أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - ربطة عنق في ليل بغداد














المزيد.....

ربطة عنق في ليل بغداد


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 02:27
المحور: كتابات ساخرة
    


تسّرح قاسم لأسباب صحية لكنه لم ينجو من (لجان شرحبيل) لتعيده للعسكرية , أما سعد فكان طالبا" معي في نفس الكلية و نعمل سوية خارج أوقات الدوام , كان الوقت في العطلة الصيفية من العام 87 أخذنا حينها مقاولة ترميم بسيطة على قدر الحال لفندق بغداد بعد تضرره بأنفجار وكالة الأنباء العراقية على شارع أبو نؤاس , وفي نفس الوقت أستلمنا جزءا" من صيانة فندق القادسية في المسبح أحالها لنا أحد المعارف من المهندسين , أمور خفيفة من سقوف ثانوية و موانع للرطوبة و الحرارة , (نتمشغل ) بها , مع بضع عمال سودانيين معهم أيضا" مصريين كان العمل شاقا" مرهقا" لمن في عمرنا , في زمن من الركود و الترقب , خصوصا" بعد تولي سمير الشيخلي لوزارة التعليم , فأي أنتكاسه في الدراسة تعني النقل الفوري الى حجابات الفاو فهو مصير من يرسب ببضع دروس , وعلينا أن ننجز ما ورطنا به أنفسنا في العطلة فالدراسة صعبة خصوصا" لطلاب الفيزياء , أعتدنا أن نلتقي مساء كل يوم في نفق التحرير لنرفه عن أنفسنا فنحن شباب لم نرى شيئا" بعد من الحياة ومعها نخطط للعمل ونتفق مع العمال و نجهز المواد , كان النفق حينها من أجمل الأماكن , فيه محلات حلاقة و مكتبات راقية مع نوادر الباعة المتجولين , وفي أحد المساءات وجدنا عند أحد الباعة ربطات عنق أنيقة محاكة من الصوف يفترشها على الأرض , كان سعرها دينارا" واحدا" , أشتريت واحدة زرقاء وأشترى أصدقائي أيضا" , و تمشينا نحو أبو نؤاس , كل منّا يحمل ربطة عنقه بيده , ضجرنا من حملها فأبو نؤاس عامر بشخصيات عامة و معارف , حتى أننا رأينا ناظم شاكر يشتري المسكوف , و صديقنا أزهر عبد الرزاق مر بالبرازيلي و أقرئنا السلام , وفي حركة عفوية راودتني فكرة , أن أشدها على حزامي تحت القميص , راقت الفكرة لرفيقي , و شدّوا ربطاتهم حول الخصر , , أكملنا تحضيرات العمل , وأخذتنا (السوالف ) حتى وصلنا الجسر المعلق راجلين , وفجأة ظهرت أمامنا مجموعة من الرجال , يبدو أنهم من الأمن , كانوا يرتدون بدلات مميزة وأنيقة بربطات عنق داكنة , بادرنا أحدهم : لم أتيتم هنا ؟ هذا الطريق ممنوع على المشاة , تفضلوا معنا , نزلنا من فوق الجسر الى (كرفان ) كان مكتبا" أنيقا" , تطلعناه بفضول حتى طلب أحدهم الهويّات , أخذوها و دققوا و سألوا , ثم بدأوا بتفتيشنا , كنت الأول , وتحسس القائم بالتفتيش وجود حزام حول الخصر , كنت قد نسيت ربطة العنق ,لكنني أستدركت الأمر وأخبرته بأني أشتريتها من ساحة التحرير و وضعتها أعلى حزامي لأستسهل حملها , وبذلت جهدا" لأقنعه بأني أقول الصدق , أقتنع لفترة , لكنه عاد للشك حين فتش أصدقائي قاسم و سعد , وفوجيء بنفس المشهد , ربطة عنق حول الخصر , طلب منّا أن نخرج الربطات , و بدأ ورفاقه بتقليبها سبعين وجه , أجلسونا على كراسي فقد طال الوقت (من أنتم , شعدكم جايين شنو شغلكم و شنو قصّة الربطات و ليش لافّيها على بطونكم )... أتعبنا الحديث معهم , رغم أنهم هادئين , لكنهم يدققون في كل التفاصيل , أطلعوا على سيرتنا الذاتية منذ الطفولة حتى لحظة وصولنا الى جسرهم العتيد , و كان الأمر يسير لو لم نلف حول أحزمتنا ربطات العنق , فهي بيت الأستغراب التي أخذت معظم وقت التحقيق , وفي النهاية , جلبوا لنا سيارة , كان السائق في منتصف العمر يرتدي الزي العربي (غترة و عقال) وركبنا معه صامتين , حتى قام بتشغيل جهاز الكاسيت حين تجاوزنا ساحة الحرية وأصبحنا أمام فندق بابل , كانت (كاوليّة) لا أعرفها , جعلتنا نتنفس الصعداء فهي بشارة أنجلاء للبلاء , فسألنا السائق نفسه : وين توصلون ؟
وبعد همسات بيننا , أخبرناه أن يوصلنا" مشكورا" الى شارع السعدون , وتحديدا" الى مطعم ريزان , كنا كمن لم يأكل منذ ألف عام ...
نصيحه أخويّه رغم أنقراض نفق التحرير : أيّاكم ثم أيّاكم أن تضعوا ربطات العنق حول الحزام , فقد نجونا بأعجوبة في ذلك الزمان فكيف بمن يضعها الآن .. والأفضل أن لا تشتروا أي شيء فالجميع متّهم وعليهم أن يثبتوا العكس ... يوميا" في بلاد القطعان



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة في ذكرى آخر حرب - الحلقة الأولى
- في الليل ضيّعت السمك
- جويسم و حلمه الكبير
- باب الشرجي .. باب الشرجي
- حجّي مجيد وشكري بلعيد و بانوراما الكواتم والثريد
- كلاكيت من الفرن
- عايف أمه وأبوه ولاحكَ مرت أبوه
- ثقافة كظ أخوك لا يتيه وزراعة النخيل
- شكري بلعيد كوكبنا الجديد
- الحسد موروث واقعي مابين القدريّة و التبرير للفشل
- خراويت على جدران الصبّات
- الأطباء في العراق ملائكة الثراء على حساب الحياة – بمناسبة ال ...
- شهادات ومشاهد من العهد الأزلاميّ الثاني
- الرابعة عصرا- في بغداد حسب توقيت الفوضى
- الرسائل الستراتيجية وأصالة الشخصية العراقية
- زيتوني فاتح .. زيتوني غامق مع جرغد مقلّم - مشاهد من الشارع ا ...
- حنتو البريسم ومباديء الأعلام
- علوة حجي خضر
- نمر ونمرود ورحلة الخلاص من جزيرة سانت هيلانه
- تساؤلات مشروعة معها رسالة .. التوبه ومراح ننتخب


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - ربطة عنق في ليل بغداد