أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليم نزال - لكى تتجنب سوريا طريق الانتحار















المزيد.....

لكى تتجنب سوريا طريق الانتحار


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 00:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



كل الوقائع تشير الى امر واحد لا سواه: سورية تسير فى طريق اسوا الاختيارات التى تمر بها المجتمعات البشرية الا و هو خيار الصراعات الداخلية المدمرة.
و بمعنى اخر الاحداث فى سوريا تؤشر للعرقنه و اللبننة و الصوملة و البلقنة و السودنة و
و اخشى ان يدخل التاريخ مصطلح السورنة ليدل على سيناريوهات قد تكون اكثر قتامة و سوءا.
و المجتمعات العربية التى شربت من هذا الكاس تعرف حجم الدمار الذى لحقها من جراء الصراعات الاهلية المسلحة.
الامثلة كثيرة و معظم او كل هذه الحالات بدات او طغت عليها شعارات التغيير و الاصلاح.
فى لبنان 1975 كان النظام اليبرالى اللبنانى قائما على محاصصة مسلمة مسيحية , و كان الشعار الذى اطلقته الحركة الوطنيه حينها هو اصلاح النظام الطائفى. حصيلة منطق الاحتكام الى السلاح ادى الى مقتل 120 الف قتيل ,الالاف المعوقين و خسائر بالمليارات . و تشريد مليون خارج لبنان و داخله و البعض لم يعد لقراه حتى الان و الاسوا ان الطائفية لم تعد محصورة بمسلم- مسيحى بل سنى و شيعى. و تجربة العراق التى ارادت بعض نخبه الاستقواء على النظام الاستبدادى بتشجيع امريكا على غزو البلاد2003 .كانت النتيجة تقسيم نفسى و فعلى للعراق و مئات الالاف القتلى و الارامل و الايتام و انتشار ثقافة الكراهية بين ابناء العراق و تدمير الدولة العراقية و خسائر مالية اكبر من ان تحصى و يحتاج العراق لا يقل عن عقدين من الزمن لكى تعود الى ما كانت عليه الامور كما كانت هذا ان عادت.

اما الجزائر فقد شهدت فى مرحلة ما يسمى( العشرية السوداء) 1992- 2002 مجازر مروعة قتل فيها اكثر من مائتى الف و اعادت البلاد للوراء و اهلكت الزرع و الضرع و كادت ان تطيح بالدولة الجزائرية.و لعل هذا السبب الذى جعل الجزائرين يستنكفون عن الدخول فى الربيع العربى لخشيتهم من عودة ثقافة العنف الى البلاد.
اما فى سودان حزب المؤتمر الاسلامى الذى جاء العام 1989 تحت شعار الاصلاح قد قتل مئات الالاف من السودانين فى الجنوب و فى دارفور و ضاعت موارد البلاد و تم تقسيم البلاد و الصراعات لم تنتهى و لا احد يعرف كيف يكون مستقبل البلاد المرشحةحسب البعض لمزيد من التقسيم.
اليست هذه الامثلة كافيه للتفكير مليا كيف تسير اليه الامور فى ظل عسكرة المجتمع السورى و تدمير الدولة و سيطرة ثقافة العنف و الانتقام و النتيجة المؤكدة لهذ النهج انها تقود الى تفكيك و تدمير الدولة السورية. لذا حان الوقت التوقف عن تشكيل وجهات نظر سياسية بالاستنداد الى قنوات فضائية باتت تشترك فى صناعة ثقافة الموت بعدما فقدت مصداقيتها المهنية الى درجة مزرية. و المؤكد ان اخر ما تحتاجه سوريا هو ثقافة صناعة الموت و ثقافة البروبوغندا التى تخلق داخل المجتمع الواحد مصطلحات مدمرة مثل هم و نحن و تضع الجميع ضد الجميع!
و ذات الامر ينطبق ايضا على الاعلام التى لم يزل تعمل بثقافة الحزب الواحد و على طريقة مخاطبة النفس و ليس التوجه للشعب السورى بخطاب منفتح محاور يعترف بكل الاخطاء لان الاعتراف بالاخطاء وحده الذى يؤسس لصفحة جديدة .
.فى تقديرى اننا الان فى اللحظات الاخيرة لمرحلة اللا عودة و هذا المقال هو دعوة لمواجهة الحقبقة بلا اى التباس و بعيدا عن الثقافة الشعاراتية و بعيدا عن ثقافة شيطنة الاخر التى سادت خطاب الحكم و المعارضة على السواء. ففى اللحظات التاريخية العصيبة يصبح اخفاء الحقيقة و التلاعب بها كارثة بكل المقاييس.
و اذا كان الهدف اجراء تغيير نحو نظام ديموقراطى كما تعلن المعارضة المدنية على الاقل فهل عسكرة المجتمع السورى تصل الى هذا الامر؟
فى اعتقادى ان العسكرة ستقود الى كل شىء لكن ليس الى مجتمع ديموقراطى و ها هى الاسباب فى راى.
اولا ان جزءا مهما من القوى المعسكرة لللانتفاضة السورية قوى تسعى للتغيير بالاتجاه الدينى و لا تؤمن اصلا بالفكر الديموقراطى و بالتالى لا يمكنها بناء مجتمع ديموقراطى.
ثانيا ان انتشار السلاح و عسكرة المجتمع على هذا النحو سيقود الى انتشار الميليشيات المناطقية و الطائفية التى ستحل تدريجيا مكان الدولة و تمهد لنوع من التقسيم النفسى و ربما الفعلى للبلاد.
ثالثا ان عسكرة المجتمع سيقوى من الجناح المتشدد داخل النظام و الساعى لاستخدام الحل العسكرى الامر الذى سيغرق البلاد بمزيد من حمامات الدماء التى تقوى من ثقافة الانتقام و تزيد فى دمار نسيج المجتمع السورى .
رابعا
عسكرة حركة الاحتجاج السورية تضع هذه القوى رهينة لدول التمويل الامر الذى لن يؤدى الا الى ازدياد

