لينا سعيد موللا
الحوار المتمدن-العدد: 4203 - 2013 / 9 / 2 - 14:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تطالعنا هذه الأيام أخبار بعنواين مدهشة ..
كتأجيل روسيا تسليمها لصواريخ متطورة للنظام السوري ومقاتلات حديثة، حتى ثلاث سنوات، والسبب هي أسباب مادية .. ونحن ندرك أن العسر المالي لا يتشكل بين ليلة وضحاها .
البارحة خرج علينا أوباما .. الشاب الأسمر والوسيم، بخبر يستحق الوقوف عنده ..
يقول أنه ربما استطاع خلال اجتماعه ببوتين إقناعه بضرورة تنحي الأسد عن السلطة، طبعاً ضمن طبخة مشربكة من المصالح ... وهو لم يفصح لنا عن طريقة توزيعها، طبخة ربما أثارت شهية بوتين الذي ما زال وحتى كتابة هذه السطور يدعي بأنه مصارع ماهر !! .
إن انسحاب قطع البحرية الروسية من ميناء طرطوس إلى ميناء يوناني، أو حتى إلى عرض البحر، وإجلاء أغلب العائلات الروسية من سوريا، هي رسالة بليغة بترك الأسد لمصيره البائس .
والأسد اليوم هائم يبحث عن مخبأ أو جحر، يقيه صاروخ موعود، مدرك لا شك أنه لا مكان للمخابئ في القرن الواحد والعشرين، وما من مكان آمن .
نحن اليوم مشغولون بالأخبار الصحفية التي تتحدث عن رفض مجلس العموم البريطاني التصويت في اشتراك بريطانيا في الضربة الجوية، والقرار المفاجئ بإعادة التصويت لظهور مستجدات في التحقيق لم يطلع عليها أعضاء هذا المجلس .
بأوباما ومدى نجاحه في إقناع مجلس الكونغرس بجزئية الشيوخ والنواب، والحيرة التي تستولي علينا، عن مدى نجاحه أو فشله ... وتبرير خطوته في ضوء تجاهل صلاحياته التي تخول له الضربة ..
نتساءل :
هل تهرب من مسؤولية عمل غير مقتنع به، أم أنه أراد قوة أكبر لتطوير هجمته .. (( مسكونين بالخوف والتوجس من عدم الموافقة ))
لكننا نغفل أمراً غاية في الأهمية ..
وهي قضية الزمن الكفيل باجراء صفقة واتفاق دولي مفصل حول اقتسام كامل الكعكة السورية التي سيتركها الأسد، ينطلق من تشابك المصالح ومن سيسدد كلفة هذه الضربة، وهي قضية حاسمة ..
نحن للأسف ... لم نتساءل عن حجم الضربة وعلاقتها بالكلفة المحتملة ..
ولا الجهة التي ستسدد تلك الكلفة، ومقدار استعدادها للدفع، فلكل هدف كلفة يجب الاتفاق عليها .
تعالوا نربط كل هذا بقرار الجامعة الذي خرج مساء البارحة والذي يحمل مجلس الأمن والمجتمع الدولي مسؤولية وقف الابادة الجماعية في سوريا والتصرف بما يكفل ذلك (( أي بأي طريقة كانت، بما فيها الضربة العسكرية ولو جاءت من العفاريت الزرق )) .
ولنعود قليلاً للوراء، إلى الحرب التي حررت الكويت من الاجتياح العراقي، ونسأل أيضاً من دفع كلفتها؟
أليست دول الخليج من سدد تكاليفها بالمليم، بالاضافة لتكليفها بتوزيع جوائز الترضية والأوسمة التي ترضي عنفوان القادة من الديكتاتوريين، ألم تدفع السعودية إلى الاتحاد السوفيتي، زمن غورباتشوف آخر القياصر الماركسيين، مبلغ خمسة مليارات دولارات لقاء عدم تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين العراق وبلاد البلاشفة ؟
ألم يحصل الأسد الأب على تخويل بدخول كامل إلى لبنان ومهاجمة الجنرال عون، وكان هذا وسامه الذي يتعطش له .
يقيني أن الحرب لا يمكن أن تقوم إلا إذا دفعت كلفتها.
