أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - قصة العيد














المزيد.....

قصة العيد


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4247 - 2013 / 10 / 16 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


كان يا ما كان في قديم الزمان ، أول قرية زراعية في الأكوان كائنة في سفوح جبال كردستان العراق ، تحكمها إمرأة حكيمة ، و أسمها : السلطانة سليمة . في تلك المشاعة البدائية ، كان كل النساء و الرجال القادرين على العمل يكدحون يومياً عشرة ساعات في الزراعة و الري و الرعي و حياكة الملابس و بناء الدور للمتزوجين الجدد ، و ذلك على مدار أيام السنة ، و بدون إنقطاع . و لم تكن تلك المشاعة تعرف الأعياد . و كان يمكن أن تستمر البشرية بدون أعياد إلى زماننا هذا لو لم يقع الشاب " أمير " بحب إبنة جارهم الشابة " أميرة " و قرر الزواج بها . و عندما ذهب مع ذويه لخطبتها من أهلها ، إشترطت " أميرة " عليه أن يكون مهرها لؤلؤة حمراء يجلبها هدية لها لتدليها على صدرها ، و لتُباهي بها كل شابات القرية ، و تحتفظ بها مدى الحياة عربوناً لحبه لها .
- هذا طلب تعجيزي ، يا شابة ! قال لها أبو أمير .
- و هل أنا لا أستحق مثل هذه الهدية البسيطة ، يا عمو ؟
- تستحقينها و أكثر ، و لكنك – يا إبنتي العزيزة – تعلمين بأن اللؤلؤ الأحمر لا يوجد إلا في محار بحيرة الغار الرهيب الكائن في جبل قنديل ، و دونها الأهوال الصعاب و المخاطر الملهكة ؛ فهل تقبلين بتعريض حياة حبيبك الشاب " أمير" للخطر الجسيم بسبب حصاة ملونة ، ليس غير ؟
عندها تدخل أمير ، و قال لحبيبته :
- أنت غالية يا أميرة ، و طلبك رخيص . سأجلب لك ياحبيبتي أكبر لؤلؤة حمراء في الكون تليق بجيد أجمل فتاة في الكون !
في فجر اليوم التالي ، تمنطق أمير بخنجره و قوسه و سهامه ، و أخذ كلبه " عبعوب " ، و ودع كل أهل القرية ، و بضمنهم حبيبته و ذويها ، و ذهب إلى الغار الرهيب الكائن في جبل " قنديل " المشرف من بعيد على سهل القرية .
مضي يوم ، و يومان ، و لم يعد " أمير " .
في صباح اليوم الثالث ، جاءهم " عبعوب " يعرج لوحده ، دون صاحبه الشاب أمير . تفحصت أميرة الكلب عبعوب ، و لا حظت إصابته بالرضوض علاوة على العرج . سألته عن مصير حبيبها ، و لكن الكلب لم يحر جواباً ، بل مد ذراعيه و راح ينحب .
ذهبت أميرة إلى بيت السلطانة سليمة ، و قالت لها :
- لقد ذهب حبيبي أمير إلى الغار الرهيب قبل ثلاثة أيام لجلب لؤلؤة حمراء مهراً لي كما تعلمين . و اليوم عاد كلبه لوحده يعرج و ينحب ، و هو يرفض الكلام . أما حبيبي فلم يعد لحد الآن . فما العمل ؟
- و ما ذا تريدين ؟
- أريد عودة حبيبي ؛ سالماً معافى .
- و اللؤلؤة الحمراء ؟
- تباً للآليء العالم كلها ؛ أريد حبيبي و حسب .
- سأرى ما أستطيع عمله لإعادة حبيبك إليك سالماً معافى بأقرب وقت ممكن !
بعد خروج ، أميرة ، ذهبت السلطانة سليمة إلى بيت الحية " حكيمة " ، و نادت عليها ، فلما حضرت الحية ، قالت لها السلطانة :
- لقد ذهب أمير حبيب أميرة إلى الغار الرهيب قبل ثلاثة أيام لجلب لؤلؤة حمراء مهراً لها كما تعلمين . و اليوم عاد كلبه لوحده يعرج و ينحب ، و هو يرفض الكلام . أما حبيب أميرة فلم يعد لحد الآن . فما العمل ؟
- و ما ذا تريد أميرة ؟
- تريد عودة حبيبها ؛ سالماً معافى .
- و اللؤلؤة الحمراء ؟
- قالت لي أميرة : " تباً للآليء العالم كلها ؛ أريد حبيبي و حسب " .
- شابة ذكية ، هذه الفتاة أميرة !
- و أين هو أمير الآن ؟
- لقد غضب عليه جبل قنديل لأنه لم يكتف بأخذ لؤلؤة واحدة لحبيبته ، بل ملأ جيب قميصه بدزينة من اللآلي الحمراء ! و هكذا فقد أهتز الجبل غضباُ ، و حوصر أمير في بحيرة الغار بعد أن سقطت الصخور من السقف ، و سدت عليه طريق العودة .
- و مالعمل ؟
- ينبغي جعل جبل قنديل يهتز مرة أخرى !
- و كيف يمكننا ذلك ؟
- الجبال تهتز في حالتين : الغضب و الفرح . و لما كانت أثارة غضبة ليست أمراً حكيماً البتة ؛ لذا ينبغي بعث الفرح في قلبه هذه المرة .
- و كيف يمكننا ذلك ؟
- قلب الجبل كائن في وادي غابة أبي نؤاس عند أسفل قمته الصخرية ؛ أعلني يوم بكرة عيداً للناس ؛ و خذي أهل المشاعة كلهم لغابة أبي نؤاس ؛ و غنّوا و أرقصوا الدبكة هناك ، فيهتز قلب الجبل فرحاً ، و تتساقط الصخور التي تحاصر أمير ، و ينفتح طريق الخروج ، فيخرج هذا من الغار سالماً معافى ؛ و إن كان ينبغي عليك أن تجعليه يتخلي عن كل الآليء الحمراء قبل مغادرة المكان لئلاً يغضب الجبل مجدداً .
- ما رأيكِ لو نقيم عيداً للناس كل عام فنتفادى أي غضب لقنديل في المستقبل ؟
- فكرة سديدة ؛ أيتها السلطانة !
و هكذا كان في اليوم التالي عندما أعلنت السلطانة سليمة ذلك اليوم عيداً ، و ذهب أهل المشاعة كلهم لغابة أبي نؤاس ، و غنوا و رقصوا الدبكة هناك ، فاهتز قلب الجبل فرحاً ، و تساقطت الصخور التي تحاصر أميراً ، و أنفتح طريق الخروج ، فخرج هذا من الغار سالماً معافى ؛ و جعلته السلطانة يتخلي عن كل الآليء الحمراء قبل مغادرة المكان لئلاً يغضب الجبل من جديد . و في نفس ذلك اليوم تزوج أمير بأميرة ، و عيَّد الناس ثلاثة أيام .
و من يومها و الناس في كل العالم يعيِّدون كل سنة ، فتتفرح قلوب الجبال و البشر .

بابل
16/ 10 / 2013



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفسة إسطنبول
- تخريفات إبراهامي و التشكيك بصدد طبيعة الصراع و قوانين الديال ...
- تخريفات إبراهامي و التشكيك بصدد طبيعة الصراع و قوانين الديال ...
- نَجْلاء
- الخِطّة الأمنيّة العبقريّة
- تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 7 الأخيرة
- مهرجان الصماخات
- تطور الشعر الإنگليزي 1920 - 1950 / 6
- خروف الطاقة و سيّده
- شعشوع ، تائه الرأي
- البومة زلومة المشؤومة و خماسي الحُكم
- تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 5
- نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا ...
- نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا ...
- تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 4
- كابوس الدوّامة الإنفلاشية
- تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 3
- تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 2
- تطور الشعر الإنگليزي 1920-1950 / 1
- الديك و عضو البرلمان


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - قصة العيد