التدخلات الاجنبية و هى وصفة مؤكدة و مجربة على استمرار الصراع عقد كامل على الاقل بدون ان يكون هناك ضمان لعودة سوريا كما كانت كدولة واحدة.
و موقف الدول ( الصديقة) يثير اسئلة حقيقيقة حول صدقية الدول الثمانين التى اجتمعت فى اسطنبول تحت شعار الصداقة مع الشعب السورى! .متى كانت الولايات المتحدة صديقة للشعب السورى ؟ و التجارب المريرة مع هذه الدولة تؤكد الشك القائم ان للولايات المتحدة اجندات لا علاقة لها بالشعب السورى.

.اما الدول العربية المموله لمشروع عسكرة الاصلاح فى سوريا فمن باب اولى ان تصلح فى مجتمعاتها التى تدار بعقلية الدولة السلطانية اكثر منها من الدول الحديثة.و موقفها من دعم مشروع الحرب الاهلية موقف انتهازى و لا اخلاقى و يفتقر للحد الادنى للتضامن العربى.و هل ستكون دولة قطر سعيدة مثلا اذا ما ايدت سوريا او سواها مجموعات مسلحة فيها , الجميع يعرف الاجابة على هذا.
هذا الواقع يستدعى الان وقفة تاريخية من الجميع لاجل حل وسط ما يمكن من خلاله البناء عليه تدريجيا لاجل بناء سوريه جديدة , سوريا ديموقراطية و سوريا الحرة و سورية التى يستطيع ابناءها ان يقولون انا سورى يا نيالى!
.انها بالفعل لحظة الحقيقة قبل ان تنزلق البلاد نحو المزيد من العنف الاهلى المدمر الذى لن يربح فيه سوى المقابر و ثقافة الموت و الخاسر الاكبر كما فى كل الحالات العربية هو الوطن دولة و مؤسسات و دمارا محققا للنسيج الاجتماعى .
مواجهة الحقيقة تتطلب موقفا محاورا مع الاخر و انهاء الثقافة النرجسية فى مخاطبة الذات و القيادات التى تعتقد انها تمثل وجدان و امانى شعبها لا بد انها تكون فى مستوى الحدث التاريخى و التاريخ لا يرحم احدا .
هذا الامر مطلوب من النظام كما هو مطلوب من المعارضة و المسوؤلية مشتركة بين الجميع لان ضياع سورية هو خراب على الجميع. و على الجميع ان يدرك ان كلا التطرفين يقودان لطرق مسدودة: التطرف الذى يريد ادخال سورية فى حرب لا نهاية لها و الاخر الذى يريد الابقاء على الفساد و ثقافة الحزب الواحد.
المطلوب من المعارضه حسب راى ان تنزع من راسها ثقافة غالب او مغلوب لاجل صيغة غالب غالب او سورية الغالبة.
و مطلوب من المعارضة ان تحاور النظام الذى هو خصمها و الحوار و استكشاف طرق الخلاص هو عمل سياسى بامتياز لانقاذ سورية.
هذا الامر حصل فى المغرب حيث نجحت المعارضة فى الوصول الى السلطة عبر تقليص تدريجى لصلاحيات الملك و بدون دماء و نجحت فى ارساء صيغة ( الكل غالب) و بالتالى المغرب هو الغالب الاكبر و لربما لو سارت الامور على غير هذه الطريق لكنا الان بدانا نتحدث عن تقسيم المغرب.

ثم اليس من الممكن الاستفادة من تجربة المعارضة اليمنية التى حاورت النظام و لم تتبنى مشروع عسكرة حركة التغيير فى اليمن؟
اما عن اخطاء النظام فحدث بلا حرج و لو تصرف بصورة اكثر عقلانية و استوعب التحولات التاريخية التى تمر بها المنطقة لكنا قد وفرنا الكثير من الضحايا. لكن الوقت الان ليس لالقاء التهم هنا و هناك. المهم ان النظام استجاب لضغط المعارضة و قام بمبادرات و اجرى تغييرات دستورية هامه كان المطلوب من المعارضة التقاطها و ملاقاتها فى منتصف الطريق و العمل لاجل تطبيقها و تطويرها بدل اعتماد الرفض المطلق و اعتماد سياسة اما غالب او مغلوب.
قد لا تكون هذه الاصلاحات غير كافية و قد يكون هناك بعض الانتقادات لكن هذه هى طبيعة السياسة فقد استغرق تطبيق الديموقراطية فى بريطانيا خمسة قرون من الماغنا كارتا و حتى القرن العشرين.و بناء الديموقراطية عملية مستمره لا تتوقف عند حد معين. لكن المهم ان النظام قام و ان متاخرا بمبادرات كان من المطلوب ان تجد اذنا صاغية لها من الطرف الاخر.
و لللاسف لم تقم المعارضة باى خطوة باتجاه حل وسط. و ظلت متمترسه حول شعارات من نوع كيف نفاوض النظام و قد سقط 500 قتيل و هذا الموقف لم يتغير رغم ارتفاع فاتورة الموت بل و يمكن للمعارضه ان تظل متمسكة بذات الراى المدمر حتى النهاية .
و ما تطرحه المعارضة المسلحة الان من الانتقال الى حرب عصابات ضد النظام هو نهج انتحارى بامتياز سيدخل سوريا فى دوامة الصراعات التى لا يعرف احدا اين تؤدى.
لذا حان الوقت للبحث عن حلول سياسية واقعية تساهم بوقف دوامة العنف فى سوريا و تضع البلاد على طريق التغيير الديموقراطى و هذا لا يمكن ان يتحقق عبر سياسة غالب و مغلوب لانها وصفة مؤكدة للمزيد من الدمار و مزيد من الخراب.
ففى اللحظات التاريخية يصبح من المطلوب من رجال السياسة فى الحكم و المعارضة اتخاذ القرارات التاريخية التى تهدف الى انقاذ البلاد لان اكثر من جيل سيدفع ثمنا لهذه القرارات. و اذا كان بوسع السوريين الان انقاذ بلادهم من لعبة الموت فالتدخلات الاجنبية فى المستقبل لن تسمح لهم بذلك.



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعد الثقافى فى الانفجار العربى
- لاجل تاسيس جائزة( نوبل) فلسطينية
- هل من المكن ان نقوم بعودة افتراضية لفلسطين
- اين المجلس الوطنى الفلسطينى,و اين المجلس التشريعى : اسئلة لا ...
- لم يحن الوقت لعباس لان يبق البحصة
- ماذا حققت جامعة الدول العربية بعد خمسة و ستين عاما على تاسيس ...
- الم يحن الوقت لجامعة الدول العربية ان تخصص مقاعد لتمثيل عرب ...
- المطلوب الان قرع الخزان بقبضات قوية
- فقدان البوصلة و فقدان الامل
- حول اصلاح الوضع الفلسطيني


المزيد.....




- في السعودية.. مصور يوثق طيران طيور الفلامنجو -بشكلٍ منظم- في ...
- عدد من غادر رفح بـ48 ساعة استجابة لأمر الإخلاء الإسرائيلي وأ ...
- كفى لا أريد سماع المزيد!. القاضي يمنع دانيالز من مواصلة سرد ...
- الرئيس الصيني يصل إلى بلغراد ثاني محطة له ضمن جولته الأوروبي ...
- طائرة شحن تهبط اضطرارياً بمطار إسطنبول بعد تعطل جهاز الهبوط ...
- المواصي..-مخيم دون خيام- يعيش فيه النازحون في ظروف قاسية
- -إجراء احترازي-.. الجمهوريون بمجلس النواب الأمريكي يحضرون عق ...
- بكين: الصين وروسيا تواصلان تعزيز التعددية القطبية
- إعلام عبري: اجتياح -فيلادلفيا- دمر مفاوضات تركيب أجهزة الاست ...
- مركبة -ستارلاينر- الفضائية تعكس مشاكل إدارية تعاني منها شركة ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليم نزال - لكى تتجنب سوريا طريق الانتحار