أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - صلح السنة والشيعة














المزيد.....

صلح السنة والشيعة


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4013 - 2013 / 2 / 24 - 00:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سراب كاذب. هذه القسمة المذهبية الإسلامية وما ترتب عليها من خلاف وعداء وحتى قتال بين الطرفين في حينها وحتى اليوم هي حقيقة تاريخية ثابتة. في الواقع، صفحات التاريخ يمكن- ويجب- أن تُطوى مع كل حين وعصر جديد وتُفتح ورائها صفحات بيضاء جديدة؛ لكن لا يمكن أبداً تمزيق أي من صفحات التاريخ القديمة مهما صغرت أو إخفائها طي النسيان واعتبارها كأن لم تكن. التاريخ لا يزول ولا ينمحي أثره ولا يسقط بالتقادم. بحلوه ومره، تاريخ الإنسان ملازم له ومؤثر فيه ما بقي الإنسان على وجه الأرض. لكن حتى لو كانت صفحات التاريخ حقائق ثابتة لا تنمحي ولا تمزق، هذا لا يزال لا يحول دون ضرورة طيها وفتح صفحات جديدة كلما انبثق فجر عصر جديد؛ وحتى لو كان أثر التاريخ في الإنسان باقي بقاء الإنسان، هذا لا يزال لا يعني أبداً أن يقود التاريخ الإنسان، بدلاً من أن يقود الإنسان التاريخ. مثلما أن الإنسان هو صانع المذاهب، هو أيضاً كاتب التاريخ- ومقلب صفحاته.

هذه الصفحة المذهبية الخانقة في كتاب التاريخ الإسلامي لن تزول ولن تنمحي مهما جرب المسلمون لأغراض شتى الوهم والحلم والمجاملة والخداع والتضليل والكذب على أنفسهم. هذه الصفحة السوداء موجودة بالفعل، وستظل موجودة أمد الدهر مهما كُفت عنها الأبصار. بمقاييس العصر الحالي على الأقل، هي صفحة سوداء في فصل ليس كله ناصع البياض في سجل المنطقة المديد والحافل بالأسود والأبيض؛ تمزيقها، أو مجرد إنكار وجودها، ليس هو الحل. إنما الطريق إلى الحل يكون دائماً عبر تحديد المشكلة والإقرار بوجودها أولاً ثم امتلاك الشجاعة لمواجهتها بالدراسة والمراجعة والنقد والتنقيح والتدخل بالمعالجة إذا كانت آثارها لا تزال حية وباقية ومؤثرة بشكل مباشر. هذه الصفحة المذهبية في التاريخ الإسلامي لن تُقلب أبداً قبل معالجتها معالجة جادة موضوعية، تستطيع أن تقف على مسافة واحدة محايدة خارج كل من المذهب السني والمذهب الشيعي، وحتى خارج انحيازات الدين الإسلامي العام ذاته.

مشكلة السنة والشيعة الحقيقية هي أن هم لم يقلبوا الصفحة من حينها ولم يفتحوا أخرى بيضاء جديدة يسطروها ويملئوها بسواعدهم وجهودهم الذاتية، لا يكتفون ركوداً وكسلاً وتخلفاً بميراث أجدادهم. تحت شروط عصرهم القديم، اجتهد الأسلاف قدر استطاعتهم وملئوا تلك الصفحة المذهبية بخيرها وشرها؛ لكن تحت شروط عصر مختلف، كان ينبغي على الأبناء معالجة هذه الصفحة القديمة وطيها للأبد وفتح صفحة جديدة متوافقة مع مستحدثات ومتطلبات عصرهم الذي يعيشون فيه. للأسف، لا يزال السنة والشيعة على السواء يعيشون عصرهم الحاضر بنفس الخطة المذهبية القديمة. طالما استمرت السنة سنة واستمرت الشيعة شيعة، سوف تستمر البغضاء والعداء المتبادل، لأن هذين المذهبين متباغضين ومتعاديين بالفعل بحكم الأصل والنشأة ومنحنى التطور اللاحق لكل منهما. ربما كانت تلك البغضاء والعداوة القديمة ضرورية وخدمت وظيفة اجتماعية ما في حينها، لكن المؤكد أن هي الآن تقف حجر عثرة ضخمة في طريق تطور وتقدم العالم الإسلامي بكلا شقيه الكبيرين الشيعي والسني.

بينما لا يزال العالم الإسلامي متشبث بغباوة منقطعة النظير بصفحات قديمة متربة ومظلمة من تاريخه البعيد، قد نجحت معظم العوالم الأخرى من حوله في أن تطهر نفسها عبر النقد الذاتي الجاد والموضوعي من شوائب ومصائب ماضية أشد وطأة ودموية وانطلقت تفتح وتقلب الصفحات المشرقة الواحدة تلو الأخرى. الوطن، العلم، المواطنة، سيادة القانون، الحرية، المساواة، العدل، حماية المرأة والضعفاء، المؤسسة، الحزب، المجتمع المدني، الشركات، المنظمات الدولية، العمل التطوعي والإنساني، الأندية، السياحة والترفيه، الرياضة...الخ صفحات مشرقة تعيشها وتبدع فيها وتستمتع بها أغلب مناطق العالم المعاصر، عدا المنطقة العربية التي لا تزال تعيش وتبدع في الماضي، وعلى ما يبدو مستمتعة بمخلفات معاركه المذهبية العقيم.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطاء قاتلة في التجربة الإسلامية في الحكم
- موضوع في خدمة مشروع سياسي
- يعني إيه ثورة
- حرية الارتباط والزواج قبل الديمقراطية
- جبهة الإنقاذ وضرورة العمل المتعدد المسارات
- حول المشكلة الإسلامية (4- الصنمية)
- المرشد العيرة والتقليد الفاشل
- التحول الثوري الثالث
- الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه
- ثورة خرجت من بيتها
- حول المشكلة الإسلامية (3)
- حول المشكلة الإسلامية (2)
- حول المشكلة الإسلامية (1)
- احترام الأديان من احترام الإنسان
- الله في أبهى ثوب
- أنا موجود إذاً الله موجود
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر


المزيد.....




- -العدل والإحسان- المغربية: لا يُردع العدو إلا بالقوة.. وغزة ...
- وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
- الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى
- شاهد/حاخام صهيوني يصدر فتوى بقتل أطفال غزة جوعًا: -لا رحمة ع ...
- كاتبة إسرائيلية: من يتجاهل مجاعة غزة ينتهك التعاليم اليهودية ...
- عاجل | بوليتيكو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولم ...
- منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام المتطرف بن غفير باحات الم ...
- البرلمان العربي يدين اقتحام المستعمرين بقيادة بن غفير المسجد ...
- منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام -بن غفير- باحات المسجد ال ...
- الرئاسة التركية: اعتداء إسرائيل على المسجد الأقصى مرحلة أخرى ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - صلح السنة والشيعة