أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الديك و عضو البرلمان















المزيد.....

الديك و عضو البرلمان


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


في حوالي الساعة العاشرة صباحاً من يوم شتوي قارص ، دخل الفرّاش "أبو عدنان" غرفة شعبة الذاتية - على عادته صباح كل يوم دوام رسمي حال إتمامه تنظيف أرضية و أثاث كل غرف و ممرات دائرته - و سأل الموظفات الأربع فيها :
- هل سجّلتن احتياجاتكن لهذا اليوم ؟ إنني نازل للسوق .
- سأعد لك ورقة المشتريات لهذا اليوم . تبرَّعت "أم طه" .
تناولت أم طه ورقة من مِجَرِّها ، و دوَّنت عليها أولى طلبات موظفات شعبتها : كيلو علف لكتكوت إبنها "طه" . ثم أعطت الورقة لزميلتها ، "أميرة" ؛ فدوّنت عليها : صمّونتين بمائتين و خمسين ديناراً ( واحدة لها ، و الثانية تبقيها في كيسها ، تحسباً لاحتياج غيرها من موظفي الدائرة ممّن قد يلجئون إليها بطلب الصمّونة في الضحى حيثما تلجأ عصافير بطونهم إلى الزقزقة ؛ و بعكسه ، تعود بها للبيت و هي ما تزال بالكيس ) . أما "شيماء" ، فقد طلبت من أميرة تدوين : كيس شاميّة بخمسمائة ديناراً . و بالنسبة لـ "أم دعاء" ، فقد طلبت لفّتين مشكَّل ؛ مع عبوة "نستلة كيت كات مزدوجة" ، و علبة بارد بأربعة آلاف دينار – أين تذهب كل هذه الأطعمة الدسمة التي تزلطها في ستِّ وجبات يومياً ، وهي تزداد نحافة يوماً بعد يوم على نحافتها المزمنة كعود الخيزران ؟
لم تكن أم طه تعرف كم هو بالضبط سعر كيلو علف الكتاكيت كي تنقِّد الفرّاش ثمنه ، و ذلك لتعدد أنواعه ، و تباين أسعاره من محل لآخر حسبما سبق و أن أعلمها إبنها " أثير " بذلك . فسألت أبا عدنان :
- بكم هو سعر كيلو علف الكتاكيت الجيد في السوق ؟
- غالي ، و هو غير متوفر في دكاكين السوق المجاورة .
- هل يكفي ألف دينار ؟ لقد إبتاع لي إبني "أثير" نوعية جيدة من العلف بدينار ، قبل أسبوعين ، و إن كنت لا أعلم من أين اشتراها .
- كلا ، لا توجد في السوق مثل هذا الأسعار للعلف الممتاز ؛ هذا السعر يعود إلى عشرة أعوام خلت !
- خُذ هذه الخمسة آلاف دينار - إبتع لي كيلو من العلف الممتاز ، و أحتفظ بالباقي لك .
- صار ! هل شاهدتي ما حصل اليوم ، يا أم طه ؟ لقد هدَّموا حائط البناية ، و أعادوا بناءه ؛ و لكنهم نسوا إقامة شبّاك العلوية بنت الحسن و تكيتها !
- أي حائط هذا ؟
- الحائط الكائن على يسار باب الدائرة ؛ ألم تلاحظينه ؟
- هاهاهاها ! و مَنْ الذي لفّق لك قصة العلوية هذه ؟
- إنها قصّة صحيحة ؛ نعم ! فقد أطلعني عليها المدير بنفسه !
- مضبوط ! إذا قالت حَذامِ ، فصدِّقوها ! ألم تكتشف بعد أن مديرنا هو من فصيلة المسؤولين الجدد في العراق العظيم و الذين لا يعرفون للصدق أي معنى ؟ تساءلت أميرة .
- هاهاهاهاها ! أؤكد لك إنها حكاية وهمية ! يا لك من رجل طيب مسكين ! أكّدت أم طه .
كان الفرّاش أبو عدنان عاملاً يكدح ليل نهار لإعالة شقيقته ( التي طلقها زوجها كي يتزوج بالرابعة ، على سنة الله و رسوله ) مع طفلها الوحيد الذي يناديه بـ : "بابا" ، و زوجته الشابة - التي تعاني من مرض السكري و ارتفاع ضغط الدم - مع أطفاله الثلاثة : البنت الكبرى في الصف الرابع الابتدائي ، و الصغرى في الصف الأول الابتدائي ، و ابنه البكر – و عمره إحدى عشرة سنين – الذي طُرد من المدرسة الابتدائية لأنه واصل الرسوب في الصف الأول أربع سنين متتالية ، فنقله إلى مدرسة لتأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة . كما كان غارقاً في الديون المتراكمة حتى أعلى هامته ، و غالباً ما كانت مائدة الفطور و العشاء لعائلته لا تزيد أطباقها على الخبز و الشاي فقط .
كانت ورقة طلبات غرفة الذاتية آخر ورقة يستلمها في ذلك اليوم من مجموع الغرف العشرة العائدة للدائرة التي يعمل فرّاشاً فيها . و لم يكن أبو عدنان يطلب لنفسه شيئاً لقاء مشاويره اليوميّة للتسوِّق لموظفي دائرته ، و لكنه كان لا يمانع من تسلّم هديّة نقدية بسيطة من هذا الموظف أو ذاك عند إستلامهم لمشترياتهم منه . و بعد إنتهاء ساعات الدوام الرسمي ، و فراغه من تناول وجبة غداء المرق و الخبز بلا زيادة في داره ، يُخرج أبو عدنان عربة الدفع الخاصة به ، ليشتغل حمّالاً في السوق ، على باب الله .
عندما جلب أبو عدنان كيس العلف للكتكوت ، قال لأم طه :
- لم أستطع الحصول على كيلو العلف الممتاز للكتكوت بأقل من ألفين و خمسمائة دينار ، و ذلك بعد أن طوّفت على كل محلات العلف ، و ساومتهم حتى تقطعت أنفاسي .
منذ أول يوم تعيينه بالدائرة قبل ستة شهور – ببركات رشوة مقدارها ألف دولار أمريكي دفعها مقدماً لمدير الدائرة بعد أن إستدانها بالربا الفاحش بنسبة 25% شهرياً من إبن عمته صاحب شركة الصرّافة المجازة رسمياً – عَرِفَ الموظفون أبا عدنانَ عاملاً أمياً بسيطاً ؛ و مخلصاً ، يحبُّ خدمة موظفي دائرته ؛ و هو لا ينزعج من قيام بعض الموظفين بإستغلال بساطته و استغفاله عبر ترديد القصص المفبركة على أسماعه ، مثلما حصل عندما إكتشف المدير أن حائط ضلع الجدار الخارجي الأيسر للبناية الجديدة لدائرتهم العتيدة – المستلمة من المقاول تواً – قد بدأ يدلق كرشه بالتدريج المتفاقم – مثل حيتان أعضاء البرلمان و مجلس الوزراء – مهدداً المارّة بالإنهدام عليهم ؛ كما لو كان العراق تنقصه الأسباب الجديدة و المبتكرة للموت و الأذى . و لذلك ، فقد بات من الضروري هدمه على حساب الدائرة ، و إقامة حائط جديد سريع العطب مكانه ، بانتظار هدمه و إعادة بنائه مرة كل ستة شهور حسب القانون و الأصول . فَرِح رئيس الدائرة للرزق "الحلال" و غير المتوقع هذا النازل من السماء على جيوبه التي لا تشبع من التخمة ، فأنجز بسرعة البرق الإجراءات الرسمية باستحصال الموافقات و التخصيصات المطلوبة للهدم و إعادة البناء . و كل ذلك بسبب ضميره الحي ، و حرصه المتجرد على إبعاد المخاطر عن أرواح المارة ؛ و ليس لزيادة إنتفاخ جيوبه الفضفاضة بالملايين الخمسة التي تقاضاها مقدماً من المقاول حسبما أثبته على نحو قاطع أحد مدقّقي الدائرة ، و الذي تم نقله بعقوبة إلى دائرة أخرى حال تقديمه للمدير العام تقريره المنقَّط و المدعم بالأقراص المصورة و التي تفضح تسلكات المدير ، و ذلك بحجة كونه من "العلمانيين الكفرة" الذين يشكلون خطراً على طهارة و سلام الدائرة المشهود لمديرها بالنزاهة و التقوى . و عندما إستفسر أبو عدنان من مدير الدائرة - البعثي و وكيل الأمن سابقاً ، و أحد أشرس قطيع الكواسج الذي يتسنّم كراسي الحكم حالياً بفضل الغيرة الأمريكية الزائدة على مستقبل البلد و ازدهار شعبه - عن السبب في هدم جدار بناية الدائرة الجديد ، أجابه المدير بإلهام أحباب الله المكشوف عنهم الحجاب ، و هو يسبِّح بمسبحته الفسيفائية الطويلة :
- ألم تسمع بالحكاية ، بعد ؟ بالأمس ، زارنا سيد معمم ، نوراني الوجه ، جليل المقام ، و أفادنا بأن جدّه الإمام الحسن بن علي - عليهما أفضل الصلاة السلام - قد زاره فجر اليوم السابق في المنام ، و أبلغه بأن إحدى بناته العلويّات مدفونة تحت أساس هذا الجدار الدالق البطن بسبب تجاوز السابلة بالمشي قربه دون خلع أحذيتهم ؛ و الذي يجب هدمه ، و بناء شبّاك للتبرك عليه . لذا ، فقد قررنا النزول عند رغبة الإمام عليه السلام ؛ و هدم الجدار ، و بناء شبّاك ، مع تكية للعلوية ، و كل ذلك قربة إلى الله تعالى ! و الله و لي التوفيق لعباده المؤمنين الصالحين من الملتزمين بمبادئ القانون ، و أصول و أركان الدين الحنيف !
- لو أنّكِ إشتريتِ لابنك طه ديكاً كبيراً بسبعة آلاف دينار بدلاً من الكتكوت ، لتفاديت دفع كل هذه التكاليف المتفاقمة !
- و ما ذا أعمل ، يا أم دعاء ؟ لقد أصرَّ طه باكياً على شراء كتكوت صغير له بعد أن سمم الجيران أرنبته ، و ماتت ؛ فإشتريت له كتكوتين أخوين بدينارين ، و لكن أحدهما مات بعد يومين ، و بقي واحد فقط .
- و لماذا مات ؟
- سقط صباحاً في حوض حديقة الدار الذي إمتلأ بمياه المطر الهاطل ليلاً ، فعوّش ، و راح يرتجف ؛ ثم مات في الليل ، رغم أنني حرصت على تدفئة مكانه جيداً . عندها ، بكي عليه طه كثيراً ، و طالبني بإقامة مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة أسوة ببنت الجيران المراهقة التي إنتحرت بحرق نفسها بالبنزين بسبب سوء معاملة زوجة أبيها المتواصلة لها ، و رفضها البات أن تتزوج من حبيبها لوجود علاقة حب شريف بينهما !
- هاهاها ! و هل أقمتم مجلس الفاتحة على روح الكتكوت المرحوم ؟
- قرأ عليه طه سورة الفاتحة ، ثم دفنه في حديقة الدار بين قبْرَي الأرنبة المسمومة و الحمامة المقتولة ببندقية الصيد الصينية ذات التصويب الليزري عن بُعد . أما أخوه ، فقد بقي يناديه مزقزقاً بلا انقطاع ، و هو يبحث عنه ليل نهار طوال أسبوع . و عندما يأس من عودة أخيه إليه ؛ لجأ للمكان الذي كان أخوه يجلس فيه ، و اضطجع عليه ، واضعاً رأسه بين جناحيه ، و راح يذرف الدمع بصمت مهيب . إن هذا الكتكوت يستحق كل رعاية ، و حلال عليه كل دينار أصرفه عليه !
- هاهاها ! العقل من الله !
- إن كلام أم طه هو عين العقل ! و الله يقول : إرحموا مَنْ في الأرض ، يرحمكم من في السماء ! عقّبت أميرة .
- و لماذا تضحكين و تستهزئين بالمقابل ، يا أم دعاء ؟ ها ؟ أليس للكتكوت روح مثل روحنا نحن البشر ؟
- نعم ، هو روح ، مثل كل المخلوقات : الإنسان و الحيوان و النبات . أمّنت أميرة .
- هاهاها ! للنباتات روح ! يشفيكم الله ! علّقت أم دعاء .
ردَّت أم طه بالقول - يسلم فوك ، يا أميرة ؛ يا بنت الأمراء . هل تعرفين ، يا أم دعاء ، أن النباتات هي أشرف من الإنسان بما لا يقاس ؟ إنها علة حياتنا على هذه الأرض ، و واهبة الخير للجميع ، و هي لا تؤذي غيرها من المخلوقات ، على العكس من بعض البشر الأشرار كالأمريكان الذين يتباهون بكون وجودهم قد عُمّد بدماء ملايين البشر الأبرياء المغدورين بفضل أسلحتهم و قنابلهم الفتاكة التي حصدت من أرواح البشر أكثر من عدد أرواح الحشرات التي تقتلها كل المبيدات في يومنا هذا . أما بقية المغدورين ، فإنهم ينتظرون مصيرهم المحتوم وقوفاً في الطابور - الذي له أول ، و ليس له آخر ؛ و بعضهم ما زالوا يسْبَحون في أرحام أمهاتهم اللائي لن يلدنهم إلا لكي تجد القنابل الأمريكية الذكية فيهم طعاماً هنيئاً مريئاً لها !
