تعريف امرأة1982(مايكل أنجلو أنتونيوني): القضية الوجودية الحقيقية هي أن كل شيء مضمونه الخواء حتى لو اكسب متعة عابرة

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 02:00
المحور: الادب والفن
    

تعريف امرأة1982(مايكل أنجلو أنتونيوني): القضية الوجودية الحقيقية هي أن كل شيء مضمونه الخواء حتى لو اكسب متعة عابرة
يكتب هذه الملاحظة:كانت زوجته امرأة قلقة وبعد الطلاق انتهى هذا القلق
بالتعاون مع كاتب السيناريو الشهير (تونينو غوييرا) يحقق أنتونيوني -مع بداية تدهور صحته- فيلم تعريف امرأة،ويختار المخرج لحظة بداية طلاق والبحث عن شيء يريده ولكنه لا يعرفه ومن الصعب القول بأن هذا الشيء هو المرأة ومن الصعب الحكم أيضا إن كان أنتونيوني يتحدث عن نفسه ولو حتى على سبيل الاسقاط أم لا ولكن المهم في الموضوع أن هذا السرد المجازي يختلف اختلافا كليا عن سرد فليني في 8.5....
يختار أنتونيوني أفرادا من نفس الطبقة المفضلة لديه وهي المتوسطة التي تمتاز بالثقافة ...
آلسو فيرا مخرج عدمي لا يؤمن بأي شيء سوى حكمه الخاص على مسار الأمور والأشياء وهو لا يعيش أزمة طلاق أيضا لأن الكون برمته لا يعنيه،وهو يعتقد بأنه من الممكن أن يصل إلى مغزى إذا مارس علاقاته الخاصة...فهو يستطيع بسرعة الحصول على علاقة مع امرأة شابة تدعى ب(مافيا) عرفها من عيادة اخته النسائية،وهي إمرأة كثيرة العلاقات أصلا تصل إلى المستوى الاباحي في مستوى علاقاتها الخالي من المعنى ومن طبقة ارستقراطية...
وكأن أنتونيوني يحاول أن يكرر ويعيد الملل باسلوب آخر ومن زاوية أخرى،أسلوب نستطيع أن نطلق عليه بأنه تقليدي
فأنتونيوني يضعنا الآن في حوارات محاولا منا أن نفهم الموضوع بعد أن كان يناقش أفكاره الفلسفية عن طريق الكناية والصورة وهذا غير مطلوب منه على أية حال..
بشكل عام فهو يكره محيط مافيا ولا يستطيع الاندماج ومافيا تؤكد بأنها في صفه وليست في صفهم...
ويدخل عنصر التشويق ليبقى لغزا حتى آخر الفيلم لأن هناك رجلا يهدده إذا تابع علاقته مع مافيا وهو يعتقد أن اخته فقدت منصبها كمديرة لقسم الأمراض النسائية بسبب سوء استخدام السلطة لن يكن إلا سباا لهذا التهديد،وهنا نؤكد أن صفة الافتعال البوليسية موجودة تماما الامر المختلف عن فيلم المسافر.
من المعروف أن أفلام أنتونيوني تأخذ بالعادة بشكل كامل وهو صاحب سينما قصدية وكل لقطة من لقطاته ذات هدف مرسوم ومحدد ،إما أن تكون في المضمون أو هدف جمالي بحت...
لنتأمل في هذا المشهد الكلامي:
فتاة في أوائل العشرينات تلبس لباسا داخليا لصورة رجل مفتول العضلات(يفهم ذلك من خلال مشاهد الفيلم)..تقول مافيا عن هذه الفتاة: كنت مع صديقي بعيدا 10 كيلومترات عن روما واحتجت شيئا من أجل تغيير الاطار فكانت هذه الفتاة عارية تماما مع احد الاشخاص..
أنتونيوني ينظر إلى الحياة هنا من خلال قضية أو معنى جزئي،فالجنس له دور كبير في الفيلم وهناك تركيز لا يمكن التغاضي عنه على لقطات الجماع،ومع تركيز مخرجنا على الجنس،إلا أن القضية الوجودية الحقيقية هي أن كل شيء مضمونه الخواء حتى لو اكسب متعة عابرة،وحتى لو كان الجنس أحيانا عبارة عن جنس بوهيمي شرس وغير تقليدي..
وبين كل هذا لا نجد أنتونيوني مهتم بهموم المخرج الفنية وبالكاد يتحدث عن مشاريعه المستقبلية،ولكننا لاحقا نكتشف أن هذا الرجل يبحث عن إمرأة كنموذج فكري(وليس صوري فقط) متطابقة مع حياته ومع فيلمه القادم في نفس الوقت
أنا أبحث عن وجه،عن شخصية بالاضافة إلى ذلك فهي دائما ما تقتحم مخيلتي
الفيلم يحمل في مضمونه هم وجودي ونحن غير متأكدين إن كان يخص الرجل أو المرأة أو كلاهما معا،ولكننا متأكدين من ان الجنس في الفيلم يبدو زائفا لا يحمل في طياته علامات حب حقيقي أو أي علامة من علامات الارتباط،بل كلما ازداد البطلين حميمية ازدادا بعدا عن بعضهما البعض والأمر يبدو برمته عبارة عن سطحية شاملة...
هو لم يجد النموذج الذي يبحث عنه لأنه نموذج مزيف مثله (من منحى وجودي) وكل أبطال الفيلم يعيشون على حافة الوجود وليس ذلك الشيء الذي يدعى بالوجود الحقيقي...كما أن شخصيات الفيلم ذات ارتباط هش بشكل قوي و أنتونيوني يدفعنا دفعا إلى درجة الاجبار والقصدية إلى أن نرى ذلك...
أحد الفتيات تخبره وهو في خضم البحث عن مافيا التي اختفت من جياته مكررة حبكة مشهورة كانت تدعى ذات مرة بالمغامرة،بأنها تفضل العادة السرية،وتفضلها بأن تكون من قبل شخص وأن يكون هذا الشخص امرأة وليس ذكر،لأن المرأة سوف تفعلها لها من أجلها فقط بينما الرجل سوف يفعلها من أجل تأكيد رجولي...
أنتونيوني يناقش الوجود من هذه العلاقات وكان قاصدا أن يرينا إياها عامرة بالخواء
ولكن هل الاختفاء-اختفاء مافيا- يعنى الاختفاء ذاته الذي حدث في المغامرة...؟
التفصيلات التي وقع فيها أنتونيوني ضيعت الحبكة على أن تكون قصة اختفاء مافيا هي الحبكة الرئيسية،كما أن اختفاء مافيا تأخر طويلا واستغرق زمنا طويلا من زمن الفيلم وكنا قد عرفنا أشياء ليست بالقليلة عن حياتها،ومن هنا نستطيع القول أن أنتونيوني لم يستطع أن يحاكي فيلم المغامرة إلا إذا كانت المحاكاة مع افتعال واضح وعدم منطقية.
وهو لازال منهمكا في البحث،وهذا متطابق أيضا مع فيلم المغامرة،يتعرف على مخرجة مسرح (فن تشكيلي على المسرح باستعراضات عارية) وهو يستطيع كسر الحبكة لأنه سوف يجد مافيا ولكنه يرفض الحديث معها ليبقى في النهاية وحيدا بدون إمرأة أو حتى نموذج امرأة...
إذا كان أنتونيوني قد أنهى الفيلم من دون أن يجيب عن كثير من الاسئلة التي بقيت عالقة من رد أو حلول وهذا اسلوبه وحدث ولاحرج عن المغامرة،ولكن من يشاهد هذا الفيلم يستطيع أن يتوصل أن كلاهما لنفس المخرج وسوف يلاحظ في نفس الوقت الشطط العالي في الانحدار في المستوى الفني..
على أي حال فالفيلم متوسط من كل النواحي ومن ناحية السيناريو الذي كتبه كما قلنا تونينو غوييرا ومن حيث الاخراج حيث يختفي من الفيلم أي لقطة إبداعية واحدة محسوبة لمايكل أنجلو أنتونيوني.
بلال سمير الصدّر 25/12/2012

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل