أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الإمتحان















المزيد.....



الإمتحان


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 01:09
المحور: الادب والفن
    


- ها ؟ هسّا شلونها كبّة الموصل هاي ؟
- طيبة . أطيب من مالت صاحبك بباب المعظم .
- ندز على إستكان چاي نشربه هنا ؛ لو نروح نشربه عد صاحبنا بمقهى أبو سْمْيرة مقابل الإمام الأعظم ؟
- خلّي ندز نشربه هنا . باچر عدنا إمتحان إستيعاب ، و أنت تدري هاي أصعب مادّة ، و ما أريد أضيِّع الوقت بالروحة و الجيَّة للـگـهوة .
- عيني ، سيِّد وليد ، بلا زحمة عليك ، وصّيلنا على چايين !
- صار . شرهان : چايين !
- يجرا لك ، إستادي !
- شـگـد درجتك مالت إمتحان الفصل الأول ؟
- 12 من 25 ، خوما مثلك: 21 من 25 !
- تريد نتبادل الدرجات ؟
- و الله لو يسوّون إشتراكية بالدرجات مالت الطلاب چان خوش !
- ثلاثٌ ليس فيهن إشتراكية : درجات الإمتحان ، و شريكة الحياة ، و العقوبات !
- صَدَقَ كريم العظيم !
- الفاااااتحة !
- بسبسبسبسبس !
- عيني ، سالم ، ترا 12 هَمْ خوش دَرَجة ، لأن ما كو ناجحين بالصف غير بس خمسة من أصل 28 طالب .
- عيني كريم ، الله يخلّيك ، أريدك اليوم تـگـعد تقرِّيني زين حتى أگـدر أعدّل درجتي !
- و شنقرأ بمادة الإستيعاب ؟
- ها ، صحيح ، نسيت . راح تجيبلنا قطعة عشوائية . صُدُگ أصعب درس في قسم اللغة الإنـگـليزية كله هو مادة الإستيعاب . كلشي ما ينقرأ بيها . و أصعب أستاذة هي مارج رحمة الله !
- هذاك الشهر ، مِن وزِّعَت علينا أوراق الإمتحان ، رِحْتِلها ، و گـِتّلها : عيني ست ، أشو بقية الشُعب اللي مدرِّسهم أستاذ فلتان ، الطلاب الزينين ماخذين عنده أربعة و عشرين و تلاثة و عشرين من خمسة و عشرين ، و إنتِ إنطيتيني على جوابي الكامل بس 21 . أرجوچ زيِّديني فَد درجتين ، تلاثة ؛ لأن جوابي كامل ، و آني طالب شرف ، و ورايا دراسات عليا بلندن ، و المعدَّل العالي يفيدني بالمنافسة ! تدري شجاوبتني ؟
- إي عيني آني أدري بيك : تموت على الدرجات العالية ، و ما تنام الليالي إذا واحد أخذ حتى و لو نص درجة أكثر منك ! كمّل ، كمّل ، شـگـالت ؟
- گـالت: شوف مستر كريم ، الدرجة 21 من 25 عندي هي أعلى من الدرجة 25 من 25 عند أي أستاذ غيري . و گـالتلي : من تروح للندن ، و تـگـللهم مدرِّستي هي مارج رحمة الله ، راح تشوف شلون راح يقدِّرون درجاتي إلك ، و راح الأساتذة هناك يـگـولولك : إنت لازم تفتخر بدرجتك هاي لأنها درجة مارج رحمة الله و ليست درجة أي أستاذ آخر !
- ملعونة !
- لاع ، ما تستاهل اللعنة . ترا هيّا كُلّش خوش أستاذة : تِفْتِهم ، و تفهِّم ، و سبورت ، و أخلاقها راقية !
- صحيح ، بس هيّا همّاتين كُلّش صعبة . العام الماضي ، رَسِّبت 12 طالب في الصف الثاني . كلهم رسبوا بس بدرسها .
- لا تخاف أبو غانم ، آني متأكد إنت راح تنجح بالإستيعاب . صدُگ ، شلون صار إبنك غانم ؟
- زين ، راح منّه التيفو ، و الحمد لله . هذاك الاسبوع من نزلت للبيت ، درّسته شويّا إنـگـليزي حتى يعوّض عن فترة الإجازة المرضيّة اللي عاف بيها المدرسة .
- ليش هوّا المحروس إبنك بياصف صار ؟
- بصف السادس .
- يا سادس ؟
- الإبتدائي ، غير ؟
- و لويش عايف السادس الإعدادي ، و رايح للسادس الإبتدائي ؟
- هاهاها ! تدري معلمتهم أم الإنـگـليزي شلون تعلّمهم تلفُّظ كلمة "أوكلوك" ؟
- شلون ؟
- آآكلوك ! مثل أكل الثريد !
- هاهاها ! شبيك ، تدري الأمريكان يلفظوها "آكلوك" !
- و الله ما طيّح حظ اللغة الإنـگـليزية غير بس الأمريكان . اللي يشوفهم و همّا دا يحچون إنـگـليزي ، ما يـگـول دا يحچون مثل الأوادم ؛ يعلچون باللغة عَلِچْ !
- ما كافيهم مطيّحين حظ الفقراء في كل أرجاء العالم ، إننوب طيّحوا حظ اللغة الإنـگـليزية . هَمْزين ماعدهم لغة خاصة بيهم ، هَمْ چان خبصونا بيها خبص ليل نهار ، مثل ما خابصينا اليوم بنسوانهم ، و الله شنو : فرج المرأة الأمريكية أحسن من غيرها من نسوان العالم !
- تعددت النسوان ، و الفرج واحد !
- جاءنا الفَرَجْ !
- إلمن الچايين ، أستادي ؟
- هنا عيني ، هنا ! شكراً .
- تؤمر !
- العفو ، ما يأمر عليك ظالم .
- بالعافية !
- نمف ، نوه . مبيَّن عليه تخدير جديد يا أبو غانم الورد ! ريحته طيبة .
- فرروب . عه . إي ، خوش چاي . سنكين ، و تازة ! و الله أهل الأعظمية عدهم ذوق بالأكل و بالشرب !
- صحيح ! بس ترا كل مناطق بغداد أكلها طيب : الحاتي ، تاجريان ، إبن سمينة ، أبو يعقوب ، أبو يونان ، مطاعم المسـگـوف بشارع أبو نؤاس ، كبّة أبوعمران !
- هاهاها ، عهو عهو عهو !
- ها ، غَصّيت بالچاي ؟
- عهو عهو عهو ! تدري شكاتب قطعة داخل محل الكبّة مالته ؟ عهو عهو .
- إي ، كاتب : أبو عمران ، دبلوم إختصاص بالكبّة !
- هاهاها ! عهعهعهع !
- مرة سألته : عيني أستاذ أبو عمران ، إنتَ من يا معهد ما خذ شهادة الدبلوم مال الكبّة هذه ؟ تدري شـگـاللي ؟
- شـگـال ؟ عه عهعه .
- من معهد ﭬيرا ! هاها !
- هاهاها ، عه ، عه ، عوهوه . الچاي طلع زقـ زقنبوووت . عه عه عهع . هعم .
- گـول : حلاوة و لا عداوة ، و هسّا تروح الشَرْگـة .
- حلاوة و لا عداوة . هعم .
- گـتله : عيني أستاذ أبو عمران ، هذا شلون حچي ؟ إي شنو إنت دا تُنصب عليّا ؟ أكو واحد ما يعرف معهد ﭬيرا الأهلي هوّا متخصص بتعليم البنات الخياطة و التطريز ؟ زين : الخياطة وين ؛ سواية الكبّة وين ؟ ما تفهِّمني شنو الموضوع ؟ تدري شـگـللي ؟
- عه عه ، شـگـال ؟ عهم ، عهم .
- گـال: إنت مبيِّن عليك بعدك وليد زغيرون ، و هستوها أمّك شايلة عنّك القماط ، و ما تفهم شي . من تكبر ، و تِطْلَعْلَك لحية ، تعال و أكل كبّة هنا ، و بعدين قِّدملي إلتماس رسمي ، و بيه طابع أبو الميّة ، وعود إذا قطع عقلي ، يجوز راح آني أشرحلك شنو الموضوع !
- هاهاها ! گـِزّة گِـزّة گِـزّة !
- هاهاها . گـلتله : عيني ، أستاذ أبو عمران ، ترا آني طالب جامعي ، و عمري راح يصير ثمنطعش سنة - بس الحچي إبّيناتنا : ما گـتله آني أزغر طالب بجامعة بغداد ، و الله يرحمه أبو عزيز الفرّاش مالت باب الكلية چان العام يوميّا يجرني بالطبّة الصبح من ياختي و يـگـلّي : و لك هاي إنتَ وين مولَي ، ها ؟ ليش إنت ما تدري هاي هنا عدنا كليّة ، مو إبتدائية ، و آني أنطيه كل صبحية درهم حتى يخليني أطب – الحاصل ، تدري شنو چان رد الإستاذ الفاضل أبو عمران صاحب الدبلوم أبو الكبّة ؟
- شنو ؟
- گِـزّة گِـزّة گـِزّة ، هاهاها !
- هاهاها !
- فرد واحد شقندحي ، و إبن سوگ معفّص مدبّغ ، و لا أكو تَكَّه . بس تدري شـگد يفرح من أصيحله : أستاذ ؟ يخْرَب عليها ! يرفع راسه ليفوگ ، و يطلِّع صدره ليـگدام ، و يـگوم يتلفت يمنه و يسره ، و هوّا شايل خشمه !
- أي ، بس كبته طيبة !
- أگـلك ، أخاف هذا دا يسوي بيها مثل سواية أبو يونان بالهمبرگـر مالته ؟
- شلون يعني ؟
- ما قريت المكتوب عنّه بالجريدة ؟
- لا ، شنو الموضوع ؟
- مو جماعة الصحّة سوّولهم زَرْگـة على المطعم مال الهمبرگـر مالته ؛ تدري شلـگـوا هناك ؟
- شلـگـوا ؟
- لـگـوا لشش لحم العجول معلـگـة بالمرافق الصحَّيّة مالت المطعم مالته !
- صحيح ؟ و لويش دا يعلـگـهن بالمرافق ؟ ها ؟ أخاف ما عنده مكان للخزن غير بس هناك ؟ تدري المحل مالته ركن ، و كُلّش زغيِّر !
- لع ! من سئلوه مفتشين الصحّة عن السبب ؛ گـال : على مود اللحم يتفسخ أسرع ، و يحمّض زين قبل الطبخ !
- لا يا ملعون ! صُدُگ ؟
- گـالوله : عود لويش تريد اللحم يتفسخ أسرع ! تدري شـگـاللهم ؟
- لع ، شـگـال ؟
- گـاللهم : لأن العراقيين يحبّون طعم اللحم الحامض !
- أعوذ بالله ! أنت هاي ما راح تخلص ويّاك ؛ و على هالحسبة ، راح تطلّع الغدا سم و زقنبوت . شو دگـوم ، روح ، و إچفينا شرّك !
- ها ، عيني ، ها ؟ هسّا آني هيچي صرت كخة ؟ إي مو قبل دقيقتين چنت تتوسل بيّا تريدني أدرِّسك ؟ زين ، بشرفك ، منو نجّحك بمادة "الشِعِر" العام الماضي ، و عاف المدينة الجامعية المجانية على مودك ، و سكن بفلوس ويّاك بالميدان على مود يدرِّسك حتى تنجح بمادة الشِعِر عد ست ساجدة الچلبي ؟
- ليش هوّا أكو واحد غيرك يسوّي هيچي سواية مالت أخو لأخوه ؟ أشهد بالله آني ممنون منك طول العمر ، و مدين إلك بـگـد شعر راسي . و إنشاء الله ، ألله يـگدِّرني ، و أرد لك الجميل .
- ما دام تريدني أگوم ، آني گـايم ؛ و الحساب عليّا .
