أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - مرحبا- بكم في مصانع تعليب الأرهاب














المزيد.....

مرحبا- بكم في مصانع تعليب الأرهاب


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 23:08
المحور: كتابات ساخرة
    


أيام زمان ( مو كُللش من زمان) تحديدا"في شتاء الـ 2005 كانت الساعة بحدود السابعة صباحا" , فوزي يستقل سيارته القديمة كان معه ولده طاهر , ليوصله الى مدرسته , في الطريق أشار عليه ولده أن يتوقف لشخص تبين أنه مدرّس في نفس المدرسة , أقلوه معهم , فوزي (من حيث التملك) طبيب بيطري يسكن ريف بغداد لديه عيادة على شكل غرفة صغيرة من (البلوك) سقفها من (الجينكو) بناها في واجهة بيته البسيط الذي يضم عائلته المؤلفة من زوجته و ثلاثة أولاد وبنتين أكبرهم طاهر , أما (من حيث الكينونة) فهو شخص كغالبية الناس أنسان متواضع بسيط , وتصرفاته كما يقول أهلنا بـ (المثاقيل) مستورا" خفيف الظل , كثيرا" ما تعرض للنقد كونه يعشق ورده الجزائرية و عبد الحليم و مدمن للأستماع الى السمفونيات أثناء علاجه للحيونات وبسبب تلك الأهتمامات يوغل البعض ليتهمونه بأنه (والعياذ بألله ) يشرب الخمر , رغم أنه لم يعرف شكلها طول حياته , الوقت أقترب من الثامنة , كان على وشك النزول الى (دربونة) المدرسة حين فاجئتهم (همر) أميركية وصدمتهم , قال الشهود أن الأمريكان أستدعوا مروحية حملت الجميع الى جهة لم يعرفها حتى ضبّاط الأرتباط في كل بغداد , مرت ثلاثة أسابيع حين عاد فوزي وأبنه , كانت آثار الجروح مخيفة , أسرع أهله بعرضه وأبنه على الاخصائيين , الولد الصغير كان يتحسن و بدأ الكلام رغم أصابته في الوجه مع كسرين الأول في الفخذ والثاني لضلعين , أستغرب حتى الأطباء من حاله الأب , ففوق فقدانه للنطق تحوّل الى (شايب) عجوز من عظم وجلد , فرغم تحسن فمه بعد تهشم أسنانه و كسر فكه الأيمن لكن صحته في تدهوّر , وحين أتى ذوي المدرس الغريب الذي أقلّه صباح الحادث ليطالبوا التوضيح في ملابسات موت أبنهم , لم ينطق , كان أبنه (طاهر ) يروي ماجرى :
لم نعرف سوى أننا في مكان يحيط بنا الجنود الأمريكان , كانوا يعطونا الدواء والطعام و أجروا لنا الكثير من العمليات ولديهم أجهزة حديثة أستعملوها في تسريع العلاج , تعاملهم معنا كان جيدا" , معهم مترجم , يأتي يوميا" لوالدي , سألوه عن المنطقه , وعن المدرس القتيل , كانوا يركزون أهتمامهم عليه وكأنهم في ورطة بسببه , حاولوا بشتى السبل أن يجعلوه من الأعداء المتمردين , أرهابي كما يقولون , ليتخلصوا من مسؤوليتهم كونهم سببوا موته , عرفنا أن جثة المدرس لازالت في المكان نفسه (مستشفى أو قاعده ) لانعرف بالضبط , حتى جائنا ضابط كبير وبدأ بالصراخ على والدي , أخبرنا المترجم أنه يتهمنا بالأرهاب أن لم نشهد بأن القتيل الذي توفي (المدرس أياه ) عدو أرهابي لقوات التحالف , وأن شهادة الوفاة لم تنظم الى الآن والأمر متوقف على شهادة الوالد , رفض أبي في البداية لكنه أذعن خوفا" عليّ ليوقع على مجموعة أوراق