طالب عمران المعموري
الحوار المتمدن-العدد: 4128 - 2013 / 6 / 19 - 12:50
المحور:
الادب والفن
قصص قصيرة جدا
الاديب الصامت
كان غارقا في التأمل ، لم يكن بوسع احد ان يرى منه غير هاتين العينين الكئيبتين ، عيون يلفها الالم ، او تينك الشفتين الغليظتين ، عند عودته الى المنزل مع اولى تباشير الظلام ، بعد ان يكون قد اجتاز بساتين النخيل اطراف القرية ، يجرجر قدميه المتثاقلة ، ارسل تنهيدة عميقة ،يخرج قصاصات من اوراق قد دسها في جيوبه ، ما من احد يعرف ما يكتب ، كان شابا ً خجولا ميالا للعزلة ، عامر بالكبرياء ، ينعته البعض بالجنون ، وبعضهم بالأديب الصامت ، اما بعض النسوة يتباركن برؤيته ، فهو ولي صالح في نظرهم ، عند صياح الديوك وابتلاج الفجر ، استيقظ هلعاً وكأنه على موعد في تلك البساتين النائية ، هكذا يقولون ممن رآه عند الغبش الخارجين الى الصلاة في مسجد القرية ، بيد ان غيبته طالت هذه المرة ، الا ان رائحه اشلاء جسده دلت عليه من قبل احد المزارعين ، ثمة وريقات قد نثرتها الرياح ، بحروف وكلمات ، كأنها طلاسم.
الخيزران
اتذكره جيدا، استند الى عصاته الخيزران ، راح يشق طريقه نحو اداره المدرسة، واضعاً عوينات سوداء ، ملتزما ً الصمت ، كانت الوجنتان، تحت العوينات القاتمة اشد شحوبا ً ، وقد ارتسمت صورة حديقة المدرسة على العدسات ، سمعه كان حادا ً، يوحي بانه يستوعب العالم الخارجي عن طريق اذنيه ، نعمة عوضه الله عن تلك العينين ، كان بصيرا في زمن عميت فيه البصائر ، حينما يفضي الينا بحكاياته ونحن فاغرين افواهنا ، او نستمع اليه وهو يتلو لنا ما تيسر من آيات الذكر الحكيم( اقرأ .. ما انا بقارئ) يتخيل الينا .. هكذا هو صوت الوحي.
طالب عمران المعموري
الحلة
26/5/2013
#طالب_عمران_المعموري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