- لا تزعل ، أرجوك ! آني جاي ويّاك !
- عيني ، إثنين كبّة ، و چايين .
- ميت فلس ، و الچايات على حساب المحل .
- و الله كفو ! تؤمر .
- العفو ! أخوان أعزاء !
- تفضّل ، هاي ميت فلس . في أمان الله !
- في أمان الله ، شباب .
- صُدُگ عيني ، كريم ، شلون بيّا ، أخاف هاي ترسبني ؟ شتنصحني أقرأ بامتحان الإستيعاب باچر ؟
- كلشي لا تقرأ . تجيك قطعة غير مقروءة سابقاً ، و تطلب منك معاني خمس كلمات من أصل سبعة ، و تجاوب چم سؤال عن موضوع القطعة ، و تسوّي للقطعة پريسي 80 چلمة ، و أبوك الله يرحمه !
- إي ، عيني ، إي ؛ كلشي عندك سهل ! و الله آني كلّش خايف من إمتحان باچر !
- أگـلك : من معاني سبع چلمات ، إنت أكيد راح تلـگـفلك فد تلاثة تعرف معانيهن من السياق . و الأسئلة على معلومات القطعة ، تـگـدر هم تجاوب صح فرد تلاثة لو أربعة منهن . و الپريسي ، إحذف بيه من النص الأصلي كل الجمل الوصفية و الإعتراضية و الحوارات الزائدة ، و انقل الباقي ، و هاي هيّا ! في كل الأحوال ، راح تتناوش درجة النجاح . يللا ، تجي هسّا ويّاي نروح نشربلنا چم بطل بيرة يم شريف و حداد على حسابي ، و نحيي الذكرى العطرة لرفيقنا الشهيد الخضري الله يرحمه ، و نذرفلنا چم دمعة على أطلال أم كلثوم ، و بعدين نرجع مقندلين للقسم الداخلي ، و نلف رأسنا و ننام رَغَد ، و الصباح رباح ؟
- لا عيني ، لا ! قابل آني صرت كريم حسين : كلشي ما يقرأ ، و بالليل يسكر ، و الصبح يطب الإمتحان ، و يأخذ أعلى درجة بالقسم ؟ روح عيني روح ، و خللي اللطم لأخيّك سالم !
- الله يرحمه لأبو ياس ، تدري چم طلقة لـگـوا مضروبة جثته ؟
- لع ، شـگـد ؟
- ثمانية و عشرين طلقة كلاشنكوف ، و كلها نافذة ! هذا يعني أن القاتل وگـف وراه على بعد أقل من متر ، و فرَّغ المخزن كلّه بيه ، و سوّاه منخل ، و المسكين غافل !
- و الله حتى الچلاب المسعورة ما تسوّي مثل هيچي سواية . الچلب المسعور ينهشله نهشة ، نهشتين ، و بعدين يبطّل ، و يتراجع .
- ذولا الفاشيين تشرّفهم الچلاب المسعورة ! أويلي عليك يا الخضري ، يا إبن الديوانية البطل ، راح دمّك هدر !
- هذولا الشيوعيين ؛ من يومهم و سبعة أيامهم ، مالهم والي ؛ و الطايح منهم رايح ! الواحد هليّام لازم ياخذ حذر من البعثيين كلش هواي ، ويدير باله على نفسه زين ، و الله اليستر !
- الله يرحمك يا أبو ياس البطل . الله كريم ! مو كِلْمَنْ مات ، إنـگطعت أخباره : ذاك الخضري ، و هذا جيـﭬـاره ؛ عِمَتْ عينه الوجاغ إلما طـُفَت ناره !
- أسكت ، هذا الرفيق أبو مروان المسؤول الحزبي للقسم الداخلي جاي گبل علينا !
- شجابه هذا الچلب ، أبو الواشرات ؟ شيريد ؟
- الله اليستر !
- مرحبا ، شباب ! شلونك ، كريم ؟
- مرحبتين ! زين ، و الحمد لله ! أنت شلونك ؟
- عال العال ! و أنت أبو غانم ، أشو ما مرّيت عليّا بعد على ذيچ الشغلة اللي إتفقنا عليها ؟
- عدنا إمتحانات ! هذا كريم واگـف گـبالك ، و أنت إسأله ! عيني كريم ، باچر عدنا إمتحان ، لو لا ؟
- بلي ! باچر عدنا إمتحان إستيعاب ، و هاي أصعب مادة ، و الأستاذة اللي تدرِّسنا هيّا أصعب أستاذة في القسم ، و سالم درجته مالت الفصل الأول الراح على الحافة ، ولازم يحضر زين حتى يصعّد درجته !
- صدَّگتني هسّا ، أستاذ أبو مروان الفاضل ؟
- و شوكت راح تمر علي ؟
- السبت الجاي ؛ العصر !
- صار ! الموضوع تدري هوّا لمصلحتك ، و أنت عزيز عدنا !
- تسلم ، أستاذنا الفاضل !
- في أمان الله .
- في أمان الله .
- أبو غانم ، شنو الموضوع ؟
- يا موضوع ؟
- الموضوع اللي بيناتكم : إنت و المسؤول الحزبي أبو مروان ؟
- هيچ ، ما كو شي ! ذيچ الشغلة اللي گتلك عليها .
- يا شغلة ؟
- الشغلة مالت نَقْلَتْنا آنا وياك للغرفة الزغيرة أم النفرين ، حتى نخلص من هوسة قاعتنا أم العشرة نفرات الـنايمين بيها هسا ! آني مو گـايلك آني راح أروح لأبو مروان ، و أترجّاه ينقلنا لغرفة أزغر ؟
- و شـگلك أبو مروان .
- گـاللي: الغرفة الزغيرة اللي بصف مكتبي ، الإتحاد مسويها مخزن مال أسرّة نوم ؛ مُر عليّا ، و قدم عريضة رسميّة ، حتى آني بعلاقاتي أحصلك موافقة من سكرتارية الإتحاد ، و تشيل الأسرّة ، و توديهن للمخزن الرئيسي فوگ ، حتى تـگـعدون إنت و كريم بيها ؛ و آني ما صارتلي فرصة أمر بيه .
- الله كريم ! عيني ، أبو غانم : ههذا الباص رقم 7 جاي من بعيد . في أمان الله . إييه ، هذا المساء الحزين هو مساء البكاء على إبريق الآلام المعتّقة !
- الله ويّاك ، كرّومي . و أرجوك ، دير بالك زين ! مو تِسْكَرْ ، و يطـُگ عندك العِرگ الهاشمي ، و بعدين تـگـوم تُخْطُب ، و تحچي بالمّشرب بكيفك على أبو البـَگـَرْ ، و أبو الشِفّةِ العوجة ، و على الحوْلي ، و حكومة شركات النفط ، أرجوك ! ترا آني زين أعرفك : عقلك ناشف ، و يمكن تصير صيد ثمين لناظم گـزار اللي ماكو مشرب ما حاط بيه إثنين تلاثة من كلابه البوليسية الشرسة و المتربِّصة . يكمشوك هناك ، و يشيلوك بالأحضان شيلة الطِلي ، و يطبطبوك ، و يلـگطون گراداتك . و بعدين : لو يعدموك بالتيزاب ، لو يطلعوك إتجعمص بالتلفزيون مثل عزيز الحاج ، و همّا يتضاحكون عليك . دير بالك زين ، ما أوصّيك بعد ، أرجوك ، زين ؟
- زين !
في الساعة السادسة و النصف من صبيحة اليوم الثاني ، وصل كريم إلى بناية قسم اللغة الإنكليزية مبكراً كعادته ، حيث صادف وصوله لباب الكلية مع مجيء الفراش أبو أحمد بدشداشته و سترته و عقاله . بعد تبادل تحية الصباح ، فتح الفراش الباب الرئيسية ، فيما دلف كريم إلى بناية نادي الكلية التي كان لها بابها الخارجي المنفصل . في النادي ، تناول لفّة الجبن مع الشاي-حليب على عجل . بعدها ، طلب من طبّاخ النادي عمل فطور للفراش . دفع ثمَنه – سبعون فلساً – و هرول إلى الفراش أبو أحمد كي يستدعيه للنادي لتناول فطوره المحبب : المخلمة . خمّن أن أبا أحمد لابد أن يكون قد إنتهى أو كاد من فتح الباب الأخيرة للقسم . تَوَجّهَ إلى الممر المخضر بشجيرات الآس المتفتحة المؤدية للباب الأخير ، فشاهد أبا أحمد قادماً نحوه .
- عيني ، عمّو أبو أحمد ، يللا تعال ويّاي للنادي ؛ فطورك على النار ! شويّة إستعجل قبل ما يبرد .
- و لويش سوّيت هيچي زحمة ؟ العجوز مالتي مسويتلي متاع ، و آني جايبه وياي .
- عيني ، عمو أبو أحمد ، هذا الحچي يفيدك ؛ إليوم ريوگك علي ، شنو إنت مو إبن عرب ؟
- آنا غلام أبوي ! آمنت بالله : عربي و نص !
- بارك الله بيك ، أبو أحمد الورد !
بعد أن تناول أبو أحمد فطوره ، و شرب الشاي ، خاطب كريم بالقول :
- البارحة دز عليّا العميد غنّاوي !
- خير ، خو ما كو شي ، عمّو ؟
- و منين يجي الخير و البعثيّة رجعوا للحكم ؟ يريد مني أنزع عـگـالي ، و ألبس بالدوام هدوم أفندية ؛ يعني بالسترة و البنطرون . يريدوني أذب عـگـالي بتالي العمر ! عيش و شوف ! أدَبْسِزيّة !
- عيني ، أبو أحمد ، شـگـلك العميد بالضبط ؟
- گـاللي: من السبوع الجاي ، لازم تجي للدوام الصبح لابس سترة و بنطرون !
- و هم گـالك إذا ما لبست السترة و البنطرون ، شراح يصير ؟
- گللي : إذا ما تنزع العـگـال هذا مالتك ، راح أنقلك من كليّة التربية ، و أوديك فرّاش بمَدْرَسة إبتدائية مالت بنات !
- عجيب ! و شراح تسوّي ، عمّو ؟
- أطلع تقعُّد ، و لا أنزع العـگـال مالي !
- لا ! لا ! و الله هاي مو خوش شغلة ، أبو أحمد . إنت موظف حريص ، و الكليّة كلها راح تخسرك !
- إبني ، الشغلة مو شغلة نزع العـگـال ، الشغلة بيها إنّ ! إنا لله و إنا إليه راجعون !
- ها عمّو ؟ دا تضم عليّا ؟
- أبني ، آنا أريدك تبقى بعيد ؛ هذولة چلاب مچـلوبة ، و ما يخافون من الله .
- شنو الموضوع عمّي ؟ أنت تدري بيّا ، آني بير .
- و النِعِم . الحسبة مو حسبة العكال ، و لو همّا أخلاقهم مو مالت عرب و لا ناس مربوطين . الحسبة هيّا ذولا زعاطيط الإتحاد الوطني لطلبة العراق سوّوا الكليّة كلّچيّة ! أخذولهم التلث غرف يم الباب ، و طـگـوهن الوحدة على اللُّخ ، و حطّوا خفارات لربعهم البنات و الولد سوا ورا الدوام ، و سوّوها - حشاك - كلّچيّة ! و آني اللي بيّا ما يخلّيني ! قبل يومين العصر ، بعد ما طلعوا كل الطلاب ، و بقوا بس رفاق الخفارة ؛ جتّي هاي البنيّة سعاد - اللي تداوم بصفكم - تريد تطب يمهم . حچيت ويّاها ، و گلتلها : بنيتي ، لا تطبّين بوحدچ يم ذولا الهِرمِلله ؛ آني أخاف على سمعتج و إنت بعدچ بنيّة حْدْيثة . صُدُگْ تطلع هاي رفيقتهم - الله يچرِّم - مسقّطيها و مِستـگـعديها الرفاق ، و مسوّيها مسؤولة چبيرة ؟ زين آني شمدريني ؟ يا غافلين ، إلكم الله ! و تروح البعيدة ، و تـگوم تفتن عليّا يم سكرتارية الإتحاد ؟! و الرفاق همّاتين ما چذبوا خبر : راحوا رأساً لعميد الكلية ، و إشتكوا يمّه عليّا ؛ و العميد طلّعها بيّا بالعـگـال ! و هاي أولها ، و هاي تاليها !
