حول المؤتمر المكمل لجنيف

لينا سعيد موللا

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أميركا سلمت الملف السوري برمته إلى روسيا، هذا ما قاله صديقنا سمير مكي البارحة في معرض تعليقه على المؤتمر الصحافي الذي جرى مع كل من سيرجي لافروف، وجون كيري في موسكو البارحة .
في حين أن صديقنا بسام جعارة هاجم السياسة الأميركية هجوماً شديداً واعتبرها متواطئة على دماء السوريين، كما هاجم لافروف معتبراً إياه طائفياً خاصة عندما قال أن انتصار المعارضة سيعني تفتيت سوريا وانتصار التطرف . لا بل استبق المؤتمر المزمع عقده في نهاية الشهر الجاري كتتمة لمؤتمر جنيف، واعتبر كل مشارك فيه من المعارضة خائن للسوريين ودماء شهدائهم .

الواضح أن هناك وداً واضحاً ساد المؤتمر الصحافي فيما ينهما، تبالا فيهما عبارات بروتوكولية بكثير من اللباقة الديبلوماسية، وواضح أن كيري أراد من لقائه مع بوتين ولافروف تمرير مطلب أميريكي، كانت روسيا غير متجاوبة معه، ومعروف أن كيري مشهور بالتوقيت الذي يختاره لفتح الباب، وكمية المطالب التي يمررها منه ضامناً معها موافقة صاحب الدار .

شخصياً وقد أكون مخطئة لم أجد المؤتمر بهذا السوء فما قاله لافروف عن المعارضة السورية لم تخفيها فجاجته يوماً، فهو لم يتحلى والدولة التي يمثلها يوماً بالموضوعية والانصاف في معالجة الملف السوري، ولم يكن حكيماً لكن ما قرأته هو كالتالي :

كيري شدد على أن هناك مصلحة للبلدين في سوريا، معترفاً بذلك بالمصالح الروسية، وبالتالي مبدداً شكوك الدب الروسي في عدم تعرضه لذات المقلب الليبي ثانية، عندما خرج من المولد بلا حمص، هذا الدب الذي يشعر بالاعتداد بالنفس بسبب قوته الاقتصادية، وهو شعور يستفحل أمام تواضع الأداء الاقتصادي لدول الخصوم .

واضح أن كيري أراد تبديد الخلاف الناشئ عن مؤتمر جنيف، والمتعلق ببقاء الأسد من رحيله، حاملاً معه فكرة مؤتمر شامل لكل المكونات السورية، وملوحاً بتسليح المعارضة فيما لو تأكد أن النظام قد استعملها في مواجهة الشعب السوري، واعتبرها أوباما خطاً أحمر ..
وفي ظني أن النظام قد قطع شوطاً في تسليح حزب الله، وهذا ما ذكرته سابقاً بناء على الإلحاح الايراني، والذي جاء بمثابة الشرط على الاستمرار في تسليح الأسد ودعمه بكل أنواع الدعم، فإيران لا تريد خسارة جميع حلفائها في المنطقة دفعة واحدة، مع ما لهذا من تهديدات وجودية تطال النظام السياسي فيها .
لذلك فهو حمل هواجساً إسرائيلية وتهديداً واضحاً بضربة أخرى أقسى وأعتى، فيما لو استمرت سوريا في محاولات التسليح تلك، و هو بلا شك قد أطلع الروس على المرحلة التي وصلت فيها تحقيقات تورط النظام ياستخدام السلاح الكيماوي، وانطلق من قاعدة مشتركة روسية أميركية من أن كلا البلدين يتعرضان إلى هجمة شرسة من الأصوليين، وواضح من رد لافروف والذي امتعض منه صديقنا جعارة أن الروس قد شددوا على هذا السبب في دعمهم للأسد الذي قد لا يعتبرونه حملاً وديعاً لكنه أفضل المعروض، أو أفضل السيء وفق تسريب صحفي .


من أسباب يتم الثورة السورية، هو أن أغلب الدول التي اشتهرت بتدخلها في مناطق النزاعات، تعزف عنه اليوم لأسباب استثنائية، فأوباما يصور التدخل بأي نزاع دولي بالسير على رمال متحركة، فهي في النهاية تبتلعه مهما بلغ من القوة والنشاط، وهو جاء إلى الحكم من أجل إخراج أميركا من تلك المتورطة فيها، وهو بالتالي يرفض التورط في سواها .

المؤتمر سيعقد، لأن أميركا تريد حلاً بلا تورط عسكري، وهي أيضاً غير مستعجلة لابتكار الحل قبل أن تتعب الأطراف المتنازعة و تدك البنية التحتية السورية، بما يريح إسرائيل في المستقبل .
وأظن أنها ساعة التحدي لأجل المعارضة في أن تقبل النزال السياسي بجانب العسكري، وتظهر مقدرتها على الوصول إلى أفضل الحلول الممكنة .
لن أتحدث عن قبول بقاء الأسد أم رحيله، فهذا بديهية من البديهيات، لكنني سأتحدث عن قدرتنا في إقناع العالم من حولنا على هذه البديهية عبر هذا المؤتمر والتحضير له بأفضل ما يمكن، أما الحديث عن مقاطعته واعتبار المشاركين به خونة، فأجزم أن هذا التعبير من بقايا اللغة الصحفية الخشبية . لأن المعركة لا تقتصر على البارودة المدفع وإنما تتجاوزها إلى كل الامكانات التي نملكها وهي كثيرة ولم تستعمل بالشكل الأمثل، وإلا نكون مسؤولين عن إطالة أمد النزاع وبالتالي عن الدماء السورية التي كان يمكن صونها وعدم التسبب بمزيد من هدرها طالما كان لدينا الامكانية لفعل ذلك، ولا أظن أننا بحاجة غلى مزيد من الانهزامية .

أعيد هنا أن المطلوب هو الاعداد الجيد والكافي لهذا المؤتمر ، ورسم الأهداف التي يراد الوصول إليها، والطريقة للحصول عليها، وأن يكون ذلك بتأييد شعبي ضمن الأدوات التي تملكها المعارضة للتواصل مع الشعب الثائر . وإشعار الشعب أنه هو الهدف والمحور دون كذب ودون رياء، ونريد أن نلمس ذلك جيداً .
مطلوب أن يتنزه جميع المشاركين من اي طموح شخصي، تحت رقابة صارمة وشفافة، و أن يسخر الجميع طاقاتهم لأجل الوصول إلى افضل الممكن لصالح شعب كامل ينتظر .

قادمون

#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل