أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - يعني إيه ثورة














المزيد.....

يعني إيه ثورة


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 15:00
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الثورة تغيير بالقوة، السلمية أو المسلحة. هذا التغيير، حتى يكون ثورياً، يجب أن يكون جذرياً، بحيث يكون ما يأتي بعده واضح الاختلاف عن ما كان قبله. مع ذلك، التغيير يتحقق غصباً في جميع الأحوال، لكنه قد يكون بدرجات أقل من المطلوب، أو في وجهات معاكسة للوجهة المطلوبة. في الطبيعي يستطيع المجتمع أن يستغني عن الثورة، لكن هو لا يستغني مطلقاً عن التغيير. الثورة هي كدس من تغييرات لم تتحقق في أوقاتها، يتفاعل مع الزمن وينفجر فجأة متى تتوفر الشرارة المناسبة وتعجز سدود المنع عن احتجاز التغيير فوق منسوب معين. الثورة انهيار مدوي لسدود المنع؛ ولو ما كانت سدود المنع هذه ما كانت الثورة. وعلاوة على تحطيم سدود المنع دون التغيير المطلوب، تندلع الثورة أيضاً لتصحيح مسارات خاطئة سلكتها ثورات سابقة لما تتجاوز حدوداً وخطوطاً حمراء معينة.

القوة شرط لازم وضروري للثورة، بحيث لا يمكن أبداً أن تندلع أو تنجح ثورة من دون اللجوء إلى استعمال القوة. فإما أن تستعرض الثورة عضلاتها من خلال الاحتجاجات والمظاهرات السلمية والعصيان المدني السلمي، أو أن تلجأ لاستعمال العنف الصريح والقوة المسلحة وسفك الدماء إذا لم تجد جدوى من الوسائل السلمية. وفي الأغلب، معظم الثورات تجمع بين الوسائل السلمية والعنيفة في آن واحد، بحيث وهي لا تزال في الطور السلمي تهدد بالتصعيد إلى العنف إذا لم تلقى استجابة لمطالبها، بينما في الطور العنيف تستمر في إبداء الإغراء والرغبة بإمكانية التهدئة والعودة إلى السلمية إذا ما قبل الطرف الآخر مفاوضات جدية وأعطى عربون رمزي يثبت حسن النية. في كل الأحوال، الثورة يكون لها أهداف وغايات واضحة ومحددة تسعى إلى تحقيقها وهي التي تشغلها وتهمها في المقام الأول والأخير. فإذا ما فُتح أمامها الطريق سلمياً إلى أهدافها وغاياتها، انفضت الثورة في الحال؛ أما إذا أقيمت ووضعت دونها سدود وعراقيل جديدة، حينئذ تتصاعد حدة الحراك الثوري تدريجياً حتى يتحول في نهاية المطاف إلى نيران هوجاء مستعرة تلتهم الأخضر واليابس، إلى أن تأكل نفسها بعدما لا تجد شيء آخر تأكله.

ثورة 1919 بزعامة سعد زغلول استعملت قوة الاحتجاجات والمظاهرات السلمية إلى حد كبير، وفتح أمامها الطريق لتحقيق بعض من أهدافها عبر مفاوضات حرمتها من أن تلجأ إلى استعمال العنف وبلوغ التغيير الثوري الكاسح والجذري. على هذا كان الوضع في مصر بعد 1919 لا يختلف كثيراً في محدداته الرئيسية (الاحتلال، الملك، البرلمانية الدستورية)، رغم اختلافه بلا شك في مسافات وتفاصيل العلاقة الجديدة بين هذه المحددات الثلاثة فيما بعد. هكذا يمكن القول أن محصلة هذه الثورة الشعبية السلمية كانت تقف على مسافة وسط بين طرفي الإصلاح والتغيير البعيدين. لكن الانقلاب العسكري بقيادة جمال عبد الناصر في 1952 أتى بتغيير جارف على المجتمع، ما حوله إلى تغيير ثوري جذري بكل المقاييس عجزت عنه ثورة 1919 الشعبية. في ثورة 1952، كان عنصر القوة المسلحة موجوداً بقوة منذ اللحظة الأولى حتى النهاية. وفي ظل وجود القوة المسلحة، لم توجد حاجة تذكر لمفاوضات ولا إصلاح، وكانت النتيجة المتوقعة تغيير ثوري كاسح وشامل، في أي وجهة كانت. وهذه كانت أيضاً نفس محصلة انقلاب/ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 في ليبيا بقيادة معمر القذافي، ومحصلة انقلابات ثورية مماثلة في العراق وسوريا واليمن والجزائر وأماكن أخرى.

ربما تلك الانقلابات الثورية التي نجحت بالفعل في إحداث نقلة جذرية وقطيعة واضحة مع الماضي قد سلكت فيما بعد وجهة خاطئة. ولهذا حكم عليها التاريخ باندلاع موجة ثورات جديدة فوق القديمة على أمل أن تنجح هذه المرة في تحقيق نفس الأهداف والغايات التي عجزت عن تحقيقها الانقلابات الثورية الماضية. وبالفعل انطلقت الموجة الثورية الجديدة من تونس سلمية، واستمرت كذلك في مصر واليمن، لتتحول من السلمية إلى العنيفة في ليبيا وسوريا. رغم ذلك، يظل جلياً أن أي من ثورات الموجة الثانية هذه، سواء السلمية أو العنيفة، لا تزال لم تحقق أي من أهدافها وغاياتها الأساسية بعد. فهل تُفتح أمامها الأبواب لتمضي في حال سبيلها دون دمار كبير، أم تُنصب أمامها الفخاخ والسدود الشاهقة لتنفجر في فيضان يلتهم ويجرف في طريقه كل شيء؟

كذلك لا يزال التغيير راكد مكدس وراء سدود قديمة بالية في دول عربية كثيرة أخرى، في انتظار شرارة انفجار مناسبة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية الارتباط والزواج قبل الديمقراطية
- جبهة الإنقاذ وضرورة العمل المتعدد المسارات
- حول المشكلة الإسلامية (4- الصنمية)
- المرشد العيرة والتقليد الفاشل
- التحول الثوري الثالث
- الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه
- ثورة خرجت من بيتها
- حول المشكلة الإسلامية (3)
- حول المشكلة الإسلامية (2)
- حول المشكلة الإسلامية (1)
- احترام الأديان من احترام الإنسان
- الله في أبهى ثوب
- أنا موجود إذاً الله موجود
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر
- لأن الله معهم
- الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - يعني إيه ثورة