|
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 7 الأخيرة
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 4179 - 2013 / 8 / 9 - 23:07
المحور:
الادب والفن
و إذا كانت المدرسة " الرومنطيقية الجديدة " تفتقر إلى الدقة و البراعة ، فإننا هنا حيال نوعين من الشعر الأرفع فكراً و الذي يظهر كل نوع منهما أشكالاً خفية و رقيقة لآمال رومنطيقية في تجاوز الحقائق اليومية . و هكذا ، فقد توجَّب على الشعر الجديد أن يحوم بين صخور الإلتزام الآيديولوجي من جهة ، و بين الرمال المتحركة المغرقة للرومنطيقية الجديدة بإسفافها و انتفاخها العاطفي ، من جهة أخرى . و بالنسبة إلى نوعَي الرومنطيقية : الفجة ، و الرقيقة ، فإن "أيمس" يحبذ : " مسافراً يسير في نطاق منطقة معتدلة " . و يؤكد " ديفي " هذا التفضيل عندما يكتب : تستحسن هذه الأيام نبرة حيادية .. تبدو جاهدة لتكون دقيقة ! فكيف نجرؤ الآن أن نكون إلا مُخَدَّرين ؟ و لعل بالإمكان تسمية هذا الموقف بـ " الأوغسطية الجديدة " (( " العصر الأوغسطي " هو تسمية للأدب الروماني خلال عهد الإمبراطور " أوغسط قيصر " (27 ق . م – 14 م) الذي شهد العصر الذهبي للأدب الروماني . و لقد أستعيرت نفس هذه التسمية خلال القرن الثامن عشر بإطلاقها على الأدب الفرنسي في عهد الملك " لويس الرابع عشر " ، و على الأدب الإنـگليزي لعهد الملكة " آن " ، على التوالي .)) و لكن هذه التسمية لن تكون مفيدة إذا ما أردنا تطبيقها على شعر " الخطوط الجديدة " برمته ؛ إذ لا يمكن البتة إعتبار أشعار " فيليب لاركن " أوغسطية جديدة لا في الصنعة و لا في المشاعر ( فهو شاعر رومانسي بالمفهوم الذي يدفعنا لأعتبار " ألبير كاميو " (1913- 1960) روائياً رومانسياً يمتلك من المهارة و الروح التهكمية ما يؤهله لتحطيم الأنا و جعل اللامعقول أمراً مقبولاً .) و ما يزال ديوانه " المخدوعون أقل " (1955) أفضل مجموعة شعرية يصدرها شاعر من شعراء " الخطوط الجديدة " . و لعل " شعر الخيال غير المتحمس " هي التسمية الأفضل و التي من شأنها احتضان كل الأنماط النموذجية للشعر الإنـگليزي خلال العقد الخمسيني تقريباُ . و أهم ما يميز أشعار " الخطوط الجديدة " المنجزة من طرف " روبرت كونكويست " و " اليزبث جننـگز " ( 1929 - 2001 ) أو " جون هولوي " ( 1920 - 1999 ) – إذا ما أردنا أن ننسى للحظة المواهب المتفردة الأرفع لـ " لاركن " و " ديفي " أو " توم گون " – هو الوضوح و الرشاقة . حيث يجري فيها التعبير عن الشيء بصيغ إيجابية مسبوكة ؛ و الحركة فيها نشطة برزانة ، كما أن أجواءها صحية . و إذا كانت بعض قصائد " الحركة " ينقصها الحماس ، و تقترب من الكتابة النثرية ، فأنها – على الأقل – ليست نفاجة ، و لا خشنة ، و لا متغضنة . و يعتني الشعر الجديد بالذوق الأدبي ؛ إذ يحرص الشعراء الجدد على " ترتيب هندامهم " قبل ظهوره مطبوعاً . أما " الرومنطيقيون الجدد " و غيرهم من الشعراء الذين واصلوا الكتابة الشعرية حتى هذه الفترة – و الذين أحسوا بأنهم قد منحوا صفة مواطن من الدرجة الثانية عندما عزلوا عن مجموعة " الخطوط الجديدة " – فمن الممكن أن يرد على لسانهم التأكيد المحق بكون الشعر الجديد المميز للعقد الخمسيني ضيق الآفاق جداً ، و بكونه حذراً و جافاً أيضاً . و سيكون هذا التأكيد المحق سبباً للتذمر عند شعراء " المافْرِك " ( الخوارج ) ، و هم المجموعة التي أخرجت مقتطفات أدبية معارضة للخطوط الجديدة بإشراف الشاعرين " داني أيبس " ( ولد عام 1923 ) و " هاورد سارجنت " (1914- 1987) . " إن المستوى العام لشعراء " المافرِك " هو – قطعاً – أدنى من مستوى شعراء " الخطوط الجديدة " " ، يقول الناقد " أنطوني ثوايت " ( ولد عام 1930 ) ؛ و لكن حقيقة وجود حركة شعرية معارضة تسمح لي بملاحظة أن الشعر الجيد للعقد الخمسيني من القرن العشرين ليس كله من نظم شعراء "الحركة " . كما أن تواصل نتاجات الشعراء : " أودن " و " نورمن نيكلسن " (1914- 1987) و " توماس كنسللا " ( ولد عام 1929 ) و " تشارلز تومنلسن " ( ولد عام 1927) و " نورمن ماكيج " (1910 - 1996 ) و " جون سِلكِن " (1923- 1987) و " تيد هيوز " تنفي أي إعتقاد خاطئ من هذا القبيل . علماُ بأن التذمر من الجفاف و الرتابة في النظم الجديد لم يصرح به أحد بصوت أعلى من أصوات شعراء الخطوط الجديدة أنفسهم . فدونلد ديفي يؤكد أن كلاً من " لاركن " و " أيمس " يتعمدان إتخاذ موقف إقليمي ، و الذي هو بمثابة الإخصاء الأدبي لقدراتهما الشعرية و ذلك بسبب رفضهما التعلم من شعر البلدان و العصور الأخرى . و بالمقابل ، فمن المؤكد أن " لاركن " و " أيمس " يعتقدان بأن " ديفي " قد بدأ " يفضل الأدب على الحياة " . و لست على يقين من موقف " وَيْن " بهذا الصدد ، و لكنه يشارك " ديفي " في اعتراضاته على " بچمنة لاركن " ( أي : الإعجاب بأشعار " بِچمن " (1906- 1984) و الذي أعترف أنه علامة خطرة على الإقليمية ) . و في خضم كل هذا ، فأن تشارلز تومنلسن – الذي يحوز إعجاب " لاركن " ، و الذي لم يشارك مع شعراء الخطوط الجديدة – يصف " لاركن " و زمرته بكونهم : "مجموعة من الشعراء المُسَلّين من متوسطي الثقافة " ، و يذهب إلى أن الشعر الإنـگليزي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قد إفتقد للطموح العالمي الناجز . و كان الرد القوي على هذا اللمز من جانب " تومنلسن " هو نعت الأخير بأنه : " شاعر جمالي ضيق الأفق مشغول باكتشاف مناخ أخلاقي لطبيعة لا بشر فيها " ! و بالنسبة للمتذوق العادي للشعر ، فأن هذه الإختلافات قد تبدو تافهة ، و لكن ما نسمعه خلال الستينات من القرن العشرين هو أن شعراء " الخطوط الجديدة " لم يكونوا أكثر من مجموعة موحدة سلبياً ضد ما تمقته ، و أنه ليس هناك ما يمنع قوى الطرد العمركزي من دفعهم و تشتيتهم بعيداً أكثر فأكثر من المركز العام بعد الفراغ من " سمل العين الحشرية لوحش القصيدة " الرومنطيقية الجديدة "" . ( و لقد تحققت هذه النبوءة للناقد " كينيث آلوت " بالفعل خلال سبعينات القرن العشرين و ما تلاها .) و لعل من السابق لأوانه إستشراف المطاف الأخير الذي ستسفر عنه الإختلافات التي تطورت بين شعراء هذه المجموعة ، و لكنني أعتقد أن الفجوة بين " الإقليمية " و " العالمية " تعبر عن مشكلة حقيقية لأنها ترتكز على تباينات في طبيعة النفسية الشعرية . فالشعراء يهتمون بالأفكار النقدية التي تعينهم على الإستمرار في نظم الشعر ، مثلما يطيب لهم ، طبعا ، رؤية أن أفكارهم قد وجدت لها التطبيقات الأوسع و التي تصل حد العالمية . انتهت .
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهرجان الصماخات
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920 - 1950 / 6
-
خروف الطاقة و سيّده
-
شعشوع ، تائه الرأي
-
البومة زلومة المشؤومة و خماسي الحُكم
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 5
-
نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا
...
-
نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا
...
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 4
-
كابوس الدوّامة الإنفلاشية
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 3
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 2
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920-1950 / 1
-
الديك و عضو البرلمان
-
الحب الخريفي في ترجمة لقصيدتين عربيتين
-
الماركسية و الأخلاق / 2
-
ثلاثيات عتيقة
-
معالي الوزير السيادي الخطير
-
أحلام زنزانة الإعدام
-
العبقريون الثلاثة
المزيد.....
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|