جاسم هداد
الحوار المتمدن-العدد: 1213 - 2005 / 5 / 30 - 09:44
المحور:
حقوق الانسان
منذ تواجد الظلم , كان الى جانبه من يدافع عن المظلومين , وبالطبع هؤلاء من اصحاب الضمائر الحية الذين لا يهون عليهم رؤية الظلم واقعا و يرفعوا الصوت عاليا ضده , وهم من الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم وقد دفع اغلبهم الثمن غاليا تجاه مواقفهم هذه , ومتصفح التاريخ يجد فيه الكثير من القصص والحكايات . ونتيجة للتطور الذي حصل في المجتمعات البشرية ظهرت مهنة " المحاماة " , وهي مهنة نبيلة مهمتها الأساسية الدفاع عن الأبرياء في حالة وقوع ظلم ما عليهم , وخاصة عندما يتم اتهام المناضلين الشرفاء بتهم باطلة وخاصة تلك التي تتعلق بإزاحة كراسي الأستبداد والتجبر , وبأختصار شديد تكاد تتلخص مهمتها بالدفاع عن الحق ضد الباطل .
والمحامي وكما هو معروف عندما ينهي دراسته الجامعية يقسم قسم " شرف المهنة " , والذي يحمله مسؤولية المحافظة وصيانة شرف المهنة . وفي المجتمعات المتحضرة التي نسعى ونناضل من أجل ان ننقل بلدنا الى مصافها , يتحمل المحامي مسؤولية الحفاظ على اسرار موكله . وعراقنا الحبيب الذي دفع شعبنا ثمنا غاليا من اجل إقامة " دولة القانون " , التي يأخذ كل ذي حق حقه , وينال كل مجرم عقوبة جرمه , في ضلالها . ومما يؤسف له هذه الأيام قيام بعض ضعاف النفوس , ممن ضمائرهم في إجازة , بتحويل هذه المهنة الشريفة النبيلة الى مهنة تجارية رابحة , حيث تناقلت وسائل الأعلام بكافة اشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة تصريحات لبعض هؤلاء , ونشرت بعض الصحف مقابلات صحفية معهم , وطبعا " كل شئ بثمنه " . أحد محامي الطاغية صدام حسين وهو عراقي الجنسية , أستغل مهمته في الدفاع عن الطاغية واجرى لقاءات صحفية مع عدد من الصحف , واخذ يكيل المديح للطاغية , واصفا إياه بذلك الأنسان الورع التقي الذي يقضي اكثر وقته في الصلاة وقراءة القرآن , ولم يذكر هذا المتاجر بمهنة المحاماة , هل ان قراءة الطاغية للقرآن وإقامته الصلاة هي بسبب صحوة ضمير متأخرة , أم من اجل طلب الغفرآن من رب العالمين , عن الجرائم التي ارتكبها بحق شعبنا العراقي والشعوب العربية في الكويت والسعودية وسوريا , والشعوب الأيرانية , ثم ينقل تاجر المحاماة هذا خبرا عاجلا حول ان الطاغية إنتقل من كتابة الرواية الى كتابة الشعر . وللتأكيد على مصداقية خبره هذا قام بنقل بعض الأبيات زاعما انها للطاغية , ولكن صوت الحق لابد وأن يعلى , حيث في غفلة من تاجر المحاماة ذكر ان الطاغية يستأنس بـ " سماع الأنفجارات " , وهذه هي الحقيقة وهذا هو معدنه الحقيقي , يفرح لما يصيب ابناء شعبنا من آلام ومعاناة , ولما يفقده شعبنا من ضحايا جراء الأعمال الأجرامية التي يستأنس الطاغية لسماع اصواتها , والمطلع على نص المقابلة , يمكنه ملاحظة ان تاجر المحاماة يخاطب الطاغية بـ " سيادة الرئيس " , وهذا يعني عدم إعترافه برئيس الجمهورية الحالي المنتخب بشكل شرعي وقانوني , وهو اول رئيس جمهورية لا بل اول حاكم يتقلد المنصب الأول في الدولة العراقية بشكل شرعي وقانوني . ويبث هذا التاجر المحامي خبرا , ان سيده صدام تم اعتقاله في دار احد اصدقائه وهو يقرأ القرآن ويستعد لأداء الصلاة وليس في جحر الفئران , وأعتقد ان السبب واضح لكل الشرفاء سبب زج " القرآن والصلاة" عند الحديث عن الطاغية . ثم يصف التاجر المحامي كيف كان سيده بطلا اراد الأستشهاد لكن القدر لم يسمح له بأن " يستشهد في لحظة إعتقاله " , ثم يمارس هذا المحامى أبشع درجات الكذب فينقل ان الطاغية " لايفكر بالسلطة " , بل ان كل ما يفكر به هو " رؤية العراق عزيزا محررا من الأحتلال الأمريكي " , فهل يمكن لعراقي له ضمير حي شريف , تصديق هذا الهراء والدجل والكذب . ولكن ما العمل وصاحب الضمير الميت وجد في ذلك وسيلة رخيصة لكسب الدولارات , أليس هو من أدعى ان قوات الأحتلال عند مداهمتها لداره سرقت منه مبلغ " اربعين ألف دولار " !!!.
