أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 6















المزيد.....



كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 6


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 23:09
المحور: الادب والفن
    


4
و أخيراً حل يوم حسن الطقس ، أعقبه يوم آخر مثله ، و بدا إن الجو قد اعتدل أخيراً .
ذهب أوليفر لزيارة السمّاك يورگن ، و قال له :"انظر ، عليك التكرم بتبادل زورقك بزورقي غداً ."
"و ما هو الغرض من ذلك ؟"
"قررت التوغل في البحر ، و لا أستطيع الاعتماد على زورقي . آه ، أراك تستعمل غليوني ، أليس كذلك ؟ كيف وجدته ؟"
"الغليون جيد ."
"حسنٌ ، واصل استعماله - أريدك أن تناله ."
قدمت له ليديا القهوة ، و لكنه استطاع رفضها بفضل وجود بعض القطع المعدنية في جيبه ."تناولت حاجتي منها قبل خروجي من البيت . طيب ، يا يورگن ، أستصنع هذا المعروف لي ؟"
لم يكن لدى يورگن أي خيار آخر . فأجاب :"أتصور أن هذا هو الخيار الأفضل لي ، غير أن عليك التثبت من الاعتناء به جيداً ."
و هكذا أبحر أوليفر.
و ما زال الأهالي القدماء حتى يومنا هذا يتذكرون ما حصل بعدئذ . و لم يكن ذلك بالأمر الهين . فبدلاً من الغرق أو الإصابة بجرح جديد ، عاد أوليفر إلى المدينة جالباً معه سفينة كاملة ، سفينة مهجورة . و طالب بمكافأته المستحقة .
و لم ينجز عمله الكبير هذا وحده ، فقد وجب عليه - عندما وجد السفينة جانحة خلف الجزر بعد أن تركها بحارتها - أن يجذف بقاربه إلى أقرب يابسة ليأتي بالمساعدين . إلا أنه كان هو الذي اكتشف السفينة : انه أوليفر البحّار اللائق جسدياً و القادر على تسلم مسؤولية عملية الإنقاذ . كان هو الذي بدأ بتشغيل المضخات ، و استعادة بقايا الأشرعة و الحبال المتدلية ؛ ثم أشرف على عملية قطر السفينة من مكانه خلف الدفة . لم يعد بإمكان أي شخص أن يقول عنه انه رجل مقعد .
آه لو كان الذي جلبه إلى الساحل شحنة من القهوة ! غير أن مثل هذا الحظ لا وجود له البتة . لقد كانت السفينة المهجورة مشحونة - أو الأحرى متخمة - بالطابوق المرصوف - سفينة دنمركية كانت متجهة بذلك الطابوق إلى أقرب مدينة ساحلية عندما جرفتها الرياح الهائجة إلى عرض البحر . و لم تكن تلك السفينة العتيقة عالية القيمة . مع ذلك ، فقد كانت ترسو هناك : لقية ، هدية . صحيح إنها أصبحت معطوبة و بلا قوارب و لا زخارف ، بل محض حوض خشبي زنخ ، إلا إنها لم تكن مستهلكة تماماً . و لا بد أنها بقيت متماسكة في البحر طوال ما كان المناخ سيئا ، و يبدو أن بحارتها قد غادروها بعد نفاذ المئونة ، إذ لم يوجد على متنها أية أطعمة .
إلتقط احدهم المشهد الغريب بنظره ، و سرعان ما هرعت المدينة إلى المرسى اللامع كوجه المرآة للتحديق في المشهد . ماذا هناك ؟ انه نوع من الموكب البحري : زورق قطر ، تتبعه سفينة ، يتبعها قارب مقطور . تجمهر الناس للوصول إلى المرسى . و جاء يورگن ، فتعرف على قاربه . أما السفينة ، فكانت غريبة و إن كان أوليفر هو البحار الواقف على متنها . وقف أوليفر على سطح السفينة ، صلب البنية ، منتصباً ، و غير مُبالغ في لهجته الآمرة القوية ؛ مكتفيا بتوجيه تعليمات مقتضبة إلى السمّاكَيْن اللذين جندهما لمساعدته في عمليات الإنقاذ . ثم طلب من الناس على الساحل استدعاء القنصل .
وجّه يورگن سؤالا مكبوتاً عن طبيعة تلك السفينة ، غير انه لم يحصل على الإجابة المطلوبة من أوليفر الذي كان مشغولاً بأمور كثيرة أخرى . أما أولاوس - الذي كان دائم التسكع حول المرساة عندما لا يكون مشغولاً بالشرب أو التشاجر مع زوجته - فقد صرّح بصوته العالي الخشن قائلا :"لقد سرق السفينة !"
