|
شعوب مطعونة وتتعرّض لليتم في البراري
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 16:17
المحور:
الادب والفن
وقاءً منهم ومن شهرتهم التي تحطّم ثمارنا النيئة ، ننعزل عن الشرهين في قيلولتنا بين التجويفات العميقة للسنبلة . شعوب مطعونة وتتعرَّض لليتم في البراري ، نعبر معها حجارة الليل وشفاهنا مزمومة من الأسى . المتعسَّفون في تغطيتهم لأنفسهم بجلود وعقاقير الأشجار ، يحدّون أسلحتهم ، شُعيرة شرّ في اطفاء ما يضيء أبنيتنا المصابة بعصابهم . عصور هجائية منحطَّة ننصبُ فيها الباستيل في كلّ ممرّ ، وكلّ منعطف ، والصلاة سيئة في رحلاتنا ونحن نتجنَّب المهربين الذين يوشمون الحدْبة المبقعة للنهار . حياتنا المترنَّحة بين الطعنة والطعنة ، قلعة مهدومة يخطب فيها القتلة ولا يملّون من مفارقة خبثهم واصطدامهم بالمصابيح المستقيمة للغفران . تكذَّب البشرية وهي تناوىء النظام والأشياء الشريرة التي تورث الخطايا في العالم ، وفي سيرها بين الرياء وبؤس العيش مع الوباء ، تتشوّف الى ما يعجِّل بالإحجام عن الاحسان لنا ونحنُ ننجذب الى الظلمة المنمنمة في الهوّة .
الخبرة مسخ مخيف ويشذّ عن ما يدوم ...
سهم مفاجىء يروّعنا في تمدَّده بين حقول شعيرنا ، والصيف بازدرائه لإنشادنا له في الظهيرة المزدوجة للخسارة ، يجتنبّنا ويحوّلنا الى حجارة . كدح طويل يتعذَّر فيه اهتمامنا بنفخ النسمة على سرير المحتضر ووصيته الدرامية التي تتنمَّل . أشياء مؤسفة لا نميِّزها في محنتنا الجمعية ونحن نلفّ النجوم حول لحظة إثمار الميت وهو يشيح بحياته عن الحركة الشاملة . جهلنا بتعاقب الشهب التي تهدّم آبارنا وتحرق حقولنا ، يفضي الى جعلنا نغطس في النوم ونحنُ نفكّ الغبار عن إرث من رحلوا وتصدَّعوا في ثباتهم بما وراء الحديقة . أشياء كثيرة نشتط في الحكم فيها على ما يتحوّل في الزمن ويبقى مضرّجاً بالآيل للفناء في الطبيعة . الخبرة مسخ مخيف ويشذّ عن ما يدوم ، وكلّ ما نرضى به في حيازته للإرث الذي نتركه ، لا يضيرنا ونحن نئن في هدأة لحظتنا الفانية .
الآلهة المخترعة لها أولويتها في سلبنا حياتنا والسخرية منّا ...
يُجمّع آدم وحواء طرائدهما في الكهف ، وينفقان معظم النهار في الأكل والشراب وينامان القيلولة . أنظمة كثيرة للإعاشة في الطبيعة وهما لا يحتاجان الى إتلاف الثمار التي جفَّفاها صيف العام الماضي . آدم المتسوّل والعاري ، يفرط كثيراً في صخبه وهو يبرك ويهزّ ذيله طارداً الحشرات . زوجته الغوريلا القبيحة ، لا تقل عبثاً عنه وهي تدهن جدائلها ببولها تحت الشجرة . أوبئة شرّيرة ارتادت مكانهما وفتكت بالعجوز أولاً . تخلَّصها من جثته ومن أبنائها ، فكرة فظيعة تشعرها بعجزها عن نسجها للأكفان ، والغوريلا تُحبّ اللصوص الذين أنجبتهم وعلَّمتهم دحض الخطر ، لكنَّ الميتة المروّعة لبعلها وهو يتحاشى إنفجار خصيتيه في صراخه من الألم ، وتضاءل آمالها في شروق حميم للشمس ، تجبرها على تدلية أغصان أيّامها الى الأسفل . حلم اللحاق به ونبش قبره ، عمل يحتاج الى مشاورة الورثة الحمقى . فرص كثيرة تمت أضاعتها في الغابة وفي البراري ، ولم يتعظ الانسان من شماتة الصخور به وبموته . اختراعه بسبب القوافل العظيمة للموتى التي تمرّ في كلّ لحظة ، للألوهية وللفردوس ومحاولة خلق مكان آخر يضطجع فيه على قفاه بعد موته وينظر الى النجوم . فكرة فظيعة أُلقي بها منذ الخروج من حياته المشتركة مع الوحوش . آلهة لا تعد ولا تحصى ، مغطاة بفزعنا من المصير المشؤوم الذي لاقاه آدم في إنفجاره ، توسَّلنا اليها أن تبقي على ما نكنزه في حياتنا ، لكنَّ الآلهة المخترعة لها أولويتها في سلبنا حياتنا والسخرية منّا . اختراع تافه حطَّمنا فيه عملنا بحقول القمح ، وتلمَّسنا الأعذار للسرطان الذي يستوطن نوعنا البشري ونحنُ في الأرحام .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنافع التي يحقّقها لنا البخت
-
الضيوف الذين مرَّوا سريعاً في الوهاد
-
أيّام العزاء على النسَّاجين
-
نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم
-
الحيطة لكلّ طارىء
-
الشراك التي أضاعوها في شبابهم
-
ولادة الشجرة لطفلها أثناء الفجر
-
مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا
-
الجمال الانساني
-
الأغصان المصفوفة للأيّام
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
المزيد.....
-
عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني
...
-
شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
-
صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
-
وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
-
الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
-
الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا
...
-
البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج
...
-
شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية
...
-
-الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
-
عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|