أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - الإنسان هو الحل















المزيد.....

الإنسان هو الحل


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 18:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعيش فى عالم يسمى بالعالم العربى يتقهقر يوماً بعد يوم إلى الوراء حيث التراث والأساطير البدائية التى تحولت مع الزمن إلى ثقافات، تلك الثقافات هبطت بقيمة الإنسان إلى الحضيض وتهاوت أعماله وأفعاله إلى مستوى الحلال والحرام، مما أدى إلى مجتمع مستهلك لأدوات الحداثة لكنه رافض لتلك الحداثة تحت زعم أنها تخفى بين طياتها الفساد الأخلاقى والتأمر على المجتمعات العربية لغزوها، وهى حالة تدل على ضعف التفكير وفساد الثقافة القائمة فى تلك المجتمعات التى تخشى التغيير والإنفتاح على الآخر، ومن كثرة الحديث عن خصوصيات تلك المجتمعات العربية أعتقد البشر بمساعدة رجال الدين أن أخلاقهم الخاصة تتفوق على أخلاق الآخر، مما يعنى ويقال لهم ليسوا فى حاجة لحداثة ومدنية الآخر رغم أنهم يعيشون على علوم وتكنولوجيا ومنتجات هذا الآخر الذى يتهمونه بالفساد.

وسط هذا الجو الملئ بالغموض والأفكار المريضة التى تتآمر على المجتمعات العربية بأسم الدين ورغم كثرة الشعارات الأستهلاكية، فإنى أحاول الوصول إلى أصل المشكلة التى تم تغييبها عن الحوارات التى تهدف إلى حلول لتلك المشاكل، الإنسان هو الحل هى دعوة لرد الأعتبار لهذا الكائن الحى الذى فقد قيمته وإحترامه لحياته الإنسانية، وأعتبر قادة المجتمع أن الإنسان عليه الألتزام بحدود لا يحيد عنها لأنه غير قادر على معرفة الصالح والطالح الخير والشر إلا بمساعدة الثقافة الغيبية التى يتحكم فيها رجال أعطوا لأنفسهم الحق فى إهدار دم من يرونه خرج عن مبادئ قوانينهم الشخصية الغيبية التى يخططون لها لتحقيق مصالحهم للتحكم أكثر وأكثر بتقزيم وتمزيق هوية الإنسان وسط التواطؤ العلنى من رجال السياسة مع الدول الخارجية والخاسر الوحيد هو الإنسان المصرى.
الإنسان هو الحل هو بداية الإلتفات إلى الإنفجار الثورى والغضب الشعبى الناتج عن تكاسل النظام فى تطبيق القانون لخلق حالة من الفوضى والبلطجة، يكشف زيف النظام الحاكم مما يضعه فى قفص الإتهام لتخليه عن الحفاظ على الأمن الإجتماعى وتجاهله حملية المواطن، ليس هناك آلهة تقول له أن يتخلى عن تطبيق القوانين الحامية والرادعة لكل بلطجى ومجرم يعتدى على أى مواطن، لأن هذه هى مسؤلية الرئيس وحكومته ورغم أن ثقافة مرسى دينية ويعمل بكل طاقته مع جماعته لتطبيقها، فإن سلوكياته وممارساته وتجاهله لما يحدث فى المجتمع المصرى من إرهاب يومى منظم وقتل وتعذيب وإغتصابات وغياب الأمن، يعنى أن ثقافته الدينية التى تحثه على فعل ذلك هى ثقافة مشوهة تسئ لكل مواطن يؤمن بها، بل أكتشف المواطن الآن إنتهازية الحكام السياسيين للدين لإخضاع البشر لتحقيق مصالحهم الأيديولوجية.

الإنسان هو القادر الوحيد على تحرير نفسه ومجتمعه من الفساد والمفسدين متى ألتزم وأعتقد صدقاً بأن حقوقه هى نفس حقوق الآخرين ، ولكى يحصل عليها يجب أن يناضل من أجل أن الآخرين يحصلوا عليها مثله دون زيادة أو نقصان، هذه هى القاعدة الوحيدة للنجاح وإذا تنازل الإنسان عنها لأفكار وثقافات ظلامية تحتكر الحرية والهوية والحقوق والسلطة بأعتبارهم أغلبية وتمنعها عن آخرون لأنهم أقلية، هنا تبرز وتكشر عن أنيابها العنصرية العرقية والدينية فى تمييزها بين البشر، الإنسان هو مصدر التغيير متى آمن بنفسه وما يملكه من طاقات ومعارف وعلوم يستطيع بها تغيير واقعه المظلم الذى يتخبط ويتلاطم فى بحار الخرافات والأساطير التراثية، الإنسان هو الوحيد القادر على كشف ضلال ما يتحكم فى ممارساته اليومية من سلبيات وينأى عنها وينتقى لنفسه مصادر التنوير الحقيقية التى تستطيع قيادته وإرشاده لطريق التقدم الإنسانى ومدى أختلافه عن طريق التأخر والتخلف الموروث، فالإنسان متى أُطلق سراحه من سجون الثقافة الظلامية القاتلة لإبداعاته وثقافاته الإنسانية، ومتى تحرر من القيود التى تعوق حرية تفكيره فإنه يستطيع تحرير مجتمعه من الطبقات والفئات الضالة التى تسيطر على مصيره بالأفكار الرجعية الغيبية والإنطلاق إلى صنع حاضر ومستقبل جديد يعيد له إنسانيته التى تتساوى مع جميع البشر.
الإنسان هو القادر الوحيد متى أستطاع تحصيل علوم ومعرفة العصر أن يختار ويطبق الديموقراطية بالطريقة التى تناسب بيئته ودرجة ثقافة مجتمعه أو يرفضها متى كان الشعب جاهلاً ولا يملك الثقافة الكافية بالواقع العصرى وكيف يسير، إن التطاول والنيل وإهدار حقوق الإنسان بأسم الأديان والأيديولوجيات الدكتاتورية الآتية من عمق التراث هو أكبر مؤشر على الأنحطاط والإزدراء بقيمة الإنسان، الذى تتراجع معه المجتمعات وتتكاثر مشاكلها لأن إنسان تلك المجتمعات لا يؤمن بفاعلية قيمته الإنسانية وقدرته على العمل وصنع الحلول الصالحة التى تتوافق مع بيئته، لأنه إنسان وفقاً لثقافة ذاك التراث جزء من قطيع العبيد التى يقودها الحاكم بالعصى والويل لمن عصى.

الإنسان هو الحل عندما يستطيع أن يعيش فى وطنه مواطن لا لون ولا جنس ولا دين ولا عرق له إلا حقوق المواطنة وهوية الوطن المصرية، لكن إذا توحشت أفكار ظلامية إستفزازية هدامة تريد الأستئثار بالوطن لتصنع الفتنة والطائفية والتمييز العنصرى، هنا بكل تأكيد سيسقط هذا المجتمع ومؤسساته فى الفوضى وجرائم الكراهية التى لا نهاية لها، إن هياج القطيع الظلامى دليل على بداية إنحسارهم عن وجه المجتمع الإنسانى الذى سطع نور الحرية فى حياته وفى ثورته السلمية، لكن أستخدام القطيع للعنف والإرهاب الفكرى سيستمر إلى حين فالنخبة المجتمعية فشلت فى قيادة المرحلة الإنتقالية وتثقيف الإنسان الثورى بدوره الهام فى هذه المرحلة التى تطول أو تقصر تبعاً لسرعة أمتلاك الثقافة والمعرفة التى تعطيه القدرة على التمييز بين الغث والسمين فيما يدور فى الشارع السياسى.
الديموقراطية ليست الحل والدين ليس الحل والعلمانية ليست الحل بل هى مجرد وسائل تساعد الإنسان على الحل، إن الذات الإنسانية فى تصميمها العقلى تملك الكفاءة للأستقلال بأفكارها وإبداعاتها عن الأفكار الغيبية الثابتة الموروثة منذ مئات السنين التى عبرت عن ذات إنسانية تعيش فى زمان ومكان يفتقر إلى الإبداع لإنغلاقه ولإنعزاله عما حققه الإنسان من أعمال فى العالم الخارجى أى خارج خيمته وبقعته الصحراوية، وأستمر يدور حول نفسه يخترع تماثيل للآلهة ويعبدها والدوران حولها فى طقوس روتينية، ووصل به إيمانه إلى أن آلهته هى التى تنزل الأمطار من السماء وعليه أن يدعوها ويصلى إليها طالباً هطول الأمطار عندما تجف أرضه أو صحرائه وكل هذا يقول صراحةً أنها دائماً أفكار إنسانية ينسبها الإنسان لعوالم أخرى غيبية لإكسابها صفة القداسة لإخضاع الآخرين لها.

إن أساليب الحكم كثيرة ومنها الديموقراطية والدكتاتورية والحكام السياسيين فى مقدورهم الأخذ بالأولى ورفض الثانية أو العكس، لأن الإنسان هو القادر على صناعة نظام حكمه سواء كان دكتاتورياً أو ديموقراطياً، ويتوقف نجاح هذا أو ذاك على المستوى المعرفى والثقافى لأفراد المجتمع وأى نوع من الثقافة أو المعرفة سائدة هل هى تنويرية أم ظلامية، وإذا كانوا يستخدمون عقولهم وثقافاتهم أم لا فى تشريع القوانين والأخذ بنظم الإدارة الحديثة التى تساعد على النهوض بالمجتمع وتفتح آفاق المعرفة أمام الجيل الصاعد الذى يعيش على مبدأ المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات والحريات، ولا فرق بين أفراد المجتمع بسبب الجنس أو العرق أو الدين أو الطائفة لأن الكل واحد متساوون أمام دولة القانون التى هى دولة الإنسان المكون الوحيد لأى دولة وبدونه لا وجود للدول والمدن والقبائل.
لكننا حسب الثقافة المسيطرة على المجتمع نقف أمام العقول السياسية المدبرة للممارسات الدكتاتورية، تلك الممارسات تستغل غيبوبة وجهل الشعوب التى تسيطر عليها أفكار ومعارف تراثية تناقض المنطق والعقل، وهذا ما رأيناه فى تاريخ الأنظمة السياسية وخاصة فى مصر حيث أستغلال النظم السياسية للتأثير الكبير للأديان على أفراد المجتمع ومحاولتهم خلق الفتن الطائفية ليقف الشعب ضد بعضه البعض، وينسى ظلم وفساد أفراد النظام، لذلك فإن تثقيف وتنوير الإنسان هو الحل بثقافة تتفق وروح وأدوات العصر الذى نعيشه وليس بثقافة العصور التى عاشها الأقدمون.

إن ضجيج المصطلحات والشعارات الغير إنسانية غرضها الوحيد قتل الإبداع والعبث بقدرات وطاقات الإنسان الذى صنع الحضارات فى فترات التاريخ المختلفة ومع الحضارات كانت تعيش الأساطير الخرافية التى كان إنعكاساً للضعف الذى يعانيه من يبتكرها ويحاول تقليد رموز الحضارة الكبيرة بصنع تلك الخرافات الأسطورية، وهذا الكلام يحتاج إلى التأمل فيه للتأكد من مدى مطابقته للواقع التاريخى لأنها فى النهاية أعمال إنسانية بغض النظر عن قيمتها الثقافية والتاريخية، مما يلقى على هذا الجيل مسئولية النظر بعيون ثاقبة وعقول متفتحة لإكتشاف أن الإنسان هو الحل الوحيد فى كل عصر وزمان ومكان وكان الوحيد الذى صنع الرفاعية والامن والسلام بقدر ما صنع الإرهاب والحروب والمجازر الدموية. فالواجب على الإنسان العادى أو السياسى أن لا يحصروا ولا يقيدوا تقدمهم وتمتعهم بالحرية والعدالة والعيش الكريم بقوانين للعقوبات تم تطبيقها فى عصور الظلام والجهل وغياب الحقوق الإنسانية، والنظر لتلك العقوبات فى جوهرها لم تكن لتحقيق العدالة بقدر ما كانت إنتقاماً من الأشخاص المرتكبين للجرائم لأنها مبنية على تشويه إعضاء وجسد الإنسان، أى أنها عقوبات لا تحترم كرامة الإنسان وكانت تتلائم مع البيئة التى نشأت فيها، بيئة لم يكن لها نوافذ معرفية لتفتحها على البلاد المجاورة فى ذلك الزمان وما كان يمارس فيها من قوانين حضارية وضعها أيضاً إنسان ذلك الزمان مع الفارق بين القوانين البدائية التى تشوه الجسد إنتقاماً وبين القوانين الحضارية التى تنظر إلى الإنسان بأعتباره كائن حى له الحق فى الحياة وليس فى إهدار كرامته وخلق بشر معاقة جسدياً ومعنوياً.

عندما نؤمن بأن الإنسان هو القادر والعليم والمنقذ والمنفذ للخطط والحلول العملية لمشاكله، ساعتها سينجح الإنسان فى الخروج من أزماته ووضع قدميه على سلم الرقى والتقدم بمجتمعه ليكونوا فى مصاف المجتمعات الإنسانية التى تحترم عقل الإنسان وتترك له حرية صنع مستقبله، لذلك إذا تمسكنا بمبدأ الإنسان هو الحل سنعبر حدودنا الضيقة التى صنعتها الأنظمة الشمولية نحو أفاق رحبة قوامها الإنسان الحى.



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة العصيان المدنى
- تصفية نشطاء الثورة
- الشعب يريد إسقاط النظام
- سقوط مرسى أمام الثوار
- صمت الأغلبية
- الإعجاز الإخوانى
- قناصة بلطجية مجهولون
- بركان الغضب وحالة الطوارئ
- هل للثورة ذكرى؟
- التزوير المقدس
- المدينة الفاضلة والأديان السماوية
- لا للدستور التكفيرى
- مأساوية أنتحار النظام
- تأسيسية دستور الكوارث
- مغامرات سياسية دكتاتورية
- متى تسقط دكتاتورية الطظ المرسية؟
- الحاكم بأمر الإخوان
- التحرش الجنسى والنرجسية العربية
- التحرش الجنسى فى أحتفال أوباما
- الثقافة الزائفة فى مجتمعات اليوم


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - الإنسان هو الحل