المطلوب الان قرع الخزان بقبضات قوية

سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 02:35
المحور: القضية الفلسطينية
    

هذا المقال مؤسس على السؤال الموجع الذى طرحه غسان كنفانى فى روايته رجال تحت الشمس.و لمن لم يقرا القصة هى باختصار عن فلسطينين كانوا داخل قاطرة تقلهم للكويت عبر الصحراء حيث ماتوا داخل خزان القاطرة اختناقا بسبب الحر الشديد .
لقد جعل كنفانى من السؤال لماذا لم يقرعوا باب خزان القاطرة سؤالا موجها للبشر جميعا و مرده ان من الواجب بل ن الطبيعى مقاومة الظلم مهم كانت الظروف. و فى الحالة الفلسطينية كانت لغة كنفانى لغة غاضبة و تحريضية
على الدوام لانه كان يريد من الفلسطينيين الانتقال من حالة الانفعال الى حالة الفعل.
وهناك هوة واسعة ما بين ثقافة الفعل و ثقافة الانفعال.ثقافة الفعل تخطط و تبرمج و تنظم و تسعى الى استثمار كل الامكانيات و الفرص الممكنة. لان وراء ثقافة الفعل عقل علمى يقدم رؤيا للمستقبل و من ثم يبدع و يبادر الى صناعة واقع جديد يتوافق من اهدافه. اما ثقافة الانفعال فسطحية و انفعالية و تعتمد على ردات الفعل لذا تراها عاجزة و لا تملك رؤيا للمستقبل و غير قادرة على الفعل لتغيير الواقع لانها تفتقر لروح المبادرة ثم تنتهى ان تصبح ثقافة شكوى.
كان كنفانى يهدف حقا كما يقول د فيصل دراج فى دراسته القيمة بعنوان( العار الفلسطينى فى رواية كنفانى) الى ان ينتقل الفلسطينى من موقع الضحية الى موقع المقاومة خاصة فى الفترة المظلمة من تاريخ الشعب الفلسطينى التى اعقبت نجاح الصهاينة فى تدمير حوالى ثلثى المجتمع الفلسطينى ونفيه خارج الوطن.
و فى ظل هذه الظروف السوداء قاوم الشعب الفلسطينى سواء على جبهة الثقافة التى شكلت خط الدفاع الاول عن الوطن و ظهرت حركة الارض التى قادت معركة الدفاع عما تبقى من ارض الوطن وقادتها شخصيات وطنية من امثال حنا نقارة,اميل حبيبى,اميل توما و حبيب قهوجى و مثقفين عضويين بتعبير الماركسى الايطالى غرامشى من امثال محمود درويش و سميح القاسم و معين بسيسو و سميرة عزام ثم ظهرت حركة الفداءيين الفلسطينيين فى قطاع غزة ثم بعد ذلك منظمة التحرير و منظمات المقاومة.
خلال المرحلة الماضية خاض الشعب الفلسطينى تجارب كفاحية عظيمة تستحق الاحترام لان هذا الشعب الصغير تمكن رغم التبعثر و قلة الامكانيات من الصمود و الدفاع عن الوطن رغم الامكانيات الضخمة للعدو الصهيونى لكن لللاسف لم ترتقى السياسة الفلسطينية الى مستوى التضحيات العظيمة التى قدمها الشعب الفلسطينى و بقيت الحسابات السياسية الضيقة الافق المحرك الاساسى لكثير من هذه السياسات.
ان توحيد جهود قوى المقاومة ليست ترفا قابلا للتاجيل بل بات معادلا لوجود الشعب الفلسطينى.
الانثروبولوجيا تفرق ما بين الوجود و البقاء:
الوجود هو المستند الى رؤى سياسية و اجتماعية و عقل علمى لتوجيه طاقات المجتمع الموحد خلف مشروع وطنى لاجل طرد الاحتلال و البقاء هو الغريزى و الهش و الذى يفتقر لعقل سياسى يقدم رؤى و خطط للمستقبل.

اما الان و نحن نرى وطننا يهود امام اعيننا و نرى فى الوقت نفسه بؤس السياسة الفلسطينية يصبح سؤال غسان كنفانى مشروعا بل ملحا بل دعوة لاجل طرق الخزان بقبضات قوية و غاضبة.

الكاتب مؤرخ نرويجى من اصل عربى فلسطينى .كتاباته حول القضية الفلسطينية مترجمة الى اكثر من عشر لغات

#سليم_نزال (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل