة الفقيرة تعيشُ حالاتٍ ضاريةً من البؤس.
أغلب الحكومات المستقلة تناست مراحل الاستقلال وضحاياها ونضالاتها، وبعضها مسختها في قوالب إيديولوجية، ولم تعبأ بمن قدم دمه وبقي أهله بلا دعم معرضون للتشرد والفقر ويكرهون الاستقلال والأوطان وشهداءها، وهناك من استثمر المرحلة وأكتنز من إستغلالها وقدم صوراً مشوهة سياسية عنها.
وحين يعيش أطفالُ الماو ماو في الشوارع يتحولون للصوص ومجرمين ولكن ليس في سبيل التحرر ورفع قيم مضيئة وسط المخاوف والرصاص بل مجموعات من القتلة والسراق، انقطع عنهم ماض مجيد وظللهم عيشٌ أغبر!
ولم تستطع رسالةُ الرئيس الكيني وإجراءت الاهتمام بمناضلي الماو ماو في نهاية الفيلم سوى إضفاء معنى أبويً أكرامي على قضية سياسية وطنية عالمية لا تفيد فيها المساعدات الخيرية ولا هدايا اليتامى في الأعياد!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباديةُ تصنعُ الروايةَ
- مغامراتُ الثقافةِ الكبيرة
- أزمةٌ عربيةٌ إسلامية عامة
- الراقصُ في الرياحِ السياسيةِ
- يمينٌ متخثرٌ
- المحافظةُ والحرياتُ
- النبلاءُ والبذخُ
- تحدياتُ اليمينِ المعتدل
- من اليسارِ المتطرفِ إلى اليمين المتطرف
- نقابيةُ رأسماليةِ الدولةِ الوطنية
- بؤرةُ الوهمِ حديثاً
- الأزمةُ والعقلُ
- بؤرةُ الوهمِ قديماً
- سحرُ البيانِ
- القمة المضطربة لأمريكا
- مصطلحُ (الحرة) الاقتصادي الاجتماعي
- المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب(2-2)
- المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب (1-2)
- في التطورِ العربي العام
- ضد الانحدار المشترك


المزيد.....




- سقطت من طائرة!.. كتلة جليدية ضخمة تخترق منزلًا على بعد أقدام ...
- وزارة الصحة في غزة: ارتفاع حصيلة القتلى في القطاع واستمرار ا ...
- -ترمي لهدم النظم الأساسية في البلاد-.. أمن الدولة الكويتي يق ...
- الحوثيون يعلنون تنفيذ 3 عمليات ضد مدمرة أمريكية وسفينتين في ...
- نهاية مأساوية لشاب قتل والدته بطريقة وحشية في محافظة المنيا ...
- وفاة 14 حاجا أردنيا أثناء أداء مناسك الحج بسبب الحر الشديد و ...
- إعلان مؤتمر سويسرا: 80 دولة تتفق على وحدة أراضي أوكرانيا كأس ...
- حزن تجاوز المدى.. غزة تستقبل العيد بأسى وفقد في كل بيت وصلاة ...
- كعك العيد على نار الحرب في غزة: نساء نازحات في دير البلح يبد ...
- السلطة والسياسة


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - أبطالُ(الماو ماو) يتسولون في الشوارع!