و أظهر أوليفر سخطه الشديد عندما لم يصل القنصل شخصياً ، بل جاء إبنه الشاب شلدروب ، فصرخ به أوليفر :"أين أبوك ؟"
"أبي ؟ أي سفينة تلك ؟"
" اذهب لتأتي بأبيك . صدّقني و افعل ذلك ، إذ ينبغي كتابة التقرير ، و الختم على كل شيء في السفينة ."
"سألتك عن منشأ هذه السفينة ."
نادى أوليفر بعض الصبية الواقفين في المرسى ، طالباً منهم إستدعاء القنصل ، قبل أن يسمح لنفسه بالاستدارة نحو شلدروب الإبن ليشرح له الموضوع قائلاً :"إنها سفينة دنمركية مثلما ترى ؛ سفينة أجنبية ، على قدر علمي ."
و وصل القنصل ك .ا . جونسون بنفسه ، فأفسح الناس له المجال . و كان غير راغب في المجيء على هذا النحو الذي يجعل منه رجلاً بمستطاع أي كان أن يستدعيه ، إلا انه عقد العزم بلا ريب على تجاوز الموضوع بذكائه الخارق ، مكتفياً بتوجيه سؤالين لا غير ."جئتكم بزائر غريب ،" أعلن أوليفر . لمح القنصل السفينة المجلوبة بعينه الكستنائيتين بغير اهتمام زائد ، فلم تكن سفينة تجارية ، و هي ليست بعظمة سفينته "فيا"، ثم أرسل إبنه شلدروب للإتيان ببعض مواد الكتابة ، بعدها صعد إلى السفينة المجلوبة ، و انغمس بتحرير الكشوفات و التقارير .
و استغرق الأمر ساعة و الحشد ينتظر . كان نصف أهل المدينة قد هرع إلى المرسى . و كانت پيترا بين الحضور . كما حضر المحامي فريدركسن ، الذي سأل :"من هو البطل الذي أنقذ هذه السفينة ؟" فأجابه شلدروب الإبن مازحاً :" إنه أوليفر- إذا ما كنت قد عزمت على إلقاء خطبة !" كما مازح شلدروب الإبن پيترا أيضاً ، فقد كان الشاب اليافع يقترب من سن البلوغ ."هذا ما أسميه أنا إنجازاً لبحار أصيل ،" قال المحامي فريدركسن .
و لقد كان إنجازاً حقيقياً بالفعل لبحار أصيل نقلت أخباره الصحفية المحلية ، و ناقشة الكثير من القراء . أما أوليفر ، فقد حاول التخفيف من أهميته ، و إن وجب عليه سرد التفاصيل كافة لمواطنيه البسطاء . و لكنه لم يتغطرف ، و لم يجعل من نفسه أضحوكة بتقليد أعيان المدينة . و من الطبيعي أنه شعر برضا داخلي قوي بمأثرته ، و ذهب حالاً و طلب صنع بذلة جديدة له بعد أن إكتسب بنفسه أخيراً هذا الحق . و مع أن المخمل و الحرير ما كانا يروقانه ، غير أن أحداً ما كان لينكر عليه حق ابتياع بذلة بحّارة زرقاء اللون ."كيف حصل ذلك ؟" كان يقول لمواطنيه البسطاء : "الأمر يشبه اكتشاف خاتم ذهب و أنت تتمشى على قارعة الطريق ، فتلتقطه !" يضحك الجميع من مزاحه - إن المأثرة التي حققها هذا البحار الأصيل لا يمكن أن تكون بهذه السهولة ! بدا أوليفر مثل ملك يتواضع بالنزول إلى مستوى مواطنيه ، و ينفتح على الجميع ، فهو ليس من ذلك الصنف من الناس ممن يتجاهلون أولئك الذين اكتفوا بملازمة بيوتهم فيما هو ينكبُّ مجداً على إنقاذ السفينة .
و لكنه ما لبث أن إستشعر الحاجة إلى تحسين روايته بعد ذلك بأيام قليلة ، فقال ليورگن : " مثلما تعلم ، فقد كنت أبحث أول الأمر عن الأخشاب السائبة ، ثم خيّل إلي كأن أحداً يأمرني بالتجذيف أبعد فأبعد . لقد كان الأمر أشبه بالإلهام !"
أطرق يورگن مفكراً عند سماعه هذا الكلام : إن الطبيعة ملأى بالأعاجيب !
" لا أريد أن أبالغ ، فأنا لم أحلم قط بحطام سفينة كاملة يأتي إليَّ من عرض البحر العظيم . و لكنني ما أن جلست في الزورق ، و جذفت ، حتى جاءني الطارق : " إذهب أبعد ، أبعد ، أبعد عميقاً ! و فضلاً عن ذلك ، فإن الوقائع كلها تؤكد ، مثلما تعلم ، أنني كنت قد أرهقت نفسي زمناً في التطواف حول بحار العالم مذ كنت في الرابعة عشرة من العمر . و لقد شاهدت الجانب الآخر من الكرة الأرضية ، و لهذا فإنني أكاد أتصور الآن – و هذا ما لا أمانع في إطلاعك عليه – و كأنني لا أنتمي إلى هذه المدينة الصغيرة ألبتة . مع ذلك ، فإنه يتعين علي الآن أن أعيش و أموت هنا بعون الله ، و ما من محيص ."
كان تتبع التحسن الحاصل في معنويات أوليفر يبعث على الدهشة . لقد غيّرت ضربة الحظ التي واتته بعثوره على السفينة المهجورة كل وجهات نظره إلى الحياة ، فقد غادرته المرارة ، و أصبح أرقَّ و أكثر تجملاً . و إذا كان تماسكه لم يبلغ به حد العكوف على العمل الجاد المتواصل ، إلا أنه بدأ يخرج مستعرضاً ملابسه الجديدة . صحيح أن السروال يلتف أحياناً حول ساقه الخشبية النحيفة ، غير انه لم يعد يلعن حظه العاثر . "يمكنك إبتياع أي شيء تريدين ، قدر تعلق الأمر بي ،" قال لأمه بروح النجابة . و في أحد الأيام ، لاقى عجوزاً تتجول لتبيع تذاكر يانصيب جائزتها غطاء مائدة . "دعيني أرى ذلك الغطاء الجميل ،" قال أوليفر ، و ابتاع بعض التذاكر تكرماً . لقد بدا و كأن نوعاً من الإيمان قد تغلغل في نفسه .
و استمرت هذه الحالة عنده أسبوعاً أو نحوه ، ثم انقطعت . كان القنصل جونسون صاحب المرفأ قد أعطاه سلفة من مكافأة الإنقاذ ، و لم يكن بمستطاع القنصل بيع السفينة و حمولتها ليدفع كل الحصيلة إلى أوليفر بلا سابق إعلان و إنذار . و هل كان هذا الأخير يتصور أن بإمكانه مواصلة الحصول على السلف إلى الأبد ؟ كلا ، بالطبع . و لكنه ما كان في أسوأ الأحوال ليتوقع انقطاعها فجأة ؛ فالوضع على أحسن ما يرام ، و الأيام مباركة . كما دأب على المضي متبختراً إلى السفينة المهجورة ليضخ المياه من قاعها كل يوم فتصبح ملكاً خالصاُ له بالفعل .
و لكن بحارتها جاءوا ، جاءوا قادمين من الجنوب : الربّان مع ثلاثة ملاحين . إنهم ملاك السفينة و قادتها . و لم تُفكك السفينة ، بل سارع أصحابها إلى إصلاحها . و لأنهم قطعوا المسافات البعيدة حتى بلغوا النرويج ، فقد نبذوا فكرة العودة بطابوقهم ، فباعوه إلى القنصل ، و شحنوا السفينة بألواح الخشب . ثم قاموا بتسوية المتعلقات الحقوقية كافة ، و أبحروا بسفينتهم .
و انصرم العصر الذهبي ، و انقلب أوليفر ثانية على جمر الغضى ، بعد أن صار عليه تدبير حاله بنفسه . فكيف حصل كل هذا ؟ كانت مكافأة الإنقاذ مستحقة بلا ريب ، إلا أن أوليفر كان له شريكان يقاسمانه مبلغها المحدود ، و هكذا فلم يستطع أي منهم نيل الثروة التي كان يحلم بها . " ألن أحصل حتى على حصة الأسد ؟ " إستفهم أوليفر . نعم ، لقد حصل على حصة الأسد ، مع دفعة إضافية لقاء تفريغه المياه من القاع . و لكنه كان قد تسلم مقدماً المبلغ كاملاً – فكيف حصل كل ذلك ؟
و بفعل ضربة الحظ الصغيرة ، فقد أتيح لأوليفر تمضية وقت طيب أعاد إليه ذكريات الماضي الجميل ، غير أن كل ذلك قد انتهى الآن . إنه رجل مظلوم . ما هو رأي يورگن بهذا ؟ ما هو رأي مارتن العجوز ؟ زار أوليفر ماتيس لسماع وجهة نظره .
بدا ماتيس غريباً هذا اليوم – لغزاً ؛ فقد أحجم عن رد التحية ، كما لم يقدم له كرسياً للجلوس . بل و لقد إستبد به الغضب ، فراح يكز أسنانه ، و يتنطط حول المكان ، مُبِيْناً وضعه الذهني المأزوم على نحو قاطع .
و لم تكن الكروب لتنقص أوليفر ، فقد غُرر به ، و ضُحك منه !
" لاحِظْ هذه الحقيقة ، على سبيل المثال : كنت قد وجدت السفينة ، و أتيت بها بنفسي إلى هنا ، فما الذي حصلت عليه ؟ إنني نادم على تسلم كل فلس منهم ، و أتمنى لو أنني أستطيع قذفه بوجوههم ثانية الآن ، و ليكن الله في عوني ."
