هل تتحمل الثقافه العربيه المسوؤليه فى انفجار المجتمعات العربية

سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 4066 - 2013 / 4 / 18 - 09:41
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

هذه المقاله تتبنى فرضيه ان من اهم اسباب انفجار العالم العربى الان هو طغيان الثقافه اللفظيه التى اسماها البعض بالظاهره الصوتيه و التى اعتقلت العقل و الفكر الراشد و ادت فى النهايه الى كوارث نشهدها الان.
لذا ساسلط الضوء قدر الامكان على الثقافه كونها الاطار العام التى تنمو فيها الافكار و ترعرع على انواعها بما فيه الفكر السياسى.
و انطلاقا من هذا ازعم ان اهم مشاكل العالم العربى سياده و غلبة الثقافه اللفظيه التى من اهم سماتها الحشو و

التركيز على العباره الفخمه على حساب تطوير الثقافه النقديه و التحليليه . و اذا ما القينا نظره عامه على سياسات التعليم على سبيل المثال على اعتبار ان التعليم يعكس رؤيه المجتمع و قيمه نرى حسب استنتاج اكثر من دراسه على مناهج التعليم فى المنطقه العربية ان التعليم فى بلادنا يكرس ثقافه الطاعه العمياء و ثقافه الكسل الذهنى الذى يؤدى فى النهايه الى انتاج مجتمع يغلب عليه ثقافه الخوف و عدم المواجه الامر الذى يكرس ثقافه التبعيه و الخنوع و القبول بالتسلط فى مجتمع يمجد ثقافه الولاء الاعمى للعائله او القبيله او الطائفه.


و لان الثقافه تشكل الوعاء العام للمجتمع لا بد ان ذلك انعكس بطبيعه الحال على مضمون التعليم الذى بات نظريا فقط و غير مرتبط بالواقع و تحدياته و مشاكله و احتياجاته و اصبح فى مجمله سردا مملا لا يطور عقلا يناقش و يفحص و يتامل و يستنج .الامر الذى ادى بطبيع الحال الى انتاج اجيال هشه و ضعيفه و حائفه و غير قادره على المواجه لانه تم تشكيلها من الصغر على هذه الثقافه.
.

و لعل ذلك قد ادى الى جعل السياسه مرتبطه بكهنه السياسه و (العارفون بالامر) و (حمله الاسرار) الخ الامر الذى جعلها معزوله عن المشاركه العامه و ادت لتعميق الثقافه التسلطيه حتى انى اذكر انه كان يوجد عامودا فى صحيفه عربيه اسمه (اسرار الالهه). فمن المعروف انه فى مجتمعات ما قبل الحداثه يكون الولاء اعمى و انقيادا لما يقوله الاب او شيخ القبيله و الخروج عن هذا الولاء يؤدى الى مشاكل يتعرض لها الفرد المتمرد.و فى التاريخ العربى نعرف حالات تمرد فقد اصحابها حمايه القبيله و هاموا على وجوههم فى الصحراء.

و لعل من الممكن الفهم سبب ازدهار ا لثقافه اللفظيه فى مجتمعات كهذه حيث لا يحتاج فيه الزعيم الا الى الفاظ فخمه مبهره ذات طبيعه عاطفيه تؤثر على السامعين لتعزيز الولاء و (لرص الصفوف)! .اما مجتمعات الحداثه فالولاء فيها ولاء حر يمارسه الفرد فى النادى او الحزب او النقابه او البرلمان انطلاقا من ضميره و حقه فى الاختيار بما يراه مناسبا .و الخطابه فيها تعتمد اكثر على برامج واقعيه تنطلق من الحاجه الفعليه للناس اكثر منها الفاظا براقه تستهدف الابهار.



. و لعل خلو الثقافه العربية من العقل النقدى الذى يحلل و يسعى للتفسير الظواهر السياسيه سمح ان العرب ربما يكونوا من اكثر شعوب الارض قبولا لنظريه المؤامره. و هو امر سهل فى مجتمعات لا تسعى او لا تملك اليات نقديه لفهم الظواهر الاجتماعيه او السياسيه و اسهل لها ان تتهم الاخرين بدل البحث الجاد عن مصادر المشكلات الحقيقيه. كما بات كلام السسياسيين فى بلادنا يعتمد اكثر على الوعود و الكلام المعسول و الامنيات منه الى معرفه الواقع و الامكانات و هو ايضا امتدادا للظاهرة اللفظيه التى تعمق المسافه بين القول و الواقع .و يعزز هذا الامر خلو المجتمعات العربيه من الرقابه على صدقيه الوعود سواء من ناحيه خلو بلادنا من مؤسسات رقابيه او انعدام الحريات الصحافيه التى تلعب عاده دورا مهما فى الرقابه.

السوال الان الاكثر اهميه ما هى الاسباب التى ادت الى استفحال الثقافه اللفظيه فى الثقافه العربية و هل يمكن تقديم تفيسر معقول لمعرفه مصادرها..لا شك انه سؤال صعب ليس من السهل الاجابه عنه الا عبر محاوله ذكر مصدرين هامين لعبا دورا حسب راى فى تعظيم شان الثقافه الفظيه.
الاول فلسفى و يكمن ربما
بتاثر العرب
تاريخيا بالفلسفه المثاليه الاغريقيه التى اعتبرت الانسان جسدا يحمل راسا و منفصل عنه الامر الذى اعطى الاولويه لانتاج الراس من علوم نظريه مثل الخطابه على حساب الجسد المرتبط بالعلوم التطبيقيه.او ربما عبر تفسير ثقافى بسبب ثقافه سوق عكاظ اتى كانت تركز على على اللفظ من شعر و بلاغه حيث بات هذا الامر جزء اساسيى من منظمومه الثقافه العربيه .
الخلاصه التى ارغب ان اؤكد عليها ان طغيان هذه الثقافه ادت الى الفصل بين القول و العمل و ادت الى ترسيخ ثقافه التسلط فى الحياه الاجتماعيه و السياسيه . و اظن انه طالما لا يتم فهم هذه الظواهر و التصدى اليها عبر تعزيز ثقافه الفكر النقدى و تعزيز الولاء الواعى بدل الانقياد الاعمى فان مجتمعاتنا ستظل تنتج ثقافه التسلط مع كل جيل.

مفكر فلسطينى
كتاباته و ابحاثه مترجمه الى اكثر من خمسه عشره لغه

#سليم_نزال (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل