أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد عياصرة - مجتمع الكراهية














المزيد.....

مجتمع الكراهية


خالد عياصرة

الحوار المتمدن-العدد: 4093 - 2013 / 5 / 15 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يسافر الإنسان لهدف، القرار بحد ذاته يكون مصيريا أقرب إلى المغامرة التي لا يعلم أحد شط نهايتها.
يحزم أمتعته، كما أمره، ويسافر إلى حيث المجهول الذي لا يعرف تفاصيله، ولا حيثياته، ولا سلبياته ولا ايجابياته.
يخرج الانسان من وطنه حالما بغد أفضل عجز او أعجز عن صناعته، ليرتد بعدها من حيث أتى، غد يسهم في رسم ملامح جديدة.
تتلاطم أمواج حيرته، في بلد غريبة عليه يجهلها كما تجهله،على الرغم من وداعتها وجمالها وحنوها، الا انها أبداً لن تكون كما هو الوطن.
يستقر الأردني ويبدأ عمله.
بعد مضي قصدا من الزمن يتسلل اليه الشوق والاشتياق، فتبدا الغربة تنسج خيوطها لتسيطر عليه، وعلى تفكيره.
هنا، يفكر بالاتصال بمحيطه، فمن هندي إلى مصري إلى بكستاني إلى روسي وامريكي وبريطاني إلى لبناني إلى فلسطيني، يختلط بالجميع، لكنه يرتاح إذ يجد أردنيا يتوحد مع حاله وتجربته.
يفتح له ذراعية مرحبا، يكرمه ، وكأنه أبن أمه، يبث له مكنون صدره، وإن شعر لوهلة بأنه يعاني سارع لانتشاله من حفر همه، لا حبا به، بل إكراما لوطني في غربتي.
قد تكون السطور لدى البعض بمثابة خاطرة ـ لكنها للبعض الأخر حقيقة واقعية يستشعرها كل من عانى صنوف الوانها.
وإن كانت الصورة العامة تقول بأن الجميع يحمل في جيناته عين الخلايا وعين الأفكار وعين الاساليب التي تجعل من الأردني عدو لأخيه الأردني في بلاد غريبة جمعتهما، غلبته المصالح وسيطرت عليه الاحقاد.
لنأخذ مثلا بسيطا على ذلك ...
في ليله هادئة ابحرت فيها برفقة الروائي العظيم أمين معلوف واصداره الاخير "التائهون" رن هاتفي.
مرحبا، أهلا وسهلا يزن - شاب سوري - هكذا كان الجواب.
يزن: خالد هناك على شاب أردني بحاجة إلى مكان ينام فيه، فصاحبة المنزل قامت بطرده منه، ولا يجد مكانا يذهب اليه.
خالد: ماذا تقول أردني، أعطني الهاتف، مرحبا أخي، هل بإمكانك حمل حقائبك والقدوم إلي الأن، لا تبقى حيث أنت، أهلاو وسهلا بك.
مرت دقائق معدودة وإذ بالشباب يطرق باب الغرفة، لا يحمل بيده شيئاً، رحبت به، ودعوته إلى الجلوس، عملت له فنجانا من القهوة، وقمت بتعريفه على نفسي، وفعل هو عين الامر، إنتهى اليوم الأول على خير.
الشاب لطيف للوهلة الأولى، تمضي الأيام، وينقلب الحال، وإذ بالمسكين يتحول إلى وحش، سكير عربيد، أبن ليل، صاحب كأس، يقضي جل وقته باحثا عن النساء، لا يصحو، ومن أرباب النوادي اليلية.
يا لها من مفاجئة ، ما الذي فعلته يا خالد نفسي تخاطب نفسي، لما فتحت له الباب.
أقفل باب الحوار، بحجة أن أبن بلدي بحاجة لي، كيف أتركه، كيف لا أمد له يدي.
هذه صورة ومشهد واحد لا ينطبق على الجميع، لكنه موجود وبكثرة.
صورة أخرى ومشهد أخر، لها صلة بالعمل، فالذي يهدد الأردني، حتما لن يكون سوريا أو مصريا أو هنديا بل أردني، الذي يغلق الابواب أردني، الذي يبتدع الافلام والاسافين أردني، صورة يحملها الاردني عن أخيه أينما ذهب.
أنظر إلى علاقة السوداني بالسوداني أشعر بشي من الغيرة، أنظر إلى الباكستاني وعلاقته مع أخيه اشعر بخيبة أمل، أتطلع على علاقة اللبناني مع أبن بلده يسيطر علي يأس ، أنظر إلى علاقة الأردني مع الأردني أقف حائرا وجلا غير قادر على التفسير.
الأغلبية يشدون أزر بعضهم البعض، يفكرون ببعضهم البعض، يساعدون بعضهم البعض، إلا نحن، نحفر لبعضنا البعض، نحقد على بعضنا البعض، نغلق الابواب بوجه بعضنا البعض، الأردني على الأردني ثقيل كما يقول المثل!

مجتمع كراهية يسيطر عليه الحسد والنفاق والكذب والمظاهر الخاوية ، مقابل دفن مقصود، لجماليات النفس الأردنية، ووأد لسماتنا السمحة مع سبق اصرار وترصد.
مجتمع يتعاطى الكراهية والحقد ويقتات على بقايا الأنسانية التي غلبت عليها الطبائع المادية والنميمة، فضلت أكل لحوم الأحياء كما الأموات، دون مكترثين بنواتجها وأثرها.
بعد كل هذا يوقن الفرد فينا أن البعد أسلم، ففي القرب انتحار وخسارة قد لا يشعر بها من يتصفون بهذه الصفات، لأنهم اضحوا بمثابة "مسخ " تجرد من انسانيته وأخلاقه، أو آلة يسيطر عليها مبدأ الربح المادي لا علاقة له مع إسقاط كل ما له علاقة بالامسان الذي خلق في أحسن تقويم.



خالد عياصرة
[email protected]



#خالد_عياصرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأس الأردني والذيل القطري .. إعادة ترتيب الملف السوري
- مسمار المخابرات .. مطرقة الملك عبد الله II .. وصناعة النمو
- إلى السفير البريطاني في الأردن : أرجو ايصالها إلى الأمير تشا ...
- أكتب من أجل الأردن و ال -Tanks Think
- إلى سماحة مفتي المملكة الأردنية الهاشمية ... أسئلة برسم الإج ...
- هل تكتمل أضلع المثلث الأردني بدخول الإخوان على الخط ؟
- في الأردن الاحتفال بعيد ميلاد الملك إذ يكون طريقا للنصب والا ...
- معارضة التسحيج... انفصال ممنهج عن الواقع الأردني
- الانتخاباتالأردنية بين رسائل الخارج والداخل
- المال الفاسد ورصاصة الرحمة والهيئة المستقلة للانتخابات !!
- أوراق الملك عبد الله الثاني: مثالية التنظير.... واقعية التطب ...
- وطن بديل ام كونفدرالية .. ربيع إسرائيل القادم !
- القرب المكاني للموقع الجغرافي وبعد الزماني للقرار السياسي ال ...
- في الأردن !-معك المخابرات العامّة - المدير يريد رؤيتك-
- فوضى الالتزام تخيم على عمان !
- لماذا لا يوجد لدينا رامي مخلوف اردني ؟
- سري للغاية .... القوات المسلحة الأردنية
- أيام الأردن الصعبة ... و رعونة إسرائيل
- حراك سلبي خرب للأردن !
- إسقاط الشعب إصلاح الشعب !


المزيد.....




- صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة ...
- مقتل صحفيين فلسطينيين خلال تغطيتهما المواجهات في خان يونس
- إسرائيل تعتبر محادثات صفقة الرهائن -الفرصة الأخيرة- قبل الغز ...
- مقتل نجمة التيك توك العراقية -أم فهد- بالرصاص في بغداد
- قصف روسي أوكراني متبادل على مواقع للطاقة يوقع إصابات مؤثرة
- الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما لمتضامنين مع سكان غزة
- ما الاستثمارات التي يريد طلاب أميركا من جامعاتهم سحبها؟
- بعثة أممية تدين الهجوم الدموي على حقل غاز بكردستان العراق
- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد عياصرة - مجتمع الكراهية