عندما عادت أم طه لدارها ، وجدت إبنها الأصغر ، طه ، يلعب مع كتكوته في حديقة الدار . يتخير طه أكبر حبّة رز مطبوخ من إناء الخزف الكائن إلى جانبه ، و يضعها وسط باطن كفه ، و ينادي على الكتكوت :
- كُتْ كُتْ كُتْ !
فيركض الكتكوت خافقاً بجناحيه نحوه ، ثم يقف عند كفه ، و يمدّ رأسه ، فيلتهم الحبَّة من مكانها بنقرة واحدة .
- إنتبه لئلا ينقر الكتكوت راحة يدك !
- أبداً ، يا ماما . أنه يصوِّب منقاره على الحبَّة فقط . لم ينقر يدي و لا مرة واحدة . إنه كتكوت حبّاب ، يا ماما !
- لقد اشتريت علفاً ممتازاً له !
- شكراً ، ماما !
بعد أن دخلت أم طه مطبخ الدار ، فتحت لأول مرة كيس طعام الكتكوت ؛ فوجدت أن قوامه كله من نخالة طحين الحنطة المؤذية لأمعاء الكتاكيت . لامت نفسها لكونها لم تتفحص محتويات الكيس حال جلبه لها . ثم ، اتصلت هاتفياً بابنها "أثير" – الذي يسكن مع عائلته داراً بعيداً في المدينة – و سألته عن موقع المحل الذي اشترى لها منه طعام الكتكوت قبل أسبوع ، فقال لها : في السوق العصري .
في اليوم التالي ، ذهبت أم طه بنفسها للسوق العصري ، و وقفت أمام محل تصطف على أرضيته الجرادل المفتوحة ، و المليئة بأنواع أعلاف الدواجن .
- عندك علف جيد للكتاكيت ؟
- عندي نوعان : هذه عليقة بالبروتين للكتكوت من البيضة ، و هذه عليقة بدون بروتين للكتاكيت الكبيرة .
تفحصت أم طه بأصابعها عيِّنة من العليقة بدون بروتين ، فوجدتها خشنة ؛ فقررت شراء العليقة بالبروتين .
- بكم سعر الكيلو الواحد من طحين البروتين هذا ؟
- بألف دينار .
- أريد كيلو ، لطفاً .
- كم من الكتاكيت لديكِ ؟
- كتكوت واحد فقط ، أربّيه رفيقاً لابني الصغير طه ! و هذه هي المرة الأولى التي أشتري له فيها العلف بنفسي ؛ فأن إستساغه الكتكوت ، فبها ؛ و إلا ، فسأعطيه لجارتنا "أم ود" التي تربّي ديكاً و دجاجتين .
- عفية عليك ، أخيتي ! أما أنا ، فأربِّي في داري ديكاً واحداً مع خمس دجاجات ذات فروخ ؛ و هو ديك نجيب : ما أن أطرق على باب الدار ، حتى يميز طرقاتي ، فيترك دجاجاته و بناتهن ، و يركض نحوي لاستقبالي فرحاً خلف الباب ؛ و يحييني بأجمل الأصوات فور دخولي الدار ؛ و يحرص على أن يشايعني بنفسه إلى غرفة الإستقبال . أنه أحفى بي من أولادي الصغار الذين لم يفكر أحد منهم باستقبالي عند باب الدار يوماً .
- لطيف !
- قبل أسبوع ، تحرك لاستقبالي عند عودتي عصراً من المحل ، و لكنه سقط أرضاً وسط الممر فجأةً . أسرعت إليه ، و حملته ، و تفحّصته ، فتصورت أن صحته ليست على ما يرام . و رغم تعبي الشديد ، فقد هرعت به حالاً للعيادة البيطرية لابن الفلوجي ، و الكائنة مقابل السجن من جهة مرقد الإمام "إبن طاووس" . كشف عليه الطبيب البيطري ، ثم تبسَّم ، و قال لي : " إن ديكك هذا بصحة جيدة ، و لكن ظِفرَي إصبعية الكبيرين معقوفان بسبب إبقاءك لهما بدون تقليم مدة طويلة ، الأمر الذي يؤثر في توازنه عند المشي " . ثم قلَّم الطبيب ألظفرين المعقوفين ، و عقّم ملتحمتيهما ، وضمّدهما ، و رجعت به للدار . و لا أستطيع التعبير لك عن مبلغ فرحتي و أنا أشاهده يتبختر بمشية ثابتة و هو يزقزق وسط دجاجاته حال وطئه لأرضية الدار ؛ كما لو كان أحد أطفالي قد توعك فجأة ، ثم تعافى فور أخذه للدواء مباشرة !