"أوه ! أقلع عن ثرثرتك الحمقاء !" صرخ ماتيس بوجهه فجأة .
حدّق أوليفر إلى مخاطبه . كان ماتيس يشتغل مثل رجل مهووس بكفين مرتجفتين . هل كان ثملاً ؟ إن كان يريد العداوة ، فهو لها . عدّل أوليفر إستواء صدره العريض و كتفيه .
" أريدك أن تعيد إليّ البابين !"
"أوه ، " قال أوليفر : " ما ذا قلت ؟ البابين ؟ "
"أريد استعادتهما ثانية ، " زمجر النجار : "لقد دفعت إليك ثمنهما ، و كانا ملكاً لي ، هل فهمت ؟ أريد البابين !"
كاد أوليفر أن يفقد القدرة على النطق إزاء مثل هذا الطلب غير المعقول ، و لكنه استطاع أن يجيب قائلا :" لقد أعطيتني البابين إكراماً لما كان بيننا من وداد ."
رمى ماتيس ما في يديه ، و انتصب واقفاً . "الزاد و الملح ؟ إنني لا أريد مشاركتك حتى بلقمة واحدة ؛ لا ، و لا حتى بكسرة خبز واحدة . أي خير جَنيته مما كان بيننا ؟ كلا ، الأمر هو مثلما قلت لك ، خصوصاً عندما يكون الطرف المقابل من النوع الذي يستغفل الآخرين على هواه – لا ، شكراً . و في كل الأحوال ، فان بوسعي الاستغناء عن وجودك هنا ، كما أنني أريد استرجاع البابين !"
يا لك من إنسان بلا منطق ! لقد أتى أوليفر رافعاً راية السلام ، و راغباً في نيل قدر ضئيل من التعاطف ، إلا انه يُطرد بدلاً من ذلك شر طردة . لا بد أن للأمر صلة بپيترا .
"إذا كنت منزعجاً من سماع بعض القيل و القال ، و روايات الفضائح التي تحبكها النسوة ، فاعلم أن تلك الأقاويل قد بدأت منذ أن كانت پيترا مخطوبة لي . و لا علاقة لي بها البتة ، " قال أوليفر .
عاد النجار إلى مزاولة عمله ثانية ، و أنغض رأسه احتقاراً ، و هو يقول :" تستطيع أن تأخذها الآن ." ثم أضاف : " على الحالة التي حصلتُ عليها ."
لم يستوعب أوليفر كلمة واحدة مما سمع ؛ و لأنه قد طُرد من ورشة النجار ، فقد نهض و سار نحو الباب طارقاً بقدميه الأرض بقوة .
"انه لأمر يصعب تصديقه ! " قال النجار ضاحكا لنفسه بضراوة ،" لقد تصوروا أنهم سيستطيعون استدراجي للوقوع في الفخ !"
"عمّ تتحدث ؟" سأله أوليفر .
"هكذا ؟ لقد كنتم مخادعين مثل الثعالب ؛ كلكم بلا استثناء ." واصل النجار كلامه و هو يضحك لنفسه ، " و لكن ماتيس العتيد اكتشف الهاوية التي يُراد به الانحدار إليها - لقد بلغ السيل الزبى ! كلا ، إن ماتيس لا يريد ."
توقف أوليفر لحظة و يده على أكرة الباب ليستمع إلى بقية كلام النجار . و صعق عندما اكتشف أن النجار قد انخرط في البكاء ، و أخذته الرجفة . و عندما فتح الباب ، سمع صوتاً غير واضح يقول له من الخلف :" تستطيع أن تنالها الآن ؛ كما إنني قادم لاستعادة بابَيَّ !"
كان أوليفر قد اعتاد منذ زمن معاملة الناس له برقة – و ها هو يُخاطب الآن كما لم يكن رجلا بساق خشبية . لقد جرحته معاملة النجار إياه بخشونة ، و لكنه كظم غيظه و قال :" بمستطاعك أن تأخذني أنا بدلاً عن البابين ، إن أردت ! أتتصور أنني أخشاك ؟"
استعاد النجار شجاعته ، فخطف سترته من المشجب ، و قال :" إنني ذاهب معك الآن لاسترجاعهما ."
و لدى إدراك أوليفر صدق عزيمة محدثه ، فقد لان ثانية . فتح الباب ، و خرج مسرعاً . "إنهما ليسا بحوزتي ،" قال معترفاً ؛" لقد بعتهما لأهل المرج ."
ران الصمت خلفه . لا بد أن النجار قد وقف مسمراً في مكانه معقود اللسان . دعه يقف ؛ دعه يقف على بابه ؛ عساه ألّا يقدر على التكلم مرة أخرى !