- سعاد ؟ هاي السمرا ، البِچِمْسِزْ ؟
- هيّا بعينها !
- إللي يشوفها هيّا و كَفْشَتْها - و رِجْليناتها إللي چَنْهن صياخ مالت تِكّة محروگـات - يـگـول عليها : هاي علامة إستفهام ، و دا تمشي . و هيّا أغبى طالبة بالصف ، و لو ما اللواگـة و الغش بالإمتحان ، چان العام ما نجحت ولا بدرس واحد . أستغفر الله !
- عيني ، من سألت عنها ، گـالولي : هاي صايرة مسؤولة چبيرة ، و تـِگرِگْ ، و تقاريرها تـگص گص !
- عيني ، هيّا عضوة بالسكرتارية العليا للإتحاد الوطني لطلبة العراق ، و درجتها عضوة فرقة !
- تخسا ! و الله حرام العراق تحكمه هيچي ملله ما عدها لا شرف ، و لا ناموس .
- زين ، و هسّا شراح تسوّي ، عمّو ؟
- أطلع تقعّد ، و أمري لله الواحد القهّار ! السبوع الجاي ، راح أطب على العميد ، و أگله : شوف أستاد ، أبو أحمد مو من الزلم اللي تذب عـُگـُلْها ؛ طلّعني تِقِعُّد ، و أرض الله واسعة !
- و شـگـد عندك خدمة ، عمّو ؟
- ويّا خِدْمة الحركات مالت حرب فلسطين ، إثنين و تلاثين سنة .
- و الله عمّي طَلِعْتك خسارة ، خسارة كبيرة للكليّة كلها !
- الله كريم . الله ما يـگـطع ، بنيادم هوّا اللي يـگـطع !
قبل حصة الإمتحان بنصف ساعة ، توجهت سعاد نحو كريم الذي كان يقف لوحده ساهماً ، يفكر حزيناً بمصير صديقه الفراش أبو أحمد عند الزاوية الأبعد للممر المؤدي إلى قاعة الإمتحان .
- هاي كرّومي ! صباح الخير !
- صباح الأنوار !
- أشو واگف بوحدك ، و ماخذ لك مكان مزوي ؟ بس لا دا تفكر شلون تسقَّط حكومة الحزب و الثورة !
- اللهم صلي على محمد و آل محمد ! منين جايبه هذا الحچي إلما مربوط من الصباحيّات ؟
- من صديقك العزيز حالياً ، و الرفيق القديم سابقاً : سالم إبراهيم !
- ؟
- أشو سِكَتِتْ ؟
- شنو الموضوع ؟
- الموضوع هو : إجتني تقارير مصخّمة ملطّمة رافعها عليك الرفيق سالم إبراهيم !
- تقصدين : أبو غانم إللي بشعبتنا ؟
- هوّا بعينه !
- شنو هوّا منتمي لحزب البعث ؟
- نعم ! من بداية هاي السنة الدراسية !
- عجيب !
- عجيبين ! الرجّال يفتهم ، و يندل وين خبزته و مصلحته ، و صار يدوّر عليها حسب الأصول ، بعد ما عرف زين أن الشيوعية أفكارها هدّامه ، و ما توكّل خبز ! أگـلك ، حبيبي كريم ، عندي سؤال : ما تـگـللي إنت لشوكت تبقى قشمر و زوج ؟
- أرجوچ ، إحترمي نفسچ !
- صُدُگ إنت فقير ، و نايم و رجليك مكشّفه بالشمس ! شوكت تصحى على زمانك زين ؟ ها ؟ ليش إنت ما تدري من صديقك اللازگ بيك سالم نظم الإستمارة مالته للإنتماء لحزب البعث العربي الإشتراكي ، إعترف على كل تنظيمه السابق ، و گـال أنو إنت چنت مسؤوله في تنظيمات الحزب الشيوعي مالتكم ؟! ما تدري اللي ينتمي لحزب البعث ، و ما ينطي كل تفاصيل تنظيمه السابق ، ينحكم بالإعدام ؟!
- شنو هذا الخَرِط ؟
- خَرِط ، ها ؟ دا تغشّم نفسك ؟ مو إنت إسمك الحزبي : عزيز ؛ و هوا چـان إسمه الحزبي عدكم : أمين ؟
- ؟
- أشو سِكَتِت ؟ شبيك تلجّمت ؟ شنو إنت مريض ؟
- شحاچيچ ، بَعَدْ ؟
- تفضّل ، إقرأ ؛ هاي كل إضبارة تقارير سالم اللي رافعها عليك عن طريق الرفيق أبو مروان : المسؤول الحزبي مالت القسم الداخلي مالت بناية كلية الشريعة سابقاً و اللي إثنيناتكم نايمين بيه بقاعة وحدة ! كل شهر يكتب عليك تقرير ، ما يخلي بيه شي عن تحركاتك و خطاباتك ما ينقّطه ساعة بساعة ، و يوم بيوم ! بس هلشهر بعد ما وصلني تقريره اللي يرفعه للحزب عن طريق الرفيق أبو مروان !
- و إنتي عندچ علاقة بأبو مروان ؟
- آني مسؤولة مسؤوله !
بيدين و عينين راعشتين ، يفتح كريم الإضبارة المرصوصة بالأوراق المخططة المحررة : و يشخّص حالاً صاحب الخط المتعرج المكتوب بقلم الحبر ألـ "گيها" الألماني ، و الحبر الأسود الفاخر من محبرة "كوينك" اللذين أهداهما بنفسه فرحاً لأبي غانم قبل ثلاثة شهور ! سعاد صادقة ! أنه أكبر حمار في الكون !
- شترْدين ، هسّا !
- شوف ، حبيبي : هاي الإضبارة أخذها إلك ، و إتلفها هسَا ، لأن آني أعزّك ، و ما أريد الأذيّة إلك ! و دير بالك يشوفها هذا الحقير سالم بيدك ، ترا هذا فد واحد سافل و مصلحي و منافق ! و ما عنده مانع يرفع مرة اللخ تقرير على إنكشاف مهمته الحزبية السرية ؛ و يروح جلدنا آنا ويّاك للدبّاغ !
- يا مهمّة ؟
- الحزب مكلّفه يتحرك عليك ، و يكسبك إلنا !
- و بعد ؟
- تدري آني هسّا بتصرفي هذا عرّضت نفسي على مودك للإعدام ؟
- شلون ؟
- هاي التقارير بيها خطر أمني على الحزب و الثورة ، و لازم تصعد لناظم گـزار !
- شلون ؟
- نعم ! لعد شعبالك ؟ قابل إحنا مغفَّلين و دا نلعب ، ونعيفكم تشتغلون من ورا ظهرنا بكيفكم ؟ إحنا إستلمنا الحكم بدمنا ، و ما نهدّه أبداً إلا بالدم !
- و بَعْدين ؟
- حبيبي ، ليش ما تبطّل من الحزب الشيوعي ، اللي ما وراه غير المصايب ، و السجون - بالخالي بلاش - و تنتمي لحزبنا ، و تصير مَلِك ، و تمشي وين ما تريد بطولك ، و ما تتلفّت خايف وراك ؛ و ها و ها : إجاك الذيب ، و إجاك الواوي ؟
- هاي تعفيني منها ، ست سعاد !
- و شبيه حزب البعث ، ما ترضى تنتمي إله ؟ ها ؟ قابل هوّا أبو النـِگيس ؟
- و الله ، أبو النـِگّيس ، و نص !
- يعني آني نَـگسه ؟
- لع ، مو إنْتِ . إنتِ إمرأة فاضلة و شريفة . و لو ما أنتِ شريفه ، چان ما جبتيلي هاي التقارير اللي تكسر الرگـبة .
- و الله كريم آني هوايا أحبّك ، و أموت عليك ؛ بس إنت عقلك بعيد عني ! شوف حبيبي كرومي ، إنت لازم تساعدني حتى آني أگـدر أساعدك ! إذا إنتميت إلنا ، راح أبلّغه لأبو مروان عن طريق مسؤوله أن يبلّغ سالم بالتوقف عن محاولات كسبك ، و رفع التقارير الأمنية ضدّك !
- و لويش ما تسوّين هذا الفضل عليّا لوجه الله ، و بدون الإنتماء لحزب البعث بالإكراه ؟
- لأن آني أخاف أسوّيها هسّا معزةً بيك ، و بعدين آكلها من وراك ؛ لأن إنت حركي كلّش ، و ما تـگـعد راحة !
- شلون ؟
- يجوز باچر تروح توزع مناشير ضد الحزب و الثورة ، لو تكتب شعارات معادية على الحيطان ، لو تشتغل بالكفاح المسلح ! الله يخليك ، حبيبي كرّومي ، إسمع كلامي ، و صير بعثي ، على خاطري ! ترا و الله آني دا أحچي ويّاك كل هذا الحچي لأني أريد مصلحتك اللي تهمني هواي ! يعني آني ما عندي خاطر يمّك ؟
- تعذريني ، ست سعاد ، هاي ما أگدر عليها !
- و لويش ما تـگدر ؟ هيّا إستمارة تترسها ، و تحضر بالشهر إجتماع واحد ، و تدفع إشتراك درهم واحد بالشهر ، و تصير ملك ، و تخلص من نار جهنم ، و أبوك الله يرحمه .
- عيني سعاد ، دا أگلج ما أگدر .
- و لويش ما تـگدر؟
- لأن ، لأن ، لأن آني فرد واحد سرسري ، و أدوّر بنات ، و ما أريد أسيء لسمعة الحزب الثورة !
- صُدُگ ؟ إنت كريم ، اللي ما تباوع دَغَش على أي بنية ، تدوّر بنات ؟ أشو ما شفتك فرد يوم تتحارش ببنية من بنات شعبتنا ؟
- مو بنات شعبتنا . ليش هوّا ما كو بنات بالعراق غير بس بشعبتنا هذي ؟
- أشو ما متحارش أنت فرد يوم بيّا ؟ أشو آني أتحارش بيك ، و أسمّعك حچي ، و أنت و لا يمّك ؟ شنو آني ما أعجبك ؟
- مو يا زوغ !
- زين ، ما طول أنت تدوّر بنات ، هاي ما كو أسهل منها ! إنتمي لحزبنا ، و آني أخليك مسؤول على البنات ، و أنت روح إلعب بيهن شاطي باطي على كيفك ! خوش ؟ ها ، شـگلت ؟
- هاي شنو منِّچ عيني ست سعاد ؟ أنتِ شلون ترضين آني أتجاسر على شرف رفيقاتي اللي الحزب و الثورة مؤتمنّي عليهن ؟ لهاذا الحد وصلت ؟ هذا شلون حچي ، عيني سعاد ؟ ترا آني إنسان مبدأي ، و ما فد يوم مسوّي حبّاية غلط !
- ولك إنتَ إلى متى تبقى زوج ، و زمال مال طمة ؟ ها ؟ و لك فك عيونك زين ، و دوِّر اللـگمة الدسمة ، و وحطها جوّا سنونك ، و أكلها براحة گـلُب ما دامت متاحة ، گبل ما يلـگفها غيرك ! شوف شديصير داير مدايرك ، و داري مصلحتك ! أنت ذكي ، و لازم تقراها و هيّا طايرة ! ها شـگلت ؟
- تعذريني ، ست سعاد !
- إنت فد عنادي ، ما كو تكّك ! آني صوچي ! جيب التقارير ؛ خلي أوديهن باچر لناظم گزار ؛ حتى يعرف شغله وياك ! راشدي ، لو راشديين ، و تفلت الموجود كله !