دونها المترجم , كان التوقيع ليلا" وبمجرد أنتهائه , أخرجونا بسيارة نوع (هامفي) و تركونا مع البرد القارس بملابسنا الداخلية في منطقة مظلمة مخيفة على طريق زراعي , بقينا ممددين في مكاننا عاجزين عن السير , بزغ الفجر و مع مجيء أول سيارة توقف سائقها مستغربا" وضعنا , رويت له بأختصار ماجرى , هز رأسه وكأنه لم يستغرب المشهد , سألناه بعد صعودنا سيارته : أين نحن , ما أسم هذه المنطقة , أجاب أنكم وسط أهلكم , أنتم في (قضاء بلد) وهنا أكبر قاعدة للأمريكان , أخذنا الرجل لبيته كان في قرية قريبة وأخرج لنا مجموعة ملابس لم يناسب حجمنا منها سوى الـ(دشاديش) و(قمصلتين ) عسكريتين عتيقتين ,بعدها تجمع الناس حولنا , وبعد أن عرفوا أننا من جنوب بغداد تطوع أحد الشباب بنقلنا الى أهلنا , وتلك كل الحكاية (على لسان الأبن ) , توجه ذوي المدرس القتيل الى قاعدة بلد ليستلموا جثمان أبنهم , وجلبوه فعلا" , بعد تحقيقات وتوقيفات لأشقائه , كونه (أرهابي ) كما يدعون .
مرت الأيام وتحسنت حالة فوزي وعاد الى ممارسة عمله , صار مختلفا" , كأنه رجل عجوز , فقد أسنانه وسيارته و لم يعد يسمع (ورده وعبد الحليم ) كذلك الموسيقى أستبدلها أثناء عمله بالأنين , كمن فقد شيئا" ثمين .
أما المدرس (المغدور) فقد ألصقت بكل أفراد عائلته تهمة الأرهاب , ولازال أشقائه وأبنائه (بعد أن كبروا ) عرضة للأعتقال والتنكيل بعد كل أنفجار وأن كان الحدث يبعد عنهم مئات الأميال , لايكاد أحدهم يخرج من سجن حتى يأخذوا واحدا" آخر من نفس العائلة لأنهم من بيت أبو الأرهاب ذاك المدرس الذي قتل على أيدي الامريكان قبل ثماني سنوات ..
لم تكن تلك القصة تظهر لولا ماحدث مساء أمس , فقد أوقف طاهر أبن فوزي في نقطة تفتيش في منطقة (اليوسفية) كان بها هذه المرّة جنودا" عراقيين , قاموا بتجريده من محفظته وهاتفه و مصروفه وأجبروه على خلع ملابسه وتركوه وهم يضحكون , لم يخبر والده , فقد ستر عليه بيت قريب , دبروا له ملابس وأوصلوه , لو سمع والده فوزي ربما سيموت .... أرجوكم لاتخبروه .



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آسفين يا جدعان الأعلام الغربي خاين من زمان
- الحدائق الخلفية تغادر العراق
- ماع المسمار .. يا أحرار
- حكومة بريئة و شعب في صمت يذبح
- راسم لايعرف الرسم
- النجدة .. صرصور في البيت
- جتّالي موش أبعيد من هاي الشكولات
- رسالة الأرهابي البرشلوني
- تشخيص دون علاج نتيجته طوفان من الأوبئة - في الذكرى الثامنة ع ...
- معارضون أم طغاة أم توائم متماثلة
- مكابدات (مونيكا) في العراق الجديد
- قاتل المئة بضربة واحدة
- خشمك مضايقني ... روح غيّر أسمك
- منتوفات من لحيّة الطمّاع
- خلالات العبد وأنتخاباتنا الديمقراطية جدا
- تناشدني عليك الناس وأتحيّر شجاوبها
- حكاية طيلو و السعلاة
- ربطة عنق في ليل بغداد
- شهادة في ذكرى آخر حرب - الحلقة الأولى
- في الليل ضيّعت السمك


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - مرحبا- بكم في مصانع تعليب الأرهاب