و لعل الطمأنينة قد غادرت أوليفر بعد ذلك ، فعمد إلى التسكع بعض الوقت قبل أن يفكر في العودة إلى البيت – فلربما حاول النجار العثور عليه – يا لها من طريقة لمعاملة رجل مقعد !
ها هي پيترا تعبر الشارع : نظرت إليه ، و أومأت له برأسها . نعم ، مهما كان واقع الحال ، فلا بد أن يكون الموضوع متعلقا بپيترا. و لعلها قد نبذت النجار على رغم أنفه . و من المؤكد أنه قد وقف باكياً أمام الملأ بدلاً من تقبل الأمر الواقع مثل الرجال الأشداء .
و خطرت له الفكرة القيام برحلة أخرى بعد أن انقطعت عوائد سفرته الأخيرة على نحو غريب . و لا شك في أن يورگن سيبدي وساوسه مرة أخرى و هو يعيره قاربه ، فالناس يمكن أن يكونوا جد غرباء . و لكن ، حتى لو قام برحلة حقيقية بعيداً إلى ما وراء الجزر ، فالوقت قد تأخر الآن على جمع البيض ، و إن توفر هناك احتمال الحصول على بعض الأخشاب المنجرفة . و فضلاً عن ذلك ، لم يكن بوسع أي كائن التنبؤ بما يمكن العثور عليه . و لعل الثروة تقبع بانتظاره الآن في مكان ما هناك.
وفي غضون ذلك اليوم ، شاهد پيترا مرة أخرى في الشارع ، و لقد أومأت له برأسها ثانية . و الغريب أن المصادفة قد أتاحت له فرصة رؤيتها أكثر فأكثر كل يوم بعد ذلك - پيترا التي كانت لا تُرى إلا لماما طوال الأسابيع و الشهور الكاملة . و لم يحصل كل ذلك لأنه تعمد الوقوف في سبيلها ، إنما بفعل المصادفة المحض . كان قد أصبح رجلاً شهيراً بعد إنقاذه السفينة ، و ظهور اسمه في الجريدة ، و بعد ارتدائه بذلته الجديدة مع قبعته الصفراء التي يرفعها لرد التحية . و لكنه كان أبعد ما يكون عن معاكسة الفتيات ، واستعراض نفسه أمامهن ؛ بل إن العكس هو الصحيح ، فقد كان مصمماً على القيام برحلته إلى أعماق البحر البعيد .
و عادت الخلافات لتنشب بينه و بين أمه ؛ و بلغت ذروتها عندما سألته أمه في أحد الأيام : "أتريد مني معاودة الارتزاق من صدقات الآخرين ؟"
"من أنا لأقرر لك ما تفعلينه ؟" زعق بوجهها .
"كان ينبغي لأبيك أن يبقى حياً لسماع كلماتك هذه ،"صاحت وهي توشك أن تذرف الدموع .
"فعلاً !"
"نعم ، فهو لم يكن من الرجال العاطلين . كان يشقى كل صباح و ظهيرة و مساء - هذا فضلا عن تفهمه الحصيف للأمور ،" هرّ أوليفر احتقاراً .
"لقد كان أبوك رجلاً متفهماً . نعم ."
الآن فقط تعترف بذلك . كم يشبه هذا طبيعة النساء ! انتظر حتى تموت و تدفن كي يصبح بالإمكان إظهار الحزن على فقدك . تذكر أوليفر طفولته ، و كل تلك المعارك التي نشبت بين والديه – و لم تكن تلك بالمسألة الهينة .
"انك تجلس مصفراً هناك ،" قالت أمه ، " بقبعتك التي تتدلى على إحدى أذنيك غير مبال بشيء . و لكنني أريد أن اعرف كيف ستكون عاقبة كل هذا بحسب اعتقادك ."
"إنني غير قلق حيال نفسي ،" أجابها ، "لا ، و حياتك ! إنني أخطط حالياً للخروج إلى البحر ، كما أفكر في وظيفة في الفنار ."
كانت المئونة التي حملها معه قليلة هذه المرة ، و لكنه أفلح في أخذ قارب يورگن ، مع عدة الصيد ، و قِدْر لإبقاء السمك المصطاد حياً . و خلال الأيام الثلاثة التي قضاها في عرض البحر ، مكثت أمه خارج البيت أيضاً بعد أن عثرت على مكان ما لنفسها لجأت إليه . و هكذا فقد عاد أوليفر إلى بيت خاو .
و لم يواته الحظ الجميل هذه المرة ، بل لم يوفق في صيد كمية كبيرة من الأسماك ، و هكذا وضع قدر البطاطس على الموقد . إلا أن رحلته لم تكن عديمة النفع تماماً ، إذ عاد بحمولة كبيرة من الأخشاب المنجرفة ، ناهيك عن حفنة كبيرة من زغب العيدر التي أخفاها بمهارة تحت إبطه . و فوق كل ذلك ، فقد تمتع بأيام من الاسترخاء الجميل بعيداً عن الهموم فيما وراء الجزر . و بعد أن تناول البطاطس ، شعر بالراحة إلى حد ما، فنزل إلى القارب ثانية ، و باع أغلب الأخشاب التي جلبها إلى مشترين لا تتوفر لديهم الرغبة في المماحكة مع رجل كسيح . و هكذا أصبح لديه الآن بعض النقود في جيبه .
و مر يوم إثر يوم .
و في إحدى الأمسيات ، زارته پيترا. تصور للوهلة الأولى أن نظره قد خدعه لا محالة - كانت ترتدي معطفاً رمادياً جديداً ، و من المؤكد أنها لم تأت لرؤيته هو نفسه ، حبيبها القديم ، بعد أن انفصلت عنه ."إن أمرك لغريب ، " قال لها ببعض الحرج .
"لقد خطر لي أن أزوركم سريعاً . أين أمك ؟"
"تخمينك صحيح ؛ مثل تخميني . "
"أوه . من الذي يطبخ لك ؟"
"و من تفترضين يقوم بذلك ؟" رد عليها موارباً و هو يفكر: و ما شأنك أنت بذلك ؟ ها هي تجلس بمعطفها الجميل – شيء لطيف ، و لكن ذلك لن يجعله يتهالك عليها ." ما هي آخر الإخبار بينك و بين ذلك الرجل ماتيس ؟ " سأله .
"ذلك الرجل ماتيس ؟ ماذا تقصد ؟"
"بالأمس كان يذرف الدموع عليك ،" قال أوليفر بضحكة احتقار .
"عليَّ أنا ؟ إنك تمزح . لا أحد يبكي عليَّ ."
لا بد أنه قد ضرب على وتر حساس بالفعل . ها هي تجلس أمامه و قد خانتها تقاطيع وجهها ، فعالجها - هي و معطفها الجديد - بضحكة أشد إيلاما من سابقتها .
"لم أنت هكذا ؟" سألته بهدوء ، ثم وقفت .
"حسنٌ ، إن الموضوع لا يخصني بشيء ،" قال متعمداً ألإفصاح عن مدى المسافة التي تفصلها هي و شؤونها عنه .
"قرأت عنك في الجريدة ،" بدأت ثانية .
لا بد له أن يظهر امتنانه لها لأنها قرأت عنه في الجريدة . و لكن لا ، إن هذا لن يكون . ما الذي حصل لأوليفر ؟ إنه يبدو كأنه لا يشبه نفسه ، كأنه شخص آخر تماماً ، شخص متقلب . لم تعد تعرف كيف تتصرف تجاهه . لقد جربت كل الوسائل دون جدوى . و أخيراً ، طلبت منه أن يعيرها الجريدة ، فهي تود قراءتها مجدداً . و اتضح انه يحملها معه ، فقد استخرجها من جيبه مرتبة بأناقة بورقة سمراء ، و هو يقول :" تستطيعين أخذها معك الآن شريطة أن تعيد لها إليَّ بعدئذ ."
و بعد يومين أتت إلى بيت أوليفر مرة أخرى . كان مساء يوم أحد ، و قد بدت في أبهى حلة . و ربما لأنه كان يتوقع مجيئها ، فقد أجرى بعض الترتيبات البسيطة : إذ مسح الأرضية و سطح الموقد ، ثم كوّم الأكواب و الأواني الوسخة بعيداً في المشتمل المهجور . و أسعفه حظه عندما عثر على بعض المسكوكات النقدية الايطالية الصغيرة في احد جيوب صداره القديم ، فأخرجها و وزعها على المنضدة لتجميل المكان . ثم جلس غارقاً في أفكاره . و عندما جاءت پيترا ، عمد إلى مد ساقيه و تثاءب.
"جئت كي أعيد إليك الجريدة ، " قالت . كانت تحفظ الخبر عن ظهر قلب ، إلا أنها قرأته له بصوت عال . أصيخوا السمع لهذه القطعة : هكذا كتبوا عنه في الجريدة . إنها قطعة ممتازة يستطيع التفاخر بها وقتاً طويلاً .
"إنني ، مثلما ترين ، جبت أطراف العالم طويلا ،" قال معدلاً هندامه .
"نعم ، لا يمكن نكران ذلك - من الذي غسل لك الأرضية ؟"
ما شأنها في هذا ؟ هل جاءت كي تتحكم فيه ؟ أجابها بخبث ظاهر : "إنهن البنات ."
"أي بنات ؟"
"من علّمك أن تسأليني ؟" رد عليها. لا بد أن هذا سيضعها في مكانها الصحيح .
"كان بودي أن أتولى ذلك بنفسي ، " قالت پيترا . و بالمناسبة ، فلم تكن پيترا الآن تشع صحة مثل عهدها السابق ، بل بدت في الواقع شاحبة إلى حد ما : لقد غاب نصف الاحمرار عن وجنتيها .
" أستطيع إعداد بعض القهوة لك إن كنت تريد ذلك ، " قالت باستكانة . "لقد جلبت معي بعضاً منها ." لم يكن اقتراحها غير مريح قط . و لكن…"أوه، ما كان ينبغي أن تكلفي نفسك ،" أجاب .
"بحق الله ، من المؤكد أنني أستطيع أن أقوم بهذه الخدمة البسيطة ،" قالت و هي تتوجه نحو الموقد آخذة الموضوع على عاتقها . لاحظ أنها كانت تسند نفسها إلى الكرسي باستمرار ، كما أدارت وجهها مرة أو مرتين لتبصق ."لماذا تواصلين ارتداء ذلك المعطف ؟ ألا تستطيعين خلعه ؟" سألها .
"إنه معطف ربيعي خفيف ليس غير . ألا تبدو تلك المسكوكات غريبة هناك ؟ أي نوع من النقود هي ؟"
"إنها من الخارج ."
"من البلدان الأجنبية الكثيرة التي شاهدتها !"
"إنها ايطالية . إنهم يسمونها الصولدي . أتعجبك ؟ تستطيعين أخذها ."
"كلا، لا ينبغي لك أن تتنازل عنها ."
جمع المسكوكات و ألقاها في جيب معطفها .
ثم تحدثا عن أمه . لعلها ستعود قريبا…ثم عرجا على سفرته الأخيرة إلى ما وراء الجزر – يا لها من مغامرة جسور : أن يجذف المرء بعيداً وحده في قارب مكشوف وسط البحر .
أتى لها ببعض الأكواب ، فغسلتها وجلبت له القهوة . أما هي فقد اعتذرت بأنها كانت قد تناولت بعضاً منها تواً ، و لم تعد راغبة في المزيد . جلست على الكرسي و قد بان على وجهها التعب .
أما أوليفر فقد بدأ يشعر بالراحة ، بل مازحها مشيراً بطرف خفي إلى النجار . و لم يظهر أي لؤم في كلامه ، إذ لم يكن لديه أي شيء ضدها ." إذن ، فقد كانت توجد هناك علاقة بينك و بين ذلك الرجل ماتيس ، ها ؟"
" أي هراء هذا الذي تتلفظ به ؟ ذلك الرجل ماتيس ؟"
"حسن ، ألم تكوني ترومين الزواج به ؟"
"ذلك الرجل ماتيس ؟" ضربت پيترا كفا بكف . لقد تخلت عنه ؛ يئست منه ؛ كما و بلغ الأمر حد التندر على انفه الطويل.
"يا للغرابة !" قال أوليفر الذي ما كانت تعوزه الرغبة في سماع مثل هذه التأكيدات . " كنت أظن أن الأمر على غير ذلك ."
نظرت پيترا إلى أسفل معطفها و تمتمت :" لا يوجد في حياتي سوى رجل واحد فقط ."
وراح أوليفر يعصر دماغه . ثم سألها : "هل ما زلت في خدمة آل جونسون العجوز؟ كيف حال شلدروب الابن ؟"
"شلدروب الابن ؟ ماذا تقصد ؟"
"أردت أن اسأل فقط . لقد كان تصرفه يشبه تصرف الأطفال في ذلك اليوم الذي جئت فيه بالسفينة المهجورة ، و كنت بحاجة إلى من يحرر تقريراً عنها ."
"أوه ،" صبت له پيترا المزيد من القهوة و جلست ، ثم بدأت :"اسمع يا عزيزي أوليفر، ما رأيك في…؟"
"في ماذا ؟"
صمت .
"أوه ..لست ادري ،" قالت هازة رأسها ، و جلست تعبث بالمسكوكات الايطالية .
"و لكن ألا تظن أننا يمكن أن نعود إلى عهدنا السابق ؟"
لم يترك سؤالها إنطباعاُ قوياً في أوليفر ، و لعله كان يتوقعه ، و كانت له فعلاً تصوراته الخاصة به ."من أين لك هذه الفكرة ؟" سألها .
"لقد كنت دائمة الإيمان بها ."
"ما عاد هذا مفيداً لأي منا نحن الإثنين ."
"لا تقل هذا ، لابد انك تستطيع الحصول على وظيفة ما من القنصل ."
"القنصل !" شخر :"كلا ، لقد داعبتني فكرة العمل في الفنار ."
"بلا ريب : أو الفنار ! لا بد انك ستحصل على وظيفة ما ، إنني واثقة بذلك ."
صمت .