- صحيح . لقد سبق لي و أن جربت مثل هذا الشعور .
- هل تدرين – يا أخيتي – أنني أحس و كأنني عضوَ البرلمان الداخل لداره محفوفاً بعشرات الچِحِنْتيّة من أفراد حمايته في كل يوم أرى فيه ذلك الديك يخفّ عند باب الدار نحوي ، و خلفه الدجاجات و بناتهن ، لاستقبالي بأحلى سلام جمهوري ؟ إنه يسير بانتظام إلى جانبي متبختراً ، و خلفه طابور الدجاجات المزقزقات ، كما لو كان آمراً لحرس الشرف ! هل أضع لك العلف بكيس ورقي ، أم من النايلون ؟
- ورقي .
- نعم ، الورق أحسن ؛ إنه لا يلوث البيئة ! هل تعلمين أن هذا الديك أشرف عندي من أعضاء برلماننا الفضيحة ؟
- كيف ؟
- عندما أضع الحَبَّ للدجاج في معلفهن ، يشرف الديك على توزيعه على كل أفراد رعيته بالعدل و القسطاس ، و يحرص كل الحرص على عدم مدِّ منقاره لالتقاط و لا حتى حبّة واحدة لنفسه مطلقاً ، بل ينادي على دجاجاته و فروخهن أولاً ؛ و يكسِّر الحَبًّ الخشن بمنقاره القوي لهن ، و ينقر على الكتكوت الذي يريد الإستئثار لنفسه بحصة أكبر من غيره ، و ينتظر مزقزقاً حتى يشبع كل أفراد رعيته . بعدها ، فقط ، يلقط أقلَّ الحَبَّ لنفسه بترفّع أثير ، و عيناه و لسانه تحْدُبان على كل فرد من أفراد رعيته في كل صوب . أما أعضاء البرلمان عندنا ، فإنهم لا يستحون من منح أنفسهم المليارات من أموال الشعب بلا أي حساب ، و لا أدنى استحقاق ، و بلا ذرَّة من الغيرة ؛ فيما رعيتهم تتضور جوعاً وسط الظلام و انعدام الخدمات و الرعاية من كل نوع ، و تشبع يومياً حد التخمة من الإنطحان بتفجيرات المفخخات المبررة بـ "الخرق الأمني الطارئ" ، و من إعلان القنوات الفضائية التابعة للحزب الحاكم إلقاء القبض بنفس اليوم على الإنتحاريين الإرهابيين الذين فجّروا أنفسهم في المساجد و الكنائس و الأسواق و عمّال المسطر ، و من اشتغال و تغنّم المسؤولين عن مكافحة الإرهاب بالإرهاب .
- عندك حق ! إذا كنت لا تستحي ، فاعمل ما تشاء !
- رحم الله والديك . تفضلي : كيس العلف !
- شكراً . لو يصدر قانون يحدد رواتب و مخصصات عضو البرلمان بنصف مليون دينار شهرياً فقط ، لما جلس تحت قبة البرلمان غير الشرفاء من الحريصين على سمعتهم و سمعة شعبهم و مصالحه المصيرية المضيّعة و المهدورة ، بدلاً من أولئك الذين يبددون وقت الشعب الثمين بالتراشق فيما بينهم بالشتائم و العصي و المدس و الشحّاطات النتنة و ذلك أمام عدسات الفضائيات !
- رحم الله والديك ! لو جرى تطبيق مقترحك الممتاز هذا – و هذا ، طبعاً ، من رابع المستحيلات – لاستقال أغلب أعضاء البرلمان ، و لعادوا لوظيفتهم الأصلية !
- و ما هي وظيفتهم الأصلية ؟
- القوادة ، حاشا مقامك المحترم !

البصرة ، 10 / 5 / 2013



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب الخريفي في ترجمة لقصيدتين عربيتين
- الماركسية و الأخلاق / 2
- ثلاثيات عتيقة
- معالي الوزير السيادي الخطير
- أحلام زنزانة الإعدام
- العبقريون الثلاثة
- الماركسية و الأخلاق
- قصة حبيبين
- الغربان و الحمير
- قطاع الخدمات في النظام الرأسمالي من وجهة نظر ماركس
- القرد و الجنّية و الغول
- رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة ...
- أبا الصّفا / مرثاة للشهيد الشيوعي الدكتور صفاء هاشم شبر ، أس ...
- الإمتحان
- الفيل و الضبع و البغل
- طرزان و ذريته
- رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة ...
- رد على د . مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة
- شيخ المتقين و الخنازير
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 3-3


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الديك و عضو البرلمان