|
المنافع التي يحقّقها لنا البخت
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4130 - 2013 / 6 / 21 - 19:49
المحور:
الادب والفن
الخضوع للعصبة التي تحكمنا بسطوة فظيعة منذ الأزل ...
آلآت تاريخية كثيرة يحتاجونها في إزاحتهم لأكوام إيمانهم ، وفي تخيّلهم للفردوس ، يتعصَّبون لامتلاك نفايات أوهامهم ويطردون أتباع سيدهارتا . الميثيولوجيا الاغريقية . طب القرون الوسطى . مراكب الجيوش اللاتينية ومكتبات العرب الذين جلَّدوا كتب الطبخ بريش الطيور . موضوعات لا توصل الى ما نبغيه ونحنُ نتجهَّم في تعثّرنا بأروقة التاريخ . تركيز الانتباه يشبه عدم الاكتراث بالسماء التي تخلع أبوابها وتحرّضنا على إدامة لعب قابيل وهابيل في كلّ آنٍ . ملوك غالطوا أنفسهم ونذروها للتقرَّب الى مهندس العالم ، يبغون قطران رأفته ، لكنهم أخفقوا وتصدّعت فوق مراكبهم النجوم . أحلام أشدّ وعورة من الإتيان بالماء من النبع في الظهيرة وسكبه على حلم النائم ، والسقم يحتفظ بشهرته في العظام وفي المحاجر التي يغشيِّها برد الفناء . الحيوان الذي أوتِيَ فزعاً عظيماً مثلنا ، لا يعبأ في الإشارة الى العالم الآخر . يتلقَّى جواب مصيره بترحاب ، ويتصدَّع في نحيبه الأخوي ، والنجاة من الميلاد والموت ، لا تتحقَّق إلاّ بالخضوع للعصبة التي تحكمنا بسطوة فظيعة منذ الأزل . جنس تافه يكدح بلا طائل طوال حياته ، وتنحلّ عنه الثمرة الجائفة للمسعى . يضطجع في سجنه ويمضغ ميتته المقروضة في كلّ لحظة .
المنافع التي يحقَّقها لنا البخت ...
تدفعنا حدوسنا المضلّلة الى ضرب الأشياء بالكتب التي حفظناها ، ونتوجَّس من مسايرتنا للغريب واللامرئي . المخلوقات الأخرى التي جُبِلت على الحنق وعلى عدم التصديق ، تحاذر إطراء الطبيعة لقيلولتها في الربيع . ما يستجمع نفسه في الهوّة ونتكىء على عفنه طواعية ، يشتَّت شملنا ويبعدنا عن الجميل . ظهيرة حادَّة نلجأ فيها الى بغض ما نتملَّقه دائماً في نومنا الملْتحم بالعوائق . أذى فظيع ننزله بالعَصيّ وبما ليس بإمكاننا إحاطته بالاحسان ، وفي ضيقنا برذائلنا ونحن نعتصم بالمنافع التي يحقَّقها لنا البخت . ننزع عن المعرفة كلّ لثام بالسيف . الثروة . الطموح . الخيّر والشرّ . الفضل الإلهي . الصلاة المعاقة الى ما نندم عليه في طبيعته المؤذية . أشياء لا تسوّغ لنا اللهاث وراء الشهرة ، أو إيقاظ ما يفنى وتحميله اللوم . حقب عظيمة تقلَّصت فيها شفاعة ما عبدناهم ، ولم يقيِّض لنا السهر بين الروث الذي تتركه البشرية وتغادر العالم .
مواهب عظيمة لدى الناس في البرّية ...
يوقظ بوق اورفيوس في الفجر ، فتياتنا النائمات والمتوسّدات رغباتهنَّ الغرامية ، والحياة سلعة نفيسة لا نقايضها باللباد . ينصاع المتصوّف الى اعتلال زمنه ويعزل نفسه عن شمس الطوفان ، والعاشق ينتحبُ بلطافة وهو يبوّق إذعاناً لبليته . مواهب عظيمة لدى الناس في البرّية ، ننتظر منها إعانتنا على إيجاد خلاص ما ، لكنِّ الأوباش الذين يصرّون بعناد على تلقيننا الحمق وتكميم أفواهنا ، يحصلون على نتائج حتمية في تجديفنا على آلهتم . مقادير كافية من الإذعان لشروطهم ، حسبوها تكفي للجمنا عن التماثل مع رغباتنا ، وفي شططنا وطيشنا الدائم . إتزان نقهر به الثقل الكبير للغيبوبة . يورّط النائم نفسه في استنشاقه للنسائم المهجورة في الحلم ، ولا يرمّم الآبار المقبّبة للنهار ، لكنَّ المتحذلَّق في انبطاحه على صخرة قبره ، أكثر نشاطاً وحيلة في فقدانه للرغبة ونعمة الظمأ . وظيفة معتادة لتعاقب الفصول في أرض العالم . إدامة الرطوبة وإيقاف أغصان العمر الذي نتفادى سرعته بين المناجم المغلقة لحزم الشرّ .
قعودنا على الصخور التي يئن تحتها قتلى فقهاء الحياة المعاصرة ...
أباح لنا فقهاء الحياة المعاصرة ، محرّمات كثيرة ، لكنهم أفتوا بأكلنا { الشعير خبزاً } . العنف والخداع وقتل الانسان لأخيه الانسان وتهديم وتفخيخ بيوت الله واحتقار شعوبه التي تعبده وتّتَّحد به . أفعالهم المضادة للخيّر ولقيمة الوردة ، تؤذي الأضاحي التي نقدّمها وهي تصرخ من الألم ، ومُحلّياتهم التي يخلطونها بالجثث المحترقة ، عمل لا يمكن تخيّله ويبتئس منه الطبيب والرسل الذين أوصلوا خطَّافات الله ورحمته العظيمة . تطهير الموت بحزم من حظائرنا ، يلزمنا أن لا نساير المقامر ، ومن ينحدر من الكهوف ويضغط بشناعة على المدنية . نساء ينمن في أسرّتهن ويحلمن بقطع نهودهنَّ ، وفقهاء طوائفنا طلقاء في النسيم المكفهرّ لجرائمهم ، وكلّ صوت يخرج من مؤخرة أحدهم . قنبلة نووية تقتل 300 انسان وشجرة وأمثولة حبّ في اليوم . هل كان إنقاذ الغريق تهمة يعاقب عليها الشرع ؟ كلّ ما يوسِّخ الكوخ الواهن لله ، يلوّح بمديته وينظّف الطبيعة من الفضل الإلهي ، ونحن نترقَّب الطوفان في قعودنا على الصخور التي يئن تحتها قتلى فقهاء الحياة المعاصرة .
21 / 6 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الضيوف الذين مرَّوا سريعاً في الوهاد
-
أيّام العزاء على النسَّاجين
-
نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم
-
الحيطة لكلّ طارىء
-
الشراك التي أضاعوها في شبابهم
-
ولادة الشجرة لطفلها أثناء الفجر
-
مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا
-
الجمال الانساني
-
الأغصان المصفوفة للأيّام
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
المزيد.....
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|