"إن هذا غير ممكن ،" قال :"رجل كسيحٌ ، و بيتٌ خاوٍ . و إذا كنت أستطيع فعلاً الحصول على بابين لتركيبهما في تينتك الغرفتين ، إلا أن..."
كان بمستطاع پيترا إدراك أن مرادها غير مستحيل ، و لكنها لم تلح . ثم ألمحت برقة إلى إمكانية أن تتولى هي شراء البابين ؛ كما أظهرت له أن خاتمه الذهبي ما يزال في إصبعها ، و أن كل شيء ما زال على سابق عهده بها . و لا شك أن أوليفر قد حدق إليها دهشاً على نحو ما عندما عرجت على ذكر الخاتم . و لإحساسه ببعض الحرج ، لذلك فقد بدا له أن أفضل خط مواجهة يمكن إتباعه هو اللجوء إلى الوقاحة .
"ها-ها- حسنٌ ، أعتقد انه يحمل اسماً آخر الآن ؟"
"لا، لقد قمت ببرده . أترغب في رؤيته ؟"
يا لها من فتاة. إنها ذكية في كل شيء - إن لم نقل عبقرية . غير أن الوضع تجاوز حد الاحتمال ."ألن تقومي بإعادة الخاتم إليه ؟" سألها .
"الخاتم، هذا ما تعتقده أنت !"
ضحك أوليفر من كل قلبه ، لقد كانت به حاجة إلى حفظ ماء وجهه و وجهها أيضاً .
"أعيد الخاتم ؟" قالت ، "أنظر كم هو ثقيل ! لابد انه من الذهب الخالص ، أليس كذلك ؟"
شمخ أوليفر بأنفه و قال:"كيف يمكن أن يراودك أي شك في ذلك؟ أيمكن أن يذهب بك الاعتقاد حد تصور أنني أشتري لك خاتماً من النحاس الأصفر و أنا في بلاد الأجانب ؟ إن الخاتم مصنوع من الذهب الخالص ."
"و هذا هو يقيني . انه لن يغادر إصبعي البتة ."
و لكن ما كان بالمستطاع السماح للأمر بأن يمر بهذا القدر من السهولة. لا بد أنها قد افترضت الآن أنها قد أصبحت مخطوبة له ثانية . و لكن أليس من المستحسن أن يسمح لنفسه بمهلة للتفكير في هذا الموضوع و تدبره جيداً ؟ إن النجار لن يموت بسبب ذلك ، فقد كان هو الطرف الذي نكث بعهده ، كما إنها ستكون ضربة مناسبة له جراء معاملته الفظة لرجل كسيح . الأمر سيان ، إن هناك مجالاً واسعاً للتفكير ."تباً لي لبقائي جالسة هنا ،" صاحت و هي تقفز إلى إناء القهوة ثانية ،" كيف لم ألحظ أن كوبك قد فرغ ؟"
سمح لها أوليفر بصب القهوة. كانت قهوة جيدة و مركزة . لقد جلبت پيترا معها إحساساً مباركاً بالرفاهية - حتى عندما انحنت على كتفه و هي تصب له القهوة . "يوجد الكثير منها في المكان الذي جئت بها منه ، " قالت ؛ ثم تحركت للجلوس على ركبته ."أما تزال قادراً على إسنادي ؟"
"كيف لا !" قال برجولة :" إنني قادر على إسناد كل شيء مثلما كنت أفعل من قبل ."
"الآن ، جيد ! إذن ، لماذا لا نحاول الانسجام مجدداً ؟" و احتمت به بمعطفها ، و قبلته ، و راحت تئن بالحاف ." حسنٌ ، ماذا قلت يا أوليفر، هل تأخذني ؟"
كان هذا في الواقع أكثر مما يستطيع تحمله . و لكن لا بأس . لعلها ليست بالفكرة السيئة البتة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار كل الأمور . آه كم كانت تريد الفوز بموافقته !
"همهم ، عندما أفكر في الموضوع و أنا جالس هنا ، يخيل إلي .." و توقف لحظة ران فيها الصمت على پيترا : "أن هناك إمكانية لترتيب الموضوع ."
"نعم ،" قالت لاهثة .
"ما دمت تريدينه ."
"نعم ، " قالت لاهثة.



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 5
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 4
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 3
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 2
- كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 1
- السيد و العمامة
- يوم اختطاف دولة رئيس الوزراء
- كلاب أولاد كلب
- بغداد : 6./ 6. /6.
- فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / الأخيرة
- قصيدة -الرحيل- للشاعر العراقي سامي موريه
- فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 10
- فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 9
- الزنبقة تموت عشقاً في الحياة .... و تحيا / مرثية الشاعر يحيى ...
- فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 8
- فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 7
- مَثَلْ مَضْروب بيه تِتْحدّثِ النّاس : -جِزا الإحسانْ : بَكّا ...
- فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 6
- فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 5
- فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 4


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 6