آخذين بعين الاعتبار مصالح معامل الأسلحة العملاقة، وقدرتها على تحديد السياسات لدول كأميركا وجميع الدول المصنعة للسلاح وهذه تضغط دوماً لقيام الحروب..
هذه المعامل تنتج أسلحة لها ثمن، وثمنها المال .. لا وعود واشتراطات كأن يقال سندفع لكم الكلف إذا وافقت الجامعة العربية على الضربة .. (( لا يجوز البدء بحرب بعد توقيفها على شرط ))، لذلك كان هذا التأخير والتسويف .
أظن أن للغرب قدرة واسعة في الاستمهال والتأخير باستعمال مؤسساته الديمقراطية، ديمقراطية لا أدعي عدم وجودها، لكنه يمكن ترويضها لأجل غايات سياسية تخدم مصالحه .
وبإمكانه من خلال ما يسربه من معلومات، الايحاء بأن الضربة باتت مهددة، أو أنها أرجئت أو أو حتى ألغيت، يستطيع أن يقوم بكافة أعمال الابتزاز السياسي التي تخطر ببالكم .
بعد اجتماع الجامعة و الرسالة الضمنية التي خرجت عنه، أجزم بأن اجتماع كل من بوتين وأوباما سيسفر عن اتفاق يرضي الطرفين وسنجد ابتسامات جميلة وسنسمع غزلاً بين الرجلين وكلمات مؤثرة تدمع أعين الرومانسيين في بلديهما .
وأؤكد لكم أن البريطانيين سيجدون طريقة وبوسيلة ديمقراطية مبتكرة للمشاركة بالحرب و عدم إضاعة الفرصة في قبض ثمن أسلحتهم ومجهودهم المشكور (( وإلا لن يكونوا بريطانيين )) .
وهولاند سينعش اقتصاد بلاده بمبلغ طيب، وسيجد طريقة يخفف فيها العناء عن دافع الضرائب الفرنسي المتذمر، ويحصل على ارتفاع ملحوظ في شعبيته المتهاوية ..
أما دول الخليج فستنتهي من هاجس التدخل الايراني وازدياد نفوذ الدولة الصفوية في المنطقة.
أما إسرائيل فهي ستجد طريقة ما تلتهم فيها قطعة دسمة من الكعكة وإلا سوف نشك بان من يديرهذه الدولة يهوداً :)
أما الأسد، فهو لم يكن يوماً سوى ورقة سهلة في أيدي الكبار يحركونها وفقاً لمصالحهم، الأسد بقي المثال للرجل الأخرق الفاقد للحد الأدنى للأخلاق، و الذي يباع ويشترى ويحرك كما الدمية الرخيصة. وسينتهي نهاية رخيصة .
سينتهي كما انتهى القذافي، الذي قتل عن ثروة تجاوزت الـ 150 مليار دولار، لكن أحداً الآن يجادل فيها أو يفاتش عنها، فليبيا أغرقت بمشاكل بنوية وبات الحديث عن ثروة القذافي حديثاً فرعياً لا يلتفت له أحد . و بدورنا من حقنا أن نخشى على مستقبل ثروة آل الأسد الفلكية، وألا ننساق لأي اقتتال يراد من خلاله طمس معالمها إلى لحظة نسيانها ..
نحن ولا شك تعلمنا من تجارب الآخرين وخرجنا من هذه الحرب أكثر وعياً و حرصاً على أموالنا التي سرقت منا، ومصرون لاعادتها إلى مستحقيها وهو الشعب السوري، وبشكل مضمون وشفاف، ولا يمكننا أن نقبل بغير ذلك ..
لقد علمتنا هذه الحرب المكلفة ما لم تعلمنا إياه جهة أخرى، بتنا نفهم حنكة الكبار و الطريقة التي ينمون بها على حساب الآخرين، ونحن نرفض أن نلعب دور الفريسة بعد الآن .
وإذا كانت السياسة هي فن الممكن، فالممكن الذي سنحققه، هو أن يكون لنا كيانا ذو أهداف وإرادة مستقلان، وأن نسعى لأن تكون قوتنا الحقيقية نابعة من الشعب، لأننا بتنا مسلمين بأنه متى طمست إرادة هذا الشعب لن تبقى دولة .
قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية
#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