- تفضّلي ، هاچ هاي الإضبارة ! أخذيها ، ودّيها وين ما تِرْدين !
- نيالها لأمك ! هذا الولد صدگ بايع و مخلّص ! نياله الحزب الشيوعي عليك !
- أرجو أن تقدِّرين وضعي ، ست سعاد الوردة !
- الوردة ؟ زين ، ما طول تعتبرني وردة ، بقّي الإضبارة يمّك ، و روح إتلفها هسّا ، بس بشرط !
- أمريني !
- اليوم تخلّيني أنقل عليك بالإمتحان !
- يعني شلون ؟
- شنو شلون ؟ غير أگـعد بصفك ، و ألزگ بيك ، و أنت تشوِّفني أجوبتك على ورقة الإمتحان ، و آني أنقش عليهن !
- هاي ينرادلها صَفْنة !
- لا تدوخ ! ها شـگِلِتْ ؟
- مو خاف تكمشنا مسز رحمة الله ، و ثنيناتنا ناخذ بالإمتحان صفر ، و يطردونا من الكلية !
- و شلون تكمشنا ، ها ؟ حتى هاي الشغلة البسيطة ما تعرفها ؟ و شتكمش عدنا ؟ قابل عدنا براشيم ؟ كلّش كلّش ، وعود إذا حسّت بينا ، راح تـگوِّم بس واحد من عدنا ، وتبدل مكانه ، بعد ما أكون آني مخلّصة نقل زين من ورقتك . ها شـگلت ؟ و بعدين ، هيّا الأستاذة تحبّك ، و هوايا تقدِّرك ، و كل درس ، من تجي فرد كلمة صعبة ، ما تسأل غير بس عنك ، و تـگول : و ينه القاموس مالتي ؟ خلّي عندك شوية غيرة و دم ، و لتصير خوّاف ، و ناكر للجميل ، ترا مصيرك صار الآن معلّق على خيط رفيع بالميزان ؛ شنو إنت مشتهي تدمِّر مستقبلك ، و أنت بعدك شاب زغيرون ؟
- صار ، ست سعاد !
- و الوردة ، وين ذبّيتها ؟
- العفو عيني : صار ، ست سعاد الوردة !
- هم زين ! و الله صارت زحمة عليك ! إسمع ، مو تحدِّب على ورقة الأمتحان ، و تغطيها بذرعانك مثل الأم اللي تغطي صدرها من دا ترضع إبنها بنص السوگ ! صار مفهوم ؟
- صار ! و تقرير سالم عليّا مال هذا الشهر ؟
- أوعدك أجيبلكياه ، بَسْكوت ؛ و أبلّغ سالم عن طريق مسؤوله أن يتوقف عن مراقبتك و كتابة التقارير عنك ، و لكن بشرط !
- هَمْ بَعَدْ أكو شرط ؟
- إي ، لَعَدْ شلون ؟ ما كو شي بالدنيا يصير بدون مقابل ! شيِّلني ، و أشيِّلك !
- و شنو هوّا الشرط ؟
- تخلّيني أنقل عليك بكل الإمتحانات ، منّا ، لنهاية السنة !
- ما يخالف ، و أمري لله !
- عود لا تخاف ، آني هَمْ ما راح أقصّر ويّاك !
- ما كو داعي لهذا الكلام ، ست سعاد ، أنتي تدرين بيّا آني ما آخذ و لا فلس أحمر واحد من أي جنس مخلوق !
- ليش البنيّة ماعدها شي تنطيه غير بس الفلوس ؟ ما تـگـلي إنت شنو من شي موضوعك ! بعمري ما شايفه واحد هلـگد فُـگري مثلك ! لعد شلون تـگول إنت دون جوان ، و تدوِّر بنات ؟ ها ؟
- مو گتلچ ، آني ما أسمح لنفسي أسوّي علاقات ويّا خواتي بنات الشعبة مالتنا ! هذنّي زميلاتي ، و إلهن حُرْمة !
- و الله إنت بهاي الحچـاية أكبر چذاب ! أصلاً مبيِّن عليك إنت فرد واحد خوّاف ويّا البنات ؛ و تتجبجب من تحچي ويّاك أي بنيّة ؛ و مخنّث ، و ما بيك : لا همّة و لا حَظْ و لا بَخَتْ ؛ و ليهسّا ما نايملك فرد يوم ويّا أي بنية ! تمام ، لو ما تمام ؟
- و شـَگْدر أحاچيچ بعد كل هذه الإهانات ؟
- زين ، أحلّفك بشرف المبدأ إللي تؤمن بيه : كلامي هذا صحيح ، لو لا ؟
- صحيح ، ست سعاد ... الوردة .
- شو خلليني أشوفه ! و لك أخاف هذا مالك ما يـگوم !
- آخ ! يوجع ! أذّيتيني ! مو هيچي !
- ليش آني شسوّيتلك ، و إنت تأذّيت ؟
- عصرتيه كُلّش قوي ! لا ، موهيچي ! شنو ما كو إحترام ؟
- كس أمك ! و الله ، إلا ألعب بيك طوبة ، و أفتّح عيونك ، و أفك دماغك ، و أسوّيك آدمي من صُدُگ !
في ساعة أداء الإمتحان ، كانت الأستاذة مارج رحمة الله مشغولة بمباريات الدفاع عن لقبها بطلة للعراق في تنس النساء ، فانتدبت الأستاذ هاشم الهنداوي لإمتحان طلبتها في الصف الثاني بقسم اللغة الإنكليزية . جلست سعاد على يسار كريم وسط السطر ما قبل الأخير من أصغر غرفة في القسم ، و التي غصّت بالممتحنين . بعد توزيع الأسئلة ، أنهى كريم خلال ربع الساعة الأولى حلَّ معاني الكلمات ، و الإجابة على أسئلة معلومات القطعة . و رغم إبقائه على ورقته مكشوفة ، إلا أن خطه الناعم منع سعاد من نقل أجوبته بيسر ، فما كان منها إلا أن خطفت ورقة الإجابة على أسئلة الإمتحان من أمامه ، و وضعتها تحت ورقتها . أنحنى كريم برأسه خلف كرسي الطالب الجالس أمامه كي لا يراه الأستاذ المراقب ، و قد إصفرّ وجهه ، و راح يهمس لسعاد بهسيس مبحوح ، دون أن يلتفت إليها مطلقاً ، و قلبه يكاد يقفز من حلقومه :
- أرجوچ ، سعّودة ، إنطيني الورقة گبل ما يشوفني الإستاد بدون ورقة إمتحان ، و يشك بالموضوع !
