أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - أحلام زنزانة الإعدام















المزيد.....


أحلام زنزانة الإعدام


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4057 - 2013 / 4 / 9 - 14:42
المحور: الادب والفن
    


في الزنزانة رقم 13 ، ذات الأبعاد 12 قدم x 12 قدم بقاطع الإعدام في سجن "أبو غريب" ، جلس صباحاً المحكومون بالإعدام : كل من نائب الضابط درجة ممتازة و مدقق الحسابات و مفسر الأحلام لكل القاطع : عبد العباس (أبو عباس) من أهالي قرية برنون ؛ و الشيخ حامد الدليمي (أبو ماجد) من أهالي قرية الجمجمة ؛ و طالب كلية هندسة جامعة الموصل : حسن عبد علي من أهالي ناحية القاسم ؛ و الدكتور فياض من منطقة المنصور في بغداد ؛ و العامل الكردي البطل بكر عمر علي من أهالي السليمانية ؛ و المعلم كريم زيدان (أبو أحمد) من أهالي الرمادي ؛ و طالب الإعدادية فاضل جعفر من أهالي منطقة تسعين بكركوك ؛ و طالب الدكتوراه في كلية زراعة الموصل : السيد أكرم من أهالي الكرّادة ؛ و دكتوراه الرياضيات السيد ناجي (أبو يوسف) من جامعة البصرة . كان أولئك النزلاء يتحدثون فيما بينهم عن جرائم حزب البعث الحاكم ؛ فيما كنت أنا المحكوم العاشر حسين علوان حسين (أبو نورس ) أغط بالنوم لاعتيادي السهر خلال أغلب ساعات الليل ، و النوم أغلب ساعات النهار .
د . فياض - هذولا العوجان ربع البكر و صدام ، هذولا : وحوش سلطوية متعطشة لسفك دماء كل مواطن حر شريف ، مثل دم الشهيد عبد الكريم قاسم ، إللي تراب رجليه يشرفهم همّا و أجدادهم . ألهواء اللي يتنفسون بيه هوّا السطو المسلح على سلطة الدولة عن طريق التآمر مع ضباط الجيش المتعطشين مثلهم للسلطة و اللي بيديهم مفاتيح القصر الجمهوري . و كل هذا ، حتى كراسي الحكم تشبِّعهم زين من تعطشهم للدماء ؛ و حتى ما يبقون خارج السلطة ، فيموتون إختناقاً لأن بعد ما كو دم . بدون سلطة و دم ، يموت العوجان .
د . ناجي - ماكو إنسان عنده ذرّاية ذمة و ضمير يقبل يشتغل ويّاهم . و حتى البعثي الشريف إللي يشتغل ويّاهم ، لو همّا يقتلوه غدر ، لو هوّا ينهزم منهم ، و يخلّص بريشاته .
أبو عباس - صحيح ! ذولا عدهم إيمان قاطع بأن ظلم القوة الغاشمة هو عين الحق ؛ و لا حق غيره .
حسن - أسكت وخليها ، شلون بخت عدهم . مِنْ يستلمون السلطة ، يفجِّرون الدماء أنهاراً و عيون ؛ بس مِنْ تنقلب عليهم ، أبداً كلشي ما يصير عليهم : بربوگ ما يغرق .
فاضل - بخت مال گواويد .
د . ناجي - تدري لويش محّد ما يقسي بيهم و يعاملهم بالمثل ؟ لأن غيرهم بشر ، و عنده قِيَمْ و ضمير ، و مو مسقِّط و زايعته الـگـاع مثلهم . تعال أگلك : ما تـگلي شنهي هي اللذة في قتل البشر الأبرياء ؟ منو يسمح لنفسه أن ينسلخ عن إنسانيته ، و يتحول إلى وحش كاسر مثلهم ، حتى يعاملهم مثل ما همّا چانوا يعاملوه ؟
أكرم - و الله آني حتى النملة ألوم نفسي من أدوس عليها و آنا ماشي ؛ حتى و لو بدون قصد !
أبو عباس - طبعاً . الحياة حرمة مقدسة !
د. فياض - الله سبحانه و تعالى وهب الإنسان الحياة ، و لا يحق لأي بشر – و بأي ذريعة – أن يسلب من أبناء جلدته هبة الله لهم !
أبو ماجد - بسم الله الرحمن الرحيم : وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ، وَ حَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ ، وَ رَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ، وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا . صدق الله العظيم .
أبو عباس - أكو سلطة ما عدها شغل غير بس شن الحروب الكارثية على الجيران ، و اللي تحصد أرواح عشرات الآلاف من خيرة أبناء شعبها ؛ و فوگـاها تتربص لعقول مواطنيها ، و تحصي أنفاس و حركات و سكنات و كلمات كل فرد من أفراد شعبها ؛ و تربّي الناس تربية إنتهازية ؛ و تحولهم إلى كَتَبة للتقارير الأمنية ضد أهاليهم و جيرانهم و زملاءهم : فلان سب الحزب ، فلتان شتم القيادة ؛ و ما تتورع عن كرف زينة شباب البلد الأحرار و علماءه و ألمع ضباط الجيش بالجملة كرف ، و تحجرهم عن كل و بلا ذمة و لا ضمير ؛ و تسحق كرامتهم ؛ و تعذبهم أبشع تعذيب ؛ و بعدين تعلبهم بعلب سردين : لا يشوفون أحد ، و لا أحد يشوفهم ؛ و تمنع عنهم حتى أبسط الضرورية الأساسية ؛ بل و تحرمهم حتى من الدواء و الغذاء و الملابس و أشعة الشمس و الرياضة ؛ و بعدين تعدمهم بالخالي بلاش ؟ شنو من سلطة إرهابية هاي ؟
حسن - و حتى ما تسلِّم جثث المعدومين لأهاليهم ، و لا تقبل إقامة أية مراسيم دينية عليهم ! يبلّغون أهل المغدورين : صاموط لا موط ، اليحچي يموت !
د . فياض - منتهى الحقارة و الإستهتار بأبسط حقوق البشر !
كريم – تدرون أكو بعثيين كبار يروحون يدگـدگون باب باب على أهالي الشباب اللي صار لهم خمس لو عشر سنين معدومين ، و ياخذون من أهاليهم المساكين رشاوي بالملايين على أساس راح يطلعولهم ولدهم من السجون ؟!
د . فياض – و المشكلة : محّد خلصان منهم ! اللي يصلي يعدموه ؛ إللي ما يصلي يعدموه ؛ اللي يروح للزيارة يعدموه ؛ أللي ما يقبل يزور يعدموه . الإعدام عد أهل العوجة شكرلمه !
د . فياض – ما أدري من يا ملّه ذولا جايين ؛ ترا العرب تأنف من هيچي أخلاق دنيئة ؛ و نفس الشيء بالنسبة للأكراد و التركمان . منين جايبين هيچي حقارة ، محّد يدري !
ينهض حسين ( أبو نورس ) من نومه ، و يسلم – صباح الخير ، شباب !
} – صباح الأنوار !
حسين . عيني أبوعباس الورد : اليوم الفجر قبل ما أگـعْدَك للصلاة ، حلمت لًوَنْ إحنا بيوم الأربعاء ، و الدنيا ظهر ، تقريباً ساعة بالثنتين . أشو ما أدري شلون - گـلبي أعلمني أنه بذاك اليوم راح ينفّذون الإعدام بيّا . گـلتلكم ، إنتبهوا أخوان ، هسّا راح يجي أمر التنفيذ مالتي . السيد أكرم گـال لي بالحلم : ما كو هيچي حچي ، محّد ما فتح الباب البرّاني مال القاطع . آني گتلكم ، إنتبهوا ، هسّا ينفتح الباب ، و يطب المأمور شايل بيده الورقة البيضا ، و بيها أمر تنفيذ الإعدام ؛ بس آني وحدي .
أبو ماجد - إي عيني ، ميّك بالصدر ، بعد شتريد !
حسين – يوم الفرج القريب إنشاء الله علينا أجمعين ، و على كل الإخوان بالقاطع . أرجع للحلم . عيني أبو عباس : من گلتلكم هسّا راح يجي أمر التنفيذ مالتي ، ساد الصمت المطبق بكل القاطع ؛ و الجو يِصْفِر ؛ و لو توگـع الإبرة علـگاع ، تنسمع وگـعتها بكل القاطع . رأساً سمعنا خرخشة مفتاح الباب ؛ و طبِّ المأمور يدبچ إبسطاله دبچ و هوّا يمشي . وگـف بنص القاعة ، و شال الورقة البيضا گـدام عيونه ، و گـام يقرأ :
- حسين علوان حسين !
آني صحت من مكاني هنا : نعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم ، أنا جاهز و مستعد !
