|
العادي والزائل
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 00:55
المحور:
الادب والفن
حروبنا المعتدلة ....
أضحية مشؤومة نقدّمها الى آلهتنا في الأصائل ، وكلّ قربان نغطسه في بئر السهام ، يمزّق المرتجى وينطفىء الموقد . اسراع شيوخنا في العودة من فراغ ماضيهم الذي تنوء بحمله أيّامهم ، فعل يثقبه تبرّمهم من الأشياء التي يرقّصون فيها وصيفات أكفانهم ، والقربان الذي يحترق في المركب المطلسم للصلاة بعيداً عن ذويه ، يهبنا المرآة التي نرى فيها حمقنا المتواشج مع اعتقاداتنا في الآلهة المتجهّمة . الانسان صورة الله . يقتل ويزني ويشحذ ويخنق الأطفال ويدمّر كلّ ما هو جميل ومقدّس في العالم ، وهو في أفعاله ليس خائناً لصورته . إيذاء طويل للطبيعة والتاريخ ليس بميسورنا التخلَّي عنه ، وفي امتلاكنا لقوّة مضادة للخيّر ، نواري المعرفة الرماد ، وكلّ ما يصمد في فطرته الأولى ، نطمره في المستنقع الذي نحيا فيه . معابد كثيرة هدَّمناها في حروبنا المعتدلة مع بني جنسنا ، وشرّدنا الآلهة في الريح ونفخنا وراءها قتلى تضرّعاتنا . زمر ضارية يصرعها فزعها من الفناء ، وفي ثأرها من مصائرها المحجوزة في الرماد ، تضيِّق قشور القمح على نفسها وتكفر بالخلاص المُصان من عدم تحقيق الوعد .
العادي والزائل ...
نرمَّم معهم في شقاء طويل عظام غرقاهم ، ونؤالف بين الحاضر والماضي . أيّام مفكوكة نسلّم فيها السأم ملح أحلامنا ، وتتعاطف معنا انشادات الغرقى في استئناسهم لبعدهم عن الكمال . شعائر مفسوخة عن ايماننا نقوم بها من أجل تهدئة روح الغائب ، وفي ايقادنا النار على الشواطىء بانتظار إشارة ما ، نختزل الكثير من أفياء الصيف وندفن فيها العادي والزائل . كلّ قبر أسيئت فيه كرامة الميت ، نزدريه ونستغني عنه وننقل الكافر الى روضة يحرَّم الطير فيها على نفسه أذية الشرير .
برفقة الملائكة ...
ذهب مشدود الى الشمس في سباخهم ، يهلكون أنفسهم في عطشهم اليه ، وفي غرفنا له برفقة الملائكة ، نحيِّر الأغنياء منهم والجماعات الغريبة التي تصاهرهم . قابلية على مقاومة ما يتخفَّى في اتحاده بذاته ، تعلَّمناها في نومنا بأريج نعناع أحلامنا ، وخبرة ورعة وصارمة نلطّف فيها ملل النيران . زوابع عظيمة هدَّمت عصي الأدلاء في البراري ، وفي تخفَّينا منها بحظائر النجوم ، نتظاهر بتوقيرنا لما يستل سيفه ويجهز على نشور الموتى .
رهوننا المتعسّفة ...
تحفَّزنا كراهية مخزية وانحرافات ، تؤرقنا في مرورنا بأبنيتهم التي يؤدب فيها اللوطيون رغباتهم . النبي الملاَّح في انتظاره للطوفان وملازمته لرمد العالم ، استثنى في قائمة من يركب معه كلّ رجل ينام البعوض في بخار آباطه . مضايقة الوردة في بيتها الحزين وإحاطتها بالعوائق ، يلزمنا أن نتحمَّل رهوننا المتعسّفة ونتخلَّى عن عهودنا مع الطغمة التي تثيرها الخطيئة ، وللذود عن الكثبان التي ندفن فيها الموتى وإبعاد الغير من تسخيرها لعنادهم وآثامهم الشائخة ، يتقدَّمنا رؤساء العشائر ويهيلون الرماح عليهم في إنشاد مرفوع الى النظام المتناغم في الطبيعة .
العمل الصالح ...
إتاوة كبيرة ندفعها لكهنة معابدنا في إجلالنا لهم وهم يحرسون الفضيلة في سعيهم لنيل الشهرة وسلبهم الله كلّ ما يملك . اسقاط الآبار على أرضنا الدهماء في القيظ ، عادة وراثية زكَّتنا فيها الطبيعة منذ الأزل ، لكنَّ هؤلاء السفِلة ينسبونها لأنفسهم ويزيحون الثمرة عن صلاتهم المقفلة . مضمار طويل نسابقهم فيه الى العمل الصالح ، وهم يعانون الكرْب من امتلاكهم للغيرة والحقد علينا في تنحّي الله لنا لنعبر تحت غفرانه ورحمته العظيمة .
ما يشين آدميتنا ...
اتزان عظيم نظهره للضالعين في إلحاق الضرر بنا ، وحياتنا محرومة من النسمة الضئيلة للاحسان . في توخّيهم الحذر منّا ونحن نُوقّرهم في تقوانا ونفاقنا ، يقتصدون في زمنهم بالمرحاض ، ويرمون صوبنا أشياء مضادّة لما آمّنا به . تَمثّل الكرامة ومضاعفة ما يشين آدميتنا في خنوعنا للطغاة ، نواتج رذائلنا التي تعاقبت من سلالة الى سلالة ، وفي إمالتنا لأنفسنا على المزالق الخطرة للإيمان في المفازة ، نتشابه مع أولئك الذين خلَّدتهم إهانتهم لعدل حياتهم .
15 / 5 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
-
سهرنا في الريح مع الملُقّنين
-
اطراء العفّة
-
قسمتنا من الإرث
-
في تنفيذنا مشيئة الموتى
-
ما يتعاقب في أحلامنا
المزيد.....
-
مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي
...
-
اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب
...
-
مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج
...
-
-من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال
...
-
خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
-
الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
-
مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20
...
-
دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك
...
-
بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك
...
-
شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|