أما محامي المجرم " طه ياسين رمضان " وهو عراقي الجنسية ايضا صرح هو الآخر , كزميله السابق , لعدد من الصحف ما مفاده ان موكله لا يزال " وفيا " للطاغية , حيث انه طالب المحقق بالأشارة بـ " الرئيس صدام " عندما يتم ذكر الطاغية , وانه رفض عرض المحكمة بالشهادة ضد الطاغية صدام او الحديث عنه بسوء مقابل تخفيف الحكم عنه , وانه " جريئا " في آرائه حيث طالب لجنة التحقيق من الكونغرس الأميركي التي حققت معه بخصوص برنامج " النفط مقابل الغذاء " وبحضور المحامي التاجر , بـ " إنسحاب قوات الأحتلال فورا والتفاوض مع المقاومة " , ثم وصف كيف ان موكله " عراقي للكََشر" حيث انه رفض بشدة مقترح " تسفير صدام وأعوانه المعتقلين الى خارج العراق " عندما اقترح ذلك المحامي التاجرعلى لجنة التحقيق , قائلا " نحن عشنا في العراق وسنموت فيه " .
و من جهته فقد صرح محامي المجرم عبد حمود لأحدى الصحف ان قرار القبض على موكله باطل لأنه لم يوقع من " قاضي عراقي " , ويضيف " لا فض فوه " قائلا ان هذا يعد : " مخالفة صريحة لقانون العقوبات العراقي " وان المحاكمة غير قانونية لأنها " بنيت على باطل " !!.
اما محامي المجرم طارق عزيز , فكان أول من فتح طريق المتاجرة بمهنة المحاماة , من خلال اللقاءات الصحفية , فتارة يعلن أسماء من سوف يتم محاكمتهم من مجرمي النظام السابق , وتارة ينقل رسائل من المجرم طارق عزيز يطلب فيها مساعدة الرأي العام العالمي " الذي كان سابقا يستهزأون به " , لأنهاء معاناته , متعامين عن معاناة شعبنا طيلة خمسة وثلاثين عاما . وينقل شكوى موكله من " السجن الأنفرادي " وعدم السماح لهم " بالأتصال بعوائلهم " . ويبدو ان هذا المحامي " الذكي " يتناسى أن أسياده قاموا بتحويل العراق الى سجن انفرادي , وان اجهزتهم الأمنية بكافة مسمياتها , ليس فقط لم تكت تسمح بأتصال المعتقلين بعوائلهم , بل تم تحريم حتى السؤال عنهم . ويتذكر العراقيون كيف كان طارق عزيز ينعق في " فضائية الجزيرة " بأن كل معارض لنظام الطاغية عليه ترك العراق .
هناك سؤال يطرح نفسه , أليس في تصريحات هؤلاء التجار المحامين ما يحرض على الأرهاب ؟ , أليس ما يقومون به مخالفا لمهنة المحاماة النبيلة ؟ أليس أستمرارهم على ولائهم للنظام المقبور جريمة يجب محاسبتهم عليها ؟ أليس في مخاطبة الطاغية بـ " سيادة الرئيس " ما تستوجب المساءلة ؟
هذه الأسئلة نضعها امام نقابة المحامين ومجلس القضاء الأعلى ووزير العدل , ونأمل ان نسمع في يوما اجابة على احدها .
#جاسم_هداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