- حضّر نفسك : إجا كتاب تصديق حكم الإعدام بيك ، صاح المأمور .
و چان من مكاني هنا أگـول له :
- إيــــــــــــــــــــــــــــــى ، رحم الله و الديك ، ورايتك بيضا !
أبو ماجد - و عود لويش تترحم على والديه ، و هوّا جاي يعدمك !
أبو عباس - عيني حامد ، هوّا مجرد حلم ، و الرجال ديحچي شصار بيه !
د. فياض - عيني أبو ماجد ، إنت تدري بيه لأخَيْنا أبو نورس شلون سياسي محنك : راد بهاي حچايته يكسب مأمور الإعدام للحزب الشيوعي العراقي ! هوّا ليش عنده حال - مال ، غير بس الحزب ؟ يعيش و يموت علحزب !
أبو ماجد - إي ! يريد يخليها تصير أخر حسنة يختم بيها حياته ، قبل ما يواجه ربّه ! مسك الختام !
أبو نورس - قويّة هاي ! جِبِتْها زين ! رحم الله البطن اللي نـگـلتك !
أبو ماجد - ها ، عيني ؟ هم تريد تكسبني آني الآخر للحزب الشيوعي ؟! ابّيش تطلبني ؟ تريدني أخسرها دنيا آخرة ؟
أبو عباس - إي ، دِخَلّوه للرجّال يكمِّل الحلم مالته !
أبو نورس - حبّاب سيد حامد الورد : إنطيني تبرّع خمس دنانير للحزب الشيوعي ، قُربة إلى الله تعالى ، پليــــــــــــــــزززز !
}- هاهاهاها !
أبو ماجد - و شدعوا نوط أبو الخمس دنانير براسه !
أبو نورس - لأن إنت إبن أجاويد ؛ و المثل يـگـول : لا تطلب الحاجات إلا من أهلها !
أبو ماجد - شنو بالآخرة ، مِنْ إنته رايح لهناك ، هم أكو حزب شيوعي ، تنطيه التبرعات الجامعها منّا ، بَسْكوت عن رب العالمين ؟
}- هاهاهاها !
أبو نورس - هاي شنو ، عيني أبو ماجد ؟ ليش إنت بعدك ما تدري شصار ما صار بالآخرة ؟
أبو ماجد - لع : شصار ؟
بكر - ليش هوّا منو راح للآخرة ، و رجع للدنيا ، حتى نعرف شديصير هناك ؟
أبو نورس - أسكت و خلّيها ، يا خوي ! چا ما دريت رب العالمين - سبحانه و تعالى - كسبه رفيقنا فهد و سلام عادل للحزب الشيوعي هناك ؟
}- هاهاها !
كريم - أستغفر الله !
أكرم - قبّحك الله !
أبو ماجد - أعوذ بالله من شرّ الشيطان الرجيم !
أبو نورس – و حياة أبوي ! إنتم لويش شكّاكين و ما تصدِّقون ؟ نِزْلَوا له لرب القدرة هناك بالآخرة شلون إثنين شهداء مضبِّطين : الحجّي فهد ، و السيد سلام ؛ و ويّاهم المروِّجَين : سيدنا عيسى ، و جدّنا محمّد - عليهما السلام . گـعدوله ركبة و نص ، و ما عافوه إلى أن خلوه يطبِّق الحق : من كلٍ حسب طاقاته ، و لكلٍ حسب حاجاته ؛ و يصير ماركسي للـگـشر حسب الأصول ! و إنت ، إنشاء الله من تروح هناك للجنة – بعد عمر طويل و سعيد ، يا أبو ماجد الورد – راح تلـگـى ربّك هناك يشتغل عضو خلية مرشحين بالحزب الشيوعي ، و شايل ويّاه بيديه الثِنْتين مجلدات ماركس و إنجلز و لينين ؛ يقرا بيهن ليل نهار ؛ و أبداً ما يشبع منهن !
حسن - لَع ، عيوني ، لاع ! يـگـولون شافوا لله بالآخرة و هو منهمك بقراءة رواية : "زبيبة شايله زرورها للملك" ، حتى يشوف آخرتها وين تصير !
} – هاهاها !
أبو ماجد - أستغفر الله !
د . فياض - حيــــل ! بعده ليهسّا بَسْ مُرشّح ؟ لعد شوكت راح يوصل للمكتب السياسي ؟
حسن - الحچي أبيناتنا : هاي تعتمد على العلاقات الخاصة و المحسوبية و المنسوبية ! خليها صنطة ، أحسن !
ناجي - شنو حتى بالآخرة هم أكو واسطات ؟
حسن - كلها واسطات : دنيا و آخرة . مو أكو هناك و هنا شفاعات ؟
د . فياض - مضبوط !
أبو عباس - و سيِّدنا موسى ، أشو ما ذكرته ، أبو نورس ؟
أبو نورس - هاي شنو ، عيني أبو عباس ! سيِّدنا موسى چان هوّا ضابط الإيقاع مال سمفونية : "جنة الإنسان" ، و بقيَّة الأنبياء همّا اللي يعزفون علنوطة ، و الملائكة هيّا الكورَس !
}- هاهاها !
أكرم - لا حول ولا قوة إلا بالله !
أبو ماجد - عيني أبو عباس : أشو إنت ساكت و هذا أبو نورس ديخرط كل هذا الخرط گدامك و گدامنا؟ شبيه من الصباحيات اليوم ؟ بس لا نـگـَّد عقله من صدگ ، و راح يتخبَّل علينا مثل منذر اللي چان كاتل أبوه ، و شدّوا روسكم يـگرعين !
}- هاهاها !
د . ناجي - خوش حچي ! يعني ، على هاي الحسبة ، رب العالمين صار : يهودي– مسلم – كاثوليكي– شيوعي !
أبو نورس - إي ، يعني مثل التشكيلة مالت حلّال المشاكل : جوز و لوز و فستق و گـازو ! شتكره منهن ؟
حسن - إنطينيّاهن ، خَلّيني هساع ألِهمهن لَهِمْ ! صار لي زمان ما ضايـگ كرزات !
أبو نورس - تلـگـاهن ينتظرنَّك هناك بالآخرة ، بعد عمر طويل سعيد !
د . فياض - و الزبيب وينه ؟ أشو ماكو بالتشكيلة زبيب ؟
حسن - الزبيب عد زبيبة !
}- هاهاها !
د . فياض - أموت على الزبيب !
أبو عباس - أي و بعدين ، إشِّفِتْ بالحلم ؟
أبو نورس - بعد ما ودعتكم كلكم يا أعزائي أحرَّ الوداع ، و كَلْبَچ المأمور إيديّا ليورا ؛ مشيت گدامه ثابت القدمين ، مرفوع الرأس ؛ و گـلت ويّا نفسي : هم زين راح أخلص أخيراً من هاي النـگـرة السودا و من أهل العوجا . و ناديت : الوداع يا إخوتي الأعزاء ، أشوفكم كلكم بالخير في الجنة . بغرفة الإعدام ، چـان موجود المدعي العام ، و الطبيب ، و مدير السجن ، و أربعة حراس . سلمت عليهم ، و گـلتلهم : شلونكم ؟ شلون كيفكم ؟ الله يساعدكم على هذا التعب ، و يبارك بجهودكم الخيرة ! و طگـيتها بضحكة ويّاها هزّ چتاف : هعهعهعهاع !
}- هاهاها !
أبو ماجد - وشجاوبوك ذولا الزبانية ؟
أبو نورس - ضربهم العباس أبو فاضل على حلوگـهم ! من شافوني دا أقلّد على صدام ، نكّسوا رويساتهم ، و بقوا ساكتين ! بغرفة الإعدام ، أول ما تُدْخل من الباب على إيدك اليمنى ، أكو ممشى منحدر بيه محجر حديد يصعِّد ليفوگ . صعدت بيه حوالي ثلاثة أمتار ، و وصلت للمنصة مالت الشنق ؛ و بيها گـنارتين بالسـگـف ، نازل منهن حبلين متينين . و أكو على صفحة ، صندوق طالعات منّه عتلتين ، لكل گـنارة عتلة . من ينَزّل المأمور العتلة ليجوّا ، تنفتح الخشبة اللي إنت واگف عليها ، و تنزل تلث أمتار ليجوا ، و حبل المشنقة ملفوف على رگبتك ، فثقل جسمك بالسقوط يكسر الفقرة العنقية ، و تسلم روحك ، و تودع هذه الحياة ، و أبوكم الله يرحمه ! لفّ المأمور حَلَقة المشنقة على رگـبتي ، و راح يم الصندوق ، و كمش العتلة . فـگلتله للمأمور : آني مسامحك ، و إنشاء الله رب العالمين هم يسامحك ! فسألني المأمور و لويش يسامحني ؟ ردت أجاوبه على سؤاله ، بس حسّيت بالإختناق ، و فزّيت من النوم !
أبو عباس - المأمور : ضغط على العتلة مالت المقصلة ، يو لا ؟
ابو نورس - لع ! بس كمشها ، و وگـف يحچي ويّاي !
أبو عباس - عيني أبو نورس : إنشاء الله خير ! كلِّش خير ! قرار الإفراج عنك مُتخذ ، بس شويّا شغلته بعدها مرجرجة لأسباب إدارية روتينية !
أبو نورس - الله يسمع من لسانك هذا الحلو ، يا أبو عباس الورد ! إنشاء الله كلنا يجينا العفو ، ونطلع سوا بوجه الشمس ، سالمين غانمين !
بكر – آمين يا رب العالمين !
أبو نورس - عيني أبو عباس : تقصد يجي قرار بالعفو ؟ لو قرار تنزيل الإعدام إلى السجن المؤبد ؟
أبو عباس - لع ؛ قرار عفو خاص : تطلع بيه منّا لبيتكم ! گبل !
أبو نورس - بشَّرك الله بالخير !
د . فياض – و بهذه المناسبة السعيدة ، تستمعون الآن إلى نشيد "قادسية الصخام و اللطام المهجومة" : إبدأ !
أبو نورس – يللا ، دكتور !
د . فياض – يَحْسينْ ، يَحْسينْ !
أبو نورس – طيخ ، طاخ !
د . فياض - حُـگـه لَحَمْ زينْ !
أبو نورس – طيخ ، طاخ !
د . فياض - فِلسين كَمّونْ !
أبو نورس – طيخ ، طاخ !
د . فياض - سَبِع رارِنْجاتْ !
أبو نورس – طيخ ، طاخ !
د . فياض - عَلْنِغْنِغْوْ ، عَلْنِغْنِغْوْ ؛ و الله لَشيلَكْ ، وَ رْطِخوْ !
أبو نورس – طاخ ! طاخ ! طاخ !
} - هاهاها !
*****
في فجر اليوم التالي – الأربعاء – أيقظ أبو نورس كلاً من أبي عباس و أبي ماجد و السيد أكرم و كريم للصلاة ، ثم نام . لم تستمر هجعته أكثر من ربع ساعة ، فاستيقظ على غير عادته ، و قال للسيد أبي عباس :
- عيني أبو عباس : حلمت حلم جديد !
أبو عباس - خير إنشاء الله !
أبو نورس - خير إللي يصيبك ، و يصيب الناس أجمعين . حلمت بزوجة رفيقنا الدكتور صفاء هاشم شبر ، و هيّا حامل ، و گـالتلي و هيّا واگـفة ، هسّا راح أوْلِدْ ؛ و وِلْدَتْ !
أبو عباس – هم شفت دم ؟
أبو نورس – لاع .
أبو عباس - شفت المولود ؟
أبو نورس - لع ! هيا چانت واگـفة گبالي ، و گـالت : راح أولد هسّا ؛ و بعدين گـالت لي : آني ولدت .
أبو عباس – و من وِلْدَت ، الدنيا چانت نهار ، يو ليل ؟
أبو نورس – چانت الدنيا ظهر .
أبو عباس – سبحان الله ! لعد آني ليش ما تجيني مثل هذي الأحلام الحلوة مالتك ؟
أبو نورس – شتقصد ، عيني أبو عباس ؟
أبو عباس – يا جماعة ، أسمعوني كلكم زين : اليوم الظهر راح يجي لأبو نورس قرار بالإفراج ؛ و يطلع من هاي زنزانة الإعدام رقم 13 لأهله گـبل ! إللي عنده وصيّة لأهله خلي يوصّيه هسّا .
أبو نورس – ألله يبشرك بالخير ، يا أبو عباس الورد !
أبو ماجد – عيني أبو عباس ؛ دِتْأكَّد زين ؛ ترا أبو نورس چان نايم مكشَّف !
أبو عباس – إذا اليوم الظهر ما طلع أبو نورس منّا بعفو خاص ، أطلع آني كلشي ما أفتهم بتفسير الأحلام ، خوش ؟
أبو نورس – أشو ما وصّيتني ، أبو عباس ؟
أبو عباس – تروح لأهلي أبَّرنون ، و تـگـوللهم أبو عباس شغلته تعروجت ، وشويّا يتأخر ، بس بعدين يجيكم بإذن الله !
أبو نورس – ألله يسمع منك . و شتريد منّي بشارة ؟
أبو عباس – آني ما آخذ على تفسير الأحلام فلوس !
أبو نورس – شوف أبو عباس الورد : إذا الله سهّل عليّا ؛ و خلصت من هاي النـگـرة السودا ؛ عندي سيت قلم حبر و جاف پاركر موديل 105 إنـگـليزي . كله مصنوع من الذهب ، و ما طاب للعراق ؛ إشتريته بنفسي من مخازن هارودز بلندن بميتين و خمسين پاون أول ما نزل عام 1979؛ و حرام كلشي ما إشتريت من المخزن غيره . عيني أبو عباس : هذا السيت هديّة إلك ؛ بس أطلع منّا ، راح أودّيه بنفسي لأهلك !
أبو عباس – كفو ! مقبولة الهديّة منك ! و يجوز آني أجي أزوركم بنفسي ، و أستلمه منّك .
أبو نورس – و حتى إذا نزِّلوني للمؤبد ، هَمّاتين السيت إلك .
أبو عباس – ههاهاها ! شنو ما مصدّقني ؟
أبو نورس – مو يا زوغ ، يا وردة الورود ! أنا مصدّقك مثل تصديقي لرؤيتي الآن لوجهك الكريم ؛ و تستاهل ماي العين !
*****
و بالفعل حصلت المعجزة ؛ و جاءني العفو الخاص ظهر نفس اليوم ؛ و تأكدت صحة تفسيرات الرائع أبو عباس لأحلامي ! عندما خرجت من قاطع الإعدامات ، و اجتازت بي سيارة اللاندكروزر - التابعة للسجن - سور القاطع الشاهق ؛ نظرت بألم إلى الوراء ، و قلت في نفسي : متى يأتي اليوم الذي يتحول فيه هذا السجن الرهيب إلى متحف تُنقش على جدرانه بماء الذهب أسماء و تواريخ الآلاف المؤلفة من السجناء السياسيين الأبرياء الشرفاء الذين أعدموا فيه أو أمضوا السنين الطوال مسلوبي الحرية بين أسواره الإسمنتية الكالحة و المتحجرة طوال ثلاثين عام ؟
*****
في اليوم التالي على خروجي من قاطع الإعدام مباشرة ، حملت سيت أقلام الپاركر المُسَلفَن ، و كل ما إستطعت جمعه من مال ، و ذهبت إلى قرية برنون . في أحد الأزقة ، سألت – و أنا أتلفت حولي خشية وجود أحد من الرقباء – إمرأة كبيرة في السن عن بيت أبي عباس و عن زوجته و والدته . أجهشت العجوز بالبكاء ، وقالت لي :
- أسكت وخليها يا وليدي : بيتهم إحترگ عليهم بالليل قبل شهرين ، و شوتهم النار ، و همّا نايمين !
إيه يا عمالقة الإجرام ؛ لقد صدق من قال فيكم : حزب البعث يشوي شوي !
و أخيراً أقول للشهيد أبي عباس : سيت الأقلام ما زال عندي الآن في الحفظ و الصون ؛ و لقد نقشت إسمك على مستطيل الذهب المخصص لهذا الغرض ؛ و لقد طالت غيبتك علينا ؛ و أنا مشتاق لزيارتك الميمونة ؛ فمتى ستأتي أيها المأمون لإستلامه مثلما وَعَدتني ؟
ألا بَلّغوا الرفاقَ سلامي ، فإن نأوا ، ***** فقلبي ، مذ شتّت بنا الدنيا ، مُلتاعُ .
بابل ، 9 / 4 / 2013



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبقريون الثلاثة
- الماركسية و الأخلاق
- قصة حبيبين
- الغربان و الحمير
- قطاع الخدمات في النظام الرأسمالي من وجهة نظر ماركس
- القرد و الجنّية و الغول
- رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة ...
- أبا الصّفا / مرثاة للشهيد الشيوعي الدكتور صفاء هاشم شبر ، أس ...
- الإمتحان
- الفيل و الضبع و البغل
- طرزان و ذريته
- رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة ...
- رد على د . مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة
- شيخ المتقين و الخنازير
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 3-3
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 2-3
- شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 1-3
- كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 12
- كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 11
- كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 10


المزيد.....




- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...
- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...
- تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك ...
- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - أحلام زنزانة الإعدام