- أصبر شويّة ، و خلّيني أنقل مثل الأوادم زين !
- ولچ مو خاف يشوفني المراقب بدون ورقة إمتحان ، و يكمشنا ، و ينطونا إثنيناتنا صفر !
- يطبّك مرض !
- وِلِچْ مو بعدلي أهم سؤال ما مجاوبه !
- يطبّك طوب ، تريد الدرجات العالية تصير بس إلك ، بوحدك ؟
- وِلِچْ ، مو بعدلي سؤال كامل ، و بعدني حتى ما مراجع إجابة السؤالين الأوليين !
- لا تخاف ! ما ترسب !
- مروتچ ، يا وردة الورود ، رجّعيلي ورقتي !
- خطّك كلش ناعم ، و ما ينقرا !
- أروحلچ فدوا ، إنطيني الورقة !
- شبيك مستعجل ؟ أگـعد و اسكت ، و لا تجيبلنا إحچاية موزينة بلخالي بلاش ! هسّا أخلّص .
- إمَّشّي عليچ العباس أبو راس الحار ، إنطيني ورقتي !
- أسكت ، و خليني أنقش !
- أبوس إيدچ ، رجّعيلي الورقة !
- لا تصير جبان ، شوية إصبر . شتفقنا قبل الإمتحان ؟
- أبوس راسچ ، رجّعي ورقتي !
- أشو ، برّا الصف ، ما فد يوم بست راسي ؟
- أبوس رجلچ ، أرجوچ !
- يللا بوسها ، هسّا !
- مروتچ !
- گتلك خليني أكتب ، و كافي مَلَحّة ! ترا أشتكي عليك عند الإستاذ !
- أبوس قُنْدَرْتِچْ ، إنطيني ورقتي !
- و لك ، إهدأ ! لا تطلّع الإمتحان عليّا زقنبوت ! أنزعلك الحذاء و أنطيكياه شويّة تتلهى بيه إلى أن أخلِّص نقل ؟
- بداعة أمّچ و أبوچ ، الله يخلّيچ ، رجّعيلي ورقتي گبل ما يحس بي الأستاذ . مو گلبي راح يطگ !
- محّد يعرف شلون يداوي گلبك زين غير بس آني . و الله ، لو تموت ما أرجّعها ، إلا أخلّص النقش . دير بالك ، بالإمتحان الجاي لازم تكتب بحروف كبار حتى أگدر أقراهن بسرعة ، إفتهمت ؟ هيّا هاي حروف ، لو نمنم ؟ سم !
بهدوء ، يستخرج كريم ورقة إمتحان ثانية من الدفتر الذي يثخِّن عليه . يكتب أسمه عليها ، و يبدأ بالخربشة بدون هدف خوفاً من أن ينتبه الإستاذ إلى عدم وجود ورقة إجابة لديه . ثم يبدأ بوضع خطوط تحت الجُمَل المهمة التي ينبغي إدراجها في ملخص القطعة . لا تُعيد سعاد ورقته إليه ، إلا قبل خمسة دقائق من إنتهاء وقت الإمتحان ، و هي تقول :
- هاك ، كلشي ما گدرت أنقل منك ، خطك نمنم ! سم !
- أشكر الله اللي عرّفني بيچ !
حال استلامه للورقة ، كتب كريم ملخص القطعة بخط سريع جداً ، و انتهى من كتابة آخر جملة مع دقة جرس حصة الإمتحان . لم يعد لديه وقت للمراجعة ، فقام ، و سلم إجابته على علاتها للأستاذ المراقب ، الذي إكتفى طيلة حصة الإمتحان بالجلوس وراء منصته و النظر ساهماً من خلال النافذة إلى حديقة القسم و عذق النخلة المتوحدة الذي بقي من دون قص .
بعد تصحيح الدرجات ، حصلت سعاد على درجة 22 من 25 ، و حصل كريم على درجة 20 !
اليوم ، و بعد خمس و ثلاثين سنة على هذه الحادثة ، فأن سعاداً هي عضوة نشطة في البرلمان ، تملأ قبته و برامج الفضائيات بتصريحاتها الطنّانة عن ضرورة محاربة الفساد الإداري و المالي ، و وجوب إرتداء اللكچ و الجبب و الإلتزام بالحياء و ملازمة حياة المطبخ للمرأة ، و زواج الأربعة للرجل بشرع الله ، وزواج المتعة لعدم حرمان المرأة المطلقة من الجنس و حل مشكلة البغاء ؛ كما تشغل خطبها الرنانة العناوين الداخلية و الخارجية للصحف كافة حول مظلومية الشيعة و جرائم أزلام النظام البعثي السابق . أما سالم ، فهو يتناوب بين مناصب وزير التعليم العالي و وزير العدل و رئاسة مفوضية النزاهة !
أما كريم – و هو الشيوعي إبن الشيوعي – فقد أعدم ظلماً و عدواناً عام 1982 بتهمة مفبركة هي الإنتماء لحزب دينچي طائفي ، و ماتت أمه كَمَداً عليه ، كما لم يعثر ذويه على جثته لحد الآن !
حيّى على الفَلااااااااااااح !
حيّى على خيييير العمل !



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيل و الضبع و البغل
- طرزان و ذريته
- رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة ...
- رد على د . مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة
- شيخ المتقين و الخنازير
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 3-3
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 2-3
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 1-3
- كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 12
- كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 11
- كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 10
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 9
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 8
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 7
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 6
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 5
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 4
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 3
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 2
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 1


المزيد.....




- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - الإمتحان